الزبدة الفقهيّة - ج ٨

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٨

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-61-2
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٤٠٠

(سفينته (١) ، لأن ذلك لا يعد آلة للاصطياد ، ولا إثباتا لليد.

نعم يصير (٢) أولى به من غيره ، فلو تخطى الغير إليه فعل حراما (٣) ، وفي ملكه (٤) له بالأخذ (٥) قولان (٦) ، من أن (٧) الأولوية لا تفيد الملك فيمكن تملكه بالاستيلاء (٨) ، ومن تحريم (٩) الفعل (١٠) فلا يترتب عليه حكم الملك شرعا. وقد تقدم مثله في أولوية التحجير ، وأن المتخطي لا يملك.

وفيه (١١) نظر (١٢).

ولو قصد ببناء الدار إحباس الصيد ، أو تعشيشه ، وبالسفينة (١٣) وثوب

______________________________________________________

(١) لا خلاف في أنه لا يملكه لو توحّل في أرضه أو عشش في داره أو وثبت السمكة إلى سفينته ونحو ذلك مما لم يقصد به الاصطياد ، ولا يصدق عليه اسم الأخذ والصيد والحيازة مما يكون سببا لملكه له ، فيبقى على الإباحة الأصلية ، يملكه كل من يأخذه.

بل لا يثبت له حق اختصاص به ولذا لو دخل غيره داره مثلا وأخذ الطير الذي عشش في تلك الدار ملكه ، لأن الملك متوقف على الأخذ ، وقد تحقق الأخذ من الداخل ، نعم لصاحب الدار حق اختصاص بمعنى أنه ليس لغيره التصرف في داره بغير إذنه.

ولعله هو مراد الفاضل في قواعده عند ما حكم بثبوت حق الاختصاص له ، وليس المراد حق الاختصاص المانع عن التملك لعدم الدليل ، ومما تقدم تعرف وجوه الضعف في عبارة الشارح.

(٢) أي مالك الدار والموحلة والسفينة.

(٣) لتصرفه في ملك الغير بغير إذنه.

(٤) أي ملك الغير له.

(٥) أي بسبب الأخذ.

(٦) لم أعثر على من قال بعدم الملك لو أخذ.

(٧) دليل الملك بسبب الأخذ.

(٨) كما هو الشأن في المباحات الأصلية.

(٩) دليل عدم الملك لو أخذ.

(١٠) وهو الأخذ والاستيلاء.

(١١) في أن تحريم الفعل يوجب عدم ترتب الملك شرعا.

(١٢) إذ لا منافاة بين تحريم الفعل والملك ، لأن النهي في المعاملات لا يقتضي الفساد.

(١٣) أي قصد بالسفينة.

٢٨١

السمك ، وبالموحلة توحله ففي الملك به وجهان (١) ، من انتفاء (٢) كون ذلك (٣) آلة للاصطياد عادة ، وكونه (٤) مع القصد (٥) بمعناه (٦). وهو (٧) الأقوى ، ويملك الصيد بإثباته (٨) بحيث يسهل تناوله (٩) وإن لم يقبضه بيده ، أو بآلته (١٠).

(ولو أمكن الصيد التحامل) بعد إصابته(عدوا ، أو طيرانا بحيث لا يدركه إلا بسرعة شديدة فهو باق على الإباحة (١١) لعدم (١٢) تحقق إثبات اليد عليه

______________________________________________________

(١) صرح بعضهم ـ كما في الجواهر ـ بعدم تملكه لأن هذه المذكورات ليست آلة معتادة للصيد ، وصرح غير واحد ـ كما في الجواهر ـ بالملك لأن النصوص لم تعلق الملك على الأخذ بالآلة والصيد بها حتى تنصرف إلى المعتاد ، بل الحكم فيها معلّق على الصيد والأخذ مما يخرج به عن الامتناع ويدخل تحت يد الصائد وقبضته ، بل المدار على كل ما يعمله للاصطياد به كما في صحيح الحلبي (لا بأس به ، إن تلك الحظيرة إنما جعلت ليصاد بها) (١) ، ولذا صرح غير واحد بأنه لو أغلق بابا عليه ولا مخرج له ، أو صيّره في مضيق يتعذر عليه الخروج منه ملكه لزوال امتناع الحيوان بذلك ، ويدخل حينئذ تحت يده وقبضته الذي هو المدار ، وليس المدار على الأخذ بالآلة فضلا عن المعتاد منها.

(٢) دليل لعدم الملك.

(٣) من بناء الدار والسفينة والموحلة.

(٤) أي كون الدار والسفينة والموحلة.

(٥) مع قصد الصيد به.

(٦) أي بمعنى الصيد.

(٧) أي الثاني.

(٨) أي بإثبات الصيد بمعنى المصيد ، والمراد إثبات اليد عليه بحيث يزول امتناعه.

(٩) أي أخذه لزوال امتناعه.

(١٠) كما لو أغلق عليه بابا أو صيّره في مضيق.

(١١) المعتبر في تملك الصيد الممتنع أن يصيّره تحت يده بإبطال امتناعه فلو ضربه وأضعف بذلك قوته التي كان عليها ومع ذلك بقي قادرا على الامتناع بالطيران أو العدو بحيث لا يناله إلا بالإسراع الشديد الموجب للمشقة ، لم يكن ذلك مفيدا للملك ولا للاختصاص لعدم تحقق صيرورته تحت اليد ، بل يبقى الصيد على المباحات الأصلية يملكه من أمسكه.

(١٢) تعليل لبقائه على الإباحة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب الذبائح حديث ٣.

٢٨٢

ببقائه (١) على الامتناع وإن ضعفت قوته ، وكذا لو كان له قوة على الامتناع بالطيران والعدو (٢) فأبطل أحدهما خاصة ، لبقاء الامتناع في الجملة المنافي لليد.

