دلائل الصدق لنهج الحق - ج ٥

الشيخ محمد حسن المظفر

دلائل الصدق لنهج الحق - ج ٥

المؤلف:

الشيخ محمد حسن المظفر


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-358-6
الصفحات: ٤٢٦

فتصير ملكا ، ثمّ تصير بزّيزى (١) قطع سبيل ، وسفك دماء ، وأخذ أموال بغير حقّها » (٢).

فإنّ كلامه كما ترى دالّ على ما قلناه من كفر بقيّة ملوك العرب ، وإن أخطأ في دعوى إرادة الاستخلاف للخلفاء الأربعة جميعا ؛ لما عرفت من عدم تمكين الثلاثة من الدين الذي ارتضاه ؛ ولأنّ الاستخلاف من الله تعالى إنّما هو لعليّ ، وأمّا غيره فإمامته بالاختيار.

ولنذكر كلام الرازي هنا ؛ لأنّ به وبردّه تمام المطلوب ، قال :

« المسألة الثامنة : دلّت الآية على إمامة الأئمّة الأربعة ؛ وذلك لأنّه تعالى وعد الّذين آمنوا وعملوا الصالحات من الحاضرين في زمان محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو المراد بقوله : ( لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) (٣) ، وأن يمكّن لهم دينهم المرضي ، وأن يبدلهم بعد الخوف أمنا.

ومعلوم أنّ المراد بهذا الوعد بعد الرسول هؤلاء ؛ لأنّ استخلاف غيره لا يكون إلّا بعده ..

ومعلوم أنّه لا نبيّ بعده ؛ لأنّه خاتم النبيّين ..

فإذا المراد بهذا الاستخلاف : طريقة الإمامة.

ومعلوم أنّ بعد الرسول الاستخلاف الذي هذا وصفه إنّما كان في أيّام أبي بكر وعمر وعثمان ؛ لأنّ في أيّامهم كانت الفتوح العظيمة ، وحصل

__________________

(١) البزّيزى ـ بكسر الباء وتشديد الزاي الأولى والقصر ـ : السلب والتّغلّب.

انظر : لسان العرب ١ / ٣٩٨ ـ ٣٩٩ مادّة « بزز ».

(٢) الكشّاف ٣ / ٧٣.

(٣) سورة النور ٢٤ : ٥٥.

٣٨١

التمكين ، وظهور الدين ، والأمن ، ولم يحصل في أيّام عليّ ؛ لأنّه لم يتفرّغ للجهاد ؛ لاشتغاله بمحاربة من خالفه من أهل الصلاة.

فثبت بهذا دلالة الآية على صحّة خلافة هؤلاء.

فإن قيل : الآية متروكة الظاهر ؛ لأنّها تقتضي حصول الخلافة لكلّ من آمن وعمل صالحا ، ولم يكن الأمر كذلك.

نزلنا عنه ؛ لكن لم لا يجوز أن يكون المراد من قوله : ( لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ ) : هو أنّه تعالى يسكنهم في الأرض ويمكّنهم من التصرّف ، لا أنّ المراد منه : خلافة الله تعالى؟!

وممّا يدلّ عليه قوله : ( كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) ، واستخلاف من كان قبلهم لم يكن بطريق الإمامة ، فوجب أن يكون الأمر في حقّهم أيضا كذلك.

نزلنا عنه ؛ لكن هاهنا ما يدلّ على أنّه لا يجوز حمله على خلافة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ لأنّ [ من ] مذهبكم أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يستخلف أحدا ، وروي عن عليّ أنّه قال : « أترككم كما ترككم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ».

نزلنا عنه ؛ لكن لم لا يجوز أن يكون المراد منه عليّا ، والواحد قد يعبّر عنه بلفظ الجمع على سبيل التعظيم ، كقوله تعالى : ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) (١) ، وقال تعالى في حقّ عليّ : ( الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) (٢)؟!

نزلنا عنه ؛ ولكن نحمله على الأئمّة الاثني عشر.

__________________

(١) سورة القدر ٩٧ : ١.

(٢) سورة المائدة ٥ : ٥٥.

