الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢١

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢١

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-193-9
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٥٤

التي يعبر فيها حاطب عن عدم معرفته بمقصد رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وأنه يريد لهم أن يكونوا على حذر. وستأتي مبررات ذلك عن قريب إن شاء الله تعالى.

مقدار الجعل على حمل الرسالة :

ونحن نشك في أن يكون الجعل الذي أعطاه حاطب لتلك المرأة لكي تحمل الرسالة إلى مكة هو دينار واحد ، أو نحو ذلك ، فإنها قيمة زهيدة لا يرغب بها راغب ، ولا سيما مع هذه الأخطار التي قد تتعرض لها.

إلا إذا فرض : أن تلك المرأة هي سارة التي قدمت من مكة ، وتريد أن ترجع إلى بلدها .. أو أنها امرأة أخرى مضطرة للسفر على كل حال ، وقد أرادت أن تسدي هذه الخدمة للمشركين ، وتستفيد بعض المال أيضا عن هذا الطريق.

هل نافق حاطب؟! :

وذكر الحلبي : أن مراد عمر بقوله عن حاطب : قد نافق : أنه خالف الأمر ، لا أنه أخفى الكفر ، لقوله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : قد صدقكم ، ولا تقولوا له إلا خيرا. وعليه يشكل قول عمر المذكور ، ودعاؤه عليه بقوله : قاتلك الله.

إلا أن يقال : يجوز أن يكون قول عمر له ذلك كان قبل قول رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ما ذكر (١).

__________________

(١) راجع : السيرة الحلبية ج ٣ ص ٧٦ و (ط دار المعرفة) ص ١٣.

١٨١

غير أننا نقول :

إن ذلك لا يدفع الإشكال ، فإن مخالفته الأمر لا توصف بأنها نفاق ، فيبقى السؤال المذكور. إلا إن كان يريد أنه قد فعل فعل المنافق ، من حيث إنه كان يظهر للمسلمين إخلاصه ، ولكنه يفعل في الباطن خلاف ما يظهره ..

ولكنه بعد انكشاف أمره قد صدق في كلامه حين أخبرهم بالأسباب التي حملته على هذا الفعل النفاقي ..

المخبأ العتيد :

ويلاحظ هنا : أن تلك المرأة قد خبأت الكتاب في شعرها ، وفتلت عليه قرونها. أو خبأته في حجزتها ، وهو معقد السراويل كما في رواية أخرى .. لأنها كانت تدرك تحرّج المسلمين من النظر إلى شعور النساء ، أو من تجريدهن بحيث يظهر لهم المخبأ في معقد السراويل ، لأن ذلك حرام شرعا ، ويفترض بهم أن يلتزموا بأحكام الشرع ، وحتى لو كشفوا رأسها ، أو انكشف قهرا بسبب حركة عنيفة ، أو بريح شديدة ، فإن ذلك لا يضر ، لأن الكتاب كان في داخل الشعر المفتول.

الفضل لعلي عليه‌السلام :

وقد كان الفضل لعلي «عليه‌السلام» في كشف أمر تلك المرأة. أما الذين كانوا معه فقد أقنعهم قولها ، وأرادوا تخلية سبيلها. بل إن الزبير حكم ببراءتها من هذا الأمر الذي انتدبهم إليه رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» .. ولم يطالبوها بكشف رأسها ، ولا بنقض شعرها المفتول ..

١٨٢

وقد اخطأوا في ذلك من جهتين :

أولاهما : أنهم لم يراعوا أوامر رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» المسدد بالوحي الذي يريه الواقع كما هو.

الثانية : أن ظاهر حالها لا بد من أن يشي بلزوم الريبة بها لأن نفس المسالك التي سلكتها لا بد من أن تثير شكوكهم في أمرها .. حتى لو لم يخبرهم رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بشيء.

وذلك لأنها تركت الطرقات السهلة ، والتي اعتاد الناس سلوكها ، واختارت السير في القفار والشعاب فترة طويلة ، ثم عادت إلى الطريق في «العقيق» ..

فأخذوها هناك ، وكشف أمرها علي «عليه‌السلام» ، ولا يسلك هذه المسالك إلا هارب أو خائف ، أو من يخفي شيئا خطيرا يريد ان ينفذه إلى بلاد أخرى.

