الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٢

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٢

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-194-7
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٤٠

طواف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بالبيت :

قالوا : دخل رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» مكة بغير إحرام ، وعليه السلاح ، ومكث في منزله ساعة من النهار حتى اطمأن الناس ، فاغتسل ، ثم دعا براحلته القصواء ، فأدنيت إلى باب قبته ، وعاد للبس السلاح والمغفر على رأسه ، وقد حف الناس به ، فركب راحلته والخيل تمعج (١) بين الخندمة إلى الحجون.

فلما انتهى «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلى الكعبة ، فرآها ومعه المسلمون ، تقدّم على راحلته ، واستلم الركن بمحجنه (٢) ، وكبّر ، فكبّر المسلمون بتكبيره ، فرجّعوا التكبير ، حتى ارتجت مكة تكبيرا ، حتى جعل رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يشير إليهم أن اسكتوا ، والمشركون فوق الجبال ينظرون.

وطاف رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بالبيت ، آخذا بزمام الناقة محمد بن مسلمة ، فأقبل على الحجر فاستلمه ، ثم طاف بالبيت (٣).

__________________

(١) معجت الخيل : كانت سريعة السير سهلة.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٣٣ ومستدرك الحاكم ج ٣ ص ٢٤٤ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٨٨.

(٣) المحجن : العصا المنعطفة الرأس كالصولجان.

١٨١

تحطيم الأصنام في المسجد الحرام :

عن ابن عمر ، وسعيد بن جبير ، وابن عباس : أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» دخل مكة يوم فتح مكة ، وحول الكعبة ثلاثمائة وستون صنما مرصعة بالرصاص (١). (وفي الحلبية وغيرها : لكل حي من أحياء العرب صنم. قد شد إبليس (أو الشياطين) أقدامها بالرصاص (والنحاس) (٢).

فأخذ رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» كفا من حصى فرماها في عام الفتح ، وقال : (جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً) (٣) فما بقي صنم إلا خر لوجهه ، فأمر بها ، فأخرجت من المسجد ، فطرحت فكسرت (٤)).

وكان هبل أعظمها ، وهو وجاه الكعبة ، وإساف ونايلة حيث ينحرون ويذبحون الذبائح ، وفي يد رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قوس (عود) (مخصرة) وقد أخذ بسية القوس (٥) ، فجعل رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» كلما مر بصنم منها يشير إليه ، ويطعن في عينه (أو في بطنه) ويقول : (جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً).

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٣٤ والبحار ج ٢١ ص ١١٧ عن إرشاد المفيد ص ٦٣ وعن الخرائج والجرائح.

(٢) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٨٥ و ٨٦ وراجع : تاريخ الخميس ج ٢ ص ٨٦ عن أبي نعيم.

(٣) الآية ٨١ من سورة الإسراء.

(٤) البحار ج ٢١ ص ١١٧ عن إرشاد المفيد ص ٦٣ وعن الخرائج والجرائح.

(٥) سية القوس : ما عطف من طرفيها.

١٨٢

فما يشير إلى صنم إلا سقط لوجهه. وفي لفظ : لقفاه ، من غير أن يمسه (١).

وقال الكلبي : فجعل ينكب لوجهه إذا قال ذلك ، وأهل مكة يقولون : ما رأينا رجلا أسحر من محمد (٢).

وفي ذلك يقول تميم بن أسد الخزاعي :

ففي الأصنام معتبر وعلم

لمن يرجو الثواب أو العقابا

قال أئمة المغازي : فطاف رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» سبعا على راحلته ، يستلم الركن الأسود بمحجنه كل طواف ، فلما فرغ من طوافه نزل عن راحلته (٣).

وعند ابن أبي شيبة عن ابن عمر ، قال : فما وجدنا مناخا في المسجد حتى أنزل على أيدي الرجال ، ثم خرج بها.

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٣٤ عن أبي نعيم ، والبيهقي ، وابن إسحاق ، وابن مندة ، والواقدي ، وراجع : المغازي للواقدي ج ٢ ص ٨٣٢ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٨٦ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٤ ص ٧١ وعن البخاري في المظالم ، باب هل تكسر الدنان التي فيها الخمر ، وراجع : السيرة الحلبية ج ٣ ص ٨٥ و ٨٦ والبحار ج ٢١ ص ٩٢ و ١٠٦ و ١١٦ عن مجمع البيان ج ٦ ص ٤٣٥ وعن أمالي ابن الشيخ ص ٢١٤.

