وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى - ج ٤

نور الدين علي بن أحمد السّمهودي

وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى - ج ٤

المؤلف:

نور الدين علي بن أحمد السّمهودي


المحقق: خالد عبد الغني محفوظ
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٣٤

١
٢

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله الذي اختار رسوله محمدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم من أطيب الأرومات ، والصلاة والسلام الأتمّان الأكملان على أشرف الكائنات ، وعلى آله وصحبه الذين فدوه بالأنفس والأموال وبالآباء والأمهات ، وعلى من اتبعه واتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

٣
٤

الفصل الثامن

في بقاع المدينة ، وأعراضها ، وأعمالها ، ومضافاتها ، وأنديتها ، وجبالها ، وتلاعها ، ومشهور ما في ذلك من الآبار ، والمياه ، والأودية ، وضبط أسماء الأماكن المتعلّقة بذلك وبالمساجد والآطام والغزوات ، وشرح حال ما يتعلق بجهات المدينة وأعمالها من ذلك ، على ترتيب حروف الهجاء الأول فالأول ، وربما اعتبرت في المركّب المضاف إليه لشهرته ، وهذا مما لا يستغنى عنه لعظم نفعه خصوصا للمشتغل بالحديث واللغة ، وقد اعتنى به المجد في كتابه «المغانم» ولخصت كلامه ، مع حذف ما لا تدعو الحاجة إليه ، وزيادة ما هو أولى ، وميّزت ما زدته من الأسماء برقم (ز) على ذلك الاسم ، فنقول :

حرف الألف

آرام : جبل بنواحي الرّبذة ، كأنه جمع إرم ، وهي حجارة تنصب كالعلم ، وفيه يقول شاعر:

ألا ليت شعري هل تغيّر بعدنا

أروم فارام فشابه فالحضر

وهل تركت أبلى سواد جبالها

وهل زال بعدي عن قنينته الحجر

وجبل آخر بين مكة والمدينة ، وذو آرام : حزم به آرام جمعتها عاد على عهدها ، قاله ياقوت ، وقال أبو زيد : من جبال الضّباب ذات آرام قنّة سوداء فيها يقول القائل :

تحلت ذات آرام

ولم تخل عن مصر

آرة : جبل كبير لمزينة فوق رأس قدس مما يلي الفرع ، قال مزرد لكعب بن زهير بن أبي سلمى يعزوه إلى مزينة ويذكر مكانه من بني عبد الله بن غطفان :

وأنت امرؤ من أهل قدس وآرة

أحلّك عبد الله أكناف مبهل

ومبهل لعبد الله بن غطفان.

وقال عرّام : وآرة يقابل قدسا الأسود من أشمخ الجبال ، تخر من جوانبه عيون على كل عين قرية ، فمنها الفرع قرية كبيرة ، وأم العيال صدقة فاطمة الزهراء ، والمضيق قرية قريبة

٥

كبيرة أيضا ، والمحضة والوبرة والخضرة والفعوة ، وفي كلها نخيل ومزارع ، وأوديتها تصبّ في الأبواء ثم في ودّان ، ويسمى وادي آرة حقيل وبه قرية يقال لها وبعان ، وخلف آرة واد فيه قرى ، انتهى.

آنقة : تقدم فيما يدفع في العقيق من الأودية.

أبار ، وأبير : بالضم ، والثاني مصغر ـ من أودية الأجرد ، يصبان في ينبع.

أبرق خترب : بحمى ضريّة به معدن فضة كثير النيل.

أبرق الداث : بالحمى أيضا ، وسيأتي شاهده في جبلة ، والداث واد عظيم بين أعلاه وبين ضرية نحو ثمانية أميال.

أبرق العزّاف : بعين مهملة ثم زاي مشددة آخره فاء ، بين المدينة والرّبذة على عشرين ميلا منها ، به آبار قديمة غليظة الماء ، وسيأتي في العزّاف أنه سمي بذلك لأنه كان يسمع به عزيف الجن ، أي صوتهم.

وروى ابن إسحاق أن خريم بن فاتك قال لعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه : ألا أخبرك ببدء إسلامي؟ بينا أنا في طلب نعم لي ومضى الليل بأبرق العزاف ، فناديت بأعلى صوتي : أعوذ بعزيز هذا الوادي من سفهائه ، وإذا هاتف يهتف بي :

عذ يا فتى بالله ذي الجلال

والمجد والنّعماء والإفضال

واقرأ بآيات من الأنفال

ووحّد الله ولا تبال

فرعت من ذلك روعا شديدا ، فلما رجعت إلى نفسي قلت :

يا أيها الهاتف ما تقول

أرشد عندك أم تضليل

بيّن لنا هديت ما السّبيل

قال فقال :

هذا رسول الله ذي الخيرات

يدعو إلى الخيرات والنجاة

يأمر بالصّوم وبالصّلاة

ونزع الناس عن الهناة

ثم ذكر شعرا آخر ومجيئه إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وإسلامه.

والأبارق كثيرة ، وهو لغة : الموضع المرتفع ذو الحجارة والرمل والطين.

أبلى : كحبلى ، قال عرّام بعد ذكر الحجر والرحضية : ثم يمضي نحو مكة مصعدا فيميل إلى واد يقال له عريفطان حذاء جبال يقال لها أبلى ، ثم ذكر مياهها الآتية وأنها لبني سليم.

٦

قلت : هي معروفة اليوم بين السّوارقية والرحضية ، على نحو أربعة أيام من المدينة.

وعن الزهري : بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قبل أرض بني سليم ، وهو يومئذ ببئر معاوية بجرف أبلى ، وأبلى بين الأرحضية وقران ، كذا ضبطه أبو نعيم.