الحرس على الطريق وشى بالخائن :

إن حاطب بن أبي بلتعة يوصي حاملة رسالته بأن لا تمر على الطريق ، فإن عليه حرسا ، فتركت الطريق وسارت في القفار والفجاج مقدارا طويلا ، ثم عادت لتسلك الطريق في منطقة «العقيق».

ومن البديهي : أنه لا يمكنها الوصول إلى مكة بسلوك متاهات الصحاري والقفار ، وترك الجادة ، لأن ذلك يعرضها لكثير من المفاجآت والأخطار ، بل هو يؤدي بها إلى الهلاك والبوار.

ولأجل ذلك أخذ رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» المسالك على كل

١٨٣

سالك ووضع الحرس عليها ، لأنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يعلم : كل من تنكّب الطريق لا بد من أن يعود إليها ولو بعد حين.

رسالة تهديد أم تحذير؟! :

وقد ذكروا بعض النصوص لرسالة حاطب التي قد يقال : إنها أشبه بالتهديد منها بالإخبار لهم مما يراد بهم. ففيها : «أقسم بالله لو سار إليكم وحده لنصره الله عليكم ، فإنه منجز له ما وعده الله فيكم ، فإن الله ناصره ووليه».

ثم يقال : لو صح أن هذا هو النص الذي كتبه إليهم حاطب لاستحق عليه المدح والثناء ، والتقدير ، لا الملامة والتوبيخ .. ولكان ينبغي إنفاد الرسالة إليهم ، وعدم مصادرتها.

غير أننا نقول :

إن هذه الكلمات لا تكفي لإعطاء هذا الانطباع ، لأنها قد تكون لأجل التغطية على الخبر الأهم الذي أتحفهم به ، أو يكون قد ساق هذه العبارات ليتذرع بها ـ لو انكشف الأمر ـ ويدّعي : أنه لا يقصد إلا بث الرعب واليأس في قلوب الأعداء ، علما بأن ذلك لن يجديه نفعا بعد ما صرح لهم في رسالته بما كان الرسول «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد حذّر الناس من إخبارهم به ، وجعل الأرصاد على الطرقات ، من أجل تلافي حصوله .. وبذلك يكون حاطب قد عرّض نفسه للإدانة على كل حال .. وجعلها في موضع الخذلان والخسران ، ولا ينفعه المراء والجدل.

١٨٤

دقة معلومات حاطب :

ونحن لا نستطيع أن نتقبل ما ورد في بعض المصادر من أن حاطبا قد كتب لقريش : إن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» خارج إليكم يوم كذا وكذا .. (١).

ولا أن نقبل الرواية التي تقول : إنه كتب إليهم : إن رسول الله يريدكم فخذوا حذركم (٢).

وذلك لسببين :

أحدهما : أن أحدا لم يستطع أن يعرف وجهة سير رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، حتى سار بجيشه مسافات طويلة كما ظهر في جزء سابق حين الكلام حول سرية أبي قتادة إلى بطن إضم.

الثاني : أنه حتى لو علم حاطب بأن المقصود هو غزو مكة ، ولكن من أين يستطيع تحديد يوم خروج رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بذلك الجيش ، وأنه يوم كذا؟ فإن ذلك لا يتلاءم مع هذه السرّية الفائقة التي كان «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يعتمدها.

وقد ظهرت الكثير من الدلائل والشواهد على دقته البالغة في مراعاتها والحفاظ عليها ، بحيث لا يستطيع حاطب وسواه أن يعلم بهذا التاريخ الدقيق.

__________________

(١) إعلام الورى (ط مؤسسة آل البيت) ج ١ ص ٢١٦ والبحار ج ٢١ ص ١٢٥ عنه.

(٢) البحار ج ٢١ ص ٩٤ عن مجمع البيان ج ٩ ص ٢٦٩ و ٢٧٠ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٧٩٨ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٧٩ ومصادر كثيرة تقدمت.

١٨٥

والصحيح في الأمر هو أنه كتب إليهم يقول : إنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد آذن بالغزو ، إما إليكم أو إلى غيركم.

وقد أحب أن يخبرهم بذلك ليكونوا على حذر ، لاحتمال أن يكون قصده إليهم.

