الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٢

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٢

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-194-7
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٤٠

قال العباس : هؤلاء أشجع.

قال أبو سفيان : هؤلاء كانوا أشد العرب على محمد.

قال العباس : وأدخل الله ـ تعالى ـ الإسلام في قلوبهم ، فهذا فضل من الله.

ثم قال أبو سفيان : أبعد ما مضى محمد؟

فقال العباس : لا ، لم يمض بعد ، لو أتت الكتيبة التي فيها محمد رأيت فيها الحديد والخيل والرجال ، وما ليس لأحد به طاقة.

قال : ومن له بهؤلاء طاقة؟

وجعل الناس يمرون ، كل ذلك يقول أبو سفيان : ما مر محمد؟

فيقول العباس : لا ، حتى طلعت كتيبة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» الخضراء التي فيها المهاجرون والأنصار ـ وسميت الخضراء لما فيها من الحديد ، والعرب تطلق الخضرة على السواد والعكس ـ وطلع سواد شديد ، وغبرة من سنابك الخيل ، وجعل الناس يمرون ، كل ذلك يقول : أما مر محمد؟

فيقول العباس : لا.

وفي هذه الكتيبة : الرايات والألوية ، مع كل بطن من بطون الأنصار لواء وراية ، وهم في الحديد لا يرى منهم إلا الحدق ، ولعمر بن الخطاب فيها زجل (١) بصوت عال وهو يزعها (٢) ويقول : رويدا حتى يلحق أولكم آخركم.

__________________

(١) الزجل : رفع الصوت.

(٢) وزع فلانا : زجره ونهاه. ووزع الجيش : رتب فرقه ، وسواهم صفا واحدا.

٢١

وعند الواقدي : (فقال أبو سفيان : يا أبا الفضل! من هذا المتكلم؟!

قال : عمر بن الخطاب.

فقال أبو سفيان : لقد أمر أمر بني عدي بعد ـ والله ـ قلة وذلة.

فقال العباس : يا أبا سفيان ، إن الله يرفع من يشاء بما يشاء. وإن عمر ممن رفعه الإسلام ، ويقال : كان في الكتيبة ألف دارع) (١).

ويقال : ألفا دارع.

وأعطى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» رايته سعد بن عبادة ، فهو أمام الكتيبة ، فلما مر سعد براية رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» نادى أبا سفيان فقال : اليوم يوم الملحمة ، اليوم تستحل الحرمة ، اليوم أذل الله قريشا.

وفي نص آخر : اليوم تستحل الكعبة (٢).

قال أبو سفيان : يا عباس ، حبذا يوم الذمار (٣).

فمرت القبائل ، وطلع رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وهو على ناقته القصواء. قال محمد بن عمر : ـ طلع ـ بين أبي بكر الصديق ، وأسيد بن الحضير ـ وهو يحدثهما ـ فقال العباس : هذا رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» (٤).

__________________

(١) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٨٢١.

(٢) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٨٢.

(٣) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٢٠ وراجع : السيرة الحلبية ج ٣ ص ٨٢ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٨١٨ ـ ٨٢١.

(٤) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٢١ وفي هامشه عن : ابن عبد البر في الدرر (٢١٦) والبيهقي في الدلائل ٥ / ٣٨ وابن كثير في البداية ٤ / ٢٩٠. والبحار ج ٢١

٢٢

وفي الصحيح عن عروة : أن كتيبة الأنصار جاءت مع سعد بن عبادة ، ومعه الراية : قال : ولم ير مثلها ، ثم جاءت كتيبة هي أقل الكتائب ، فيهم رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وأصحابه ، وراية رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» مع الزبير.

قال في العيون : كذا وقع عند جميع الرواة.

ورواه الحميدي في كتابه : هي أجل الكتائب ، وهو الأظهر انتهى (١).

فقال أبو سفيان : لقد أصبح ملك ابن أخيك اليوم عظيما.

قال العباس : قلت : يا أبا سفيان إنها النبوة.

قال : فنعم إذا (٢).

عن العباس ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : لما بعث رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قلت لأبي سفيان بن حرب : أسلم بنا.

