الزبدة الفقهيّة - ج ٨

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٨

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-61-2
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٤٠٠

ظنا ، لا مطلق المرض ، أو يخصّ هذا (١) بتناوله للغذاء الضروري (٢) ، لا للمرض. وهو (٣) أولى(ولو وجد ميتة وطعام الغير فطعام الغير أولى (٤) إن بذله) مالكه(بغير عوض أو بعوض هو) أي المضطر(قادر عليه) في الحال ، أو في وقت طلبه ، سواء كان بقدر ثمن مثله أم أزيد على ما يقتضيه الإطلاق (٥) وهو (٦) أحد القولين.

______________________________________________________

(١) وهو جواز التزود من الحرام في الوقت السابق للوقت اللاحق.

(٢) الموجب لحفظ النفس ، وليس التزود المذكور للتداوي الرافع للمرض.

(٣) أي التخصيص الثاني.

(٤) لو وجد المضطر ميتة وطعام الغير فلا يخلو إما أن يكون الغير حاضرا أو غائبا ولا ثالث ، فإذا كان غائبا أكل الميتة كما عن المحقق وجماعة لصدق الاضطرار ، ولأن الميتة محرّمة لحق الله تعالى المبني على المساهلة ، ولأن إباحة الميتة منصوص عليها للمضطر مع أن جواز الأكل من مال الغير بغير إذنه اضطرارا اجتهاد ، ولأن الميتة يتعلق بها حق واحد لله تعالى ومال الغير يتعلق به الحقان واشتغال ذمة الآكل بالعوض.

ويحتمل أكل طعام الغير لصدق القدرة على طعام حلال العين فلا ضرورة لأكل الميتة ، مع أن التصرف في مال الغير بغير إذنه فجبر بثبوت عوضه في الذمة ويحتمل التخيير لتعارض الحقين.

وإن كان حاضرا فإن بذل الغير طعامه بلا عوض وجب على المضطر القبول ولا تحل له الميتة لعدم صدق الاضطرار ، ولو بذله بعوض وكان مساويا لثمن المثل أو أدون أو بما يتغابن فيه الناس وجب على المضطر الشراء إن كان معه الثمن ، أو رضي المالك بكونه في الذمة ولا تحل له الميتة لعدم صدق الاضطرار ، ولو بذله بزيادة كثيرة فإن أمكن لصاحب الطعام تحملها وجب عليه الشراء أيضا لعدم صدق الضرورة كما عن المحقق وجماعة ، وعن الشيخ في المبسوط لا يجب بذل الزيادة لأنه مكره على الزيادة فهو مضطر فيجوز له أكل الميتة حينئذ.

ولو بذله بثمن لا يستطيع المضطر دفعه ، سواء كان أزيد من المثل أم لا ، أو لم يبذله أصلا وجب على المضطر دفع صاحب الطعام عن طعامه إن استطاع ولا تجوز له الميتة لعدم الاضطرار ، نعم لو كان عاجزا عن دفع الغير جاز له أكل الميتة لصدق الاضطرار كما هو واضح ، كما أن الدفع الموجب للقتل من مصاديق الاضطرار إلى أكل الميتة.

(٥) أي إطلاق عبارة الماتن.

(٦) أي تقديم طعام الغير ولو كان ثمنه أكثر من ثمن المثل.

٣٨١

وقيل (١) : لا يجب بذل الزائد عن ثمن مثله وان اشتراه به (٢) كراهة للفتنة ، ولأنه (٣) كالمكره على الشراء ، بل له (٤) قتاله لو امتنع من بذله ، ولو قتل (٥) أهدر دمه (٦) ، وكذا (٧) لو تعذّر عليه الثمن.

والأقوى وجوب دفع الزائد مع القدرة (٨) ، لأنه غير مضطر حينئذ (٩) ، والناس مسلطون على أموالهم(وإلا) يكن كذلك بأن لم يبذله مالكه أصلا ، أو بذله بعوض يعجز عنه(أكل الميتة) إن وجدها.

وهل هو (١٠) على سبيل الحتم ، أو التخيير بينه (١١) ، وبين أكل طعام الغير

______________________________________________________

(١) والقائل الشيخ في المبسوط.

(٢) أي بالزائد عن ثمن المثل ، قال الشارح في المسالك : (قال الشيخ في المبسوط إذا امتنع صاحب الطعام من بذله إلا بأزيد من ثمن مثله ، فإن كان المضطر قادرا على قتاله قاتله ، وإن قتل المضطر كان مظلوما مضمونا ، وإن قتل المالك كان هدرا ، وإن لم يكن قادرا على قتاله فتركه حذرا من إراقة الدماء فإن قدر على أن يحتال عليه ويشتريه منه بعقد فاسد حتى لا يلزمه إلا ثمن مثله فعله ، فإن لم يقدر إلا على العقد الصحيح فاشتراه بأكثر من ثمن مثله ، قال قوم : يلزمه الثمن لأنه باختياره بذل ، وقال آخرون : لا يلزمه الزيادة على ثمن المثل لأنه مضطر إلى بذلها وكان كالمكره عليها ، وهو الأقوى عندنا) انتهى.

والحاصل أنه لو اشتراه بعقد صحيح فلا يجب عليه بذل الزائد من ثمن المثل لأنه كالمكره.

(٣) نفس العبارة موجودة في الدروس بدون الواو ، وعليه فيكون تعليلا لعدم وجوب بذل الزائد ، وحذف الواو من نسخ هذا الكتاب هو الأنسب.

(٤) أي للمضطر قتال صاحب الطعام ، وهو عطف على قوله (لا يجب بذل الزائد).

(٥) أي صاحب الطعام الممتنع.

(٦) ولو قتل المضطر كان مظلوما مضمونا.

(٧) من أن للمضطر قتال صاحب الطعام لو تعذر عليه الثمن ولم يبذله المالك إلا بالعوض.

(٨) أي قدرة المضطر على دفع الزائد.

(٩) أي حين القدرة على على دفع الزائد.

(١٠) أي أكل الميتة عند العجز عن دفع العوض أو عند عدم بذل المالك للطعام أصلا.

(١١) بين أكل الميتة.