خبر السماء :

ويأتي التأييد بالوحي الإلهي في خصوص موضوع سرية التحرك وهدفه الأقصى ليبعث اليأس في نفوس المنافقين ، والمتزلفين ، والخانعين ، والمتآمرين ، وليقول لهم : إنكم غير قادرين على اختراق حاجز الرقابة هذا ، فإن المؤمنين حتى لو استنفدوا قدراتهم ، فسيأتيهم المدد والتسديد والتأييد الإلهي ، ليسد مواضع الخلل ، ويحفظ المسيرة من دون أن يباشر أي تصرف قاهر لإرادات المعاندين والمتآمرين ..

وهذا ما حصل فعلا في قضية حاطب بن أبي بلتعة ، حيث لم يتدخل الله تعالى لمنع حاطب من التفكير في مراسلة قريش ، ولا من التخطيط ، ثم التنفيذ ، كما انه لم يتصرف في إرادة المرأة حاملة الرسالة ، ولا أعجزها عن التصرف ، ولا قهرها على التزام طريق بعينها ، بل هي اختارت طريقا وسلكته ، وخططت لأمر ، ونفذت خطتها ..

ولكنه أخبر نبيه بما جرى .. فتصرف «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بطريقة من شأنها أن تؤدي إلى كشف المستور ، وجنّب بذلك اهل الإيمان من الوقوع في المحذور.

كما أن شعور أهل الإيمان بالتسديد والتأييد الإلهي لا بد من أن يقوي

١٨٦

من عزيمتهم ، ويشد من أزرهم ، ويرسخ من يقينهم.

ألا يكفي علي عليه‌السلام وحده؟! :

وقد يدور بخلد أحدهم سؤال يقول : ألم يكن يكفي أن يرسل عليا وحده لأخذ الكتاب من تلك المرأة ، فلماذا أرسل معه آخرين ، مثل الزبير ، وسواه حتى إن الأسماء قد تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة؟! مع أن حاملة الرسالة مجرد امرأة ، لا حول لها ولا قوة ولا تحتاج إلى كل هذا العدد.

ألا يدلنا ذلك : على أن ثمة تصرفا في الروايات بالتضخيم ، والتهويل ، لحاجة في نفس الرواة قضيت؟!

إلا أن يقال : إنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أرسلهم فرقا في مسالك مختلفة حتى لا تفوتهم تلك المرأة.

ونجيب :

بأنه لا شك في أن ثمة أهدافا أخرى تتجاوز موضع مصادرة الرسالة ، ومنع وصولها إلى قريش ، ونستطيع أن نذكر من هذه الأهداف ما يلي :

أولا : إن الأمر لا ينحصر بمنع وصول هذه الرسالة إلى قريش ، بل هو يتجاوز ذلك إلى إثارة جو من الرهبة يمنع أيا كان من الناس بالتفكير في تسريب أية معلومة عن تحركات النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» والمسلمين إلى أي كان من الناس ..

فكان أن اختار «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عدة أشخاص لهم خصوصيات وتوجهات ، وارتباطات ، واهواء مختلفة ، ومتشعبة ، ليروا جميعا بأم أعينهم صدق الوحي الإلهي ، وليأخذوا العبرة ، وينقلوها إلى القبائل والأفراد

١٨٧

الذين يعيشون في أجوائهم ، ولهم صلة بهم بنحو أو بآخر ..

ثانيا : إنه لو أرسل «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أي واحد منهم سوى علي «عليه‌السلام» ، فسيرجع بخفي حنين ، كما اظهرته الوقائع ، حيث صدقوا تلك المرأة وهموا بالرجوع ، وستتمكن تلك المرأة من الإفلات ، وربما لم يمكن اللحاق بها ، أو ربما يصعب العثور عليها إذا سلكت مسالك معينة .. وفي ذلك تفريط ظاهر لا مجال للقبول به ، ولا لتحمله ..

ثالثا : إنه لا بد من أن يعرف الناس جميعا مدى التفاوت فيما بين تلك الجماعة التي خدعت ببكاء تلك المرأة ، وصدقتها في إنكارها ، حتى هموا بالرجوع عنها وبين علي «عليه‌السلام» ، وفي معرفته ، ووعيه ، وصحة تدبيره ، وإيمانه ويقينه بما جاء به رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وكيفية نظرته إلى الوحي الإلهي ، وإلى النبي الأكرم «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وطبيعة تعامله معه ، ومع أوامره ، وأقواله ، وإخباراته ..