قال : لا والله حتى أرى الخيل تطلع من كداء.

قال العباس : قلت ما هذا؟

__________________

ص ١٣٠ و ١٠٤ و ١٠٧ و ١٠٨ عن شرح النهج للمعتزلي وغيره ، والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٨٠ و ٨١ ومجمع البيان ج ١٠ ص ٥٥٦ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٨١ و ٨٤.

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٢١ و ٢٦٧ وراجع : السيرة الحلبية ج ٣ ص ٨٢ و ٨٣.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٢١ وفي هامشه قال : انظر المجمع ٦ / ١٧٣.

وراجع : السيرة الحلبية ج ٣ ص ٨١ ومجمع البيان ج ١٠ ص ٥٥٦ والبحار ج ٢١ ص ١٠٤ و ١١٨ و ١١٩ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٨٢٢.

٢٣

قال : شيء طلع بقلبي ، لأن الله لا يطلع خيلا هناك أبدا.

قال العباس : فلما طلع رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من هناك ذكرت أبا سفيان به ، فذكره (١).

قالوا : فلما مر رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بأبي سفيان ، قال : يا رسول الله أمرت بقتل قومك؟! ألم تعلم ما قال سعد بن عبادة؟!

قال : «ما قال»؟!

قال : كذا وكذا ، وإني أنشدك الله في قومك ، فأنت أبر الناس ، وأوصل الناس ، وأرحم الناس.

فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «كذب سعد يا أبا سفيان ، اليوم يوم المرحمة ، اليوم يوم يعظم الله فيه الكعبة ، اليوم يوم تكسى فيه الكعبة ، اليوم يوم أعز الله فيه قريشا». وأرسل إلى سعد فعزله عن اللواء (٢).

وعند ابن إسحاق : أن سعدا لما قال ما قال ، سمعه رجل من المهاجرين.

قال ابن هشام : هو عمر بن الخطاب.

فقال : يا رسول الله ، أتسمع ما قال سعد؟ ما نأمن أن يكون له في قريش صولة (٣).

زاد الديار بكري قوله : فقال «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لعلي بن أبي طالب

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٢١ عن الطبراني ومجمع الزوائد ج ٦ ص ١٧٣.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٢١ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٨٢ والبحار ج ٢١ ص ١٠٩ عن المعتزلي ، والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٨٢١ و ٨٢٢.

(٣) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٢١ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٨٢.

٢٤

«عليه‌السلام» : أدركه ، وخذ الراية ، وكن أنت الذي تدخل بها (١).

واستبعد ذلك الحافظ من عمر هنا ؛ لكونه كان معروفا بشدة البأس عليهم (٢).

وعند محمد بن عمر : أن عبد الرحمن بن عوف ، وعثمان بن عفان ، قالا ذلك لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» (٣).

وقال ضرار بن الخطاب الفهري ـ فيما ذكره محمد بن عمر ، وأبو عثمان سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي ـ شعرا يستعطف رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» على أهل مكة ، حين سمع قول سعد ، قال أبو الربيع : وهو من أجود شعر قاله.

وعن جابر : أن امرأة من قريش عارضت رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بهذا الشعر ، فكأن ضرارا أرسل به المرأة ليكون أبلغ في انعطاف رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» على قريش :

يا نبي الهدى إليك لجا

حي قريش ولات حين لجاء

حين ضاقت عليهم سعة الأر

ض وعاداهم إله السماء

والتقت حلقتا البطان على القو

م ونودوا بالصيلم (٤) الصلعاء

__________________

(١) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٨٢.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٢١.

(٣) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٢١ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٨٢ والبحار ج ٢١ ص ١٠٩ عن المعتزلي ، والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٨٢٢.

(٤) الصيلم : السيف المصقول.