(الخامسة ـ لا يملك الصيد المقصوص (٣) ، أو ما عليه أثر الملك) ، لدلالة القص ، والأثر على مالك سابق ، والأصل بقاؤه (٤).

ويشكل بأن مطلق الأثر إنما يدل على المؤثر. أما المالك فلا لجواز وقوعه (٥) من غير مالك (٦) ، أو ممن لا يصلح للتملك (٧) ، أو ممن لا يحترم ماله (٨). فكيف يحكم بمجرد الأثر لمالك محترم (٩) مع أنه (١٠) أعم والعام لا يدل على الخاص.

______________________________________________________

(١) أي بسبب بقائه ، وهو تعليل لعدم تحقق إثبات اليد عليه.

(٢) لو كان الصيد يمتنع بأمرين من الطيران والعدو كالدّراج والقبج يمتنع بجناحيه وبالعدو فكسر الرامي جناحيه بقي على المباح الأصلي ولا يملكه الرامي لعدم إثبات اليد عليه بسبب بقائه على الامتناع ، ولذا لو كسر آخر رجله فعجز عن العدو ملكه الثاني لصدق الأخذ والحيازة والصيد من قبل الثاني حينئذ كما عليه المحقق في الشرائع ، وعن الشيخ في المبسوط هو لهما ، لاشتراكهما في زوال امتناعه ، والأول أقوى لبقاء الامتناع بعد فعل الأول ، وبقاء الامتناع مناف لحصول اليد ، فلا ملك له حينئذ.

(٣) أي مقصوص الجناحين ، وكذا الموسوم بدلالة أو المخضوب ، فهذه آثار على أنه مملوك وربما أفلت من مالكه فيستصحب حكم الملك فلو صيد الطير والحال هذه لم يملكه الصائد ، لأنه ليس من المباح الذي يجري عليه التملك عند أخذه ، وكذا كل صيد عليه أثر يدل على الملك واليد من شدّ خيط ونحوه في رجله أو في عنقه أو في جناحه.

وقد تنظر بعضهم في ذلك بأن هذه الآثار تدل على أنه كان في يد إنسان ، وهو أعم من الملكية ، إذ يحتمل أنه قد فعلها في الصيد عبثا من غير قصد التملك ، وعليه فالأثر يدل على المؤثر ولا يدل على الملك المتوقف على قصد التملك.

(٤) أي بقاء الملك.

(٥) أي وقوع الأثر.

(٦) كما لو وقع من الغير عبثا.

(٧) كالعبد.

(٨) كالحربي.

(٩) متعلق بقوله (فكيف يحكم).

(١٠) أي الأثر أعم من الملك.

٢٨٣

وعلى المشهور (١) يكون مع الأثر لقطة (٢) ، ومع عدم الأثر فهو لصائده وإن كان أهليا كالحمام ، للأصل (٣) إلا أن يعرف مالكه فيدفعه إليه.

______________________________________________________

(١) من كون الأثر دالا على الملك.

(٢) لأنه مع الأثر مملوك ، ومع عدم معرفة مالكه يكون لقطة.

(٣) وهي أصالة الإباحة.

٢٨٤

كتاب الأطعمة والأشربة

٢٨٥
٢٨٦

كتاب الأطعمة والأشربة (١)

(إنما يحل من حيوان ...

______________________________________________________

(١) الأطعمة والأشربة من المهمات للإنسان باعتبار كونه جسدا لا يمكن استغناؤه عنهما ، ولذا قال تعالى : (وَمٰا جَعَلْنٰاهُمْ جَسَداً لٰا يَأْكُلُونَ الطَّعٰامَ) (١).

وفي تناول المحرم منهما قد أوعد الله تعالى الوعيد الشديد في الكتاب والسنة ، ولذا ورد في النبوي (أي لحم نبت على الحرام فالنار أولى به) (٢) ، فلذا لا بدّ من معرفة المحرم منهما والمحلّل.

هذا من جهة ومن جهة أخرى فالأصل يقتضي حلية كل شي‌ء أكلا أو شربا إلا ما نهى عنه الشارع ، لقبح العقاب بلا بيان ، ولذا ورد في الخبر (كل شي‌ء مطلق حتى يرد فيه نهي) (٣) ، ولديدن الشارع على بيان المحرمات ، فما لم يوجد فيه نهي فهو حلال ، ولذا لقّن الله تعالى نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طريق الرد على الكفار حيث حرّموا على أنفسهم أشياء بقوله تعالى : (قُلْ لٰا أَجِدُ فِي مٰا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلىٰ طٰاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلّٰا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ) (٤) فقد أبطل تشريعهم بعدم وجدانه ما حرّموه فيما أوحى الله تعالى به ، وهذا دال على أن الأصل في الأطعمة والأشربة الحلية إلا أن يرد نهي من قبل الشارع ، مضافا إلى قوله تعالى : (يٰا أَيُّهَا النّٰاسُ كُلُوا مِمّٰا فِي الْأَرْضِ حَلٰالاً طَيِّباً)(٥) ،

__________________

(١) سورة الأنبياء ، الآية : ٨.

(٢) مجمع الزوائد ج ١٠ ص ٢٩١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب صفات القاضي حديث ٦٠ من كتاب القضاء.

(٤) سورة الأنعام ، الآية : ١٤٥.

(٥) سورة البقرة ، الآية : ١٦٨.

٢٨٧

(البحر (١) سمك له فلس (٢) ...)

