دلائل الصدق لنهج الحق - ج ٥

الشيخ محمد حسن المظفر

دلائل الصدق لنهج الحق - ج ٥

المؤلف:

الشيخ محمد حسن المظفر


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-358-6
الصفحات: ٤٢٦

٧٧ ـ آية : ( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ )

قال المصنّف ـ نوّر الله ضريحه ـ (١) :

السابعة والسبعون : ( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ ) (٢).

قال الباقر عليه‌السلام : نحن الناس (٣).

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ٢٠٧.

(٢) سورة النساء ٤ : ٥٤.

(٣) مناقب الإمام عليّ عليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ٢٣٤ ح ٣١٤ ، وانظر : شواهد التنزيل ١ / ١٤٣ ـ ١٤٥ ح ١٩٥ ـ ١٩٨ ، وفي الحديث ١٩٥ : عن جعفر بن محمّد عليه‌السلام ، قال : « نحن المحسودون » ؛ وفي حديث آخر ، عنه عليه‌السلام ، قال : « نحن والله هم ، نحن والله المحسودون » ، ثمّ ذكر الحمويني أبيات خزيمة بن ثابت التالية :

رأوا نعمة لله ليست عليهم

عليك وفضلا بارعا لا تنازعه

من الدين والدنيا جميعا لك المنى

وفوق المنى أخلاقه وطبايعه

فعضّوا من الغيظ الطويل أكفّهم

عليك ومن لم يرض فالله خادعه

وانظر أيضا : جواهر العقدين : ٢٤٥ ، رشفة الصادي : ٦٣.

٣٤١

وقال الفضل (١) :

هذا أيضا إن صحّ فهو من الفضائل ، ولا ثبوت للمدّعى.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٣ / ٤٥٨.

٣٤٢

وأقول :

قال ابن حجر في « الصواعق » (١) : أخرج أبو الحسن المغازلي ، عن الباقر عليه‌السلام ، أنّه قال في هذه الآية : « نحن الناس والله » (٢).

ونحوه في « ينابيع المودّة » (٣).

وزاد رواية أخرى عن ابن المغازلي ، عن ابن عبّاس ، قال : « هذه الآية في النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفي عليّ عليه‌السلام » (٤).

ووجه الدلالة على المطلوب ظاهر ؛ فإنّ المراد ب‍ : ( ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ ) هو العلم والهدى والفهم والحكمة ، ونحوها من الصفات والفضائل التي هي شأن محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليّ عليه‌السلام ، لا أمور الدنيا الدنيّة.

ومن المعلوم : أنّ إيتاء هذا الفضل لعليّ عليه‌السلام الذي حسده الناس عليه يستدعي الأفضليّة والإمامة ، وإلّا لما حسدوه عليه.

كما أنّ مشاركته عليه‌السلام للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الفضل ـ على الرواية الثانية ـ ، دليل على أنّ فضله من نوع فضل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فيكون الأفضل والأحقّ بخلافته.

__________________

(١) في الآية السادسة من الآيات الواردة في أهل البيت ، وهي هذه الآية [ الصواعق المحرقة : ٢٣٣ ]. منه قدس‌سره.

(٢) وانظر : مناقب الإمام عليّ عليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ٢٣٤ ح ٣١٤.

(٣) في الباب ٣٩ [ ١ / ٣٦٢ ح ٣٠ ]. منه قدس‌سره.

وانظر : ينابيع المودّة ٢ / ٣٦٩ ح ٥٢.

(٤) ينابيع المودّة ١ / ٣٦٢ ح ٢٩.

٣٤٣

٧٨ ـ آية : ( كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ )

قال المصنّف ـ رفع الله درجته ـ (١) :

الثامنة والسبعون : ( كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ ) (٢).

عن الحسن البصري ، قال : « المشكاة : فاطمة ، والمصباح : الحسن والحسين.

و ( الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ ) ، قال : كانت فاطمة كوكبا درّيّا بين نساء العالمين.

( يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ ) ، قال : الشجرة المباركة : إبراهيم.

( لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ ) ، لا يهوديّة ولا نصرانيّة.

( يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ ) ، قال : يكاد العلم ينطف (٣) منها.

( وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ ) ، قال فيها : إمام بعد إمام.

( يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ ) (٤) ، قال : يهدي الله لولائهم (٥) من يشاء » (٦).

__________________

(١) نهج الحقّ : ٢٠٧.

(٢) سورة النور ٢٤ : ٣٥.

(٣) ينطف : يقطر ؛ انظر : لسان العرب ١٤ / ١٨٨ مادّة « نطف ».

(٤) سورة النور ٢٤ : ٣٥.

(٥) في المصدر : « لولايتنا ».

(٦) مناقب الإمام عليّ عليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ٢٦٣ ـ ٢٦٤ ح ٣٦١ ، جواهر العقدين : ٢٤٤ ، رشفة الصادي : ٦٤.

٣٤٤

وقال الفضل (١) :

ليس هذا من تفاسير أهل السنّة ، وإن صحّ فدلّ على فضائل أهل بيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو متّفق عليه ، ولو ذكر أضعاف هذا فلا ينازع منازع.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٣ / ٤٥٩.

٣٤٥

وأقول :

هذا من روايات ابن المغازلي على ما حكاه السيّد السعيد عنه (١).

ويشهد لصحّته ما نقله السيوطي في « الدرّ المنثور » ، في تفسير ما بعد هذه الآية ، وهو قوله تعالى : ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ ) (٢) ، عن ابن مردويه ، أنّه أخرج عن أنس بن مالك وبريدة ، قال :

قرأ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هذه الآية : ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ ).

فقام إليه رجل ، فقال : أيّ بيوت هذه يا رسول الله؟

قال : بيوت الأنبياء.

فقام إليه أبو بكر ، فقال : يا رسول الله! هذا البيت منها؟ ـ لبيت عليّ وفاطمة ـ.

قال : نعم ، من أفاضلها » (٣).

ونقل المصنّف رحمه‌الله نحوه في « منهاج الكرامة » ، عن الثعلبي ، عن أنس وبريدة (٤)

فإنّ قوله تعالى : ( فِي بُيُوتٍ ) مرتبط بقوله : ( كَمِشْكاةٍ ) كما هو

__________________

(١) إحقاق الحقّ ٣ / ٤٦٠ ؛ وانظر : مناقب الإمام عليّ عليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ٢٦٣ ـ ٢٦٤ ح ٣٦١.

(٢) سورة النور ٢٤ : ٣٦.

(٣) الدرّ المنثور ٦ / ٢٠٣ ، وانظر : شواهد التنزيل ١ / ٤٠٩ ـ ٤١٠ ح ٥٦٦ ـ ٥٦٨ عن أبي برزة وأنس وبريدة ، مجمع البيان ٧ / ٢٢٦.

(٤) منهاج الكرامة : ١٢١ ، وانظر : تفسير الثعلبي ٧ / ١٠٧.

٣٤٦

الظاهر ، ووافق عليه الأكثر (١).

ومن المعلوم أنّ تقييد « المشكاة » بكونها في بيوت الأنبياء ، لا دخل له بظاهر الآية من إرادة تعظيم المشكاة بزيادة النور الظاهري ، فينبغي أن يراد بالمشكاة : فاطمة ، كما في رواية ابن المغازلي ؛ ليكون التقييد بكونها في بيوت الأنبياء مفيدا ، لزيادة تعظيمها ونورها المعنوي.

فيكون حاصل المعنى : أنّ مثل نوره تعالى كفاطمة العالمة ، المنيرة بمصباح نور الحسن والحسين ، المتضاعف نورها بأنوار الأئمّة من ولدها.