٢٥

إن سعدا يريد قاصمة الظه

ر بأهل الحجون والبطحاء

خزرجي لو يستطيع من الغي

ظ رمانا بالنسر والعواء

وغر الصدر (١) لا يهم بشيء

غير سفك الدما وسبي النساء

قد تلظى على البطاح وجاءت

عنه هند بالسوءة السواء

إذ ينادي بذل حي قريش

وابن حرب بذا من الشهداء

فلئن أقحم اللواء ونادى

يا حماة الأدبار أهل اللواء

ثم ثابت إليه من بهم الخز

رج والأوس أنجم الهيجاء

لتكونن بالبطاح قريش

فقعة القاع في أكف الإماء

فأنهينه فإنه أسد الأس

د لدى الغاب والغ في الدماء

إنه مطرق يريد لنا الأم

ر سكوتا كالحية الصماء

فأرسل رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلى سعد ، فنزع اللواء من يده ، وجعله إلى ابنه قيس بن سعد ، ورأى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن اللواء لم يخرج من يد سعد ، حتى صار إلى ابنه (٢).

وفي رواية : دخل ولد سعد بلوائه حتى غرزه بالحجون (٣).

وزعموا أيضا : أن سعدا أبى أن يسلم اللواء إلا بأمارة من رسول الله

__________________

(١) وغر الصدر : امتلأ غيظا.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٢٢ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٨٢ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٨٢٢ وراجع : تاريخ الخميس ج ٢ ص ٨٢.

(٣) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٨٢٢.

٢٦

«صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فأرسل النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بعمامته ، فدفع اللواء إلى ابنه قيس.

ويقال : إن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أمر عليا «عليه‌السلام» ، فأخذ الراية ، فذهب بها إلى مكة حتى غرزها عند الركن (١).

وروي : أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أعطى الراية للزبير إذ نزعها من سعد (٢).

زاد الديار بكري قوله : وجعله مكان سعد على الأنصار مع المهاجرين.

وعن الزبير : أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» دفعها إليه فدخل بلواءين (٣).

قال الحافظ : والذي يظهر في الجمع : أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أرسل عليا لينزعها ، وأن يدخل بها (٤).

ثم خشي تغير خاطر سعد ، فأمر بدفعها لابنه قيس ، ثم إن سعدا خشي أن يقع من ابنه شيء يكرهه رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فسأل رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن يأخذها ، فحينئذ أخذها الزبير (٥).

ويؤيد ذلك : ما رواه البزار بسند على شرط البخاري عن أنس قال :

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٢٢ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٨٢٢.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٢٢ عن ابن عبد البر والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٨٢ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٨٢٢ وراجع : تاريخ الخميس ج ٢ ص ٨٢.

(٣) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٢٢ عن أبي يعلى ، وموسى بن عقبة.

(٤) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٢٢ و ٢٢٣ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٨٢.

(٥) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٢٢ و ٢٢٣ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٨٢.

٢٧

كان قيس في مقدمة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لما قدم مكة ، فكلم سعد النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن يصرفه عن الموضع الذي هو فيه مخافة أن يقدم على شيء فصرفه عن ذلك. انتهى (١).

وفي نص آخر : أن أبا سفيان سعى إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» (وزاحم حتى مرّ تحت الرماح) ، وأخذ بغرزه (٢) ، فقبّله ، وقال : بأبي أنت وأمي ، أما تسمع ما يقول سعد؟ إنه يقول :

اليوم يوم الملحمة

اليوم تسبى الحرمة

فقال لعلي «عليه‌السلام» : أدركه ، فخذ الراية منه ، وكن أنت الذي يدخل بها ، وادخلها إدخالا رفيقا.

فأخذها علي «عليه‌السلام» ، وأدخلها كما أمر (٣).

ونقول :

قد احتوت النصوص المتقدمة أمورا عديدة ينبغي الوقوف عندها. وقد آثرنا أن نقتصر هنا على بعض منها ، وهي الأمور التالية :

العباس هو المشير أم أبو بكر؟! :

يلاحظ : أن بعض الروايات المتقدمة تذكر : أن العباس هو الذي اقترح أن يرى أبو سفيان عرض جنود الله تعالى.

__________________

(١) المصدران السابقان.

(٢) الغرز : ركاب الرجل.

(٣) مجمع البيان ج ١٠ ص ٥٥٧ والبحار ج ٢١ ص ١٠٥ و ١٣٠ عن إعلام الورى ، وعن مناقب آل أبي طالب.

