الزبدة الفقهيّة - ج ٨

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٨

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-61-2
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٤٠٠

(نصل) من حديد ، سواء خرق (١) أم لا (٢) حتى (٣) لو قطعه بنصفين اختلفا أم اتفقا تحركا أم لا حلّا ، إلا أن يكون ما فيه الرأس مستقر الحياة فيذكى (٤) ويحرم الآخر (٥).(والمعراض (٦) ونحوه من السهام المحددة التي لا نصل فيها(إذا خرق)

______________________________________________________

ـ والرمح والسهم) (١) ، وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الصيد يضربه الرجل بالسيف أو يطعنه بالرمح أو يرميه بسهم فيقتله وقد سمّى حين فعل؟ فقال عليه‌السلام : كل ، لا بأس به) (٢) ، وصحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام (من جرح صيدا بسلاح وذكر اسم الله عليه ثم بقي ليلة أو ليلتين لم يأكل منه سبع ، وقد علم أن سلاحه هو الذي قتله فليأكل منه إن شاء) (٣).

والصحيح الأخير ظاهر في أن المدار على السلاح وهو الحديد المشتمل على نصل سواء كان من الثلاثة المذكورة وهي السيف والرمح والسهم أو من غيرها كالخنجر والسكين ، هذا من جهة ومن جهة أخرى فمقتضى النصوص المتقدمة حل المقتول بالسلاح المذكور وإن لم يجرحه كما لو رماه بسهم فأتاه معترضا فقتله ، وقد ادعى عليه في المسالك إجماع الأصحاب ، وقد صرح بذلك في صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن الصيد يرميه الرجل بسهم فيصيبه معترضا فيقتله ، وقد كان سمّى حين رمى ولم تصبه الحديدة ، قال : إن كان السّهم الذي أصابه هو الذي قتله فإذا رآه فليأكل) (٤).

(١) أي خرق اللحم.

(٢) كما لو أتاه السهم معترضا فقتله.

(٣) متعلق بأصل المسألة لا بالتعميم من جهة الخرق وغيره وعلى كل فلو قدّه بالسيف نصفين حلا ، سواء تحركا حركة المذبوح أم لا ، بلا خلاف فيه لموثق غياث عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الرجل يضرب الصيد فيجد له بنصفين ، قال عليه‌السلام : يأكلهما جميعا ، وإن ضربه فأبان منه عضوا لم يأكل منه ما أبان منه ، وأكل سائره) (٥).

(٤) لعدم إزهاق روحه بالآلة الجمادية فتنحصر تذكيته بالذبح أو النحر.

(٥) لأنه مقطوع من حيّ فيكون ميتة.

(٦) عطف على السيف والرمح والسهم وكل ما فيه نصل ، هذا واعلم أن الآلة الجمادية إما أن تكون سلاحا وهو الحديد الذي فيه نصل كالسيف والرمح والسهم ، وإما أن تكون الآلة خالية عن النصل ولكنها محدّدة تصلح لخرق اللحم ، وإما أن تكون مثقلة تقتل ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الصيد حديث ٢ و ٣ و ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب الصيد حديث ٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب الصيد حديث ١.

٢٢١

(اللحم) فلو قتل معترضا لم يحل (١) دون المثقل كالحجر ، والبندق فإنه لا يحل وإن خرق وكان البندق من حديد.

والظاهر أن الدبّوس (٢) بحكمه (٣) إلا أن يكون (٤) محددا بحيث يصلح

______________________________________________________

ـ بثقلها كالحجر والخشبة غير المحددة.

أما ما فيه نصل فقد تقدم الكلام فيه ، وأما الخالي عن النصل ولكنه محدّد ، كالمعراض الذي هو خشبة لا نصل فيها إلا أنها محددة الرأس ثقيلة الوسط وكذا السهم الذي لا نصل فيه ولكنه حاد الرأس فيحل المقتول به بشرط أن يخرقه بأن يدخل فيه يسيرا ويموت بذلك ، فلو لم يخرق فلا يحل بلا خلاف في ذلك لصحيح أبي عبيدة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا رميت بالمعراض فخرق فكل ، وإن لم يخرق واعترض فلا تأكل) (١).

وأما القسم الثالث وهو المثقل الذي يقتل بثقله كالحجر لا يحلّ مقتوله مطلقا سواء خدش أو لا للأخبار :

منها : صحيح سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عما قتل الحجر والبندق أيؤكل؟ قال : لا) (٢) ومثلها غيرها كثير والمتحصل أن الآلة إذا كانت مشتملة على نصل كالسيف أو كانت خالية عنه ولكنها محددة الرأس تصلح للخرق حلّ الصيد وإلا فلا ، نعم عن بعض المتأخرين حل الصيد بكل سلاح وإن لم يكن فيه نصل كالسلاح المتعارف في عصرنا تمسكا بعموم صحيح محمد بن قيس المتقدم عن أبي جعفر عليه‌السلام (من جرح صيدا بسلاح وذكر اسم الله عليه ثم بقي ليلة أو ليلتين لم يأكل منه سبع ، وقد علم أن سلاحه هو الذي قتله فليأكل منه إن شاء) (٣).

وله وجه لو لا تقييد الجرح بالسلاح الدال على أن المراد من السلاح ما كان جارحا وهو لا يشمل ما ليس له نصل ، بالإضافة إلى أصالة الحرمة وعدم التذكية في غير المتيقن ، والمتيقن هو ما لو قتل بجرح ما فيه نصل ، أو ما كان رأسه محددا وعليه فإذا كان رأس البندق الذي يقذفه السلاح المتعارف محددا ، فلا بد من القول بالحل وإلا فلا.

(١) بخلاف ما فيه النصل فالصيد حلال لو قتله معترضا من دون خرق كما تقدم.

(٢) وهو عصا من حديد.

(٣) بحكم البندق.

(٤) الدبوس.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من كتاب الصيد حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من كتاب الصيد حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من كتاب الصيد حديث ١.

٢٢٢

للخرق (١) وإن لم يخرق (٢).

(كل ذلك مع التسمية (٣) عند الرمي ، أو بعده (٤) قبل الإصابة (٥) ، ولو تركها (٦) عمدا أو سهوا ، أو جهلا فكما سبق(والقصد (٧) إلى الصيد فلو وقع السهم من يده فقتله ، أو قصد الرمي لا له (٨) فقتله ، أو قصد خنزيرا فأصاب ظبيا ، أو ظنه خنزيرا فبان ظبيا لم يحل (٩).

نعم لا يشترط قصد عينه (١٠) حتى لو قصد فأخطأ فقتل صيدا آخر حلّ.

ولو قصد محلّلا ومحرما حل المحلّل.

(والإسلام) أي إسلام الرامي ، أو حكمه (١١) كما سلف (١٢) وكذا يشترط

______________________________________________________

(١) وقد خرق الصيد فيحل حينئذ.

(٢) أي لم يخرق اللحم بل قطعه نصفين فيحل الصيد لتحقق الخرق المعتبر.

(٣) اشتراط التسمية عند الإرسال بلا خلاف فيه لما تقدم في صيد الكلب المعلّم.