٣٨٢

على تقدير قدرته (١) على قهره (٢) عليه (٣)؟ ظاهر العبارة الأول (٤).

وقيل (٥) : بالثاني (٦) لاشتراكهما (٧) حينئذ في التحريم ، وفي الدروس : إنه مع قدرته على قهر الغير على طعامه بالثمن ، أو بدونه (٨) مع تعذره (٩) لا يجوز له أكل الميتة ، بل يأكل الطعام ويضمنه لمالكه (١٠) ، فإن تعذر عليه قهره (١١) أكل الميتة. وهو حسن ، لأن (١٢) تحريم مال الغير عرضي (١٣) ، بخلاف الميتة (١٤) وقد زال (١٥) بالاضطرار (١٦) فيكون أولى من الميتة.

وقيل (١٧) : إنه (١٨) حينئذ (١٩) لا يضمن الطعام ، للاذن في تناوله (٢٠) شرعا

______________________________________________________

(١) أي قدرة المضطر.

(٢) أي قهر صاحب الطعام.

(٣) على الطعام.

(٤) أي أكل الميتة وليس له إجبار صاحب الطعام عليه.

(٥) ولم يعرف قائله.

(٦) أي بالتخيير بين أكل الميتة وبين إجبار الغير على بذل طعامه.

أي لاشتراك الشقين المخيّر بينهما حين الاضطرار في التحريم ، فيجوز له اختيار أحدهما.

(٧) أي بدون الثمن.

(٨) أي تعذر الثمن على المضطر.

(٩) وهو قول ثالث في المسألة ، وهو أكل مال الغير مع قهره عليه دون أكل الميتة.

(١٠) على المضطر.

(١١) أي قهر صاحب الطعام.

(١٢) تعليل لاستحسان الشارح لقول الدروس من تعيين أكل مال الغير مع قهره عليه.

(١٣) أي بالعرض من باب حق الغير المتعلق به.

(١٤) فتحريمها ذاتي من باب المفسدة الذاتية فيها.

(١٥) أي زال التحريم العرضي لمال الغير.

(١٦) أي بسبب الاضطرار ، إذ يجب على صاحب الطعام بذله حفظا لنفس المضطر من الهلاك.

(١٧) ولم يعرف قائله.

(١٨) أي المضطر.

(١٩) أي حين الاضطرار.

(٢٠) أي تناول مال الغير.

٣٨٣

بغير عوض (١).

والأول (٢) أقوى جمعا بين الحقين (٣) وحينئذ (٤) فاللازم مثله أو قيمته (٥) ، وإن كان يجب بذل أزيد (٦) لو سمح به (٧) المالك.

والفرق أن ذلك (٨) كان على وجه المعاوضة الاختيارية وهذا (٩) على وجه اتلاف مال الغير بغير إذنه ، وموجبه (١٠) شرعا هو المثل أو القيمة.

وحيث تباح له (١١) الميتة فميتة المأكول أولى من غيره (١٢) ، ومذبوح ما يقع عليه الذكاة (١٣) أولى منهما (١٤) ، ومذبوح (١٥) الكافر والناصب أولى من الجميع (١٦).

______________________________________________________

(١) وفيه أن الشارع أقره ببذل طعامه حفظا لنفس المضطر عن الهلاك ولم يأمره ببذله لجانا.

فالأقوى أنه يضمن الطعام بعوضه وإن وجب على الغير بذل طعامه جمعا بين الحقين.

(٢) وهو ضمان الطعام.

(٣) بين حق المضطر في الأكل وبين حق المالك في ماله.

(٤) أي وحين الحكم بالضمان.

(٥) بحيث إذا كان الطعام مثليا فعلى المضطر الآكل مثله ، وإلا فقيمته.

(٦) أي بذل الزائد عن ثمن المثل.

(٧) أي بالطعام فيما لو سمح به مع طلب الأزيد من ثمن المثل.

(٨) أي وجوب بذل الأزيد من ثمن المثل لو بذله المالك مع العوض.

(٩) أي أكل مال الغير من دون إذنه عند تعذر العوض.

(١٠) أي لازمه.

(١١) للمضطر.

(١٢) أي غير المأكول ، والمعنى فميتة المأكول أولى من ميتة ما لا يؤكل لحمه ، لأن الأولى محرمة من ناحية واحدة وهي الميتة والثانية محرمة من ناحيتين ، الميتة وما لا يؤكل لحمه.

(١٣) وهو غير مأكول اللحم.

(١٤) من الميتتين ، فمذبوح ما لا يؤكل لحمه مقدم على الميتة ، لنجاسة الميتة دونه ، وأشدية حرمتها كما يعلم من الكتاب حيث تذكر الميتة دائما أولا في آيات التحريم وقد ذكرناها سابقا عند أول فصل الاضطرار.

(١٥) وهو ما يؤكل لحمه.

(١٦) إذ حرمته من ناحية اختلال شرط الذابح خصوصا فيمن اختلف في ذبيحته فمذبوحه ليس بميتة بل هو بحكم الميتة بخلاف المتقدم فإنه إما ميتة وإما غير مأكول اللحم.

٣٨٤

(الخامسة عشرة ـ يستحب غسل اليدين (١) معا وإن كان الأكل باحداهما(قبل الطعام وبعده) فعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : «أوله ينفي الفقر وآخره ينفي الهم» ، وقال علي عليه‌السلام : «غسل اليدين قبل الطعام وبعده زيادة في العمر وإماطة للغمر عن الثياب ويجلو في البصر» وقال الصادق عليه‌السلام : «من غسل يده قبل الطعام وبعده عاش في سعة ، وعوفي من بلوى جسده» (ومسحهما بالمنديل (٢) ونحوه

______________________________________________________

(١) شروع في آداب المائدة وهي كثيرة.

منها : استحباب غسل اليدين قبل الطعام وبعده للأخبار.