______________________________________________________

ـ وقوله تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مٰا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) (١) ، ومن جهة ثالثة فالأصل الإباحة ما لم يكن من الخبائث لقوله تعالى : (وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبٰائِثَ) (٢) ، والخبيث ما تستخبثه النفس وينفر منه الطبع بالنسبة للإنسان السوي السليم ، ومعه لا داعي للإشكال بأن الخبيث غير ظاهر المعنى والشارع لم يبيّنه ، والعرف غير منضبط ، ومن مصاديق ما تستخبثه النفس فضلة الإنسان بل كل حيوان ما لا يؤكل لحمه بل ومما يؤكل لحمه ، والقي‌ء والبلغم خصوصا إذا خرج إلى خارج الفم ثم ابتلعه.

ومن جهة رابعة فالإنسان له حالتان حالة اختيار وحالة اضطرار ، ولا بد من التكلم في الأطعمة والأشربة تبعا لهاتين الحالتين ، نعم جرى ديدن البعض على ذكر حكم الأشياء الضارة بالبدن ، وسيأتي التعرض له مع دليله وبيان مقدار الضرر عند البحث في حرمة تناول السم فانتظر.

(١) لا خلاف ولا إشكال في حرمة كل الحيوانات البحرية إلا السمك والطير ، أما الطير فسيأتي البحث فيه عند البحث في مطلق الطير ، وأما حرمة غير السمك والطير من أنواع الحيوانات البحرية فهو مما لا خلاف فيه لموثق عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الربيثا ، فقال : لا تأكلها ، فإنا لا نعرفها في السمك يا عمار) (٣) ، وهو دال على حرمة غير السمك من حيوانات البحر ، ويعارضه مرسل الصدوق قال الصادق عليه‌السلام (كل ما كان في البحر مما يؤكل في البر مثله فجائز أكله ، وكل ما كان في البحر مما لا يجوز أكله في البر لم يجز أكله) (٤) ، وخبر ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن أكل لحم الخز؟ قال عليه‌السلام : كلب الماء إن كان له ناب فلا تقربه ، وإلا فاقربه) (٥).

وهما موافقان للعامة ـ كما في الجواهر ـ فلا يصلحان لمعارضة ما تقدم.

(٢) يؤكل من السمك ما له فلس ، أي قشر ، بلا خلاف فيه للنصوص الآتية ، بلا فرق فيه بين ما بقي فلسه كالشبوط وهو سمك رقيق الذنب عريض الوسط ليّن اللمس صغير الرأس ، أو سقط عنه الفلس ولم يبق عليه كالكنعت الذي هو حوت تحتك بكل شي‌ء فيذهب فلسها ، ولذا لو نظرت إلى أصل أذنها وجدته فيه كما في صحيح حماد (قلت ـ

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية : ٢٩.

(٢) سورة الأعراف ، الآية : ١٥٨.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة حديث ٤.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة حديث ٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة حديث ٣.

٢٨٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ لأبي عبد الله عليه‌السلام : الحيتان ما يؤكل منها؟ فقال : ما كان له قشر ، قلت : ما تقول في الكنعت؟ قال : لا بأس بأكله ، قلت : فإنه ليس له قشر ، قال : بلى ولكنها حوت سيئة الخلق تحتك بكل شي‌ء ، فإذا نظرت في أصل أذنها وجدت لها قشرا) (١). وأما ما ليس له فلس كالجريّ والمارماهي والزمّار فقد اختلف الأصحاب فيه ، فعن الأكثر ومنهم الشيخ في أكثر كتبه إلى تحريمه مطلقا ، وعن الشيخ في كتابي الأخبار حلّه فيما عدا الجري.

واستدل للأكثر بالأخبار :

منها : صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام في حديث : (قلت له : يرحمك الله إنا نؤتى بسمك ليس له قشر ، فقال عليه‌السلام : كل ما له قشر من السمك ، وما ليس له قشر فلا تأكله) (٢) ، وصحيح حماد (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : جعلت فداك الحيتان ما يؤكل منها؟ قال : ما كان له قشر) (٣) ، ومرسل حريز عنهما عليهما‌السلام (إن أمير المؤمنين عليه‌السلام كان يكره الجريث ويقول : لا تأكل من السمك إلا شيئا عليه فلوس ، وكره المارماهي) (٤) ، وصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كان علي عليه‌السلام بالكوفة يركب بغلة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم يمرّ بسوق الحيتان فيقول : لا تأكلوا ولا تبيعوا ما لم يكن له قشر من السمك) (٥) إلى غير ذلك من الأخبار.

واستدل الشيخ بصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا يكره شي‌ء من الحيتان إلا الجري) (٦) ، ومثله خبر الحكم (٧)، ويؤيده صحيح زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الجريث ، فقال : وما الجريث؟ فنعته له ، فقال عليه‌السلام : (قُلْ لٰا أَجِدُ فِي مٰا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلىٰ طٰاعِمٍ يَطْعَمُهُ) إلى آخر الآية ثم قال : لم يحرّم الله شيئا من الحيوان في القرآن إلا الخنزير بعينه ، ويكره كل شي‌ء من البحر ليس له قشر مثل الورق ، وليس بحرام إنما هو مكروه) (٨) ، وصحيح محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الجري والمارماهي والزمير ، وما ليس له قشر من السمك أحرام هو؟ فقال عليه‌السلام : يا محمد ، اقرأ هذه الآية التي في الأنعام : قل لا أجد فيما أوحي إلي محرّما ، قال : فقرأتها حتى فرغت منها ، فقال : إنما الحرام ما حرّم الله ورسوله في كتابه ، ولكنهم قد كانوا يعافون أشياء ونحن نعافها) (٩).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة حديث ١.

(٢ و ٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة حديث ١ و ٢ و ٣ و ٤.

(٦ و ٧ و ٨ و ٩) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة حديث ١٧ و ١٨ و ٩ و ٢٠.