(٤) بعد الرمي.

(٥) الخلاف فيه كالخلاف في التسمية بعد إرسال الكلب المعلم وقبل الإصابة لاشتراك الأدلة ، وقد تقدم الكلام فيه.

(٦) أي التسمية.

(٧) من الأمور المعتبرة في حل الصيد قصده حين إرسال الكلب أو السهم ، فلو رمى سهما في الهواء فاعترض صيدا فقتله من غير قصده لم يحلّ ، وكذا لو أرسل كلبه كذلك ، ولو سمّى حين الإرسال ، نعم لو أرسل كلبه أو سهمه على صيد معيّن فقتل غيره حلّ لتحقق القصد إلى الصيد ، إذ المعتبر هو القصد إلى جنس الصيد لا القصد إلى صيد معيّن بخصوصه ، والذي يدل على اعتبار القصد المذكور خبر عبّاد بن صهيب (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل سمّى ورمى صيدا فأخطأه وأصاب آخر قال عليه‌السلام : يأكل منه) (١) ، والاستدلال ضعيف إلا أن المسألة إجماعية عندهم.

(٨) أي لا للصيد.

(٩) لعدم تحقق القصد إلى الصيد.

(١٠) عين الصيد بل يكفي القصد إلى جنس الصيد.

(١١) وهو المحكوم بإسلامه بالتبعية كالصبي والمجنون.

(١٢) في صيد الكلب لاتحاد الدليل وقد تقدم.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من كتاب الصيد حديث ١.

٢٢٣

موته بالجرح (١) ، وأن لا يغيب عنه (٢) وفيه حياة مستقرة ، وامتناع (٣) المقتول كما مر (٤).

(ولو اشترك فيه (٥) آلتا مسلم وكافر) أو قاصد (٦) وغيره ، أو مسم (٧) ، وغيره. وبالجملة فآلة جامع للشرائط ، وغيره (٨) (لم يحل (٩) إلا أن يعلم أن جرح المسلم (١٠) ومن بحكمه (١١) (أو كلبه) لو كانت الآلة كلبين فصاعدا(هو القاتل) خاصة وإن كان الآخر (١٢) معينا على إثباته (١٣) (ويحرم الاصطياد بالآلة المغصوبة (١٤) لقبح التصرف في مال الغير بغير إذنه ، (و) لكن(لا يحرم الصيد)

______________________________________________________

(١) أي الجرح المستند إلى الآلة الجمادية.

(٢) أي لا يغيب الصيد عن عين الرامي.

(٣) من جملة الشروط أن يكون الحيوان ممتنعا بالأصالة كالوحشي.

(٤) سابقا عند الكلام في صيد الكلب.

(٥) في الصيد.

(٦) أي اشترك في الصيد آلتا قاصد وغير قاصد.

(٧) بحيث اشترك في الصيد آلتا مسمّ وغير مسمّ.

(٨) أي وآلة غير جامع للشرائط.

(٩) أي لم يحل الصيد ، لأنه يشترط في الحلية إسلام الرامي وقصده وتسميته ، وهي مفقودة في المقام.

(١٠) بشرط التسمية والقصد.

(١١) كالتابع له من صبي أو مجنون.

(١٢) وهو غير المسلم أو غير القاصد أو غير المسمّى.

(١٣) أي إثبات الصيد بمعنى وضع اليد عليه.

(١٤) يحرم الاصطياد بالآلة المغصوبة سواء كانت سلاحا أو كلبا ، بلا خلاف ، لأنه تصرف في مال الغير وهو منهي عنه بالاتفاق ، ولكن لا يحرم الصيد لإطلاق الأدلة ضرورة كون الصيد من المعاملة التي تجامع المحرّم كالذبح بالآلة المغصوبة ، نعم على الغاصب أجرة المثل للمالك للتصرف في مال الغير بغير إذنه ، والصيد للصائد لا لمالك الآلة ، لأن الصيد من المباحات التي تملك بالمباشرة المتحققة من الغاصب وإن حرم استعماله للآلة خلافا لبعض العامة حيث ذهب إلى أن صيد الكلب المغصوب للمالك كصيد العبد المغصوب ، وهو قياس مع الفارق ضرورة كون العبد أهلا للقصد فصيده لمالكه دون الكلب الذي لا قصد منه وإنما القصد من الصائد فالصيد له.

٢٢٤

(بها) ويملكه الصائد(وعليه أجرة الآلة) ، سواء كانت كلبا أم سلاحا.

(ويجب عليه غسل موضع العضة) من الكلب (١) جمعا بين نجاسة الكلب ، وإطلاق الأمر بالأكل.

وقال الشيخ : لا يجب ، لإطلاق الأمر بالأكل منه (٢) من غير أمر بالغسل ، وإنما يحل المقتول بالآلة مطلقا (٣) إذا أدركه (٤) ميتا ، أو في حكمه (٥).

(ولو أدرك ذو السهم (٦) ، أو الكلب (٧) الصيد (٨) ...

______________________________________________________

(١) إذا عض الكلب صيدا كان موضع العضة نجسا لأن الكلب نجس العين وقد لاقى الصيد برطوبة فيجب غسل موضع العضّ جمعا بين الأمر بالأكل منه وبين غسل ما لاقاه الكلب برطوبة ، وعن الشيخ في الخلاف والمبسوط الحكم بالطهارة وعدم وجوب الغسل ، لإطلاق قوله تعالى : (فَكُلُوا مِمّٰا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) (١) ، ولم يأمر بالغسل ، وهو مذهب بعض العامة ، وعن بعض آخر أنه نجس ولكن لا يجب تطهيره لأنه عفو لمكان الحاجة وعسر الاحتراز ، وفيه منع العسر والاحتياج ، وإطلاق الآية لحل الأكل من حيث الحلية كصيد ، لا من حيث الطهارة كملاقي نجس العين ، كقوله تعالى : (فَكُلُوا مِمّٰا غَنِمْتُمْ حَلٰالاً طَيِّباً) (٢) فهو مسوق لبيان الحكم بحلية الكسب وهذا لا ينافي المنع من ناحية النجاسة ونحوها.

(٢) من صيد الكلب.

(٣) كلبا كان أو غيره.

(٤) أي إذا أدرك الصيد.

(٥) أي حكم الميت وهو غير مستقر الحياة.

(٦) وذو السهم هو الصائد.

(٧) أي لو أدرك ذو الكلب.

(٨) إذا أرسل كلبه المعلّم أو سلاحه فجرح الصيد فعليه أن يسارع على الوجه المعتاد ، وقال سيد الرياض : (ولم أجد لهم دليلا صريحا وإن أحتمل توجيهه بأصالة الحرمة وعدم انصراف الإطلاقات إلى حد لم يتحقق إليه مسارعة معتادة ، لأن المتبادر منها ما تحققت فيه ، وإلا لحلّ الصيد مع عدمها ولو بقي غير ممتنع سنة ثم مات بجرح الآلة وهو مخالف للإجماع بل الضرورة) انتهى. وعليه فلو سارع إليه بالمعتاد فإن لم يدركه حيا حلّ ، وإن ـ

__________________

(١) سورة المائدة ، الآية : ٤.

