وأقول :
لا نسلّم شمول الأوصاف المذكورة لغيره ؛ فإنّ العبّاس ليس من المهاجرين ؛ إذ لا هجرة بعد الفتح ، فلا يستحقّ من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ميراثا ؛ لأنّه تعالى قيّد في الآية أولي الأرحام بكونهم من المؤمنين والمهاجرين.
ولو سلّم أنّ ( مِنْ ) في هذه الآية ليست بيانيّة ، بل هي الداخلة على المفضّل عليه ، كفى في الدلالة ـ على اعتبار الهجرة في الأولوية ـ قوله تعالى في آخر سورة الأنفال : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا ) (١) الآية.
بل يظهر من هذه الآية اعتبار الجهاد حين الهجرة أيضا في الأولوية ، ولا جهاد للعبّاس حينئذ ، كما لا هجرة له.
ولو تنازلنا عن ذلك ، فعليّ عليهالسلام أقرب رحما من العبّاس ، وإن كان ابن عمّ للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ لأنّ ابن العمّ للأبوين أقرب عندنا رحما وأولى بميراث ابن عمّه من العمّ للأب فقط (٢).
ولو أعرضنا عن هذا وأخذنا بإطلاق ( أُولُوا الْأَرْحامِ ) في الآية ،
__________________
(١) سورة الأنفال ٨ : ٧٢.
(٢) انظر : المقنعة : ٦٩٢ باب ميراث الأعمام والعمّات والأخوال والخالات ، التهذيب ٩ / ٣٢٦ ح ١١٧٢ ، الاستبصار ٤ / ١٧٠ ح ٦٤٤ ، اللمعة الدمشقية ٨ / ٥٤ ، وسائل الشيعة ٢٦ / ١٩٢ ح ٣٢٨٠٠.
فغاية الأمر أن يستوي عليّ والعبّاس بميراث الإمامة ، بلحاظ إطلاق الآية ، إلّا أنّه لا بدّ من تقديم عليّ عليهالسلام ؛ لأفضليّته ، وتسليم العبّاس لإمامته ، ولذا طلب مبايعته عند وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم (١).
وممّا بيّنّا يعلم ما في قول الرازي والمنصور الدوانيقي في جواب محمّد بن عبد الله (٢) ..
قال الرازي بتفسيره : « المسألة الثانية : تمسّك محمّد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب في كتابه إلى أبي جعفر المنصور بهذه الآية ، في أنّ الإمام بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم هو عليّ بن أبي طالب.
فقال : قوله تعالى : ( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ ) (٣) يدلّ على ثبوت الأولوية (٤).
وليس في الآية شيء معيّن في ثبوت هذه الأولوية ، فوجب حمله على الكلّ ، إلّا ما خصّه الدليل ، وحينئذ يندرج فيه الإمامة.
ولا يجوز أن يقال : إنّ أبا بكر كان من أولي الأرحام ؛ لما نقل أنّه عليه الصلاة والسلام أعطاه سورة براءة ليبلّغها إلى القوم ، ثمّ بعث عليّا خلفه ، وأمر بأن يكون المبلّغ هو عليّ ، وقال : « لا يؤدّيها إلّا رجل منّي ».
__________________
(١) الإمامة والسياسة ١ / ٢١ ، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ١ / ١٦٠ وج ٩ / ١٩٦ ، الأحكام السلطانية ـ للماوردي ـ : ٧ ، المواقف : ٤٠١ ، شرح تجريد الاعتقاد ـ للقوشجي ـ : ٤٧٦.
(٢) هو : محمّد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، ذو النفس الزكية ، المستشهد سنة ١٤٥ ه.
انظر ترجمته في : مقاتل الطالبيّين : ٢٠٦ رقم ٢٧ ، دول الإسلام : ٨٧ ، شذرات الذهب ١ / ٢١٣ حوادث سنة ١٤٤.
(٣) سورة الأحزاب ٣٣ : ٦.
(٤) في المصدر : « الولاية ».
وذلك يدلّ على أنّ أبا بكر ما كان منه ؛ فهذا هو وجه الاستدلال بهذه الآية.
والجواب : إن صحّت هذه الدلالة كان العبّاس أولى بالإمامة ؛ لأنّه كان أقرب إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من عليّ ؛ وبهذا الوجه أجاب أبو جعفر المنصور عنه » (١).
وإنّما قلنا : إنّه يعلم الجواب عن هذا ممّا ذكر ؛ لما عرفت من أنّ العبّاس ليس من المهاجرين ، فلا ولاية بينه وبين النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ ولو سلّم ، فعليّ أقرب منه رحما.
ولو تمسّكنا بإطلاق ( أُولُوا الْأَرْحامِ ) فعليّ أفضل ، والأفضل أحقّ بالإمامة.