منها : خبر أبي عوف البجلي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الوضوء قبل الطعام وبعده يزيدان في الرزق) (١) ، وخبر السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من سرّه أن يكثر خير بيته فليتوضّأ عند حضور طعامه) (٢) ، وخبر الكليني (وروي أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : أوله ينفي الفقر وآخره ينفي الهم) (٣) ، وخبر ابن القداح عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من غسل يده قبل الطعام وبعده عاش في سعة ، وعوفي من بلوى في جسده) (٤) ، وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : غسل اليدين قبل الطعام وبعده زيادة في العمر وإماطة للغمر عن الثياب ويجلو البصر) (٥) ، وخبر هشام بن سالم عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من سرّه أن يكثر خير بيته فليتوضأ عند حضور طعامه ، ومن توضأ قبل الطعام وبعده عاش في سعة من رزقه وعوفي من البلاء في جسده ، وقال هشام : قال لي الصادق عليه‌السلام : والوضوء هاهنا غسل اليدين قبل الطعام وبعده) (٦).

وصريح الخبر الأخير وهو مقتضى الجمع بين الأخبار أن المراد من الوضوء هو غسل اليدين ، والاستحباب لغسل اليدين معا وإن لم يأكل إلا بإحداهما لخبر الخصال في حديث الأربعمائة عن علي عليه‌السلام (غسل اليدين قبل الطعام وبعده زيادة في الرزق وإماطة الغمر عن الثياب ويجلو البصر) (٧) ، ومثله خبر أبي بصير المتقدم (غسل اليدين قبل الطعام وبعده زيادة في العمر وإماطة للغمر عن الثياب ويجلو البصر) (٨) ، والمرسل عن أبي عبد الله عليه‌السلام (اغسلوا أيديكم قبل الطعام وبعده ، فإنه ينفي الفقر ويزيد في العمر) (٩).

ثم إطلاق النصوص يقتضي عدم الفرق بين كون الطعام مائعا أو جامدا ، وعدم الفرق بين كونه يباشر باليد أو بالآلة.

(٢) يستحب مسح اليدين بالمنديل بعد الغسل من الطعام لا قبله ، بل لا يبعد الحكم بكراهة ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٤٩ ـ من آداب المائدة حديث ٢ و ٣ و ٤ و ٥ و ٦ و ١٦.

(٧ و ٨ و ٩) الوسائل الباب ـ ٤٩ ـ من أبواب آداب المائدة حديث ١٤ و ٦ و ١٠.

٣٨٥

(في الغسل الثاني) وهو ما بعد الطعام(دون الأول) فإنه لا تزال البركة في الطعام ما دامت النداوة في اليد.

(والتسمية عند الشروع) في الأكل (١) ، فعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : «إذا وضعت

______________________________________________________

ـ التمسح بعد الغسل قبل الطعام للأخبار.

منها : خبر مرازم (رأيت أبا الحسن عليه‌السلام إذا توضأ قبل الطعام لم يمسّ المنديل ، وإذا توضأ بعد الطعام مسّ المنديل) (١) ، وخبر محمد بن أحمد عن أبيه عن رجل عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا غسلت يدك للطعام فلا تمسح يدك بالمنديل فلا تزال البركة في الطعام ما دامت النداوة في اليد) (٢).

والمستحب مسهما بالمنديل من أثر ماء الغسل ، لا من أثر الطعام قبل الغسل ، فإن ذلك مكروه ، بل المستحب في أثر الطعام لعق الأصابع للأخبار.

منها : خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا أكل أحدكم طعاما فمصّ أصابعه التي أكل بها قال الله عزوجل : بارك الله فيك) (٣) ، وخبر حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما‌السلام (كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يلعق أصابعه إذا أكل) (٤).

هذا والمستحب مسح الوجه باليدين بعد الغسل قبل مسحهما بالمنديل لمرفوع إبراهيم بن عقبة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (مسح الوجه بعد الوضوء يذهب بالكلف ويزيد في الرزق) (٥) ، وخبر المحاسن عن أبي جعفر الثاني عليه‌السلام (أنه يوم قدم المدينة تغدى معه جماعة فلما غسل يديه من الغمر مسح بهما رأسه ووجهه قبل أن يمسحهما بالمنديل وقال : اللهم اجعلني ممن لا يرهق وجهه قتر ولا ذلة) (٦) ، وفي حديث آخر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (إذا غسلت يدك بعد الطعام فامسح وجهك وعينيك قبل أن تمسح بالمنديل وتقول : اللهم إني أسألك المحبة والزينة ، أعوذ بك من المقت والبغضة) (٧).

(١) يستحب التسمية عند الشروع في الأكل للأخبار.

منها : خبر كليب الأسدي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إن الرجل المسلم إذا أراد أن يطعم طعاما فأهوى بيده وقال : بسم الله والحمد لله رب العالمين غفر الله عزوجل له قبل أن تصير اللقمة إلى فيه) (٨) ومرسل الحسين بن عثمان عن رجل عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٥٢ ـ من أبواب آداب المائدة حديث ١ و ٢.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٦٧ ـ من أبواب آداب المائدة حديث ٢ و ٣.

(٥ و ٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ٥٤ ـ من أبواب آداب المائدة حديث ١ و ٣ و ٤.

(٨) الوسائل الباب ـ ٥٦ ـ من أبواب آداب المائدة حديث ١.

٣٨٦

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ أكلت الطعام فقل : بسم الله في أوله وآخره ، فإن العبد إذا سمّى قبل أن يأكل لم يأكل معه الشيطان وإذا لم يسمّ أكل معه الشيطان) (١) ومثلها غيرها وهي دالة على استحباب التسمية عند الأكل ، وفي بعض الأخبار استحباب التسمية عند وضع المائدة كخبر السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا وضعت المائدة حفّها أربعة آلاف ملك ، فإذا قال العبد بسم الله قالت الملائكة : بارك الله عليكم في طعامكم ثم يقولون للشيطان اخرج يا فاسق ، لا سلطان لك عليهم ، فإذا فرغوا فقالوا : الحمد لله ، قالت الملائكة : قوم أنعم الله عليهم فأدّوا شكر ربهم ، وإذا لم يسمّوا قالت الملائكة للشيطان : ادن يا فاسق فكل معهم ، فإذا رفعت المائدة ولم يذكروا اسم الله عليها قالت الملائكة : قوم أنعم عليهم فنسوا ربهم) (٢) ، وطائفة دلت على استحباب التسمية عند إرادة الأكل من كل آنية كصحيح داود بن فرقد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قلت له : كيف أسمّي على الطعام؟ فقال عليه‌السلام : إذا اختلفت الآنية فسمّ على كل إناء) (٣) وخبر ابن فرقد الآخر عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ضمنت لمن سمّى على طعام أن لا يشتكي منه ، فقال ابن الكوّاء : يا أمير المؤمنين لقد أكلت البارحة طعاما سمّيت عليه فآذاني قال : فلعلك أكلت ألوانا فسميت على بعضها ولم تسم على بعض يا لكع) (٤).