وهذا أدلّ دليل على إمامة عليّ وولده الأطهار ؛ فإنّه ذكر أنّ من فاطمة عليها‌السلام الأئمّة ، إماما بعد إمام.

ولا ريب ـ على القول بإمامتهم ـ أنّ إمامتهم فرع إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فتثبت إمامته ، كما هو المطلوب.

مضافا إلى أنّ الله سبحانه أظهر لفاطمة وولدها ـ بضرب المثل بهم لنوره ـ فضلا لا يوازى ، وفخرا لا يماثل.

ولا شكّ أنّ فضلهم من فضل عليّ عليه‌السلام ودونه ، فيكون أفضل الأمّة ، والأفضل هو الإمام.

هذا ، وقد روي عندنا ، عن إمامنا أبي جعفر الباقر عليه‌السلام ما هو أظهر في المطلوب ، وأقرب إلى معنى الآية ..

قال عليه‌السلام ما حاصله : إنّ ( كَمِشْكاةٍ ) : صدر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ..

و ( الْمِصْباحُ ) : نور علمه ..

و ( الزُّجاجَةُ ) : صدر أمير المؤمنين عليه‌السلام ..

__________________

(١) انظر : الكشّاف ٣ / ٦٨ ، زاد المسير ٥ / ٣٨٥ ، تفسير الفخر الرازي ٢٤ / ٣.

٣٤٧

( يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ ) ، أي : من نور علم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ لأنّ علمه صار إلى عليّ عليه‌السلام ..

( لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ ) : لا يهودية ولا نصرانية ..

( يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ ) ، قال : يكاد العالم من آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتكلّم قبل أن يسأل ..

( نُورٌ عَلى نُورٍ ) ، أي : إمام مؤيّد بنور العلم والحكمة في إثر إمام من آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١).

* * *

__________________

(١) انظر : التوحيد ـ للصدوق ـ : ١٥٨ ح ٤ ، مجمع البيان ٧ / ٢٢٥.

٣٤٨

٧٩ ـ آية : ( وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ )

قال المصنّف ـ طاب ثراه ـ (١) :

التاسعة والسبعون : ( وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً ) (٢).

قال ابن عبّاس : لا تقتلوا أهل بيت نبيّكم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣).

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ٢٠٨.

(٢) سورة النساء ٤ : ٢٩.

(٣) انظر : مناقب الإمام عليّ عليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ٢٦٤ ح ٣٦٢ ، شواهد التنزيل ١ / ١٤١ ـ ١٤٢ ح ١٩٣ و ١٩٤.

٣٤٩

وقال الفضل (١) :

ليس هذا من تفاسير أهل السنّة ؛ وترك قتال أهل بيت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هل يحتاج إلى الاستدلال بالنصّ ، وهو على إقامة الدليل على إثبات نصّ الإمامة ، ويستدلّ بالقرآن على عدم جواز قتلهم؟!

وهذا من غرائب أطواره في البحث!

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٣ / ٤٦١.

٣٥٠

وأقول :

النظر في الاستدلال إنّما هو إلى جعل قتل الناس لهم كقتل الناس لأنفسهم ؛ لأنّ حسم مادّة الفتن وحفظ الأنفس على الوجه الشرعي موقوف على أئمّة معصومين ، فتكون الآية دليلا على إمامتهم وعصمتهم.

ويعضدها قوله تعالى في الآية الستّين : ( إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ ) (١) ، أي : دعاكم إلى ولاية عليّ عليه‌السلام.

فالمراد بالأنفس في الآية معناها الحقيقي ، ولكن كنّى بالنهي عن قتلها عن النهي عن قتل أهل البيت عليهم‌السلام ؛ لتوقّف حفظ النفوس عليهم.

ويحتمل أن يكون تجوّزا في نسبة القتل إلى الأنفس عن نسبته إلى أهل البيت عليهم‌السلام.