(٢) سورة الأنفال ، الآية : ٦٩.

٢٢٥

مع إسراعه (١) إليه حال الإصابة(وحياته مستقرة ذكّاه ، وإلا) يسرع (٢) أو لم يذكه(حرم أن اتسع الزمان لذبحه) فلم يفعل حتى مات ، ولو قصر الزمان عن ذلك (٣) فالمشهور حله وإن كانت حياته مستقرة ، ولا منافاة (٤) بين استقرار حياته ، وقصور

______________________________________________________

ـ أدركه حيا نظر ، فإن لم يبق فيه حياة مستقرة فيحلّ أيضا ، وإن بقيت فيه حياة مستقرة وجب المبادرة إلى ذبحه بالمعتاد فإن أدرك ذكاته حلّ ، وإن تعذر ذبحه من غير تقصير من الصائد حتى مات فهو كما لو لم يدركه حيا وعن الشيخ في الخلاف وابن إدريس والعلامة في المختلف والتحرير تحريمه استنادا إلى أنه مستقر الحياة فتنحصر حليته بالتذكية كما لو اتسع الزمان ، والأول أشهر ، وأما لو كان التعذر بسبب تقصير من الصائد كما لو ترك اصطحاب مدية يذبح بها فهو ملحق بالفرع الآتي وأما إذا لم يتعذر ذبحه وقد تركه الصائد حتى مات فهو حرام على المشهور ، وعن الصدوق وابن الجنيد والشيخ في النهاية والعلامة في المختلف إن لم يكن معه ما يذبح به ترك الكلب حتى يقتله ثم يأكله لصحيح جميل عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن الرجل يرسل الكلب على الصيد فيأخذه ولا يكون معه سكين فيذكيه بها ، أفيدعه حتى يقتله ويأكل منه؟ قال : لا بأس ، قال الله تعالى : (فَكُلُوا مِمّٰا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) (١) ومثله غيره.

وقد حملت الرواية على أن الصيد ما زال تحت سيطرة الكلب ، فيبقى الصيد على امتناعه والكلب ممسك له فإذا قتله فقد قتل ما هو ممتنع فيحلّ بالقتل ، وعليه فالضمير في قوله : (فيأخذه) الوارد في الخبر المتقدم راجع إلى الكلب ، والمعنى فيأخذ الكلب الصيد.

(١) بالمعتاد.

(٢) بالمعتاد.

(٣) عن ذبحه.

(٤) لا يقال لا يجتمع قصر الزمان مع استقرار الحياة ، لأن استقرار الحياة هي ما يمكن أن يعيش صاحبها اليوم أو اليومين ، وهذا متضمن لاتساعه لنفس فعل الذكاة فجمعه مع قصر الزمان ليس في محله ، وهذا إشكال أورده الفخر في الإيضاح.

ورده واضح لأن استقرار الحياة هو إمكان أن يعيش اليوم واليومين ، ومجرد الإمكان لا ينافي نقيضه ، لجواز أن يموت في الحال مع تحقق الإمكان ، فيصير حاصله كونه متصفا بإمكان أن يعيش عادة فاتفق خلاف ذلك ومات قبل أن يتسع الوقت لذبحه ، خصوصا ومناط الإمكان مجرد الاحتمال ، وهو مما يمكن خلافه ظاهرا وفي نفس الأمر.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من كتاب الصيد حديث ١.

٢٢٦

الزمان عن تذكيته مع حضور الآلة ، لأن استقرار الحياة مناطة الإمكان (١) ، وليس كل ممكن بواقع (٢). ولو كان عدم إمكان ذكاته لغيبة الآلة (٣) التي تقع بها الذكاة ، أو فقدها بحيث يفتقر إلى زمان طويل عادة (٤) فاتفق موته فيه (٥) لم يحل قطعا.

(الفصل الثاني ـ في الذباحة (٦)

غلّب العنوان (٧) عليها (٨) ـ مع كونها أخصّ مما يبحث عنه في الفصل (٩) ، فإن النحر وذكاة السمك ، ونحوه (١٠) خارج عنها (١١) تجوّزا (١٢) في بعض الأفراد ، أو أشهرها (١٣) ، ولو جعل العنوان الذكاة كما فعل في الدروس كان أجود ، لشموله (١٤) الجميع (ويشترط في الذابح الإسلام (١٥) ، ...)

______________________________________________________

(١) أي إمكان أن يعيش اليوم واليومين.

(٢) بحيث اتفق خلاف ذلك فمات قبل أن يتسع الوقت لذبحه.

(٣) فكان عدم إمكان ذكاته لتقصير من الصائد فقد عرفت أنه يحرم.

(٤) لإحضارها.

(٥) في هذا الزمان الطويل.

(٦) قال في الجواهر : (وأما الذباحة التي اعترف في كشف اللثام بأنه لم يرها في كتب اللغة ، وإن اشتهر التعبير بها في كتب الفقه) انتهى.

(٧) أي عنوان هذا الفصل.

(٨) على الذباحة ، بمعنى تعنون الفصل بها.

(٩) حيث يبحث في هذا الفصل عن الذباحة والنحر وذكاة السمك والجراد.

(١٠) وهو ذكاة الجراد.

(١١) عن الذباحة.

(١٢) أي إطلاق اسم الذباحة على هذا الفصل المشتمل عليها وعلى غيرها من باب تسمية الشي‌ء باسم بعض أفراده تجوزا.

(١٣) أي من باب تسمية الشي‌ء باسم أشهر أفراده تجوزا.

(١٤) أي لشمول الذكاة.

(١٥) يبحث في الذباحة عن الأركان واللواحق ، والأركان هي الذابح والآلة وكيفية الذبح ، وهنا شروع في الذابح ، ولا خلاف في حرمة ذبيحة الكافر غير الكتابي ، سواء في ذلك الوثني وعابد النار والمرتد وكافر المسلمين كالغلاة وغيرهم لفحوى النصوص الدالة على تحريم ذبيحة الكتابي ، ولخصوص صحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام (قال أمير ـ

٢٢٧

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ المؤمنين عليه‌السلام : لا تأكلوا ذبيحة نصارى العرب ، فإنهم ليسوا أهل الكتاب) (١) ، وخبر علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام (عن ذبائح نصارى العرب ، قال عليه‌السلام : ليس هم أهل الكتاب ولا تحلّ ذبائحهم) (٢) ، ومثلها غيرها ، وهي دالة على الكبرى الكلية من حرمة ذبائح الكافر غير الكتابي ، واختلف الأصحاب في حكم ذبيحة الكتابي على أقوال ثلاثة :

الأول : الحرمة وإليه ذهب الأكثر.

الثاني : الحل كما عن القديمين ، وهما ابن الجنيد وابن أبي عقيل.