٢٨

لكن رواية أخرى تذكر : أن أبا بكر هو المشير بذلك.

غير أننا نعلم : أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لم يكن بحاجة إلى رأي أحد ..

فإذا كانا قد بادرا إلى اقتراح من هذا القبيل ، فذلك يشير إلى نقص فيهما ، لأنهما يخالفان بذلك قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (١).

والصحيح هو : أن هذا هو قرار رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ولم يحتج فيه إلى أحد.

وقد صرحت بعض الروايات : بأنه بمجرد أن أعلن أبو سفيان بالشهادتين أمر النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» العباس بأن يأخذه إلى العقبة ليراه جنود الله عزوجل ، ويراهم.

أهداف حضور العرض :

وقد صرح رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بالهدف الذي كان يتوخاه من حضور أبي سفيان عرض جنود الله تعالى ، وهو أمران :

أولهما : أن يراه الناس جنود الله ، لتقوى بذلك عزائمهم ، ويصح يقينهم بوعد الله تعالى لهم بالفتح والنصر ، منذ الحديبية.

ثانيهما : أن يرى هو جنود الله ، لتذل وتتطامن نفسه الأمّارة بالسوء ، التي تمنيه النصر ، وتدعوه إلى محاربة الله ورسوله ، وعباده المؤمنين ، وليكبته

__________________

(١) الآية ١ من سورة الحجرات.

٢٩

الله تبارك وتعالى بذلك ، ويشفي به صدور قوم مؤمنين طالما اضطهدهم ، وألحق بهم أنواعا من الأذايا والبلايا والرزايا.

أبو سفيان يصر على أن ما يراه (ملك):

وحين يعبّر أبو سفيان للعباس عن انبهاره بما يرى ، تراه يقول : ما أعظم ملك ابن أخيك.

فهو يزعم للعباس : بأن ما يراه إنما هو من مظاهر السلطان والملك ، ولا يريد ان يعترف للنبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بالنبوة ، لأنه قد يستطيع أن يصنع لنفسه ملكا يضاهيه ، أو أن يكيد لهذا الملك ويسقطه ، أو يسلبه ممن هو له.

أما النبوة فهي شرف لا يمكن سلبه ، ولا مجال للسعي للحصول عليه ؛ لأن الإختيار فيه لا يعود إليه ، ولا إلى أحد يمكن الوصول إليه ، بل إلى الله تبارك وتعالى. وأبو سفيان لم يزل محاربا له سبحانه ، منتهكا لحرماته ..

ولذلك تراه يصر على توصيف كل ما يراه بأنه (ملك) ، متجاهلا كل ما يراه من معجزات وكرامات لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» .. لأنه يرى : أن ذلك من مصلحته ، كما أن مصلحته ـ بزعمه الفاسد ـ هي بإنكار النبوة ، أو التشكيك فيها على الأقل.

أغدرا يا بني هاشم؟! :

إن أبا سفيان لم يزل يصف النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بأفضل الصفات ، وبأنه أبر الناس وأوصلهم ، وأرحمهم ، وبأنه الحليم الكريم ، و.. و.. وقد عرفه الناس بأنه الوفي الذي لا يغدر ، والواضح الذي لا يمكر ،

٣٠

والطاهر الذي لا يفجر.

وقد رفض «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بعد عهد الحديبية أن يستجيب لطلب أبي بصير بأن لا يسلمه لأهل مكة ، وقال له : «لا يصح في ديننا الغدر» (١).

وقد كان وفاؤه هذا معروفا لدى المشركين. وقد شهد بذلك مكرز بن حفص الذي بعثته قريش مع جماعة ، ليستعلموا منه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عن سبب مجيئه إلى مكة في عمرة القضاء ، فقالوا له : «والله ، ما عرفت صغيرا ولا كبيرا بالغدر».

إلى أن تقول الرواية : فقال مكرز : «هو الذي تعرف به البر والوفاء» (٢).