ولو تكلم في أثناء الطعام أعاد التسمية لخبر مسمع (شكوت ما ألقى من أذى الطعام إلى أبي عبد الله عليه‌السلام إذا أكلت ، فقال : لم تسمّ ، فقلت : إني لأسمّي وإنه ليضرّني فقال : إذا قطعت التسمية بالكلام ثم عدت إلى الطعام تسمّى؟ قلت : لا قال : فمن هاهنا يضرك ، أما إنك لو كنت إذا عدت إلى الطعام سمّيت ما ضرّك) (٥) ، بل يستحب التسمية عند كل لقمة لخبر الأرجاني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال علي عليه‌السلام : ما أتخمت قط لأني ما رفعت لقمة إلى فمي إلا سمّيت) (٦) ، ولو نسي التسمية على الطعام يستحب له أن يقول : بسم الله على أوله وآخره لصحيح داود بن فرقد عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث التسمية على الطعام (قلت : فإن نسيت أن أسمّي ، قال : تقول بسم الله على أوله وآخره) (٧) ، ومرسل الفقيه (روى أن من نسي أن يسمّى على كل لون فليقل : بسم الله على أوله وآخره) (٨). ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥٦ ـ من أبواب آداب المائدة حديث ٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥٧ ـ من أبواب آداب المائدة حديث ١.

(٣ و ٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٦١ ـ من أبواب المائدة حديث ١ و ٣ و ٢ و ٥.

(٧ و ٨) الوسائل الباب ـ ٥٨ ـ من أبواب آداب المائدة حديث ١ و ٣.

٣٨٧

المائدة حفتها أربعة آلاف ملك فإذا قال العبد : بسم الله. قالت الملائكة : بارك الله عليكم في طعامكم ثم يقولون للشيطان : اخرج يا فاسق لا سلطان لك عليهم فإذا فرغوا فقالوا : الحمد لله قالت الملائكة : قوم أنعم الله عليهم فأدوا شكر ربهم. وإذا لم يسموا قالت الملائكة للشيطان : أدن يا فاسق فكل معهم فإذا رفعت المائدة ولم يذكروا اسم الله عليها قالت الملائكة : قوم أنعم الله عليهم فنسوا ربهم جلّ وعزّ».

(ولو تعددت الألوان) ألوان المائدة سمّى(على كل لون) منها روي ذلك عن علي عليه‌السلام ، وواقعته مع ابن الكواء مشهورة ، وروي التسمية على كل اناء على المائدة وإن اتحدت الألوان(ولو نسيها) أي التسمية في الابتداء(تداركها في الأثناء) عند ذكرها ، روي أن الناسي يقول : بسم الله على أوله وآخره(ولو قال) في الابتداء مع تعدد الألوان والأواني : (بسم الله على أوله وآخره أجزأ) عن التسمية عن كل لون وآنية (١) ، وروي إجزاء تسمية واحدة من الحاضرين على المائدة عن الباقين عن الصادق عليه‌السلام رخصة.

(ويستحب الأكل باليمين اختيارا (٢) ، ولا بأس باليسرى مع الاضطرار فعن

______________________________________________________

ـ نعم لو وضعت المائدة وعليها جماعة فسمّى أحدهم أجزأ عن الجميع لصحيح ابن الحجاج عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا حضرت المائدة فسمّى رجل منهم أجزأ عنهم أجمعين) (١) ، بل من هذه الأخبار المتقدمة وغيرها يستفاد استحباب التحميد عند الفراغ.

(١) لإطلاق خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا وضع الخوان فقل : بسم الله ، فإذا أكلت فقل : بسم الله أوله وآخره ، وإذا رفع فقل : الحمد لله) (٢) ، وخبر جراح المدائني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (اذكروا اسم الله على الطعام ، فإذا فرغت فقل : الحمد لله الذي يطعم ولا يطعم) (٤).

(٢) الخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا تأكل باليسرى وأنت تستطيع) (٤) ، وخبر سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا يأكل بشماله ولا يشرب بشماله ولا يتناول بها شيئا) (٥) ، نعم من الخبر الأول يستفاد أنه لو كان هناك مانع من استعمال اليمين فلا كراهة في الشمال.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥٨ ـ من أبواب آداب المائدة حديث ٢.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٥٧ ـ من أبواب آداب المائدة حديث ٢ و ٤.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب آداب المائدة حديث ٣ و ١.

٣٨٨

الصادق عليه‌السلام «لا تأكل باليسرى وأنت تستطيع» ، وفي رواية أخرى «لا يأكل بشماله ولا يشرب بها ولا يتناول بها شيئا».

(وبدأة صاحب الطعام) بالأكل لو كان معه غيره(وأن يكون آخر من يأكل) ليأنس القوم ويأكلوا (١) ، روي ذلك من فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معلّلا بذلك (٢) (ويبدأ) صاحب الطعام إذا أراد غسل أيديهم(في الغسل) الأول بنفسه(ثم بمن عن يمينه) دورا إلى الآخر(وفي) الغسل(الثاني) بعد رفع الطعام يبدأ بمن عن يساره ، ثم يغسل هو أخيرا روي (٣) ذلك عن الصادق عليه‌السلام معلّلا ابتدائه (٤) أولا لئلا يحتشمه أحد ، وتأخيره آخرا بأنّه أولى بالصبر على الغمر (٥) ، وهو بالتحريك ما على اليد من سهك (٦) الطعام وزهمته (٧) ، وفي رواية «أنه يبدأ بعد الفراغ بمن على يمين

______________________________________________________

(١) يستحب لصاحب الطعام أن يبدأ بالأكل وأن يكون آخر من يترك الأكل لخبر ابن القداح عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا أكل مع القوم طعاما كان أول من يضع يده وآخر من يرفعها ليأكل القوم) (١) ، وخبر علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام (إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان إذا أتاه الضيف أكل معه ، ولم يرفع يده من الخوان حتى يرفع الضيف) (٢).