الثالث : الحل مع سماع التسمية وإليه ذهب الصدوق ، ومنشأ الخلاف اختلاف الروايات ، وعلى كل فقد استدل للحرمة بأخبار :

منها : خبر سماعة عن أبي إبراهيم عليه‌السلام (سألته عن ذبيحة اليهودي والنصراني فقال : لا تقربوها) (٣) ، وخبر إسماعيل بن جابر (قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : لا تأكل ذبائحهم ولا تأكل في آنيتهم ، يعني أهل الكتاب) (٤) وخبر الحسين الأحمسي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال له رجل : أصلحك الله ، إن لنا جارا قصابا فيجي‌ء بيهودي فيذبح له حتى يشتري منه اليهود ، فقال : لا تأكل من ذبيحته ، ولا تشتر منه) (٥) ، وخبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (سألته عن نصارى العرب أتؤكل ذبائحهم؟ فقال : كان علي عليه‌السلام ينهى عن ذبائحهم وعن صيدهم ومناكحتهم) (٦) وخبر زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن ذبيحة الذمي فقال : لا تأكل سمّى أو لم يسمّ) (٧) ، وموثق سماعة عن أبي إبراهيم عليه‌السلام (سألته عن ذبيحة اليهودي والنصراني فقال : لا تقربنّها) (٨) ومثلها غيرها.

واستدل للحل بأخبار :

منها : صحيح الحلبي (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن ذبيحة أهل الكتاب ونسائهم ، فقال عليه‌السلام : لا بأس به) (٩) ، وخبر حمران (سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول في ذبيحة الناصب واليهودي والنصراني : لا تأكل ذبيحته حتى تسمعه يذكر اسم الله ، فقلت : المجوسي ، فقال : نعم إذا سمعته يذكر اسم الله ، أما سمعت قول الله تعالى : (وَلٰا تَأْكُلُوا مِمّٰا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّٰهِ) (١٠) ، وخبر عامر بن علي (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إنا نأكل ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب الذبائح حديث ٢٣ و ١٥.

(٣ و ٤ و ٥ و ٦ و ٧ و ٨) الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب الذبائح حديث ٩ و ١٠ و ١ و ٦ و ٥ و ٩.

(٩ و ١٠) الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب الذبائح حديث ٣٤ و ٣١.

٢٢٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ ذبائح أهل الكتاب ولا ندري أيسمّون عليها أم لا ، فقال : إذا سمعتم قد سمّوا فكلوا) (١) ، وصحيح حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام أنهما قالا في ذبائح أهل الكتاب : (فإذا شهدتموهم وقد سمّوا اسم الله فكلوا ذبائحهم ، وإن لم تشهدوهم فلا تأكلوا ، وإن أتاك رجل مسلم فأخبرك أنهم سمّوا فكل) (٢) ، وخبر قتيبة الأعشى (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن ذبائح اليهود والنصارى ، فقال : الذبيحة اسم ، ولا يؤمن على الاسم إلا مسلم) (٣) ، وخبر الحسين بن المنذر (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام (إنا قوم نختلف إلى الجبل فنسأل الرعاة فيقولون : إنا نصارى ، فأي شي‌ء قولك في ذبائح اليهود والنصارى ، فقال : يا حسين الذبيحة بالاسم ، ولا يؤمن عليها إلا أهل التوحيد) (٤) ومثلها غيرها كثير وبهذا يتبين الدليل على القول الثالث بالحلية مع سماع التسمية ، بل هو قول بحلية ذبائحهم ، لأن الكلام في حلها من حيث إن الذابح كتابي لا من حيث إنه سمّى أو لم يسمّ ، فإن المسلم لو لم يسمّ لم تؤكل ذبيحته ، نعم اشتراط سماع التسمية من الذابح الكتابي دون الذابح المسلم ، لإجراء أصالة الصحة في فعل المسلم فلا يشترط سماع التسمية ، بخلاف عمل الكتابي الذي لا تجري فيه أصالة الصحة فلا بد من إحراز التسمية حتى يحكم بالحلية ، لأن التسمية شرط.

هذا من جهة ومن جهة أخرى فأخبار الحل أصح سندا وأوضح دلالة ومع ذلك حملها الأكثر على الضرورة ، وفيه ما لا يخفى من الضعف بعد التصريح بالحلية مع سماع التسمية والحرمة عند عدمه ، وهذا تفصيل مختص بحال الاختيار هذا فضلا عن حلية الميتة عند الضرورة فلو كان موردها الضرورة لما صح النهي عن أكلها بدون التسمية.

وقد حملت أخبار الحل على التقية ولا يتم لأن أحدا من العامة لم يشترط في حل ذبائحهم سماع التسمية منهم ، على أن البعض قد ادعى أن المشهور قد أعرض عن أخبار الحل فلا يصح العمل بها وإن كانت أصح سندا وأوضح دلالة ، وفيه : إن عدم العمل بها إنما من جهة ما رأوه من المعارضة بين أخبار الحل وبين أخبار الحرمة ، مع أنه لا معارضة بحمل أخبار الحرمة على عدم التسمية أو على أنهم لا يؤتمنون على اسم التوحيد فقد يذكرون اسم المسيح ونحوه على ذبائحهم ، ومع عدم التعارض فلا يكون الإعراض من جهة خلل في السند أو المتن حتى يوجب وهنا ، إنما الإعراض منهم كان توهما منهم. ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب الذبائح حديث ٤٥ و ٣٨ و ٨.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب الذبائح حديث ٢.

٢٢٩

(أو حكمه (١) وهو (٢) طفله المميز فلا تحل ذبيحة الكافر مطلقا (٣) ، وثنيا كان أم ذميا سمعت تسميته أم لا على أشهر الأقوال.

وذهب جماعة إلى حلّ ذبيحة الذمي إذا سمعت تسميته.

وآخرون إلى حلّ ذبيحة غير المجوسي (٤) مطلقا (٥) وبه (٦) أخبار صحيحة معارضة بمثلها (٧) فحملت (٨) على التقية ، أو الضرورة.

(ولا يشترط الإيمان) على الأصح (٩) ، لقول علي أمير المؤمنين عليه‌السلام : «من

______________________________________________________

ـ هذا كله ما يقتضيه النظر في الأدلة ويوافقه ظاهر الكتاب حيث لم يشترط إلا التسمية وهي ممكنة من أهل الكتاب قال تعالى : (فَكُلُوا مِمّٰا ذُكِرَ اسْمُ اللّٰهِ عَلَيْهِ) (١) وقال تعالى : (وَمٰا لَكُمْ أَلّٰا تَأْكُلُوا مِمّٰا ذُكِرَ اسْمُ اللّٰهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مٰا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ) (٢) ، ومع ذلك فالاحتياط حسن ، بل مما لا ينبغي تركه بعد كون هذه الأدلة تحت نظر الجميع وقد ذهب معظمهم إلى الحرمة.

(١) أي من حكم عليه بالإسلام تبعا كالصبي والمجنون.

(٢) أي من بحكم المسلم.

(٣) قد فسره الشارح بقوله (وثنيا كان أو ذميا) الخ ...

(٤) بناء على أن المجوسي ليس من أهل الكتاب ، وقد تقدم البحث فيه في محله.