ولعلّه لهذه الأمور طلب العبّاس مبايعة أمير المؤمنين عليهالسلام ، لكن الحقّ أنّ المنشأ في الطلب علمه ببيعة الغدير وغيرها.
ثمّ إنّ الأمر المهمّ هو أولويّة أمير المؤمنين عليهالسلام من أبي بكر بميراث النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهي حاصلة ؛ لعدم الرحميّة لأبي بكر ، كما يدلّ عليه حديث عزله عن أداء سورة براءة (٢) ؛ فتكون خلافته باطلة ، وأنّ الحقّ لعليّ عليهالسلام.
__________________
(١) تفسير الفخر الرازي ١٥ / ٢٢١.
(٢) انظر : مسند أحمد ١ / ٣ و ١٥١ وج ٣ / ٢١٢ و ٢٨٣ ، سنن الترمذي ٥ / ٢٥٦ ـ ٢٥٧ ح ٣٠٩٠ و ٣٠٩١ ، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٥ / ١٢٨ ـ ١٢٩ ح ٨٤٦٠ ـ ٨٤٦٢ ، سنن ابن ماجة ١ / ٤٤ ح ١١٩ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٧ / ٥٠٦ ح ٧٢ ، مسند البزّار ٢ / ٣٠٨ ح ٧٣٣ ، المعجم الكبير ١٢ / ٧٧ ح ١٢٥٩٣ ، تفسير الطبري ٦ / ٣٠٦ ـ ٣٠٧ ح ١٦٣٨٦ و ١٦٣٨٩ و ١٦٣٩٢ ، تاريخ الطبري ٢ / ١٩٢ حوادث سنة ٩ ه ، سيرة ابن هشام ٥ / ٢٣٢ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ٥٣ ح ٤٣٧٤ ، تفسير الماوردي ٢ / ٣٣٧ ، تفسير البغوي ٢ / ٢٢٥.
وقول الرازي : « إن صحّت هذه الدلالة » ، إن أراد به منع دلالة آية أولي الأرحام على أولويّة أرحام النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بالإمامة ، فظاهر البطلان ؛ لأنّ الآية أطلقت الأولوية ، والمطلق حجّة في الإطلاق بالإجماع.
وإن أراد به منع دلالة حديث عزل أبي بكر على أنّه ليس بذي رحم ، فالأمر أشنع!
ولو كان أبو بكر رحما للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لكانت قريش كلّها أرحاما ، بل الناس كلّهم كذلك ؛ لاجتماعهم في آدم ونوح عليهماالسلام.
ولو سلّم ، فعليّ أقرب منه رحما للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فيحجبه عن الميراث اتّفاقا ، وتكون الخلافة لعليّ عليهالسلام.
* * *
٦٧ ـ آية : ( وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا )
قال المصنّف ـ أعلى الله مقامه ـ (١) :
السابعة والستّون : ( وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ ) (٢).
نزلت في ولاية عليّ عليهالسلام (٣).
* * *
__________________
(١) نهج الحقّ : ٢٠٣.
(٢) سورة يونس ١٠ : ٢.
(٣) انظر : تفسير الحبري : ٢٣٥ ح ٤ ، شواهد التنزيل ١ / ٧٤ ح ١١٣.
وقال الفضل (١) :
لم يذكره المفسّرون ، فإن صحّ فهو في حكم أخواته.
* * *
__________________
(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٣ / ٤٢٣.
وأقول :
حكاه في « كشف الغمّة » عن ابن مردويه (١).
وعليه : فدلالة الآية على إمامة أمير المؤمنين واضحة ؛ لأنّ من تثبت قدم الصدق للمؤمنين بولايته ، ويبشّر الله تعالى بثبوتها في كتابه العزيز ، لا بدّ أن يكون أفضلهم وخيرهم جميعا ، فيكون إمامهم.
ولو أريد بالولاية في الحديث الإمامة ، كانت الآية نصّا فيها.
* * *
__________________
(١) كشف الغمّة ١ / ٣٢٢.
٦٨ ـ آية : ( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ )
قال المصنّف ـ طاب ثراه ـ (١) :
الثامنة والستّون : ( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) (٢).
كان عليّ منهم (٣).
* * *
__________________
(١) نهج الحقّ : ٢٠٣.
(٢) سورة النساء ٤ : ٥٩.
(٣) كشف الغمّة ١ / ٣٢٣ عن ابن مردويه ، شواهد التنزيل ١ / ١٤٨ ـ ١٤٩ ح ٢٠٣ و ٢٠٤ ، تفسير البحر المحيط ٣ / ٢٧٨ ، ينابيع المودّة ١ / ٣٤١ ح ٢ وص ٣٥١ ح ٥.
