الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٠

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٠

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-192-0
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٥٥

فأرسلنا إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» منه فأكله» (١).

ونقول :

إننا نشك في كثير مما ذكروه هنا .. وذلك لما يلي :

هل للعنبر فلس؟!

إن أول سؤال يرد على الأذهان هو :

هل صحيح أن لحم هذه الدابة العظيمة مما يحل أكله؟! من حيث أن لها فلسا يكون علامة على ذلك ، أو ليس لها فلس ، فتكون حراما. كما هو مذهب أهل الحق ..

مقدار وقب عينها :

ثم إن هناك تناقضات حتى في مبالغاتهم ، فبينما يظهر من بعضها أن شخصا واحدا قد جلس في وقب عينها نجد نصا آخر يقول : إن أبا عبيدة قد أجلس في وقب عينها ، ثلاثة عشر رجلا!!

فأي ذلك هو الصحيح؟!

__________________

(١) راجع : السيرة الحلبية ج ٣ ص ١٩٢ و ١٩٣ والمحلى ج ٧ ص ٣٩٥ وعن مسند أحمد ج ٣ ص ٣١٢ وعن صحيح مسلم ج ٦ ص ٦١ وسنن أبي داود ج ٢ ص ٢١٦ وشرح مسلم للنووي ج ١٢ ص ٨٦ ومسند ابن الجعد ص ٣٨٧ ورياض الصالحين للنووي ص ٢٨١ والجامع لأحكام القرآن ج ٦ ص ٣١٩ وعن تفسير القرآن العظيم ج ٢ ص ١٠٥.

٣٢١

الأعجوبة التي لم يهتم لها أحد!!

إن هذه الدابة إذا كانت بهذا الوصف فهي أعجوبة الدهر ، فلماذا لم يقصدها الناس للتفرج على حجم أضلاعها من جميع البلاد؟ ولماذا لم يحتقظ أحد منهم بوقب عينها؟! أو بضلع من أضلاعها ، ليفاخر به؟!

لا نظير لهذه الدابة في المحيطات :

وإذا كان هذا هو حجم وقب عينها ، وارتفاع أضلاعها ، فإن طولها لا بد أن يكون مئة متر ، أو أكثر بكثير. فهل وجد في محيطات هذا العالم حيوان بهذا الحجم؟!

إنهم يقولون : إن أكبر حيوان بحري يعرف في العالم كله ، لا يزيد طوله على ثلاثة وثلاثين مترا ، ولعل هناك من يحتمل أن يصل طول واحد منها إلى أربعين مترا ..

مع أن وقب عين الدابة التي يتحدث هؤلاء عنها يبلغ مساحة غرفة طولها ثلاثة أمتار بعرض ثلاثة ، أو أقل بقليل ، فإذا أضفنا إلى ذلك مساحة العين الأخرى ، ثم المساحة الواقعة بينهما ..

فإن مساحة وجه تلك الدابة ، ستكون ما بين عشرة أمتار إلى خمسة عشر مترا على أقل تقدير .. فما بالك بطول هذه الدابة التي عبرت عنها الروايات بالكثيب الضخم ..

هل هذا ميتة؟!

وفي حين يقولون : إنهم حين وجدوا الدابة التي تدعى العنبر ، قال أبو

٣٢٢

عبيدة : ميتة.

ثم قال : اضطررتم إليها ، فكلوا ، فأقمنا عليها شهرا ونحن ثلاث مائة حتى سمنا (١).

ثم يقولون في مناقضة ذلك : «فلما قدمنا المدينة ، ذكرنا ذلك لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أمر العنبر ، فقال : أخرجه الله تعالى لكم ، لعل معكم من لحمه شيء فتطعمونا؟!.

فأرسلنا إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» منه فأكله.

أي ولم يكن أروح ، بدليل أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، قال : لو نعلم أننا ندركه لم يروح لأحببنا لو كان عندنا منه.

قال ذلك ازديادا منه (٢).

