وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى - ج ٤

نور الدين علي بن أحمد السّمهودي

وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى - ج ٤

المؤلف:

نور الدين علي بن أحمد السّمهودي


المحقق: خالد عبد الغني محفوظ
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٣٤

ثم جعله تحت أرعوفة البئر ؛ فوجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أمرا أنكره بصره حتى دله الله عليه ، فدعا جبير بن إياس الزرقي فدلّه على موضع في بئر ذروان تحت أرعوفة البئر ، ثم أرسل إلى لبيد بن الأعصم ، فقال له : ما حملك على ما صنعت فقد دلني الله على سحرك؟ فقال : حبّ الدنانير.

قال إسحاق بن عبد الله : فأخبرت عبد الرحمن بن كعب بن مالك بهذا ، فقال : إنما سحره بنات أعصم أخوات لبيد ، وكنّ أسحر منه وأخبث ، وكان لبيد هو الذي أدخله تحت أرعوفة البئر.

وقال الحارث بن قيس : يا رسول الله ، ألا نهور البئر ، فأعرض عنه ، فهوّرها الحارث وأصحابه ، وكان يستعذب منها.

قال : وحفروا بئر أخرى فأعانهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على حفرها حتى استنبطوا ماءها ، ثم تهورت بعد ، ويقال : إن الذي أخرج السحر بأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قيس بن محصن.

وفي رواية لابن سعد أيضا : فبعث نبيّ الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى علي وعمار فأمر هما أن يأتيا الركي فيفعلا الذي سمع ، يعني من الملكين ، فأتياها وماؤها كأنه قد خضب بالحناء ، فنزلاها ثم رفعا الصخرة ، فأخرجا طلعة فإذا فيها إحدى عشرة عقدة ، ونزلت هاتان السورتان (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) فجعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كلما قرأ آية انحلّت عقدة حتى انحلت العقد.

بئر رئاب : بكسر الراء ثم همزة وألف وآخره موحدة ، بئر بالمدينة لها شاهد في مخيض.

بئر ركانة : على عشرة أميال من المدينة بطريق العراق ، وبها حوض ، وهناك آخر عمل الطرف وأول عمل المدينة. ووراءها بميلين بئر بني المطلب ، قاله الأسدي.

بئر زمزم : بزايين معجمتين ، تقدمت في بئر إهاب أول الباب السادس ، سميت بذلك لكثرة التبرك بمائها ونقله إلى الآفاق كبئر زمزم.

بئر زياد : لها ذكر فيما سيأتي في عيون الحسين.

بئر السائب : بالطريق النجدي على أربعة وعشرين ميلا من المدينة ، وبينها وبين الشقرة مثل ذلك ، وبها قصر وعمائر وسوق ، وسميت بذلك لأن عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه حفرها للناس ، ويقال لواديها العرنية ، سيله يمضي منها فيدفع في الأعواض ، ثم

٢١

في قناة ، والجبل المشرف على بئر السائب يقال له شباع ، ذكر بعض أهل البادية أن إبراهيم صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان قد نزل في أعلاه ، قاله الأسدي.

بئر سميحة : ستأتي في السين.

بئر شداد : بناحية الحثحاثة.

بئر عائشة : رجل من بني واقف ، وهو عائشة بن نمير بن واقف ، كان له أطم عليها ، ومنازلهم في جهة قبلة مسجد الفضيخ.

بئر عذق : بفتح العين وسكون الذال المعجمة بلفظ العذق للنخلة ، معروفة بقباء ، وهي المتقدمة في منازل بني أنيف.

بئر عروة بن الزبير : تقدمت مع قصره بالعقيق ، وكانت شهيرة ثم دثرت ، حتى قال المجد : إنه لم يجد من يعرفها.

بئر ذات العلم : بفتحتين ، تجاه الروحاء ، يقال : إن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قاتل الجنّ بها ، وهي بئر متناهية بعد هر شى ، يكاد لا يلحق قعرها ، قاله المجد.

بئر غامر : أدخلها عثمان رضي الله تعالى عنه في صدقته بئر أريس ، وفي رواية أنها كانت من طعم أمهات المؤمنين كما تقدم في الصدقات.

بئر غدق : بفتحتين والدال مهملة بعدها قاف ، من قولهم غدقت العين فهي غدقة أي غزيرة ، وماء غدق غزير ، وهي بئر بالمدينة عندها أطم البلويين الذي بالقاع كما قال المجد ، ولم أقف له على أصل إلا ما تقدم في منازل اليهود من أن بني أنيف من بلى ، وكانوا بقباء ، ولهم أطم عند بئر غدق ، لكنه لا يسمى بالقاع ، وتلك البئر معروفة اليوم بالعين المهملة والذال المعجمة كما سبق ، والمجد لم يذكرها فإن كانت مراده فقد خالف ما هو المعروف في أسمائها.

بئر فاطمة : بنت الحسين رضي الله تعالى عنهما تقدم في زيادة الوليد ما رواه ابن زبالة عن منصور مولى الحسين في خروجها من بيت جدتها فاطمة الزهراء عند إدخالها في المسجد ، قال : وانتقلت إلى موضع دارها بالحرة فابتنتها ، وهي يومئذ براح ، وموضعها بين دار ذكوان وبناء إبراهيم بن هشام ، قال : فلما بنت قالت : مالي بدّ من بئر للوضوء وغير ذلك من الحاجة ، فصلّت في موضع بئر دارها ركعتين ، ثم دعت الله وأخذت المسحاة فاحتفرت بئرها ، وأمرت العمال فعملوا ، فما لقيت حصاة حتى أماهت ، فلما بنى إبراهيم بن هشام داره بالحرة بعد وفاة فاطمة ابنة الحسين وأراد نقل السوق إليها صنع في حفرته التي بالحوض مثل ما صنعت فاطمة ، فلقي جبلا أو قل عليه وعظم غرمه فيه ، فسأل

٢٢

إبراهيم بن هشام عبد الله بن حسن بن حسن أي ابن فاطمة ابنة حسين أن يبيعه دار فاطمة ، فباعه إياها بثلاثة آلاف دينار ، فقال : يا أبا محمد تجوّز عنا بدنانير لنا أصابها حريق ، قال : نعم ، فأخذها وقد انضمّ بعضها إلى بعض ، فقيل له : إن كسرتها غرمت فيها كثيرا وصارت تبرا ، وإن بعثت بها إلى الشام ضربت دنانير وعادت على حالها ، فبعث بها فضربت له.

فكان غرمه بضعة وأربعين دينارا ، ووقع تجوزه بها من ابن هشام موقعا حسنا.

وتقدم في بئر إهاب ترجيح المطري لأن هذه البئر هي المعروفة اليوم بزمزم بطرف الحديقة المعروفة بزمزم من جهة القبلة ، وأن الراجح عندنا أن تلك بئر إهاب ، فإن بئر فاطمة بقربها ، ولعلها التي في شاميها بالحديقة المذكورة.

بئر فجّار : بتشديد الجيم ، وستأتي مع شاهدها في الشطبية.

بئر مدرى :بكسر الميم وسكون الدال المهملة بلفظ المدرى الذي يحك به قال المجد : هي من آبار المدينة المعروفة بالغزارة والطيب ، قال الزبير : خطب رجل من بني قريظة امرأة من بلحارث بن الخزرج ، فقالت : أله مال على بئر مدرى أو هامات أو ذي وشيع أو على بئر فجار ، وهي في بئر أريس.

