دلائل الصدق لنهج الحق - ج ٥

الشيخ محمد حسن المظفر

دلائل الصدق لنهج الحق - ج ٥

المؤلف:

الشيخ محمد حسن المظفر


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-358-6
الصفحات: ٤٢٦

وقال الفضل (١) :

هذا مسلّم لا نزاع فيه ، ولكن لا يدلّ على المدّعى.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٣ / ٣٨٩.

٢٦١

وأقول :

بل يدلّ عليه ؛ لأنّ البشارة بكرامة الآخرة لشخص معيّن لا تصحّ إلّا مع عصمته أو نحوها ، وليس الخلفاء الثلاثة كذلك ، كما سبق في الآية الثانية والثلاثين ، وبيّنّا فيها لزوم إمامته عليه‌السلام دون الثلاثة ، بل ودون غيرهم ؛ لأنّه أفضل المخبتين (١).

* * *

__________________

(١) انظر الصفحة ١٤٤ وما بعدها من هذا الجزء.

٢٦٢

٥٧ ـ آية : ( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى )

قال المصنّف ـ طاب ثراه ـ (١) :

السابعة والخمسون : قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى ) (٢) ، عليّ منهم (٣).

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ٢٠٠.

(٢) سورة الأنبياء ٢١ : ١٠١.

(٣) شواهد التنزيل ١ / ٣٨٤ ـ ٣٨٥ ح ٥٢٨ ـ ٥٣١ ، الكشّاف ٢ / ٥٨٤ ، زاد المسير ٥ / ٢٨٩ ، تفسير ابن كثير ٣ / ١٩٢ ، تفسير البيضاوي ٢ / ٧٩ ، الدرّ المنثور ٥ / ٦٨١ ، روح المعاني ١٧ / ١٤٥.

٢٦٣

وقال الفضل (١) :

هذا مسلّم لا نزاع فيه ، ولكن لا يدلّ على المدّعى.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٣ / ٣٩٠.

٢٦٤

وأقول :

تمام الآية وما بعدها : ( أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ * لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ * لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ) (١).

وتعرف دلالتها ممّا أشرنا إليه في الآية السابقة (٢) ..

وأوضحناه في الآية الثانية والثلاثين من أنّ بشارة شخص معيّن بنيل الموعود ، والأمن من الوعيد ، تقتضي ـ مع علمه بالبشارة ـ عصمته ، أو قريبا منها ، وأوضحنا أنّ المشايخ الثلاثة وأشباههم ليسوا كذلك ، فيكون أمير المؤمنين عليه‌السلام هو المعصوم ، أو الفاضل على غيره ، ويكون هو الإمام (٣).

وما رواه بعض القوم (٤) من تفسير من سبقت لهم الحسنى بما يشمل غير أمير المؤمنين عليه‌السلام ، غير صحيح ، ولا حجّة لهم علينا في ما يروونه بحقّ غيره.

أترى أنّ الله سبحانه يبشّر مثلهم بالجنّة ، ويؤمّنهم من النار ، ليهون عليهم تغيير الأحكام ، وغصب حقوق الأطهار ، وسفك دماء المسلمين ،

__________________

(١) سورة الأنبياء ٢١ : ١٠١ ـ ١٠٣.

(٢) راجع الصفحة ٢٦٢.

(٣) انظر الصفحة ١٤٤ وما بعدها من هذا الجزء.

(٤) انظر ما مرّ من المصادر المدرجة في الهامش ٣ من الصفحة ٢٦٣.

٢٦٥

والاستئثار ببيت المال ، والخروج على إمام الزمان ، ومحاربة الله ورسوله ، بحربه؟!

* * *

٢٦٦

٥٨ ـ آية : ( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ )

قال المصنّف ـ رفع الله درجته ـ (١) :

الثامنة والخمسون : قوله تعالى : ( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ ) (٢).

قال عليّ عليه‌السلام : « الحسنة حبّنا أهل البيت ، والسيّئة بغضنا ، من جاء بها أكبّه الله على وجهه في النار » (٣).

__________________

(١) نهج الحقّ : ٢٠٠.

(٢) سورة الأنعام ٦ : ١٦٠ ، سورة النمل ٢٧ : ٨٩ ، سورة القصص ٢٨ : ٨٤.