فكيف يكون ميتة أولا ، ولم يحل لهم إلا لأنهم اضطروا إليه ، ثم يطلب النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن يأتوه منه بشيء ، ثم يأكله وهو لم يكن مضطرا

__________________

(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ١٩٢ ومسند ابن الجعد ص ٣٨٧ والجامع لأحكام القرآن ج ٢ ص ٢٢٨ والمحلى ج ٧ ص ٣٩٥ ونيل الأوطار ج ٩ ص ٢٧ وعن مسند أحمد ج ٣ ص ٣١١ وعن صحيح مسلم ج ٦ ص ٦١ والسنن الكبرى ج ٩ ص ٢٥١ وشرح مسلم للنووي ج ١٣ ص ٨٥ وعن فتح الباري ج ٩ ص ٥٠٨ وصحيح ابن حبان ج ١٢ ص ٦٥ ورياض الصالحين للنووي ص ٢٨١ وعن نصب الراية ج ٦ ص ٧٠ والفصول من الأصول للجصاص ج ٤ ص ٤١ وعن البداية والنهاية ج ٤ ص ٣١٥ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٥٢٢.

(٢) السيرة الحلبية ج ٣ ص ١٩٣ وراجع : سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ١٨ وعن فتح الباري ج ٨ ص ٦٥.

٣٢٣

إليه؟!

إن لم يكن أروح :

وأما الحديث عن الرائحة ، فلست أدري ما أقول فيه!! وكيف يمكن أن يبقى هذا اللحم طيلة ما يقرب من أربعين يوما ، وفي بلاد الحجاز بالذات ، التي تمتاز بارتفاع درجات الحرارة فيها ، ثم لا تظهر له رائحة كريهة ، ولا يعرض عليه ما يوجب التحفظ من الاستفادة منه في الطعام؟!

على أن كلمة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «لو نعلم : أننا ندركه لم يروح لأحببنا الخ ..» تشير إلى أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» كان يتوقع فيه ذلك ، وأن القضية في ذلك لا تخضع للمعجزة والكرامة ، والتصرف الإلهي ، بل هي جارية وفق السنن والأوضاع الطبيعية ، فلا مجال لأي ادعاء في غير هذا السياق.

٣٢٤

الفصل التاسع :

حنين الجذع .. ومنبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله

٣٢٥
٣٢٦

إتخاذ المنبر :

وزعموا : أن المنبر قد اتخذ لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في سنة ثمان من الهجرة ، فصار «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يخطب عليه وكان قبل ذلك إذا خطب يقوم ويستند إلى أحد جذوع النخل التي كانت في المسجد ، لأنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد بنى مسجده مسقوفا على جذوع النخل.

وقد اختلفوا في كثير من الأمور التي يرتبط بهذا الأمر ، مما يمكن أن يعطي صورة غير مرضية عن مدى الخلل في رسمهم لصورة كثير من الوقائع والأحداث ، ثم هو يشير إلى مدى الجهد الذي ينبغي أن يبذل للتعرف على الصورة الحقيقية ، أو المقاربة لها في كل ملامحها ، وسماتها ، كبيرة كانت ، أو صغيرة ، وكمثال على ذلك نشير إلى الاختلافات التالية :

١ ـ هل صنع المنبر في السنة السابعة ، أو الثامنة ، أو التاسعة.

٢ ـ هل صنع المنبر من أثل (شجر) ، أو من طرفاء.

٣ ـ وهل صنعه (باقوم) باني الكعبة لقريش ، أو باقوم ، أو ميمون ، أو رجل رومي ، أو صباح ، غلام العباس ، أو كلاب غلامه ، أو مينا ، غلام امرأة أنصارية ، اسمها : غلاثة.

٤ ـ وهل هو درجتان ومجلس ، كما عن الواقدي .. أو هو ثلاث مراقي ،

٣٢٧

أو أربع.

٥ ـ وهل الذي اقترح على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» صنع المنبر امرأة أنصارية اسمها عائشة أو علاثة ، فعمله غلامها باقوم الرومي. أو أن رجلا سأله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عن ذلك فأجابه إليه (١).

ونحن نذكر هنا بعض الروايات التي تضمنت شيئا مما تقدم.

قال الصالحي الشامي :

«وفيها : اتخذ المنبر وحنين الجذع ، وهو أول منبر عمل في الإسلام ، كما جزم به ابن النجار وغير واحد.

قال الحافظ : وفيه نظر ، لما ورد في حديث الإفك في الصحيحين عن عائشة ، قالت : فثار الأوس والخزرج حتى كادوا أن يقتتلوا ، ورسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» على المنبر ، فنزل يخفضهم حتى سكنوا.