الأبواء : بالموحدة كحلواء ممدود ، تقدم بيانه في مسجد الرّمادة ومسجد الأبواء.

وسئل كثيّر عزة : لم سميت الأبواء؟ قال : لأنهم تبوؤها منزلا ، وقيل : لأن السيول تبوأتها ، وقال المجد : هي قرية من عمل الفرع ، بينها وبين الجحفة مما يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلا ؛ فتكون على خمسة أيام من المدينة ، وقيل : الأبواء جبل عن يمين آرة ويمين الطريق للمصعد إلى مكة ، وهناك بلد تنسب إلى ذلك الجبل ، وهو بمعنى قول الحافظ ابن حجر : الأبواء جبل من عمل الفرع سمي به لوبائه على القلب ، وقيل : لأن السيول تتبوأه أي تحلّه.

قلت : ويجمع بأنه اسم للجبل والوادي وقريته ، وله ذكر في حديث الصّعب بن جثّامة وغيره ، وبه قبر أم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وذلك أن أباه صلى‌الله‌عليه‌وسلم خرج إلى المدينة يمتار تمرا فمات بها ، فكانت زوجته آمنة تخرج كل عام تزور قبره ، فلما أتى لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ستّ سنين خرجت به ومعها عبد المطلب وقيل : أبو طالب ـ وأم أيمن ، فماتت في منصرفها بالأبواء ، وفي رواية أن قبرها بمكة.

وقال النووي : إن الأول أصح.

الأتمة : أتمة عبد الله بن الزبير ، تقدمت في أودية العقيق ، قال الهجري : الأتمة بساط واسع ينبت عصما للمال ، تدفع على حضير ، وبها بئر تعرف بابن الزبير ، كان الأشعث المدني يلزمها ويتخذ بها المال ، فاقتنى ماشية كثيرة.

أثال : بالضم آخره لام ، واد يصب في وادي الستارة المعروف بقديد ، يسيل في وادي خيمتي أم معبد ، قاله ياقوت.

الأثاية : مثلث الهمزة ، وبالمثناة التحتية قبل الهاء ، واقتصر المجد هنا كعياض على ضم الهمزة وكسرها ، ورجح في فضل المساجد الفتح كما تقدم مع بيانه في مسجد الأثاية.

وتقدم في الفضائل حديث أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم «كان إذا اقبل من مكة فكان بالأثاية طرح رداءه وقال : هذه أرواح طيبة» وفي الموطأ في حديث خروجه صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى مكة «ثم مضى حتى إذا كان بالأثاية بين الرويثة والعرج إذا ظبي حاقف في ظل ، فيه سهم ، فأمر رجلا أن يقف عنده لا يريبه أحد من الناس حتى يجاوزه».

٧

الأثبة : محركة ـ واحدة الأثب للشجر المعروف ، وتقدم في غدران لعقيق ذو الأثبة ، وفيه يقول أبو وجزة :

قصدن رياض ذي أثب مقيلا

وهنّ روائح عين العقيق

وقال الهجري في حمى النقيع : وفي شرقي الحرة مثلثان نقي ماؤهما ، وهما أثب وأثيب ، وقال في ترتيب مجراه وغدرانه ما لفظه : ثم الأثبة ، وبها غدير يسمى الأثبة ، وبه سميت ، وبه مال لعبد الله بن حمزة الزبيري ، ونخل ليحيى الزبيري.

الأثيفية : بضم أوله وفتح ثانية وسكون المثناة التحتية وكسر الفاء بعدها مثناة تحتية مخففة موضع بعقيق المدينة ، قاله الصّغاني ، وتقدم في أوديته ذو أثيفية.

الأثيل : تصغير الأثل موضع بين بدر والصفراء ، به عين لآل جعفر بن أبي طالب ، ويقال : ذو أثيل ، قال ابن السكيت : إنه بتشديد الياء ، قتل عنده النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم النّضر بن الحارث بن كلدة منصرفه عن بدر ، فقالت بنته قتيلة ترثيه وتمدح النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

يا راكبا إنّ الأثيل مظنّة

من صبح خامسة وأنت موفّق

بلّغ به ميتا هناك تحية

ما إن تزال بها الركائب تخفق

ظلت سيوف بني أبيه تنوشه

لله أرحام هناك تشقّق

أمحمد ولأنت نجل نجيبة

في قومها والفحل فحل معرق

ما كان ضرّك لو مننت وربّما

منّ الفتى وهو المغيظ المحنق

فلما سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم شعرها رقّ لها وقال : لو سمعته قبل قتله لوهبته لها.

قال الواقدي : ويقال صلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مرجعه من بدر العصر بالأثيل ، فلما صلى ركعة تبسم ، فلما سئل عن ذلك قال : مرّ بي ميكائيل عليه‌السلام وعلى جناحه النقع ، فتبسم إليّ وقال : إني كنت في طلب القوم.

والأثيل : موضع آخر في ذلك الصقع أكثره لبني ضمرة من كنانه.

ذات أجدال : موضع بمضيق الصفراء.

الأجرد : أطم لبني خدرة عند البصة ، وجبل لجهينة شامي بواط الجلسي يأتي مع الأشعر ، والأجرد جبل آخر ، وموضع قبل مدلجة تعهن.

أجش : بفتح الهمزة والجيم وتشديد الشين المعجمة أطم لبني أنيف بقباء.

الأجفر : بفتح الهمزة والفاء ، موضع بين الخزيمية وفيد.

أجم بني ساعدة بضم أوله وثانيه ، أطم كان لهم قرب ذباب ، وآجام المدينة وآطامها :

٨

حصونها ، وقال ابن السكيت : أجم حصن بناه أهل المدينة ، وكل بيت مربع مسطح أجم.