قلت : هذا الخبر إنما سبق في ذكر الشطبية كما سيأتي فيها بلفظه فقوله «وهي بئر أريس» إن أراد ما سيق الخبر له فهو الشطبية لا بئر مدرى ، وتقدم حينئذ فيما عليه الناس من أن بئر أريس بقباء ، وكذا إن أراد جميع هذه الآبار إذ منها الشطبية وهي بجانب الأعواف كما سبق في بئر الأعواف وإن أراد به بئر فجار فهي غير معروفة ، وتقدم في سيل مهزور أن عثمان رضي الله تعالى عنه عمل الردم الذي عند بئر مدرى ليرد به سيل مهزور عن المسجد.

قال ابن زبالة : إن سرح عثمان الذي يقال له مدري يشق من مهزور في أمواله حتى يأتي على أريس ، إلى آخر ما سبق عنه.

بئر مرق : بفتح الميم والراء وقد تسكن الراء أيضا ، لغتان مشهورتان ، آخره قاف ، بئر بالمدينة لها ذكر في حديث الهجرة ، قاله في النهاية.

قلت : هي المذكورة في سابع فصول الباب الثالث ، وفي رواية البيهقي أن أسعد بن زرارة خرج لمصعب بن عمير يوما إلى دار بني عبد الأشهل ، فدخل به حائطا من حوائط بني ظفر ، وهي قرية لبني ظفر دون قرية بني عبد الأشهل ، وكانا ابني عم ، يقال له بئر مرق ، ويؤخذ منه قربها من دار بني ظفر وبني عبد الأشهل ، وهناك بناحية مسجد الإجابة نخيل تعرف بالمرقية ، فالظاهر أنها منسوبة لها.

٢٣

بئر مطلب : بضم الميم وفتح الطاء المشددة وكسر اللام ، على سبعة أميال من المدينة ، منسوبة إلى المطلب بن عبد الله بن حنطب المخزومي ، قاله المجد ، وذكرها الأسدي في الطريق النجدي ، وقال : إنها على خمسة أميال من المدينة ، والميل السادس على حرة واقم المشرفة على المدينة ، ولعلها بئر بني المطلب المتقدمة فيما نقلناه عنه في بئر ركانة ، وإن خالف ما هنا في المسافة.

قال المجد : قدم صخر بن الجعد المحاربي المدينة ، فأتى تاجرا يقال له سيار ، فابتاع منه برّا وعطرا ، وقال له : تأتيني غدوة فأقضيك ، وركب من تحت ليلته إلى البادية ، فسأل عنه سيار لما أصبح ، فركب في أثره في جماعة حتى أتوا بئر مطّلب على سبعة أميال من المدينة وقد جهدوا من الحر ، فنزلوا عليها ، وأكلوا تمرا كان معهم ، وأراحوا دوابهم ، ثم انصرفوا راجعين فقال أبياتا منها :

حين استغاثوا بألوى بئر مطلب

وقد تحرّق منهم كلّ تمّار

وقال أولهم نصحا لآخرهم

ألا ارجعوا أدركوا الأعراب في النار

بئر معرونة : بفتح الميم وضم العين ثم واو ثم نون مفتوحة وهاء ، وقد يتصحف ببئر معاوية التي بين عسفان ومكة بلفظ معاوية بن أبي سفيان ، وليست بها ؛ فإن هذه بالنون وهي بين جبال يقال لها أبلى في طريق المصعد من المدينة إلى مكة ، وهي لبني سليم ، قاله المجد أخذا من قول عرّام عقب ما سيأتي عنه في النازية : وفي أبلى مياه منها بئر معونة وذو ساعدة وذو جماجم أو حماحم والوسباء وهذه لبني سليم ، وهي قناة متصلة بعضها ببعض ، وتقدم بيان أبلى ، وأنها بين السوارقية والرحضية ، ويؤيده أن معونة بالنون واد معروف هناك كما أخبرني به أمير المدينة الشريفة السيد الشريف فسيطل.

ويوافقه قول النووي في تهذيبه : بئر معونة قبل نجد ، بين أرض بني عامر وحرة بني سليم.

ويوافقه أيضا ما تقدم عن الزهري في أبلى ، لكن صرح عياض في المشارق بخلافه ، وجعلها التي بين عسفان ومكة ، وتبعه في ذلك جماعة من آخرهم الحافظ ابن حجر.

ونقل المجد عن الواقدي أن بئر معونة في أرض بني سليم وأرض بني كلاب ، وأن عندها كانت قصة الرجيع ، وفيه ترجيح لكلام عياض ؛ لأن الرجيع موضع كانت قربه قصة سرية عاصم بن ثابت وحبيب في عشرة ، وقد ترجم البخاري لها بغزوة الرجيع ، ثم روى عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : بعث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم سرية عينا ، وأمّر عليهم عاصم بن ثابت ، فانطلقوا حتى إذا كانوا بين عسفان ومكة ذكروا لحي من هذيل ، فتبعوهم بقريب من

٢٤

مائة رام ، فاقتصّوا آثارهم ، حتى أتوا منزلا نزلوه ، فوجدوا فيه نوى تمر تزودوه من المدينة ، وذكر القصة ، وبين أبو معشر في مغازيه أن ذلك المنزل هو الرجيع ، فقال : فنزلوا بالرجيع سحرا ، فأكلوا تمر عجوة ، فسقطت نواة بالأرض ، وكانوا يسيرون بالليل ويكمنون النهار ، فصاحت امرأة من هذيل : أتيتم ، فجاؤوا في طلبهم ، فوجدوهم قد كمنوا في الجبل.

وفي رواية للبخاري : حتى إذا كانوا بالهدأة ، بدل قوله «بين عسفان ومكة» وعند ابن إسحاق «الهدة» بتشديد الدال بغير همز ، قال : وهي على تسعة أميال من عسفان.

ثم ذكر البخاري في باب غزوة الرجيع قصة أهل بئر معونة ، ففيه إشارة لما ذكره الواقدي من اتحاد الموضع ، مع إفادة أنه بين عسفان ومكة ، لكن يشهد لما ذكره المجد صنيع ابن إسحاق فإنه قال في غزوة الرجيع : حتى إذا كانوا على الرجيع ماء لهذيل بناحية الحجاز على صدور الهدة غدروا بهم.

وقال في غزوة معونة : إن أبا براء عامر بن مالك ملاعب الأسنّة قال : يا محمد ، لو بعثت رجالا من أصحابك إلى أهل نجد فدعوهم إلى أمرك ، ثم ذكر بعث القراء ، ثم قال : فساروا حتى نزلوا بئر معونة ، وهي بين أرض بني عامر وحرة بني سليم ، كلا البلدين منها قريب ، وهي إلى حرة بني سليم أقرب ، فهو صريح في المغايرة ، وأبلى تحدّ به في شرقي المدينة ، فما ذكره المجد موافق لكلام ابن إسحاق.

بئر الملك : بكسر اللام ـ وهو تبّع اليماني ، حفرها بمنزله بقناة ، لما قدم المدينة ، وبه سميت ، فاستوبأها ، فاستقى له من بئر رومة كما سبق فيها.

ونقل ابن شبة أن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه كان من صدقاته بالمدينة بئر الملك بقناة.

بئر الهجيم :بالجيم ، ثم الياء المثناة تحت كما في كتاب ابن زبالة ويحيى منسوبة إلى الأطم الذي يقال له الهجيم بالعصبة ، تقدمت في مسجد التوبة بالعصبة من المساجد التي لا تعرف عينها ، وقال فيها المطري : بئر هجم ، وفي خط المراغي على الهاء فتحة ، وعد ابن شبة في آبار المدينة بئرا يقال لها الهجير ـ بالراء بدل الميم ـ وقال : إنها بالحرة فوق قصر ابن ماه.