(٢) أي حتى يأكل القوم.

(٣) لما في خبر الكليني قال : (وفي حديث آخر يغسل أولا رب البيت يده ثم يبدئ بمن على يمينه ، فإذا رفع الطعام بدء بمن على يسار صاحب المنزل ويكون آخر من يغسل يده صاحب المنزل ، لأنه أولى بالصبر على الغمر) (٣) ، وخبر محمد بن عجلان ـ كما في المحاسن ـ عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الوضوء قبل الطعام يبدأ صاحب البيت لئلا يحتشم أحد ، فإذا فرغ من الطعام بدئ بمن على يسار صاحب المنزل ، ويكون آخر من يغسل يده صاحب المنزل ، لأنه أولى بالصبر على الغمر) (٤).

نعم ورد في خبر عجلان كما في رواية الكافي نفس الخبر المتقدم إلا أنه قال : (فإذا فرغ من الطعام بدئ بمن على يمين الباب حرا كان أو عبدا) (٥).

(٤) أي ابتداء صاحب المنزل بالغسل أولا.

(٥) أي الغمر.

(٦) أي الريح.

(٧) بالضم الشحم.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب آداب المائدة حديث ١ و ٣.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٥٠ ـ من أبواب آداب المائدة حديث ٣ و ٢ و ١.

٣٨٩

الباب حرا كان أو عبدا» ، (ويجمع غسالة الأيدي في اناء) واحد لأنه يورث حسن أخلاق الغاسلين ، والمروي (١) عن الصادق عليه‌السلام «اغسلوا أيديكم في إناء واحد تحسن أخلاقكم» ، ويمكن أن يدل (٢) على ما هو أعم من جمع الغسالة فيه (٣).

(وأن يستلقي بعد الأكل) على ظهره(ويجعل رجله اليمنى على رجله اليسرى) رواه البزنطي (٤) عن الرضا عليه‌السلام ، ورواية العامة بخلافه (٥) من الخلاف.

(ويكره الأكل متكئا ولو على كفه (٦) ، «لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يأكل متكئا منذ

______________________________________________________

(١) كما في خبر عمرو بن ثابت عن أبي عبد الله عليه‌السلام (اغسلوا أيديكم في إناء واحد تحسن أخلاقكم) (١) ، وخبر الفضل بن يونس (لما تغدي عندي أبو الحسن عليه‌السلام وجي‌ء بالطشت بدئ به وكان في صدر المجلس فقال : ابدأ بمن على يمينك فلما توضأ واحد أراد الغلام أن يرفع الطشت فقال له أبو الحسن عليه‌السلام : دعها واغسلوا أيديكم فيها) (٢) ، وخبر عبد الرحمن بن أبي داود (تغدينا عند أبي عبد الله عليه‌السلام فأتي بالطشت فقال : أما أنتم يا أهل الكوفة فلا تتوضّئون إلا واحدا واحدا ، وأما نحن فلا نرى بأسا أن نتوضأ جماعة ، فتوضأنا جميعا في طشت واحد) (٣).

(٢) أي الخبر المذكور.

(٣) في إناء واحد ، بحيث يدل الخبر على أن غسل الأيدي جميعا في إناء واحد بأن يملأ الإناء ماء فيضع أحدهم يده فيه فيغسلها ثم الثاني وهكذا وهذا لا يدل على صب الماء من إناء على يد أحدهم وجمع ماء الغسالة في إناء آخر كما هو المفهوم من عبارة الماتن ، والذي يدل على الأول بقية الأخبار المتقدمة.

(٤) لخبر البزنطي عن الرضا عليه‌السلام (إذا أكلت فاستلق على قفاك ، وضع رجلك اليمنى على اليسرى) (٤).

(٥) أي وما روته العامة من عكس ذلك بوضع اليسرى على اليمنى فهو من جملة ما خالفوا فيه الحق.

(٦) يكره الأكل متكئا للأخبار :

منها : خبر معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ما أكل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم متكئا منذ ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٥١ ـ من أبواب آداب المائدة حديث ١ و ٢ و ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ٧٤ ـ من أبواب آداب المائدة حديث ١.

٣٩٠

بعثه الله تعالى إلى أن قبضه» ، روي ذلك عن الصادق عليه‌السلام ، (وروى) الفضيل بن يسار عن الصادق عليه‌السلام(عدم كراهة الاتكاء على اليد) في حديث طويل ، آخره «لا والله ما نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن هذا قط» ـ يعني الاتكاء على اليد حالة الأكل ـ وحمل على أنه لم ينه عنه لفظا وإلا فقد روي عنه عليه‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يفعله (١) كما سلف (٢) ، وحمل فعل الصادق عليه‌السلام على بيان جوازه(وكذا يكره التربع حالته) (٣) بل في جميع الأحوال ، «قال أمير المؤمنين عليه‌السلام إذا

______________________________________________________

ـ بعثه الله إلى أن قبضه تواضعا لله عزوجل) (١) ، وخبر سماعة (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يأكل متكئا؟ قال : لا ولا منبطحا) (٢) ، وخبر أبي خديجة (سأل بشير الدهان أبا عبد الله عليه‌السلام وأنا حاضر فقال : هل كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يأكل متكئا على يمينه وعلى يساره؟ فقال : ما أكل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم متكئا على يمينه ولا على شماله ، ولكن كان يجلس جلسة العبد ، قلت : ولم ذاك؟ قال : تواضعا لله عزوجل) (٣) نعم لا بأس بالاتكاء على اليد حال الأكل لخبر عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه‌السلام (رآني عباد ابن كثيّر البصري وأنا معتمد يدي على الأرض فرفعها فأعدتها ، فقال : يا عبد الله إن هذا المكروه ، فقلت : لا والله ما هو بمكروه) (٤) ، وخبر الفضيل بن يسار (كان عباد البصري عند أبي عبد الله عليه‌السلام يأكل فوضع أبو عبد الله عليه‌السلام يده على الأرض فقال له عباد : أصلحك الله ، أما تعلم أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن ذا؟ فرفع يده فأكل ثم أعادها أيضا ، فقال له أيضا فرفعها ، ثم أكل فأعادها ، فقال له عباد أيضا فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام : لا والله ما نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن هذا قط) (٥).