٢٨٩

(وإن زال (١) عنه) في بعض الأحيان(كالكنعت (٢) ويقال : الكنعد بالدال المهملة ضرب من السمك له فلس ضعيف يحتك (٣) بالرمل فيذهب عنه ثم يعود (ولا يحل الجري (٤) بالجيم المكسورة فالراء المهملة المشددة المكسورة ، ويقال : الجريث بالضبط الأول (٥) مختوما بالثاء المثلثة(والمارماهي) بفتح الراء فارسي معرب وأصلها حية السمك(والزهو) بالزاي المعجمة (٦) فالهاء الساكنة(على قول (٧) الأكثر. وبه (٨) أخبار لا تبلغ حد الصحة (٩). وبحلها (١٠) أخبار صحيحة حملت على التقية.

ويمكن حمل النهي على الكراهة كما فعل الشيخ في موضع من النهاية إلا أنه رجع في موضع آخر وحكم بقتل مستحلها (١١). وحكايته (١٢) قولا مشعرة بتوقفه (١٣) مع أنه رجّح في الدروس التحريم. وهو الأشهر.

______________________________________________________

ـ وقد حمل المشهور هذه الطائفة على التقية ، ولكن القاضي ابن البراج والشيخ في موضع من النهاية قد جمع بين الطائفتين على كراهة الحيوان البحري الذي ليس له فلس ، مع أن الشيخ في موضعين من النهاية وباقي كتبه قد حكم بالحرمة ، حتى أنه في باب الديات من النهاية قد حكم بكفر مستحله.

(١) أي الفلس.

(٢) كجعفر ضرب من السمك.

(٣) احتك بالشي‌ء أي حك نفسه عليه كما في الصحاح.

(٤) نوع من السمك طويل أملس ليس له فلوس ، وعن حياة الحيوان أنه سمك يشبه الثعبان.

(٥) أي بضبط الجري مع زيادة الثاء المثلثة.

(٦) المفتوحة.

(٧) متعلق بالثلاثة.

(٨) أي بعدم حل الثلاثة المذكورة ، هذا ولا داعي للاقتصار على هذه الثلاثة بل المدار على الحيوان البحري الذي ليس له فلس.

(٩) ولكن قد عرفت ورود أخبار صحيحة دالة على عدم حل كل حيوان لا فلس له.

(١٠) أي بحل الثلاثة.

(١١) أي مستحل الثلاثة.

(١٢) أي حكاية المصنف للحرمة قولا.

(١٣) أي توقف المصنف هنا في حرمة الثلاثة.

٢٩٠

(ولا السلحفاة (١) بضم السين المهملة ، وفتح اللام فالحاء المهملة الساكنة.

والفاء المفتوحة. والهاء بعد الألف(والضفدع) (٢) بكسر الضاد والدال مثال (٣) خنصر(والصّرطان (٤) بفتح الصاد والراء(وغيرها) من حيوان البحر وإن كان جنسه في البر حلالا سوى السمك المخصوص (٥)

(ولا الجلال من السمك (٦) وهو الذي اغتذى العذرة محضا حتى نما بها كغيره (٧) (حتى يستبرأ بأن يطعم علفا)

______________________________________________________

(١) شروع في غير السمك من حيوان البحر وقد عرفت حرمته ، ويدل عليه أيضا صحيح علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام (لا يحلّ أكل الجري ولا السلحفاة ولا السرطان ، قال : وسألته عن اللحم الذي يكون في أصداف البحر والفرات أيؤكل؟ قال : ذلك لحم الضفادع لا يحلّ أكله) (١).

وعن بعض العامة حل جميع صنوف حيوان البحر ، وعن آخر حل الجميع ما عدا كلبه وخنزيره.

(٢) بكسر أول وفتحه وضمه مع كسر ثالثه وفتحه في الأول وكسره في الثاني وفتحه في الثالث.

(٣) أي على وزن.

(٤) يسمى عقرب الماء.

(٥) الذي له فلس.

(٦) الجلال من السمك هو من جملة أفراد الجلال وسيأتي الكلام فيه ، ولكن لا يؤكل الجلال من السمك حتى يستبرأ بأن يجعل في الماء يوما وليلة ويطعم علفا طاهرا على الأكثر لخبر يونس عن الرضا عليه‌السلام (سأله عن السمك الجلّال فقال : ينتظر به يوما وليلة) (٢).

وعن الصدوق في المقنع والشيخ جعل مدة الاستبراء يوما إلى الليل لخبر القاسم بن محمد الجوهري (السمك الجلّال يربط يوما إلى الليل في الماء) (٣) ، والترجيح للأول لإمكان إرجاع الثاني إليه بجعل الغاية داخلة في المغيّا ، وعلى كل فالخبران خاليان عن إطعامه علفا طاهرا مدة الاستبراء كما عليه المشهور فلذا اكتفى الأردبيلي في الاستبراء بإمساكه عن الجلل وعلى كل فعلى المشهور المعتبر كون العلف طاهرا بالفعل ، وربما اكتفي بالطاهر بالأصالة خاصة وإن كان متنجسا بالعرض ، ويدفعه أن إطلاق الطاهر يقتضي طهارته الأصلية والعرضية.

(٧) كغير السمك من بقية أفراد الجلّال.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة حديث ٥ و ٧.

٢٩١

(طاهرا) مطلقا (١) على الأقوى(في الماء) الطاهر (٢) (يوما وليلة) روي ذلك عن الرضا عليه‌السلام بسند ضعيف ، وفي الدروس أنه (٣) يستبرأ يوما إلى الليل ثم نقل الرواية (٤) وجعلها أولى.

ومستند اليوم (٥) رواية القاسم بن محمد الجوهري ، وهو ضعيف أيضا. إلا أن الأشهر الأول. وهو (٦) المناسب ليقين البراءة (٧) ، واستصحاب حكم التحريم (٨) إلى أن يعلم المزيل (٩).