(٥) سمعت تسميته أو لا.

(٦) أي بالحل سواء سمعت تسميته أو لا.

(٧) أي بأخبار تدل على الحرمة.

(٨) أي أخبار الحل.

(٩) اختلف الأصحاب في حلية ذبيحة المخالف غير الناصبي على أقوال :

القول الأول : الحلية عليه الأكثر لإطلاق الآيتين المتقدمتين الدالتين على حلية كل ما ذكر اسم الله عليه ، وللنصوص السابقة الدالة على المنع من ذبيحة أهل الكتاب لأنه لا يؤمن على الاسم إلا المسلم الشامل للمخالف ، ولصحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام (قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ذبيحة من دان بكلمة الإسلام وصام وصلى لكم حلال إذا ـ

__________________

(١) سورة الأنعام ، الآية : ١١٨.

(٢) سورة الأنعام ، الآية : ١١٩.

٢٣٠

دان بكلمة الإسلام ، وصام وصلى فذبيحته لكم حلال إذا ذكر اسم الله عليه» ومفهوم الشرط أنه إذا لم يذكر اسم الله عليه لم يحلّ.

وهل يشترط مع الذكر (١) اعتقاد وجوبه (٢) قولان : من (٣) صدق ذكر اسم الله عليه (٤) ، وأصالة (٥) عدم الاشتراط ، ومن (٦) اشترطه (٧) اعتبر ايقاعه (٨) على

______________________________________________________

ـ ذكر اسم الله تعالى عليه) (١).

القول الثاني : عدم الحلية إلا إذا كان المخالف مستضعفا.

القول الثالث : ما عن أبي الصلاح وهو حلية ذبيحة المخالف غير جاحد النص وحرمة ذبيحة الجاحد ، ولا مستند لهذين القولين إلا كفر المخالف غير المستضعف وغير الجاحد وفيه : إن الجاحد للنص هو منكر للضرورة فهو كافر لا تحل ذبيحته بخلاف غير المعتقد بالإمامة فهو ليس بمنكر للضرورة ولا داعي للحكم بكفره.

القول الرابع : حلية ذبيحة المخالف غير الناصبي بشرط اعتقاده وجوب التسمية وهو ما ذهب إليه العلامة في بعض كتبه بدعوى أن الذبيحة اسم ولا يؤمن عليها إلا المسلم كما تقدم في النصوص السابقة ، ولا يحصل الأمن بتحقق التسمية ممن لا يعتقد وجوبها لاحتمال تركها بمقتضى مذهبه إذا لم يعتقد وجوبها ، وهذا الدليل لا يقتضي حرمة ذبيحة المخالف بل يقتضي الحرمة إذا لم يحرز التسمية أو تركها الذابح عمدا اعتمادا على مذهبه.

القول الخامس : حرمة ذبيحة المخالف مطلقا وإليه ذهب القاضي ابن البراج لخبر زكريا بن آدم عن أبي الحسن عليه‌السلام (إني أنهاك عن ذبيحة كل من كان على خلاف الذي أنت عليه وأصحابك إلا في وقت الضرورة إليه) (١) ، وفيه : إنه لا يصلح لمعارضة ما دل على الحلية فلا بد من حمله على الكراهة ، وذيله شاهد بذلك.

(١) أي ذكر اسم الله على الذبيحة.

(٢) أي اعتقاد وجوب ذكر اسم الله على الذبيحة كما ذهب إليه العلامة.

(٣) دليل لعدم اشتراط اعتقاد وجوب الذكر.

(٤) أي على الذكر عند عدم اعتقاد وجوبه.

(٥) دليل ثان لعدم اعتقاد والوجوب.

(٦) دليل الاشتراط.

(٧) أي ومن اشترط اعتقاد وجوب الذكر على الذبيحة.

(٨) أي إيقاع الذكر.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب الذبائح حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب الذبائح حديث ٥.

٢٣١

وجهه (١) كغيره (٢) من العبادات الواجبة.

والأول أقوى. وحيث لم يعتبر الإيمان صح مع مطلق الخلاف (٣).

(إذا لم يكن (٤) بالغا حدّ النصب) لعداوة أهل البيت عليه‌السلام فلا تحل حينئذ (٥) ذبيحته (٦) ، لرواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «ذبيحة الناصب لا تحل» ، ولارتكاب الناصب خلاف ما هو المعلوم من دين النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثبوته ضرورة (٧) فيكون كافرا فيتناوله ما دلّ على تحريم ذبيحة الكافر.

______________________________________________________

(١) أي على وجه الوجوب.

(٢) كغير الذكر الواجب.

(٣) من جميع الفرق الإسلامية.

(٤) أي الخلاف.

(٥) حين بلوغ حد النصب.

(٦) بلا خلاف فيه للأخبار :

منها : خبر أبي بصير (سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ذبيحة الغاصب لا تحلّ) (١) ، وموثق أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام (لا تحل ذبائح الحرورية) (٢) ، وخبره الثالث عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الرجل يشتري اللحم من السوق وعنده من يذبح ويبيع من إخوانه فيتعمّد الشراء من النّصاب ، فقال عليه‌السلام : أي شي‌ء تسألني أن أقول ، ما يأكل إلا مثل الميتة والدم ولحم الخنزير ، قلت : سبحان الله مثل الدم والميتة ولحم الخنزير ، فقال عليه‌السلام : نعم وأعظم عند الله من ذلك) (٣) ، ويعارضها صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن ذبيحة المرجئ والحروري ، فقال عليه‌السلام : كل وقر واستقر حتى يكون ما يكون) (٤) ، وخبر حمران عن أبي جعفر عليه‌السلام (لا تأكل ذبيحة الناصب إلا أن تسمعه يسمّى) (٥).

ولو لا إفتاء الأصحاب هنا بالحرمة لكان المتعين هو القول بالحل عند التسمية كذبيحة الكافر الذمي ، إلا أنها محمولة على التقية لذيل صحيح الحلبي المتقدم وهذا ما يؤيد حمل أخبار الحل في ذبيحة الذمي على التقية وإن سمّى ولذا ذهبنا إلى الاحتياط سابقا.

(٧) والمعلوم ثبوته ضرورة هو حب أهل البيت عليهم‌السلام فقوله تعالى في آية المودة دليل كاف ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب الذبائح حديث ٢ و ٣ و ٤.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب الذبائح حديث ٨ و ٧.

٢٣٢

ومثله (١) الخارجي (٢) والمجسّم (٣).

وقصّر جماعة الحل على ما يذبحه المؤمن ، لقول الكاظم عليه‌السلام لزكريا بن آدم : «إني انهاك عن ذبيحة كل من كان على خلاف الذي أنت عليه وأصحابك ، إلا في وقت الضرورة إليه». ويحمل (٤) على الكراهة بقرينة الضرورة ، فإنها (٥) أعم من وقت تحل فيه الميتة ، ويمكن حمل النهي الوارد في جميع الباب عليه (٦) عليها (٧) جمعا (٨) ولعله أولى (٩) من الحمل على التقية والضرورة.