وبذلك يظهر زيف ما يدّعيه الناس لغيره «عليه‌السلام» من مناوئيه ، ومخالفيه ، وحاسديه ، أو ما يدّعيه هؤلاء لأنفسهم من مقامات وبطولات ، ومن خصائص وميزات ، ومن جهاد وتضحيات ، وذلك لأنهم خالفوا صريح أمر رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» حين قال لهم : خذوه منها ، وخلوا سبيلها ، فإن أبت فاضربوا عنقها.

خذوه منها ، فإن أبت فاضربوا عنقها :

وهذا الأمر الذي صدر من رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لهم حول كيفية التعامل مع حاملة الرسالة لا يترك لهم أي مجال لتصديقها ، أو توهم

١٨٨

براءتها مما نسب إليها ، فضلا عن أن يهموا بالرجوع ، لأن ذلك يتضمن تكذيب الوحي الإلهي ، والطعن بعصمة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، والتخطئة له ..

وإن الأمر بضرب عنقها لو أبت أن تعطيهم الكتاب يدل على أن حكم من يفشي سر المسلمين ، ويصرّ على التآمر على رسول رب العالمين ، هو القتل كائنا من كان ، حتى لو كان امرأة ..

كما أن الأمر بتخلية سبيلها بعد اخذ الكتاب منها يتضمن إرفاقا بها ، وعفوا عن جرمها ، خصوصا مع محاولتها إنكار الرسالة ، حتى إنها لم تعطهم إياها إلا بعد تهديد علي «عليه‌السلام» لها ..

والقول بأنها إذا كانت لا تعلم بمضمون الرسالة فإنها تكون غير مشاركة في الخيانة ، غير مقبول ، فإنها ـ على أقل تقدير ـ تحمل رسالة تتضمن أسرارا يراد إيصالها سرا للمشركين ، وتعلم أن ظهور هذه الأسرار سيكون مضرا للمسلمين ، حتى لو لم تعلم بتفاصيل مضمون الرسالة ، وهذا يكفي لإدانتها.

الصلاة جامعة لماذا؟! :

وقد صرحت رواية المفيد : بأن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أمر أن ينادى في الناس : «الصلاة جامعة» ، (وهو تعبير عن دعوة عامة لأمر مهم طارئ) فلما اجتمعوا في المسجد حتى امتلأ بهم صعد النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» المنبر ، وأخذ الكتاب بيده ، وطلب من صاحبه أن يعلن عن نفسه ، وإلا فضحه الوحي ..

١٨٩

والسؤال هو : لماذا هذا الإعلان بالأمر؟ وبهذه الطريقة القوية والواسعة؟

ألم يكن الأجدر أن يعالج الأمر بهدوء يحافظ به على ماء وجه حاطب؟!

ونقول في الجواب :

إن الإعلان عن الموضوع بهذا النحو القوي كان ضروريا ، وله أسباب وفوائد عديدة ، نذكر منها ما يلي :

١ ـ إن هذه الطريقة من شأنها أن تعرّف الناس بهذا الأمر الخطير على أوسع نطاق ، وقد كان هذا هو مطلوب له «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لأسباب ، ربما يتضح بعضها عن قريب ..

٢ ـ إن ذلك يبقي هذا الخبر على درجة من السلامة والصحة ، والوضوح في أذهان الناس ، ويمنع من تلاعب المتلاعبين فيه بالزيادة فيه تارة ، والنقيصة أخرى ، حسب الأهواء ، ورياح السياسة ، والمصلحة ، فإن تناقل أمثال هذه الأخبار بصورة فردية أو جماعية بلا رقيب ولا عتيد سوف يمكّن أصحاب الأهواء من التحريف فيه ، بما يخدم أهواءهم ومصالحهم وخططهم!!

٣ ـ إن هذا الإعلان الواضح والصريح قد وضع حدا أمام التكهنات والتساؤلات عن طبيعة الموقف الذي سيتخذه النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ممن أقدم على هذا العمل الخطير ، كما أنه قد رسم للناس طريقة التعاطي معه ، ومنع من الإفراط والتفريط الذي قد تنشأ عنه إثارات غير مسؤولة ، قد تضر في مسار الأمور كما يرضاه الله ورسوله ..