ولو لا الإجماع على عدم اعتبار أمر آخر في تحليله (١٠) لما كان ذلك (١١) قاطعا للتحريم ، لضعفه (١٢)

(والبيض تابع) للسمك في الحل والحرمة (١٣).

______________________________________________________

(١) علّق الشارح بقوله (أي خال عن النجاسة الوضعية والعرضية).

(٢) قال في الجواهر : (بل في التحرير اعتبار كون الماء الذي يحبس فيه السمك طاهرا ، ولا ريب في أنه أحوط وأولى والله العالم) انتهى.

(٣) أي السمك.

(٤) أي الرواية عن الإمام الرضا عليه‌السلام.

(٥) أي اليوم إلى الليل.

(٦) أي الأول.

(٧) فالاستبراء من الجلّال المحرم إذا دار بين الأقل والأكثر ، فلا يحصل يقين البراءة بحل الحيوان إلا بالأكثر.

(٨) أي تحريم الحيوان الجلل.

(٩) ولا يعلم إلا بالأكثر.

(١٠) أي تحليل الجلال من السمك.

(١١) من الاستبراء يوما وليلة.

(١٢) أي لضعف دليل الاستبراء بالمدة المذكورة.

(١٣) بيض السمك المعبّر عنه اليوم بالثرب تابع للسمك ، فبيض المحلّل حلال ، وبيض المحرم حرام لخبر ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث : (إن البيض إذا كان مما يؤكل لحمه فلا بأس بأكله ، وهو حلال) (١) ، وخبر داود بن فرقد عنه عليه‌السلام في حديث : (كل شي‌ء يؤكل لحمه فجميع ما كان منه من لبن أو بيض أو أنفحة فكل ذلك ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب الأطعمة المباحة حديث ١.

٢٩٢

(ولو اشتبه) بيض المحلّل بالمحرّم(أكل الخشن ، دون الأملس (١) وأطلق كثير (٢) ذلك (٣) من غير اعتبار التبعية.

(ويؤكل من حيوان البر الأنعام الثلاثة (٤) الإبل. والبقر. والغنم. ومن نسب إلينا تحريم الإبل فقد بهت (٥). نعم هو (٦) مذهب الخطابية (٧) لعنهم الله(وبقر الوحش. وحماره. وكبش الجبل (٨) ذو القرن الطويل(والظبي (٩) ، واليحمور) (١٠).

______________________________________________________

ـ حلال طيب) (١) ، وفي الاستدلال بهما نظر ، لعدم صدق البيض على ثروب السمك ، وإنما أطلقه الأصحاب عليه لضرب من المجاز باعتبار كونه مبدأ تكوّن السمك كالبيض في غيره ، والخبر الثاني منصرف إلى الحيوان البري.

فلم يبق إلا القياس على التبعية بين الحيوان البري وبيضه كما سيأتي البحث فيه.

(١) مع الاشتباه يؤكل الخشن دون الأملس ، وظاهرهم الاتفاق عليه وهو الحجة إذ لا دليل عليه غيره ، هذا وكثير من الأصحاب اطلقوا حل أكل الخشن دون الأملس ولم يقيدوه بصورة الاشتباه.

(٢) أي كثير من الأصحاب.

(٣) أي أنه يؤكل الخشن لا الأملس ، من دون النظر إلى أن سمكه محرّم أو محلّل ، ولكن لا بد من حمله على صورة الاشتباه ، لأنه مع التمييز فالتبعية هي الحاكمة.

(٤) لا خلاف بين المسلمين في تحليل الأنعام الثلاثة ، بل هو من ضروري الدين كما في الجواهر والمستند ، وللأخبار الآتي بعضها.

(٥) البهتان هو الافتراء.

(٦) أي تحريم الابل.

(٧) وهم أصحاب ابن الخطاب محمد بن مقلاص ، وكان من رواة الإمام الصادق عليه‌السلام ثم انحرف عن الحق.

(٨) وهو الضان والماعز الجبليان.

(٩) أي الغزال.

(١٠) جمعه يحامير ، وعن عجائب المخلوقات أنه دابة وحشية نافرة لها قرنان طويلان كأنهما منشاران ، ينشر بهما الشجر ، يلقيهما كل سنة ، وقيل كما عن الصحاح أنه حمار ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب الأطعمة المباحة حديث ٢.

٢٩٣

(ويكره الخيل ، والبغال ، والحمير الأهلية) في الأشهر (١) (وآكدها) كراهة

______________________________________________________

ـ الوحش ، بلا خلاف في حلية الخمسة بين المسلمين كما في المسالك ، لقوله تعالى :(وَمِنَ الْأَنْعٰامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُوا مِمّٰا رَزَقَكُمُ اللّٰهُ) ـ إلى قوله تعالى ـ (ثَمٰانِيَةَ أَزْوٰاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ) ـ إلى قوله تعالى ـ (وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ) (١) ، وقد روى علي بن ابراهيم في تفسير هذه الآية (فقال عليه‌السلام : من الضأن اثنين عنى الأهلي والجبلي ، ومن المعز اثنين عنى الأهلي والوحشي الجبلي ، ومن البقر اثنين عنى الأهلي والوحشي الجبلي ، ومن الابل اثنين عني النجاتي والعراب ، فهذه أحلها الله) (٢) ، وموثق سماعة (سألته عن رجل رمى حمار وحش أو ظبيا فأصابه ثم كان في طلبه فوجده من الغد وسهمه فيه؟ فقال عليه‌السلام : إن علم أنه أصابه وأن سهمه هو الذي قتله فليأكل منه ، وإلا فلا يأكل منه) (٣) ، وخبر سعد بن سعد (سألت الرضا عليه‌السلام عن اللامص؟ فقال : وما هو؟ فذهبت أصفه ، فقال : أليس اليحامير؟ قلت : بلى ، قال عليه‌السلام : أليس تأكلونه بالخل والخردل والأبزار؟ قلت : بلى ، قال عليه‌السلام : لا بأس به) (٣) ، بل يظهر من خبر نضر بن محمد كراهة لحم حمار الوحش قال : (كتبت إلى أبي الحسن عليه‌السلام : أسأله عن لحوم الحمر الوحشية فكتب عليه‌السلام : يجوز أكلها وحشية ، وتركها عندي أفضل) (٤) وهو المنقول عن الحلي والعلامة في التحرير والشهيد في الدروس.