(٢) البحار ج ٢١ ص ٩٢ و ١١٠ عن مجمع البيان ج ٦ ص ٤٣٥ وعن سعد السعود ص ٢٢٠.

(٣) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٣٥ وراجع : السيرة الحلبية ج ٣ ص ٨٥ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٨٣٢ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٨٤ والبحار ج ٩٦ ص ٢١٠.

١٨٣

قالوا : وجاء معمر بن عبد الله بن نضلة ، فأخرج الراحلة فأناخها بالوادي.

ثم انتهى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلى المقام ، وهو لاصق بالكعبة ، والدرع عليه ، والمغفر ، وعمامته بين كتفيه ، فصلى ركعتين.

ثم انصرف إلى زمزم ، فاطلع فيها ، وقال : «لو لا أن تغلب بنو عبد المطلب (على سقايتهم) لنزعت منها دلوا».

فنزع له العباس بن عبد المطلب ـ ويقال الحرث بن عبد المطلب ـ دلوا ، فشرب منه ، وتوضأ (١) ، والمسلمون يبتدرون وضوء رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يصبونه على وجوههم ، والمشركون ينظرون إليهم ، ويتعجبون ، ويقولون : ما رأينا ملكا قط أبلغ من هذا ولا سمعنا به (٢).

زاد في الحلبية قوله : «لا تسقط قطرة إلا وفي يد إنسان ، إن كان قدر ما يشربها شربها ، وإلا مسح بها جلده ، والمشركون يقولون : ما رأينا ملكا قط أبلغ من هذا ولا سمعنا به» (٣).

وأمر بهبل فكسر وهو واقف عليه ، فقال الزبير بن العوام لأبي سفيان بن حرب : يا أبا سفيان ، قد كسر هبل ، أما إنك قد كنت منه يوم أحد في غرور ، حين تزعم أنه أنعم.

فقال أبو سفيان : دع عنك هذا يابن العوام ، فقد أرى لو كان مع إله

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٣٥ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٨٣٢.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٣٥ وراجع : السيرة الحلبية ج ٣ ص ٨٧ و ٨٨ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٨٥.

(٣) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٨٨.

١٨٤

محمد غيره لكان غير ما كان (١).

ثم انصرف رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فجلس ناحية من المسجد والناس حوله (٢).

وعن أبي هريرة قال : كان رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يوم الفتح قاعدا ، وأبو بكر قائم على رأس رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بالسيف (٣).

إحالات على ما سبق :

ثم إن النصوص المتقدمة قد تضمنت أمورا كنا قد تحدثنا عنها فيما سبق ، فلا حاجة إلى إعادة البحث فيها ، والتحليل لمضامينها ، وهي التالية :

ألف : المسلمون يبتدرون وضوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

تحدثنا مرات ومرات عن تبرك المسلمين برسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وبفضل وضوئه ، وتأثير ذلك على عتاة المشركين ، فراجع غزوة الحديبية ، وراجع أيضا ما جرى لأبي سفيان حين جاء إلى المدينة بعد نقضهم عهد الحديبية يطلب تجديد العهد ، والزيادة في المدة ، ومواضع كثيرة أخرى.

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٣٥ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٨٧ عن روضة الأحباب.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٣٥ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٨٣٢.

(٣) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٣٥ عن البزار ومجمع الزوائد ج ٦ ص ١٧٦ وراجع : السيرة الحلبية ج ٣ ص ٨٦.

١٨٥

ب : ما رأينا ولا سمعنا ملكا بلغ هذا :

وأما قول المشركين ، وهم يرون تبرك الصحابة بفضل وضوء نبيهم : «ما رأينا ولا سمعنا ملكا قط بلغ هذا» ، فقد تحدثنا حين ذكرنا مقالة أبي سفيان حين قدم المدينة ، وقد رأى مثل ذلك ، وثم حين رأى ما يشبهه في مرّ الظهران ، فلا بأس بالرجوع إلى تلك الموارد وسواها.

