دلائل الصدق لنهج الحق - ج ٥

الشيخ محمد حسن المظفر

دلائل الصدق لنهج الحق - ج ٥

المؤلف:

الشيخ محمد حسن المظفر


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-358-6
الصفحات: ٤٢٦

وأقول :

نقل المصنّف في « منهاج الكرامة » هذا الحديث عن ابن عبد البرّ ، وعن أبي نعيم (١).

ونقل جماعة نحوه عن الثعلبي ، عن ابن مسعود ، قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أتاني ملك ، فقال : يا محمّد! واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا على ما بعثوا؟

قلت : على ما بعثوا؟

قال : على ولايتك وولاية عليّ بن أبي طالب » (٢).

وفي « ينابيع المودّة » ، في الباب الخامس عشر (٣) ، عن أبي نعيم ، والحمويني ، وموفّق بن أحمد ، بأسانيدهم عن ابن مسعود ، قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لمّا عرج بي إلى السماء انتهى بي السير مع جبرئيل إلى السماء الرابعة ، فرأيت بيتا من ياقوت أحمر ، فقال جبرئيل : هذا البيت المعمور ؛ قم يا محمّد فصلّ إليه.

قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : جمع الله النبيّين ، فصفّوا ورائي صفّا ، فصلّيت بهم ، فلمّا سلّمت أتاني آت من عند ربّي ، فقال : يا محمّد! ربّك

__________________

(١) منهاج الكرامة : ١٣٠.

وانظر : عمدة عيون صحاح الأخبار : ٤١٤ ح ٦٠٩ عن ابن عبد البرّ ، تنزيه الشريعة المرفوعة ١ / ٣٩٧ ح ١٤٧ وقال : « لم يبيّن علّته ، وقد أورده الحافظ ابن حجر في ( زهر الفردوس ) من جهة الحاكم ، ثمّ قال : ورواه أبو نعيم ».

(٢) تفسير الثعلبي ٨ / ٣٣٨ ؛ وانظر : تفسير النيسابوري ٦ / ٩٣.

(٣) ص ٨٢ طبع إسلامبول [ ١ / ٢٤٣ ـ ٢٤٤ ح ١٩ ]. منه قدس‌سره.

٤١

يقرئك السلام ويقول لك : سل الرسل على ما أرسلتهم من قبلك.

فقلت : معاشر الرسل! على ماذا بعثكم ربّكم قبلي؟

فقالت الرسل : على نبوّتك وولاية عليّ بن أبي طالب ..

وهو قوله : ( وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا ... ) (١) الآية.

ثمّ قال في « الينابيع » : رواه أيضا الديلمي ، عن ابن عبّاس (٢).

ثمّ قال : عن طلحة بن زيد ، عن جعفر الصادق ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليّ ، قال : « قال رسول الله : ما قبض الله نبيّا حتّى أمره الله تعالى أن يوصي إلى أفضل عشيرته من عصبته ، وأمرني أن أوص إلى ابن عمّك عليّ ، أثبتّه في الكتب السالفة وكتبت فيها أنّه وصيّك ، وعلى ذلك أخذت مواثيق الخلائق ، وميثاق أنبيائي ورسلي ، وأخذت مواثيقهم لي بالربوبيّة ، ولك يا محمّد بالنبوّة ، ولعليّ بالولاية والوصيّة » (٣).

ودلالتها على إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام واضحة ؛ فإنّ بعث الرسل وأخذ الميثاق عليهم في القديم بولاية عليّ عليه‌السلام ، وجعلها محلّ الاهتمام العظيم في قرن أصلي الدين : الربوبية ، والنبوّة ، لا يمكن أن يراد بها إلّا إمامة من له الفضل عليهم كفضل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولا سيّما مع عطف الوصية عليها في رواية طلحة ، فلا يضرّ حينئذ إطلاق الولاية على معان

__________________

(١) انظر : مناقب الإمام عليّ عليه‌السلام ـ للخوارزمي ـ : ٣١٢ ح ٣١٢ ، فرائد السمطين ١ / ٨١ ح ٦٢.

(٢) ينابيع المودّة ١ / ٢٤٤ ذ ح ١٩.

(٣) ينابيع المودّة ١ / ٢٤٤ ح ٢٠.

٤٢

كثيرة بعد هذه القرينة الصريحة في إرادة الإمامة.

فإن قلت : لم تذكر الآية الكريمة النبوّة والإمامة ، بل ولا الإرسال بشهادة أن لا إله إلّا الله ، فإنّها قالت : ( أَجَعَلْنا ) ، ولم تقل : أ أرسلناهم بالشهادة.

قلت : السؤال والاستفهام في الآية للتقرير ؛ بمعنى تقرير الرسل عن أمر استقرّ عندهم نفيه ، وهو جعل آلهة من دون الرحمن يعبدون.

