واسط في العصر العباسي

د. عبد القادر سلمان المعاضيدي

واسط في العصر العباسي

المؤلف:

د. عبد القادر سلمان المعاضيدي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٥٦

وإمامهم ، قرأ القرآن الكريم بالقراءات العشر على كبار المقرئين بواسط ، وسمع الحديث من مشاهير المحدثين (١) ودرس الفقه والأدب واللغة (٢) ثم رحل إلى بغداد في حدود سنة ٥٨٠ ه‍ / ١١٨٤ م وقرأ القرآن الكريم ، والتقى برجال الحديث والنحو والفقه والأصول والكلام والخلاف (٣). وكان قد برع في علم الحديث وقراءات القرآن الكريم (٤).

والظاهر أن ابن الدبيثي كان قد أقام ببغداد ، فقد جاء في المصادر أنه أصبح من الشهود المعدّلين ، ثم تولى إشراف الوقف العام (٥) ، ونظر في أوقاف المدرسة النظامية سنة ٦٠٠ ه‍ / ١٢٠٣ م (٦). ثم ترك كل ذلك وانصرف لإقراء القرآن الكريم والتحديث والتأليف ، وقد أشارت المصادر إلى أنه قرأ عليه الكثيرون وحدثوا عنه (٧). إلا أننا لا نعلم السنة التي أقام فيها ببغداد ، ولكن يظهر مما جاء في أخباره أنه كان يتنقل في إقامته بين بغداد وواسط إلى حين وفاته ببغداد (٨).

__________________

(١) المنذري ، التكملة ، ٨ / ١٦٣٥. الذهبي ، تذكرة الحفاظ ، ٤ / ١٤١٤.

(٢) الصفدي ، الوافي بالوفيات ، ٣ / ١٠٢. الذهبي ، تذكرة الحفاظ ، ٤ / ١٤١٤.

(٣) المنذري ، التكملة ، ٨ / ١٦٣٥ ، ١٦٣٦. الصفدي ، الوافي بالوفيات ، ٣ / ١٠٢. الذهبي ، تذكرة الحفاظ ، ٤ / ١٤١٤. الإسنوي ، طبقات الشافعية ، ١ / ٥٤٢.

(٤) ابن خلكان ، وفيات الأعيان ، ٤ / ٣٩٤. الصفدي ، الوافي بالوفيات ، ٣ / ١٠٢.

(٥) ذيل (مخطوطة) ج ١ ، ق ٢ ، ورقة ١٥٨. الذهبي ، تذكرة الحفاظ ، ٤ / ١٤١٥.

(٦) الصفدي ، الوافي بالوفيات ، ٣ / ١٠٣.

(٧) الذهبي ، تذكرة الحفاظ ، ٤ / ١٤١٥.

(٨) لقد وردت في كتابه إشارات كثيرة إلى سماعه وقراءته وكتابته وحضوره الصلاة على أشخاص توفوا بواسط مما يدل على أنه كان يتردد إلى هذه المدينة كثيرا. انظر مثلا : ذيل (مخطوطة) ج ١ ، ق ١ ، ورقة ١٢ ، ٣٦ ، ٧٩ ، ٩٥ ، ج ١ ، ق ٢ ، ورقة ١٢٨ ، ١٤٧ ، ١٥٠ ، ١٥٧ ، ١٦٣ ، ١٨٨ ، ج ٢ ، ق ١ ، ورقة ٣٦ ، ١٥٣ ، ج ٢ ، ق ٢ ، ورقة ٥٥ ، ٥٦ ، ٧٠ ، ١٢٥ ، ١٤٦ ، ١٧٨. انظر أيضا : بحشل ، تاريخ واسط ، ٢٩٥. ابن نقطة ، إكمال الإكمال ، (مخطوطة) ورقة ٢٤٨ ب.

