الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢١

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢١

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-193-9
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٥٤

بلغه أن الناس شق عليهم الصيام ، وقيل له : إنما ينظرون فيما فعلت.

فلما استوى على راحلته بعد العصر دعا بإناء من لبن ، أو ماء ، وجزم جابر بأنه ماء ، وكذا ابن عباس (١).

وفي رواية : فوضعه على راحلته ليراه الناس ، فشرب فأفطر ، فناوله

__________________

ص ٩٨ وصحيح ابن خزيمة ج ٣ ص ٢٥٥ وشرح معاني الآثار ج ٢ ص ٦٥ وصحيح ابن حبان ج ٦ ص ٤٢٣ وج ٨ ص ٣١٨ و ٣١٩ ومعرفة السنن والآثار ج ٣ ص ٣٩٠ والإستذكار لابن عبد البر ج ٣ ص ٣٠١ والتمهيد لابن عبد البر ج ٩ ص ٦٨ وج ٢٢ ص ٥٢ وتفسير الثعلبي ج ٢ ص ٧٣ وتفسير السمعاني ج ١ ص ١٨٤ وتفسير البغوي ج ١ ص ١٥٣ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٢٧ و ٥٤٢ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢١٣ وج ٨ ص ٤٢٦ ونهج الحق للعلامة الحلي ص ٤٤٢ وإحقاق الحق (الأصل) ص ٣٨٣.

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢١٣ وج ٨ ص ٤٢٨ وإحقاق الحق (الأصل) ص ٣٨٣ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٧٧ وراجع : صحيح البخاري (ط دار الفكر) ج ٥ ص ٩٠ وفتح الباري ج ٤ ص ١٥٨ وصحيح مسلم ج ٣ ص ١٤١ وصحيح ابن خزيمة ج ٣ ص ٢٥٥ وصحيح ابن حبان ج ٨ ص ٣١٨ و ٣١٩ ونصب الراية ج ٣ ص ٢٧ والعهود المحمدية ص ٧١٦ ونيل الأوطار ج ٤ ص ٣٠٩ و ٣١٠ والطرائف لابن طاووس ص ٥٢٩ وعمدة القاري ج ١٧ ص ٢٧٦ والمعجم الكبير ج ١١ ص ٢٧٤ وراجع : الكافي ج ٤ ص ١٢٧ ومن لا يحضره الفقيه ج ٢ ص ١٤١ والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج ١٠ ص ١٧٦ و (ط دار الإسلامية) ج ٧ ص ١٢٥ والفصول المهمة ج ١ ص ٦٩١ وجامع أحاديث الشيعة ج ٩ ص ٢٩٣ ومنتقى الجمان ج ٢ ص ٥٢٧ ونهج الحق وكشف الصدق ص ٤٤٢.

٢٤١

رجلا إلى جنبه ، فشرب فقيل له بعد ذلك : إن بعض الناس صام ، فقال : «أولئك العصاة ، أولئك العصاة» ، فلم يزل مفطرا حتى انسلخ الشهر (١).

وعن أبي سعيد الخدرى قال : سافرنا مع رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ونحن صيام ، فنزلنا منزلا ، فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «إنكم قد دنوتم من عدوكم ، والفطر أقوى لكم».

وكانت رخصة ، فمنا من صام ، ومنا من أفطر ، ثم نزلنا منزلا آخر ، فقال : «إنكم مصبحو عدوكم ، والفطر أقوى لكم ، فأفطروا».

فكانت عزيمة ، فأفطرنا (٢).