لكن لمّا كان المناسب لتقرير الرسل ـ بما هم رسل ـ ، هو تقريرهم عمّا أرسلوا به ، كان الظاهر إرادة تقريرهم عن ذلك ـ بما هم رسل ـ بنفيه ، وهو راجع إلى الإرسال بالشهادة بالوحدانية ، فصحّ ما أفادته الروايات من أنّ المراد بالآية السؤال عمّا بعث به الرسل من الشهادة بالوحدانية.

ولمّا كان بعثهم بهذا معلوما للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ألبتّة ، لم يحسن أن يراد أن يقرّرهم به خاصّة ، بل ينبغي أن يراد تقريرهم به بضميمة ما لا يعلم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إقرارهم به ؛ لعدم علمه بإرسالهم عليه ، وهو الذي ذكرته الروايات ؛ أعني إرسالهم على نبوّته وإمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وإنّما لم تذكره الآية الشريفة ؛ للاكتفاء بذكر الأصل ؛ وهو البعث على الشهادة بالوحدانية.

كما إنّ بعض الروايات المذكورة اكتفت بذكر نبوّة نبيّنا وإمامة وليّنا ؛ لأنّهما الداعي إلى السؤال والتقرير ، مع وضوح بعثهم على الشهادة بالوحدانية ؛ لكونه الأصل ، ولذكر الآية له.

فما أعظم قدر نبيّنا الأطيب ، وأخيه الأطهر ، عند الله تبارك وتعالى! حتّى ميّزهما على جميع عباده ، وأكرمهما ببعث الرسل الأكرمين على الإقرار بفضلهما ، ورسالة محمّد ، وإمامة عليّ ، وأخذ الميثاق عليهم بهما

٤٣

مع الشهادة بالوحدانية ، فحقّ لذرّيّتهما أن يفتخروا بما افتخر الشريف الرضي به ، وهو قول الفرزدق [ من الطويل ] :

أولئك آبائي فجئني بمثلهم

إذا جمعتنا يا جرير المجامع (١)

* * *

__________________

(١) البيت للفرزدق من قصيدة يفتخر بها ويردّ على جرير ، مطلعها :

منّا الذي اختير الرجال سماحة

وخيرا إذا هبّ الرياح الزعازع

انظر : ديوان الفرزدق ١ / ٤١٨ ، مقدّمة السيّد الشريف الرضي لنهج البلاغة : ٣٥.

٤٤

١٧ ـ آية : ( وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ )

قال المصنّف ـ نوّر الله ضريحه ـ (١) :

السابعة عشرة : قوله تعالى : ( وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ ) (٢).

روى الجمهور أنّها نزلت في عليّ عليه أفضل الصلاة والسلام (٣).

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ١٨٣.

(٢) سورة الحاقّة ٦٩ : ١٢.

(٣) انظر : أنساب الأشراف ٢ / ٣٦٣ ، تفسير الطبري ١٢ / ٢١٣ ح ٣٤٧٧٢ و ٣٤٧٧٣ ، تفسير الثعلبي ١٠ / ٢٨ ، معرفة الصحابة ـ لأبي نعيم ـ ١ / ٨٨ ح ٣٤٥ ، حلية الأولياء ١ / ٦٧ ، أسباب النزول : ٢٤٥ ، مناقب الإمام عليّ عليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ٢٣٣ ح ٣١٢ وص ٢٦٤ ـ ٢٦٥ ح ٣٦٣ و ٣٦٤ ، شواهد التنزيل ٢ / ٢٧١ ـ ٢٨٤ ح ١٠٠٧ ـ ١٠٢٩ ، محاضرات الأدباء ١ / ٥٩ وج ٢ / ٤٩٥ ، مناقب الإمام عليّ عليه‌السلام ـ للخوارزمي ـ : ٢٨٢ ـ ٢٨٣ ح ٢٧٦ و ٢٧٧ ، كفاية الطالب : ١٠٩ ، تفسير النيسابوري ٦ / ٣٤٧ ، فرائد السمطين ١ / ١٩٨ ـ ١٩٩ ح ١٥٥ ، تفسير ابن كثير ٤ / ٤١٤ ، شرح المقاصد ٥ / ٢٩٧ ، الدرّ المنثور ٨ / ٢٦٧.

٤٥

وقال الفضل (١) :

روى المفسّرون ، أنّه لمّا نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليّ عليه‌السلام : « سألت الله أن يجعلها أذنك ».

قال عليّ : فما نسيت بعد هذا شيئا (٢).

وهذا يدلّ على علمه وحفظه وفضيلته ، ولا يدلّ على النصّ بإمامته.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٣ / ١٥٤.