٣٠١

وقد صنف ابن الدبيثي كتابين في تاريخ المدن ، الأول هو «ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد» وهو ذيل على «ذيل تاريخ بغداد» لأبي سعد السمعاني (ت ٥٦٢ ه‍ / ١١٦٦ م) (١). ترجم فيه لمن كان ببغداد من الخلفاء والوزراء وكبار الموظفين وكبار العلماء والقراء والمحدثين والأدباء والشعراء وغيرهم ممن عاش ببغداد ، أو لهم صلة بها ممن توفوا بين سنة ٥٦٢ ه‍ وسنة ٦٢١ ه‍ / ١١٦٦ ـ ١٢٢٤ م وآخرين قبلهم مما استدركه على أبي سعد السمعاني ، وآخرين تأخرت وفياتهم عن سنة ٦٢١ ه‍ / ١٢٢٤ م (٢) وهو في ثلاثة أجزاء إلا أنه لم يصل إلينا كاملا (٣).

أما كتابه الثاني فهو «تاريخ واسط» (٤) وقد فقد ، وقد قال فيه بعض

__________________

(١) المنذري ، التكملة ، ٨ / ١٦٣٦. ابن خلكان ، وفيات الأعيان ، ٤ / ٣٩٤. الصفدي ، الوافي بالوفيات ، ٣ / ١٠٢. الذهبي ، تذكرة الحفاظ ، ٤ / ١٤١٥. الإسنوي ، طبقات الشافعية ، ١ / ٥٤٢.

(٢) أما عن موارد الكتاب وأهميته والمؤرخين الذين نقلوا عنه ، راجع : الذهبي ، المختصر المحتاج إليه ، ج ٢ المقدمة ، ١٤ ـ ١٦. بدري محمد فهد ، ابن الدبيثي وكتابه تاريخ بغداد ، مجلة المورد ، م ٣ ، عدد ٣ ، ١٩٧٤ ، ص ٣١٧ ـ ٣٢٨. ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد ، المقدمة ، ٣٣ ـ ٥٤.

(٣) بعد المقارنة التي قام بها الدكتور بشار عواد معروف تبين أن المجلد الأول منه في مكتبة شهيد علي باستانبول (برقم ١٨٧٠). والمجلد الثاني في المكتبة الأهلية بباريس برقم (٥٩٢٢ عربيات) وهذا المجلد هو تكملة للمجلد الأول. وتوجد نسخة من المجلد الثاني لنسخة أخرى في المكتبة الأهلية بباريس رقم (٢١٣٣ عربيات). وهاتان النسختان مصورتان في مكتبة الدراسات العليا بكلية الآداب بجامعة بغداد. وتوجد نسخة في كيمبرج برقم (٢٩٢٤) هي المجلد الثالث من الكتاب من نسخة لا علاقة لها بالنسخ السابقة ، وقد صور المجمع العلمي العراقي نسخة من هذا المجلد. انظر : ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد ، المقدمة ص ٤٨ ـ ٥٤.

ويقوم الآن الدكتور بشار عواد معروف بتحقيق هذا الكتاب وقد صدر منه الجزء الأول والثاني ضمن سلسلة كتب التراث التي تصدرها وزارة الثقافة والإعلام العراقية ، برقم (٣٦) لسنة ١٩٧٤ ورقم (٨٤) لسنة ١٩٧٩.

(٤) المنذري ، التكملة ، ٨ / ١٦٣٦. ابن خلكان ، وفيات الأعيان ، ٤ / ٣٩٤. السبكي ، طبقات الشافعية ، ٥ / ٢٦. الإسنوي ، طبقات الشافعية ، ١ / ٥٤٢. الذهبي ، معرفة

٣٠٢

المؤرخين إنه «تاريخ كبير» (١) ومن المرجح أن مؤلفه سار في خطته ومنهجه على نحو ما كتب في كتابه الأول.

أما في مجال تاريخ التراجم فقد صنف ابن الدبيثي ثلاثة كتب هي : «معجم شيوخه» (٢) و «طبقات القراء» (٣) و «المشتبه» (٤) وقد نقل ابن قاضي شهبة عن الكتابين الأخيرين في كتابه «طبقات النحاة واللغويين» (٥).