٣٨٢

والجواب عن الأوّل : إنّ كلمة « من » للتبعيض ، فقوله : ( مِنْكُمْ ) ، يدلّ على أنّ المراد بهذا الخطاب : بعضهم.

وعن الثاني : إنّ الاستخلاف بالمعنى الذي ذكرتموه حاصل لجميع الخلق ، فالمذكور هنا في معرض البشارة لا بدّ أن يكون مغايرا له.

وأمّا قوله : ( كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) ، فالّذين كانوا قبلهم خلفاء تارة بسبب النبوّة ، وتارة بسبب الإمامة ، والخلافة حاصلة بالصورتين.

وعن الثالث : إنّه وإن كان من مذهبنا أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يستخلف أحدا بالتعيين ، ولكنّه قد استخلف بذكر الوصف والأمر بالاختيار ، فلا يمتنع في هؤلاء الأئمّة الأربعة أنّه تعالى يستخلفهم ، وأنّ الرسول استخلفهم.

وعلى هذا الوجه قالوا في أبي بكر : يا خليفة رسول الله!

فالذي قيل : إنّه عليه‌السلام لم يستخلف ؛ أريد به على وجه التعيين ؛ وإذا قيل : استخلف ؛ فالمراد على طريقة الوصف والأمر.

وعن الرابع : إنّ حمل لفظ الجمع على الواحد مجاز ، وهو خلاف الأصل.

وعن الخامس : إنّه باطل لوجهين :

أحدهما : قوله تعالى : ( مِنْكُمْ ) يدلّ على أنّ هذا الخطاب كان مع الحاضرين ، وهؤلاء الأئمّة ما كانوا حاضرين.

الثاني : إنّه تعالى وعدهم القوّة والشوكة والنفاذ في العالم ، ولم يوجد ذلك فيهم.

فثبت بهذا صحّة إمامة الأئمّة الأربعة ، وبطل قول الرافضة الطاعنين

٣٨٣

على أبي بكر وعمر وعثمان ، وبطلان قول الخوارج الطاعنين على عثمان وعليّ ».

انتهى كلام الرازي (١).

وأقول :

الكلام معه في هذه الآية الكريمة إنّما هو بالنظر إلى ما يستفاد من ظاهرها ، بلا نظر إلى ما ورد في تفسيرها ، فإنّها ـ عليه ـ نازلة في أمير المؤمنين عليه‌السلام كما عرفته في رواياتهم ، أو في الحجّة المنتظر ، كما ورد في أخبارنا (٢) ، ويمكن الجمع بين الأخبار بإرادة الاستخلاف لهما معا.

وعليه : فبالنظر إلى ظاهرها يرد على كلامه أمور :

الأوّل : إنّ قوله : « إنّ المراد بهذا الوعد بعد الرسول هؤلاء ؛ لأنّ استخلاف غيره لا يكون إلّا بعده ... » إلى آخره ..

غير متّجه ؛ لأنّ المراد بقوله تعالى : ( لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ ) بحسب ظاهره هو الاستخلاف عمّن قبلهم من الأمم لا عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فيمكن أن يراد استخلاف المؤمنين ، وتمكينهم من الدين وتبديل خوفهم أمنا في زمن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

ولو سلّم أنّ المراد الاستخلاف عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلا يتّجه حمله على الاستخلاف في أيّام الثلاثة ؛ إذ لم يحصل لهم التمكين من الدين الذي ارتضاه الله تعالى وأكمله ؛ لجهلهم بكثير منه.

__________________

(١) تفسير الفخر الرازي ٢٤ / ٢٦ و ٢٧.

(٢) الغيبة ـ للنعماني ـ : ٢٤٧ ح ٣٥ ، الغيبة ـ للطوسي ـ : ١٧٧ ذ ح ١٣٣ ، مجمع البيان ٧ / ٢٣٨ ؛ وانظر : ينابيع المودّة ٣ / ٢٤٥ ح ٣١ ـ ٣٣.