(ويحل ما تذبحه المسلمة (١٠) ، والخصي) ، والمجبوب ، (والصبي المميّز) دون

______________________________________________________

ـ (قُلْ لٰا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبىٰ) (١) فضلا عن الأخبار الكثيرة الدالة على أن حبهم إيمان وبغضهم كفر ونفاق.

(١) ومثل الناصبي الكافر.

(٢) وهو الخارج على المعصوم عليه‌السلام فقد ارتكب خلاف ما هو المعلوم ثبوته ضرورة من الدين وهو وجوب إطاعة المعصوم لقوله تعالى : (يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّٰهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (٢) ، ومع إنكاره ما هو المعلوم يكون كافرا.

(٣) لأنه منكر لما ثبت من أن الله لا يشبهه شي‌ء.

(٤) أي خبر زكريا بن آدم.

(٥) أي الضرورة الواردة في الخبر ، والمعنى هي أعم من ضرورة أكل الميتة ، لإطلاقها في الخبر.

(٦) أي على ذبح المخالف.

(٧) أي على الكراهة.

(٨) بين أخبار النهي وأخبار الحل.

(٩) وجه الأولوية لأنّه بالحمل على الكراهة إعمالا بالطائفتين من الأخبار ، بخلاف الحمل على التقية أو الضرورة فلا بد من عدم إعمال إحدى الطائفتين.

(١٠) لا خلاف بين الأصحاب أنه لا يعتبر في الذابح الذكورة ولا الفحولة ولا البلوغ ولا البصر فيصح من المرأة والخصي والمجبوب والصبي المميز وكذا الأعمى للأخبار :

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كانت لعلي بن الحسين عليه‌السلام جارية ـ

__________________

(١) سورة الشورى ، الآية : ٢٣.

(٢) شروط النساء ، الآية : ٥٩.

٢٣٣

المجنون ، ومن لا يميز ، لعدم القصد(والجنب) مطلقا (١) (والحائض) والنفساء ،

______________________________________________________

ـ تذبح له إذا أراد) (١) ، وصحيح ابن أذينة عن غير واحد عنهما عليهما‌السلام (إن ذبيحة المرأة إذا جاءت الذبح وسمّت فلا بأس بأكله ، وكذلك الصبي وكذلك الأعمى إذا سدّد) (٢) ، وصحيح إبراهيم بن أبي البلاد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن ذبيحة الخصي؟ فقال : لا بأس) (٣) ، نعم ذبح المرأة والصبي والخصي مكروه لما ورد من النصوص في جواز ذبح المرأة والصبي في حال الضرورة للنبوي (يا علي ليس على النساء جمعة ـ إلى أن قال ـ ولا تذبح إلا عند الضرورة) (٤) ، والمرسل عن الرضا عليه‌السلام (عن ذبيحة الصبي قبل أن يبلغ وذبيحة المرأة؟ قال عليه‌السلام : لا بأس بذبيحة الصبي والخصي والمرأة إذا اضطروا إليه) (٥).

ومما تقدم تعرف عدم اشتراط الطهارة في الذابح فيصح من الجنب والحائض وكذا الأغلف وولد الزنا لإطلاق الأدلة ولخصوص أخبار.

منها : مرسل ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا بأس بأن يذبح الرجل وهو جنب) (٦) ، والمرسل عن أمير المؤمنين عليه‌السلام (سئل عن الذبح على غير طهارة فرخّص فيه) (٧) ، وخبر صفوان بن يحيى (سأل المرزبان أبا الحسن عليه‌السلام عن ذبيحة ولد الزنا وقد عرفناه بذلك ، قال : لا بأس به) (٨) ، وخبر مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام (سئل عن ذبيحة الأغلف ، قال : كان علي عليه‌السلام لا يرى به بأسا) (٩).

نعم يشترط القصد إلى الذبح فالمجنون والصبي غير المميز والسكران لا تحل ذبيحتهم ، لأنهم بمنزلة من كان في يده سكين وهو نائم فانقلب وقطع حلقوم شاة ، فلا يصدق عليه أن قد ذبحها ، ولا أقل من الشك عند عدم القصد فتبقى على أصالة الحرمة إلا أن تثبت الحلية ، نعم ربما اختلف الجنون فإنه فنون ، فإذا كان للمجنون تمييز فلا مانع من حل ذبيحته وكذا الصبي.

(١) سواء كانت جنابته من حلال أم حرام.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الذبائح حديث ٩ و ٨.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الذبائح حديث ١.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الذبائح حديث ٣ و ١٠.

(٦) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب الذبائح حديث ١.

(٧) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الذبائح حديث ١.

(٨) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب الذبائح حديث ١.

(٩) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب الذبائح حديث ٣.

٢٣٤

لانتفاء المانع مع وجود المقتضي (١) للحل.

(والواجب في الذّبيحة أمور سبعة ـ الأول (٢) ـ أن يكون) فري الأعضاء (٣) (بالحديد) مع القدرة عليه (٤) ، لقول الباقر عليه‌السلام : لا ذكاة إلا بالحديد(فإن خيف فوت الذبيحة) بالموت ، وغيره (٥) ، (وتعذّر الحديد جاز بما يفري الأعضاء من ليطة (٦) وهي القشر الأعلى للقصب المتصل به(أو مروة حادة) وهي حجر يقدح

______________________________________________________

(١) وهو الذبح مع سائر الشرائط.

(٢) شروع في الآلة ، لا إشكال ولا خلاف أنه لا تصح التذكية ذبحا أو نحرا إلا بالحديد مع القدرة عليه للأخبار.

منها : صحيح محمد بن مسلم (سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الذبيحة بالليطة وبالمروة فقال : لا ذكاة إلا بحديد) (١) والليطة ـ بفتح اللام ـ هي القشر الأعلى للقصب المتصل به ، والمروة حجر يقدح به النار.

وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن ذبيحة العود والحجر والقصبة فقال : قال علي عليه‌السلام : لا يصلح إلا بالحديدة) (٢) ، وخبر الحضرمي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا يؤكل ما لم يذبح بحديدة) (٣) ، وموثق سماعة (سألته عن الذكاة فقال عليه‌السلام : لا تذكّ إلا بحديدة ، نهى عن ذلك أمير المؤمنين عليه‌السلام) (٤).

(٣) هذا في الذبح وكذا النحر.

(٤) على الحديد.

(٥) غير الموت كفوات الذبيحة من يد الذابح.

(٦) قد تقدم عدم جواز التذكية بغير الحديد مع القدرة عليه ، ومع الضرورة يجوز الذبح بغيره مما يقطع الأوداج من المحدّدات ولو من خشب وزجاج وغير ذلك ما عدا السن والعظم بلا خلاف فيه للأخبار.