ومما تجدر الإشارة إليه هو أن المؤرخين الذين كتبوا عن ابن الدبيثي كانوا قد أجمعوا على فضله وعلمه وثقته ، فياقوت الذي كان معاصرا له قال عنه : «شيخنا الذي استفدنا منه ، وعنه أخذنا» (٦) وأشار تلميذه ابن النجار إلى المنزلة العلمية الرفيعة التي كان عليها ابن الدبيثي فقال (٧) : «وقلّ أن جمع شيئا إلا وأكثره على ذهنه ، وله معرفة بالحديث والأدب والشعر ... صحبته عدة سنين وما رأت عيناي مثله في حفظ التواريخ والسير وأيام الناس» ولما مات قال عنه ابن النجار : «ولقد مات عديم النظير في فنه» (٨). ويذكر المنذري فيما يتعلق به أيضا فيقول «كان أحد الحفاظ المشهورين والنبلاء المذكورين ، غزير الفضل وكتب كثيرا ، وله نظم

__________________

القراء ، ٢ / ٥٠٠. تذكرة الحفاظ ، ٤ / ١٤١٥. الوافي بالوفيات ١ / ٤٧ ، ٣ / ١٠٢. ابن الجزري ، غاية النهاية ، ٢ / ١٤٥. السخاوي ، الإعلان بالتوبيخ ، ٦٥٤. شذرات الذهب ، ٥ / ١٨٥. حاجي خليفة ، كشف الظنون ، ١ / ٣٠٩.

(١) المنذري ، التكملة ، ٨ / ١٦٣٦. الصفدي ، الوافي بالوفيات ، ٣ / ١٠٢. الذهبي ، تذكرة الحفاظ ، ٤ / ١٤١٥.

(٢) الذهبي ، تذكرة الحفاظ ، ٤ / ١٤١٥.

(٣) ابن قاضي شهبة ، طبقات النحاة واللغويين (مخطوطة) ، ق ١ ، ورقة ٥٢.

(٤) ن. م ، ورقة ٣.

(٥) ن. م ، ورقة ٥٢.

(٦) الصفدي ، الوافي بالوفيات ، ٣ / ١٠٣ (نقلا عن ياقوت).

(٧) الذهبي ، تذكرة الحفاظ ، ٤ / ٤١٥ (نقلا عن ابن النجار).

(٨) الذهبي ، تذكرة الحفاظ ، ٤ / ٤١٥ (نقلا عن تاريخ ابن النجار).

٣٠٣

ونثر حسن. ولنا منه إجازة كتب بها إلينا غير مرة» (١) ووصفه الذهبي فقال (٢) : «الإمام الحافظ الثقة المقرىء ، مؤرخ العراق».

ومن المؤرخين الذين ظهروا بواسط في هذه الفترة ابن المهذب (٣) الذي صنف كتاب «عجائب واسط» (٤) ، ولا نعلم لهذا الكتاب نسخة ما.

ومن كبار مؤرخي واسط أبو يحيى عماد الدين زكريا بن محمد بن محمود القزويني (ت ٦٨٢ ه‍ / ١٢٨٣ م) مؤلف كتاب «آثار البلاد وأخبار العباد» الذي تقدم ذكره (٥). وهو كتاب يبحث في الجغرافية التاريخية ، قسم فيه العالم إلى سبعة أقاليم ، وأورد معلومات تاريخية مفيدة عن بلدان هذه الأقاليم ومدنها ، وتحدث عن سير مشاهير الرجال فيها (٦) ، ويرى (براون) أن رواياته عن بعض هؤلاء الرجال تعتبر من أقدم ما وصلنا عنهم (٧).

ب ـ الجغرافية :

في هذا العلم لا نسمع بوجود علماء واسطيين اختصوا فيه فيما عدا أبا يحيى عماد الدين زكريا بن محمد بن محمود القزويني الذي تحدثنا عنه مؤرخا ، مؤلف كتاب «آثار البلاد وأخبار العباد» وهو كتاب يبحث في الجغرافية التاريخية كما أشرنا سابقا وقد نقل المؤلف الكثير من مؤلفات

__________________

(١) التكملة ، ٨ / ١٦٣٦.

