الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٠

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٠

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-192-0
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٥٥

١
٢

٣
٤

الفصل الثاني :

معركة مؤتة

٥
٦

المسلمون في مؤتة :

قالوا : ولما فصل المسلمون من المدينة سمع العدو بمسيرهم ، فتجمعوا لهم ، وقام فيهم شرحبيل بن عمرو ، فجمع أكثر من مائة ألف ، وقدم الطلائع أمامه (١).

فلما نزل المسلمون وادي القرى ، بعث أخاه سدوس بن عمرو في خمسين من المشركين ، فاقتتلوا. وانكشف أصحاب سدوس ، وقد قتل ، فشخص أخوه ـ وعند الواقدي : «وخاف شرحبيل بن عمرو ، ودخل حصنا فتحصن ، وبعث أخا له يقال له : وبر بن عمرو» (٢) ـ إلى هرقل يستمده ، فبعث هرقل زهاء مائتي ألف (٣).

__________________

(١) راجع : الروض الأنف ج ٤ ص ١٣٢ وسبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ١٤٨ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٦٦ و ٦٧ والطبقات الكبرى لاين سعد ج ٢ ص ١٢٩ وعن تاريخ مدينة دمشق ج ٢ ص ١٣.

(٢) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٧٦٠ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٧١ وسبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ١٤٨ والبحار ج ٢١ ص ٦١ وعن تاريخ مدينة دمشق ج ٢ ص ١٣.

(٣) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ١٤٨ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٧١.

٧

المسلمون في مواجهة هرقل :

ومضى المسلمون حتى نزلوا معان من أرض الشام. وبلغ الناس أن هرقل قد نزل مآب من أرض البلقاء في مائة ألف من الروم ، وانضم إليهم مائة ألف أخرى من لخم وجذام ، وبكر ووائل ، وقبائل قضاعة من بلقين ، وبهراء ، وبليّ ، عليهم رجل من بليّ ، ثم أحد بني إراشة ، يقال له : مالك بن رافلة.

وقيل : كانوا مائتي ألف من الروم وخمسين ألفا من قبائل العرب المتنصرة ، ومعهم من الخيول والسلاح ما ليس مع المسلمين.

فلما بلغ ذلك المسلمين أقاموا على معان ليلتين يفكرون في أمرهم ، وقالوا : نكتب إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» فنخبره بكثرة عدونا ، فإما أن يمدنا بالرجال ، وإما أن يأمرنا بأمر فنمضي له.

فشجع الناس عبد الله بن رواحة ، فقال : «يا قوم ، والله ، إن التي تكرهون ، للتي خرجتم تطلبون : الشهادة. وما نقاتل الناس بعدد ، ولا قوة ، ولا كثرة ، وما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به ، فانطلقوا ، فإنما هي إحدى الحسنيين ، إما ظهور ، وإما شهادة ، وليست بشرّ المنزلتين».

فقال الناس : صدق والله ابن رواحة (١).

__________________

(١) أسد الغابة ج ٣ ص ١٥٨ وعن إعلام الورى ج ١ ص ٢١٢ و ٢١٣ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٣١٩ وتاريخ مدينة دمشق ج ٢ ص ٧ و ٨٣ وج ٢٨ ص ١٢٤ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤٥٨ وعيون الأثر ج ٢ ص ١٦٦ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٨٣١ ومجمع الزوائد ج ٦ ص ١٥٨ وسبل الهدى ـ

٨

فمضى الناس حتى إذا كانوا بتخوم البلقاء لقيتهم جموع هرقل ، من الروم والعرب ، بقرية من قرى البلقاء ، يقال لها : مشارف (١).

في المواجهة :

ثم دنا العدو ، وانحاز المسلمون إلى قرية يقال لها : مؤتة. فالتقى الناس عندها ، فتعبأ لهم المسلمون (٢).