فإن حمل على التجوز في ذكر المنبر وإلا فهو أصح مما مضى» (٢).

__________________

(١) راجع هذه الاختلافات في : تاريخ الخميس ج ٢ ص ٦٨ و ٦٩ والبحار ج ٢١ ص ٤٧ عن المنتقى للكازروني. وراجع : المصنف للصنعاني ج ٧ ص ٤٣٣ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤ ص ٣٩٣ وسبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٦٩ وعن مسند أحمد ج ٣ ص ٣٠٠ وعن صحيح البخاري ج ١ ص ١١٦ وج ٣ ص ١٤ و (ط دار الكتب العلمية) ج ٢ ص ١١٤ وج ٥ ص ٤٣ وشرح مسلم للنووي ج ٥ ص ٣٤ و (ط دار الفكر) ج ٥ ص ٢٨ وعن المصنف لابن أبي شيبة ج ٧ ص ٤٣٣ وسير أعلام النبلاء ج ١٢ ص ٢٣٨ وعن البداية والنهاية ج ٦ ص ١٤٠ وعمدة القاري ج ٤ ص ١٠١ و ٢١٠ وج ١١ ص ٢١٢.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٦٩.

٣٢٨

لكننا قدمنا في الجزء الثالث عشر من هذا الكتاب : أن حديث الإفك موهون جدا ، وقد تواردت عليه العلل والأسقام من كل جانب ومكان. فلا يصح الإعتماد عليه في رد ما عداه.

هذا .. وقد روي عن سهل بن سعد : أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أرسل إلى علاثة ، امرأة قد سماها سهل : أن مري غلامك النجار أن يعمل لي أعواد المنبر أجلس عليهن إذا كلمت الناس ، فأمرته ، فعملها من طرفاء الغابة.

وفي رواية : فعمل هذه الثلاث درجات ، ثم جاء بها ، فأرسلته إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فأمر بها فوضعت هاهنا (١).

وعن أبي بن كعب قال : كان رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يصلي إلى جذع إذ كان المسجد عريشا ، وكان يخطب إلى ذلك الجذع ، فقال رجل من أصحابه : يا رسول الله ، هل لك أن تجعل لك منبرا تقوم عليه يوم الجمعة ، حتى يراك وتسمع الناس خطبتك؟

قال : نعم ، فصنع له ثلاث درجات ، هي التي أعلى المنبر ، فلما صنع وضعه رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» موضعه الذي هو فيه ، فكان إذا بدأ الرسول «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن يخطب عليه تجاوز الجذع الذي كان يخطب إليه أولا.

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٨ ص ١٨٢ و ١٨٣ وج ١٢ ص ٦٩ عن البخاري ، ومسلم ، والبيهقي وراجع : صحيح مسلم ج ٢ ص ٧٤ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٣ ص ١٩٥ وشرح مسلم للنووي ج ٥ ص ٣٤ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ١ ص ٢٥٢.

٣٢٩

ثم إن الجذع خار حتى تصدّع وانشق ، فنزل رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فلما سمع صوت الجذع مسحه بيده حتى سكن ، ثم رجع إلى المنبر ، وكان إذا صلى صلى إليه.

فلما هدم المسجد أخذ ذلك الجذع أبي بن كعب ، فكان عنده حتى بلي [فأكلته الأرض وعاد رفاتا] (١).

وروي عن أنس أنه قال : كان رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يوم الجمعة يسند ظهره إلى جذع منصوب في المسجد ، فخطب الناس ، فجاءه رومي ، فقال : ألا أصنع لك شيئا تقعد عليه كأنك قائم ، فصنع له منبرا له درجان ومقعد على الثالثة ، فما قعد رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» على المنبر خار الجذع (٢).

وقد تقدم في حديث الإفك : أن بعض الروايات قد صرحت : بأن تميم

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٦٩ ، عن الشافعي ، وأحمد ، وابن ماجة ، وراجع : مستدرك سفينة البحار جج ٢ ص ٤٢ وعن مسند أحمد ج ٥ ص ١٣٧ وسنن الدارمي ج ١ ص ١٨ وفتح الباري (ط دار المعرف) ج ٦ ص ٤٤٤ و (ط دار الكتب العلمية) ج ٧ ص ٢٧٧ والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث العربي) ج ٦ ص ١٣٨ و (ط مكتبة المعارف) ج ٣ ص ١٢٥ وعن دلائل النبوة للبيهقي ج ٦ ص ٦٧ وعن سنن ابن ماجة في إقامة الصلاة ح ١٤١٤ وعمدة القاري (ط دار الفكر) ج ١٦ ص ١١٧.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٦٩ وراجع : سنن الدارمي ج ١ ص ١٩ وصحيح ابن خزيمة ج ٣ ص ١٤٠ والبحار ج ١٧ ص ١٧٠ وعن البداية والنهاية ج ٦ ص ١٣٩ وقصص الأنبياء للراوندي ص ٣١١.