أحامر : بضم أوله ، قال عرّام : وحذاء أبلى جبل يقال له ذو الموقعة من شرقيها ، وهو جبل معدن بني سليم ، وحذاءه عن يمينه قبل القبلة جبل يقال له أحامر ، وقال ياقوت في كتابه المشترك : أحامر البغيبغة جبل أحمر من جبال حمى ضرية.

أحباب : جمع حبيب ، بلد في جنب السوارقية.

أحجار الزيت : عند الزوراء ، قال ياقوت : هو موضع كان فيه أحجار علت عليها الطريق فاندفنت.

وقال ابن جبير : هو حجر موجود يزار ، يقال : إن الزيت رشح للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم منه ، وهو موضع صلاة الاستسقاء ، وسبق فيمن ذكر أنه نقل من شهداء أحد أن مالك بن سنان دفن عند أصحاب العباء.

قال ابن زبالة في روايته : وهناك كانت أحجار الزيت ومشهد ، مالك بن سنان معروف ؛ فأحجار الزيت عنده كما يعلم من أطراف كلام ابن شبة بالزوراء من سوق المدينة.

قال : وحدثنا محمد بن يحيى عن ابن أبي فديك قال : أدركت أحجار الزيت ثلاثة مواجهة بيت أم كلاب ، قال : وتعرف اليوم ببيت بني أسد ، فعلا الكبس الحجارة فاندفنت.

وعن هلال بن طلحة العمري أن حبيب بن سلمة كتب إليه أن كعبا سألني أن أكتب له إلى رجل من قومي عالم بالأرض ، فلما قدم كعب المدينة جاءني بكافية ، فقال : أعالم أنت بالأرض؟ قلت : نعم ، قال : إذا كان بالغداة فاغد عليّ ، فجئته حين أصبحت ، فقال : أتعرف موضع أحجار الزيت؟ قلت : نعم ، وكانت أحجارا بالزّوراء يضع عليها الزياتون رواياهم ، فأقبلت حتى جئتها ، فقلت : هذه أحجار الزيت ، فقال كعب : لا ، والله ما هذه صفتها في كتاب الله ، انطلق أمامي فإنك أهدى بالطريق مني ، فانطلقنا حتى جئنا بني عبد الأشهل ، فقال : إني أجد أحجار الزيت في كتاب الله هنا ، فسل القوم عنها ، فسألتهم عنها ، وقال : إنها ستكون بالمدينة ملحمة عندها.

قلت : فأحجار الزيت موضعان ؛ فالأول هو المراد بحديث أبي داود واللفظ له والترمذي والحاكم وابن حبان في صحيحه عن عمير مولى آبي اللحم أنه رأى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يستسقي عند أحجار الزيت قريبا من الزوراء ، قائما يدعو يستسقي رافعا يديه قبل وجهه ، وفي رواية عن محمد بن إبراهيم أخبرني من رأى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يدعو عند أحجار الزيت باسطا

٩

كفيه ، والموضع الثاني الذي عنى كعب الأحبار بمنازل بني عبد الأشهل بالحرة ، وبه كانت واقعة الحرة ، ولعله المراد بحديث : يا أبا ذر ، كيف بك إذا رأيت أحجار الزيت قد غرقت في الدم؟ قال : قلت : ما خار الله ورسوله ، قال : عليك بمن أنت معه ، وفي رواية لأبي داود : عليك بمن أنت منه ، وفي رواية لابن ماجة : كيف أنت.

وقيل : يصلب الناس حتى تغرق أحجار الزيت بالدم ، ويحتمل أن يكون المراد من ذلك الموضع الأول ، وهو مقتضى قول بعضهم عقب إيراد الحديث المذكور : إن ذلك وقع في مقتل محمد الملقب بالنفس الزكية عند أحجار الزيت كما سبقت الإشارة إليه في ذكر مشهده ، وقال المرجاني : إن بالحرة قطعة تسمى أحجار الزيت لسواد أحجارها كأنها طليت بالزيت ، وهو موضع كان يستسقي فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، انتهى.

قلت : اشتبه عليه أحد الموضعين بالآخر ؛ لأن الاستسقاء إنما كان بالموضع الذي بقرب الزوراء كما سبق.

أحجار المراء : بقباء ، قاله المجد ، وسبق ذكره في منازل بني عمرو بن عوف ، وفي نهاية ابن الأثير فيه أنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يلقى جبريل بأحجار المراء قال مجاهد : هي قباء.

أحد : بضمتين ، تقدم مع فضائله في سابع فصول الباب الخامس.

الأحياء : جمع حي من أحياء العرب ، اسم ماء أسفل من ثنية المرة برابغ ، به سرية عبيدة بن الحارث بن المطلب.

الأخارج : من جبال بني كلاب بجهة ضرية.

أخزم : بالزاي كأحمد ـ جبل بين ملل والروحاء ، ويعرف اليوم بخزيم ، قال ابن هرمة :

بأخزم أو بالمنحنى من سويقة

ألا ربّما قد ذكر الشوق أخزم

الأخضر : بالفتح والضاد المعجمة ، منزل قرب تبوك نزله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في مسيره إليها.

أدية قنّة سوداء على ستة عشر ميلا من فيد.

أذاخر : جمع إذخر ، من أودية المدينة كما تقدم في الفصل الخامس ، وموضع قرب مكة ينسب إليه نبت أذاخر.

أذبل : كأحمد ، أطم ابتناه سالم وغنم عند الأراكة بدار بني سالم.

أرابن : بالضم ثم الفتح وكسر الموحدة ثم نون ، منزل على قفا مبرك ، ينحدر من جبل جهينة على مضيق الصفراء ، قال كثير :

١٠

وذكرت عزّة إذ تصاقب دارها

برحيّب فأرابن فنخال

أراك : جبل يفضى عنده سيول إضم إلى البحر.