وروى أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم ، ومحمد بن القرّاب في تاريخه ، عن برذع بن زيد ، قال : قدم علينا وفد رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلى مؤتة ، وعليهم زيد بن حارثة ، وجعفر بن أبي طالب ، وعبد الله بن رواحة ، وخرج معهم

__________________

والرشاد ج ٦ ص ١٤٨ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ٧٨٧ وراجع :

النص والإجتهاد ص ٣٠ والدرر لابن عبد البر ص ٢٠٩ وتاريخ الإسلام للذهبي ج ٢ ص ٤٨١ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٢٧٧ والكامل في التاريخ لابن الأثير ج ٢ ص ٢٣٥ والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج ٢ ق ٢ ص ٤١.

(١) تنسب إليها السيوف المشرفية ، حيث يقال : إنها طبعت لسليمان «عليه‌السلام» بها.

راجع : مجمع البلدان ج ٥ ص ١٣١ و ٢٢٠ وعن تاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٣٢١ وعن البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٧٨ وعن السيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٨٣٢ وعن عيون الأثر ج ٢ ص ١٦٦ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤٦٠ وسبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ١٤٨ والبحار ج ٢١ ص ٥٦ وإعلام الورى ج ١ ص ٢١٣.

(٢) راجع : مجمع الزوائد ج ٦ ص ١٥٨ وعن تاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٣٢١ وعن البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٧٨ وعن السيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٨٣٢ وعن عيون الأثر ج ٢ ص ١٦٧ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤٦٠ وسبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ١٤٨.

٩

منا عشرة إلى مؤتة ، يقاتلون معهم. قد كان رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» نهاهم أن يأتوا ، فركبت القوم ضبابة ، فلم يبصروا حتى أصبحوا على مؤتة.

وروى محمد بن عمر ، عن أبي هريرة قال : «شهدت مؤتة ، فلما دنا العدو منا رأينا ما لا قبل لأحد به من العدد والعدد ، والسلاح والكراع ، والديباج والحرير ، والذهب ، فبرق بصري ، فقال لي ثابت بن أقرم : يا أبا هريرة ، كأنك ترى جموعا كثيرة.

قلت : نعم.

قال : إنك لم تشهد معنا بدرا ، إنّا لم ننصر بالكثرة (١).

قال ابن إسحاق : وتعبأ المسلمون للمشركين ، فجعلوا على ميمنتهم رجلا من عذرة ، يقال له : قطبة بن قتادة ، وعلى ميسرتهم رجلا من الأنصار يقال له : عباية بن مالك.

[قال ابن هشام] : ويقال له : عبادة بن مالك (٢).

__________________

(١) شرح النهج للمعتزلي ج ١٥ ص ٦٧ وشجرة طوبى ج ٢ ص ٢٩٩ وتاريخ مدينة دمشق ج ٢ ص ١٤ وج ١١ ص ١٠٨ وتاريخ الإسلام للذهبي ج ٢ ص ٤٨٢ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٢٧٨ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤٦١ وسبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ١٤٨ والبحار ج ٢١ ص ٦١ وإمتاع الأسماع ج ١ ص ٣٤٠ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٥ ص ٦٧ والإصابة ج ١ ص ٥٠٠.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ١٤٨ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٧٥٩ و ٧٦٠ وراجع : السيرة الحلبية ج ٣ ص ٦٦ و ٦٧ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٦١ والبحار ج ٢١ ص ٥٥ و ٥٦ و ٧١ ومقاتل الطالبيين ص ٧ ومجمع الزوائد ج ٦ ص ١٥٩ والمعجم الكبير ج ٥ ص ٨٥ وعن تاريخ مدينة دمشق ج ٢٦ ص ٤٦٢ وج ٤٩ ص ٣٣٦ وعن أسد الغابة

١٠

استشهاد القادة :

قال ابن عقبة ، وابن إسحاق ، ومحمد بن عمر : ثم التقى الناس ، واقتتلوا قتالا شديدا.

فقاتل زيد بن حارثة براية رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» حتى شاط في رماح القوم.

ثم أخذها جعفر بن أبي طالب ، فقاتل بها حتى إذا ألحمه القتال اقتحم عن فرس له شقراء ، فعرقبها.