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٨ ص ٤٢٦ وج ٥ ص ٢١٣ وفي هامشه عن : مسلم من حديث ابن عباس ٢ / ٧٨٤ (٨٨ / ١١١٣) ومن حديث جابر أخرجه مسلم في الصيام ٢ / ٧٨٥ (٩٠ / ١١١٤) والبخاري (٤٢٧٥) ، والترمذي (٧١٠) والنسائي في الصيام باب (٤٧) والطيالسي كما في المنحة (٩١٢) والطحاوي في معاني الآثار ٢ / ٦٥ والشافعي في المسند (١٥٨) والبيهقي في الدلائل ٥ / ٢٥ وفي السنن ٤ / ٢٤١ ، وانظر التلخيص ٢ / ٢٠٣ وراجع : السيرة الحلبية ج ٣ ص ٧٧ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٨٠٢ وبداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد الحفيد ج ١ ص ٢٣٨ وعوالي اللآلي ج ١ ص ٢٠٤ وراجع : شرح معاني الآثار ج ٢ ص ٦٤ ونيل الأوطار ج ٤ ص ٣٠٩ و ٣١٢ والطرائف ص ٥٢٨ ونهج الحق ص ٤٤٢ وصحيح البخاري (ط دار الفكر) ج ٥ ص ٩٠ وعمدة القاري ج ١٧ ص ٢٧٥ ونصب الراية ج ٣ ص ٢٨.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢١٣ وفي هامشه عن : مسلم ٢ / ٧٨٩ (١٠٢ / ١١٢٠) والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٧٧ و (ط دار المعرفة) ص ١٥ وراجع : المغازي للواقدي ج ٢ ص ٨٠٢ وتلخيص الحبير ج ٦ ص ٤٣١ وصحيح مسلم (ط دار الفكر) ج ٣ ص ١٤٤ والسنن الكبرى ج ٤ ص ٢٤٢ وفتح الباري ج ٤ ص ١٦٠ وتحفة

٢٤٢

أين أفطر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟! :

وقد اختلفوا في الموضع الذي أفطر فيه رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» هل هو قديد؟ أو كديد؟ أو كراع الغميم؟ أو عسفان؟ (١).

قال الصالحي الشامي وغيره : «يجوز أن يكون قد وقع منه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» الفعل في المواضع الأربعة ، والفطر في موضع منها ، لكن لم يره جميع الناس فيه لكثرتهم ، وكرره ليتساوى الناس في رؤية الفعل الخ ..» (٢).

وقال الحلبي : «لا منافاة لتقارب الأمكنة» (٣).

ونقول :

إن تقارب الأمكنة لا يجدي شيئا ، فإنه إذا كان الفعل قد وقع منه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في كراع الغميم ، فلماذا عدل الناقل عنها إلى عسفان ، أو قديد ، أو كديد؟

وإذا كان قد حصل ذلك في عسفان ، فلماذا يذكر الراوي كراع الغميم ، أو قديدا؟!

وأما ما ذكروه من احتمال تكرر الفعل منه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ليراه

__________________

الأحوذي ج ٣ ص ٣٢٨ وج ٥ ص ٢٧١ والمصنف لابن أبي شيبة ج ٧ ص ٦٢٧ وصحيح ابن خزيمة ج ٣ ص ٢٥٧ وشرح معاني الآثار ج ٢ ص ٦٥ ومسند الشاميين ج ٣ ص ١٣٠ ونيل الأوطار ج ٤ ص ٣٠٤ وفقه السنة لسيد سابق ج ١ ص ٤٤٢ وسنن أبي داود ج ١ ص ٥٣٨ والسنن الكبرى ج ٤ ص ٢٤٢.

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٦٧ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٧٧ و (ط دار المعرفة) ص ١٤.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٦٧ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٧٧ و (ط دار المعرفة) ص ١٤.

(٣) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٧٧ و (ط دار المعرفة) ص ١٤.

٢٤٣

الناس ، فيحتاج إلى شاهد وقرينة تدل على هذا التعدد.

على أن ظاهر الروايات هو : أنها تتحدث عن فعل واحد صدر منه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بما له من خصوصيات وتفاصيل ..

حديث الصيام باطل من أصله :

ونظن أننا لن نفاجىء القارىء الكريم إذا قلنا : إن هذا الذي ذكروه عن أمر الصيام والإفطار باطل من أساسه ، فلاحظ ما يلي :

١ ـ إن المسافة التي توجب القصر في مدرسة أهل البيت «عليهم‌السلام» هي ثمانية فراسخ إمتدادية ، أو ملفقة من الذهاب والإياب.

والفرسخ : ثلاثة أميال.