٣٣٠

الداري هو الذي صنع المنبر.

وبعضها يقول : إن غلاما للعباس اسمه كلاب هو الذي صنع المنبر. وفي نص آخر : أن غلام العباس الذي صنع المنبر اسمه صباح ..

وبملاحظة هذه الروايات كلها يتضح مدى التلاعب والتصرف الذي نال هذه القضية ، التي قد لا يخطر على بال أحد أن تكون مسرحا للأهواء ، وأن يخبط فيها الرواة خبط عشواء. ولا نريد أن نقول أكثر من ذلك.

ونحن بدورنا لا نرى ضرورة لصرف العمر في تحقيق هذا الأمر ، فنكتفي بالإشارة إلى ما يلي :

حنين الجذع :

ويقولون : إن الروايات قد تواترت في أن ذلك الجذع الذي كان يستند إليه رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، قد اضطرب ، وسمع له حنين كحنين الناقة التي انتزع ولدها.

وقد روى هذا الحديث بضعة عشر صحابيا.

وفي رواية أنس : حتى ارتج المسجد لخواره ، وكثر بكاء الناس لما رأوا به (١).

وفي رواية عن أبي بن كعب : أنه تصدع وانشق حتى جاء النبي «صلى

__________________

(١) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٦٩ وراجع في حنين الجذع : البحار ج ١٧ ص ٣٦٥ و ٣٢٦ و ٣٢٧ والخرائج الجرايح ج ١ ص ١٦٥ وعن الشفا بتعريف حقوق المصطفى ج ١ ص ٣٠٤ وعن عيون الأثر ج ١ ص ٢١٨ وسنن الدارمي ج ١ ص ١٩ وصحيح ابن خزيمة ج ٣ ص ١٤٠.

٣٣١

الله عليه وآله» ، (فاحتضنه أو) فوضع يده عليه فسكن (١).

لكن في نص آخر : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» دعاه إليه ، فجاء يخرق الأرض ، ثم أمره فعاد إلى مكانه (٢).

وفي رواية عنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال : هذا بكى لما فقد من الذكر (٣).

__________________

(١) راجع : تاريخ الخميس ج ٢ ص ٦٩ والبحار ج ١٧ ص ٣٦٥ وج ٢١ ص ٤٧ والخرائج ج ١ ص ١٦٥ وكتاب المسند للشافعي ص ٦٥ وعن مسند أحمد ج ٥ ص ١٣٧ و ١٣٨ وسنن الدارمي ج ١ ص ١٨ وسنن ابن ماجة ج ١ ص ٤٥٤ وكنز العمال ج ١٢ ص ٤١١ والطبقات الكبرى ج ١ ص ٢٥٢ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤ ص ٢٩٢ وعن البداية والنهاية ج ٦ ص ١٣٨ وعن فتح الباري ج ٦ ص ٤٤٤ والشفا بتعريف حقوق المصطفى ج ١ ص ٣٠٤ وعن عيون الأثر ج ١ ص ٣١٨ ومصباح الزجاجة ج ١ ص ٢٥٢ وجامع الأحاديث والمراسيل ج ١٨ ص ٢٥٣ وعمدة القاري ج ٦ ص ٢١٤ وج ١٦ ص ١١٧ وسبل الهدى والرشاد ج ٩ ص ٣٩٤ وج ١٢ ص ٦٩ عن الشافعي ، وأحمد ، وابن ماجة.

(٢) راجع : تاريخ الخميس ج ٢ ص ٦٩ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ٣٥٢ والشفا بتعريف حقوق المصطفى ج ١ ص ٣٠٤.