١٩٠

٤ ـ إن ذلك يبين لمن تسوّل له نفسه القيام بأمثال هذه التصرفات حجم الفضيحة التي ستواجهه ، وسيكون ذلك مؤثرا في الردع عن أي تصرف من هذا القبيل ..

٥ ـ إن هذا التهديد بفضيحة الوحي لمن فعل ذلك ، ولا يرضى بالإقرار والاعتراف العلني لا بد من أن يزيد من شعور الناس بالرقابة ، وعدم القدرة على إخفاء أمرهم لو سولت لهم أنفسهم الدخول في مغامرة كهذه ..

٦ ـ إن الأمر لم يقتصر على مجرد توجيه اتهام قولي للفاعل ، بل تعداه إلى تقديم الدليل الحسي على هذا الأمر ، وهو الكتاب الذي أخذه رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بيده وهو على المنبر ، بحيث يراه كل أحد ، فلا تكهنات ولا اجتهادات ولا ظنون ، ولا حدسيات ، ولا مجال للوسوسات الشيطانية في هذا الأمر ..

٧ ـ إنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لم يكتف بإظهار الكتاب ثم تحديد الفاعل ، بل هو قد حمل الفاعل على أن يقر بنفسه بما فعل .. بصورة طوعية وهو يرتعد .. وذلك بعد أن ظهر تردده في البداية.

٨ ـ إن نفس دفاع حاطب بن أبي بلتعة عن نفسه ، قد أثبت الجريمة عليه ، ولم تعد هناك أي فرصة للتأويل والاحتمال والاجتهاد ، واستغلال الحدث في اتجاه انحرافي يسيء إلى القضية بنحو أو بآخر ..

٩ ـ إن اعتراف حاطب بما فعل ، إنما جاء تحت وطأة الكشف الرباني لما حصل ، حتى لقد حددت المرأة ، وحدد موقعها ، وأرسل الرجال في طلبها ، ولم يعد يمكن إخفاء أي شيء .. وذلك لا يدل على عمق إيمان حاطب ، بل هو يدل على هزيمته بعد أن أسقط في يده ..

١٩١

حاطب ينفي الشك والنفاق :

وقد رأينا : أن أول ما دفعه حاطب عن نفسه هو تهمة النفاق والشك في الدين ، وتأكيد التزامه بإسلامه ، ويقينه به ..

ولم يناقشه النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» فيما ادّعاه من ذلك. بل هو قد سمع منه ، ثم ساق الحديث معه في اتجاه آخر ..

ومن الواضح : أن النفاق هو التهمة الأقسى ، والأشرّ والأضرّ بالنسبة لحاطب ، لأنه كفر قوي وفاعل ، يريد أن يلحق الضرر بالإيمان وبأهله ، إما بأن يسقط دعوتهم بأساليب من الختل والغدر والتخريب ، أو يريد سلب المسلمين قدراتهم ، والاستئثار بها لنفسه ..

وهذا يمثل خطورة مباشرة وعملية ومؤثرة ، لأنه كفر مهاجم يعمل بهدوء وأناة وطمأنينة بعد ان هيأ لنفسه موجبات ذلك ، حين أظهر الإسلام وأبطن الكفر ..

وأما مجرد الشك في الدين ، فهو وإن كان كفرا أيضا ، لكنه كفر مهزوم وراكد وضعيف ، يصارع الحقيقة في داخل نفسه ، ولا يقدر على تجاهلها والتخلص منها ..

وقد نفى حاطب عن نفسه الشك ، كما نفى عنها النفاق أيضا ..

ولم يرد رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن يقف معه عند هذه النقطة ولا أن يناقشه فيها .. لأنه يريد أن يبقيه في دائرة السيطرة ، ويعطيه فرصة ، ويفسح له المجال لإعادة ترتيب أوضاعه ، فإن هذا المقدار من القبول مطلوب له «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ولا يريد التفريط فيه .. ولذلك وجّه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» الأنظار إلى تلمّس عذر حاطب فيما أقدم عليه. وسنرى أنه

١٩٢

عذره أيضا ..

تهديد المتهم :

وعن تهديد علي «عليه‌السلام» لتلك المرأة حاملة الرسالة ، قد يقال : كيف جاز لعلي «عليه‌السلام» أن يهدد إنسانا متهما لم تثبت إدانته بعد؟!