والمسافة بين المدينة والأماكن التي يدّعى أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد أفطر فيها ، هي أضعاف المقدار الذي يجب فيه القصر ، وفق ما عليه أهل البيت «عليهم‌السلام» ، وأهل البيت أدرى بما فيه ، وهم سفينة النجاة ، والثقل الذي أمر الله تعالى بالتمسك به مع القرآن ..

٢ ـ والمسافة الموجبة للقصر عند أهل السنة : المالكية ، والحنابلة ، والشوافع ، هي : مسيرة يوم وليلة ، وقدروها بستة عشر فرسخا ، التي هي حوالي اثنين وثمانين كيلومترا أي ثمانية وأربعون ميلا.

وعند الحنفية هي : مسيرة ثلاثة أيام من أقصر أيام السنة بدأ من الصباح إلى الزوال فقط.

٢٤٤

وقدرها بعضهم : بأربعة وعشرين فرسخا (١).

والمسافة بين المدينة والمواضع التي زعموا أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أفطر فيها : هي أضعاف هذه المسافة ..

٣ ـ تقدم أن الحلبي يقول : إن هذه المواضع المذكورة في الروايات متقاربة بحيث يصح ذكر بعضها مكان بعض.

وقد قلنا : إن ذلك لا يصح ، إذ لا نجد مبررا لترك اسم الموضع الأصلي ، وذكر اسم الموضع المجاور له.

ولكننا نقول :

إن عسفان تبعد عن مكة ستة وثلاثين ميلا فقط (٢) .. فهي على مسافة يومين من مكة (٣).

وكديد : تبعد عن مكة اثنين وأربعين ميلا (٤).

__________________

(١) راجع : الفقه على المذاهب الأربعة ج ١ ص ٤٧٢ و ٤٧٣ وراجع : تذكرة الفقهاء (ط ج) ج ٤ ص ٣٧١ و (ط ق) ج ١ ص ١٨٨ وتفسير مجمع البيان ج ٢ ص ١٦ وزاد المسير ج ١ ص ١٦٨ وتفسير الرازي ج ٥ ص ٨٢.

(٢) مراصد الإطلاع ج ٢ ص ٩٤٠ وشرح مسلم للنووي ج ٧ ص ٢٣٠ وعمدة القاري ج ٩ ص ٢٠٣ والديباج على مسلم ج ٣ ص ٢١٥ وعون المعبود ج ٤ ص ٧٤.

(٣) وفاء الوفاء ج ٤ ص ١٢٦٦ والشرح الكبير لابن قدامة ج ٢ ص ٩٣ وكشاف القناع ج ١ ص ٦١٦.

(٤) مراصد الإطلاع ج ٣ ص ١١٥٢ ومعجم البلدان ج ٤ ص ٤٤٢ وشرح مسلم للنووي ج ٧ ص ٢٣٠ وفتح الباري (المقدمة) ص ١٧٤ وتارج العروس ج ٥ ص ٢١٩.

٢٤٥

وكراع الغميم : أمام عسفان بثمانية أميال (١).

وقد صرح أبو هريرة : بأنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» كان بالعرج لا يزال صائما ، وهي تبعد عن المدينة ثمانية وسبعين ميلا (٢).

وقديد : موضع قرب مكة (٣) ، وبينها وبين ضجنان يوم (٤).

وضجنان : على بعد خمسة وعشرين ميلا من مكة (٥).

وقيل : على بعد بريد منها (٦).

وهذا معناه : أن ثمة مسافات طويلة فيما بين هذه الأمكنة ، قد تصل إلى عشرة أو خمسة عشر كيلومترا ..

علما بأن هذه الأماكن التي تتحدث الروايات عنها تبعد عن المدينة مئات الكيلومترات ، كما يظهر من ملاحظة ما ذكرناه ..

__________________

(١) مراصد الإطلاع ج ٣ ص ١١٥٣ ومعجم البلدان ج ٤ ص ٤٤٣ ووفاء الوفاء ج ٤ ص ١٢٧٩ والديباج على مسلم ج ٣ ص ٢١٦.