بألى : بفتحات ثلاث ـ يقدم أيضا في مساجد تبوك.

البتراء : تقدمت فيها ، ولعلها غير البتراء التي على نحو مرحلة من المدينة ، سلكها النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في غزاة بني لحيان موريا بأنه يريد الشام ، فسلك على غراب ، ثم على مخيض ،

٢٥

ثم إلى البتراء ، ثم أخذ ذات اليسار ، ثم خرج على بين ، ثم على صخيرات الثمام ، ثم استقام به الطريق على المحجة.

البجرات :بفتح الباء والجيم ويقال البجيرات بالتصغير ، مياه من مياه السماء في جبل شوران.

بجدان : جبل على ليلة من المدينة ، ذكره صاحب النهاية ، وفيه حديث «سيروا هذا بجدان سبق المفردون» كذا روى الأزهري ، والأكثرون رواه جمدان بالجيم والميم ، كما سيأتي فيه.

بحران : بالضم وسكون الحاء المهملة ثم راء فألف فنون ، وقيده ابن الفرات بفتح الباء قال ابن إسحاق ، في سرية عبد الله بن جحش : فسلك على طريق الحجار حتى إذا كان بمعدن فوق الفرع يقال له بحران.

وقال بعد غزاة ذي أمر : ثم غزا صلى‌الله‌عليه‌وسلم يريد قريشا ، حتى بلغ بحران معدنا بالحجاز من ناحية الفرع ، فأقام به شهر ربيع الآخر وجمادى الأولى ثم رجع ولم يلق كيدا

وقال ابن سعد : إنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم خرج في ثلاثمائة رجل من أصحابه حتى ورد بحران ، فوجد جمع بني سليم قد تفرقوا في مياههم ، وكانت غيبته عشر ليال.

بخرج : أطم بقباء لبني عمرو بن عوف.

بدا : بالفتح وتخفيف الدال موضع قرب وادي القرى ، كان به منزل على ابن عبد الله بن العباس وأولاده.

البدائع : تقدم في مسجد الشيخين مما لا تعرف اليوم عينه بالمدينة.

بدر : بالفتح ثم السكون ـ بئر احتفرها رجل من غفار اسمه بدر بن قريش بن مخلد بن النضر بن كنانة ، وقيل : بدر رجل من بني ضمرة سكن ذلك الموضع فنسب إليه ، ثم غلب اسمه عليه ، وقال الزبير : قريش بن الحارث بن مخلد ، ويقال : مخلد بن النضر به سميت قريش قريشا لأنه كان دليلها وصاحب ميرتها ، وكانوا يقولون : جاء عير قريش ، وابنه بدر ابن قريش ، به سميت بدر التي كانت بها الوقعة المباركة ، لأنه كان احتفرها ، ويقال : بدر اسم البئر التي بها سميت بذلك لاستدارتها ، أو لصفاء مائها ، فكان البدر يرى فيها ، وحكى الواقدي إنكار ذلك كله عن غير واحد من شيوخ بني غفار ، قالوا : إنما هي مأوانا ومنازلنا وما ملكها أحد قط يقال له بدر ، وإنما هو علم عليها كغيرها من البلاد ، وبدر الموعد ، وبدر القتال ، وبدر الأولى ، وبدر الثانية ، وبدر الثالثة ، كله موضع واحد ، واستشهد من المسلمين بوقعة بدر التي أعز الله بها الإسلام أربعة عشر رجلا ، منهم أبو

٢٦

عبيدة بن الحارث تأخرت وفاته حتى وصل الصفراء ، ويظهر من كلام أهل السّير أن بقيتهم دفنوا ببدر ، وبها مسجد العمامة المتقدم.

ورأيت بأوراق في منازل الحاج ، ما لفظه : ومن بدر إلى الدخول نحو نصف فرسخ ، وهو الغار الذي دخل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيه ، انتهى. وهذا الغار على يمين المصعد من بدر ، ورأيت الحجاج يتبركون بالصلاة فيه ، ولم أقف فيه على غير ما تقدم.

وقال المرجاني : شهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بدرا بسيفه الذي يدعى العضب ، وضربت فيها طبلخانة النصر ، فهي تضرب إلى قيام الساعة ، انتهى. ويقال : إنها تسمع بالموضع المذكور ، وهو على أربع مراحل من المدينة ، به عين ونخيل.

براق : بكسر أوله يضاف لبدر المتقدم في قول كثير :

فقلت وقد جعلن براق بدر

يمينا والعنابة عن شمالي

براق حورة : ـ بكسر أوله ، وفتح الحاء المهملة والراء ـ موضع من أودية الأشعر ، بناحية القبلة ، قال الأحوص :

فذو السّرح أقوى فالبراق كأنّها

بحورة لم يحلل بهنّ عريب

براق خبت : بفتح الخاء المعجمة ، وسكون الموحدة ، بعدها مثناة صحراء يمر بها المصعد من بدر إلى مكة ، وقيل : خبت ماء لكلب ، قال بشر :

فأودية اللّوى فبراق خبت

عفتها العاصفات من الرّياح

برام : بفتح أوله ، وبكسره ـ جبل كأنه فسطاط ، يبتدئ منه البقيع ، وهو من أعلامه في المغرب ، ويقابله عسيب في المشرق ، وفيه يقول المحرق المزني :

وإني لأهوى من هوى بعض أهله

برام وأجراعا بهنّ برام

برثان : بالفتح واد بين ملل وأولات الجيش ، سلك عليه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى بدر ، ولعله تصحيف تربان التي في التاء المثناة ، قاله المجد ، وهو كما ظن لما سيأتي.

برج : بفتح الباء والراء ، أطم لبني النضير.

البرريان : كانتا من طعم أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأظنهما المعروفتين بالبررة والبريرة بالعالية.

برق : بلفظ البرق اللامع من السحاب ، قرية بقرب خيبر ، ويوم برق من أيامهم.

برقة : بالضم ، وروى بالفتح من صدقاته صلى‌الله‌عليه‌وسلم كما تقدم ، وأما برقة العبرات بفتح العين المهملة والمثناة التحتية فبرقة واسعة حسنة جدا ، بين ضرية والبستان ، على أقل من نصف ميل منها ، وهي التي في شعر امرئ القيس الآني في حليت.

٢٧

برك : بالكسر ، واد بحذاء شواحط ، بناحية السوارقية ، كثير السّلم والعروط ، وفيه مياه ، وسيأتي في مبرك أنه يسمى ببرك أيضا.

البركة : مغيض عين الأزرق ، بها نخيل حسنة بيد الأمراء.

برمة : بكسر أوله ، من أعراض المدينة ، قرب بلاكث ، بين خيبر ووادي القرى ، به عيون ونخل لقريش ، ويقال له «ذو البيضة» كما سبق في مجتمع أودية المدينة ومغايضها.

البرود : بالفتح وضم الراء موضع بين طرف جبل جهينة يعنى الأشعر ، وموضع آخر بطرف حرة النار.