(٢) تفسير الطبري ١٢ / ٢١٣ ح ٣٤٧٧١ ، تفسير الماوردي ٦ / ٨٠ ، الكشّاف ٤ / ١٥١ ، تفسير الفخر الرازي ٣٠ / ١٠٨ ، تفسير القرطبي ١٨ / ١٧١ ، تفسير البحر المحيط ٨ / ٣٢٢ ، تفسير ابن كثير ٤ / ٤١٤ ، تفسير النيسابوري ٦ / ٣٤٧.

٤٦

وأقول :

لم يدلّ على علمه وفضيلته فقط ، بل على أعلميّته وأفضليّته ؛ لدلالته على أنّ أذن عليّ عليه‌السلام هي الواعية دون غيرها.

نعم ، للمسلمين التذكرة فقط ، قال تعالى : ( لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ ) (١) ، فيكون هو الأحقّ بالإمامة.

وفي بعض الأخبار الآتية : « وحقّ على الله أن تعي » ، وهو دالّ على وجوب أن يكون عليّ واعيا ، إشارة إلى وجوب نصب الإمام الواعي على الله تعالى ؛ ولذا أمر الله سبحانه نبيّه بتعليمه ـ كما في الأخبار الآتية ـ فيكون عليّ هو الإمام وغيره مأموما.

وكيف يكون من لا يعي واليا لأمور المسلمين ، وحاكما في أمور الدين ، وواجب الطاعة ، على من له الأذن الواعية؟!

( أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلأَأَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) (٢).

ويقرّب إرادة خصوص عليّ من الآية إفراد الأذن وتنكيرها ، فإنّه دالّ على الوحدة.

كما صرّحت بإرادة عليّ عليه‌السلام الأخبار الكثيرة ، فقد حكى السيوطي في « الدرّ المنثور » ، عن ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، وابن

__________________

(١) سورة الحاقّة ٦٩ : ١٢.

(٢) سورة يونس ١٠ : ٣٥.

٤٧

عساكر ، وابن النجّار ، بأسانيدهم عن بريدة ، قال :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليّ : « إنّ الله أمرني أن أدنيك ولا أقصيك ، وأن أعلّمك وتعي ، وحقّ لك أن تعي » (١) ، فنزلت الآية.

ومثله في « أسباب النزول » للواحدي ، إلّا أنّه قال : « وحقّ على الله أن تعي » (٢).

وعن الثعلبي : « وحقّ على الله أن تسمع وتعي » (٣).

وفي « كنز العمّال » (٤) ، عن ابن عساكر : « وإنّ حقّا على الله أن تعي » ونزلت : ( وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ ) ، قال : أذن عقلت عن الله (٥).

وحكى السيوطي أيضا ، عن أبي نعيم في « الحلية » ، عن عليّ عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « [ يا عليّ! ] إنّ الله أمرني أن أدنيك وأعلّمك لتعي » ، فأنزلت هذه الآية : ( وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ ) ، فأنت أذن واعية لعلمي » (٦).

ومثله في « كنز العمّال » (٧) ، عن أبي نعيم أيضاً.

ولا ينافي كون المراد بالأذن الواعية ، هي أذن عليّ عليه‌السلام ، أنّ أذن الحسن والحسين أيضا واعية ؛ وذلك لأنّهما منه وهو منهما ، أو لأنّهما أذن

__________________

(١) الدرّ المنثور ٨ / ٢٦٧ ، وانظر : تفسير الطبري ١٢ / ٢١٣ ح ٣٤٧٧٢ و ٣٤٧٧٣ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٣٦١.

(٢) أسباب النزول : ٢٤٥.

(٣) تفسير الثعلبي ١٠ / ٢٨.

(٤) ص ٣٩٨ من الجزء الثالث [ ١٣ / ١٣٥ ـ ١٣٦ ح ٣٦٤٢٦ ]. منه قدس‌سره.

(٥) وانظر : تاريخ دمشق ٤٨ / ٢١٧ رقم ٥٥٧٣.

(٦) الدرّ المنثور ٨ / ٢٦٧ ، وانظر : حلية الأولياء ١ / ٦٧.

(٧) ص ٤٠٨ من الجزء المذكور [ ١٣ / ١٧٧ ح ٣٦٥٢٥ ]. منه قدس‌سره.

٤٨

واعية في رتبة الأخذ من أبيهما ، وهو أذن واعية في رتبة الأخذ من النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

* * *

٤٩

١٨ ـ سورة ( هَلْ أَتى ... )

قال المصنّف ـ أعلى الله درجته ـ (١) :

الثامنة عشرة : سورة ( هَلْ أَتى ... ) (٢).

روى الجمهور أنّ الحسن والحسين مرضا ، فعادهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعامّة العرب ، فنذر عليّ صوم ثلاثة أيّام ـ وكذا أمّهما فاطمة ، وخادمتهم فضّة ـ لئن برئا.