ولكن أبا سفيان برغم هذا كله ، بمجرد أن أشار إليه العباس بأن يقف لحاجة له معه ، بادر لوصف جميع بني هاشم بالغدر .. مع أن طلب الوقوف ليس فيه ما يشير إلى غدر ، ولا إلى سواه.

ولكن خوف أبي سفيان قد أعاده إلى غفلته ، وأيقظ فيه سوء سريرته ، فتعامل مع الأمور وفق طبعه هو ، لا وفق ما يعلمه من النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ومن بني هاشم ..

والذي دل على ذلك : أنه قد برر وستر بهذا الخوف ما صدر منه من اتهام بني هاشم بالغدر ، فإنه حين قال له العباس : لي إليك حاجة.

قال له أبو سفيان : فهلا بدأت بها أولا.

__________________

(١) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٢٤.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٩١ وفي هامشه عن الطبقات الكبرى ج ٢ ص ٩٢ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٤ ص ٣٢١ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٧٣٤.

٣١

فقلت : إنّ لي إليك حاجة ، فيكون أفرخ لروعي.

العدة والعدد :

وقد تقدم : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أمر العباس بأن يوقف أبا سفيان على رأس العقبة ليراه عباد الله ويراهم .. ثم عبأ «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أصحابه ، وأمرهم بإظهار الأداة والعدة ..

ولا يحتاج هذا الإجراء إلى بيان ، فهو المنطق الذي يفهمه عبيد الدنيا ، الذين يفهمون الأمور بمقاديرها ، ويقومونها بأحجامها ، وهيآتها المادية ، لا بمضمونها ومعناها الواقعي.

كتائب أم قبائل :

وقد أمر النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» مناديا ينادي : لتصبح كل قبيلة قد أرحلت ، ووقفت مع صاحبها عند رايته. ثم صارت القبائل تمر على قادتها والقبائل على راياتها ..

والسؤال هنا هو : عن السبب في هذه التبعية التي تعتمد على التصنيف العشائري مع أن الإسلام يرفض المنطق القبلي والعشائري.

ونقول في الجواب :

إن للعشائرية والقبائلية حالتين :

إحداهما : غير مضرة ولا مسيئة لأحد ، وربما تكون محبوبة ومرضية يتجاوز في محبوبيتها درجة الإستحباب لتصل إلى الوجوب.

ولتصبح بذلك منشأ للعقوبات والمثوبات الإلهية ، لأن لها دورا في بناء الحياة ، وفي تصحيح مسارها .. مثل صلة الأرحام ، وقضاء حوائجهم ، وقد

٣٢

حفظ الإسلام هذه الصلة والخصوصية ، ورضيها.

ولكنه نزع منها أو فقل : غيّر فيها نزعة العصبية وكرّسها في أن تكون عصبية للحق ، وللدين ، والسعي لرضا الله تعالى ، والالتزام بأوامره في حفظ نفس هذه الصلة أيضا.

الثانية : العصبية للعشيرة ، وللنسب ، والإندفاع في تلبية طموحات ذلك المتعصب ، وأهوائه إلى حد الظلم والعدوان على الآخرين ، لمجرد الإستجابة للداعي النسبي ، أو العشائري. وهذا مرفوض ومدان في الإسلام.

ومن الواضح : أن ترتيب الكتائب وفق التصنيف العشائري هو من الصنف الأول أي أنه لا يوجب ضررا ، بل هو مفيد وسديد ، ويوجب تنافسا في السعي إلى تحقيق رضا الله تبارك وتعالى فيما ندبهم إليه .. وهو يدفع أيضا إلى التناصر في ساحات الجهاد ، ويقلل من حجم الخسائر بين أهل الإيمان.

بل لقد كان لهذا التنظيم فائدة أخرى هامة جدا ، وخصوصا في فتح مكة .. حيث رأى أبو سفيان : كيف أن مختلف قبائل العرب ، التي طالما علّق آماله على نصرها ، تنضوي تحت لواء الإسلام ، وتأتي لفتح بلد كان يعتبره آخر ما يمكن أن يفكر أحد بجمع الجيوش لدخوله ..