ج : أبو بكر قائم بالسيف على رأس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

ثم إننا قد تحدثنا في بعض فصول هذا الكتاب ، وبالتحديد في غزوة الحديبية : عن أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لم يكن يرضى بأن يقوم الناس على رأسه بالسيف ، وذكرنا بعض الشواهد على ذلك فلا بأس بالرجوع إلى ذلك المورد للاطلاع على ما ذكرناه.

د : المشركون فوق الجبال ينظرون :

وأخيرا نقول :

قد سبق في عمرة القضاء الإشارة إلى أن المشركين كانوا ينظرون من أعالي الجبال إلى المسلمين حين دخلوا مكة ، فأمرهم «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن يظهروا لهم بعض القوة.

وقد تكرر نفس هذا المشهد في فتح مكة حيث كان المشركون يراقبون من أعالي الجبال المحيطة بالكعبة حركة النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» والمسلمين فيها ..

وقد أظهر المسلمون التكبير حتى ارتجت مكة من ذلك ، وهذا التكبير

١٨٦

يرعب أهل الشرك ، ويمثل طعنة لهم في أكثر المواضع حساسية وألما لهم ، لأنه يستهدف أساس الشرك ، وحبة قلبه.

ثم شاهدوا طوافه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» على راحلته ، واستلامه الركن بالمحجن حسبما تقدم ..

والأشد عليهم ، والأكثر ألما ، والأعظم أثرا : أنهم قد شاهدوا تحطيم أصنامهم على يد علي «عليه‌السلام» الذي رأوه يصعد على كتفي النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ومن ثم على ظهر الكعبة ..

وهم يعرفون عليا «عليه‌السلام» حق المعرفة ، في مكة قبل الهجرة ، وفي شعب أبي طالب ، وسواه ، وحين الهجرة في مبيته على الفراش ليلة الغار ، وبعد الهجرة في ساحات الجهاد ، في بدر وأحد والخندق ، وذات السلاسل ، يضاف إلى ذلك جهاده لحلفائهم من اليهود في خيبر وبني النضير وقريظة وسواها ، وهو يقتل شجعانهم ، وفراعنتهم ، ويبير كيدهم ، ويبطل أحدوثتهم ..

تأسي عمر برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

قد تقدم : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد استلم الحجر الأسود ، ولم يزل المسلمون يستلمونه تأسيا برسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلى يومنا هذا.

ولكن عمر بن الخطاب ، وإن كان قد استلم الحجر أيضا ، ولكنه قد اطلق في هذا المورد كلاما خطيرا ، لم تزل آثاره ظاهرة إلى يومنا هذا ..

فقد ذكروا : أنه حج في أمرته ، فلما افتتح الطواف واستلم الحجر

١٨٧

الأسود وقبله ، قال : قبلتك وإني لأعلم أنّك حجر ، لا تضر ولا تنفع ، ولكن كان رسول الله بك حفيا ، ولو لا أني رأيته «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يقبلك ما قبلتك!! (أو ما يقرب من هذه الكلمات).

وكان علي أمير المؤمنين «عليه‌السلام» حاضرا ، فقال له : بلى والله ، إنه ليضر وينفع.

قال : وبم قلت ذلك يا أبا الحسن؟!

قال : بكتاب الله تعالى.

قال : أشهد أنك لذو علم بكتاب الله ، فأين ذلك من الكتاب؟

قال : قول الله عزوجل : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا ..) (١).

ثم ذكر كيف أخذ الله تعالى على العباد ميثاقهم بالعبودية ، وألقمها الحجر الأسود .. إلى أن تقول الرواية :

فقال عمر : لا عشت في أمة لست فيها يا با الحسن (٢).

ولكن اعتراض أمير المؤمنين «عليه‌السلام» ، واعترف عمر ، لم ينه القضية ، بل بقي العمريون يصرحون : بأنه حجر لا يضر ولا ينفع ، وينهون الناس عن استلامه (٣).

والأحاديث حول أن الله تعالى أودع الحجر مواثيق الخلائق ، وأنه

__________________

(١) الآية ١٧٢ من سورة الأعراف.

(٢) راجع : البحار ج ٩٦ ص ٢١٦ و ٢١٧ وراجع ص ٢٢١ و ٢٢٧ و ٢٢٨ عن علل الشرايع ص ٤٩ وراجع ص ٤٢٦ وتفسير العياشي ج ٢ ص ٣٨.

(٣) راجع : البحار ج ٩٦ ص ٢١٧ و ٢١٨ عن علل الشرايع ص ٤٢٥.