ويجاب : بأن إدانة تلك المرأة قد ثبتت بالوحي. ومن أصدق من الله قيلا؟ وهو علام الغيوب؟! والعالم بما في القلوب؟

ونحن نشك في أنها لو استمرت على إنكارها فقد كان يجب على علي «عليه‌السلام» أن يقتلها لسببين :

أحدهما : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» هو الذي أمره بقتلها إن أبت تسليم الكتاب ، لأن القتل هو حكم الله في المحارب لله ورسوله ، ومن يصر على إطفاء نور الله تبارك وتعالى ..

الثاني : إن تركها سوف يؤدي إلى تمكينها من إيصال الرسالة للأعداء ، ليتمكنوا من ثم من إفشال خطة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أو من إيجاد متاعب ومصاعب كان المسلمون في غنى عنها. وقد تنشأ عن ذلك خسائر كبرى في أهل الإيمان ، وربما يؤدي ذلك إلى إطالة أمد هيمنة حالة البغي والاستكبار ، والظلم والتعدي على المستضعفين من النساء والرجال ، والصبيان بصورة عامة.

وقد يعترض على ذلك : بأنه قد كان بإمكانهم أن يفتشوها تفتيشا دقيقا ، ويأخذوا منها الكتاب ، ولا تصل النوبة إلى القتل ..

ولكننا قلنا : إن الإصرار على حرب الله ورسوله ، وإطفاء نور الله هو

١٩٣

الذي جعلها تستحق القتل ..

وأما الكتاب فإن التفتيش عنه لا يكفي لحسم مادة الخطر فيه ، إلا إذا كان العثور عليه حتميا ، وليس الأمر كذلك إذ هي قد تتمكن من إخفائه تحت حجر ، أو مدر ، أو بين أغصان الشجر ، أو نحو ذلك .. ثم إنها بعد إطلاق سراحها تعود إليه ، او تدل عليه من يأخذه ويوصله إلى من يتلهف عليه ، ويتشوق إليه.

ولسنا بحاجة إلى التذكر : بأن هذه الإحتياطات من رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لا تعني أن جهة مسيره قد عرفت ، بل هي تعني : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لا يرضى بتعريف قريش وغيرها من أعدائه بأصل خروجه من المدينة على هيئة الحرب ، فإن ذلك يجعل الأعداء يحذرون لاحتمال أن يكونوا هم الذين يقصدهم.

كما أن نفس وجود أناس يوصلون للمشركين أخبار المسلمين مرفوض ، حتى لو كانت تلك الخبار غير دقيقة أو خاطئة من أساسها.

ردها إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

ثم إن ما ورد في بعض النصوص : من أنه «عليه‌السلام» قد رد حاملة الكتاب إلى رسول الله ، لا يتلاءم مع أمر رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بأخذ الكتاب منها ، ثم إطلاق سراحها.

إلا أن يقال : إنه قد يكون هناك خطأ في الكتابة ، فأراد الكاتب أن يكتب (ردّه) (أي الكتاب) إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فكتب ردها.

١٩٤

غير أننا نقول :

إنه يحتمل أن يكون «عليه‌السلام» قد ردها ، لكي يمنعها من الوصول إلى مكة قبل حركة الجيش إليها ، لكي لا تخبر أهل مكة شفاها بما رأته من اعداد واستعداد ، كانت تحتمل أو تظن أنه لغزوهم.

فيكون المراد بإطلاق سراحها عدم المبادرة إلى قتلها ، أو ضربها ، أو سجنها ، لأن المطلوب هو مجرد تعطيل حركتها إلى مكة برهة يسيرة ، يزول فيها الداعي إلى هذا التعطيل.

حاطب يلتفت إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ليرقّ له :

وقد صرحت الرواية عن الشيخ المفيد ، وغيره : بأن حاطبا صار يلتفت إلى النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ليرق له .. وذلك حين كانوا يدفعون في ظهره حتى أخرجوه من المسجد ..

فحاطب إذن لم يكن لديه أي أمل بغير رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وهو حتى حين ظهرت خيانته لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» نفسه ، لم يكن يتوقع النصر من قريب رحيم ، ولا من صديق حميم ، ولا من حليف جديد ولا قديم.