ثم قاتل القوم حتى قتل.

فكان جعفر أول رجل من المسلمين عرقب فرسا له في سبيل الله (١).

وروى ابن إسحاق ، عن عباد بن عبد الله بن الزبير ، قال : حدثني أبي الذي أرضعني ، وكان أحد بني مرة بن عوف ، وكان في غزوة مؤتة ، قال : والله ، لكأني أنظر إلى جعفر حين اقتحم عن فرس له شقراء ، ثم عقرها ، ثم قاتل حتى قتل ، وهو يقول :

__________________

ج ٣ ص ١١٤ وعن الإصابة ج ٥ ص ٣٤٠ وعن تاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٣٢١ وعن البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٧٨ وعن السيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٨٣٢ وعن عيون الأثر ج ٢ ص ١٦٧ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤٦٠.

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ١٤٨ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٧٦١ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٦٧ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٧١ والبحار ج ٢١ ص ٥٠ و ٥١ و ٥٤ و ٦١ و ٦٢ وعن أمالي الطوسي ص ٨٧ و ٨٨ وعيون الأثر ج ٢ ص ١٦٧ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٥ ص ٦٩ ومقاتل الطالبيين ص ٧ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٣٢١ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٨٣٣.

١١

يا حبذا الجنة واقترابها

طيبة وباردا شرابها

والروم روم قد دنا عذابها

كافرة بعيدة أنسابها

علي إذ لاقيتها ضرابها

وهذا الحديث رواه أبو داود من طريق ابن اسحاق ، ولم يذكر الشعر (١).

وفي حديث أبي عامر عند ابن سعد : أن جعفرا «رحمه‌الله» تعالى لبس السلاح ، ثم حمل على القوم ، حتى إذا همّ أن يخالطهم رجع فوحّش بالسلاح ، ثم حمل على العدو ، وطاعن حتى قتل.

قال ابن هشام : وحدثني من أثق به من أهل العلم : أن جعفر بن أبي طالب أخذ اللواء بيمينه فقطعت ، فأخذه بشماله فقطعت ، فاحتضنه بعضديه حتى قتل «رحمه‌الله» تعالى ، وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة. فأثابه الله بذلك جناحين في الجنة يطير بهما حيث شاء.

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ١٤٩ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٧١ ومجمع الزوائد ج ٦ ص ١٥٩ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٨٣٣ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٢٧٨ و ٢٧٩ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤٦١ وسنن أبي داود ج ١ ص ٥٨٠ وراجع : مقاتل الطالبيين ص ٧ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٩ ص ٨٧ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٣٢١ والمنتخب من ذيل المذيل ص ٢ وذخائر العقبى ص ٢١٧ والمصنف لابن أبي شيبة ج ٤ ص ٥٧٧ وج ٧ ص ٧٣١ والمعجم الكبير ج ٢ ص ١٠٦ وتاريخ مدينة دمشق ج ٦٨ ص ٨٨ وج ٧٠ ص ٢٧١ وتهذيب التهذيب ج ٢ ص ٨٤ والإصابة ج ١ ص ٥٩٣ وسير أعلام النبلاء ج ١ ص ٢٠٩ وتهذيب الكمال ج ٥ ص ٥٨ وأسد الغابة ج ١ ص ٢٨٨ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٤ ص ٣٧ ومعرفة السنن والآثار ج ٧ ص ٢٥.

١٢

ويقال : إن رجلا من الروم ضربه يومئذ ضربة فقطعه نصفين (١).

وقيل : وقع أحد نصفيه في كرم ، فوجد في نصفه ثلاثون أو بضعة وثلاثون جراحا (٢).

جراحات جعفر :

روى الذهبي : عن أسامة بن زيد الليثي ، عن نافع : أن ابن عمر قال : جمعت جعفرا على صدري يوم مؤتة ، فوجدت في مقدم جسده بضعا وأربعين من بين ضربة وطعنة (٣).