أرثد : بالمثلاثة والدال المهملة كأحمد واد في الأبواء ، قال كثيّر :

وإن شفائي نظرة إن نظرتها

إلى ثافل يوما وخلفي شنائك

وأن تبرز الخيمات من بطن أرثد

لنا وجبال المرختين الدكادك

وقال آخر :

ألم تسأل الخيمات من بطن أرثد

إلى النخل من ودّان ما فعلت نعم

تشوّقني بالعرج منها منازل

وبالخبت من أعلى منازلهم رسم

أرجام : بالفتح ثم السكون وبالجيم ، جبل قرب المدينة.

الأرحضية : بحاء مهملة وضاد معجمة ومثناة تحتية مشددة ، قرية للأنصار وبني سليم ، بها آبار ومزارع كثيرة ، وحذاءها قرية يقال لها الحجر ، قاله عرام ، ومنه أخذ المجد قربها من أبلى لما تقدم فيها ، وتعرف اليوم بالرحضية بضم الراء وكذا هو في نسخة لعرّام ، وكذا أعادها المجد في الراء كما سيأتي ، وذكر الأسدي أنها في وسط الطريق بين المدينة ومعدن بني سليم على نحو خمسين ميلا من كل منهما ، وأن الرشيد كان يسلك هذه الطريق في رجوعه من المدينة ، وسماها الأرحضية.

أرض جابر : التي عرض على غرمائه ، بطريق رومة ، تقدمت في بئر القرّاصة.

أروى : جمع أروية لأنثى الوعول ، اسم ماء لفزارة قرب العقيق عند الحاج ، قال شاعرهم :

وإن بأروى معدنا لو حفرته

لأصبحت غنيانا كثير الدراهم

أروم : جبل سبق في حمى الربذة ، وشاهده في أراك.

أريكة : كجهينة ، موضع غربي حمى ضرية ، كان مصدّق المدينة أول ما ينزل عليه.

أسقف : جبل بطرف رابوع ، وشاهده خاخ.

الأسواف : بالفتح آخره فاء ، موضع شامي البقيع ، سبق في مساجد المدينة ، قال ابن عبد البر : به صدقة زيد بن ثابت ، وفي طبقات ابن سعد عن خارجة بن زيد عن أبيه زيد بن ثابت أن عمر بن الخطاب كان يستخلفه على المدينة ، فقلّ سفر يرجع إلا أقطع له حديقة من نخل ، قال أبو الزياد : فكنا نتحدث أن الأساويف مما كان عمر أقطعه له.

قلت : وبعض الأسواف بيد طائفة من العرب بالتوارث يعرفون بالزيود ، فلعلهم ذرية زيد بن ثابت.

١١

وفي الأوسط للطبراني عن جابر قال : خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم زائرا لسعد بن الربيع الأنصاري ، ومنزله بالأسواف ، فبسطت امرأته لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم تحت سور من نخل ، فجلس وجلسنا معه ، فقال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : يطلع الآن عليكم رجل من أهل الجنة ، فطلع أبو بكر ، ثم قال : يطلع عليكم رجل من أهل الجنة ، فطلع عمر ، ثم قال : يطلع عليكم رجل من أهل الجنة ، فطلع عثمان.

وعن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم جلس على بئر بالأسواف ، وأدلى رجليه فيها ، وذكر مجيء أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ، كما في حديث بئر أريس ، وأنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم أمر بلالا أن يؤذن لكل منهم ، ويبشره بالجنة.

وروى الواقدي عن جابر أن امرأة سعد بن الربيع بعد أن قتل بأحد وقبض أخوه ماله قبل نزول الفرائض كانت بالأسواف ، فصنعت طعاما ، ثم دعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : قوموا بنا ، فقمنا معه ونحن عشرون رجلا ، انتهينا إلى الأسواف ، فدخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ودخلنا معه ، فنجدها قد رشّت ما بين سورين وطرحت خفعة ، قال جابر : ما ثمّ وسادة ولا بساط ، وإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : يطلع عليكم رجل من أهل الجنة ، فتراءينا من يطلع ، فطلع أبو بكر ، فقمنا فبشّرناه ثم سلم فردّوا عليه ، ثم جلس ، ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : يطلع عليكم رجل من أهل الجنة ، فتراءينا من خلال السّعف من يطلع ، فطلع عمر ، فقمنا فبشرناه ، فسلم ثم جلس ، ثم قال : يطلع عليكم رجل من أهل الجنة ، فنظرنا من خلال السّعف فإذا علي بن أبي طالب قد طلع ، فبشرناه بالجنة ، ثم جاء فجلس ، ثم أتى بالطعام ، فأتى بقدر ما يأكل رجل واحد أو اثنان ، فوضع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يده فيه فقال : كلوا باسم الله ، فأكلنا منها حتى نهلنا وما أرانا حركنا منها شيئا ، ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ارفعوا هذا الطعام ، فرفعوه ، ثم أتينا برطب في طبق باكورة قليل ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : باسم الله كلوا ، فأكلنا حتى نهلنا وإني لأرى في الطبق نحوا مما أتى به ، وجاءت الظهر فصلى بنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولم يمس ماء ، ثم رجع إليّ فتحدث ، ثم جاءت العصر فأتى ببقية الطعام نتشبّع به ، فقام النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فصلى بنا العصر ولم يمس ماء ، ثم قامت امرأة سعد بن الربيع فقالت : يا رسول الله إن سعد بن الربيع قتل بأحد ، وذكر قصتها في أخذ أخيه لماله ، ونزول الفرائض بعد ذلك ، وأن ابنة سعد بن الربيع كانت زوج زيد بن ثابت ، وهي أم ابنه خارجة بن زيد ، وكانت يومئذ حاملا.