(٣) تفسير الحبري : ٢٩٤ ح ٤٧ ، تفسير الثعلبي ٧ / ٢٣٠ ، شواهد التنزيل ١ / ٤٢٥ ـ ٤٢٦ ح ٥٨١ و ٥٨٢ و ٥٨٧.

٢٦٧

وقال الفضل (١) :

لا شكّ أنّ حبّ أهل بيت محمّد من الحسنات ، ولكن لا يثبت النصّ.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٣ / ٣٩٢.

٢٦٨

وأقول :

نقل في « كشف الغمّة » عن ابن مردويه ما ذكره المصنّف رحمه‌الله بلفظه كلّه مرّة ، وإلى قوله : « والسيّئة بغضنا » مرّة أخرى ، وذلك في تفسير آيتين :

الأولى : قوله تعالى في أواخر سورة الأنعام : ( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلأَمِثْلَها وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) (١).

الثانية : قوله تعالى في أواخر سورة النمل : ( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ * وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلأَما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) (٢) (٣).

ونقل في « ينابيع المودّة » ، عن أبي نعيم والثعلبي والحمويني ، في تفسير الثانية ، عن عليّ عليه‌السلام ، قال : « الحسنة حبّنا ، والسيّئة بغضنا » (٤).

ويشهد لصحّة هذه الروايات ، ما عرفته من الأخبار في الآية الرابعة ، والآية الثانية عشرة ، كما عرفت هناك أيضا وجه الدلالة على إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام ؛ فراجع (٥).

__________________

(١) سورة الأنعام ٦ : ١٦٠.

(٢) سورة النمل ٢٧ : ٨٩ و ٩٠.

(٣) كشف الغمّة ١ / ٣٢١ و ٣٢٤.

(٤) ينابيع المودّة ١ / ٢٩١ ح ١ ، وانظر : تفسير الثعلبي ٧ / ٢٣٠ ، فرائد السمطين ٢ / ٢٩٧ ـ ٢٩٩ ح ٥٥٤ و ٥٥٥.

(٥) راجع ج ٤ / ٣٨٣ وما بعدها ، والصفحة ١٥ وما بعدها من هذا الجزء.

٢٦٩

ويؤيّد دلالتها عليها ما رواه الحاكم في « المستدرك » (١) وصحّحه ، عن عمّار [ بن ياسر رضي‌الله‌عنه ] ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول لعليّ : « طوبى لمن أحبّك وصدّق فيك ، وويل لمن أبغضك وكذّب فيك » ؛ لأنّ المراد ـ ظاهرا ـ هو التصديق والتكذيب بإمامته ، أو فضله الموجب لها.

وما نقله في « كنز العمّال » (٢) ، عن الطبراني ، عن ابن عبّاس ، أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لعليّ عليه‌السلام : « ألا من أحبّك حفّ بالأمن والإيمان ، ومن أبغضك أماته الله ميتة الجاهلية ».

ونقل بعده بقليل عن الطبراني ، عن ابن عمر ، مثل ذلك (٣).

فإنّ الإيمان إنّما يتمّ بالإقرار بالإمام الحقّ المستلزم لحبّه ؛ لما سبق من أنّ الإمامة أصل من أصول الدين (٤) ، كما أنّ ميتة الجاهلية إنّما هي بالإخلال بهذا الأصل الناشئ من البغض عادة.

ويؤيّد المطلوب أيضا ما دلّ على الملازمة بين حبّ عليّ وحبّ الله ورسوله ، والتلازم بين بغضه وبغضهم ؛ كالذي نقله في « الكنز » أيضا عن الطبراني وابن عساكر ، عن عمّار ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : « من أحبّه ـ يعني عليّا ـ فقد أحبّني ، ومن أحبّني فقد أحبّ الله تعالى ، ومن

__________________

(١) ص ١٣٥ من الجزء الثالث [ ٣ / ١٤٥ ح ٤٦٥٧ ]. منه قدس‌سره.

(٢) ص ١٥٤ من الجزء السادس [ ١١ / ٦٠٧ ح ٣٢٩٣٥ ]. منه قدس‌سره.

وانظر : المعجم الكبير ١١ / ٦٢ ـ ٦٣ ح ١١٠٩٢ ، المعجم الأوسط ٨ / ٧٣ ـ ٧٤ ح ٧٨٩٤.