وعن نافع ، عن ابن عمر أيضا : «أنه وقف على جعفر يومئذ ، وهو قتيل ، فعددت به خمسين بين طعنة وضربة ، ليس منها ـ أو قال فيها ـ شيء في

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ١٤٩ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٧١ والبحار ج ٢١ ص ٦١ عن المعتزلي ، وراجع : الطبقات لابن سعد ج ٤ ص ٣٨ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٢٧٩ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٨٣٣ والمستدرك للحاكم ج ٣ ص ٢٠٨ والبحار ج ٢١ ص ٦١ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤٦٢.

(٢) المنتخب من ذيل المذيل ص ٣ والمستدرك للحاكم ج ٣ ص ٢٠٨ والطبقات الكبرى ج ٤ ص ٣٨ والبحار ج ٢١ ص ٦١ وراجع : سير أعلام النبلاء ج ١ ص ٢١٠ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٢٩٢.

(٣) سير أعلام النبلاء ج ١ ص ٢١٠ وقال في هامشه : إسناده حسن. وأخرجه البخاري (٤٢٦٠) في المغازي : باب غزوة مؤتة من طريق ابن وهب ، عن عمرو ، عن ابن أبي هلال قال : وأخبرني نافع : أن ابن عمر أخبره : أنه وقف على جعفر يومئذ وهو قتيل. فعددت به خمسين بين طعنة وضربة ليس منها شيء في دبره ـ يعني ظهره.

١٣

دبره» (١).

وعن أبي جعفر «عليه‌السلام» : «أصيب يومئذ جعفر ، وبه خمسون جراحا ، خمس وعشرون منها في وجهه» (٢).

وروى البخاري ، والبيهقي ، عن عبد الله بن عمر قال : «كنت فيهم في تلك الغزوة فالتمسنا جعفر بن أبي طالب ، فوجدناه في القتلى ، ووجدنا في جسده بضعا وستين من طعنة ورمية» (٣).

وعن نافع ، عن ابن عمر : أنه كان يأتي عبد الله بن جعفر ، فقال له الناس : إنك تكثر إتيان عبد الله بن جعفر.

فقال ابن عمر : لو رأيتم أباه ، أحببتم هذا. وجد فيما بين قرنه إلى قدمه

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ١٥٧ و ١٤٩ وعن صحيح البخاري ج ٥ ص ٨٦ ، وعن سنن سعيد بن منصور ، والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٦٩ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٧١ والبحار ج ٢١ ص ٥٨ عن جامع الأصول ، والعمدة لابن البطريق ص ٤٠٨ وعن فتح الباري (المقدمة) ص ٢١٨ وج ٧ ص ٣٩٤ والمعجم الكبير ج ٢ ص ١٠٧ وعن البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٨٠ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤٦٤.

(٢) البحار ج ٢١ ص ٥٦ عن إعلام الورى ص ١١٠ و ١١١ وعن مناقب آل أبي طالب ج ١ ص ١٧٧ وشجرة طوبى ج ٢ ص ٢٩٩ وإعلام الورى ج ١ ص ٢١٣.

(٣) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ١٤٩ و ١٥٨ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٧٦١ وراجع : الطبقات الكبرى ج ٤ ص ٣٨ وشرح الأخبار ج ٣ ص ٥٤٨ والعمدة لابن البطريق ص ٤٠٨ وذخائر العقبى ص ٢١٨ والبحار ج ٢١ ص ٥٨ وعن صحيح البخاري ج ٥ ص ٨٧ وتهذيب الكمال ج ٥ ص ٥٤ ومعجم ما استعجم ج ٤ ص ١١٧٢ وراجع : الطبقات الكبرى ج ٤ ص ٣٨.

١٤

سبعون بين ضربة سيف وطعنة برمح (١).

وفي نص آخر عنه أيضا : وجد فيما أقبل من بدن جعفر ما بين منكبيه اثنان وسبعون ضربة بسيف ، أو طعنة برمح (٢).

وقيل : وجدوا في إحدى شقيه بضعة وثمانين جرحا (٣) ، وفيما أقبل من بدنه اثنين وسبعين ضربة بسيف ، وطعنة برمح (٤).