(٣) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٦٩ والبحار ج ٢١ ص ٤٧ وعن مسند أحمد ج ٣ ص ٣٠٠ والمصنف لابن أبي شيبة ج ٧ ص ٤٣٣ وصحيح ابن خزيمة ج ٣ ص ١٤٠ وكنز العمال ج ١١ ص ٣٧١ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤ ص ٣٩٣ وعن البداية والنهاية ج ٦ ص ١٤٠ وعن الشفا بتعريف حقوق المصطفى ج ١ ص ٣٠٤ وعن عيون الأثر ج ١ ص ٣١٨.

٣٣٢

دفن الجذع :

وقالوا : فأمر به النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» فدفن تحت المنبر (١).

ولكن روى الراوندي : أن الجذع بقي إلى أن هدم بنو أمية المسجد فقلعوا الجذع (٢).

وفي حديث أبي بن كعب : «فكان إذا صلى النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» صلى إليه ، فلما هدم المسجد وغيّر أخذ أبي ذلك الجذع ، وكان عنده في تلك الدار إلى أن بلي ، وأكلته الأرضة (الأرض) ، وعاد رفاتا» (٣).

عبرة .. ومناسبة :

وفي رواية : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال : معاشر المسلمين ، هذا الجذع

__________________

(١) راجع : تاريخ الخميس ج ٢ ص ٦٩ وعن الشفا بتعريف حقوق المصطفى ج ١ ص ٣٠٤ وعن عيون الأثر ج ١ ص ٣١٨.

(٢) البحار ج ١٧ ص ٣٦٥ عن الخرائج والجرائح ج ١ ص ١٦٥ ودرر الأخبار ص ١٦٠.

(٣) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٦٩ والبحار ج ١٧ ص ٣٨٠ وج ٢١ ص ٤٧ عن المنتقى للكازروني ، ومناقب آل أبي طالب ج ١ ص ٨٠ ومستدرك سفينة البحار ج ٢ ص ٤٢ وكتاب المسند للشافعي ص ٦٥ وعن مسند أحمد ج ٥ ص ١٣٧ و ١٣٨ وسنن الدارمي ج ١ ص ١٨ وسنن ابن ماجة ج ١ ص ٤٥٤ وعن فتح الباري ج ٦ ص ٤٤٤ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ١ ص ٢٥٢ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤ ص ٣٩٢ و ٣٩٣ وعن البداية والنهاية ج ٦ ص ١٣٨ وعن الشفا بتعريف حقوق المصطفى ج ١ ص ٣٠٤ وعن عيون الأثر ج ١ ص ٣٢٠ وسبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٦٩ عن الشافعي ، وأحمد ، وابن ماجة.

٣٣٣

يحن إلى رسول رب العالمين ، ويحزن لبعده عنه.

ففى عباد الله الظالمين أنفسهم من لا يبالي : قرب من رسول الله أم بعد ، ولولا أني احتضنت هذا الجذع ، ومسحت يدي عليه ، ما هدأ حنينه إلى يوم القيامة.

وإن من عباد الله وإمائه لمن يحن إلى محمد رسول الله ، وإلى علي ولي الله ، كحنين هذا الجذع ، وحسب المؤمن أن يكون قلبه على موالاة محمد وعلي وآلهما الطيبين منطويا.

أرأيتم شدة حنين هذا الجذع إلى محمد رسول الله؟ وكيف هدأ لما احتضنه محمد رسول الله ، ومسح يده عليه؟

قالوا : بلى يا رسول الله.

قال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : والذي بعثني بالحق نبيا ، إن حنين خزّان الجنان ، وحور عينها ، وسائر قصورها ومنازلها إلى من يوالى محمدا وعليا وآلهما الطيبين ، ويبرأ من أعدائهما لأشد من حنين هذا الجذع ، الذي رأيتموه إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

وإن الذي يسكّن حنينهم وأنينهم ، ما يرد عليهم من صلاة أحدكم معاشر شيعتنا على محمد وآله الطيبين ، أو صلاة نافلة ، أو صوم ، أو صدقة.

وإن من عظيم ما يسكن حنينهم إلى شيعة محمد وعلي ، ما يتصل بهم من إحسانهم إلى إخوانهم المؤمنين ، ومعونتهم لهم على دهرهم.

يقول أهل الجنان بعضهم لبعض : لا تستعجلوا صاحبكم ، فما يبطئ عنكم إلا للزيادة في الدرجات العاليات في هذه الجنان ، بإسداء المعروف إلى إخوانه المؤمنين.