كما يحتمل أن يراد التجوّز في المفرد ، بأن يكون قد أطلق الأنفس على أهل البيت مجازا ؛ إشارة إلى أنّهم بمنزلة الأنفس في وجوب حفظها ورعايتها على الناس كلّهم ؛ لأنّ حياتهم حياة الأنفس من كلّ وجه ..

أمّا في الآخرة ؛ فلأنّهم الهداة ، وبهم النجاة .. وأمّا في الدنيا ؛ فلحفظ النفوس بهم ، وبهم السعادة والبركات ؛ ولذا قال سلمان الفارسي رضي‌الله‌عنه : « لو أطعتم عليّا لأكلتم من فوق رؤوسكم ومن تحت أرجلكم » (٢).

ويحتمل أن يكون تجوّزا في المفرد ، على أن يراد بالأنفس : أهل

__________________

(١) سورة الأنفال ٨ : ٢٤ ؛ وانظر الصفحة ٢٧٦ من هذا الجزء.

(٢) انظر : أنساب الأشراف ٢ / ٢٧٤ ، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ٦ / ٤٣.

٣٥١

البيت عليهم‌السلام ، وبقتلهم : غصب خلافتهم ؛ لأنّه آيل إلى قتلهم ، كما شهد به الوجدان.

* * *

٣٥٢

٨٠ ـ آية : ( وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا )

قال المصنّف ـ أعلى الله مقامه ـ (١) :

الثمانون : ( وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ) (٢).

عن ابن عبّاس ، قال : « سأل قوم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : في من نزلت هذه الآية؟

قال : إذا كان يوم القيامة عقد لواء من نور أبيض ، ونادى مناد : ليقم سيّد المؤمنين ومعه الّذين آمنوا ببعث محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

فيقوم عليّ بن أبي طالب ، فيعطى اللواء من النور الأبيض ، وتحته جميع السابقين الأوّلين من المهاجرين والأنصار لا يخالطهم غيرهم ، حتّى يجلس على منبر من نور ربّ العزّة ، ويعرض الجميع عليه رجلا رجلا ، فيعطى أجره ونوره.

فإذا أتى على آخرهم قيل لهم : قد عرفتم صفتكم ومنازلكم في الجنّة إنّ ربّكم يقول لكم : إنّ لكم عندي مغفرة وأجرا عظيما ـ يعني : الجنّة ـ.

فيقوم عليّ ـ والقوم تحت لوائه ـ معهم حتّى يدخل بهم الجنّة ، ثمّ يرجع إلى منبره ، فلا يزال حتّى يعرض عليه جميع المؤمنين فيأخذ نصيبه

__________________

(١) نهج الحقّ : ٢٠٨.

(٢) سورة الفتح ٤٨ : ٢٩.

٣٥٣

منهم إلى الجنّة ويترك أقواما على النار ، وذلك قوله تعالى : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ ) (١) ، يعني : السابقين الأوّلين وأهل الولاية.

( وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ ) (٢) ، يعني : بالولاية بحقّ عليّ ، وحقّ عليّ الواجب على العالمين » (٣).

[ ( أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ ) ، وهم الّذين قاسم عليّ عليهم النار فاستحقّوا الجحيم ].

* * *

__________________

(١) سورة الحديد ٥٧ : ١٩.

(٢) سورة الحديد ٥٧ : ١٩.

(٣) مناقب الإمام عليّ عليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ٢٦٧ ح ٣٦٩ ، شواهد التنزيل ٢ / ١٨٢ ح ٨٨٧.

٣٥٤

وقال الفضل (١) :

هذا من القصص والحكايات التي يرويها الشيعة ، ولا نقل صحيح به ، ولا إسناد ، ولا شيء ، ولا اتّقاء من الكذب والافتراء (٢).

وإن صحّ هذا دلّ على منقبة عظيمة من مناقب أمير المؤمنين ، وهي مسلّمة ، والكلام في النصّ ، وأين هذا الاستدلال منه؟!

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٣ / ٤٧٢.