ولذلك كان أبو سفيان كلما مرت به قبيلة من تلك القبائل ، على هيئتها وبعدتها القتالية ، يعرب عن حيرته في دوافع تلك القبيلة إلى أن تكون في موقع المحارب له ، ثم أن تبلغ في عدائها له وللمشركين إلى هذا الحد ، وهو أن تدخل مكة ، فيقول : ما لي ولقبيلة كذا .. ثم يكرر هذا القول بالنسبة للقبيلة التي تليها .. وهكذا.

وقد يقول عن بعض القبائل : «ما كان بيننا وبينها ترة قط».

٣٣

وقال عن بعضها : «جاءتني تقعقع من شواهقها».

بل هو حين مر به بنو بكر قال : أهل شؤم والله ، هؤلاء الذين غزانا محمد بسببهم.

ولعل أكثر ما آلم قلبه هو : أنه قد مرت به قبائل كانت من أشد الناس عداوة لمحمد «صلى‌الله‌عليه‌وآله» .. فما الذي قلب الأمور ، وكيف تغيرت الأحوال؟!

من هؤلاء :

ولكن يبقى لنا سؤال عن طبيعة أسئلة أبي سفيان للعباس عن الأشخاص وعن القبائل .. فقد كانت معرفة أبي سفيان تضاهي معرفة العباس بهم وبها ، فقد كانا يعرفان خالدا وعمر بن الخطاب ، و.. و.. الخ .. ويعرفان سليما وبني بكر ، وبني أشجع الخ ..

فهل كانت أسئلة تقديرية ، أم أنه كان متجاهلا في أسئلته لا جاهلا ، ليظهر للعباس أنه قد فوجئ بالأمر؟! أم أن هناك بعض الأسباب الأخرى التي لم تخطر على بالنا؟!

كل ذلك نجعله في بقية الأماكن ولكن النتيجة واحدة على كل حال ، وهي فتح الله تعالى لنبيه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ونصره على أهل الشرك والضلال.

خالد .. غلام!! :

وقد ورد في الروايات المتقدمة : أن أبا سفيان وصف خالد بن الوليد

٣٤

بالغلام حين رآه يقود كتيبته وهو يدخل مكة (١).

ولا ندري ما المبرر لإطلاق هذا الوصف عليه ، فقد كان عمره عاليا ، وقد يكون من أتراب أبي سفيان نفسه ، إن لم يكن أسن منه.

وهل يصح أن يوصف ب «الغلام» من يزعمون : أنه كان أحد أشراف قريش في الجاهلية (٢) ، وإليه كانت القبة التي كانوا يضربونها ، ثم يجمعون إليها ما يجهزون به الجيش؟ (٣).

وإليه ـ حسب زعمهم أيضا ـ كانت أعنة خيل قريش في الجاهلية (٤).

إلا إذا كان يقصد ب «الغلام» الشيخ ، على اعتبار أن هذه الكلمة من الأضداد التي تطلق على الفتى الطار الشارب والكهل (٥).

ولكن قد يقال : إنه تأويل غير مقبول ؛ لأن أبا سفيان لما سمع باسم خالد قال مستفهما : «الغلام؟ قال : نعم».

فقد يفيد هذا السياق : أن هذه الكلمة مما عرف إطلاقها على خالد .. فكأنها كانت من ألقابه لمناسبة اقتضت ذلك.

__________________

(١) الإصابة ج ١ ص ٤١٣ والإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج ١ ص ٤٠٦ عن الزبير بن بكار.

(٢) الأعلام للزركلي ج ٢ ص ٣٠٠.

(٣) تاريخ مدينة دمشق ج ١٦ ص ٢٥٤ وج ٢٤ ص ١١٨ والبداية والنهاية ج ٥ ص ٣٦٦.

(٤) الأعلام للزركلي ج ٢ ص ٣٠٠ وتاريخ مدينة دمشق ج ١٦ ص ٢٥٤ وج ٢٤ ص ١١٨ والبداية والنهاية ج ٥ ص ٣٦٦.

(٥) راجع : أقرب الموارد ج ٢ ص ٨٨٤.

٣٥

اللواء والراية :

قدمنا بعض الحديث عن اللواء والراية ، واتحادها أو عدمه ، في أوائل غزوة أحد ، وربما في مواضع أخرى أيضا ..