(٢) وفاء الوفاء ج ٤ ص ١٢٦٤ وشرح مسلم للنووي ج ١٥ ص ١٥ وعمدة القاري ج ١٠ ص ١٧٧ والديباج على مسلم ج ٥ ص ٢٧٤ وسبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٧٧.

(٣) مراصد الإطلاع ج ٣ ص ١٠٧٠ ومعجم البلدان ج ٤ ص ٣١٣.

(٤) وفاء الوفاء ج ٤ ص ١٢٥٧ وفتح الباري ج ٢ ص ٩٣ وفي عمدة القاري ج ٥ ص ١٤٦ ومعجم ما استعجم : ليلة.

(٥) وفاء الوفاء ج ٤ ص ١٢٥٧ ومراصد الإطلاع ج ٢ ص ٨٦٥ ومعجم البلدان ج ٣ ص ٤٥٣.

(٦) مراصد الإطلاع ج ٢ ص ٨٦٥ ومعجم البلدان ج ٣ ص ٤٥٣ وموسوعة التاريخ الإسلامي ج ١ ص ٤٨٠.

٢٤٦

أي أن عسفان تبعد عن المدينة حوالي ثماني مراحل. أي بما يزيد عن ثلاث مائة كيلومتر ، وكذلك الحال بالنسبة لكديد ، فضلا عن كراع الغميم ، وقديد.

فإذا لاحظنا النصوص في المصادر المختلفة ، فسنجد : أن القادم من المدينة إلى مكة يمر بالعرج ، ثم بالجحفة ، ثم بكديد ، ثم بعسفان.

والجحفة أقرب إلى مكة منها إلى المدينة ، فإنها تبعد عن مكة أربع مراحل ونصفا (١) ، وتبعد عن المدينة خمس مراحل وثلثي مرحلة (٢).

والمرحلة هي في الحقيقة : مسيرة يوم (٣).

وبعد عسفان تأتي كراع الغميم ، ثم أمج .. وتأتي أخيرا قديدا ، وضجبان.

وذلك كله يوضح لنا : أن كديدا وعسفان ، وكراع الغميم ، وقديد ، تبعد عن المدينة أضعاف المسافة التي توجب الإفطار وقصر الصلاة ، وذلك ظاهر لا يخفى.

والأخذ بهذه الروايات يقتضي طرح جميع الروايات الأخرى التي اعتمد عليها فقهاء المذاهب الأربعة فيما يرتبط بتقدير المسافة التي توجب

__________________

(١) وفاء الوفاء ج ٤ ص ١١٧٤ وراجع : مراصد الإطلاع ج ١ ص ٣١٥ ومعجم البلدان ج ٣ ص ٦٢ و (ط دار إحياء التراث العربي) ج ٢ ص ١١١.

(٢) وفاء الوفاء ج ٤ ص ١١٧٤ وراجع : مراصد الإطلاع ج ١ ص ٣١٥ ومعجم البلدان ج ٣ ص ٦٢ و (ط دار إحياء التراث العربي) ج ٢ ص ١١١.

(٣) الفقه على المذاهب الأربعة ج ١ ص ٤٧٣ والحدائق الناضرة ج ١٤ ص ٣٢٦ عن المصباح للفيومي.

٢٤٧

الفطر والقصر ، فضلا عن مخالفتها لما يقوله أهل بيت العصمة والطهارة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ..

حديث شق عليهم الصوم :

وعن الحديث الذي يقول : إنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إنما أفطر حين بلغه أن الصوم شق على الناس ، نقول :

إننا نضيف إلى ما قدمناه ما يلي :

أولا : إن فطره «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لأجل التخفيف على الناس غير مقبول ؛ لأن الصوم إن كان مفروضا وواجبا ، فلا يصح إفطار من لا يشق عليه الصوم لإغراء من شق عليه بالإفطار.

بل الواجب هو : إرشادهم إلى أن من بلغ مقدار المشقة عليه حدا يقتضي الإفطار ، فعليه أن يفطر ، ومن لم تبلغ به المشقة هذا الحد ، لم يجز له الإفطار ..

وإن كان الصوم ليس واجبا عليهم ، فلا معنى لإناطة الإفطار بالمشقة ..