منها : صحيح ابن الحجاج عن أبي إبراهيم عليه‌السلام (عن المروة والقصبة والعود يذبح بهنّ الإنسان إذا لم يجد سكينا؟ فقال عليه‌السلام : إذا فرى الأوداج فلا بأس بذلك) (٥) ، وصحيح زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل لم يكن بحضرته سكين أيذبح بالقصبة ، فقال عليه‌السلام : اذبح بالحجر وبالعظم وبالقصبة والعود إذا لم تصب الحديدة ، إذا قطع الحلقوم وخرج الدم فلا بأس به) (٦) ، وصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الذبائح حديث ١ و ٢ و ٣ و ٤.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب الذبائح حديث ١ و ٣.

٢٣٥

النار(أو زجاجة) مخير في ذلك من غير ترجيح. وكذا ما أشبهها من الآلات الحادة غير الحديد ، لصحيحة زيد الشحام عن الصادق عليه‌السلام قال : اذبح بالحجر ، والعظم ، وبالقصبة ، وبالعود إذا لم تصب الحديدة إذا قطع الحلقوم وخرج الدم فلا بأس وفي حسنة عبد الرحمن بن الحجاج عن الكاظم عليه‌السلام قال : سألته عن المروة والقصبة والعود نذبح بها إذا لم نجد سكينا فقال : إذا فري الأوداج فلا بأس بذلك.

(وفي الظفر والسن (١) ...

______________________________________________________

ـ (لا بأس أن تأكل ما ذبح بحجر إذا لم تجد حديدة) (١) ، وخبر محمد بن مسلم (قال أبو جعفر عليه‌السلام في الذبيحة بغير حديدة قال : إذا اضطررت إليها فإن لم تجد حديدة فاذبحها بحجر) (٢).

(١) أما السن والظفر ففي جواز التذكية بهما عند الضرورة قولان ، العدم وإليه ذهب الشيخ في المبسوط والخلاف وابن الجنيد والشهيد في غاية المرام لخبر رافع بن خديج (قلت يا رسول الله : إنا نلقى العدو غداء وليس معنا مدا ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا ما لم يكن سنا أو ظفرا ، وسأحدثكم عن ذلك ، أما السن فعظم الإنسان ، وأما الظفر فمدى الحبشة) (٣) ، وخبر الحسين بن علوان عن جعفر بن محمد عن ابنه عن علي عليه‌السلام (ولا بأس بذبيحة المروة والعود واشباههما ما خلا السن والعظم) (٤).

والجواز وإليه ذهب ابن إدريس وكافة المتأخرين ، لأن الخبر الأول من طرق العامة فهو ضعيف السند ، وهو مشتمل على تعليل النهي عن الذبح بالظفر لأنه مدى الحبشة وهو تعليل غريب ، والخبر الثاني ضعيف بابن علوان فإنه عامّي لم يوثق ، على أن الجميع معارض بصحيح زيد الشحام المتقدم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل لم يكن بحضرته سكين أيذبح بقصبة فقال : اذبح بالحجر وبالعظم وبالقصبة والعود إذا لم تصب الحديدة) (٥) والسن عظم ، والصحيح مقدم عليهما كما هو الواضح.

وعن أبي حنيفة من العامة الفرق بين المتصلين ببدن الإنسان والمنفصلين عنه ، فمنع الذبح في الأول دون الثاني من حيث إن المنفصلين كغيرهما من الآلات بخلاف المتصلين فإن ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب الذبائح حديث ٢ و ٤.

(٣) سنن البيهقي ج ٩ ص ٢٤٦.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب الذبائح حديث ٥ و ٣.

٢٣٦

متصلين (١) ومنفصلين(للضرورة قول بالجواز) لظاهر الخبرين السالفين (٢). حيث اعتبر فيهما قطع الحلقوم ، وفري الأوداج ولم يعتبر خصوصية القاطع. وهو (٣) موجود فيهما (٤) ، ومنعه الشيخ في الخلاف محتجا بالاجماع ، ورواية رافع بن خديج أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : ما انهر الدم ، وذكر اسم الله عليه فكلوا ما لم يكن سنا ، أو ظفرا وسأحدثكم عن ذلك ، أما السن فعظم ، وأما الظفر فمدى الحبشة والرواية عامية ، والاجماع ممنوع.

نعم يمكن أن يقال مع اتصالهما : إنه (٥) يخرج عن مسمى الذّبح بل هو (٦) أشبه بالأكل (٧) ، والتقطيع (٨) ، واستقرب المصنف في الشرح المنع منهما (٩) مطلقا (١٠).

وعلى تقدير الجواز (١١) هل يساويان غيرهما مما يفري غير الحديد (١٢) ، أو يترتبان على غيرهما (١٣) مطلقا (١٤) مقتضى استدلال المجوّز بالحديثين الأول (١٥) وفي

______________________________________________________

ـ القطع بهما يخرج عن مسمّى الذبح ، بل هو أشبه بالأكل إذا كان القطع بالسن ، وأشبه بالتقطيع إذا كان القطع بالظفر ، واحتمله الشهيد في غاية المراد ، وبه يجمع بين أخبار النهي وغيرها بحمل أخبار النهي على المتصل ، وأخبار الجواز على المنفصل.

وفيه أنه جمع تبرعي لا شاهد له ، ومجرد الشباهة لا تمنع من العمل بعد إطلاق الدليل.

(١) ببدن الذابح.

(٢) وهما خبر زيد الشحام وخبر عبد الرحمن بن الحجاج.

(٣) أي قطع الحلقوم وفري الأوداج.

(٤) في الظفر والسن.

(٥) أي إن القطع بالسن والظفر.

(٦) أي القطع.

(٧) إن كان القطع بالسن.

(٨) إن كان القطع بالظفر.

(٩) من الظفر والسن متصلين أو منفصلين.

(١٠) مع الضرورة وعدمها.

(١١) أي جواز الذبح بالسن والظفر حال الاضطرار.

(١٢) بحيث هو مخيّر بين الذبح بالسن أو الظفر وبين الذبح بغير الحديد في حال تعذر الحديد.

(١٣) أي غير السن والظفر مما يفري غير الحديد.

(١٤) متصلين أو منفصلين.

(١٥) وهو كون السن والظفر مساويين لبقية الآلات غير الحديد حال الاضطرار.

٢٣٧

الدروس استقرب الجواز بهما (١) مطلقا (٢) مع عدم غيرهما (٣) ، وهو (٤) الظاهر من تعليقه (٥) الجواز بهما (٦) هنا (٧) على الضرورة ، إذ لا ضرورة مع وجود غيرهما.

وهذا هو الأولى.

(الثاني استقبال القبلة (٨) بالمذبوح ، لا استقبال الذابح. والمفهوم من استقبال المذبوح الاستقبال بمقاديم بدنه. ومنه (٩) مذبحه.

______________________________________________________

(١) بالسن والظفر.

(٢) متصلين أو منفصلين.

(٣) مما عدا الحديد عند حال الضرورة.

(٤) أي ما استقر به في الدروس.

(٥) أي تعليق الماتن.

(٦) بالسن والظفر.

(٧) أي في اللمعة.

(٨) كان عليه بعد ذكر الآلة أن يذكر كيفية الذبح من قطع الأعضاء الأربعة ثم يذكر الشروط وهي أربعة من استقبال القبلة والتسمية والحركة بعد الذبح ، واختصاص النحر بالإبل ولغير الذبح وعلى كل يشترط استقبال القبلة في الذبح والنحر بلا خلاف للأخبار.