١٨٨

يشهد لمن وافاه بالموافاة كثيرة (١).

وهذا الموقف من عمر قد أعطى الانطباع لدى الكثيرين من أتباعه ومحبيه بأن القيمة الحقيقية للبناء ، والحجر والشجر ، وكل ما هو جسم مادية وليست معنوية ، فلا قداسة لها في نفسها ، ولا تكتسب قداسة من إضافاتها إلى ما هو مقدس ، كما أنها لا تزيدها تلك الإضافات قداسة ، ولا تعطيها قيمة معنوية زائدا على ما لها من قيمة ما دية.

وخلاصة الأمر : إن كلمة عمر الآنفة الذكر قد أفرغت تقبيله للحجر من أي مضمون معنوي ، ورفد روحي ، وتوهج مشاعري ، وجعلته عملا خاويا ، وجافا ، لا يتضمن سوى المحاكاة الفارغة لفعل صدر عن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

ورغم أن إجابة علي «عليه‌السلام» قد تضمنت العودة إلى أغوار المضمون الروحي ، وأوغلت في مداه العقائدي ، ومعناه الإيماني ، حين شرحت كيف أن الله سبحانه قد أودع الحجر الأسود مواثيق الخلائق منذ عالم الذر ، فإن ذلك لم يمنع محبي الخليفة الثاني من الإصرار على المنحى الذي نحاه عمر بن الخطاب .. وسعوا إلى التنظير له بعد تعميمه وتوسعته ، حتى اعتبروا التبرك بالأماكن المقدسة ، أو بأي شيء يرتبط برسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله وبآثاره ، من الشرك ، الذي يستحق فاعله العقوبة بأقصى مدى .. فما ظنك بالتبرك بآثار الأوصياء والأولياء والصالحين!!

وقد ضربوا بعرض الحائط مئات النصوص التي تحدثت عن توجيه

__________________

(١) البحار ج ٩٦ ص ٢١٥ ـ ٢٢٨.

١٨٩

النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» نفسه للناس من الصحابة والتابعين إلى التبرك بآثار الأنبياء والمرسلين ، وجميع عباد الله الصالحين ، ومفردات ما جرى من ذلك عبر الأجيال ..

وقد جمع العلامة الأحمدي طائفة من هذه النصوص في كتابه (التبرك) وجمع غيره أيضا الكثير منها فراجع.

استلام الركن بالمحجن :

وقد ذكرت الروايات المتقدمة : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» استلم الحجر ، ثم طاف بالبيت.

وتقدم أيضا : أنه كان يستلم الركن بمحجنه.

فهل المراد بالركن هنا : الركن اليماني؟ أم ركن الحجر الأسود؟!

لقد صرحت الرواية المتقدمة : بأن المراد به الركن الأسود.

ولكن قد يقال : لعل الركن الذي استلمه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بالمحجن هو اليماني ، الذي يستحب استلامه .. فإذا أطلق الكلام في استحباب استلام الركن ، فاليماني هو المتبادر إلى الذهن.

وفي البحار وغيره أطلق القول : بأنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد استلم الركن بالمحجن .. الأمر الذي يرجح احتمال إرادة اليماني ..

ولكن الرواة أضافوا كلمة : «الأسود» إلى الرواية التي ذكرت آنفا اجتهادا منهم ، أو لحاجة في أنفسهم.

ولكن هذا يبقى مجرد احتمال.

١٩٠

استلم الحجر ثم ركب راحلته :

كما أن ظاهر عبارة الرواية التي تقدمت : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد استلم الحجر قبل الطواف .. ثم طاف وهو راكب ، وصار يستلم الركن بمحجنه ..

فإذا صح هذا ، فيرد السؤال عن سر عودته إلى الركوب ، وترجيحه الطواف كذلك على الطواف ماشيا!

وقد يقال في الجواب : إن المراد هو التشريع العملي للطواف في حال الركوب ، فإن الناس قد يصعب عليهم قبول بعض مفردات التشريع ، ويرون أنها مظنة النقص ، بل هي عندهم مظنة الخطر .. فإذا رأوا النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يمارسها بنفسه ، فإن تأسيهم به يهوّن الأمر عليهم. وذلك نظير قصر الصلاة ، وإفطار المريض ، والإفطار في السفر ، فإنك تجد تحرّجا من الناس في الإقدام على ذلك ، ويصعب عليهم فعله ، ولأجل ذلك جاء التعبير بنفي «الجناح» في قوله تعالى : (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ ..) (١).