والمفروض : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لم يكن الصوم شاقا عليه ، فكيف جاز له أن يفطر؟!

ثانيا : إن حديث مشقة الصوم لا ينسجم مع الحديث الآخر ، الذي تحدث عن الرخصة تارة ، والعزيمة أخرى .. لأن هذا الحديث يدل على أن السبب في أمره «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لهم بالإفطار هو : أنه يريد أن يجد فيهم المزيد من القوة في مواجهة عدوهم.

إلا أن يقال : إن هذه الرواية لم تصرح بأن ذلك كان في غزوة الفتح.

٢٤٨

وليس فيها أيضا : أن صيامهم كان في شهر رمضان ..

فلعلها قصة أخرى ، غير هذه ..

لا سيما وأنه لم تكن هناك حرب حقيقية في غزوة الفتح.

ثالثا : إن اعتبار الذين صاموا عصاة ، يتوقف على أن يكون الصوم واجبا عليهم ، فوجوب الإفطار يدور بين احتمالات :

الأول : أن تكون المسافة التي قطعت من موجبات الإفطار.

وقد تقدم بطلان هذا الاحتمال.

الثاني : أن يكون الصوم واجبا ، لكن المشقة هي التي حتمت إفطارهم.

الثالث : أن يكون النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد حتّم عليهم الإفطار من موقع كونه أولى بهم من أنفسهم ، لكي تظهر قوتهم للأعداء ، التي هي بنظره أهم من مصلحة الصوم. فهم قد خالفوا أمره الولائي ، ولم يخالفوا أمر الله تعالى لهم في صيام شهر رمضان المبارك.

الرابع : أن يكون وجوب الصوم قد كان بنذر ونحوه ، وقد حل النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» نذرهم ، من حيث إنه أولى بهم من أنفسهم ..

وكل هذا بعيد .. والإعتماد على احتمالات كهذه غير سديد ولا رشيد.

٢٤٩
٢٥٠

الفصل السابع :

هجرة العباس ..

وإسلام ابن الحارث وابن أبي سلمة

٢٥١
٢٥٢

إسلام العباس وهجرته :

وقدم العباس على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بعياله مسلما مهاجرا.

قال ابن هشام : لقيه بالجحفة (١).

وقيل : بذي الحليفة ، وأرسل أهله وثقله إلى المدينة ، ورجع مع رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلى مكة (٢).

وعند الواقدي : لقيه بالسقيا هو ومخرمة بن نوفل ، فدخل العباس ، فلم يخرج حتى رأى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله». وكان ينزل معه في كل منزل حتى دخل مكة (٣).

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢١٣ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٧٨ والبحار ج ٢١ ص ١١٨ وإمتاع الأسماع ج ١ ص ٣٥٧ والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج ٢ ق ٢ ص ٤٢ والكامل في التاريخ ج ٢ ص ٢٤٢ والإستذكار ج ٥ ص ١٥١.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢١٣ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٧٨ والبحار ج ٢١ ص ١١٨ وإمتاع الأسماع ج ١ ص ٣٥٧ والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج ٢ ق ٢ ص ٤٢ والكامل في التاريخ ج ٢ ص ٢٤٢.

(٣) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٨١٢ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٣٣٠ وراجع : إمتاع الأسماع ج ١ ص ٣٥٧ وأعيان الشيعة ج ١ ص ٢٧٥.

٢٥٣

قال البلاذري : وقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «هجرتك يا عم آخر هجرة ، كما أن نبوتي آخر نبوة» (١).

ولكننا نجد في مقابل ذلك من يقول عن العباس : «الصحيح : أنه منذ يوم بدر كان بالمدينة» (٢).

وقالوا : إن العباس خرج يتلقى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ومعه أبو سفيان بن الحارث ، وعبد الله بن أبي أمية ، وقد تلقاه بثنية العقاب ، ورسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في قبته ، وعلى حرسه زياد بن أسيد ، فاستقبلهم زياد ، فقال : أما أنت يا أبا الفضل فامض إلى القبة ، وأما أنتما فارجعا.