٣٣٤

وأعظم من ذلك مما يسكّن حنين سكان الجنان وحورها إلى شيعتنا ما يعرّفهم الله من صبر شيعتنا على التقية ، واستعمالهم التورية ، ليسلموا من كفرة عباد الله وفسقتهم ، فحينئذ تقول خزان الجنان وحورها : لنصبرن على شوقنا إليهم كما يصبرون على سماع المكروه في ساداتهم وأئمتهم ، وكما يتجرعون الغيظ ، ويسكتون عن إظهار الحق لما يشاهدون من ظلم من لا يقدرون على دفع مضرته.

فعند ذلك يناديهم ربنا عزوجل : يا سكان جناتي ، ويا خزّان رحمتي ، ما لبخل أخرت عنكم أزواجكم وساداتكم ، ولكن ليستكملوا نصيبهم من كرامتي ، بمواساتهم إخوانهم المؤمنين ، والأخذ بأيدي الملهوفين ، والتنفيس عن المكروبين ، وبالصبر على التقية من الفاسقين الكافرين ، حتى إذا استكملوا أجزل كراماتي ، نقلتهم إليكم على أسر الأحوال وأغبطها ، فأبشروا.

فعند ذلك يسكن حنينهم وأنينهم (١).

التبرك بمنبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

وفي حديث عن أبي عبد الله الصادق «عليه‌السلام» في بيان آداب زيارة النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال : «فإذا فرغت من الدعاء عند القبر ، فأت المنبر ، وامسح بيدك ، وخذ برمانتيه ، وهما السفلاوات ، وامسح عينيك ، ووجهك به ، فإنه يقال : إنه شفاء للعين.

وقم عنده فاحمد الله ، واثني عليه ، وسل حاجتك ، فإن رسول الله «صلى

__________________

(١) البحار ج ١٧ ص ٣٢٧ و ٣٢٨ وج ٦٢ ص ٣٣ و ٣٤ وج ٦٨ ص ٣٣ ج ٨ ص ١٦٣ و ١٦٤ عن التفسير المنسوب للإمام العسكري «عليه‌السلام» ص ١٨٨ ـ ١٩٠.

٣٣٥

الله عليه وآله» قال : ما بين منبري وبيتي روضة من رياض الجنة ، وإن منبري على ترعة من ترع الجنة ، وقوائم المنبر رتب في الجنة».

والترعة : هي الباب الصغير (١).

وقد أشرنا أكثر من مرة إلى مشروعية التبرك والاستشفاء بآثار الأنبياء «عليهم‌السلام» ، وأن ما يدّعيه بعض الجهلة من حرمة ذلك ، لا أساس له في دين الإسلام.

ويمكن مراجعة كتاب : «التبرك بآثار الأنبياء والصالحين» للعلامة الشيخ الأحمدي الميانجي «رحمه‌الله» .. ففيه ما ينقع الغلة ، ويشفي الغليل ..

إنزل عن منبر أبي :

ومما يناسب ذكره هنا : موقف هام جدا للإمام الحسن «عليه‌السلام» في مقابل أبي بكر ، حيث جاء إليه يوما وهو يخطب على المنبر ، فقال له : نزل عن منبر أبي.

فأجابه أبو بكر : صدقت. والله ، إنه لمنبر أبيك ، لا منبر أبي.

__________________

(١) البحار ج ٩٧ ص ١٥١ عن كامل الزيارات ، وسفينة البحار ج ٨ ص ١٧٢ ومن لا يحضره الفقيه ج ٢ ص ٥٦٨ وتهذيب الأحكام ج ٦ ص ٧٧ والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج ١٤ ص ٣٤٥ و (ط دار الإسلامية) ج ١٠ ص ٢٧٠ ومستدرك سفينة البحار ج ٩ ص ٥٢٧ والمزار لابن المشهدي ص ٧٦ ومستدرك الوسائل ج ١٠ ص ١٩٥ ومنتقى الجمان ج ٣ ص ٤٦٥ والكافي ج ٤ ص ٥٥٣ وجواهر الكلام ج ٢٠ ص ٨٤ والحدائق الناضرة ج ١٧ ص ٤١٥ ومدارك الأحكام ج ٨ ص ٤٧١.

٣٣٦

فبعث علي «عليه‌السلام» إلى أبي بكر : إنّه غلام حدث ، وإنّا لم نأمره.