ولعل جميع الآيات التي عبرت ب «لا جناح» ، واردة في موارد توهم الحرمة فيها ، أو التحرج من مباشرة الفعل الوارد بعدها (٢).

ويمكن أن يضاف إلى ذلك أيضا : أن ثمة تعمدا من رسول الله «صلى

__________________

(١) الآية ١٠١ من سورة النساء.

(٢) راجع الآيات : ١٥٨ و ٢٢٩ و ٢٣٠ و ٢٣٣ و ٢٣٤ و ٢٣٥ و ٢٣٦ و ٢٤٠ و ٢٨٢ من سورة البقرة ، و ٢٣ و ٢٤ و ١٠٢ من سورة النساء.

١٩١

الله عليه وآله» أن يراه مشركو مكة ، الذين كانوا ينظرون إلى ما يجري حتى من على الجبال المحيطة ، والحشود المجتمعة ، وهو في حالة متميزة ، يمارس أمرا لعلهم لم يعهدوه من ذي قبل ، وهو الطواف على الراحلة .. وهو أمر شرعه الله بالوحي الذي لا يزالون يجحدونه وينكرونه ، رغم ما يرونه من آيات باهرة ومعجزات ظاهرة ، ودلالات للعقل قاهرة.

محاولة اغتيال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

قال ابن هشام : حدثني بعض أهل العلم : أن فضالة بن عمير بن الملوح الليثي أراد قتل رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وهو يطوف بالبيت عام الفتح ؛ فلما دنا منه قال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «أفضالة»؟

قال : نعم.

قال : «ماذا كنت تحدث به نفسك»؟

قال : لا شيء ، كنت أذكر الله ، فضحك رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ثم قال : «إستغفر الله». ثم وضع يده على صدره فسكن.

وكان فضالة يقول : والله ما رفع يده عن صدري حتى ما خلق شيء أحب إلي منه.

ورجع فضالة إلى أهله ، قال : فمررت بامرأة كنت أتحدث إليها.

فقالت : هلم إلى الحديث.

فقال : لا. وانبعث فضالة يقول :

قالت هلم إلى الحديث فقلت لا

يأبى علي الله والإسلام

إذ ما رأيت محمدا وقبيله

بالفتح يوم تكسر الأصنام

١٩٢

لرأيت دين الله أضحى بينا

والشرك يغشى وجهه الإظلام (١)

ونقول :

ليس غريبا أن نرى بين الفينة والفينة من يتآمر على حياة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، أو من يحدث نفسه بقتله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطاهرين ..

وقد ظهرت هذه المحاولات في المشركين ، وفي اليهود ، والمنافقين ، وفي جميع تلك المحاولات كانت تظهر لهم الرعاية الإلهية له «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

وقد كان الشيطان ينسيهم ذلك ، ويزين لهم تكرار المحاولة ، قال تعالى :

(أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) (٢).

وقال : (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ) (٣).

وقد يترك الشيطان أولئك الناس إلى غيرهم ، ليزين هذا الأمر لفريق أو لشقي جديد ، فتواجهه أو تواجههم الخيبة ، ويقيم الله عليه أو عليهم الحجة.

تبقى الإشارة هنا : إلى هؤلاء الذين تنتهي بهم شقوتهم وعنادهم للحق

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٣٦ ، وقال : ذكره أبو عمر في الدرر ، ولم يذكر في الإستيعاب ، وهو على شرطه ، وذكره القاضي في الشفاء بنحوه. والسيرة الحلبية ج ٣ ص ١٠٢ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٨٧.

(٢) الآية ٨ من سورة فاطر.

(٣) الآية ٢٤ من سورة النمل ، والآية ٣٨ من سورة العنكبوت.

١٩٣

وأهله إلى حد التفكير باغتيال سيد الرسل ، مع ما يرونه من آيات باهرة ، ومعجزات قاهرة ، فإنك تراهم يدّعون لأنفسهم أحوالا رائعة ومميزة ، ودرجات عالية من الإيمان والإخلاص كما هو الحال بالنسبة لدعاوى فضالة الآنفة الذكر ، ولكن النفس لا تسكن إلى صحة دعاواهم تلك ، فلا بد أن يبقى الريب بهم ، والحذر منهم. فإن هذا هو القرار الحازم ، حتى لو كان لابد من السكوت عن الجهر باتهامهم.