١٢

أشاقر : جبال بين مكة والمدينة.

الأشعر :جبل جهينة ، ينحدر على ينبع ، قال الهجري : وجدت صفة الجبلين الأشعر والأجرد جبلي جهينة ومن أخذ من قريش بذلك أرضا ، فنقلته للحديث الذي جاء فيهما عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في الأمان من الفتن.

وقال الأشعري : يحده من شقه اليماني وادي الروحاء ، ويحده من شقه الشامي بواطان ، وتقدم في فضل أحد حديث «خير الجبال أحد والأشعر وورقان»

الأشنف : أطم يواجه مسجد الخربة.

الأشيق : بمشاة تحتية يضاف إليه هضب الأشيق ، والعقيليون يقولون : الشفيق ، تقدم في حمى فيد ، وهو بلد سهل كأن ترابه الكافور الأبيض ، وأفضل مياهه الريان ثم عرفجا.

أضاة بني غفار : بالضاد المعجمة والقصر كحصاة ، مستنقع الماء ، قال في المشارق : هو موضع بالمدينة ، وفيه حديث أن جبريل عليه‌السلام لقي النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم عند أضاة بني غفار ، انتهى. ولعله فيما تقدم من منازل بني غفار ، لكن سيأتي في تناضب ما يقتضي أنه بقرب مكة.

أضاخ : كغراب ، آخره معجمة ، وقد تبدل همزته واوا ، سوق على ليلة من عرفجا.

أضافر : جمع ضفيرة ، وهي الحقف من الرمل ، اسم ثنايا سلكها الني صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعد ارتحاله من ذفران يريد بدرا ، وذو الأضافر : هضبات على ميلين من هرشى ، ويقال لهن الأضافر أيضا.

إضم : جمع صفيرة ، وهي الحقف من الرمل ، اسم ثنايا سلكها النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعد ارتحاله من ذفران يريد بدرا ، وذو الأضافر : هضبات على ميلبن من هرشي ، ويقال لهن الأضافر أيضا.

إضم : كعنب ، قال المجد : اسم الوادي الذي فيه المدينة ، والصواب فيه ما تقدم في خاتمة الفصل الخامس في الأودية ، ويوافقه قول الهجري : أول إضم مجتمع الأسيال ، وإياه عني الأحوص بقوله :

يا واقد النار بالعلياء من إضم

أوقد فقد هجت شوقا غير منصرم

قال : وبإضم أموال زعاب على عيون ، وإنما سمي إضما لانضمام السيول به.

قلت : ويسمى اليوم بالضيقة ، وبهذا الوادي جبل يسمى بإضم كما تقدمت الإشارة إليه ، وفي قاموس المجد : إضم جبل ، والوادي الذي فيه المدينة النبوية عند المدينة يسمى قناة ، ومن أعلى منها عند السد الشّظاة ، ثم ما كان أسفل من ذلك يسمى إضما ، انتهى.

١٣

وعبارة ياقوت في المستدرك له : إضم واد في المدينة ، ويسمى عند المدينة القناة ، إلى آخره.

وروى البيهقي خبرا في مصارعته صلى‌الله‌عليه‌وسلم ركانة يتضمّن أن ركانة كان يرعى غنما له في واد يقال له إضم ، فخرج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم من بيت عائشة رضي الله تعالى عنها إلى ذلك الوادي ، وذكر قصة المصارعة به.

وبطن إضم كما في طبقات ابن سعد في سرية أبي قتادة إلى بطن إضم : ما بين ذي خشب وذي المروة ، بينها وبين المدينة ثلاثة برد.

الأطول : أطم بمنازل بني عبيد عند مسجد الخربة من القبلة.

أعشار : من أودية العقيق ، وتقدم نزوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بكهف أعشار فيه.

أعظم : بضم الظاء المعجمة ، جمع عظم ، جبل كبير شمالي ذات الجيش ، قاله المجد ، وفي خط المراغي بفتح الهمزة والظاء معا ، ويقال فيه عظم بفتحتين ـ وهو المعروف بين أهل المدينة ، والموجود في كلام الزبير ، قال : وفيه يقول عامر الزبيري :

قل للذي رام هذا الحيّ من أسد

رمت الشّوامخ من عير ومن عظم

وفي أبيات الهمزة في كتاب الهجري عن محمد بن قليع عن أشياخه قالوا : ما برقت السماء قط على عظم إلا استهلت. وكانوا يقولون : إن على ظهره قبر نبي أو رجل صالح ، قال : وأنا أقول : إن عظم من منزلي إذا بدوت في ضيعتيّ بالتثنية ـ بحيث يناله دعائي ، فقلما أصابنا مطر إلا كان عظم أسعد جبالنا به وأوفرها حظا.

أعماد : أربعة آطام بين المذاد والدّويخل ، جبل بني عبيد ، بعضها لبني عبيد ، وبعضها لبني حرام من بني سلمة.

الأعواف : ويقال العواف ، إحدى صدقات النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وآباره المتقدمة.

الأعوص : بالعين والصاد المهملتين ، موضع شرقي المدينة بطرف الطريق بين بئر السائب وبئر المطلب ، به أبيات وآبار ، سمي بذلك لأن رجلا من بني أمية أراد أن يستخرج به بئرا ، فاعتاصت عليه ، وكان يسكنه إسماعيل بن عمرو بن سعيد الأشدق ، وإياه عنى عمر بن عبد العزيز بقوله : لو كان لي أن أعهد ما عدوت أحد الرجلين : صاحب الأعوص أو أعمش بني تميم ، يعني القاسم بن محمد.

الأغلب : بالغين المعجمة ، أطم لبني سواد ، تقدم في منازلهم.