وعن ابن عمر أيضا : وجدنا فيما بين صدر جعفر ومنكبيه ، وما أقبل منه تسعين جراحة ، ما بين ضربة بالسيف ، وطعنة بالرمح (٥).

وعن ابن عمر قال : «التمسنا جعفر بن أبي طالب ، فوجدناه في القتلى ، في جسده (نيفا) بضعا وتسعين من طعنة ورمية» (٦).

__________________

(١) تاريخ مدينة دمشق ج ٢٧ ص ٢٦٢ وعن تاريخ الإسلام للذهبي (حوادث سنة ٦١ ـ ٨٠) ص ٤٣٠ وسير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٤٥٨ و ٤٥٩ وتهذيب الكمال ج ١٤ ص ٣٧١.

(٢) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٧٦١ وراجع : البحار ج ٢١ ص ٦١ والطبقات الكبرى ج ٢ ص ١٢٩ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٥ ص ٦٧ وشجرة طوبى ج ٢ ص ٢٩٩.

(٣) راجع : النص والإجتهاد ص ٢٩ وعن الكامل في التاريخ ج ٢ ص ٢٣٦ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٧١ وعن السيرة النبوية لابن هشام ج ٢ ص ٣٧٨.

(٤) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٦٩ والطبقات الكبرى ج ٤ ص ٣٨.

(٥) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٦٩ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٧١ والطبقات الكبرى ج ٤ ص ٣٨ وعن الإحتجاج ج ١ هامش ص ١٧٢ والدرجات الرفيعة ص ٧٥ والبحار ج ٢٢ ص ٢٧٦ وعن عيون الأثر ج ٢ ص ١٦٨.

(٦) المعجم الكبير ج ٢ ص ١٠٧ وكنز العمال ج ١٠ ص ٥٦١ وعن صحيح البخاري ج ٥ ص ٨٧ والبحار ج ٢١ ص ٥٨ وتهذيب الكمال ج ٥ ص ٥٤ وقال في هامشه : ـ

١٥

وفي نص آخر : فقدنا جعفر بن أبي طالب. طلبناه في القتلى ، فوجدناه وبه طعنة ورمية بضع وتسعون فوجدنا ذلك فيما أقبل من جسده (١).

وقال ابن عمر : وكنت معهم في تلك الغزوة ، فالتمسنا جعفرا ، فوجدنا فيما أقبل من جسمه بضعا وتسعين ما بين ضربة بسيف وطعنة برمح ورمية.

وروى ابن كثير : أنه لما قتل ، وجدوا فيه بضعا وتسعين ما بين ضربة بسيف ، وطعنة برمح ، ورمية بسهم ، وهو في ذلك كله مقبل غير مدبر ، وكانت قد طعنت يده اليمنى ثم اليسرى وهو ممسك للواء ، فلما فقدهما احتضنه حتى قتل وهو كذلك (٢).

وعن الفيروز آبادي : فوجد فيما أقبل من جسده تسعون ضربة ما بين طعنة برمح وضربة بسيف (٣).

__________________

أخرجه البخاري ج ٥ ص ١٨٢ في المغازي ، باب غزوة مؤتة من أرض الشام ، وأبو نعيم في الحلية ج ١ ص ١١٧ والحاكم ج ٣ ص ٢١٢ وابن سعد ج ٤ ص ٣٨ وراجع : شرح الأخبار ج ٣ ص ٥٤٨ والعمدة لابن البطريق ص ٤٠٨ وذخائر العقبى ص ٢١٨ وعن فتح الباري ج ٧ ص ٣٩٤ وسير أعلام النبلاء ج ١ ص ٢١٠ ومعجم ما استعجم ج ١ ص ١١٧٢.

(١) الطبقات الكبرى ج ٤ ص ٣٨ وذكر عن الفضل بن دكين : تسعين ضربة بين طعنة برمح وضربة بسيف ، وعن المصنف لابن أبي شيبة ج ٨ ص ٥٥٠ وسير أعلام النبلاء ج ١ ص ٢١٠ وسبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ١٥٨.