فبرئا وليس عند آل محمّد قليل ولا كثير ، فاستقرض أمير المؤمنين عليه‌السلام ثلاثة أصوع (٣) من شعير ، وطحنت فاطمة منها صاعا ، فخبزته خمسة أقراص ، لكلّ واحد قرص.

وصلّى عليّ المغرب ، ثمّ أتى المنزل ، فوضع الطعام بين يديه للإفطار ، فأتاهم مسكين وسألهم ، فأعطاه كلّ منهم قوته ، ومكثوا يومهم وليلتهم لم يذوقوا شيئا.

ثمّ صاموا اليوم الثاني ، فخبزت فاطمة صاعا آخر ، فلمّا قدّمته بين أيديهم للإفطار ، أتاهم يتيم وسألهم القوت ، فتصدّق كلّ منهم بقوته.

فلمّا كان اليوم الثالث من صومهم وقدّم الطعام للإفطار ، أتاهم أسير

__________________

(١) نهج الحقّ : ١٨٤.

(٢) سورة الإنسان ٧٦ : ١ ـ ٣١.

(٣) الأصوع ، جمع الصاع : وهو الذي يكال به ، ومقداره أربعة أمداد ؛ انظر : تاج العروس ١١ / ٢٩٠ مادّة « صوع ».

٥٠

وسألهم القوت ، فأعطاه كلّ منهم قوته ، ولم يذوقوا في الأيّام الثلاثة سوى الماء.

فرآهم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في اليوم الرابع ، وهم يرتعشون من الجوع ، وفاطمة عليها‌السلام قد التصق بطنها بظهرها من شدّة الجوع وغارت عيناها ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وا غوثاه! يا الله! أهل محمّد يموتون جوعا!

فهبط جبرئيل فقال : خذ ما هنّأك الله في أهل بيتك.

فقال : وما آخذ يا جبرئيل؟

فأقرأه : هَلْ أَتى (١) (٢).

* * *

__________________

(١) سورة الإنسان ٧٦ : ١ ـ ٣١.

(٢) تفسير الحبري : ٣٢٦ ح ٦٩ ، العقد الفريد ٤ / ٧٧ ، تفسير الثعلبي ١٠ / ٩٩ ـ ١٠١ ، أسباب النزول : ٢٤٧ ، زين الفتى في شرح سورة هل أتى ، مناقب الإمام عليّ عليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ٢٣٧ ـ ٢٣٨ ح ٣٢٠ ، شواهد التنزيل ٢ / ٢٩٩ ـ ٣١٠ ح ١٠٤٢ ـ ١٠٦١ ، تفسير البغوي ٤ / ٣٩٧ ، الكشّاف ٤ / ١٩٧ ، ربيع الأبرار ٢ / ١٤٨ ، مناقب الإمام عليّ عليه‌السلام ـ للخوارزمي ـ : ٢٦٧ ح ٢٥٠ ، تفسير الفخر الرازي ٣٠ / ٢٤٤ ـ ٢٤٥ ، أسد الغابة ٦ / ٢٣٦ ـ ٢٣٧ رقم ٧٢٠٢ ، مطالب السؤول : ١٢٧ ، تذكرة الخواصّ : ٢٨١ ، كفاية الطالب : ٣٤٥ ـ ٣٤٨ ، الرياض النضرة ٣ / ١٨٠ و ٢٠٨ ، تفسير البيضاوي ٢ / ٥٥٢ ـ ٥٥٣ ، تفسير النيسابوري ٦ / ٤١٢ ، المواقف : ٤١١ ، الإصابة ٨ / ٧٥ رقم ١١٦٢٨ ، روح المعاني ٢٩ / ٢٧٠.

٥١

وقال الفضل (١) :

ذكر بعض المفسّرين في شأن نزول السورة ما ذكره ، ولكن أنكر على هذه الرواية كثير من المحدّثين وأهل التفسير ، وتكلّموا في أنّه هل يجوز أن يبالغ الإنسان في الصدقة إلى هذا الحدّ ، ويجوّع نفسه وأهله حتّى يشرف على الهلاك (٢) ، وقد قال الله تعالى : ( وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ) (٣)؟!

والعفو : ما كان فاضلا من نفقة العيال (٤) ، وقال رسول الله : « خير الصدقة ما كان صنوا عفوا » (٥) ..

وإن صحّ ، الرواية لا تدلّ على النصّ كما علمته.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٣ / ١٧٠.

(٢) انظر : منهاج السنّة ٧ / ١٨٥.

(٣) سورة البقرة ٢ : ٢١٩.

(٤) الصحاح ٦ / ٢٤٣٢ مادّة « عفا » ، تنوير المقياس من تفسير ابن عبّاس : ٣٨ وقال : « ثمّ نسخ ذلك بآية الزكاة » ، وانظر : راد المسير ١ / ٢٠٥.

(٥) لم نعثر عليه بهذا اللفظ ، وورد « خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى » ؛ انظر : تفسير القرطبي ٣ / ٤٢ ، كنز العمّال ٦ / ٣٩٦ ح ١٦٢٣١.