٣٨٤

بل قد يقال : إنّ ظاهر الآية لا يلائم الحمل على الاستخلاف في أيّام النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفي أيّام الثلاثة وأيّام أمير المؤمنين عليه‌السلام ؛ لظهور الآية في وقوع الاستخلاف في الأرض كلّها ، أو أكثرها ، فينبغي حمله على الاستخلاف أيّام الحجّة المنتظر عجّل الله فرجه.

الثاني : إنّ قوله : « ولم يحصل ذلك في أيّام عليّ ... » إلى آخره ..

مناف لما زعمه في صدر كلامه من دلالة الآية على خلافة الأربعة جميعا!

على أنّ تعليله له بقوله : « لأنّه لم يتفرّغ لجهاد الكفّار » عليل ؛ إذ لم تشترط الآية في حصول الاستخلاف أن يكون بجهاد المستخلف نفسه للكفّار.

ولعلّه أشار بقوله : « لاشتغاله بمحاربة من خالفه من أهل الصلاة » إلى الطعن في حرب أمير المؤمنين بأنّه حارب المصلّين ، أو إلى تفضيل حرب من سبقه على حربه ؛ لأنّهم حاربوا الكفّار وهو حارب أهل الصلاة ، وكأنّه لم يعلم بما رواه أصحابه من أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « إنّ منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله ».

فقام إليه أبو بكر ، ثمّ عمر ، وقال كلّ منهما : أنا هو؟

فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « لا ، ولكنّه خاصف النعل ـ يعني عليّا ـ » (١)

فإنّه دالّ على أنّ حرب عليّ عليه‌السلام ـ كحربه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ مأمور به من الله سبحانه دون حرب الرجلين ، فلم يحارب أمير المؤمنين عليه‌السلام إلّا مهدور

__________________

(١) مسند أحمد ٣ / ٨٢ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٣٢ ح ٤٦٢١ ، مجمع الزوائد ٥ / ١٨٦ ، وانظر : الصفحة ٨٥ وما بعدها من هذا الجزء.

٣٨٥

الدم ، ومن لا تقبل صلاته ، ولم يحارب الرجلان حربا مشروعا واقعا على تنزيل القرآن أو تأويله ، فإنّهما عزلا من له المنصب والحرب الإلهيّة ، وحاربا بلا أمر منه ، فكانا كمن عزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحارب باستقلاله.

الثالث : إنّ جوابه عن الإشكال الثالث بدعوى ثبوت الاستخلاف بالوصف والأمر ، غير صحيح ؛ لأنّا لو لم نقل بالنصّ على أمير المؤمنين عليه‌السلام فلا دليل على الاستخلاف أصلا ، لا بالتعيين ولا بالوصف ، كما هو ظاهر ..

ولا بالأمر بالاختيار ؛ إذ غاية ما استدلّوا به على الأمر بالاختيار هو الإجماع ، وقد أوضحنا لك كذبه في أوائل مباحث الإمامة (١).

وقوله : « وعلى هذا الوجه قالوا في أبي بكر : يا خليفة رسول الله »!! تخمين محض ، وفرية (٢) أخرى ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى في أوّل مآخذ أبي بكر.

الرابع : إنّ دعواه ـ في الجواب عن الرابع ـ مجازية حمل الجمع على الفرد مسلّمة ، لكن لا بدّ من المصير إلى هذا المجاز ؛ لقيام القرينة عليه ، كالرواية التي سمعتها ، الدالّة على النزول بأمير المؤمنين ، وكنسبة الاستخلاف إلى الله لا إلى الناس ، وكالقرينة العقليّة المانعة من النزول في الثلاثة ، كعدم تمكينهم من الدين ونحوه.

الخامس : إنّ ما ذكره من الوجهين لإبطال الخامس ليس في محلّه ..

أمّا الوجه الأوّل ؛ فلصحّة خطاب الجمع بحضور البعض ، تغليبا

__________________

(١) انظر : ج ٤ / ٢٤٨ وما بعدها.

(٢) الفرية : الكذب أو الافتراء ، وافتراه : اختلقه ؛ انظر : لسان العرب ١٠ / ٢٥٦ مادّة « فرا ».