وقال الفضل (١) :
هذا يشمل سائر الخلفاء ، فإنّ كلّهم كانوا أولي الأمر ، ولا دليل على مدّعاه.
* * *
__________________
(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٣ / ٤٢٦.
وأقول :
لا يمكن أن يشمل سائر الخلفاء ، سواء أراد بهم خصوص الأربعة ، أم الأعمّ منهم ، ومن معاوية ويزيد والوليد وأشباههم ؛ لدلالة الآية على عصمة أولي الأمر ، وهؤلاء ليسوا كذلك ـ كما سبق موضّحا في أوّل مباحث الإمامة ـ (١).
فيتعيّن أن يراد بأولي الأمر : عليّ وأبناؤه الأطهار ؛ لانتفاء العصمة عن غيرهم بالضرورة والإجماع.
* * *
__________________
(١) راجع ج ٤ / ٢٠٥ وما بعدها من هذا الكتاب.
٦٩ ـ آية : ( وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ )
قال المصنّف ـ أجزل الله ثوابه ـ (١) :
التاسعة والستّون : ( وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ ) (٢).
في مسند أحمد : هو عليّ ، حين أذّن بالآيات من سورة « براءة » ، حين أنفذها النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مع أبي بكر ، وأتبعه بعليّ عليهالسلام فردّه ، ومضى عليّ.
وقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : « قد أمرت أن لا يبلّغها إلّا أنا أو واحد منّي » (٣).
* * *
__________________
(١) نهج الحقّ : ٢٠٤.
(٢) سورة التوبة ٩ : ٣.
(٣) مسند أحمد ١ / ٣ و ١٥١ وج ٣ / ٢١٢ و ٢٨٣.
وقال الفضل (١) :
سيرد عليك : إنّ إنفاذ عليّ بعد أبي بكر كان لأجل أنّ العرب في العهود لا يعتبرون إلّا قول صاحب العهد ، أو واحد من قومه ، ولأجل هذا أنفذ عليّا.
* * *
__________________
(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٣ / ٤٣٩.
وأقول :
لو كان العرب على ما ذكره لما خفي على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه في أوّل الأمر ، فلا بدّ أن يكون إرسال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لأبي بكر ليس مخالفا لقاعدة العرب ، بل هو مع عزله بعليّ للتنبيه من الله ورسوله على فضل عليّ ، وأنّه من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم دون سائر الناس ؛ وعلى أنّ أبا بكر ليس أهلا للقيام مقام النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في ذلك ، فكيف يقوم مقامه في الزعامة العظمى؟! ولو أرسل عليّا عليهالسلام أوّلا لم يحصل هذا التنبيه!
ثمّ إنّ الضمير في قوله في الحديث : « هو عليّ » راجع إلى الأذان ، أو المؤذّن المستفاد من الكلام.
ويشهد للأوّل ما في « الدرّ المنثور » ، عن ابن أبي حاتم ، أنّه أخرج عن حكيم بن حميد ، قال : « قال لي عليّ بن الحسين عليهالسلام : إنّ لعليّ عليهالسلام في كتاب الله اسما ، ولكن لا يعرفونه.
قلت : ما هو؟
قال : ألم تسمع قول الله تعالى : ( وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ )؟! هو والله الأذان » (١)
أقول :
وأنت تعلم أنّ تسميته عليهالسلام في كتاب الله تعالى بالأذان المنسوب إلى
__________________
(١) الدرّ المنثور ٤ / ١٢٦.
الله عزّ وجلّ ، دليل على شرف محلّه ، وخطر مقامه ، فلا يقاس به من لم يصلح لتأدية الرسالة.
* * *
٧٠ ـ آية : ( طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ )
قال المصنّف ـ شيّد الله حجّته ـ (١) :
السبعون : ( طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ ) (٢).
قال ابن سيرين : هي شجرة في الجنّة أصلها في حجرة عليّ ، وليس في الجنّة حجرة إلّا وفيها غصن من أغصانها (٣).
* * *
__________________
(١) نهج الحقّ : ٢٠٤.
(٢) سورة الرعد ١٣ : ٢٩.
(٣) تفسير الحبري : ٢٨٤ ح ٤٠ ، تفسير الثعلبي ٥ / ٢٩٠ ، مناقب الإمام عليّ عليهالسلام ـ لابن المغازلي ـ : ٢٣٤ ـ ٢٣٥ ح ٣١٥ ، شواهد التنزيل ١ / ٣٠٥ ـ ٣٠٦ ح ٤١٨ ـ ٤٢١ ، تفسير القرطبي ٩ / ٢٠٨ ، كشف الغمّة ١ / ٣٢٣ ، الدرّ المنثور ٤ / ٦٤٤ ، ينابيع المودّة ١ / ٢٨٧ ح ١ وص ٣٩٤ ح ٨.