٥٢

وأقول :

روى جماعة من القوم ما ذكره المصنّف رحمه‌الله ، كالزمخشري في « الكشّاف » ، والبيضاوي ، وعن الواحدي في كتاب « البسيط » ، والبغوي في « معالم التنزيل » ، والثعلبي ، وأبي السعادات العمادي ، وغيرهم (١).

وروى الواحدي نحوه في « أسباب النزول » ، إلّا أنّه إنّما ذكر نزول قوله : ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ ... ) (٢) الآية ، فيهم ، ولم يذكر النذر (٣).

وحكى السيوطي في « الدرّ المنثور » عن بعض أصحابه نزول هذه الآية فيهم (٤).

وذكر نظام الدين الحسن بن محمّد بن الحسين النيشابوري في تفسيره « غرائب القرآن ورغائب الفرقان » القصّة التي ذكرها المصنّف رحمه‌الله ونزول السورة فيهم ، ثمّ قال : « ويروى أنّ السائل لهم في الليالي الثلاث جبرئيل ، أراد بذلك ابتلاءهم بإذن الله سبحانه » (٥).

ونقل الرازي في تفسيره عن الزمخشري والواحدي في « البسيط »

__________________

(١) تفسير الكشّاف ٤ / ١٩٧ ، تفسير البيضاوي ٢ / ٥٥٢ ، تفسير الفخر الرازي ٣٠ / ٢٤٤ ـ ٢٤٥ عن الواحدي في « البسيط » ، تفسير البغوي ٤ / ٣٩٧ ، تفسير الثعلبي ١٠ / ٩٨ ـ ١٠٢ ، تفسير أبي السعود العمادي ٥ / ٨٠١ ـ ٨٠٢ ، مناقب آل أبي طالب ٣ / ٤٢٤.

(٢) سورة الإنسان ٧٦ : ٨.

(٣) أسباب النزول : ٢٤٧.

(٤) الدرّ المنثور ٨ / ٣٧١.

(٥) تفسير النيسابوري ٦ / ٤١٢.

٥٣

القصّة ونزول السورة بهم ، ثمّ أشكل عليه بأمرين :

الأوّل : إنّ السورة مشتملة على أمور أخر خارجة عن القصّة وغير متعلّقة بمدحهم ، كبيان خلق الإنسان وابتلائه ، وأنّه تعالى هداه السبيل ، وأنّه إمّا شاكر وإمّا كفور ، وكوعيد الكفّار .. إلى غير ذلك ممّا اشتملت عليه السورة (١).

وفيه : إنّ المقصود كونهم سببا لنزول السورة ، فلا يضرّ اشتمالها على أمور أخر ، على أنّ هذه الأمور المذكورة دخيلة في مدحهم ؛ لدلالتها عند بيان قصّتهم وإخلاصهم على فضلهم وامتيازهم على غيرهم.

الثاني : إنّ الممدوحين في الآيات ذكروا بصيغة الجمع ، كقوله تعالى : ( إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ ... ) (٢) و ( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ ... * وَيُطْعِمُونَ ... ) (٣) إلى آخر الآيات ، فتخصيصه بجمع معيّنين خلاف الظاهر ، ويدخل فيهم أتقياء الصحابة والتابعين ، ولا يبقى للتخصيص معنى ألبتّة ، اللهمّ إلّا أنّ يقال : السورة إنّما نزلت عند صدور طاعة مخصوصة منهم (٤).

ولكنّه قد ثبت في أصول الفقه أنّ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب (٥).

وفيه : إنّ التخصيص وإن كان خلاف الظاهر ، لكن لا بدّ من

__________________

(١) انظر : تفسير الفخر الرازي ٣٠ / ٢٤٥.

(٢) سورة الإنسان ٧٦ : ٥.

(٣) سورة الإنسان ٧٦ : ٧ و ٨.

(٤) في المصدر : عنه.

(٥) انظر : تفسير الفخر الرازي ٣٠ / ٢٤٥.

٥٤

الالتزام به إذا وردت به الرواية ، وإلّا لم تصحّ دعوى نزول شيء من القرآن في مدح أحد.

وأمّا قوله : « العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب » ، فإنّما يسلّم في مقام التكليف والمدح والذمّ المطلقين ، لا المدح الناشئ من سبب خاصّ لم يتّفق صدوره من غيرهم ، لا سيّما في خصوصياته من الحبّ والحاجة لما أنفقوا ، ووقوعه على وجه الإخلاص التامّ لله تعالى والخوف منه ، حتّى وقاهم الله تعالى بسببه شرّ ذلك اليوم ولقّاهم نضرة وسرورا.

ولا أدري متى كان للصحابة في هذا الميدان أثر ، ولا سيّما الّذين عناهم الرازي؟!