٣٨٦

للحاضرين على الغائبين ، فلا يكون عدم حضور أئمّتنا الاثني عشر مانعا من الوعد لهم ، لا سيّما وقد حضر عظماؤهم ، وهم أمير المؤمنين والحسنان عليهم‌السلام.

وأمّا الثاني ؛ فلأنّ الوعد للأئمّة بالقوّة (١) لا يتوقّف على ثبوتها لكلّ فرد منهم ، بل يكفي ثبوتها لبعضهم ، كأمير المؤمنين والإمام المنتظر ؛ لأنّ قوّة البعض قوّة للجميع ، على أنّ القوّة حاصلة لكلّ منهم في الرجعة كما جاءت به أخبارنا (٢).

واعلم ، أنّ الآية التي نحن فيها وما قبلها وما بعدها من الآيات مرتبطة ظاهرا بعموم المسلمين الحاضرين حال الخطاب ، ولكنّه تعالى خصّ الوعد ببعضهم ، وهم الّذين وصفهم الله سبحانه بالّذين آمنوا وعملوا الصالحات ، فينبغي أن يكون غير هذا البعض غير موصوفين بهذا الوصف ؛ إمّا لعدم عملهم بالصالحات ، أو لكونهم غير مؤمنين ، أي غير كاملي الإيمان ، أو غير ثابتي الإيمان ، لا أنّهم غير مسلمين ولا مؤمنين أصلا ؛

__________________

(١) يقسم الوجود المطلق إلى : ما وجوده بالفعل ، وإلى ما يقابله ، وهو ما وجوده بالقوّة ..

والأوّل : وجود الشيء في الأعيان بحيث يترتّب عليه آثاره المطلوبة منه.

والثاني : إمكان وجود الشيء في الأعيان قبل تحقّقه ، وهو ليس جوهرا قائما بذاته ، بل هو عرض قائم بموضوع ـ مادّة ـ يحمل قوّة وجوده ، وغير ممتنع عن الاتّحاد بالفعلية التي تحمل إمكانها ، كالاستعداد الموجود في البذرة لأن تكون شجرة أو ثمرة ، والنطفة التي هي قوّة بالنسبة للإنسان الذي هو فعل ، فكلّ قوّة تتقوّم بفعلية ، ومادّتها واحدة وإن اختلفت الصور.

انظر : شرح تجريد الاعتقاد : ٤٨ ، نهاية الحكمة : ١٩٦ ـ ٢٠٠.

(٢) انظر : المسائل السروية : ٣٢ ، رسائل الشريف المرتضى ١ / ١٢٥ ـ ١٢٦ المسألة الثامنة.

٣٨٧

لفرض تعلّق الآيات بالمسلمين.

فالبعض الموعود بالاستخلاف ممتاز ، إمّا بعمل الصالحات ، أو كمال الإيمان ، أو ثباته ، وما هو إلّا أمير المؤمنين وأبناؤه الأطهار المعصومون ؛ لأنّ الخلفاء الثلاثة ـ فضلا عن غيرهم ـ ليسوا كذلك ؛ ولو لفرارهم من الزحف (١) ، وتخلّفهم عن جيش أسامة (٢) ، وشكّ عمر يوم الحديبية (٣) ، إلى كثير ممّا صدر عنهم ، ممّا ينافي كمال الإيمان وعمل الصالحات.

هذا ، وأمّا قول الفضل : « وليس كلّ ما ذكر متواترا عند أهل السنّة » ..

فمسلّم إذا أراد التواتر لفظا ، وأمّا معنى ـ بلحاظ الإمامة ـ ، فممنوع ؛ لأنّ كلّ واحد ممّا ذكر مفيد لإمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فإمامته متواترة معنى كما تواترت شجاعته.

بل قد يدّعى تواتر بعض ما ذكر بخصوصه ، معنى أو لفظا ، ولا سيّما مع ضمّ أخبارنا إلى أخبارهم!

* * *

__________________

(١) راجع الصفحة ٥٧ ه‍ ١ من هذا الجزء.

(٢) راجع الصفحة ٢١٣ ه‍ ١ من هذا الجزء.

(٣) راجع الصفحة ٢١٤ ذيل الهامش ٥ الفقرة ٥ ، من هذا الجزء.