هذا ويظهر من جماعة منهم العلامة في التبصرة والقواعد والتحرير والمحقق في الشرائع حصر المحلّل من الوحشي في هذه المذكورات الخمسة ، بل عن الغنية زيادة الوعل سادسا.

(١) على المشهور ، وعن أبي الصلاح تحريم البغال ، وعن المفيد تحريم البغال والحمير والهجني من الإبل ، بل قال : إنه لا تقع الذكاة عليها.

ويشهد للمشهور جملة من الأخبار :

منها : صحيح محمد بن مسلم وزرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (أنهما سألاه عن أكل لحوم الأهلية؟ فقال : نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن أكلها يوم خيبر ، وإنما نهى عن أكلها في ذلك الوقت ، لأنها كانت حمولة الناس ، وإنما الحرام ما حرّم الله في القرآن) : (٥) ، وصحيح ـ

__________________

(١) سورة الأنعام ، الآيات : ١٤٢ ـ ١٤٤.

(٢) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب الأطعمة المباحة حديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب الصيد حديث ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب الأطعمة المباحة حديث ٢ و ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة حديث ١.

٢٩٤

(البغل (١) لتركيبه من الفرس والحمار. وهما مكروهان فجمع الكراهتين(ثم الحمار).

______________________________________________________

ـ محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن أكل لحوم الحمير ، وإنما نهى عنها من أجل ظهورها مخافة أن يفنوها ، وليست الحمير بحرام ، ثم قرأ هذه الآية : (قُلْ لٰا أَجِدُ فِي مٰا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلىٰ طٰاعِمٍ يَطْعَمُهُ) (١) الآية ، وصحيحه الثالث عن أبي جعفر عليه‌السلام (سئل عن سباع الطير والوحش حتى ذكر له القنافذ والوطواط والحمير والبغال والخيل ، فقال : ليس الحرام إلا ما حرّم الله في كتابه ، وقد نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم خيبر عن أكل لحوم الحمير ، وإنما نهاهم من أجل ظهورهم أن يفنوها ، وليس الحمر بحرام) (٢) ، وخبر زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام (سألته عن أبوال الخيل والبغال والحمير ، قال : فكرهها ، قلت : أليس لحمها حلالا؟ فقال : أليس قد بيّن الله لكم ، والأنعام خلقها لكم فيها دف‌ء ومنافع ومنها تأكلون ، وقال : والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ، فجعل للأكل الأنعام التي قصّ الله في الكتاب ، وجعل للركوب الخيل والبغال والحمير ، وليس لحومها بحرام ، ولكن الناس عافوها) (٣) إلى غير ذلك من الأخبار. ويعارضها جملة من الأخبار :

منها : صحيح ابن مسكان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن أكل الخيل والبغال؟ فقال عليه‌السلام : نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عنها ، ولا تأكلها إلا أن تضطر إليها) (٤) ، وصحيح سعد بن سعد عن الإمام الرضا عليه‌السلام (عن لحوم البراذين والخيل والبغال؟ فقال : لا تأكلها) (٥) ، وقد حملت على الكراهة جمعا.

(١) المشهور على أن كراهة البغل أشدّ لتركبه من الفرس والحمار وهما مكروهان ، وعن القاضي ابن البراج والحلي أن كراهة الحمار أشدّ ، لأنه متولد من مكروهين قويّ الكراهة بخلاف البغل فإنه متولد من قوي الكراهة وضعيفها لأنه متولد من الحمار والفرس.

ولكن التعليلين كما ترى ، وعلى كل فالخيل أخفها كراهة خصوصا بعد ما ورد من أكل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأمير المؤمنين عليه‌السلام منها ، كما في خبر عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن آبائه عن علي عليهم‌السلام (أتيت أنا ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رجلا من الأنصار فإذا فرس له يكبد بنفسه ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انحره ـ إلى أن قال ـ فقال : يا رسول الله ألي منه شي‌ء؟ ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة حديث ٦.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة حديث ٦.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة حديث ٨ و ١ و ٥.

٢٩٥

(وقيل) والقائل القاضي(بالعكس) آكدها كراهة الحمار ثم البغل ، لأن المتولد (١) من قوي الكراهة (٢) وضعيفها (٣) أخف كراهة من المتولد (٤) من قويّها (٥) خاصة.

وقيل (٦) : بتحريم البغل. وفي صحيحة ابن مسكان النهي عن الثلاثة إلا لضرورة ، وحملت (٧) على الكراهة جمعا.

(ويحرم الكلب (٨) والخنزير (٩) ...)

______________________________________________________

ـ قال : نعم كل وأطعمني ، قال : فأهدي للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فخذا منه ، فأكل منه وأطعمني) (١).

والبغل أشدّ كراهة من الحمار لكثرة الأخبار الناهية عن أكل الحمير وقد تقدم بعضها.

(١) وهو البغل هنا.

(٢) وهو الحمار.

(٣) وهو الفرس.

(٤) وهو الحمار هنا.

(٥) لأن أبويه حماران.

(٦) كما عن أبي الصلاح.

(٧) أي الصحيحة.