فهذا هو الخيار الحكيم ، والرأي الصحيح والسليم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

أين كان مقام إبراهيم عليه‌السلام؟! :

وقد ادعت الروايات المتقدمة : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بعد أن طاف صار إلى خلف مقام إبراهيم ، وكان لاصقا بالكعبة ، فصلى ركعتين.

ونقول :

إن دعوى لصوق المقام بالكعبة لا تصح ، فإن المقام كان حينئذ بعيدا عن الكعبة ، والنبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» هو الذي أرجعه إلى موضعه الملاصق للكعبة.

والمقام هو حجر فيه آثار قدمي إبراهيم الخليل «عليه‌السلام» ، حيث إن الله تعالى أمره أن يؤذّن في الناس بالحج ، فأخذ «عليه‌السلام» ذلك الحجر فوضعه بحذاء البيت ، لاصقا به ، بحيال الموضع الذي هو فيه اليوم.

ثم قام عليه فنادى بأعلى صوته بما أمره الله عزوجل به ، فلما تكلم بالكلام لم يحتمله الحجر ، فغرقت رجلا إبراهيم فيه ، فقلع «عليه‌السلام»

١٩٤

رجليه من الحجر قلعا.

فلما كثر الناس ، وصاروا إلى الشر والبلاء ازدحموا عليه ، فرأوا أن يضعوه في هذا الموضع الذي هو فيه اليوم ، ليخلو المطاف لمن يطوف بالبيت.

فلما بعث الله عزوجل محمدا «صلى‌الله‌عليه‌وآله» رده إلى الموضع الذي وضعه فيه إبراهيم «عليه‌السلام» ، فما زال فيه حتى قبض رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وفي زمن أبي بكر ، وأول ولاية عمر.

ثم قال عمر : قد ازدحم الناس على هذا المقام ، فأيكم يعرف موضعه في الجاهلية؟

فقال له رجل : أنا أخذت قدره بقدر.

قال : والقدر عندك؟

قال : نعم.

قال : فأت به.

فجاء به ، فأمر بالمقام فحمل ورد إلى الموضع الذي هو فيه الساعة (١).

لقد كدت تركن إليهم :

وعن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد الله «عليه‌السلام» قال : سألته عن قول الله (وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً) (٢).

قال : لما كان يوم الفتح أخرج رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أصناما

__________________

(١) البحار ج ٩٦ ص ٢٣٢ عن علل الشرايع ص ٤٢٣.

(٢) الآية ٧٤ من سورة الإسراء.

١٩٥

من المسجد ، وكان منها صنم على المروة ، وطلبت إليه قريش أن يتركه ، وكان استحيا ، فهمّ بتركه ، ثم أمر بكسره ، فنزلت هذه الآية (١).

ونقول :

أولا : إن ما ذكرته الرواية من مناسبة نزول الآية تعارضه روايات أخرى حول هذا الموضوع ، ولعل من بينها ما هو أصح وأولى بالقبول.

١ ـ فمنها ما روي في مصادر شيعة أهل البيت «عليهم‌السلام» ما يدل على أن هذه الآية قد نزلت بإياك أعني واسمعي يا جارة ، فلاحظ ما يلي :

ألف : روي عن الإمام الرضا «عليه‌السلام» : إن هذه الآية مما نزل بإياك أعني ، واسمعي يا جارة ، خاطب الله تعالى بذلك نبيه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وأراد أمته (٢).

ب : وعن أبي عبد الله «عليه‌السلام» قال : (وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً) عنى بذلك غيره (٣).

٢ ـ ومنها ما دل على أنها نزلت في من أراد أن يصرف النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عن التنويه بشأن علي «عليه‌السلام».

ونشير هنا : إلى أن هذه الروايات لا تتنافى مع سابقاتها وذلك ظاهر ، ومن هذه الروايات :

__________________

(١) نور الثقلين ج ٣ ص ١٩٨ والبرهان (تفسير) ج ٢ ص ٤٣٤ والبحار ج ٢١ ص ١٢٤ وتفسير العياشي ج ٢ ص ٣٠٦ ومجمع البيان المجلد الثالث ج ٦ ص ٤٣١.