بزرة : بالضم ، وسكون الزاي ، وفتح الراء ، ثم هاء ناحية على ثلاثة أيام من المدينة ، بينها وبين الرويثة ، عن نصر ، قاله المجد ، وفيه نظر ؛ لما سيأتي في الرويثة ، وقال ياقوت عن ابن السكيت : بزرتان أي بالتثنية ـ شعبتان قريبتان من الرويثة ، يصبان في درج المضيق ، من بليل ، وقد ذكره الشعراء ، وكان فيه يوم لهم ، قال عبد الله بن جذل الطّعان :

فداء لهم نفسي ، وأمّي لهم فدى

ببزرة إذ نحصيهم بالسّنابك

البزواء : بلدة بيضاء مرتفعة من الساحل ، بين الجار وودان وغيقة ، من أشد بلاد الله حرّا ، سكانها بنو ضمره من بكر ثم من كنانة ، وهم رهط عزّة صاحبة كثير ، قال كثير يهجوهم :

ولا بأس بالبزواء أرضا لو أنّها

تطهّر من آثارهم فتطيب

بصة : يضاف إليها بئر البصة المتقدمة أول الباب السادس.

البضيع : بالضم وفتح الضاد المعجمة مصغرا قاله ياقوت ، ونقل عن ابن السكيت أنه طرف عن يسار الحال أسفل من عين الغفاريين في قول كثير :

تلوح بأكناف البضيع كأنها

كتاب زبور خطّ لدنا عسيبها

قلت : والظاهر أنه الآتي في النون.

البطحاء : يدفع فيها طرف عظم الشامي ، وما دبر من الصلصلين ، وتدفع هي من بين الجبلين في العقيق كما سبق ، ولعلها بطحاء ابن أزهر.

بطحان : بالضم ثم السكون كذا يقوله المحدثون ، وحكى أهل اللغة فتح أوله وكسر ثانية ، قال أبو علي القالي : لا يجوز غيره ، قال المجد : وقرأت بخط أبي الطيب أحمد بن أحمد بن أحمد الشافعي وخطه حجة بطحان بفتح أوله وسكون ثانية.

قلت : ونقل بعضهم عن أبي عبيد القاسم بن سلام أنه قال : هو بضم الباء وسكون

٢٨

الطاء ، سمي بذلك لسعته وانبساطه ، من البطح وهو البسط ، وتقدم في الفصل الخامس في الأودية ، قال الشاعر :

يا سعد إني لم أزل بعد كم

في كرب للشّوق تغشاني

كم مجلس ولّى بلذّاته

لم يهنني إذ غاب ندماني

سقيا لسلع ولساحاته

والعيش في أكناف بطحان

أمسيت من شوقي إلى أهلها

أدفع أحزانا بأحزان

وقال بعضهم : بطحان من مياه الضباب ، فهو موضع آخر

بطن إضم : تقدم في إضم.

بطن ذي صلب : تقدم في الفصل الخامس.

بطن نخل : جمع نخلة ، قرية قريبة من المدينة على طريق البصرة ، بينهما الطرف ، وهو بحذاء برق العراف لقاصد المدينة ، قاله المجد ، وقال الأسدي في وصف طريق فيد : إن من بطن نخل إلى الطرف عشرين ميلا ، ومن الطرف إلى المدينة خمسة وعشرون ميلا ، قال : وبطن نخل لبني فزارة من قيس ، وبها أكثر من ثلاثمائة بئر كلها طيبة ، وبها يلتقي طريق الربذة ، وهي من الربذة على خمسة وأربعين ميلا ، اه. وسيأتي في الجموم عن ابن سعد أنها بناحية بطن نخل ، عن يسارها ، قال : وبطن نخل من المدينة على أربعة برد ، اه.

وذكر الفقهاء في صلاة الخوف ببطن نخل أنه موضع من نجد في أرض غطفان ، وتقدم في زيادة عثمان أن القصّة كانت تحمل من بطن نخل ، وبخط المراغي عند ذكره لذلك : بطن نخل موضع على أربعة أميال من المدينة ، فإن صح فهو غير ما تقدم ، ولعله ذو القصّة ، وسيأتي أنه على خمسة أميال من المدينة في طريق الربذة ، وتسميته بذي القصة وهي الحصن شاهد لذلك.

البطيحان : تصغير بطحان ، تقدم في زيادة عمر بن الخطاب.

بعاث : أوله بالحركات الثلاث ، وقال عياض : أوله بالضم لا غير ، وآخره ثاء مثلاثة ، من ضواحي المدينة ، كانت به وقائع في الجاهلية بين الأوس والخزرج ، وحكاه صاحب العين وهو الخليل ـ على ما نقله أبو عبيد البكري بالغين المعجمة ، ولم يسمع من غيره ، وقال أبو أحمد السكري : هو تصحيف ، وحكى السكري أن بعضهم رواه عن الخليل وصحفه بالمعجمة ، وذكر الأزهري أن الذي صحفه الليث الراوي عن الخليل ، وقال في

٢٩

المطالع والمشارق بعاث بضم أوله وعين مهملة على المشهور ، وقيده الأصيلي بالوجهين ، وهو عند القابسي بالغين المعجمة ، قال الحافظ ابن حجر : ويقال : إن أبا عبيدة ذكره بالمعجمة أيضا ، وهو مكان ، ويقال : حصن ، ويقال : مزرعة عند بني قريظة على ميلين من المدينة ، وقال الزركشي : هو حصن للأوس ، وقال بعضهم : هو من أموال بني قريظة ، به مزرعة يقال لها قوري ، وقال رزين : هو موضع عند أعلى القرورا.

قلت : لعله تصحيف قورى ، قال قيس بن الخطيم :

نحن هزمنا جمعهم بكتيبة

تضاءل منها حرز قورى وقاعها

تركنا بعاثا يوم ذلك منهم

وقورى على رغم شباعا سباعها

وقال أيضا :

ويوم بعاث أسلمتنا سيوفنا

إلى نسب من جذم غسّان ثاقب

وقال كثير :

كأن حدائج أظعاننا

بغيقة لما هبطنا البراثا

نواعم عمّ على ميثب

عظام الجذوع أحلّت بعاثا

وميثب : حائط تقدم في الصدقات أنه مجاور للدلال والصافية ، وأسفل الدلال نخل يسمى قوران ، الظاهر أنه قورى كما سيأتي فيها ، فبعاث بتلك الجهة ، ويشهد له ما نقل ابن إسحاق عن محمد بن مسلمة في قتل كعب بن الأشرف ، قال : فخرجنا يعني بعد قتله حتى سلكنا على بني أمية بن زيد ، ثم على بني قريظة ، ثم على بعاث ، حتى أسندنا في حرة العريض ؛ وبه يعلم ضعف قول عياض ومن تبعه : إنه موضع على ليلتين من المدينة.

بعبع : بالضم وإهمال العينين ، أطم بمنازل بني عمرو بن عوف بقباء.

بغيبغة : بإعجام الغينين تصغير البغبغ وهي البئر القريبة الرشاء ، وروى ابن شبة أن ينبع لما صارت لعلي رضي الله تعالى عنه كان أول شيء عمله فيها البغيبغة ، وأنه لما بشر بها حين صارت له قال : تسرّ الوارث ، ثم قال : هي صدقة على المساكين وابن السبيل وذوي الحاجة الأقرب ، وفي رواية للواقدي أن جدادها بلغ في زمن علي رضي الله تعالى عنه ألف وسق.