فالقول بكون الاتكاء على اليد مكروه وهذه الرواية بفعل الصادق عليه‌السلام لبيان الجواز ، والمراد أنه لم ينه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن ذلك لفظا وإن كان قد تركه فعلا كما عن الشهيد في الدروس ليس في محله ، بل الاعتماد على اليد لا يسمى اتكاء فيكون هذا خارجا تخصصا.

(١) أي لم يفعل الاتكاء ولو على اليد.

(٢) أي كما سلف في الرواية عن الصادق عليه‌السلام أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يأكل متكئا ، وفيه عدم شمول الاتكاء للاعتماد على اليد كما عرفت.

(٣) أي حالة الأكل لخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إذا ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب آداب المائدة حديث ١ و ٤ و ٦.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب آداب المائدة حديث ٤ و ١.

٣٩١

جلس أحدكم على الطعام فليجلس جلسة العبد ولا يضعنّ أحدكم إحدى رجليه على الأخرى ويتربع فإنها جلسة يبغضها الله ويمقت صاحبها».

(و) كذا يكره(التملي من المأكل (١) قال الصادق عليه‌السلام : «إن البطن ليطغى من أكلة وأقرب ما يكون العبد من الله تعالى إذا خفّ بطنه ، وأبغض ما يكون العبد إلى الله إذا امتلأ بطنه» (وربما كان الإفراط) في التملّي(حراما) إذا أدى إلى الضرر (٢) ، فإن الأكل على الشبع يورث البرص (٣) ، وامتلاء المعدة رأس الداء(والأكل على الشبع (٤) وباليسار (٥) اختيارا(مكروهان) وقد تقدم ، والجمع بين

______________________________________________________

ـ جلس أحدكم على الطعام فليجلس جلسة العبد ولا يضعنّ إحدى رجليه على الأخرى ويتربع ، فإنها جلسة يبغضها الله ويمقت صاحبها) (١) ومنه يستفاد كراهة التربع مطلقا.

(١) يكره التملي من الأكل للنبوي (ما ملأ ابن آدم وعاء أشر من بطنه ، فإن كان ولا بدّ فثلث لطعامك وثلث لشرابك وثلث لنفسك) (٢) ، وخبر أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام (ما من شي‌ء أبغض إلى الله عزوجل من بطن مملوء) (٣) ، وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إن البطن ليطغى من أكلة ، وأقرب ما يكون العبد من الله إذا خفّ بطنه ، وأبغض ما يكون العبد من الله إذا امتلأ بطنه) (٤) ومثله كثير.

(٢) أي الضرر المحرم.

(٣) كما في خبر ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الأكل على الشبع يورث البرص) (٥).

(٤) أي ويكره الأكل على الشبع كما في خبر ابن سنان المتقدم ، والفرق بين الشبع والتملي أن الشبع هو البلوغ في الأكل إلى حد لا يشتهيه سواء امتلى‌ء منه بطنه أم لا ، والتملي مل‌ء البطن وإن بقيت شهوته للطعام كما كان حال معاوية أنه يمتلئ من الطعام ويقول : ارفعوا عني الطعام فو الله ما شبعت ولكني تعبت ، وقد دعا عليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعدم الشبع(٦).

(٥) أي ويكره الأكل باليسار ، وقد تقدم الدليل عليه.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب آداب المائدة حديث ١.

(٢) مستدرك الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب آداب المائدة حديث ٥.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب آداب المائدة حديث ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب آداب المائدة حديث ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب آداب المائدة حديث ٣.

(٦) راجع الغدير ج ٨ ص ٣٠٤ ـ ٣٠٥.

٣٩٢

كراهة الامتلاء والشبع تأكيد للنهي عن كل منهما بخصوصه في الاخبار (١) ، أو يكون الامتلاء أقوى (٢) ، ومن ثمّ أردفه (٣) بالتحريم على وجه (٤) ، دون الشبع.

ويمكن أن يكون بينهما (٥) عموم وخصوص من وجه بتحقق الشبع خاصة (٦) بانصراف نفسه وشهوته عن الأكل وإن لم يمتلئ بطنه من الطعام ، والامتلاء (٧) دونه (٨) بأن يمتلي بطنه ويبقى له شهوة إليه ، ويجتمعان فيما إذا امتلأ وانصرفت شهوته عن الطعام حينئذ (٩).

هذا (١٠) إذا كان الآكل صحيحا ، أما المريض ونحوه فيمكن انصراف شهوته عن الطعام ولا يصدق عليه أنه حينئذ (١١) شبعان كما لا يخفى ، ويؤيد ما ذكرناه من الفرق (١٢) ما يروى من قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن معاوية : «لا أشبع الله له بطنا» (١٣) مع أن امتلاءه ممكن وما روي عنه (١٤) «أنه كان يأكل بعد ذلك ما يأكل ثم يقول : ما شبعت ولكن عيّيت» (١٥).

(ويحرم الأكل على مائدة يشرب عليها شي‌ء من المسكرات) خمرا (١٦) وغيره

______________________________________________________

(١) بناء على اتحادهما معنى.

(٢) أي أشدّ من الشبع فيكون التملي أعم مطلقا.

(٣) أي أردف المصنف التملي.

(٤) وذلك فيما لو أدى إلى الضرر.

(٥) أي بين الشبع والتملي وهو الصحيح.

(٦) دون التملي.

(٧) أي بتحقق الامتلاء.

(٨) أي دون الشبع.

(٩) أي حين الامتلاء.