وقال الفضل (١) :
في الروايات المشهورة أنّها في بيت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولا يبعد أنّ بيت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والوليّ يكون متّحدا.
ولا بأس بهذه الرواية ، فإنّ كلّ هذه تدلّ على الفضائل المتّفق عليها ، ولا دلالة فيها على النصّ ، وهو المدّعى.
* * *
__________________
(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٣ / ٤٤٣.
وأقول :
حكاه في « الدرّ المنثور » ، عن ابن أبي حاتم ، عن ابن سيرين (١).
وما ذكره الفضل أنّها في دار النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مرويّ أيضا ، ومقتضى الجمع أنّ دارهما واحدة ، كما ورد من طرقنا تصريح النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم به بعد أن قال مرّة : « إنّ طوبى شجرة في الجنّة ، أصلها في داري وفروعها في دور أهل الجنّة ».
وقال مرّة : « أصلها في دار عليّ عليهالسلام » (٢).
ودلالتها على إمامة أمير المؤمنين عليهالسلام من وجهين :
الأوّل : إنّها أبانت أنّ عليّا عليهالسلام من أهل الجنّة ؛ وقد سبق مرارا أنّ إعلامه بشخصه بأنّه من أهل الجنّة يستدعي عصمته ، أو فضله على غيره.
الثاني : إنّ اتّحاد دار النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والوليّ دليل على أنّهما كنفس واحدة ، وبمنزلة متّحدة ، فيكون عليّ عليهالسلام أفضل الناس وخيرهم حتّى الأنبياء ، فيكون إمام الأمّة ألبتّة.
* * *
__________________
(١) الدرّ المنثور ٤ / ٦٤٤.
(٢) شواهد التنزيل ١ / ٣٠٤ ـ ٣٠٦ ح ٤١٧ ـ ٤٢١ ، تفسير القرطبي ٩ / ٢٠٨ ، مجمع البيان ٦ / ٣٥.
٧١ ـ آية : ( فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ )
قال المصنّف ـ شرّف الله قدره ـ (١) :
الحادية والسبعون : ( فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ ) (٢).
قال ابن عبّاس : بعليّ عليهالسلام (٣).
* * *
__________________
(١) نهج الحقّ : ٢٠٥.
(٢) سورة الزخرف ٤٣ : ٤١.
(٣) ما نزل من القرآن في عليّ ـ لأبي نعيم ـ : ٢١٦ ، مناقب الإمام عليّ عليهالسلام ـ لابن المغازلي ـ : ٢٣٨ ـ ٢٣٩ ح ٣٢١ ، شواهد التنزيل ٢ / ١٥٢ ـ ١٥٥ ح ٨٥١ ـ ٨٥٤ ، فردوس الأخبار ٢ / ١١٠ ح ٤٢٧٢ ، ينابيع المودّة ٢ / ٢٣٨ ح ٦٦٧.
وقال الفضل (١) :
لا يظهر ربطه بعليّ ؛ إذ المراد من الّذين ينتقم منهم : هم الكفّار ، وعليّ لم يحارب الكفّار بعد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وإن أراد البغاة ، فالآية ليست نازلة في شأنهم ، كما يدلّ السابق واللاحق من الآية على أنّها نزلت في شأن الكفّار ؛ وإن صحّ فلا يدلّ على المدّعى.
* * *
__________________
(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٣ / ٤٤٥.
وأقول :
هذا ممّا نقله في « كشف الغمّة » ، عن ابن مردويه ، عن ابن عبّاس (١).
ونقله أيضا في « ينابيع المودّة » ، في الباب السادس والعشرين ، عن أبي نعيم ، عن حذيفة بن اليمان (٢).
وقال السيوطي في « الدرّ المنثور » : أخرج ابن مردويه ، عن جابر ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في هذه الآية : « نزلت في عليّ بن أبي طالب ، أنّه ينتقم من الناكثين والقاسطين بعدي » (٣)
فهذه الرواية صريحة في نزول الآية بانتقام عليّ عليهالسلام من البغاة ، كما هو مقتضى الأخبار الأخر.
وأمّا ما زعمه الفضل من أنّ المراد من الّذين ينتقم منهم : هم الكفّار ، بدعوى دلالة ما سبق على الآية وما لحقها على ذلك ، فممنوع ؛ لشمول هذه الآيات للكافرين والمنافقين ، قال تعالى في سورة « الزخرف » : ( وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ * حَتَّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ * وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ
__________________
(١) كشف الغمّة ١ / ٣٢٣.
(٢) ينابيع المودّة ١ / ٢٩٣ ح ١ ، وانظر : ما نزل من القرآن في عليّ ـ لأبي نعيم ـ : ٢١٦.
(٣) الدرّ المنثور ٧ / ٣٨٠.