دع المكارم لا ترحل لبغيتها

واقعد فإنّك أنت الطّاعم الكاسي (١)

وأمّا ما ذكره الفضل من إنكار كثير من المحدّثين وأهل التفسير على هذه الرواية ، وتكلّمهم في جواز مبالغة الإنسان في الصدقة إلى هذا الحدّ ، فلم أجده في كلامهم ، ولو كان له أصل لذكره شيخ المشكّكين الرازي ، ولا سيّما في ما يتعلّق بفضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام.

على أنّه سبحانه قد مدح أولياءه بأنّهم : ( يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ ) (٢) ، فما لأهل البيت لا يجوز لهم ذلك؟!

وأمّا قوله تعالى : ( وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ) (٣) ، فمعنى

__________________

(١) البيت للحطيئة ، من قصيدة من بحر البسيط يهجو بها الزبرقان بن بدر ، ويناضل فيها عن بغيض بن شمّاس في قصّة مشهورة ، ومطلع القصيدة :

والله ما معشر لاموا امرأ جنبا

في آل لأي بن شمّاس بأكياس

انظر : الأغاني ٢ / ١٧٦ ـ ١٧٨.

(٢) سورة الحشر ٥٩ : ٩.

(٣) سورة البقرة ٢ : ٢١٩.

٥٥

العفو : أجلّ المال وأطيبه (١) ، لا الفضل ، كما زعمه الفضل ؛ لقوله تعالى : ( لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ) (٢) (٣).

كما إنّ المراد بالصنو في الحديث : الصدقة المكرّرة الموصولة بصدقة قبلها (٤) ، وهي أجلّ المال وأطيبه ؛ لانتهاء التكرير إليه عادة ؛ ولذا وصف الصنو وبيّنه في الحديث بالعفو ، أي الأجلّ الأطيب.

ويحتمل أن يكون العفو في الحديث قيدا آخر ، فيكون المعنى : أنّ خير الصدقة ما جمع وصفين : أن تكون لا حقة لصدقة قبلها ، وأن تكون من أجلّ المال وأطيبه ، فلا تنافي هذه الآية والرواية ما فعله أمير المؤمنين عليه‌السلام.

ثمّ إنّه ليس المنفق لكلّ الطعام في تلك القصّة هو أمير المؤمنين وحده ، حتّى يكون أجاع أهله ـ كما زعم الفضل ـ ، بل كلّ منهم أنفق قوته كما صرّحت به الرواية.

وأمّا قوله : « وإن صحّ ، الرواية لا تدلّ على النصّ » ..

__________________

(١) انظر : القاموس المحيط ٤ / ٣٦٦ مادّة « عفو » وفيه : « أحلّ » بدل « أجلّ » ، وتفسير الطبري ٢ / ٣٧٧ ح ٤١٧٠ وفيه « أفضل » بدل « أجلّ » ، تاج العروس ١٩ / ٦٨٦ مادّة « عفو » وفيه : « أحلّ » بدل « أجلّ » وقال مصنّفه : « وفي المحكم : أجمل المال وأطيبه ».

(٢) سورة آل عمران ٣ : ٩٢.

(٣) مراد الشيخ المظفّر قدس‌سره : إنّه كما جاء « العفو » بمعنى « فاضل النفقة » ، فقد جاء بمعنى « أجلّ المال وأطيبه وأحلّه وأجمله » ، وحمله على أحد المعنيين يحتاج إلى دليل ، وهو هنا قائم على المعنى دون الأوّل!

(٤) الصّنو : المثل ، يقال : فلان صنو فلان : أي أخوه ، ولا يكون صنوا حتّى يكون معه آخر ؛ وأصله في النخل ، فكلّ نخلتين فما زاد يكنّ من أصل واحد وفروعهنّ شتّى ، يقال لكلّ واحدة منهما : صنو ، والمراد في الحديث هنا : المتماثل المتكرّر.

انظر : لسان العرب ٧ / ٤٢٥ مادّة « صنا » ، تاج العروس ١٩ / ٦١٠ مادّة « صنو ».

٥٦

ففيه : إنّ القصّة دالّة على فضل الحسنين وبلوغهما في المعرفة إلى منتهى الغايات ؛ لصدورها عنهما حال صغرهما بنحو استحقّا من الله سبحانه الثناء عليهما في كتابه المجيد ، وشهد لهما فيه بأنّهما أطعما لوجهه ، وكانا يخافان منه.

ولا ريب في أنّ الصغير الذي يصدر منه ذلك أكبر من الكبير الذي لم يعرف الله تعالى أكثر عمره ، وعصاه في عظام الأمور ، كالفرار من الزحف (١) ، فيكون الحسنان أفضل من شيوخ الصحابة.

ولا شكّ أنّ أمير المؤمنين أفضل من الحسنين ، بالنصّ والإجماع ، فيكون أفضل من الصحابة جميعا ، فيكون هو الإمام.