٣٨٨

خاتمة

قد عثرنا في أثناء الكلام في الآيات على آيات أخر ذكرها القوم مضافا إلى ما سبق من الآيات التي ذكرها المصنّف رحمه‌الله.

فمنها : ما سبق في بيان الآية الثانية ؛ وهو قوله تعالى : ( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ) (١).

ومنها : ما سبق في الآية الرابعة ؛ وهو قوله تعالى : ( وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً ) (٢).

ومنها : ما سبق في أثناء بيان الآية الثامنة والخمسين ؛ وهو قوله تعالى : ( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ ) (٣).

ومنها : ما تقدّم في الآية الثامنة والسبعين ؛ وهو قوله تعالى : ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ ) (٤).

وقد أحببت أن أذكر أيضا ممّا عثرت عليه ما به تمام مئة ، وهو اثنتا عشرة آية :

__________________

(١) سورة المعارج ٧٠ : ١ ؛ وانظر : ج ٤ / ٣٣٨ ـ ٣٣٩ من هذا الكتاب ..

(٢) سورة الشورى ٤٢ : ٢٣ ؛ وانظر : ج ٤ / ٣٨٥ ـ ٣٨٧ من هذا الكتاب.

(٣) سورة النمل ٢٧ : ٨٩ ؛ وانظر الصفحة ٢٦٩ من هذا الجزء.

(٤) سورة النور ٢٤ : ٣٦ ؛ وانظر الصفحة ٣٤٦ من هذا الجزء.

٣٨٩

الأولى : قوله تعالى من سورة آل عمران : ١٠٣ :

( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ) (١).

قال ابن حجر في « الصواعق » عند كلامه في هذه الآية ؛ وهي الآية الخامسة من الآيات النازلة في أهل البيت :

أخرج الثعلبي في تفسيرها عن جعفر الصادق ، أنّه قال : « نحن حبل الله الذي قال : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا )» (٢).

ومثله في « ينابيع المودّة » عن الثعلبي (٣) ، وزاد عن « المناقب » : عن ابن عبّاس ، قال : « كنّا عند النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ جاء أعرابيّ فقال : يا رسول الله! سمعتك تقول : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ )، فما حبل الله الذي نعتصم به؟

فضرب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يده في يد عليّ عليه‌السلام وقال : تمسّكوا بهذا ، هو حبل الله المتين » (٤).

والمراد بحبل الله : السبب الواصل بين الله سبحانه وعباده ، وبالاعتصام به : اتّباعه والتمسّك به ، وبعدم التفرّق عنه : عدم مخالفة أحد له ؛ وهذا معنى اتّخاذ الأمّة له إماما.

ويؤيّده حديث الثقلين (٥) ..

__________________

(١) سورة آل عمران ٣ : ١٠٣.

(٢) الصواعق المحرقة : ٢٣٣.

(٣) ينابيع المودّة ١ / ٣٥٦ ح ١٠ ؛ وانظر : شواهد التنزيل ١ / ١٣٠ ـ ١٣١ ح ١٧٨ و ١٨٠ ، جواهر العقدين : ٢٤٥ ، رشفة الصادي : ٥٦.

(٤) ينابيع المودّة ١ / ٣٥٦ ـ ٣٥٧ ح ١١ ؛ وانظر : شواهد التنزيل ١ / ١٣١ ح ١٨٠.

(٥) سيأتي تمام الحديث وتخريجه في محلّه من الجزء السادس.

٣٩٠

وما رواه الحاكم وصحّحه (١) ، عن ابن عبّاس ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق ، وأهل بيتي أمان لأمّتي من الاختلاف ، فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس » (٢).

والظاهر : أنّ المراد بكونهم أمانا من الاختلاف ؛ أنّهم بالنصّ عليهم يرتفع الخلاف في الإمامة ؛ لتعيين الإمام من الله تعالى ، وعدم إرجاع أمر الإمامة إلى اختيار الناس حتّى يحصل بسببه الاختلاف.

* * *

__________________

(١) ص : ١٤٩ من الجزء الثالث منه قدس‌سره.