(٢) البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٩٢ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤٨٣.

(٣) البحار ج ٦٩ ص ١٢٤ و ١٢٥ ومستدرك سفينة البحار ج ٢ ص ٦٨٥ وراجع : مسند ابي حنيفة ص ٥٢٩.

١٦

وذكر ابن الأثير : أنه لما قتل جعفر وجد به بضع وسبعون جراحة ما بين ضربة بسيف وطعنة برمح كلها فيما أقبل من بدنه.

وقيل : بضع وخمسون ، والأول أصح (١).

فظهر ذلك التخالف. أي أن التخالف بين الروايات أصبح ظاهرا وواضحا.

كيفية الجمع بين الروايات :

قال الحافظ : ويجمع بأن العدد قد لا يكون له مفهوم ، أو بأن الزيادة باعتبار ما وجد فيه من رمي السهام ، فإن ذلك لم يذكر في الرواية الأولى ، أو الخمسين مقيدة بكونها ليس فيها شيء في دبره أي ظهره ، فقد يكون الباقي في بقية جسده ، ولا يستلزم ذلك أنه ولى دبره ، وإنما هو محمول على أن الرمي جاءه من جهة قفاه أو جانبيه ، ولكن يريد الأول : أن في رواية العمري عن نافع : فوجدنا ذلك فيما أقبل من جسده ، بعد أن ذكر العدد بضعا وتسعين (٢).

ووقع في رواية البيهقي في الدلائل بضع وسبعون ـ بتقديم السين على الموحدة ـ وأشار أن بضعا وتسعين بتقديم الفوقية على السين أثبت (٣).

طليعة شرحبيل :

ذكرت الروايات المتقدمة : أن شرحبيل بن عمرو الغساني قد جمع مائة ألف.

__________________

(١) أسد الغابة ج ١ ص ٢٨٨ وراجع : صحيح ابن حبان ج ١١ ص ٤٥.

(٢) البحار ج ٢١ ص ٥٨ عن جامع الأصول.

(٣) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ١٥٧ و ١٥٨ عن صحيح البخاري ، وراجع : الطبقات الكبرى ج ٤ ص ٣٨.

١٧

ولكنها تعود لتقول : إنه لما نزل المسلمون وادي القرى أرسل شرحبيل أخاه في خمسين رجلا ، فاقتتلوا ، ثم انكشف المشركون وقد قتل أخوه سدوس ..

ثم تذكر : أن شرحبيل هذا قد خاف ، فدخل حصنا فتحصن فيه.

ونقول :

إن هذه التصرفات لا تنسجم مع المنطق السليم ، والعقل القويم ، وذلك لما يلي :

١ ـ إن من يجمع مائة ألف مقاتل لا تكون طليعته خمسين رجلا بحسب العادة ، فإن المشركين الذين لا يجمعون ما يصل إلى عشر ما جمعه شرحبيل ، تكون طليعتهم مائتي فارس في الحديبية (١) ، لمواجهة أقل من ألف وخمس مائة مقاتل ..

٢ ـ ما معنى أن يخاف شرحبيل من ثلاثة آلاف رجل حتى إنه ليدخل حصنا ويتحصن فيه ، مع أن معه مائة ألف مقاتل؟! ..

__________________

(١) راجع : نور الثقلين ج ١ ص ٥٤٣ وكنز الدقائق ج ٢ ص ٦٠٦ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٦ والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ٣٥ وتفسير القمي ج ١ ص ١٥٠ وج ٢ ص ٣١٠ والبحار ج ٢٠ ص ٣٤٨ وج ٨٣ ص ١١٠ ونيل الأوطار ج ٨ ص ١٩١ والأم للشافعي ج ٧ ص ١٤٩ ومستدرك الوسائل ج ٦ ص ٥١٨ والنص والإجتهاد ص ١٦٥ والميزان (تفسير) ج ٥ ص ٦٤ وج ١٨ ص ٢٦٤ وعن فتح الباري ج ٥ ص ٢٤٣ وعن عيون الأثر ج ٢ ص ١١٤ وعن ابن سعد في الطبقات ج ٢ ص ٩٥ ونيل الأوطار ج ٨ ص ١٩١ وتفسير القمي ج ١ ص ١٥٠ وج ٢ ص ٣١٠.