هذا ، والعجب من تمالؤ هؤلاء القوم على محو فضائل آل الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالأوهام الكاسدة والخيالات الفاسدة ، دون ما يروونه في فضائل غيرهم ، وإن كان ظاهر الكذب والبهتان ، فقد رأيت الفضل كيف استشكل من جواز تلك الصدقة ، وهو قد ذكر في مبحث الحلول أنّ أبا يزيد البسطامي (٢) ترك شرب الماء سنة تأديبا لنفسه ، وعدّه منقبة له (٣).

__________________

(١) فقد فرّ المشايخ وأغلب الصحابة في غزوتي أحد وحنين ، وأسلموا النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للمنيّة ، وكذا انهزموا في غزاة خيبر ؛ فانظر مثلا : السير والمغازي ـ لابن إسحاق ـ : ٣٣٢ ، المغازي ـ للواقدي ـ ٢ / ٦٠٩ ، تاريخ اليعقوبي ٢ / ٦٥ ، تاريخ الطبري ٢ / ٦٧ و ٦٩ و ١٦٧ ـ ١٦٨ ، السيرة النبوية ـ لابن حبّان ـ : ٢٢٣ ، تفسير الفخر الرازي ٩ / ٥٣ ، تاريخ دمشق ٤ / ١٦ ـ ١٧ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ٣٩ و ٤٠ ح ٤٣٣٨ أ و ٤٣٤٠ ، البداية والنهاية ٤ / ٢٣ ، السيرة الحلبية ٢ / ٥٠٤ ، شرح الزرقاني على المواهب اللدنّيّة ٣ / ٢٢٥.

(٢) مرّت ترجمته في ج ٢ / ١٩٦ من هذا الكتاب.

(٣) راجع ج ٢ / ٢٠٨ من هذا الكتاب.

٥٧

فليت شعري ، لم لا يجوز التصدّق لأهل البيت بعد السؤال منهم رغبة في الثواب ، بالإيثار على أنفسهم ، وجاز لأبي يزيد ترك شرب الماء سنة ـ وهو من المحالات ـ بلا سؤال أحد منه ولا إيثار ، ولا هو من أفعال سيّد المرسلين والأنبياء الأوّلين ، ولا ورد بنحوه الكتاب والسنّة؟!

وقال الغزّالي في « إحياء العلوم » ، في كسر شهوة البطن (١) : الوظيفة الثانية : في وقت الأكل ومقدار تأخيره ، وفيه [ أيضا ] أربع درجات :

الدرجة العليا : أن يطوي ثلاثة أيّام فما فوقها ، وفي المريدين من ردّ الرياضة إلى الطيّ لا إلى المقدار ، حتّى انتهى بعضهم إلى ثلاثين يوما وأربعين يوما ، وانتهى إليه جماعة من العلماء يكثر عددهم ، منهم : محمّد ابن عمرو القرني ... وذكر جماعة ، ثمّ قال :

وقد كان أبو بكر الصدّيق يطوي ستّة أيّام ، وكان عبد الله بن الزبير يطوي سبعة أيّام ، وكان أبو الجوزاء صاحب ابن عبّاس يطوي سبعا ، وروي أنّ الثوري وإبراهيم بن أدهم كانا يطويان ثلاثا ثلاثا ، كلّ ذلك [ كانوا ] يستعينون بالجوع على طريق الآخرة ... ثمّ نقل عن متصوّف أنّه طوى ستّين يوما (٢).

فانظر إلى هذه الحكايات التي ما جاء بها الشرع ، وما كانت من فعل سيّد المرسلين ، يروونها في كتبهم ويصدّقون استمرار أوليائهم عليها ، ويكذّبون أن يتصدّق أهل البيت اتّفاقا بطعامهم ثلاثة أيّام لسؤال من سأل إيثارا على أنفسهم!

فهل الفرق إلّا اتّباع الهوى والجفاء لمن طهّرهم الله تعالى من الرجس

__________________

(١) ص ٧٢ من الجزء الثالث [ ٣ / ٢٢٥ ]. منه قدس‌سره.

(٢) إحياء علوم الدين ٣ / ٢٢٥.

٥٨

تطهيرا وأوجب على الأمّة التمسّك بهم؟!

ثمّ إنّ المصنّف رحمه‌الله قد ذكر هذه القصّة في « منهاج الكرامة » نقلا عن الثعلبي (١) ، وردّه ابن تيميّة بكلّ ما تبلغه همّة النصب ، وذكر أمورا أشبه باللغو (٢) ..

كالمطالبة بصحّة الحديث ؛ وقد مرّ مرارا جوابه ، ولا سيّما أنّ شهرته كافية في اعتباره ..