(٢) نور الثقلين ج ٣ ص ١٩٧ و ١٩٨ والبرهان (تفسير) ج ٢ ص ٤٣٤.

(٣) نور الثقلين ج ٣ ص ١٩٨.

١٩٦

ألف : عن عبد الله بن عثمان البجلي ، عن رجل : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» اجتمعا (١) عنده وابنتيهما ، فتكلموا في علي «عليه‌السلام». وكان (٢) من النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن يلين في بعض القول ، فأنزل الله : (.. لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً) (٣) ثم لا تجد لك مثل علي وليا (٤).

ب : عن أبي جعفر «عليه‌السلام» : (وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) (٥) في علي بن أبي طالب «عليه‌السلام» (٦).

ج : وعن أبي الحسن موسى بن جعفر ، عن أبيه صلوات الله عليهما : أن القوم أرادوا النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ليربط راية (٧) في علي (وليمسك عنه بعض الإمساك ، حتى إن بعض نسائه ألححن عليه في ذلك ، فكاد يركن إليهم بعض الركون ، فأنزل الله عزوجل : (وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً).

__________________

(١) أي اجتمع عنده أبو بكر وعمر وابنتاهما. والواو في قوله : وابنتيهما للمعية.

(٢) كذا في المصدر.

(٣) الآيتان ٧٤ و ٧٥ من سورة الإسراء.

(٤) نور الثقلين ج ٣ ص ١٩٨ و ١٩٩ والبرهان (تفسير) ج ٢ ص ٤٣٤.

(٥) الآية ٧٣ من سورة الإسراء.

(٦) البرهان (تفسير) ج ٢ ص ٤٣٤.

(٧) لم أفهم معنى هذه العبارة ولعلها محرفة أو مصحفة. لكن العبارة التي بعدها توضح المراد.

١٩٧

قال محمد بن العباس : (المخاطب بذلك ظ) رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله». ولكن في التخويف لأمته ، لئلا يركن أحد من المؤمنين إلى أحد من المشركين (١).

٣ ـ أما روايات أهل السنة فهي مختلفة في ما بينها ، ولكنها هي الأخرى متفقة على خلاف ما ورد في تلك الرواية التي نتحدث عنها أيضا.

ومع غض النظر عن ذلك كله نقول :

ألف : روي : أن هذه الآية نزلت قبل الهجرة ، حين جاء أمية بن خلف ، وأبو جهل إلى النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وطلبوا منه أن يستلم آلهتهم ، لكي يدخلوا معه في دينه. وكان يشتد عليه فراق قومه فرقّ لهم. فنزلت الآية (٢).

ب : عن سعيد بن جبير : كان النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يستلم الحجر ، فقالوا : لا ندعك تستلمه حتى تستلم آلهتنا.

فقال «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : وما عليّ لو فعلت ، والله يعلم مني خلافه ، فنزلت (٣).

ج : عن ابن شهاب : أن المشركين كانوا يقولون لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إذا طاف : استلم آلهتنا كي لا تضرك ، فكاد يفعل ، فنزلت (٤).

__________________

(١) البرهان ج ٢ ص ٤٣٤.

(٢) الدر المنثور ج ٤ ص ١٩٤ عن ابن إسحاق ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه.

(٣) راجع : مجمع البيان المجلد الثالث ج ٦ ص ٤٣١ والدر المنثور ج ٤ ص ١٩٤ عن ابن جرير ، وابن أبي حاتم.

(٤) الدر المنثور ج ٤ ص ١٩٤ عن ابن أبي حاتم.

١٩٨

د : عن جبير بن نفير : أن قريشا طلبوا منه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن يطرد الذين اتبعوه من سقاط الناس ومواليهم ، ليكونوا هم اصحابه ، فركن إليهم ، فنزلت (١).

ه : عن ابن عباس : أن ثقيفا قالوا لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : أجّلنا سنة ، حتى نهدي لألهتنا ، فإذا قبضنا الذي يهدى للآلهة أحرزناه ، ثم أسلمنا ، وكسرنا الآلهة ، فهمّ أن يؤجلهم ، فنزلت (٢).