١٨

٣ ـ وحين دخل شرحبيل الحصن ، أين كان المائة ألف الذين جمعهم؟ هل دخلوا معه؟! أم تركهم في خارجه؟

وإذا كانوا دخلوا معه ، فهل اتسع ذلك الحصن لهذه الأعداد الهائلة؟!

وإن كانوا قد بقوا في الخارج ، كيف أقنعهم بصحة تصرفه هذا ، وأن يبقوا عرضة للخطر في العراء ، ويبيت هو في داخل الحصن؟!

وهل رضوا منه به أم لم يرضوا؟

٤ ـ وعن أخيه سدوس نقول :

كيف تجرأ أخوه سدوس على الدخول في حرب ضد ثلاثة آلاف مقاتل ، مع أن الذين معه كانوا خمسين رجلا فقط؟!

وإذا كان شرحبيل ـ وهو في مائة ألف مقاتل ـ لا يجرؤ على مواجهة ثلاثة آلاف مقاتل ، بل يدخله خوفه منهم حصنا ليأمن على نفسه فيه ، فكيف يقدم سدوس على الدخول في حرب مع نفس هؤلاء الذين هرب منهم أخوه الذي أرسله؟!

وإذا كان باستطاعة الخمسين رجلا ـ بمن فيهم سدوس ـ أن يفلتوا ، وينكشفوا ويسلموا حتى إنه لم ينقل أحد أن أحدا منهم قد أصيب ولو بجراحة ، فلما ذا لم يفلت سدوس نفسه أيضا؟!

٥ ـ ولست أدري كيف استطاع شرحبيل أن يجمع مائة ألف مقاتل بهذه السرعة الفائقة. أي من حين بدأ المسلمون مسيرهم نحوهم ، وإلى حين وصولهم؟! هل كانوا مجتمعين في منطقة واحدة ، فدعاهم ، فأجابوه؟! أم أنه قد جمعهم من مناطق متباعدة؟!

إننا لم نعهد في منطقة مؤتة تجمعات كبيرة تستطيع أن تفرز مائة ألف

١٩

مقاتل بهذه السرعة ..

٦ ـ على أن من يستطيع أن يجمع أكثر من مائة ألف بهذه السرعة ، فلا بد أن يكون ذا نفوذ عظيم يضاهي نفوذ هرقل ملك الروم ، ويستحق أن يجعله هرقل على بلاد الشام كلها ، ولا يجعل سواه ، لا الحارث بن أبي شمر الغساني ، ولا غيره.

بل هو يستطيع أن يستقل عن هرقل نفسه ، فهو ليس بحاجة إليه ، فلما ذا يأنف من أن يكون تابعا له؟!

الأرقام عن عدد جيوش العدو :

نحن وإن كنا لا نريد أن نعطي رقما مبالغا فيه عن عدد جيوش العدو ، غير أننا نشير إلى أن مراجعة النصوص المتقدمة تعطي الإنطباع عن عدد جيوش العدو ، وأنه كان أكثر من مائتي ألف ، بل قد يصل إلى ضعف هذا العدد ..

فقد تقدم : أن شرحبيل جمع أكثر من مائة ألف ، وأن هرقل بعث إليه زهاء مائتي ألف.

وكان هرقل نفسه قد نزل البلقاء في مائة ألف من الروم ، ومائة ألف أخرى من العرب.

وقيل : بل كان معه مائتا ألف من الروم ، وخمسون ألفا من العرب المتنصرة ..

فإذا ضممنا هذه الأرقام إلى بعضها البعض ، فإن العدد سوف يتضاعف ليصل إلى ما يقارب الخمس مائة وخمسين ألفا. وهو رقم لم يذكره أحد من

٢٠