وهذا يؤكد على : أن ثمة صورة جليلة وجميلة قد انطبعت للنبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في نفسه وفي نفس كل من عرف رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عن قرب ، واستقرت في عمق وجدانه ، وهي صورة قد ظهرت معالمها في آيات قرآنية كريمة ، في أكثر من مناسبة ، ومن ذلك قوله تعالى : (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ

١٩٥

بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) (١).

وهذا من أروع الأمثلة على طبيعة العلاقة بين القائد ورعيته ، حيث يبلغ الأمر في صفائها ونقائها ، وسلامتها وصدقها حدا تكون وسيلة المجرم والمسيء ، وشافعه إليه ، هو نفس ذلك الذي كانت الإساءة إليه ، ووقعت الجريمة عليه ..

قيمة العفو .. والاستغفار :

وتتجلى له قيمة الإستغفار ، وينعم بالعفو الرحيم من النبي الكريم «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ويأتيه ما أمّل ، ويهب النبي الأكرم «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لحاطب بن أبي بلتعة جرمه ، رغم خطورته ، ويجعل قيمة هذا العفو : أن يستغفر حاطب ربه ، وأن لا يعود لمثل ما فعل.

أي أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لم يفرض عليه غرامة ، ولا مارس في حقه تعزيرا ، ولا وجه إليه أية كلمة إهانة ، ولا أمر بالتضييق عليه في سجن ، ولا في غيره ، كما أنه لم يفرض عليه الإقامة في بلد بعينه ، ولا حد من حرية حركته ، ولا منع الآخرين من التعاطي معه ، ولا .. ولا ..

بل أراد أن لا تزيد عقوبته على إخراجه من المسجد وهي عقوبة تكاد تكون رمزية ، من حيث إنها تعبر عن إبعاد محدود عن ساحة الرضا ، ما دام أن ما فعله حاطب كان سيؤدي إلى الإضرار بأهل الإيمان. وهو قد ميّز نفسه عنهم ، وأراد أن يكون هو في معزل عن أجوائهم ، ولا يريد أن يناله ما

__________________

(١) الآية ١٢٨ من سورة التوبة.

١٩٦

ينالهم. لقد أرادها رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عقوبة إصلاحية تربوية ، مضمونها ترميم علاقته بالله ، بالتوبة والاستغفار ، باعتبار أن الجرأة إنما كانت عليه تبارك وتعالى ..

فإذا استطاع أن يصلح سريرته ، وأن يرضي ربه ، فإنه يكون قد بلغ الغاية التي يريد رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن يبلغه إياها.

عذر حاطب :

وعن اعتذار حاطب عما صدر منه نقول : إنه أراد أن يتخذ بما صنعه يدا لدى أهل مكة ليحفظ بذلك أهله ، إذ ليس له عشيرة تمنعه ..

ولم يناقشه النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ولا اعترض عليه أحد من المسلمين في ذلك .. لكن هذا الانصراف عن المناقشة لا يعني أنه منطق سليم ومقبول .. بل هو انصراف إرفاقي بالدرجة الأولى ، فلاحظ ما يلي :

١ ـ إن وجود أهله في مكة لا يحتم عليه القيام بعمل خياني ، يلحق الضرر بالكيان الإسلامي كله ، ويوجب إفساد التدبير النبوي ، وإضعاف هيبته «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لدى الأعداء ، وفتح أبواب التجريح والتشكيك لأهل النفاق ، ولا يجوز لأحد في أي ظرف كان أن يمكنهم من إثارة الشكوك بسلامة المسيرة ، وفي حسن السياسة ، وصواب الرأي النبوي الشريف.

٢ ـ إن الضرر إذا توجه لإنسان مّا ، فإن بإمكانه أن يدفعه عن نفسه ، ولكن ليس له أن يقذف به على غيره ، فلو أراد أسد أن يدخل بيتا ويفترس شخصا ، فإن بإمكانه أن يتحرز منه بالطريقة التي تدفعه عنه. وليس له أن يدخله بيت جاره ، ليكون جاره هو الضحية ..

١٩٧

٣ ـ لقد كان هناك الكثيرون من الضعفاء الذين لم يكن لهم عشائر تمنعهم ، وقد تعرضوا للعذاب على يد فراعنة قريش حتى قتل بعضهم ، ومنهم آل ياسر ، ولم يجوّز لهم رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ولا خطر في بالهم أن يحملوا جلاديهم على التوجه بالعذاب إلى غيرهم من المؤمنين ..