(٢) المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٦٢ ح ٤٧١٥.

٣٩١

الثانية : قوله تعالى من سورة طه : ٨٢ :

( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً

ثُمَّ اهْتَدى ) (١).

ففي « الصواعق » عند الكلام في هذه الآية ، وهي الآية الثامنة من الآيات النازلة في أهل البيت ، قال :

قال ثابت البناني : اهتدى إلى ولاية أهل بيت نبيّه ، وجاء ذلك عن أبي جعفر الباقر (٢).

وفي « ينابيع المودّة » ، عن أبي نعيم ، بسنده عن عليّ عليه‌السلام ، قال في هذه الآية : اهتدى إلى ولايتنا (٣).

ثمّ نقل في « الينابيع » نحو هذا كثيرا (٤).

والمراد بالولاية : الإمامة ؛ لأنّها هي التي تعتبر في الغفران ، ويناسب تعلّق الهداية بها ، ولو سلّم أنّ المراد بالولاية : المحبّة ، فهو دليل على فضلهم على الأمّة ؛ إذ لا تعتبر محبّة غيرهم في الغفران ، والأفضلية تقتضي الإمامة.

__________________

(١) سورة طه ٢٠ : ٨٢.

(٢) الصواعق المحرقة : ٢٣٥ ؛ وانظر : شواهد التنزيل ١ / ٣٧٦ ح ٥٢٠ ، جواهر العقدين : ٣٣٥ ، رشفة الصادي : ٦٢.

(٣) ينابيع المودّة ١ / ٣٢٩ ح ١ ، وانظر : ما نزل من القرآن في علي ـ لأبي نعيم ـ : ١٤٢.

(٤) ينابيع المودّة ١ / ٣٢٩ و ٣٣٠ ح ٢ و ٣ ؛ وانظر : شواهد التنزيل ١ / ٣٧٥ ـ ٣٧٦ ح ٥١٨ و ٥٢١.

٣٩٢

وإنّما عطف سبحانه الهداية ب‍ ( ثمّ ) ، مع أنّه قد عطف ما قبلها بالواو ، للنظر إليها بعين الاستقلال الدالّ على تميّزها والاهتمام بها ، لا لانحطاط رتبتها عمّا قبلها ، ضرورة أنّ الاهتداء إلى الإمامة أو محبّتهم خير الأعمال الصالحة ، ومن لم يوالهم فهو منافق.

* * *

٣٩٣

الثالثة : قوله تعالى من سورة الزمر : ٢٢ :

( أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ

فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ

فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ

أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) (١).

قال الواحدي في « أسباب النزول » : « نزلت في حمزة وعليّ وأبي لهب وولده ؛ فعليّ وحمزة ممّن شرح الله صدره للإسلام ، وأبو لهب وأولاده الّذين قست قلوبهم عن ذكر الله » (٢).

فقد شهد الله سبحانه بأنّه قد شرح صدر عليّ وحمزة للإسلام ، وأنّهما على نور من ربّهما.

ولا شكّ أنّ من هو كذلك يلتزم بكلّ أحكام الإسلام أصولا وفروعا ، فيكون معصوما أو بحكمه ، وأفضل الأمّة.

ولا ريب أنّ عليّا عليه‌السلام أكمل في ذلك من حمزة ، فيكون إمام الأمّة.

* * *

__________________

(١) سورة الزمر ٣٩ : ٢٢.

(٢) أسباب النزول : ٢٠٥ ؛ وراجع : زاد المسير ٧ / ٤٨ ، تفسير القرطبي ١٥ / ١٦١ ، الرياض النضرة ٣ / ١٧٩ ، ذخائر العقبى : ١٥٩ ، تفسير البيضاوي ٢ / ٣٢٣ ، تفسير الخازن ٤ / ٥٣ ، ينابيع المودّة ٢ / ١٧٧ ح ٥٠٤.

٣٩٤

الرابعة : قوله تعالى من سورة الحجّ : ١٩ :

( هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ

فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ ) (١)

إلى قوله تعالى : ٢٣ [ و ٢٤ ] :

( إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ

جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ

يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً

وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ *

وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ

وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ ) (٢).