وقال محمد بن يحيى : عمل علي بينبع البغيبغات ، وهي عيون منها عين يقال لها خيف الأراك ، ومنها عين يقال لها خيف ليلى ، ومنها عين يقال لها خيف بسطاس ، قال:وكانت البغيبغات مما عمل علي وتصدق به ، فلم يزل في صدقاته حتى أعطاها حسين بن علي عبد الله بن جعفر بن أبي طالب يأكل ثمرها ويستعين بها على دينه ومئونته ، على أن

٣٠

لا يزوج ابنته من يزيد بن معاوية ، فباع عبد الله تلك العيون من معاوية ، ثم قبضت حين ملك بنو هاشم الصوافي ، فكلم فيها عبد الله بن حسن بن حسن أبا العباس وهو خليفة فردها في صدقة علي ، فأقامت في صدقته حتى قبضها أبو جعفر في خلافته ، وكلم فيها الحسن بن زيد المهدي حين استخلف ، وأخبره خبرها ، فردها مع صدقات علي.

قلت : وهي معروفة اليوم بينبع ، ولكن في يد أقوام يدّعون ملكها.

وقال المبرد : روي أن عليا لما أوصى إلى الحسن وقف عين أبي نيزر البغيبغة ، وهي قرية بالمدينة ، وقيل : عين كثيرة النخل غزيرة الماء.

وذكر أهل السير أن معاوية كتب إلى مروان : أما بعد ، فإن أمير المؤمنين أحبّ أن يرد الألفة ، ويزيل السّخيمة ، ويصل الرحم ، فاخطب إلى عبد الله بن جعفر ابنته أمّ كلثوم على ابن أمير المؤمنين ، وأرغب له في الصداق ، فوجه مروان إلى عبد الله فقرأ عليه الكتاب وعرّفه ما في الألفة ، فقال : إن خالها الحسين بينبع ، وليس ممن يفتات عليه ، فأنظرني إلى حين يقدم ، فلما قدم ذكر له ذلك ، فقام ودخل على الجارية وقال : إن ابن عمك القاسم بن محمد بن جعفر أحقّ بك ، ولعلك ترغبين في الصداق ، وقد نحلك البغيبغات ، فلما حضر القوم للإملاك تكلم مروان ، فذكر معاوية وما قصده ، فتكلم الحسين وزوّجها من القاسم ، فقال له مروان : أغدرا يا حسين؟ فقال : أنت بدأت ، خطب الحسن بن علي عائشة بنت عثمان بن عفان ، واجتمعنا لذلك ، فتكلمات أنت وزوجتها من عبد الله بن الزبير ، فقال مروان : ما كان ذاك ، فالتفت الحسين إلى محمد بن حاطب وقال : أنشدك الله أكان ذلك؟ فقال : اللهم فنعم.

فلم تزل هذه الضّيعة في يد بني عبد الله من ناحية أم كلثوم يتوارثونها ، حتى استخلف المأمون ، فذكر له ، فقال : كلا هذا وقف عليّ ، فانتزعها ، وعوضهم عنها ، وردها إلى ما كانت عليه.

البقال : بالفتح وتشديد القاف ، قال الزبير في ذكر طلحة من بني البحتري : وداره بالمدينة إلى جنب بقيع الزبير بالبقال ، وتقدم في قبور أمهات المؤمنين أنها من خوخة بيته إلى الزقاق الذي يخرج على البقال ، وأن دار أبي رافع التي أخذها من سعد بالبقال مجاورة لسقيفه محمد بن زيد بن علي بن حسين بالبقيع ، وتقدم في مشهد إسماعيل بن جعفر أنه دار زين العابدين علي بن حسين ، فالبقال هناك.

بقعاء : بالمد وفتح أوله بمعنى المجدب من الأرض ، موضع على أربعة وعشرين ميلا من المدينة ، خرج إليه أبو بكر لتجهيز المسلمين لقتال أهل الردة ، ويقال : بقعاء ذي

٣١

القصة كما قاله ياقوت.

بقع : بالضم ، اسم بئر بالمدينة ، وقال الواقدي : البقع بالضم هي السقيا التي بنقب بني دينار ، وقال ياقوت في المشترك له : البقع اسم بئر بالمدينة قبلى نقي السقيا التي ينقب بني دينار.

بقيع بطحان : مضاف إلى وادي بطحان المتقدم ، وفي الصحيح عن أبي موسى : كنت أنا وأصحابي الذي قدموا معي في السفينة نزولا في بقيع بطحان.

بقيع الخبجبة : بفتح الخاء المعجمة ثم باء موحدة وفتح الجيم والباء ثم هاء ، قال المجد : كذا ذكره أبو داود في سننه ، والخبجبة : شجر عرف به هذا الموضع ، قال السهيلي : وهو غريب ، وسائر الرواة ذكروه بجيمين ، انتهى. وليس في السنن ضبط ، بل ذكره قبل الجنائز بباب قصة المقداد حين وجد به الدنانير ، ولم يذكر ضبطا ، فلعل المراد أن الرواية فيها بهذا الضبط ، لكن ضبطه ابن الأثير في نهايته بخاءين معجمتين بينهما موحدة ، وفي القاموس : الخبجبة أي بالخاء المعجمة شجر عن السهيلي ، ومنه بقيع الخبجبة بالمدينة ؛ لأنه كان منبتها ، أو هو بجيمين ، انتهى. ورأيته بخط الأقشهري بجيمين أولاهما مضمومة ، وتقدم بيانه عند ذكر اتخاذ اللّبن للمسجد النبوي به.

وروى ابن أبي شبة قصة المقداد عن ضباعة بنت الزبير ، وكانت تحت المقداد ، قالت : كان الناس إنما يذهبون لحاجتهم قرب اليومين والثلاثة ، فيبعرون كما تبعر الإبل ، فلما كان ذات يوم خرج المقداد لحاجته حتى بلغ الخبجبة ، وهي ببقيع الغرقد ، فدخل خربة لحاجته ، فبينا هو جالس إذ أخرج جرذ من حجر دينارا ، فلم يزل يخرج دينارا دينارا حتى بلغ سبعة عشر دينارا ، قال : فخرجت بها ، حتى إذا جئت بها إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأخبرته خبرها ، فقال : هل اتبعت يدك الجحر؟ فقلت : لا والذي بعثك بالحق ، فقال : لا صدقة عليك فيها بارك الله لك فيها ، قالت ضباعة : فما فنى آخرها حتى رأيت غرائر الورق في بيت المقداد.

بقيع الخيل : موضع شرقيّ المدينة المجاور للمصلى ، وهو المراد بقول أبي قطيفة :

ألا ليت شعري هل تغيّر بعدنا

بقيع المصلّى أم كعهدي القرائن

بقيع الزبير : يجاور منازل بني غنم ، وشرقي منازل بني زريق ، وإلى جانبه في المشرق البقال ، ولعل الرحبة التي بحارة الخدم بطريق بقيع الغرقد منه.

٣٢

روى ابن شبة عقب قصة كعب بن الأشرف المتقدمة في سوق المدينة لما أراد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يتخذ موضع بقيع الزبير سوقا أنه لما قتل كعب استقطع الزبير النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم البقيع فقطعه ، فهو بقيع الزبير ، ففيه من الدور للزبير دار عروة ، ثم في شرقيها دار للمنذر بن الزبير إلى زقاق عروة ، وفيه دار مصعب بن الزبير التي على يسارك إذا أردت بني مازن ، وفيه دار آل عكاشة بن مصعب على باب الزقاق الذي يخرج بك إلى دار نفيس بن محمد ، يعني مولى بني المعلى في بني زريق ، وفيه دار آل عبد الله بن الزبير ممدودة إلى دار أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهما ، وفيه بيت نافع الزبيري الذي بمفترق الطرق ، وكل هذا صدقة من الزبير على ولده.