٤ ـ من الذي قال : إن قريشا كانت تنوي إلحاق الأذى بأهل حاطب فإن ذلك مجرد وهم وقع فيه حاطب ، رغم أنه وهم علّق حصوله على أمر تقديري افتراضي ، وهو أن تكون لقريش الدائرة على المسلمين ، وليس ثمة ما يشير إلى حصول أمر من هذا القبيل ، بل الدلائل تشير إلى عكس ذلك تماما.

وحتى لو حصل ذلك ، فإن حاطبا لا يستطيع أن يجزم بتعرض أحد من أهله لأي سوء.

٥ ـ ألم يفكر حاطب في أن ما فعله سوف يؤدي إلى زيادة القتل في صفوف أهل الإيمان؟ فكيف فرط بالنبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وبكل أهل الإيمان من أجل حفظ بعض أهله ممن هم على الشرك بحسب الظاهر؟!

وحتى لو كانوا مسلمين ، فإن إلحاق الأذي بهم يبقى في دائرة الاحتمال ، بينما هو يقدم لقريش معلومات من شأنها أن تمكنها من أن تلحق الخسائر بالمسلمين بصورة قطعية ويقينية.

للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يعفو عن حاطب :

إننا لسنا بحاجة إلى الاستدلال على مشروعية العفو عن حاطب بأي دليل ، بل نحن نستدل على ذلك بنفس العفو الذي صدر عن النبي «صلى

١٩٨

الله عليه وآله» في حق هذا الرجل .. فمنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» التشريع ، وإليه يرجع في معرفة الأحكام ، وقوله وفعله وتقريره «صلى‌الله‌عليه‌وآله» حجة ودليل ما بعده دليل ..

غير أن البعض قد يتساءل عن إمكان العفو عن حاطب في حين أن جرمه يرتبط بأشخاص آخرين وهم المسلمون ، وأهل الإيمان ..

والجواب :

أولا : إن جرم حاطب يرتبط أولا وبالذات بالسياسة النبوية العامة ، وبقرار الحرب والسلم ، ولا يرتبط بحق شخصي لأحد من الناس ..

ثانيا : لو فرضنا : أن جرمه يرتبط بحق شخصي لبعض الأفراد ، فإن الله تعالى قد جعل الولاية لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» على الناس كلهم ، فقال : (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ..) (١).

عمر : مرني بقتله :

قد ذكرت في العديد من الموارد في تاريخ الإسلام ، وفيها هذا المورد بالذات : أنه قد كان من عادة عمر بن الخطاب أن يصدر حكمه على الأشخاص ، ثم يطلب من النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن يأمره بتنفيذه ..

فكم من مرة ينبري فيها ليقول لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : دعني أقتله يا رسول الله ..

واللافت هنا : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لم يستجب له ولو لمرة واحدة في كل تلك المناسبات الكثيرة .. الأمر الذي يعني كثرة خطأ هذا

__________________

(١) الآية ٦ من سورة الأحزاب.

١٩٩

الرجل في معرفة الحكم الشرعي ، أو في معرفة المصلحة في الشأن العام ، في حين أن هذه الأمور تمس حياة الناس ومصيرهم.

وهذا يجعلنا نتساءل عن حاله بعد توليه الخلافة لأكثر من عقد من الزمن : كم أخطأ في أحكامه التي كان يصدرها ، ولم يصب الحكم الشرعي فيها ، أو أنه لم يصب وجه المصلحة في الشأن العام؟!

لا ندري!!

ولعل الفطن الذكي يدري!!

منقبة عظيمة لحاطب :

قال الحلبي : «.. وفي قوله : عدوي وعدوكم منقبة عظيمة لحاطب .. بأن في ذلك الشهادة له بالإيمان» (١).

غير أننا نقول :

أولا : إن الله سبحانه قد خاطب من أظهر الإسلام في زمن الرسول «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ..) (٢).

ثانيا : إنه لا مانع من أن يعود الذي آمن إلى الكفر ، كما هو الحال في عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، وطليحة بن خويلد ، وغيرهما ..

وقد صرح القرآن الكريم بذلك أيضا ، فقال : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ) (٣).

__________________

(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٧٦ و (ط دار المعرفة) ص ١٣.

(٢) الآية ١٣٦ من سورة النساء.

(٣) الآية ١٣٧ من سورة النساء.

٢٠٠