منها : صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (سألته عن الذبيحة ، فقال : استقبل بذبيحتك القبلة) (١) وصحيحه الآخر عنه عليه‌السلام (إذا أردت أن تذبح فاستقبل بذبيحتك القبلة) (٢) ومثلها غيرها.

ويظهر من الأخبار المتقدمة أن المعتبر هو الاستقبال بالذبيحة وهو الاستقبال بمقاديم الذبيحة التي منها مذبحها دون الذابح معها ، نعم في مرسل الدعائم عن أبي جعفر عليه‌السلام (إذا أردت أن تذبح ذبيحة فلا تعذّب البهيمة ، أحدّ الشفرة واستقبل القبلة) ولكن مع إرساله لا ظهور فيه باستقبال الذابح لاحتمال إرادة الاستقبال بالبهيمة ، ولكن لا بأس بحملة على الندب كما صرح بذلك غير واحد.

هذا وقال في المسالك : (وربما قيل بأن الواجب هنا الاستقبال في المذبح والمنحر خاصة وليس ببعيد) انتهى وفيه أن الأمر باستقبال الذبيحة هو استقبالها بجميع مقاديمها لا خصوص مذبحها.

(٩) أي ومن الاستقبال بمقاديم بدنه الاستقبال بمذبحه.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الذبائح حديث ١ و ٢.

٢٣٨

وربما قيل بالاكتفاء باستقبال المذبح خاصة ، وصحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن الذبيحة فقال : استقبل بذبيحتك القبلة الحديث تدلّ على الأول.

هذا (١) (مع الإمكان (٢) ومع التعذر لاشتباه الجهة ، أو الاضطرار لتردي الحيوان ، أو استعصائه (٣) ، أو نحوه يسقط (٤) (ولو تركها (٥) ناسيا فلا بأس) للأخبار الكثيرة.

______________________________________________________

(١) أي استقبال القبلة.

(٢) قد ورد أن الحرمة على تعمد ترك الاستقبال كما في صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سئل عن الذبيحة تذبح لغير القبلة فقال : لا بأس إذا لم يتعمد) (١) وصحيح محمد بن مسلم (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن ذبيحة ذبحت لغير القبلة فقال : كل ، ولا بأس بذلك ما لم يتعمده) (٢) ، وصحيحه الآخر (سألت أبا جعفر عليه‌السلام (عن رجل ذبح ذبيحة فجهل أن يوجهها إلى القبلة ، قال : كل منها ، فقلت له : فإنه لم يوجهها ، فقال : فلا تأكل منها) (٣) ، وخبر علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام (سألته عن الرجل يذبح على غير قبلة ، قال : لا بأس إذا لم يتعمد) (٤) ، ومرسل الدعائم عنهما عليهما‌السلام (فيمن ذبح لغير القبلة إن كان خطأ أو نسي أو جهل فلا شي‌ء عليه وتؤكل ذبيحته ، وإن تعمد ذلك فقد أساء ولا يجب أن تؤكل ذبيحته تلك إذا تعمد خلاف السنة) (٥) ومقتضى الحرمة عند تعمد ترك الاستقبال عدم الحرمة إذا لم يكن قادرا على الاستقبال ضرورة عدم صدق تعمد غير القبلة ولذا اشترط الاستقبال مع الإمكان ومع عدمه فلا ، وكذا لو لم يعلم جهة القبلة فذبحها ولو بان إلى غير جهة القبلة ، وكذا الناسي والجاهل بجهة القبلة لصدق عدم تعمد غير القبلة في الجميع ، بل مرسل الدعائم دال على معذورية الجاهل ولو كان جاهلا بالحكم وإن صدق عليه تعمد غير القبلة في الذبح ، وهو صريح الصحيح الثاني لمحمد بن مسلم المتقدم.

(٣) أي كونه عاصيا.

(٤) أي يسقط استقبال القبلة بالذبيحة.

(٥) أي ترك القبلة والمراد ترك استقبالها.

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الذبائح حديث ٣ و ٤ و ٢ و ٥.

(٥) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الذبائح حديث ٢.

٢٣٩

وفي الجاهل وجهان (١) ، وإلحاقه بالناسي حسن ، وفي حسنة محمد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن رجل ذبح ذبيحة فجهل أن يوجهها إلى القبلة قال : كل منها.

(الثالث ـ التسمية (٢) عند الذبح(وهي أن يذكر اسم الله تعالى) كما سبق (٣) ، فلو تركها عمدا فهي ميتة إذا كان معتقدا لوجوبها ، وفي غير المعتقد (٤)

______________________________________________________

(١) من كون الجهل عذرا كالنسيان ، ومن صدق تعمد غير القبلة عليه وإن كان جاهلا بالحكم.

(٢) هذا هو الشرط الثاني في الذبح ، وهو محل اتفاق ، ويدل عليه قوله تعالى : (وَلٰا تَأْكُلُوا مِمّٰا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّٰهِ عَلَيْهِ) (١) ، والأخبار الكثيرة الدالة على أن المدار في الحلية على الاسم وقد تقدم بعضها في ذبيحة الكتابي.

ثم لو تركها متعمدا حرمت للآية المتقدمة ، ولو تركها نسيانا فتحل لصحيح محمد بن مسلم (سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الرجل يذبح ولا يسمّي ، قال : إن كان ناسيا فلا بأس إذا كان مسلما وكان يحسن أن يذبح) (٢) وصحيحه الآخر عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل ذبح ولم يسمّ فقال : إن كان ناسيا فليسمّ حين يذكر ويقول : بسم الله على أوله وعلى آخره) (٣).

ولو اعتقد عدم التسمية وقد سمّى فالأظهر الحلية لإطلاق النصوص ، ولما دلّ على حلية ذبيحة المخالف ، وبعضهم لا يعتقد وجوبها ، وعن العلامة في المختلف عدم الاكتفاء بالتسمية من دون اعتقاد وجوبها ، وهو ضعيف بما تقدم ، هذا والمراد من التسمية هو ذكر الله عند الذبح أو النحر كما تقتضيه الآية المتقدمة ، كقوله : بسم الله أو الحمد لله أو يهلّله ويكبّره ، وعن العلامة الاكتفاء بلفظ (الله) لصدق اسم الله عليه ، وقد تقدم أن العرف يقتضي أن المراد بالتسمية هو ذكر الله بصفة كمال أو ثناء ، ويشعر به صحيح محمد بن مسلم (سألته عن رجل ذبح فسبّح أو كبّر أو هلّل أو حمد الله فقال : هذا كله من أسماء الله ، لا بأس به) (٤).

(٣) أي كما سبق في الصيد من اشتراط العربية وذكره بصفة كمال أو ثناء.

(٤) وهو المخالف.

__________________

(١) سورة الأنعام ، الآية : ١٢١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الذبائح حديث ٢ و ٤.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الذبائح حديث ١.

٢٤٠