فقال أبو بكر : إنا لم نتهمك (١).

وليتأمل قوله «عليه‌السلام» : إنّا لم نأمره ، فإنه لا يتضمن إنكارا على الإمام الحسن «عليه‌السلام» ، ولا إدانة لموقفه.

ولقد صدق أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه ؛ فلم يكن الإمام الحسن «عليه‌السلام» يحتاج إلى أمر ، فلقد أدرك خطة الخصوم بما آتاه الله من فضله ، وبإحساسه المرهف ، وفكره الثاقب. وهو الذي عايش الأحداث عن كثب ، بل كان في صميمها.

وإذن .. فمن الطبيعي أن يدرك : أن عليه مسؤولية العمل على إفشال تلك الخطة ، وإبقاء حق أهل البيت «عليهم‌السلام» وقضيتهم على حيويتها

__________________

(١) راجع : تاريخ الخلفاء للسيوطي ص ٨٠ و ١٤٣ وتاريخ بغداد ج ١ ص ١٤١ عن أبي نعيم وغيره ، وأنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج ٢ ص ٢٦ و ٢٧ بسند صحيح عندهم ، والصواعق المحرقة ص ١٧٥ عن الدار قطني ، والمناقب لابن شهر اشوب ج ٤ ص ٤٠ عن فضائل السمعاني ، وأبي السعادات ، وتاريخ الخطيب ، وسيرة الأئمة الاثني عشر ج ١ ص ٥٢٩ وإسعاف الراغبين (بهامش نور الأبصار) ص ١٢٣ عن الدار قطني ، وشرح النهج للمعتزلي ج ٦ ص ٤٢ و ٤٣ ومقتل الحسين للخوارزمي ج ١ ص ٩٣ وينابيع المودة ص ٣٠٦ وحياة الصحابة ج ٢ ص ٤٩٤ عن الكنز ، وأبي سعد ، وأبي نعيم ، والجابري في جزئه ، والغدير ج ٧ ص ١٢٦ عن السيوطي ، وعن الرياض النضرة ج ١ ص ١٣٩ وعن كنز العمال ج ٣ ص ١٣٢ وحياة الإمام الحسن «عليه‌السلام» للقرشي البحار ج ١ ص ٨٤ عن بعض من تقدم ، والإتحاف بحب الأشراف ص ٢٣.

٣٣٧

في ضمير ووجدان الأمة.

وكان علي وصي النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يحتاط للأمر ، حتى لا تحدث تشنجات حادة ، ليس من مصلحة القضية ، ولا من مصلحة الإسلام المساهمة في حدوثها في تلك الظروف.

والإمام الحسين عليه‌السلام أيضا :

ولا عجب إذا رأينا للإمام السبط الشهيد الحسين «عليه‌السلام» موقفا مماثلا تماما لموقف أخيه مع الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ..

ونجد : أن عمر قد أخذه إلى بيته ، وحاول تقريره : إن كان أبوه أمره بهذا ، أو لا. فأجابه عن ذلك بالنفي.

وبعض الروايات تقول : إنه سأله عن ذلك في نفس ذلك الموقف أيضا ، فنفى ذلك ، فقال عمر : منبر أبيك والله ، وهل أنبت على رؤوسنا الشعر إلا أنتم (١).

__________________

(١) راجع : مقتل الحسين للخوارزمي ج ١ ص ١٤٥ والإصابة ج ١ ص ٣٣٣ وقال : سنده صحيح ، وأمالي الطوسي ج ٢ ص ٣١٣ و ٣١٤ وإسعاف الراغبين (بهامش نور الأبصار) ص ١٢٣ وحياة الصحابة ج ٢ ص ٤٩٥ عن كنز العمال ج ٧ ص ١٠٥ عن ابن كثير ، وابن عساكر ، وابن سعد ، وابن راهويه ، والخطيب ، والصواعق المحرقة ص ١٧٥ عن ابن سعد وغيره ، والإحتجاج للطبرسي ج ٢ ص ١٣ والمناقب لابن شهر اشوب ج ٤ ص ٤٠ وتاريخ بغداد ج ١ ص ١٤١ وكشف الغمة للأربلي ج ٢ ص ٤٢ وحياة الحسن للقرشي ج ١ ص ٨٤ والإمام الحسن للعلايلي ص ٣٠٥ عن الإصابة ، وصححه ، وينابيع المودة ص ١٦٨ وتذكرة الخواص ٢٣٥ وسيرة الأئمة

٣٣٨

فأبو بكر لم يكن يرى : أن اتهام أمير المؤمنين في قضية الإمام الحسن «عليه‌السلام» من صالحه ..