(٢) رواه ابن المغازلي والحاكم الحسكاني ، كما تقدّم بإسناديهما عن ابن عبّاس.

٣٥٥

وأقول :

نقله السيّد السعيد عن « شواهد التنزيل » للحاكم أبي القاسم الحسكاني (١).

ويؤيّده ما دلّ على أنّ عليّا قسيم الجنّة والنار (٢) ، وأنّه سيّد المسلمين (٣) ، وأنّه لا يدخل الجنّة إلّا من بيده براءة منه وسند

__________________

(١) إحقاق الحقّ ٣ / ٤٧٣ ، وانظر : شواهد التنزيل ٢ / ١٨١ ـ ١٨٢ ح ٨٨٧ بإسناده عن عبد الكريم بن مالك الجزري ، وهو من رجال الصحاح ـ كما في ميزان الاعتدال ٤ / ٣٨٧ رقم ٥١٧٤ ـ ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس.

(٢) مسند الإمام زيد : ٤٥٥ ، مناقب الإمام عليّ عليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ١٠٧ ح ٩٧ ، فردوس الأخبار ٢ / ٧٨ ح ٣٩٩٩ ، طبقات الحنابلة ـ لابن أبي يعلى ـ ١ / ٢٩٥ ، الشفا ـ للقاضي عياض ـ ١ / ٣٣٨ ، مناقب الإمام عليّ عليه‌السلام ـ للخوارزمي ـ : ٤٠ و ٤١ و ٢٩٤ ح ٢٨١ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٢٩٨ ـ ٣٠١ ، النهاية في غريب الحديث والأثر ٤ / ٦١ ، شرح نهج البلاغة ٢ / ٢٦٠ وج ٩ / ١٦٥ وج ١٩ / ١٣٩ ، فرائد السمطين ١ / ٣٢٥ و ٣٢٦ ح ٢٥٣ و ٢٥٤ ، البداية والنهاية ٧ / ٢٨٣ ، جواهر العقدين : ٤٤٦ و ٤٤٧ ، الصواعق المحرقة : ١٩٥ ، ينابيع المودّة ١ / ٢٥٤ ح ١٢ وقال القندوزي في ذيله : وممّا ينسب إلى الإمام الشافعي :

عليّ حبّه جنّة

قسيم النار والجنّة

وصيّ المصطفى حقّا

إمام الإنس والجنّة

(٣) المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٤٨ ح ٤٦٦٨ ، حلية الأولياء ١ / ٦٣ و ٦٦ رقم ٤ ، مناقب الإمام عليّ عليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ١٠٦ ح ٩٣ وص ١٣١ ح ١٤٦ و ١٤٧ ، مناقب الإمام عليّ عليه‌السلام ـ للخوارزمي ـ : ٢٩٥ ح ٢٨٧ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٣٠٢ و ٣٠٣ و ٣٠٥ ، أسد الغابة ١ / ٨٤ رقم ٩٢ وج ٣ / ٧٠ رقم ٢٨١١ ، مطالب السؤول : ٨١ ، شرح نهج البلاغة ١٥ / ٢٧٨ ، كفاية الطالب : ٢١١ ـ ٢١٢ ، ذخائر العقبى : ١٣٠ ، الرياض النضرة ٣ / ١٣٧ ـ ١٣٨ ، فرائد السمطين ١ / ١٤١ ح ١٠٤ وص ١٤٥ ح ١٠٩.

٣٥٦

بولايته (١).

ودلالتها على إمامته من وجوه :

كونه سيّد المسلمين ..

وأنّهم يدخلون الجنّة بزمرته وتحت لوائه ..

وأنّهم يعرضون عليه جميعا ؛ فإنّها تقتضي إمامته ، ولو لدلالتها على فضله ، والأفضل هو الإمام ، ولا سيّما مع التصريح في آخر الحديث بأنّ حقّه واجب على العالمين ، وتصريحه بأنّ أهل الولاية له هم الّذين آمنوا بالله ورسله ، وأنّ المكذّبين بولايته في زمرة الكافرين.