فمضى العباس حتى دخل على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» فسلم عليه ، وقال : بأبي أنت وأمي ، هذا ابن عمك قد جاء تائبا ، وابن عمتك.

قال : لا حاجة لي فيهما ، إن ابن عمي انتهك عرضي ، وأما ابن عمتي فهو الذي يقول بمكة : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) (٣).

فلما خرج العباس كلمته أم سلمة ، وقالت : بأبي أنت وأمي ، ابن عمك قد جاء تائبا ، لا يكون أشقى الناس بك ، وأخي إبن عمتك وصهرك ، فلا يكونن شقيا بك.

__________________

(١) راجع : سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢١٣ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٧٨ و (ط دار المعرفة) ص ١٥ ومواقف الشيعة ج ١ ص ١٧١ عن عيون الأخبار لابن قتيبة ج ١ ص ٥.

(٢) الخرايج والجرايح ج ١ ص ١٦٢ والبحار ج ٢١ ص ١١٨ عنه.

(٣) الآية ٩٠ من سورة الإسراء.

٢٥٤

ونادى أبو سفيان بن الحارث النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : كن لنا كما قال العبد الصالح : (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ) فدعاه وقبل منه ، ودعا عبد الله بن أبي أمية ، فقبل منه (١).

وساطة أم سلمة :

كان أبو سفيان بن الحارث أخا النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من الرضاعة ، أرضعته حليمة السعدية أياما ، وكان لا يفارق النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قبل النبوة. وكان له تربا.

وكان عبد الله بن أبي أمية أخا لأم سلمة ، وهو ابن عاتكة بنت عبد المطلب عمة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

وكان هذان الرجلان من أكبر القائمين عليه ، ومن أشد الناس إذاية له «صلى‌الله‌عليه‌وآله». فقدما على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بنبق العقاب ، أو بالأبواء ، فالتمسا الدخول عليه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» فأعرض عنهما.

فكلمته أم سلمة فيهما ، وقالت له : لا يكون ابن عمك ، وابن عمتك أشقى الناس بك.

فقال «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «لا حاجة لي بهما.

أما ابن عمي ، فهتك عرضي.

وأما ابن عمتي وصهري فهو الذي قال لي بمكة ما قال».

(أي أنه كان قد قال له : إنه لا يؤمن به إلا إذا عرج بسلم إلى السماء ، وهو

__________________

(١) مناقب آل أبي طالب ج ١ ص ١٧٨ وإعلام الورى ج ١ ص ٢١٩ والبحار ج ٢١ ص ١٢٧ و ١٢٨ عنه ، ومستدرك سفينة البحار ج ٨ ص ١٠٨.

٢٥٥

ينظر إليه ، ثم يأتيه بصك ، وأربعة من الملائكة يشهدون له : أن الله أرسله (١)).

فلما خرج الخبر ، قال أبو سفيان : ليأذنن لي أو لآخذن بيد ابني هذا ، ثم لنذهبن في الأرض حتى نموت جوعا وعطشا.

فلما بلغ ذلك رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» رق لهما ، ثم أذن لهما ، فدخلا عليه ، وأسلما (٢).

__________________

(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٧٧ و (ط دار المعرفة) ص ١٤ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٨١٠ و ٨١١ وسيرة ابن إسحاق ج ٤ ص ١٨٠ والسيرة النبوية لابن هشام ج ١ ص ١٩٣ وعيون الأثر ج ١ ص ١٤١ والسيرة النبوية لابن كثير ج ١ ص ٤٨١ وسبل الهدى والرشاد ج ٢ ص ٣٤٠ وراجع : الكشاف للزمخشري ج ٢ ص ٤٦٦ وتفسير القمي ج ٢ ص ٢٧ والبحار ج ٩ ص ٢٢٢ وج ١٨ ص ١٧٩ والتفسير الصافي ج ٣ ص ٢١٧ وتفسير نور الثقلين ج ٣ ص ٢٢٦ وتفسير الرازي ج ٢١ ص ٥٨ وتفسير القرطبي ج ١٠ ص ٣٣٠ وتفسير البحر المحيط ج ٦ ص ٧٨ والدر المنثور ج ٤ ص ٢٠٣ وتفسير أبي السعود ج ٥ ص ١٩٥ وتفسير الآلوسي ج ١٥ ص ١٧١ والبداية والنهاية ج ٣ ص ٦٧ وأعيان الشيعة ج ١ ص ٢٧٦ و ٤٠٨ وج ١٠ ص ٢٧٢ وموسوعة التاريخ الإسلامي ج ١ ص ٥٢٤.