ثانيا : إن الآيات تقول : إنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لم يركن ، بل هو لم يقترب من الركون إليهم ، لأن تثبيت الله له كان حاصلا فعلا ومن أول الأمر .. وذلك بقرينة كلمة (لو لا) الدالة على نفي الحصول.

فكل الروايات المفيدة لركونه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، أو مقاربته للركون لا تصح ، لأنها تنافي ظاهر الآية الكريمة.

ثالثا : إن الحديث في الآية إنما هو عن أمر أنزل وأوحي إليه من الله تعالى ، وهم يريدون منه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن يفتري على الله غيره ..

وهذا لا ينطبق على مورد الرواية السابقة ، لأن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لم يقل لهم : إن الله أوحى إليه أن أترك الصنم على المروة ، بل هو ـ حسب ما تقوله الرواية ـ قد همّ بتركه ، لأنه استحيا منهم.

رابعا : إن هذه السورة مكية ، وقد ذكرنا في ثنايا هذا الكتاب : أن السور

__________________

(١) الدر المنثور ج ٤ ص ١٩٤ عن ابن أبي حاتم ، ومجمع البيان المجلد الثالث ج ٦ ص ٤٣١.

(٢) الدر المنثور ج ٤ ص ١٩٤ عن ابن جرير ، وابن مردويه ، ومجمع البيان المجلد الثالث ج ٦ ص ٤٣١.

١٩٩

كانت تنزل دفعة واحدة ، ثم تبدأ تطبيقاتها بالحصول تدريجا إلى أن تنزل «بسم الله الرحمن الرحيم» مرة أخرى ، فيعرف الناس : أن السورة السابقة قد انتهت ، وأن سورة جديدة قد بدأت (١).

__________________

(١) راجع : الدر المنثور ج ١ ص ٧ وج ٣ ص ٢٠٨ عن أبي داود ، والبزار ، والدار قطني في الافراد ، والطبراني ، والحاكم ، وصححه ، والبيهقي في المعرفة وفي شعب الإيمان ، وفي السنن الكبرى ، وعن أبي عبيد ، والواحدي ، وفتح الباري ج ٩ ص ٣٩ وتفسير القرآن العظيم ج ١ ص ١٦ ونيل الأوطار ج ٢ ص ٢٢٨ ومستدرك الحاكم ج ١ ص ٢٣١ و ٢٣٢ وصححه على شرط الشيخين ، وتلخيص المستدرك للذهبي ، بهامشه ، وأسباب النزول للواحدي ص ٩ و ١٠ والسنن الكبرى ج ٢ ص ٤٢ و ٤٣ ومحاضرات الأدباء المجلد الثاني ، الجزء ٤ ص ٤٣٣ والإتقان ج ١ ص ٧٨ وبحوث في تاريخ القرآن وعلومه ص ٥٦ و ٥٧ وراجع ص ٥٥ عن بعض من تقدم ، والجامع لأحكام القرآن ج ١ ص ٩٥ وعمدة للقارئ ج ٥ ص ٢٩٢ ونصب الراية ج ١ ص ٣٢٧ والمستصفى ج ١ ص ١٠٣ وفواتح الرحموت بهامشه ج ٢ ص ١٤ وتاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٣٤ والتفسير الكبير ج ١ ص ٢٠٨ وغرائب القرآن ، بهامش الطبري ج ١ ص ٧٧ والمصنف للصنعاني ج ٢ ص ٩٢ ومجمع الزوائد ج ٦ ص ٣١٠ وج ٢ ص ١٠٩ عن أبي داود والبزار وكنز العمال ج ٢ ص ٣٦٨ عن الدار قطني في الافراد والتمهيد في علوم القرآن ج ١ ص ٢١٢ عن الحاكم واليعقوبي ، وسنن أبي داود ج ١ ص ٢٠٩ والمنتقى ج ١ ص ٣٨٠ وتبيين الحقائق ج ١ ص ١١٣ وكشف الأستار ج ٣ ص ٤٠ ومشكل الآثار ج ٢ ص ١٥٣ وتفسير العياشي ج ١ ص ١٩ وعنه في التمهيد في علوم القرآن ج ١ ص ٢١٢ وبحوث في تاريخ القرآن وعلومه ص ٥٦ ومصباح الفقيه [كتاب الصلاة] ص ٢٧٦ والجامع لأحكام القرآن ج ١ ص ٩٥.

٢٠٠