١٤

أفاعية : كمجاهدة بعين مهملة مكسورة ، منهل لسليم في الطريق النجدي إلى مكة ، على ستة وعشرين ميلا ونصف من معدن بني سليم ، وذكر الأسدي ما فيها من البرك ، والآبار ، قال : وهي لقوم من ولد الصديق وولد الزبير رضي الله تعالى عنهما وقوم من قيس.

الأفراق : قال في المشارق : بفتح الهمزة وبالفاء عند كافة شيوخنا كأنه جمع فرق ، وضبطه بعضهم بالكسر ، موضع من أموال المدينة وحوائطها ، وبالفتح ذكره البكري.

الأفلس : قال الهجري : إذا أفضى سيل العقيق من قاع البقيع خرج إلى قرادة أفلس قاع لا شجر فيه ، وأرضه بيضاء كالمرآة ، لها حس تحت الحافر.

الأقعس : جبل تقدم بحمى ضرية.

الأكحل : ذكره صاحب «المسالك والممالك» في توابع المدينة وتخاليفها ، فكان به مال لعاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما ، وسبق في الفصل السادس أن الطريق إلى سنانة وإلى القرينين جند والأكحل يعترض حمى النقيع يسارا للخارج من المدينة إلى ذلك.

ألاب : كسراب ، قال المجد : شعبة واسعة من ديار مزينة.

قلت : هو واد معروف عده الهجري في أودية الأشعر ، وقال : يلتقي مع مضيق الصفراء أسفل من عين العلا.

ألبن : بالفتح ثم السكون وبموحدة مفتوحة على الأفصح ، كما سيأتي في يلبن بإبدال الهمزة مثناة تحتية.

ألهان : بالفتح وسكون اللام ، موضع كان لبني قريظة.

أم العيال : سبق في آرة ، عن عرام أنها صدقة فاطمة الزهراء رضي الله تعالى عنها ، وأنها عين عليها قرية هناك ، وقال ابن حزم ، هي عين لجعفر بن طلحة بن عبيد الله التيمي ، أنفق عليها مائتي ألف دينار ، وكانت تسقي أزيد من عشرين ألف نخلة.

أمج : بالجيم وفتحتين ، بلد من أعراض المدينة ، قاله المجد ، قال : وقال أبو المنذر بن محمد : أمج وعران واديان يأخذان من حرة بني سليم ، ويفرغان في البحر.

قلت : ذكر الأسدي أن أمج بعد خليص بجهة مكة بميلين ، قال : وبعده بميل وادي الأزرق ، ويعرف بعران ، وأمج لخزاعة ، وبه نحو عشرين بئرا يزرع عليها. انتهى. وهو موافق لما سبق في تاسع فصول الباب الثالث لاقتضائه أنه بين عسفان وقديد.

وقال الوليد بن العباس القرشي : خرجت إلى مكة في طلب عبد آبق لي ، فسرت سيرا

١٥

شديدا حتى وردت أمج في اليوم الثالث غدوة ، فتعبت ، فحططت رحلي ، واستلقيت على ظهري ، واندفعت أغني :

يا من على الأرض من غاد ومدّ لج

اقر السّلام على الأبيات من أمج

اقر السّلام على ظبي كلفت به

فيها أغنّ غضيض الطّرف من دعج

من لا يبلّغه عني تحيته

ذاق الحمام وعاش الدهر في حرج

قال : فلم أدر إلا وشيخ على عصا يهدج إليّ ، فقال : يا فتى أنشدك الله إلا رددت إليّ الشعر ، فقلت : بلحنه؟ قال : بلحنه ، ففعلت ، فجعل يتطرب ، فلما فرغت قال : أتدري من قائله؟ قلت : لا ، قال : أنا والله قائله من ثمانين سنة ، وإذا هو من أهل أمج ، ومنهم حميد الأمجي الذي يقول :

شربت المدام فلم أقلع

وعوتبت فيها فلم أسمع

حميد الذي أمج داره

أخو الخمر ذو الشيبة الأصلع

علاه المشيب على حبها

وكان كريما فلم ينزع

حكى أن عمر بن عبد العزيز قال له : أنت القائل حميد الذي أمج داره البيتين؟ قال:نعم ، قال عمر : ما أراني إلا حادك ، أقررت بشربها ، وأنك لم تنزع عنها ، قال : ألم تسمع الله يقول (وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ) إلى (وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ) فقال عمر : ما أراك إلا قد أفلتّ ، ويحك يا حميد كان أبوك رجلا صالحا وأنت رجل سوء ، قال : أصلحك الله وأين من يشبه أباه كان أبوك رجل سوء وأنت رجل صالح.

وقال : جعفر الزبيري :

هل بادّكار الحبيب من حرج

أم هل لهمّ الفؤاد من فرج؟

ولست أنسى مسيرنا ظهرا

حين حللنا بالسفح من أمج

ذو أمر : بفتحتين ، واد بطريق فيد إلى المدينة على نحو ثلاث مراحل من المدينة بقرية النخيل ، قاله الأسدي ، وظاهر كلام غيره أنه الذي بقرية نخل ؛ لما سيأتي فيها ، وقال ابن حزم : إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عقد لعوسجة الجهني على ألف من جهينة وأقطعه ذا أمر ، وإن بعض ولد عبد الله بن الزبير اعتزل بأمر من بطن إضم في بعض الفتن.

إمّرة : كإمّعة ، وبفتح الهمزة والميم ، موضع بشق حمى ضرية قرب جبل المنار ، وهو من منازل الحاج العراقي ، به آبار كثيرة طيبة ، سمي باسم الصغير من ولد الضأن.

إنسان : جبل في وسطه ماء يقال له : إنسان ، قال الهجري في حمى فيد : وبشرقي الرخام ماء يقال له إنسان لكعب بن سعد الغنوي الشاعر ، وهو عن يمين الجبل والرملة التي تدعى برملة إنسان.