وكز عم أنّ الحسنين صغيران لا يشرع إبقاؤهما ثلاثة أيّام جياعا ، وقد عرفت أنّهما بنفسيهما آثرا بطعامهما ؛ لمعرفتهما وكمالهما ..

وكز عم عدم حاجة أيتام المسلمين وأسراهم إلى الصدقة والسؤال ؛ لأنّ اليتيم مكفيّ بالنبيّ ، والأسير بآسره ؛ وهو كما ترى تكذيب للآية الكريمة ..

وكز عم أنّه لم يكن في العقبة قتال ، فكيف يقول اليتيم ـ كما في حديث الثعلبي ـ : « استشهد والدي يوم العقبة » (٣)؟!

وفيه : إنّ العقبات كثيرة ، والعقبة : هي المرقى الصعب من الجبال (٤) ، كمرقى أحد ، لا خصوص عقبة مكّة التي بايع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيها الأنصار قبل الهجرة.

وكز عم أنّ السورة مكّية بالاتّفاق ؛ والحال أنّ مجاهدا وقتادة قالا :

__________________

(١) منهاج الكرامة : ١٣٢ ـ ١٣٣ ، وانظر : تفسير الثعلبي ١٠ / ٩٩ ـ ١٠١.

(٢) انظرها في : منهاج السنّة ٧ / ١٧٧ ـ ١٨٧.

(٣) انظر : تفسير الثعلبي ١٠ / ١٠٠.

(٤) انظر مادّة « عقب » في : لسان العرب ٩ / ٣٠٦ ، تاج العروس ٢ / ٢٤٨.

٥٩

إنّها مدنيّة (١) ..

وكز عم أنّ النذر منهيّ عنه ؛ والحال أنّ الآية الكريمة نزلت في الثناء على الناذرين ، فيكون تخطئة للكتاب المجيد (٢) ..

وكز عم أنّه ليس للزهراء عليهما‌السلام جارية تسمّى فضّة (٣) ..

وأنّ إنفاق أبي بكر أفضل من إنفاقهم (٤) ..

__________________

(١) تفسير البغوي ٤ / ٣٩٥ ، تفسير روح المعاني ٢٩ / ٢٥٨ ، وكذا أغلب المفسّرين ..

فانظر : تفسير الفخر الرازي ٣٠ / ٢٣٦ ، تفسير القرطبي ١٩ / ٧٧ ، فتح القدير ٥ / ٣٤٣.

(٢) يبدو أنّ ابن تيميّة لم يطّلع على جوامع الحديث أو كتب الفقه ، فضلا عن أن يسبر غورها ، فقد أثبت فيها مصنّفوها روايات كثيرة وردت عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في النذر وأفردوا أبوابا واسعة لذلك ، حتّى إنّه نسي أنّه أفرد فصلا في ذلك في فتاواه الكبرى!

فانظر مثلا : صحيح البخاري ٨ / ٢٥٤ ح ٧٠ وص ٢٥٥ ح ٧٤ ، سنن ابن ماجة ١ / ٦٨٧ ذ ح ٢١٢٨ ، سنن أبي داود ٣ / ٢٣٨ ذ ح ٣٣٢٢ ، المعجم الكبير ١١ / ٣٢٥ ذ ح ١٢١٦٩ ، كتاب الأمّ ـ للشافعي ـ ٢ / ٤٠٢ ، الهداية ـ للمرغيناني ـ ٤ / ٦٣ ، نصب الراية ـ للزيلعي ـ المطبوع بهامش الهداية ٤ / ٦٣ ، الفتاوى الكبرى ٥ / ١٩٦ ـ ١٩٨.

(٣) هي : فضّة النوبيّة ، أنفذها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى بضعته فاطمة الزهراء عليها‌السلام لكي تشاطرها الخدمة ، وقد علّمها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دعاء تدعو به ، وصارت من بعد الزهراء عليها‌السلام للإمام عليّ عليه‌السلام ، فزوّجها من أبي ثعلبة الحبشي ، فأولدها ابنا ، ثمّ مات عنها أبو ثعلبة ، وتزوّجها من بعده أبو مليك الغطفاني ، وذكرت المصادر قصّة وجودها بالبادية وأنّها ما تكلّمت عشرين سنة إلّا بالقرآن.

انظر : أسد الغابة ٦ / ٢٣٦ رقم ٧٢٠٢ ، البداية والنهاية ٥ / ٢٤٩ ، السيرة النبويّة ـ لابن كثير ـ ٤ / ٦٤٩ ، الإصابة ٨ / ٧٥ رقم ١١٦٢٨ ، مناقب آل أبي طالب ٢ / ٤٠٢ ـ ٤٠٣ وج ٣ / ٣٩٠ ـ ٣٩٢.

(٤) لم يعهد لأبي بكر ثروة ، لا في الجاهلية ولا في الإسلام ، فهو من أقلّ حيّ وأذلّ ـ

٦٠