وذكر أيضا أن عباس بن ربيعة اتخذ داره في بني غنم بين دار أم كلثوم بنت الصديق وبين الخط الذي يخرجك إلى بقيع الزبير ، وسبق لهذه الدار ذكر مع البقال في منازل بني أوس من مزينة.

وقال عامر بن صالح بن عبد الله بن عروة الزبيري :

ليت شعري ولليالي صروف

هل أرى مرّة بقيع الزبير

ذاك مغنى أحبّه وقطين

تشتهي النفس أن ينال بخير

بقيع الغرقد : وهو كبار العوسج ، كان نابتا بالبقيع ، مقبرة أهل المدينة ، فقطع عند اتخاذها مقبرة ، كما سبق مع ما جاء في فضلها ، والبقيع : كل موضع فيه أروم الشجر من ضروب شتى.

وقال عمرو بن النعمان البياضي يرثي من قتل من قومه الذين أغلقوا عليهم حديقة ، واقتتلوا حتى لم يبق منهم أحد كما سبق :

خلت الديار فسدت غير مسوّد

ومن العناء تفرّدي بالسؤدد

أين الذي عهدتهم في غبطة

بين العقيق إلى بقيع الغرقد

كانت لهم أنهاب كل قبيلة

وسلاح كل مدرّب مستنجد

نفسي الفداء لفتية من عامر

شربوا المنية في مقام أنكد

قوم هم سفكوا دماء سراتهم

بعض ببعض فعل من لم يرشد

ونسبه الحماسيّ لرجل من خثعم بزيادة في أوله.

البكرات : تقدمت بحمى ضرية وشاهدها في حليت.

البلاط : تقدم مستوفى.

بلاكث : بالفتح وكسر الكاف ثم مثلاثة ، بجانب برمة ، وقال يعقوب : بلكثة قارة

٣٣

عظيمة ببطن إضم بين ذي خشب وذي المروة ، وقال كثير :

نظرت وقد حالت بلاكث دونهم

وبطنان وادي برمة وظهورها

وقال :

بينما نحن بالبلاكث فالقا

ع سراعا والعيس تهوى هويّا

خطرت خطرة على القلب من ذك

راك وهنا فما استطعت مضيا

بلحان :بالفتح ثم السكون ، أطم كعب بن أسد القرظي بالمال الذي يقال له الشجرة ، ويعرف اليوم بالشجيرة مصغرا.

بلدود : بضم أوله وقد يفتح ، وضبطه الصغاني بفتحتين ، موضع من نواحي المدينة ، قال ابن هرمة :

هل ما مضى منك يا أسماء مردود

أم هل تقضّت مع الوصل المواعيد

أم هل لياليك ذات البين عائدة

أيام تجمعنا خلص فبلدود

البلدة والبليدة : تصغير الأول ، معروفان بأسفل نخل من أودية الأشعر قرب الفقيرة التي تحمل منها الرياضية إلى المدينة ، قال الهجري : وذكر كثير البليد فقال :

وقد حال من حزم الحماتين دونهم

وأعرض من وادي البليد شجون

وتأتيك عير الحي لما تقاذفت

ظهور لها من ينبع وبطون

وقال المجد : بليد كزبير واد قرب المدينة ، يدفع في ينبع ، ثم أورد شعر كثير المتقدم ، وفي النهاية : بليد بضم الباء وفتح اللام ـ قرية لآل علي بواد قريب من ينبع ، انتهى. وأظنه البليد مصغرا ، وهو المتقدم ذكره ؛ لأن ياقوتا قال : البليد تصغير بلد موضعان :

الأول : ناحية قرب المدينة في واد يدفع في ينبع لآل علي رضي الله تعالى عنهم.

والثاني : ناحية لآل سعيد بن عنبسة بن سعيد بن العاص بالحجاز.

بواطان : قال الهجري : هو في الأشعر ، ويحده من شقه الشامي بواطان الغوري والجلسي ، وهما جبلان مفترقا الرأسين ، وأصلهما واحد ، وبينهما ثنية تسلكها المحامل ، سلكها النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في غزوة ذي العشيرة ، وأهل بواط الجلسي بنو ذبيان وبنو الربعة من جهينة ، وهو يلي ملحتين ، وقال عياض : بواط بضم أوله وتخفيف ثانيه آخره طاء مهملة ، ورويناه من طريق الأصيلي وغيره بفتح الباء والضم هو المعروف ، وهو من جبال جهينة ، وسبق ذكر وادي بواط في مجتمع أودية المدينة ومغائضها ، وبه غزوة بواط خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في مائتين إلى ناحية رضوى يريد تجارة قريش حتى بلغ بواطا في السنة الثانية.

البويرمة : بئر لبني الحارث بن الخزرج ، كما في النسخة التي وقعت لنا من كتاب

٣٤

ابن شبة ، ولعلها البويرة لما سيأتي.

بويرة : تصغير البئر التي يسقى منها ، وفي الصحيح : حرّق نخل النضير ، وهي البويرة ، قال المجد : البويرة موضع منازل بني النضير ، وذكره المرجاني ثم قال : وقيل : اسم موضع مخصوص من مواضعهم.

قلت : ويرجح الأول قول جمل بن جوال التغلبي من أبيات :

وأقفرت البويرة من سلام

وسعية وابن أخطب فهي بور

وقد كانوا ببلدتهم بعولا

كما نقلت بميطان الصخور

واعتمد الثاني الحافظ ابن حجر ، قال : ويقال لها البويلة باللام بدل الراء ـ وقال ابن سيد الناس في قوله :

حريق بالبويرة مستطير

ويروى بالبويلة قال : وذكر ابن سعد أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أعطى الزبير بن العوام وأبا سلمة البويلة من أرض بني النضير ، وتقدم أن البويلة أطم لبني النضير بمنازلهم ، قال ابن زبالة : كان لحي منهم لحقوا باليمن ، فلعله كان بقرب البويرة فسميت به أيضا.

وقلد الحافظ ابن حجر رزينا ومن تبعه في أن البويرة الموضع المعروف بهذا الاسم في قبلة مسجد قباء من جهة المغرب ، قال رزين : وبه منازل النضير وقريظة وحصنهم ، وإنه صدقة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقد تقدم مع رده في الفصل الثاني في الصدقات ، مع بيان منشأ الوهم فيه ، وذكر ابن زبالة في مساجد المدينة ومقاماته صلى‌الله‌عليه‌وسلم حديث تربة صعيب المعروف اليوم عند ركن الحديقة الماجشونية في قبلة ديار بني الحارث ، ثم قال : وصعيب عند نخلة المرجئة على الطريق في بناء من البويرة.

وروى أيضا في فضل دور الأنصار أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقف على السيرة التي على الطريق حذو البويرة فقال : إن خير نساء ورجال في هذه الدور ، وأشار إلى دار بني سالم ودار بلحبلى ودار بلحارث بن الخزرج ، وهذا الوصف لا يطابق الموضع الذي في قبلة مسجد قباء لبعده جدّا.

والذي يتحرر أن البويرة المتعلقة ببني النضير التي وقع بها التحريق وهي المذكورة في شعر حسان ليست البويرة التي بقباء ، بل بمنازل بني النضير المتقدمة في محلها ، وسبق أن بعض منازلهم كانت بناحية الغرس ، فيطابق أنها بقرب تربة صعيب وبلحارث.

البيداء : قال المطري فمن تبعه ، هي التي إذا رحل الحجاج من ذي الحليفة

٣٥

استقبلوها مصعدين إلى المغرب.