روى الحاكم في تفسير سورة الحجّ من « المستدرك » (٣) ، عن قيس ابن عبّاد ، قال : سمعت أبا ذرّ يقسم لنزلت هذه الآية في هؤلاء الرهط

__________________

(١) سورة الحجّ ٢٢ : ١٩.

(٢) سورة الحجّ ٢٢ : ٢٣ و ٢٤.

(٣) ص ٣٨٦ من الجزء الثاني [ ٢ / ٤١٩ ح ٣٤٥٥ ]. منه قدس‌سره.

وانظر : مسند الطيالسي : ٦٥ ح ٤٨١ ، الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٣ / ١٢ ، مسند البزّار ٢ / ٢٩١ ـ ٢٩٢ ح ٧١٥ ، المعجم الكبير ٣ / ١٤٩ ح ٢٩٥٤ ، تفسير النسائي ٢ / ٨٤ ـ ٨٥ ح ٣٦١ ـ ٣٦٢ ، مشكل الآثار ٢ / ١٨٥ ـ ١٨٦ ح ١٨٠٢ ـ ١٨٠٦ ، العلل ـ للدارقطني ـ : السؤال رقم ٤٥٢ ، تفسير الثعلبي ٧ / ١٣ ، تلخيص المتشابه في الرسم ١ / ١٧٧ رقم ٢٧٨ ، شواهد التنزيل ١ / ٣٨٦ ـ ٣٨٩ ح ٥٣٢ ـ ٥٤٠ ، أسباب النزول : ١٧٢.

٣٩٥

الستّة في يوم بدر : عليّ ، وحمزة ، وعبيدة ، وعتبة ، وشيبة ، والوليد ، ( هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ) ، إلى قوله تعالى : ( نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ ) (١).

وقال السيوطي في « الدرّ المنثور » : أخرج عبد بن حميد ، عن لاحق ابن حميد ، قال : نزلت هذه الآية يوم بدر : ( هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ ... ) في عتبة وشيبة والوليد.

ونزلت : ( إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ) إلى قوله : ( وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ ) في عليّ وحمزة وعبيدة (٢).

وقال السيوطي أيضا : أخرج سعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، والبخاري ، ومسلم ، والترمذي ، وابن ماجة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والبيهقي في « الدلائل » ، عن أبي ذرّ ، أنّه كان يقسم قسما أنّ هذه الآية : ( هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ) إلى قوله : ( إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ ) (٣) نزلت في الثلاثة الّذين تبارزوا يوم بدر ، وهم : حمزة ، وعبيدة ، وعليّ ، وعتبة ، وشيبة ، والوليد.

قال عليّ : أنا أوّل من يجثو للخصومة على ركبتيه بين يدي الله يوم القيامة (٤).

__________________

(١) سورة الحجّ ٢٢ : ٢٥.

(٢) الدرّ المنثور ٦ / ٢٠.

(٣) سورة الحجّ ٢٢ : ١٤.

(٤) الدرّ المنثور ٦ / ١٨ و ١٩ ؛ وانظر ، صحيح البخاري ٥ / ١٨٣ ح ١٨ ـ ٢١ وج ـ

٣٩٦

أقول :

جعله لنهاية هذه الآيات قوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ ) خطأ ، بل هو نهاية لآية أخرى قبل الآيات المذكورة ، وهي قوله : ( إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ ) (١).

فلعلّ بعض من نقل عنهم السيوطي قد ذكر نزول هذه الآية أيضا في عليّ وحمزة وعبيدة ، فغفل عن البيان.

وقال السيوطي أيضا : أخرج ابن أبي شيبة والبخاري والنسائي وابن جرير والبيهقي ، من طريق قيس بن عبّاد ، عن عليّ عليه‌السلام ، قال : أنا أوّل من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة.

قال قيس : فيهم نزلت : ( هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ) قال : هم الّذين بارزوا يوم بدر : عليّ ، وحمزة ، وعبيدة ، وشيبة ، وعتبة ، والوليد (٢).