بل هذا كما يدلّ على إمامته ، يدلّ على أنّها من أصول الدين ؛ إذ لا يكفر من كذّب بغير أصوله!

* * *

__________________

(١) تاريخ أصفهان ـ لأبي نعيم ـ ١ / ٤٠٠ رقم ٧٥٥ ، مناقب الإمام عليّ عليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ١٤٠ ح ١٥٦ وص ١٤٧ ـ ١٤٨ ح ١٧٢ وص ٢١٨ ـ ٢١٩ ح ٢٨٩ ، شواهد التنزيل ٢ / ١٠٧ ح ٧٨٨ ، مناقب الإمام عليّ عليه‌السلام ـ للخوارزمي ـ : ٣١٩ ـ ٣٢٠ ح ٣٢٤ ، ذخائر العقبى : ١٣١ ، الرياض النضرة ٣ / ١٣٧ ، فرائد السمطين ١ / ٢٨٩ ـ ٢٩٠ ح ٢٢٨ ، الصواعق المحرقة : ١٩٥.

٣٥٧

٨١ ـ آية : ( الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ )

قال المصنّف ـ أعلى الله مقامه ـ (١) :

الحادية والثمانون : ( الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ * أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) (٢).

نزلت في عليّ عليه‌السلام لمّا وصل إليه قتل حمزة رضي‌الله‌عنه ، فقال : « ( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ) » ؛ فنزلت هذه الآية (٣).

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ٢٠٩.

(٢) سورة البقرة ٢ : ١٥٦ و ١٥٧.

(٣) انظر : نهج الإيمان ـ لابن جبر ـ : ٦٥٩ ، مناقب آل أبي طالب ٢ / ١٣٨ وفيه : « ولمّا نعى رسول الله عليّا بحال جعفر في أرض مؤتة قال : ( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ) فأنزل عزّ وجلّ ... » وج ٣ / ٢٩٣.

٣٥٨

وقال الفضل (١) :

هذا ليس من تفاسير أهل السنّة ، وإن صحّ فهو كسائر أخواته في عدم دلالته على النصّ.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٣ / ٤٧٤.

٣٥٩

وأقول :

هذا أيضا نقله السيّد السعيد رحمه‌الله عن تفسيري الثعلبي والنقّاش (١).

والاستدلال به على المطلوب من وجهين :

الأوّل : إنزال الله سبحانه القرآن في صبر عليّ عليه‌السلام وتسليمه لأمر الله تعالى ، وجعل الصلوات العديدة والرحمة عليه.

ومن الواضح أنّ ذكره عليه‌السلام بذلك ـ مع كثرة الصابرين القائلين : « ( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ )» ـ دليل على تميّزه بالصبر والتسليم الكاشفين عن كماله الذاتي وفضله على غيره ، فيكون هو الإمام.

الثاني : تعبير الكتاب العزيز عنه بصيغ الجموع مع حصر الاهتداء به بقوله : ( أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) (٢) ، الدالّ على أنّ اهتداء غيره بالنسبة إليه كلا اهتداء.

فإنّ ذلك من أعظم الدلائل على عظمته عند الله سبحانه ، وارتفاع شأنه لديه ، وكونه أهدى الأمّة وأفضلها ، فيكون هو الإمام (٣).

* * *

__________________

(١) إحقاق الحقّ ٣ / ٤٧٥.

(٢) سورة البقرة ٢ : ١٥٧.

(٣) نقول : ويمكن الاستدلال على المطلوب بوجه ثالث ؛ هو إن ضمّ قوله تعالى : ( وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ) سورة الزخرف ٤٣ : ٣٢ ، إلى آية : ( أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) سورة البقرة ٢ : ١٥٧ ، المشتملة على الرحمة النازلة على أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام ، لدلّ ذلك على الأفضليّة ؛ فيكون هو الإمام!

٣٦٠