وسياق الحديث في بعض النصوص المتقدمة يشير إلى اختلافهما أيضا. ويظهر من بعضها خلاف ذلك.

فهو يجمع بين الألوية والرايات ، فيقول عن بني سليم : كان معهم لواءان وراية.

وأضاف المعتزلي راية أخرى أيضا.

ولكنه تحدث عن خصوص الألوية في مواضع أخرى ، فقد قال عن بني مزينة : إن لهم ثلاثة ألوية.

وعن جهينة : إن فيهم أربعة ألوية.

وعن أشجع : كان فيهم لواءان.

وعن بني سليم : كان معهما لواءان ، ولم يذكر رايات.

وذكر لبعض الفئات : راية أو أكثر ، ولم يذكر لها لواء مثل المهاجرين ، وأفناء العرب ، وكذلك الحال بالنسبة لقبيلة غفار.

وكل ذلك يزيد في إبهام الأمر بالنسبة للاصطلاح الذي جرى عليه الرواة هنا.

ولعل ذلك يعزز ما قلناه من عدم الفرق بين اللواء والراية ، وإن كان بعض الرواة قد يستنسب خصوصية في مورد ، فيبادر إلى التفريق بينهما في تعابيره لأجلها ، وإن لم يكن لها مدخلية حقيقية في أصل المعنى.

٣٦

الرايات السود :

وقد ذكر فيما تقدم : أن راية المهاجرين وأفناء العرب كانت سوداء ..

وقالوا أيضا : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد عقد يوم حنين ويوم الفتح راية سوداء (١).

وسيأتي أيضا عن أبي هريرة : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» دخل مكة يومئذ «وعليه عمامة سوداء ، ورايته سوداء ولواؤه أسود» (٢).

ونقول :

إننا لم نجد مبررا لعقد رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» راية لعمه ، خصوصا بملاحظة الرواية الصحيحة التي صرحت : بأن العباس كان من الطلقاء ..

ولو أغمضنا النظر عنها ؛ فإن عقد راية له معناه : أن يطبل العباسيون ويزمروا لها ما شاؤوا.

ولكانت قد حفلت كتب التاريخ بذكرها تبركا ، أو تزلفا لهم!! ولم نجد لذلك أثرا ، لا في تبجحات العباسيين ، ولا في تزلفات المتزلفين.

وبالمناسبة نقول :

قد يظهر من الكميت : أن الراية التي كان المسلمون يرفعونها في حروبهم ضد الكفار كانت سوداء ، فهو يقول :

وإلا فارفعوا الرايات سودا

على أهل الضلالة والتعدي

__________________

(١) صبح الأعشى ج ٣ ص ٣٧٠ عن كتاب الحاوي الكبير للماوردي.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٦٦ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٨٢٤.

٣٧

وقد كانت راية علي «عليه‌السلام» في صفين سوداء أيضا (١) ، وقد خاطب صلوات الله وسلامه عليه حضين بن المنذر بقوله :

لمن راية سوداء يخفق ظلها

إذا قيل : قدمها حضين تقدما (٢)

لقد عزّ عمر بعد قلة وذلة :

وقد تكلمنا فيما سبق عن مقام وموقع عمر في الجاهلية وفي الإسلام ، وليس لنا أن نعيد ما ذكرناه في الجزء الثاني من هذا الكتاب ، في فصل «حتى الشعب» ، تحت فقرة بعنوان : «هل عز الإسلام بعمر حقا»؟!

وقد أظهرت النصوص الصريحة : أن عمر بن الخطاب لم يكن من بيوت العز والشرف والسؤدد ، بل كان في قلة وذلة ، وكان هو في نفسه عسيفا ، أي تابعا مستهانا به.

ولكن بالإسلام ينال الناس الشرف والعزة ، إلا إذا تخلفوا عن الإلتزام بمناهجه ، وعن العمل بتعاليمه .. فلا بد من ملاحظة سيرة حياتهم ، وتقييمهم على هذا الأساس.

__________________

(١) راجع : السيادة العربية والشيعة والإسرائيليات هامش ص ١٢٦.