أما عمر ، الذي رأى أنه قد أصبح قويا في الحكم ، وقد تكرس الموقف لصالح غير أهل البيت «عليهم‌السلام» على الصعيد السياسي ..

نعم ، إن عمر هذا ، يهتم بالتعرف على مصدر هذه الإرهاصات ، ليعمل على القضاء عليها قبل فوات الأوان ، ما دام يملك القدرة على ذلك بنظره.

لقد كانت مواقف الحسنين «عليهما‌السلام» هذه تعتبر تحديا عميقا للسلطة ، في أدقّ وأخطر قضية عملت هذه الجهة من أجل حسم الأمور فيها لصالحها ، ورأت أنها قد وفقت في مقاصدها تلك إلى حد بعيد .. فجاءت هذه المواقف لتهز من الأعماق ما كاد يعتبر ، أو قد اعتبر بالفعل من الثوابت الراسخة.

والحسنان «عليهما‌السلام» هما ذانك الفرعان من دوحة الإمامة ، وغرس الرسالة ، اللذان يفهمان الظروف التي تحيط بهما ، ويقيّمانها التقييم الصحيح والسليم ، ليتخذا مواقفهما على أساس أنها وظيفة شرعية ، ومسؤولية إلهية.

__________________

الاثني عشر للحسني ج ٢ ص ١٥ وكفاية الطالب ص ٢٢٤ عن مسند أحمد ، وابن سعد وتهذيب تاريخ ابن عساكر ج ٤ ص ٣٢٤ وتهذيب التهذيب ج ٢ ص ٣٤٦ وصححه ، وفضائل الخمسة من الصحاح الستة ج ٣ ص ٣٦٩ وهامش أنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج ٣ ص ٢٧ عن تاريخ دمشق ج ١٣ ص ١٥ و ١١٠ بعدة أسانيد ، وترجمة الإمام الحسين من تاريخ دمشق بتحقيق المحمودي ص ١٤١ و ١٤٢ وفي هامشه عن ابن سعد ج ٨ في ترجمة الإمام الحسين وعن كنز العمال ج ٧ ص ١٠٥ عن ابن راهويه وغيره ، والغدير ج ٧ ص ١٢٦ عن ابن عساكر.

٣٣٩

أما التكليف الشرعي ، والموقف الذي لأبيهما ، فهو وإن كان في ظاهره يبدو هنا مختلفا ، إلا أنه ولا شك يخدم نفس الهدف ، ويسير في نفس الاتجاه.

أول قود في الإسلام :

قالوا : وفي هذه السنة أقاد رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» رجلا من هذيل برجل من بني ليث ، وهو أول قود كان في الإسلام (١).

ومن الواضح : أن هذا القود مهم جدا في توجه الناس نحو الانقياد لأحكام الشرع في أكثر الأمور حساسية وأهمية في حياتهم ، وفقا لقاعدة : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (٢) ، وقاعدة : (مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً) (٣).

فإن من الواضح : أن من يستحل قتل الناس ، فإنه يكون قد تجاوز جميع الحدود ، وأعفى نفسه من الالتزام بجميع الحقوق ، وسمح لنفسه بهتك جميع الحرمات الإنسانية. فلا سبيل إلى عقد أي التزام مع إنسان من هذا القبيل ، إذ لا يمكن الاطمينان إليه ، بأن يفي بأي عهد أو عقد ، أو أن يقف عند أية حرمة إنسانية ..

وعل كل حال ، فإن لهذا الموضوع جهات كثيرة من البحث ، نسأل الله التوفيق للتعرض لها بالمعالجة في فرصة أخرى إن شاء الله تعالى ..

__________________

(١) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٧٠ وعن أسد الغابة ج ١ ص ٢٣ وراجع : سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٨٢ وعن عيون الأثر ج ٢ ص ٣٥٨.

(٢) الآية ١٧٩ من سورة البقرة.

(٣) الآية ٣٢ من سورة المائدة.

٣٤٠