__________________

ـ ٦ / ١٨١ ح ٢٦٤ ، صحيح مسلم ٨ / ٢٤٦ ، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٥ / ٥٠ ح ٨١٧٢ وج ٦ / ٤١٠ ح ١١٣٤١ ، سنن ابن ماجة ٢ / ٩٤٦ ح ٢٨٣٥ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٨ / ٤٧٤ ح ٣١ ، تفسير الطبري ٩ / ١٢٣ ح ٢٤٩٧٨ ـ ٢٤٩٨٠ ، دلائل النبوّة ٣ / ٧٢ ـ ٧٣ ، كشف الغمّة ١ / ٣٢٥ عن ابن مردويه.

(١) سورة الحجّ ٢٢ : ١٤.

(٢) الدرّ المنثور ٦ / ١٩ ؛ وانظر : صحيح البخاري ٥ / ١٨٣ ح ١٧ وج ٦ / ١٨١ ح ٢٦٥ ، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٦ / ٤١٠ ح ١١٣٤٢ وح ١١٣٤١ عن أبي ذرّ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٨ / ٤٨٠ ح ٥٨ ، تفسير الطبري ٩ / ١٢٣ ح ٢٤٩٧٨ و ٢٤٩٧٩ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٣ / ٢٧٦ ، دلائل النبوّة ٣ / ٧٣.

٣٩٧

ودلالة الآيات على المطلوب ظاهرة ، لبشارتها لعليّ بالجنّة مع علمه بذلك ؛ لأنّ عنده علم الكتاب (١) ، وهو قرين له.

وقد مرّ مرارا دلالة مثل ذلك على إمامته عليه‌السلام ، كما أوضحناه في الآية الثانية والثلاثين (٢).

* * *

__________________

(١) انظر الصفحات ١١٥ و ١١٧ ـ ١١٩ من هذا الجزء.

(٢) انظر الصفحة ١٤٤ من هذا الجزء.

٣٩٨

الخامسة : قوله تعالى في سورة القصص : ٦١ :

( أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ

كَمَنْ مَتَّعْناهُ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا

ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ) (١).

روى الواحدي في « أسباب النزول » ، عن مجاهد ، قال : نزلت في عليّ وحمزة عليهما‌السلام وأبي جهل لعنه الله (٢).

وهي كالآية التي قبلها في الدلالة على المدّعى ، وكذا الآية الآتية.

* * *

__________________

(١) سورة القصص ٢٨ : ٦١.

(٢) أسباب النزول : ١٨٩ ؛ وانظر : تفسير الطبري ١٠ / ٩٢ ـ ٩٣ ح ٢٧٥٤٦ ـ ٢٧٥٤٨ ، تفسير الثعلبي ٧ / ٢٥٧ ، شواهد التنزيل ١ / ٤٣٦ ـ ٤٣٧ ح ٥٩٩ ـ ٦٠١ ، تفسير القرطبي ١٣ / ٢٠٠ ، ذخائر العقبى : ١٥٩ ، الرياض النضرة ٣ / ١٧٩ ، فرائد السمطين ١ / ٣٦٤ ح ٢٩١.

٣٩٩

السادسة : وهي قوله تعالى في آخر سورة المجادلة :

( أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ

وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ

تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ) (١).

قال في « الكشّاف » : نزلت في عليّ وحمزة وعبيدة بن الحارث ، قتلوا عتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة يوم بدر (٢).

ولا يلزم من الدلالة المذكورة في هذه الآية والتي قبلها إمامة حمزة وعبيدة ؛ لعدم علمهما بالنزول فيهم بخلاف أمير المؤمنين عليه‌السلام ، مع أنّهما مفضولان له ، ولا تجوز إمامة المفضول مع وجود الفاضل.

مضافا إلى موتهما قبل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلا مورد لإمامتهما حتّى لو قلنا بإمكانها.

* * *

__________________

(١) سورة المجادلة ٥٨ : ٢٢.

(٢) الكشّاف ٤ / ٧٩ ؛ وانظر : تفسير الثعلبي ٩ / ٢٦٥ ، شواهد التنزيل ٢ / ٢٤٥ ح ٩٦٨.

٤٠٠