(٢) الغارات ج ٢ ص ٧٩٠ و ٧٩٢ ومواقف الشيعة للأحمدي ج ١ ص ١٢٥ ودستور معالم الحكم لابن سلامة ص ١٩٦ وتاريخ مدينة دمشق ج ١٤ ص ٢٩٣ و ٢٩٦ وج ١٦ ص ٢١٠ وتهذيب الكمال ج ٦ ص ٥٥٦ والإصابة ج ٥ ص ٩٣ والأعلام للزركلي ج ٢ ص ٢٦٢ وأنساب الأشراف ص ٢٦٩ و ٣٠٧ والأنساب للسمعاني ج ١ ص ٤٥ وتاريخ الأمم والملوك ج ٤ ص ٢٦ والمنتخب في ذيل المذيل للطبري ص ١٤٦ والجمل للمفيد ص ١٧٢.

٣٨

أبو سفيان يصر على موقفه :

وقد ذكرنا في فصول متقدمة : كيف تعامل أبو سفيان مع ما جرى على خزاعة ، حين قتلت بنو بكر وقريش طائفة من نسائها وصبيانها ، وضعفاء الرجال فيها ، ونقضوا بذلك عهدهم مع رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ..

وكان رأيه جحد هذا الأمر ، وإنكاره .. وسافر من مكة إلى المدينة لكي يوهم المسلمين ببراءة قريش من هذا الأمر ، وحصر الأمر فيه بآحاد من بني بكر.

وها هو يعود ليزعم : أنه كان لما جرى على خزاعة كارها ..

وليت شعري إذا كان له كارها ، حيث بلغه ، فلما ذا سعى في طل دماء أولئك المقتولين ظلما ، وجحد أن يكون لقريش أي أثر فيه ، وسافر إلى المدينة لإيهام المسلمين بهذا الأمر؟!

ولكنه أمر حتم :

واللافت : أن أبا سفيان يعود هنا فيلقي بالمسؤولية على القدر ، ويتحاشى أن ينسب إلى أولئك المجرمين القتلة أية مسؤولية عن قتل أولئك الأبرياء ، فهو يقول : «ولكنه أمر حتم».

ونقول له :

إنه أمر صنعته إرادات وأيدي زعماء قريش ، وزعماء بني بكر ، ولم يرحموا فيه صغيرا ولا كبيرا ، ولم يجبرهم عليه أحد.

فهو لم يكن محتوما لو لا ركوبهم لخيول الهوى والعصبية ، وطاعتهم للشيطان.

٣٩

هذا .. وقد عوّدنا الأقوياء حين يضعفون ويعجزون ، وكذلك الذين يستشعرون بعض القوة ، ثم يظهر لهم ما هم فيه من الوهن والفشل ـ عودونا ـ أن يبرروا ذلك بالإحالة على القدر ، أو على الجبر التكويني الإلهي ، لتغطية ذلك العجز والوهن ، والتستر على ما هم فيه من فشل وخيبة ..

وقد كانت عقيدة الجبرية في المشركين ، وورثها الناس عنهم ، وربما يكون لأهل الكتاب أيضا دور في ترسيخها فيهم.

قال تعالى عن المشركين : (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ..) (١).

بل إن اليهود قد جعلوا الله تعالى محكوما بقدره ، ومقهورا ومجبرا فيما يفعل ، فقد قال سبحانه عنهم : (وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ ..) (٢).

وقد استخدم الحكام وأهل الأطماع هذه العقيدة لخدمة مصالحهم ، وتسيير أمورهم ، وحل مشاكلهم ، والخروج من بعض المآزق التي أوقعوا أنفسهم فيها.

وبرروا بها إقدامهم على كثير من الأمور غير المشروعة أيضا.

ثم وضعت الأحاديث الكثيرة على لسان رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لتأييد هذه العقيدة ونشرها ..

من أجل هذا وذاك ظهرت هذه العقيدة في مفردات كثيرة من مواقف

__________________

(١) الآية ١٤٨ من سورة الأنعام.

(٢) الآية ٦٤ من سورة المائدة.

٤٠