(١٠) أي العموم والخصوص من وجه بين الشبع والامتلاء.

(١١) أي حين انصراف شهوته عن الطعام.

(١٢) أي الفرق بين الشبع والامتلاء على نحو العموم والخصوص من وجه.

(١٣) الغدير ج ٨ ص ٣٠٤ ـ ٣٠٥.

(١٤) عن معاوية.

(١٥) الغدير ج ٨ ص ٣٠٤ ـ ٣٠٥.

(١٦) يحرم الأكل على مائدة يشرب عليها الخمر بلا خلاف فيه للأخبار.

٣٩٣

(والفقاع) لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ملعون من جلس على مائدة يشرب عليها الخمر» ، وفي خبر آخر «طائعا» ، وباقي المسكرات بحكمه (١) ، وفي بعض الأخبار

______________________________________________________

ـ منها : صحيح هارون بن الجهم (كنا مع أبي عبد الله عليه‌السلام بالحيرة حين قدم على أبي جعفر المنصور فختن بعض القوّاد ابنا له وضع طعاما ، ودعا الناس ، وكان أبو عبد الله عليه‌السلام فيمن دعا ، فبينما هو على المائدة يأكل ومعه عدة على المائدة فاستسعى رجل منهم فأتي بقدح فيه شراب لهم ، فلما صار القدح في يد الرجل قام أبو عبد الله عليه‌السلام عن المائدة ، فسئل عن قيامه فقال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ملعون ملعون من جلس على مائدة يشرب عليها الخمر) (١) ، وفي رواية الكليني : (ملعون ملعون من جلس طائعا على مائدة يشرب عليها الخمر). وخبر سليمان بن جراح المدائني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يأكل على مائدة يشرب عليها الخمر) (٢) ، وخبر الحسين بن زيد عن الصادق عن آبائه عليهم‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (ونهى عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر) (٣).

فخبر الحسين بن زيد وخبر ابن الجهم يدلان على حرمة الجلوس وإن لم يأكل ، وخبر المدائنيّ يدل على حرمة الأكل وإن لم يجلس ، والجمع بينها يقتضي حرمة الجلوس وإن لم يأكل وحرمة الأكل وإن لم يكن جالسا بلا خلاف في ذلك كله ، ثم يحرم الجلوس والأكل على مائدة يشرب عليها المسكر وإن لم يكن خمرا ، لصدق الخمر على كل مسكر على ما تقدم في محله ، ولخصوص موثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن المائدة إذا شرب عليها الخمر أو مسكر ، فقال : حرمت المائدة) (٤) من دون خلاف في ذلك كله نعم عدّى العلامة الحكم بالقيام عن مائدة فيها اجتماع على اللهو والفساد ، لأن القيام حينئذ مستلزم للنهي عن المنكر من حيث إنه أعراض عن فاعله وإهانة له فيجب لذلك النهي وفيه أن النهي عن المنكر إنما يجب بشرائط ، ومن جملتها جواز التأثير ، وعليه فالنهي يتقيد بمراتبه المعلومة على التدريج ولا يتقيد بالقيام ، ومنه تعرف ضعف ما عن ابن إدريس في السرائر من عدم جواز الأكل من طعام يعصى الله عليه أو به ، فيجب القيام عنه لأنه نهي عن المنكر.

(١) أي بحكم الخمر.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦٢ ـ أبواب الأطعمة المحرمة حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٦٢ ـ أبواب الأطعمة المحرمة حديث ٣ و ٥.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣٣ ـ أبواب الأشربة المحرمة حديث ١.

٣٩٤

تسميتها (١) خمرا ، وكذا الفقاع (٢) ، (وباقي المحرمات) حتى غيبة المؤمن على المائدة ونحوها(يمكن إلحاقها بها (٣) كما ذهب إليه العلامة لمشاركتها (٤) لها (٥) في معصية الله تعالى ، ولما في القيام عنها (٦) من النهي عن المنكر. فإنه (٧) يقتضي الاعراض عن فاعله ، وهو (٨) ضرب من النهي الواجب ، وحرّم ابن إدريس الأكل من طعام يعصى الله به أو عليه ، ولا ريب أنه (٩) أحوط (١٠).

وأما النهي بالقيام (١١) فإنما يتم (١٢) مع تجويزه (١٣) التأثير به (١٤) واجتماع باقي الشروط (١٥) ، ووجوبه (١٦) حينئذ (١٧) من هذه الحيثية (١٨) حسن ، إلا أن إثبات الحكم (١٩) مطلقا (٢٠) مشكل إذ لا يتم وجوب الانكار مطلقا(٢١) فلا يحرم

______________________________________________________

(١) أي تسمية المسكرات.

(٢) فقد ورد أنه خمر وقد تقدمت هذه الروايات سابقا.

(٣) بالمسكرات.

(٤) أي مشاركة المحرمات الباقية.

(٥) للمسكرات.

(٦) عن المحرمات الباقية.

(٧) أي القيام عن المحرمات.

(٨) أي الأعراض عن فاعل الحرام.

(٩) أي القيام عن المحرمات الباقية.

(١٠) لأن الاحتياط سبيل النجاة ، وأخوك دينك فاحتط لدينك.

(١١) أي وأما تحقق النهي عن المنكر بالقيام عن مائدة باقي المحرمات.

(١٢) أي يتم تحقق النهي بالقيام.

(١٣) أي تجويز النهي المتحقق بالقيام.

(١٤) بالفاعل.

(١٥) أي باقي شروط وجوب النهي عن المنكر.

(١٦) أي وجوب النهي عن المنكر.

(١٧) أي حين اجتماع باقي الشروط.

(١٨) أي حيثية القيام المؤثر بالفاعل.

(١٩) وهو وجوب القيام عن كل مائدة فيها معصية لله.

(٢٠) وإن لم يؤثر القيام في فاعل المنكر.

(٢١) أي حتى بدون الشرائط.

٣٩٥

الأكل (١) مطلقا (٢) ، والحاق غير (٣) المنصوص به قياس.

ولا فرق بين وضع المحرم (٤) ، أو فعله (٥) على المائدة في ابتدائها واستدامتها ، فمتى عرض المحرم في الأثناء وجب القيام حينئذ (٦) كما أنه لو كان ابتداء حرم الجلوس عليها وابتداء الأكل منها.