(٨) بلا خلاف فيه بيننا ، لأنه نجس ومسخ وسبع ، وكل واحد من هذه العناوين موجب للتحريم ففي خبر أبي سهل القرشي (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن لحم الكلب؟ فقال : هو مسخ ، قلت : هو حرام؟ قال : هو نجس ، أعيدها عليه ثلاث مرات كل ذلك يقول : نجس) (٢) ، خلافا لمالك حيث أحل أكله.

(٩) بلا خلاف فيه ، لأنه نجس ومسخ ، ففي خبر المفضل بن عمر (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أخبرني جعلني الله فداك لم حرّم الله الخمر والميتة والدم ولحم الخنزير فقال : إن الله تبارك وتعالى لم يحرّم ذلك على عباده ـ إلى أن قال ـ وأما لحم الخنزير فإن الله تبارك وتعالى مسخ قوما في صور شتى مثل الخنزير والقردة والدب وما كان من المسوخ ثم نهى عن أكله للمثلة لكيلا ينتفع الناس به ، ولا يستخفوا بعقوبته) (٣) ، وصحيح الحلبي عن ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة حديث ٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة حديث ٤.

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة حديث ١.

٢٩٦

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن أكل الضبّ فقال : إن الضب والفأرة والقردة والخنازير مسوخ) (١).

ومن هذين الخبرين يعرف حرمة أكل المسوخ ، وأيضا يحرم من البهائم ما كان سبع وهو ما كان له ظفر أو ناب يفترس به قويا كان كالأسد والنمر والفهد والذئب أو ضعيفا كالضبع والثعلب وابن آوى والسنّور للأخبار :

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : كل ذي ناب من السباع أو مخلب من الطير حرام ، وقال عليه‌السلام : لا تأكل من السباع شيئا) (٢) ، وصحيح داود بن فرقد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير حرام) (٣) ، ووافقنا على تحريم جميع ذلك أبو حنيفة وخالف مالك في الجميع فحكم بالكراهة ، وفرّق الشافعي بين قويّ الناب منها وضعيفه فحرّم الأول دون الثاني ويحرم أيضا الأرنب والضب واليربوع والحشرات كلها ، التي هي صغار دواب الأرض أو التي تأوي ثقب الأرض كالحية والفأرة والعقرب والجرذان والخنافس والصراصر وبنات وردان والبراغيث والقمّل ، مما هو مندرج في الخبائث أو المسوخ أو الحشرات ، أما الخبائث والمسوخ فقد تقدم ما يدل على تحريمها ، وأما الحشرات ففي خبر الدعائم عن علي عليه‌السلام (أنه نهى عن الضب والقنفذ وغيره من حشرات الأرض) (٤) فضلا عن ورود والنهي عنه بخصوصه كما في الحية والعقرب والفأرة واليربوع والضب والقنفذ ، ووافقنا على تحريم جميع الحشرات أبو حنيفة ، وأباح الشافعية الدب والأرنب للنص الوارد عنهم ، واليربوع لاستطابة العرب له.

إن الأرنب حرام لأنه مسخ كما في خبر الأشعري عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام في حديث : (والأرنب مسخ كانت امرأة تخون زوجها ولا تغتسل من حيضها) (٥) ، وخبر محمد بن سنان عن الإمام الرضا عليه‌السلام (وحرّم الأرنب لأنها بمنزلة السنور ، ولها مخاليب كمخاليب السنور وسباع الوحش فجرت مجراها مع قذرها في نفسها وما يكون منها من الدم كما يكون من النساء ، لأنها مسخ) (٦) ، وخبر معتب عن جعفر بن محمد ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة حديث ٢ و ١.

(٤) مستدرك الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة حديث ٦.

(٥) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة حديث ٧.

(٦) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة حديث ١١.

٢٩٧

والسنور (١) بكسر السين وفتح النون(وإن كان) السنور(وحشيا ، والأسد ، والنمر) بفتح النون وكسر الميم(والفهد ، والثعلب ، والأرنب (٢) والضبع) بفتح الضاد فضم الباء ، (وابن آوى ، والضب (٣) ، والحشرات كلها كالحية ، والفأرة والعقرب ، والخنافس ، والصراصر وبنات وردان) بفتح الواو مبنيا على الفتح ، (والبراغيث ، والقمل ، واليربوع ، والقنفذ ، والوبر) بسكون الباء جمع وبرة بالسكون قال الجوهري (٤) : هي دويبة أصغر من السنور طحلاء (٥) اللون لا ذنب لها ترجن (٦) في البيوت.

(والخزّ) وقد تقدم في باب الصلاة أنه دويبة بحرية (٧) ذات أربع أرجل تشبه الثعلب وكأنها اليوم مجهولة ، أو مغيّرة الاسم ، أو موهومة وقد كانت في مبدأ الإسلام إلى وسطه كثيرة جدا.

______________________________________________________

ـ عن آبائه عن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام (سألت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن المسوخ فقال : هم ثلاثة عشر : الفيل والدب والخنزير والقرد ـ إلى أن قال ـ والأرنب) (١) ، وخبر علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام (المسوخ ثلاثة عشر : الفيل والدب والأرنب ...) (٢) الحديث بل مما تقدم تعرف أن حرمة الأرنب للخبائث ولانطباق عنوان السبع عليه ، ولم يعارضها إلا خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كان يكره أن يؤكل من الدواب لحم الأرنب والضب والخيل والبغال ، وليس بحرام كتحريم الميتة والدم ولحم الخنزير) (٣) ، وخبر حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عزوف النفس ، وكان يكره الشي‌ء ولا يحرّمه ، فأتي بالأرنب فكرهها ولم يحرّمها) (٤) فهما محمولان على التقية.

(١) شروع في تعداد السباع.

(٢) ولقد أجاد الماتن حيث جعل الأرنب من جملة السباع.

(٣) شروع في تعداد الحشرات.