وقال الحافظ ابن حجر : البيداء فوق علمي ذي الحليفة لمن صعد من الوادي ، قاله أبو عبيد البكري وغيره ، انتهى. فأول البيداء عند آخر ذي الحليفة ، وكان هناك علمان للتمييز بينهما ، ولذا قال الأسدي في تعداد أعلام الطريق : إن على مخرج المدينة علمين ، وعلى مدخل ذي الحليفة علمين ، وعلى مخرج ذي الحليفة علمين ، وقال في موضع آخر : والبيداء فوق علمي ذي الحليفة إذا صعدت من الوادي ، وفي أول البيداء بئر ، انتهى. وكأن البيداء ما بين ذي الحليفة وذات الجيش.

وفي حديث عائشة في نزول آية التيمم «حتى إذا كنا بالبيداء ، أو بذات الجيش» وفي الحديث «إن قوما يغزون البيت ، فإذا نزلوا بالبيداء بعث الله تعالى جبريل عليه‌السلام فيقول يا بيداء أبيديهم» وفي رواية لابن شبة عن أم سلمة مرفوعا «يتابع الرجل بين الركن والمقام عدة أهل بدر ، فتأتيه صعائب أهل العراق وأبدال أهل الشام فيغزوهم جيش من أهل الشام ، فإذا كانوا بالبيداء خسف بهم ، ثم يغزوهم رجل من قريش أخواله كلب فيلتقون فيهزمهم الله ، فالخائب من خاب من غنيمة كلب» وفي رواية له «جيش من أمتي من قبل الشام يؤمّون البيت لرجل منعه الله منهم ، حتى إذا علوا البيداء من ذي الحليفة خسف بهم ، ومصادرهم شتى. قلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، كيف يخسف بهم جميعا ومصادرهم شتى؟ قال : إن منهم من جبر» وعن ابن عمر «إذا خسف بالجيش بالبيداء فهو علامة خروج المهدي» وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه «يجئ جيش من قبل الشام حتى يدخل المدينة ، فيقتلون المقاتلة ويبقرون بطون النساء ، ويقولون للحبلى في البطن : اقتلوا صبابة الشر ، فإذا علوا البيداء من ذي الحليفة خسف بهم ، فلا يدرك أسفلهم أعلاهم ولا أعلاهم أسفلهم» قال أبو الهرم : فلما : جاء جيش ابن دبحة قلنا هو فلم يكونوا هم ، يعني جيش مسرف.

بيسان : بالفتح وسكون المثناة تحت ثم سين مهملة وألف ونون ، بين خيبر والمدينة ، وفي الحديث أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «نزل في غزوة ذي قرد على ماء يقال له بيسان ، فسأل عن اسمه ، فقالوا : اسمه بيسان ، وهو ملح ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : بل هو نعمان ، وهو طيب» وغير رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الاسم ، وغير الله الماء ، فاشتراه طلحة ونصدق به ، وجاء إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأخبره به ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ما أنت يا طلحة إلا فياض ، فسمي طلحة الفياض.

٣٦

حرف التاء

تاراء : بالمد ، سبق في مساجد تبوك ، قال نصر : وهو موضع بالشام.

تبوك : كصبور ، موضع بين وادي القرى والشام ، على اثنتي عشرة مرحلة من المدينة ، قيل : اسم بركة هناك ، وقال أبو زياد : تبوك بين الحجر وأول الشام ، على أربع مراحل من الحجر نحو نصف طريق الشام ، وهو حصن به عين ونخل وحائط تنسب للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ويقال : إن أصحاب الأيكة الذين بعث إليهم شعيب كانوا به ، ولم يكن شعيب منهم بل من مدين ، ومدين على بحر القلزم على نحو ست مراحل من تبوك.

وقال أهل السير : توجّه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم سنة تسع إلى تبوك ، وهي آخر غزواته ، لغزو من انتهى إليه أنه قد تجمع من الروم وعاملة ولخم وجذام ، فوجدهم قد تفرقوا ، فلم يلق كيدا ، ونزلوا على عين ، فأمرهم صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن لا يمس أحد من مائها ، فسبق رجلان وهي تبض بشيء من ماء ، فجعلا يدخلان فيها سهمين ليكثر ماؤها ، فقال لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ما زلتما تبوكانها منذ اليوم ، أي يحركانها بما أدخلاه ، وبذلك سميت تبوك ، وركز النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عنزته فيها ثلاث ركزات ، فجاءت ثلاث أعين ، فهي ترمي بالماء إلى الآن.

وحديث عين تبوك في صحيح مسلم ، وفيه أنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم «غسل وجهه ويده بشيء من مائها ثم أعاده فيها ، فجرت العين بماء كثير» الحديث ، وفي رواية ابن إسحاق «فانخرق من الماء ماله حس كحس الصواعق» ثم قال «يوشك يا معاذ إن طالت بك حياة أن ترى ما هاهنا قد ملئ جنانا» وأقام صلى‌الله‌عليه‌وسلم بتبوك أياما حتى صالحه أهلها ، وانتدب خالد بن الوليد إلى دومة الجندل.

قال المجد : وذكرنا لتبوك ليس من شرط الكتاب لبعده من المدينة ، لكن لكثرة ذكره في الأحاديث زاع القلم بذكره.

قلت : سيأتي في السين المهملة ذكر المجد لسرع ، وأنها بوادي تبوك على ثلاث عشرة مرحلة من المدينة ، وأنها آخر عمل المدينة ، وهي بعد تبوك ، وسيأتي في مدين أنها من أعراض المدينة ، وهي في محاذاة تبوك.

وقال صاحب المسالك والممالك ، كما في خط الأقشهري : وكانت قريظة والنضير ملوكا على المدينة على الأوس والخزرج ، وكان على المدينة وتهامة في الجاهلية عامل من جهة مرزبان البادية ، يجبى إليه خراجها.

ثم قال : ومن توابع المدينة ومخاليفها وقراها تيماء ، وبها حصنها الأبلق الفرد ، ومنها دومة الجندل ، وهي من المدينة على ثلاث عشرة مرحلة ، وحصنها المارد. انتهى.

تختم : بضم النون وكسرها ، وقيل : بتاءين الثانية تكسر وتضم ، جبل بالمدينة.

٣٧

تربان : بالضم ثم السكون ، واد بين أولات الجيش وملل ، قاله أبو زياد ، وقال ابن هشام في المسير إلى بدر : قال ابن إسحاق : فسلك على نقب المدينة ، ثم على العقيق ، ثم على ذي الحليفة ، ثم على أولات الجيش ، قال ابن هشام : ذات الجيش ، ثم مر على تربان ، ثم على ملل ، هكذا في أصل معتمد ، وتقدم في حدود الحرم أن ذات الجيش نقب ثنية الحفيرة ، قال الأسدي : بين الحفيرة أي التي تنسب الثنية لها وبين ملل ستة أميال ، انتهى ؛ فتربان فيما بين ذلك ، وبينه وبين ثنية مفرح موضع يقال له سمهان ، قال كثير :

رأيت جمالها تعلو الثنايا

كأن ذرى هوادجها البروج

وقد مرّت على تربان تحدى

لها بالجزع من ملل وسيج

ترعة : واد يلقى إضم من القبلة كما سبق ، قال الزبيري عقبه : وفي ترعة يقول بشر السلمي :

أرى إبلى أمست تحن لقاحها

بترعة ترجو أن أحل بها أبلى

وذكر ابن شبة في صدقات علي رضي الله تعالى عنه واديا يقال له ترعة بناحية فدك بين لابتي حرة.