(٢) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٧٧ و (ط دار المعرفة) ص ١٤ ومجمع البيان ج ١٠ ص ٥٥٥ والبحار ج ٢١ ص ١٠٢ و ١٠٣ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٨١٠ و ٨١١ والمعجم الكبير للطبراني ج ٨ ص ١٠ وتفسير الميزان ج ٢٠ ص ٣٨٠ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٣٢٩ والكامل في التاريخ ج ٢ ص ٢٤٣ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٢٨ وأعيان الشيعة ج ١ ص ٢٧٦ و ٤٠٨ وج ١٠ ص ٢٧٢ والسيرة النبوية ج ٤ ص ٨٦٠ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٥٤٤ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٨٠ عن ذخائر العقبى ، والمواهب اللدنية ، وأبي عمر.

٢٥٦

وقيل : إن عليا «عليه‌السلام» قال لأبي سفيان : ائت رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من قبل وجهه ، فقل له ما قال إخوة يوسف ليوسف : (.. تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنا وَإِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ) ؛ فإنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لا يرضى بأن يكون أحد أحسن قولا منه ، ففعل ، فقال «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) (١).

وكان أبو سفيان قد عادى النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» نحو عشرين سنة ، يهجوه ، ولم يتخلف عن قتاله (٢).

وقال الواقدي : فلما خرج رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلى فتح مكة استقبل عبد الله بن أبي أمية ، فسلم على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فلم يرد عليه‌السلام ، فأعرض عنه ولم يجبه بشيء.

وكانت أخته أم سلمة مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فدخل إليها فقال : يا أختي! إن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد قبل إسلام الناس كلهم ورد إسلامي ، فليس يقبلني كما قبل غيري.

فلما دخل رسول الله صلى «صلى‌الله‌عليه‌وآله» على أم سلمة قالت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله! سعد بك جميع الناس إلا أخي من بين قريش والعرب ، رددت إسلامه ، وقبلت إسلام الناس كلهم.

فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «يا أم سلمة ، إن أخاك كذّبني تكذيبا لم يكذبني أحد من الناس ، هو الذي قال لي : (وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ

__________________

(١) الآيتين ٩١ و ٩٢ من سورة يوسف.

(٢) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٧٧ و (ط دار المعرفة) ص ١٤ وإمتاع الأسماع ج ١ ص ٣٥٦.

٢٥٧

حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) إلى قوله : (كِتاباً نَقْرَؤُهُ) (١).

قالت أم سلمة : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ألم تقل : إن الإسلام يجب ما كان قبله؟

قال : نعم.

فقبل رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إسلامه (٢).

ولم يزل أبو سفيان عشرين سنة عدوا لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، يهجو المسلمين ويهجونه ، ولا يتخلف عن موضع تسير فيه قريش لقتال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ثم إن الله ألقى في قلبه الإسلام.

قال أبو سفيان : فقلت من أصحب؟! ومع من أكون؟! قد ضرب الإسلام بجرانه ، فجئت زوجتي وولدي فقلت : تهيأوا للخروج ، فقد أظل قدوم محمد.

قالوا : قد آن لك أن تبصر أن العرب والعجم قد تبعت محمدا ، وأنت موضع في عداوته ، وكنت أولى الناس بنصره.

فقلت لغلامي مذكور : عجل بأبعرة وفرس.

قال : ثم سرنا حتى نزلنا الأبواء ، وقد نزلت مقدمة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» الأبواء ، فتنكرت ، وخفت أن أقتل.

وكان رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد نذر دمي ، فخرجت على

__________________

(١) الآيات ٩٠ إلى ٩٣ من سورة الإسراء.