١٦

الأنعام : بضم العين ، موضع بالعالية ، وقال نصر : جبل بالمدينة عليه بعض بيوتها ، قال جرير :

حيّ الديار بعاقل فالأنعام

كذا قال المجد ، والصواب أن الذي عناه جرير جبل ببطن عاقل قرب حمى ضرية ، وقال المجد : إنه بفتح العين ، وغاير بينه وبين هذا في الترجمة ، وقال : إنه ببطن عاقل بين اليمامة والمدينة ، وإنه الذي بنى عليه المزني وجابر بن عبد الله الربعي ، وفيه يقول الشاعر :

لمن الديار غشيتها بالأنعام

درست وعهد جديدها لم يقدم

وقوله «إنه الذي بنى عليه المزني إلى آخره» إنما هو في الأنعام الذي قال نصر فيه : إنه بالمدينة ، كما تقدم عن ابن زبالة في مسجد المنارتين بطريق العقيق ، وإنه الجبل الذي على يسار المارّ أول الرقيقين للعقيق ، مع أن المجد ذكر في الأنعام الذي ببطن عاقل الحديث المتقدم أيضا في خروجه صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى الجبل الأحمر الذي بين المنارتين ، واسمه الأنعام ، ولعل الخلل من النساخ.

إهاب : ككتاب ، في حديث مسلم «تبلغ المساكن إهاب أو يهاب» قال عياض : كذا جاءت الرواية على الشك «أو يهاب» بكسر الياء المثناة من تحت عند كافة شيوخنا الأسدي والصدفي ، وعند التميمي كذلك ، وقال : وبالنون معا ، ولم أجد هذا الحرف في غير هذا الحديث ، ولا من ذكره ، وهو موضع قرب المدينة ، انتهى.

وتبعه المجد ، وقد سبق من رواية أحمد أنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم «خرج حتى أتى بئر الإهاب ، قال : يوشك البنيان أن يأتي هذا المكان» وتقدم في صيد الحرم عن عباد الزرقي أنه كان يصيد العصافير في بئر إهاب ، وهذه البئر هي المتقدمة في الآبار المباركات أول الباب السادس مع ما جاء فيها ، وبيّنا أنها في الحرة الغربية ، وأن الظاهر أنها المعروفة اليوم بزمزم.

ذو أوان : بلفظ الأوان للحين ، موضع على ساعة من المدينة ، قال ابن إسحاق : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لما قفل من تبوك ونزل بذي أوان بلد بينه وبين المدينة ساعة من نهار ، أتاه خبر مسجد الضرار.

الأوساط : تقدم في حديث في مسجد قباء «شهد جنازة بالأوساط بدار سعد بن عبادة» ورأيته بخط العلامة أبي الفتح المراغي وكان منقبا مجرّدا عن النقط ، فلعله بالسين

١٧

والطاء المهملتين ، ويؤخذ منه أنه بمنازل بني ساعدة ، ويخالفه قوله في الرواية الأخرى «من بلحارث بن الخزرج» إلا أن يراد من كان بدار سعد من بلحارث ، على ما سبق في المنازل.

أيد : بلفظ الأيد للقوة والاشتداد من آد يئيد أيدا ، موضع على مقربة من المدينة.

حرف الباء

بئر أرمى : بفتح الهمزة وسكون الراء وميم ثم ألف مقصورة ، بئر كان عندها غزوة ذات الرقاع ، على ثلاثة أميال من المدينة ، كذا قاله المجد ، ومأخذه ما سيأتي عن الواقدي في نخل ، وسنبين أن صوابه ثلاثة أيام.

بئر ألية : بلفظ ألية الشاة ، في حرم بني عوال ، على نيف وأربعين ميلا من المدينة ، وقيل : ألية واد بفسح الحيا ، والفسح : واد بجانب عرنة ، وعرنة : روضة بواد مما كان يحمى للخيول في الجاهلية والإسلام بأسفلها ، انتهى.

بئر جشم : بضم الجيم وفتح الشين المعجمة ، تقدم ذكرها في وادي رانونا من الفصل الخامس ، وأن الظاهر أنها مضافة إلى جشم بن الخزرج جدّ بني مالك بن عصب ، ومنزلهم ببني بياضة غربي رانونا.

وفي الموطأ عن عمرو بن سليم الزّرقي قال : قيل لعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ، إن هنا غلاما يافعا لم يحتلم من غسان ووريثه بالشام ، وهو ذو مال ، وليس له هنا إلا ابنه عم ، فقال : فليوص لها ، فأوصى لها بمال يقال له «بئر جشم» فبيع ذلك المال بثلاثين ألف درهم ، وابنة عمه التي أوصى لها أم عمرو بن سليم الزرقي.

وسبق آخر الكلام في منازل بني بياضة أن عبد الله بن حبيب بن عبد حارثة بن مالك ابن عصب بن جشم والد أبي جبلة الغساني ملك غسّان بالشام ، فيتأيد به ما سبق ، وقال المجد تبعا لياقوت في الجرف : إن بئر جشم به ، فإن صح فهي غير المذكورة في مسيل رانونا.

بئر الحرة : ذكر الغزالي أن القادم للزيارة يغتسل منها ، ولعلها بئر السّقيا ، لما سبق فيها.