(٢) تذكرة الحفاظ ، ٤ / ١٤١٤. انظر : معرفة القراء الكبار ، ٢ / ٥٠٠.

(٣) لم نقف على سنة وفاته ، ولكن المؤرخ أبا طالب علي بن أنجب المعروف بابن الساعي (ت ٦٧٤ ه‍) مؤلف كتاب «مختصر أخبار الخلفاء» نقل من كتابه فيكون ابن المهذب ممن عاش قبل هذا التاريخ.

(٤) ابن الساعي ، مختصر أخبار الخلفاء ، ١٠٣. الزركلي ، الأعلام ، ١ / ١٦٩.

(٥) انظر : المدارس.

(٦) انظر مثلا : ٦٠ ، ٦٩ ، ٧٠ ، ٩٦ ، ٩٩ ، ٢٥٥ ، ٣٣٢ ـ ٣٣٤ ، ٣٤٠ ، ٣٥٠ ، ٣٧٩ ، ٤١٢ ـ ٤١٦ ، ٤٣٦ ـ ٤٤٠ ، ٤٦٢ ، ٤٦٣ ، ٤٧٤ ، ٤٧٥ ، ٥٦٩ ـ ٥٧٤.

(٧) كراتشكوفسكي ، تاريخ الأدب الجغرافي العربي ، ق ١ ، ٣٦٤.

٣٠٤

كبار الجغرافيين العرب الذين سبقوه كابن الفقيه الهمداني (١) ، والإصطخري (٢) ، والمسعودي (٣) ، وياقوت الحموي (٤) وغيرهم (٥). كما أفاد من مشاهدات الرحالة خاصة ما يتعلق بإفريقية والأندلس والبلدان الأوروبية من أمثال أحمد بن فضلان (٦) وأبي الربيع سليمان الملتاني (٧) وإبراهيم بن يعقوب الطرطوشي (٨) وأبو حامد الأندلسي (٩) وأحمد بن عمر العذري (١٠).

والكتاب مرتب على ثلاث مقدمات ، المقدمة الأولى يتكلم فيها عن الحاجة إلى إنشاء المدن والقرى ، ثم اختيار المكان المناسب لإنشاء المدن ، وأثر ذلك على نشاط السكان وصحتهم ، وخطط المدن العربية ، واختلاف المدن فيما بينها لاختلاف موقعها وتربتها وهوائها (١١). والمقدمة

__________________

(١) انظر : ٤٦ ، ٥٠ ، ٥٥ ، ٦٢ ، ٦٨ ، ١٢٠ ، ١٤١ ، ١٤٢ ، ١٤٩ ، ١٨٧ ، ١٨٨ ، ١٩٢ ، ٢٠٢ ، ٢١٩ ، ٢٤٧ ، ٣٤٦ ، ٤٠٥ ، ٤٣٣ ، ٤٣٥ ، ٤٤١ ، ٤٤٥ ، ٤٦٤ ، ٤٦٥ ، ٤٧١ ، ٤٩١ ، ٤٩٢ ، ٤٩٥ ، ٥٥١ ، ٥٥٩ ، ٥٦١ ، ٥٩٤ ، ٦٠٣.

(٢) انظر : ٦١ ، ٩٠ ، ٩٥ ، ١٠١ ، ١٢١ ، ١٢٥ ، ١٤٨ ، ١٨١ ، ١٨٨ ، ٢٠٣ ، ٢٤٤ ، ٤٢٦ ، ٥٣٨ ، ٥٥٤ ، ٥٥٨ ، ٦٠٣.

(٣) انظر : ٢٣ ، ٥٣ ، ١٣٠ ، ١٤٤ ، ١٤٧ ، ١٥١ ، ٢٦٧ ، ٥٧٦ ، ٦١٤.