(٢) البحار ج ٩ ص ٢٢٢ وج ٢١ ص ١١٤ وتفسير القمي ج ٢ ص ٢٧ والقواعد الفقهية ج ١ ص ٤٨ ومستدرك سفينة البحار ج ٢ ص ٥ ومستدرك الوسائل ج ٧ ص ٤٤٨ وجامع أحاديث الشيعة ج ٩ ص ٣٢٦ وتفسير نور الثقلين ج ٣ ص ٢٢٦.

٢٥٨

قدمي نحوا من ميل وأقبل الناس رسلا رسلا ، فتنحيت فرقا من أصحابه ، فلما طلع في موكبه تصديت له تلقاء وجهه ، فلما ملأ عينيه مني أعرض عني بوجهه إلى الناحية الأخرى.

فتحولت إلى ناحية وجهه الأخرى ، فأعرض عني مرارا ، فأخذني ما قرب وما بعد ، وقلت : أنا مقتول قبل أن أصل إليه.

وأتذكر بره ورحمه فيمسك ذلك مني. وقد كنت لا أشك أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وأصحابه سيفرحون بإسلامي فرحا شديدا لقرابتي منه.

فلما رأى المسلمون إعراض رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عني أعرضوا عني جميعا ، فلقيني ابن أبي قحافة معرضا عني.

ونظرت إلى عمر يغري بي رجلا من الأنصار ، فقال لي : يا عدو الله ، أنت الذي كنت تؤذي رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وتؤذي أصحابه ، قد بلغت مشارق الأرض ومغاربها في عداوته.

فرددت بعض الرد عن نفسي ، واستطال علي ورفع صوته حتى جعلني في مثل الحرجة من الناس يسرون بما يفعل بي.

قال : فدخلت على عمي العباس ، فقلت : يا عم ، قد كنت أرجو أن يفرح رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بإسلامي لقرابتي وشرفي ، وقد كان منه ما رأيت ، فكلمه فيّ ليرضى عني.

قال : لا والله ، لا أكلمه كلمة أبدا بعد الذي رأيت منه.

فقلت : يا عمّي إلى من تكلني؟

قال : هو ذاك.

قال : فلقيت عليا رحمة الله عليه ، فكلمته ، فقال لي مثل ذلك.

٢٥٩

قال أبو سفيان : فخرجت ، فجلست على باب منزل رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، حتى خرج إلى الجحفة وهو لا يكلمني ولا أحد من المسلمين. وجعلت لا ينزل منزلا إلا أنا على بابه ، ومعي ابني جعفر قائم ، فلا يراني إلا أعرض عني.

فخرجت على هذه الحال حتى شهدت معه فتح مكة ، وأنا في خيله التي تلازمه حتى هبط من أذاخر ، حتى نزل الأبطح ، فدنوت من باب قبته فنظر إلي نظرا هو ألين من ذلك النظر الأول ، قد رجوت أن يبتسم ، ودخل عليه نساء بني عبد المطلب ، ودخلت معهن زوجتي فرقّقته عليّ.

وخرج إلى المسجد وأنا بين يديه لا أفارقه على حال ، حتى خرج إلى هوازن ، فخرجت معه وقد جمعت العرب جمعا لم تجمع مثله قط.

وخرجوا بالنساء والذرية والماشية ، فلما لقيتهم قلت : اليوم يرى أثري إن شاء الله. فلما لقيناهم حملوا الحملة التي ذكر الله : (ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ) (١).

وثبت رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» على بغلته الشهباء ، وجرد سيفه.

فاقتحمت عن فرسي وبيدي السيف صلتا ، قد كسرت جفنه ، والله يعلم أني أريد الموت دونه ، وهو ينظر إلي ، فأخذ العباس بن عبد المطلب بلجام البغلة ، فأخذت بالجانب الآخر ، فقال : من هذا؟

فقال العباس : أخوك وابن عمك أبو سفيان بن الحارث! فارض عنه ، أي رسول الله!

قال : قد فعلت ، فغفر الله كلّ عداوة عادانيها!

__________________

(١) الآية ٢٥ من سورة التوبة.

٢٦٠