(٣) كنز العمّال ١١ / ٦١٠ ح ٣٢٩٥٥ ، وانظر : المعجم الكبير ١٢ / ٣٢١ ح ١٣٥٤٩.

(٤) راجع ج ٤ / ٢١١ وما بعدها من هذا الكتاب.

٢٧٠

أبغضه فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغض الله تعالى » (١).

وكيف لا يراد بذلك بيان إمامة عليّ عليه‌السلام وقد اهتمّ الكتاب العزيز ببيان وجوب حبّه وحرمة بغضه ، حتّى نزل فيه مكرّرا ، وعبّر عن حبّه بالحسنة ، وعن بغضه بالسيّئة ، وكذلك استفاضت وتواترت بهما السنّة النبويّة؟!

* * *

__________________

(١) كنز العمّال ١١ / ٦١٠ ح ٣٢٩٥٣ ، وانظر : المعجم الكبير ٢٣ / ٣٨٠ ح ٩٠١ بسند آخر عن أمّ سلمة ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٢٤٠ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٠٩.

٢٧١

٥٩ ـ آية : ( فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ )

قال المصنّف ـ أجزل الله ثوابه ـ (١) :

التاسعة والخمسون : قال تعالى : ( فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ ) (٢).

هو : عليّ عليه‌السلام (٣).

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ٢٠١.

(٢) سورة الأعراف ٧ : ٤٤.

(٣) انظر : شواهد التنزيل ١ / ٢٠٢ ـ ٢٠٣ ح ٢٦١ ـ ٢٦٥ ، تفسير الآلوسي ٨ / ١٨٢ ، ينابيع المودّة ١ / ٣٠١ ـ ٣٠٢ ح ٢ ـ ٥.

٢٧٢

وقال الفضل (١) :

هذا لم يثبت في الصحاح والتفاسير ، وإن صحّ لا يدلّ على النصّ.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٣ / ٣٩٣.

٢٧٣

وأقول :

نقله في « كشف الغمّة » عن ابن مردويه (١).

وقال في « ينابيع المودّة » : أخرج الحاكم الحسكاني ، عن محمّد بن الحنفيّة ، عن أبيه عليّ ، قال : « أنا ذلك المؤذّن » (٢).

وقال أيضا : أخرج الحاكم ، عن ابن عبّاس ، قال عليّ : « في كتاب الله أسماء لي لا يعرفها الناس ، منها : ( فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ ) يقول : ألا ( لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ) (٣) ، أي : الّذين كذّبوا بولايتي ، واستخفّوا بحقّي » (٤).

ونقل أيضا نحوه ، عن « المناقب » ، عن الباقر عليه‌السلام (٥).

وهذه الآية ظاهرة الدلالة على المطلوب ؛ لأنّ المراد بالظالمين :

إمّا مطلق العصاة ، فحينئذ لا بدّ أن يكون المؤذّن معصوما ؛ إذ لا يصحّ أن يكون عاصيا وهو ينادي بلعنة العصاة ؛ وإذا كان معصوما ولا معصوم غيره ، كان هو الإمام ؛ لأنّ العصمة شرط الإمامة ـ كما

__________________

(١) كشف الغمّة ١ / ٣٢١.

(٢) ينابيع المودّة ١ / ٣٠١ ـ ٣٠٢ ح ٢ ، وانظر : شواهد التنزيل ١ / ٢٠٢ ح ٢٦١ ، مجمع البيان ٤ / ٢٤٢.

(٣) سورة الأعراف ٧ : ٤٤.

(٤) ينابيع المودّة ١ / ٣٠٢ ح ٣ ، وانظر : شواهد التنزيل ١ / ٢٠٢ ح ٢٦٢ ، مجمع البيان ٤ / ٢٤٢.

(٥) ينابيع المودّة ١ / ٣٠٢ ح ٤.

٢٧٤

سبق ـ (١) ؛ ولكن يبعد النداء بلعن كلّ عاص.

وإمّا أن يراد بالظالمين : العصاة بالكبائر ، لا سيّما الكفر والنفاق ، الذي منه بغض عليّ عليه‌السلام ، كما مرّ (٢).