والأقوى : أن كل واحد من الأكل منها (٧) والجلوس عليها (٨) محرم برأسه وإن انفك عن الآخر.

______________________________________________________

(١) أي الأكل على مائدة فيها باقي المحرمات.

(٢) أي في جميع الأحوال ، إذ لا يتم إلا في صورة كون القيام مؤثرا.

(٣) من باقي المحرمات بالخمر والمسكر كما فعل العلامة قياس لا نقول به.

(٤) أي الخمر والمسكر.

(٥) أي شرب الخمر على المائدة وإن لم يضعها عليها.

(٦) أي حين عروض المحرم.

(٧) من المائدة وإن لم يجلس عليها.

(٨) على المائدة وإن يأكل منها.

٣٩٦

الفهرس

(کتاب الغصب)

کتاب الغصب................................................................ ٥

تعرف الغصب............................................................... ٧

أسباب الغصب............................................................. ١٠

الأيدي المتعاقبة.............................................................. ١٨

ضمان الحر................................................................. ٢٠

ضمان الرقيق................................................................ ٢٢

ضمان الخمر................................................................ ٢٣

اجتماع المباشر والسبب....................................................... ٢٤

التسبيب.................................................................... ٢٨

رد الغصوب................................................................. ٣١

ضمان الارض............................................................... ٣٧

لو مثل بالرنيق............................................................... ٤٢

لو زادت قيمة المغصوب...................................................... ٤٥

لو مزج لمغصوب بغبره........................................................ ٤٨

لو اختلفا في القيمة........................................................... ٥٥

(كتاب اللقطة)

كتاب اللقطة................................................................ ٦٠

الفصل الأول : اللقيط........................................................ ٦٤

شروط اللقيط............................................................... ٦٥

شروط الملتقط............................................................... ٦٩

وظيفة الملتقط............................................................... ٧٥

٣٩٧

لو اختلف الملتقط واللقيط في الانفاق........................................... ٨٣

لو تشاح ملتقطان............................................................ ٨٤

الفصل الثاني : لقطة الحيوان................................................... ٨٩

البعير وشبهه................................................................ ٩١

الشاة في الفلاة.............................................................. ٩٣

الشاة في العمران............................................................. ٩٨

الإنفاق على الضالة........................................................ ١٠٣

الفصل الثالث : لقطة المال.................................................. ١٠٥

لقطة الحرم................................................................. ١٠٦

في الضمان................................................................ ١٠٧

تعريف اللقطة.............................................................. ١١١

ضمان الزيادة.............................................................. ١١٥

كراهة الالتقاط............................................................ ١٢٥

الإشهاد على اللقطة........................................................ ١٢٩

معنى التعريف.............................................................. ١٣١

اللقطة أمانة خلال الحول.................................................... ١٣٣

التقاط العبد............................................................... ١٣٤

البينة على الدفع........................................................... ١٣٦

الموجود في المفازة............................................................ ١٤١

الموجود في جوف الحيوان.................................................... ١٤٤

الموجود في صندوق......................................................... ١٤٧

نية التملك................................................................ ١٤٨

(كتاب إحياء الموات)

إحياء الموات............................................................... ١٥١

تعريف الموات.............................................................. ١٥٣

حكم الموات............................................................... ١٥٥

الأرض المفتوحة عنوة........................................................ ١٦١

٣٩٨

شروط الإحباء............................................................. ١٦٥

تحديد الحريم............................................................... ١٧١

المعتبر في الإحيا............................................................ ١٧٥

القول في المشتركات......................................................... ١٧٩

المسجد................................................................... ١٧٩

المدرسة والرباط............................................................. ١٨٦

الطرق.................................................................... ١٨٩

المياه المباحة................................................................ ١٩٤

المعادن.................................................................... ١٩٨

(كتاب الصيد والذباحة)

الصيد والذباحة............................................................ ٢٠٥

آلة الصيد الحيوانية......................................................... ٢٠٧

التسمية................................................................... ٢١٢

إسلام المرسل.............................................................. ٢١٧

استقرار الحياة.............................................................. ٢١٨

آلة الصيد الجمادية......................................................... ٢٢٠

إسلام الرامي.............................................................. ٢٢٣

الذباحة................................................................... ٢٢٦

شروط الذباحة............................................................. ٢٢٧

الواجب في الذبيحة......................................................... ٢٣٥

سنن الذباحة.............................................................. ٢٥١

التذكية................................................................... ٢٥٧

اللواحق ـ ذكاة السمك...................................................... ٢٦٣

ذكاة الجراد................................................................ ٢٧١

ذكاة الجنين................................................................ ٢٧٢

ما يثبت في آلة الصيد...................................................... ٢٧٨

لا يملك الصيد المقصوص................................................... ٢٨٣

٣٩٩

(كتاب الإطعمة والإشربة)

الأطعمة والأشربة........................................................... ٢٨٥

حيوان البحر............................................................... ٢٨٧

حيوان البر................................................................. ٢٩٣

الطير..................................................................... ٢٩٩

الجلال من الحيوان.......................................................... ٣١٦

موطوه الإنسان............................................................. ٣٢٣

حرمة الميتة................................................................. ٣٢٧

المحلل من الذبيحة.......................................................... ٣٢٧

المحرم من الذبيحة........................................................... ٣٣٥

تناول الأعيان النجسة...................................................... ٣٤١

حرمة الطين............................................................... ٣٤٨

حرمة السم................................................................ ٣٥١

حرمة الدم................................................................. ٣٥٢

المانع النجس.............................................................. ٣٥٤

لبن الحيوان................................................................ ٣٥٧

اللحم المجهول ذكاته........................................................ ٣٥٨

شعر الخنزير............................................................... ٣٦٠

حرمة مال الغير............................................................ ٣٦٢

انقلاب الخمر خلاً......................................................... ٣٧١

حالة الاضطرار............................................................. ٣٧٣

مستحبات الأكل.......................................................... ٣٨٥

مائدة الخمر............................................................... ٣٩٣

٤٠٠