ترن : كزفر ، ناحية بين مكة والمدينة.

تريم : كحذيم ، واد بين المضايق ووادي ينبع.

تسرير : واد بحمى ضرية بين ضلعيها ، وقال بعضهم فيه السرير بلفظ السرير الذي يجلس عليه ، وهو خطأ ، أنشد أبو زياد الكلابي :

إذا يقولون : ما يشفيك؟ قلت لهم :

دخان رمث من التسرير يشفيني

تضارع : بضم أوله وضم الراء ، ولا نظير له ، وروي بكسر الراء أيضا ، ويقال بفتح أوله وضم الراء ، اسم لحمى تضارع المتقدمة في العقيق ، وتضارع وتضرع أيضا : جبلان لبني كنانة بتهامه أو بنجد.

تعار : بالكسر وإهمال العين ، وروي إعجامها ، قال عرام ، فيما بجهة أبلى ما لفظه: ومن قبل القبلة جبل يقال له يرمرم ، وجبل يقال له تعار ، وهما عاليان لا ينبتان شيئا فيهما النمران كثيرة ، قال لبيد :

عشت دهرا ولا يعيش مع

الأيام إلا يرمرم وتعار

٣٨

التعانيق : بالفتح وبعد الألف نون مكسورة وياء ساكنة وقاف ، موضع بشق العالية ، قال زهير :

صحا القلب عن سلمى وقد كان لا يسلو

وأقفر من سلمى التّعانيق فالثقل

تعهن : بكسر أوله وثالثه ، وروي بفتحهما ، وحكى أبو ذر الهروي أنه سمعه من العرب بذلك المكان بفتح ثالثه ، قال : ومنهم من يضم أوله ويفتح العين ويكسر الهاء ، وأغرب أبو موسى المزيني فضبطه بضم أوله وثانيه وتشديد الهاء ، ووقع في رواية الإسماعيلي «دعهن» بالدال المهملة بدل المثناة ، ويقال فيه «تعاهن» بالضم وكسر الهاء ، وتقدم في المساجد عن الأسدي أن تعهن بعد السقيا التي بطريق مكة بثلاثة أميال لجهة مكة ، وقال إنها عين ماء خربة ، وكان عندها امرأة يقال لها أم عقي ، يقال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مرّ بها فاستسقاها ماء ، فأبت ، فدعا عليها فمسخت صخرة ، وذكر قوم أنها كانت تدعى أم حبيب الراعية ، واختلفوا في اسمها وخبرها ، انتهى.

وقال السهيلي : وبتعهن صخرة يقال لها أم عقي ، روي أن امرأة كانت تسكن تعهن يقال لها أم عقي ، فحين مر بها النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يعني في سفر الهجرة استسقاها ، فأبت ، وذكر ما تقدم ، قال : ومدلجة تعهن عند السقيا وهي المذكورة في سفر الهجرة ، حيث قالوا : سلك بذي سلم من بطن أعداء مدلجة تعهن ، ثم أجاز القاحة ، وقال عياض : تعهن عين ماء سمي به الموضع ، وهي على ثلاث أميال من السقيا ، وقال المجد : هي بين القاحة والسقيا ، وهو مخالف لما سبق ؛ لأن القاحة قبل السقيا ، بميل فقط إلى جهة المدينة كما سيأتي عنه ، وتعهن على ثلاثة أميال من السقيا ، فكيف يكون بين القاحة والسقيا ، لكن في وتعهن على ثلاثة أميال من السقيا ، فكيف يكون بين القاحة والسقيا ، لكن في حديث أبي قتادة في سؤاله الغفاري عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في حجة الوداع ، فقال : تركته بتعهن ، وهو قائل السقيا ، وذلك بعد أن صاد أبو قتادة الحمار الوحشي بالقاحة ؛ لأنه لم يكن أحرم كما في الصحيح.

فقوله : «وهو قائل السقيا» إن كان من القيلولة فالمراد أنه تركه بتعهن وهو يريد أن يقيل بالسقيا ، فتِعهِن بين القاحة والسقيا كما قاله المجد ، وكذا إن كان من القول ، أي وهو قائل : اقصدوا السقيا ، مع أني سألت بعض العارفين بهذه الأماكن ، فقال : هي معروفة اليوم : القاحة مما يلي المدينة ، ثم السقيا إلى جهة مكة ، ثم تعهن بعدها ، ثم سألت

٣٩

جماعة عن ذلك وكلهم أخبرني بذلك ، وهو مخالف لظاهر الحديث ، نعم روي «وهو قابل السقيا» بالباء الموحدة والضمير لتعهن كما نقله الحافظ ابن حجر ، فلا تعرض فيه لكيفية ترتيب الموضعين ، وأما ما رواه الإسماعيلي «وهو قائم بالسقيا» فهو أشكل ، إلا أن يكون الضمير للغفاري ، ويكون ذلك من كلام أبي قتادة ، وانتهى كلام الغفاري بقوله تركته بتعهن ، وهو بعيد جدا ، وقال ابن قيس الرقيات :

أقفرت بعد عبد شمس كداء

فكدى فالرّكن فالبطحاء

موحشات إلى تعاهن فالسق

يا قفار من عبد شمس خلاء

تمنى : بفتحتين وتشديد النون المكسورة ، أرض يطؤها المنحدر من ثنية هرشى يريد المدينة ، وبها جبال تسمى البيض.

تناضب : بضم أوله وكسر الضاد المعجمة ، شعبة من شعب الدّوداء ، وهو واد يدفع في العقيق ، وأما التناضب بالفتح وضم الضاد المعجمة وكسرها فموضع آخر في حديث عمر ، قال : لما أردت الهجرة إلى المدينة أنا وعياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاص أبعدت أنا وهما ، التناضب من أضاة بني غفار فوق سرف ، وقلنا : أينا لم يصبح عندها فقد حبس فليمض صاحباه ، فأصبحت أنا وعياش عند التناضب وحبس هشام وفتن فأفتن وقدمنا المدينة.

تهمل : بفتح التاء والميم ، موضع قرب المدينة ، ويروى بالمثلاثة.

تيدد : بفتح أوله وسكون المثناة التحتية ثم دالين مهملتين ، تقدم في أسماء المدينة ، وهو اسم موضع آخر من أودية الأجرد جبل جهينة ، يلي وادي الحاضر به عيون صغار خيرها عين يقال لها أذينة ، وعين يقال لها الطليل ، وعيون تيدد كلها تدفع في أسنان الجبل فإذا أسهل بغراسها لم ينجب زرعها ، وذلك أن صاحبها ـ وكان من جهينة ـ ذمها ، وقال :هي في الجبل ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم «لا أسهلت تيدد» فما أسهل منها فلا خير فيه ، نقلهالهجري ، وقال رجل من مزينة في شيء وقع بينهم وبين جهينة في الجاهلية :

فإن تشبعوا منا سباع رواوة

فإن لها أكناف تيدد مرتعا

تيس : بلفظ فحل المعز ، أطم لبني عنان من بني ساعدة بمنازلهم.

تيم : بفتحتين ، عبر به ابن النجار ومن تبعه عن ثيت جبل شرقي المدينة ، كما في حدود الحرم.

تيماء : بالفتح والمد ، بلدة على ثمان مراحل من المدينة ، بينها وبين الشام ، وسبق في تبوك أنها من توابع المدينة.

٤٠