ولا شكّ أنّ من يستحقّ الناس اللعنة لبغضه ، مع النداء بها على رؤوس الخلائق يوم الحساب ، هو الإمام الحقّ ، بل كونه هو المنادي دليل على فضله على الأمّة ؛ والأفضل هو الإمام.

ويشهد لدلالة الآية على الإمامة ، الخبر الأخير ، فإنّ المراد فيه بالولاية : الإمامة ؛ لأنّ التكذيب إنّما يتعلّق بها لا بالحبّ.

وبمقتضى إطلاق الولاية في الحديث ، لا يفترق الحال بين من كذّب بإمامته مطلقا أو في وقت خاصّ.

* * *

__________________

(١) انظر : ج ٤ / ٢٤١ من هذا الكتاب.

(٢) راجع الصفحات ٢٦٩ ـ ٢٧١ من هذا الجزء.

٢٧٥

٦٠ ـ آية : ( إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ )

قال المصنّف ـ أعلى الله درجته ـ (١) :

الستّون : قال تعالى : ( إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ ) (٢).

دعاكم لولاية عليّ بن أبي طالب (٣).

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ٢٠١.

(٢) سورة الأنفال ٨ : ٢٤.

(٣) أخرجه الكشفي الترمذي في المناقب : ٥٦ عن ابن مردويه.

٢٧٦

وقال الفضل (١) :

ليس هذا في التفاسير ، وإن صحّ لا يدلّ على المقصود.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٣ / ٣٩٥.

٢٧٧

وأقول :

نقله أيضا في « كشف الغمّة » عن ابن مردويه (١).

والمراد فيه بالولاية : إمّا الإمامة ، كما هو المنصرف في مثل المقام ؛ أو الحبّ ؛ وعلى الاحتمالين يتمّ المدّعى.

أمّا على الأوّل ، فغنيّ عن البيان ..

وأمّا على الثاني ؛ فلأنّ دعوة الله ورسوله إلى محبّة عليّ بخصوصه ، وجعلها حياة للناس ، دليل على أنّ له منزلة فوق منازل الناس ، وهي إمّا الإمامة ، وهي عين المطلوب ، أو الأفضليّة ، وهي تستلزمها.

* * *

__________________

(١) كشف الغمّة ١ / ٣٢١.

٢٧٨

٦١ ـ آية : ( فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ )

قال المصنّف ـ أعلى الله درجته ـ (١) :

الحادية والستّون : قوله تعالى : ( فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ) (٢).

عليّ عليه‌السلام (٣).

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ٢٠١.

(٢) سورة القمر ٥٤ : ٥٥.

(٣) أرجح المطالب : ٨٢ عن ابن مردويه.

٢٧٩

وأقول :

لم يتعرّض الفضل للجواب عن هذه الآية الكريمة ؛ لسقوطها عن نسخته ، وقال : « لم يذكر هنا الأوّل ، وكأنّه في الحساب أيضا غالطا » (١).

والأولى بالغلط من ينصب خبر « كأنّ » ، ويطلق الأوّل ، ويريد : « الحادي » بلا نكتة تقتضيه.

ووجه الدلالة في ذلك على إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام ، أنّه سبحانه عبّر عنه بصيغة الجمع فقال : ( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ) (٢) ، فدلّ على أنّه عليه‌السلام بمنزلة جميع المتّقين ؛ لأنّه قوام التقوى وأساسها ، فهو أعظم الأمّة وأفضلها ؛ فيكون هو الإمام.

وأيضا : فقد بشّرت الآية عليّا عليه‌السلام بشخصه بالجنّة ، وهو عالم بذلك ؛ لأنّ عنده علم الكتاب ، وقد سبق أن هذا يقتضي عصمته أو أفضليّته على غيره ؛ فيكون هو الإمام (٣).

وقد نقل في « كشف الغمّة » عن ابن مردويه خبرا آخر ، رواه عن جابر ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال في آخره : « أبشر يا عليّ! ما من عبد ينتحل مودّتنا إلّا بعثه الله معنا يوم القيامة » ثمّ قرأ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ) (٤).

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٣ / ٣٩٧.

(٢) سورة القمر ٥٤ : ٥٤ و ٥٥.

(٣) انظر الصفحة ١١٩ من هذا الجزء.

(٤) كشف الغمّة ١ / ٣٢١.

٢٨٠