(٤) كراتشكوفسكي ، تاريخ الأدب الجغرافي العربي ، ٣٦٥.

(٥) يذكر كراتشكوفسكي ، أن فستنفلد الذي حقق الكتاب ونشره عدّد ما يقرب من خمسين مؤلفا من الذين رجع إليهم القزويني في تأليفه لكتابه هذا ، تاريخ الأدب الجغرافي ق ١ ، ٣٦٥. انظر أيضا : e.i.i ,vol.٢ ,p.٣٤٨.

(٦) انظر : ٥٢٦ ، ٥٨٦ ، ٦٠٩ ، ٦١٥.

(٧) انظر : ٥٧ ، ١١٢ ، ١٤٨ ، ٢٠٨ ، ٢٧٣.

(٨) انظر : ٥٧٥ ، ٥٩٠ ، ٦٠١ ، ٦٠٧ ، ٦٠٨.

(٩) انظر : ١٧٩ ، ١٨٢ ، ٢٠١ ، ٢٢٥ ، ٢٨٤ ، ٢٩١ ، ٥٢٦ ، ٥٤٧ ، ٥٦١ ، ٥٦٢ ، ٥٦٤ ، ٥٧٨ ، ٥٩٥ ، ٦١٢ ، ٦١٣ ، ٦١٥ ، ٦٢٠.

(١٠) انظر : ٢١٦ ، ٢٤٠ ، ٤٩٦ ، ٥٠٢ ، ٥٠٣ ، ٥٠٤ ، ٥٠٥ ، ٥٠٦ ، ٥١٢ ، ٥٣٤ ، ٥٤٠ ، ٥٤١ ، ٥٤٢ ، ٥٤٥ ، ٥٤٦ ، ٥٤٧ ، ٥٤٩ ، ٥٥٢ ، ٥٥٣ ، ٥٥٥ ، ٥٥٦ ، ٥٦٧ ، ٥٦٨ ، ٥٧٦ ، ٥٧٧ ، ٦٠٧ ، ٦١٠.

(١١) آثار البلاد ، ٧ ، ٨.

٣٠٥

الثانية في الجغرافية المناخية ، تكلم فيها عن توزيع الحرارة والتضاريس الأرضية على سطح الكرة الأرضية وعلاقتها بنشاط الإنسان وتواجد النبات والحيوان والمعادن ، فذكر أن اشتداد البرد في القطب الشمالي وارتفاع الحرارة في المناطق الاستوائية يحولان دون تواجد الإنسان والحيوان والنبات في هذه المناطق (١).

أما المقدمة الثالثة فقد قسم فيها الكرة الأرضية إلى قسمين ، القسم الشمالي الذي هو معتمر ومسكون ، والقسم الجنوبي غير المسكون ، ثم قسم القسم الشمالي إلى سبعة أقاليم ، ووصف في كل إقليم مختلف البلدان والمدن والجبال والبحيرات والأنهار والجزر (٢). ويحتوي الكتاب على خارطة مستديرة للعالم (٣) ولقد اشتمل الكتاب على كثير من المعلومات الجغرافية المفيدة عن أقطار العالم الإسلامي ، وبعض الأقطار الأوروبية ، والإفريقية ، فتكلم عن البحيرات والأنهار والعيون والطرق والتضاريس والثروة الزراعية ، والحيوانية والصناعة والمعادن (٤). وفي أثناء كلامه عن البلدان تناول بالوصف مختلف نواحي الحياة البشرية لتلك البلدان ، فتحدث عن عاداتهم وتقاليدهم (٥) وأديانهم (٦) ...

__________________

(١) ن. م ، ٩ ، ١٠.

(٢) آثار البلاد ، ١٢ ـ ٦٢١.

(٣) ن. م ، ١٣.