بئر خارجة : بالخاء المعجمة وكسر الراء وفتح الجيم ، في حديث أبي هريرة عند مسلم «كنا قعودا حول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم معنا أبو بكر وعمر في نفر ، فقام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من بين أظهرنا ، فأبطأ علينا ، وخشينا أن يقتطع دوننا ، وفزعنا ، وقمنا فكنت أول من فزع ، فخرجت أبتغي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، حتى أتيت حائطا للأنصار لبني النجار فدرت به علّ أجد

١٨

له بابا ، فلم أجد ، فإذا ربيع يدخل في جوف حائط من بئر خارجة ، فاحتفرت ، فدخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، يروى «خارجه» أي : خارج البستان ، و «خارجة» على النعت ، والصواب الأول ، وهو الإضافة ، صرح به صاحب التحرز ، قال : وخارجة رجل أضيفت إليه البئر ، قاله النووي.

بئر خريف : تقدم في بئر أريس أن عثمان رضي الله تعالى عنه أدخلها في صدقته ببئر أريس وسقوط الخاتم بها في رواية.

بئر الخصى : ستأتي في الخاء المعجمة.

بئر خطمة : هي بئر ذرع المتقدمة أول الباب السادس.

بئر الدّريك : تصغير درك ، ويقال فيها : بئر الزريق ، قاله المجد ، وفي منازل بني خطمة أنهم ابتنوا أطما كان على بئر الدرك ، فهي المرادة. وقال قيس بن الخطيم :

كأنا وقد أخلوا لنا عن نسائهم

أسود لها في غيل بيشة أشبل

ببئر دريك فاستعدّوا لمثلها

وأصغوا لها آذانكم وتأملوا

بئر ذروان : بفتح الذال المعجمة وسكون الراء عند رواة البخاري كافة ، وكذا روي عن ابن الحذاء ، وفي كتاب الدعوات من البخاري في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها : وذروان بئر في بني زريق ، قال الجرجاني : رواة مسلم كافة بئر ذي أروان ، ووقع عند الأصيلي بئر ذي أوان ، بغير راء ، قال عياض وتبعه المجد : هو وهم ، فإن ذا أوان موضع آخر على ساعة من المدينة ، وهو الذي بني فيه مسجد الضرار.

قلت : الصواب أن خبر مسجد الضرار أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو بذي أوان كما سبق لأنه بني به.

وقال الحافظ ابن حجر : كأن رواية الأصيلي كانت بئر ذي أروان ، فسقطت الراء ، قال : ويجمع بين رواية ذروان وذي أروان بأن الأصل ذي أروان ثم سهلت الهمزة لكثرة الاستعمال ، فصار ذروان ، ويؤيده أن أبا عبيد البكري صوّب أن اسم البئر أروان ، وأن الذي قال ذروان أخطأ ، وق ظهر أنه ليس بخطإ ، ووقع في رواية كما قال البكري بئر أروان بإسقاط ذي.

قلت : فمن قال ذروان فقد تصرف في أصل الكلمة ، ولذلك قال عياض : قال الأصمعي : وبعضهم يخطئ فيقول : بئر ذروان ، والذي صححه ابن قتيبة ذو أروان بالتحريك.

وحديث هذه البئر في الصحيحين وغيرهما في سحر لبيد بن الأعصم ، وفي رواية أنه

١٩

أعصم السحولي ، وفي أخرى رجل من بني زريق حليف ليهود وكان منافقا ، سحر في السنة الثامنة كما سبق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في مشط ومشاطة وجف طلعة ذكر ووضعه تحت راعوفة هذه البئر ، فأثر السحر فيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم أريه في نومه ودلّ عليه فيها ، فأرسل إليها ، وكأن ماؤها نقاعة الحناء ، وكأن نخلها رءوس الشياطين ، فاستخرج السحر وحل.

وفي رواية في الصحيح أيضا «فذهب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في أناس من أصحابه إلى البئر ، فنظر إليها وقال : هذه البئر التي أريتها ، فرجع إلى عائشة ، قالت : فقلت : يا رسول الله أفلا أخرجته ، وفي أخرى : أفلا أحرقته ، قال : لا ، أما أنا فقد عافاني الله ، وكرهت أن أثير على الناس شرا ، فأمرت بها فدفنت».

وفي رواية لابن سعد : فقلت يا رسول الله فأخرجه للناس ، فقال : أما أنا فقد عافاني الله.

فظهر أن الذي امتنع منه إنما هو إخراجه للناس ، لا إخراجه من البئر ، جمعا بين الروايات.

وعند النسائي : سحر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم رجل من اليهود ، فاشتكى لذلك أياما ، فأتاه جبريل فقال : إن رجلا من اليهود سحرك ، عقد لك عقدا في بئر كذا وكذا ، فأرسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فاستخرجها فحلّها ، فقام كأنما نشط من عقال ، فما ذكر ذلك لذلك اليهودي ولا رآه في وجهه قط.

وفي رواية لابن سعد أن لبيد بن الأعصم سحر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم إن جبريل وميكائيل عليهما‌السلام أخبراه ، فأخذه ، فاعترف ، فاستخرج السحر فحله ، فكشف عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعفا عنه.

وفي رواية له : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وقال عكرمة : ثم كان يراه بعد عفوه فيعرض عنه ، قال الواقدي : وهذا أثبت عندنا ممن روي أنه قتله.

وفي رواية له : لما رجع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من الحديبية ودخل المحرم جاءت رؤساء يهود الذين بقوا بالمدينة ممن يظهر الإسلام وهو منافق إلى لبيد بن الأعصم ـ وكان حليفا في بني زريق ، وكان ساحرا قد علمت يهود أنه أعلمهم بالسحر ـ فقالوا : يا أبا الأعصم ، أنت أسحرنا ، وقد سحرنا محمدا فلم نصنع شيئا ، وأنت ترى أثره فينا ، ونحن نجعل لك على ذلك جعلا ، فجعلوا له ثلاثة دنانير على أن يسحر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فعمد إلى مشط وما يمشط من الرأس من الشعر فعقد فيه عقدا وتفل فيه تفلا ، وجعله في جف طلعة ذكر ،

٢٠