(٤) في الصحاح.

(٥) لون بين الغبرة والبياض.

(٦) رجن المكان أقام به كما في الصحاح.

(٧) وفي خبر حمران بن أعين (سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الخزّ فقال : سبع يرعى في البر ويأوي الماء) (٥) وهو نص في أنه سبع فيحرم حينئذ.

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة حديث ١٣ و ١٤ و ٢٠ و ٢١.

(٥) الوسائل الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة حديث ٢.

٢٩٨

(والفنك) بفتح الفاء والنون دابة يتخذ منها الفرو.

(والسمّور) بفتح السين وضم الميم المشددة.

(والسنجاب والعظاءة) بالظاء المشالة (١) ممدودة مهموزة. وقد تقلب الهمزة ياء قال في الصحاح : هي دويبة أكبر من الوزغة والجمع العظاء ممدودة.

(واللحكة) بضم اللام وفتح الحاء نقل الجوهري عن ابن السكيت أنها دويبة شبيهة بالعظاءة تبرق زرقاء وليس لها ذنب طويل مثل ذنب العظاءة ، وقوائمها خفية (٢).

(ويحرم من الطير ما له مخلاب (٣) بكسر الميم(كالبازي والعقاب) بضم العين(والصقر) بالصاد تقلب سينا قاعدة في كلمة فيها قاف أو طاء ، أو راء ، أو غين ، أو خاء كالبصاق ، والصراط (٤) ، والصدغ ، والصماخ (٥) (والشاهين والنسر) بفتح أوله.(والرخم (٦) والبغاث) بفتح الموحدة وبالمعجمة المثلثة جمع بغاثة كذلك (٧)

______________________________________________________

(١) شالت الناقة بذنبها رفعته.

(٢) وقيل إنها دويبة تغوص في الرمل يشبّه بها أصابع العذارى ، وحرمة الفنك وما بعده لأنها من الحشرات.

(٣) لا خلاف ولا إشكال أنه يحرم من الطير ما كان ذا مخلاب أي ظفر يقوى به على افتراس غيره كالبازي والصقر والعقاب والشاهين والباشق ، أو لا يقوى به على افتراس غيره كالنسر والرخمة والبغاث للأخبار :

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كل ذي ناب من السباع أو مخلب من الطير حرام) (١) ومثله صحيح داود بن فرقد (٢) ، وموثق سماعة عنه عليه‌السلام (عن المأكول من الطير والوحش ، فقال : حرّم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كل ذي مخلب من الطير وكل ذي ناب من الوحش) (٣).

(٤) مثال لما فيه الطاء والراء.

(٥) بالكسر خرق الاذن ، ويقال هو الاذن بعينها.

(٦) طائر أبقع يشبه النسر في الخلقة ، يقال له الأنوق.

(٧) أي بفتح الموحدة.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة حديث ٢ و ١ و ٣.

٢٩٩

طائر أبيض بطي‌ء الطيران أصغر من الحدأ بكسر الحاء والهمزة.

وفي الدروس أن البغاث ما عظم من الطير وليس له مخلاب معقف ، قال : وربما جعل النسر من البغاث وهو مثلث الباء (١) ، وقال الفراء : بغاث الطير شرارها ، وما لا يصيد منها.

(والغراب (٢) الكبير الأسود) الذي يسكن الجبال والخربات ، ويأكل الجيف.

______________________________________________________

(١) أي بالحركات الثلاث.

(٢) وفيه أقوال فعن الشيخ في الخلاف والعلامة في المختلف والفخر في الإيضاح الحرمة لصحيح علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام (عن الغراب الأبقع والأسود أيحلّ أكلهما؟ فقال عليه‌السلام : لا يحلّ أكل شي‌ء من الغربان زاغ ولا غيره) (١) وخبر أبي يحيى الواسطي عن الإمام الرضا عليه‌السلام (عن الغراب الأبقع؟ فقال : إنه لا يؤكل ، ومن أحلّ لك الأسود؟) (٢) ، ومرسل الصدوق عن الصادق عليه‌السلام (لا يؤكل من الغربان شي‌ء ، زاغ ولا غيره ، ولا يؤكل من الحيات شي‌ء) (٣) ، وخبر أبي إسماعيل عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام (عن بيض الغراب؟ فقال : لا تأكله) (٤).

وعن الشيخ في التهذيبين والنهاية والقاضي ابن البراج والعلامة في التبصرة والمحقق في النافع الحلية لموثق زرارة بن أعين عن أحدهما عليهما‌السلام (أكل الغراب ليس بحرام ، إنما الحرام ما حرّم الله في كتابه ، ولكن الأنفس تتنزّه عن كثير من ذلك تقذرا) (٥) ، وموثق غياث بن إبراهيم عن جعفر بن محمد عليه‌السلام (أنه كره أكل الغراب ، لأنه فاسق) (٦).

وتقدم أخبار الحرمة لأنها أصح سندا ومخالفتها للعامة وموافقتها للاحتياط ولأصالة عدم التذكية.

وهناك قول ثالث بالتفصيل قد نسب إلى ظاهر المبسوط وإلى بعض كتب العلامة وهو الحكم بحرمة الغراب الكبير الأسود الذي يسكن الجبال ويأكل الجيف وكذا الأبقع ، والحكم بحلية الزاغ والغداف وهو الأغبر الرمادي ، وليس للمفصلين رواية بخصوصها كما اعترف الشارح في المسالك وغيره في غيرها ، إلا أن يكون التفصيل من باب الجمع بين الأخبار ، إلا أنه جمع تبرعي لا شاهد له ، ويمكن أن يحتج له بأن الأولين من ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة حديث ٣ و ٤ و ٦ و ٥.

(٥) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة حديث ١.

(٦) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة حديث ٢.

٣٠٠