(٤) انظر مثلا : ٢٠ ، ٢٣ ، ٢٤ ، ٤٢ ، ٤٣ ، ٥٤ ، ٩٥ ، ١٤٨ ، ١٦١ ، ١٧١ ، ٢٠٦ ، ٣٩٣ ، ٣٤٩ ، ٣٥٢ ـ ٣٥٤ ، ٣٦٢ ، ٣٦٥ ، ٣٦٨ ، ٣٨٣ ، ٣٩١ ، ٤١٠ ، ٤٤٢ ، ٤٤٣ ، ٤٦٧ ، ٤٧٣ ، ٤٨١ ، ٤٩٤ ، ٥٠٢ ـ ٥٠٥ ، ٥١٢ ، ٥١٨ ، ٥٢٠ ، ٥٣٤ ، ٥٥٦.

(٥) انظر مثلا : ٢٣ ـ ٢٦ ، ٨١ ، ٩٧ ، ١٠٧ ، ١٣٧ ، ٢٠٦ ، ٢٢١ ، ٣٠٤ ، ٣٥٤ ، ٤٠٥ ، ٤٣٦ ، ٤٥٧ ، ٤٦٢ ، ٥٠١ ، ٥٣١ ، ٥٧٦ ، ٥٨٦ ، ٥٨٧ ، ٦١٥ ، ٦١٦.

(٦) انظر : ٢٤ ، ٨٢ ، ٩٧ ، ١٢١ ، ١٥٣ ، ٢٤٣ ، ٢٨٣ ، ٢٨٨ ، ٣٧٦ ، ٤٤٢ ، ٤٧٣ ، ٤٩٨ ، ٥٠١ ، ٥١٢ ، ٥٣٠ ، ٥٣٧ ، ٥٣٩ ، ٥٧٦ ، ٥٧٩ ، ٦١٠ ، ٦١٢ ، ٦١٤ ، ٦١٦.

٣٠٦

ومأكلهم (١) وملبسهم (٢) وحرفهم (٣). ثم تحدث عن علاقة الحرارة والبرودة بلون بشرة السكان ، فعزا سواد بشرتهم إلى ارتفاع الحرارة في بلدانهم (٤) ، كما عزا بياض بشرتهم ، وشقرة شعرهم إلى اشتداد البرد عندهم (٥).

ومن المواضيع التي طرقها القزويني في كتابه هذا ما يطلق عليها في الوقت الحاضر (جغرافية المدن) فقد جاء فيه وصف لعدد من المدن ثم تحدث عن نشأتها وتاريخها وتطورها ووضع خرائط للبعض منها (٦).

وهذا الكتاب حمل براون على القول (٧) : «وفي رأيي لم أصادف بين الكتب العربية كتابا ممتعا جديرا بالقراءة مثل هذا الكتاب».

ويقول كراتشكوفسكي : «وابن سعيد (٨) والقزويني هما أضخم الأسماء التي ظهرت في محيط الأدب الجغرافي لنهاية القرن الثالث عشر وإلى جانبهما تتضاءل أسماء أولئك الرحالة الذين اكتسب كل واحد منهم أهمية معينة في محيطه الخاص ، ولكنهم لم يلعبوا دورا هامّا في المحيط

__________________

(١) انظر مثلا : ٨١ ، ٨٢ ، ٣٥٣ ، ٥٨٣ ، ٥٨٤ ، ٦١٣.

(٢) انظر مثلا : ١٩ ، ٨٢ ، ٥٨١ ، ٥٨٤.

(٣) انظر مثلا : ٢٩٧ ، ٣٣٩ ، ٥٢٠ ، ٥٥١ ، ٥٧٦ ، ٥٧٧ ، ٥٨١.

(٤) آثار البلاد ، ٢٠ ، ٢٢ ، ٢٤.

(٥) ن. م ، ٥٣٠ ، ٥٨٦.

(٦) انظر : ١٥ ، ١٦ ، ١٥٩ ـ ١٦٣ ، ١٨٩ ـ ١٩٢ ، ٢٤٠ ، ٢٤٦ ، ٢٥٠ ـ ٢٥٨ ، ٣٠٩ ـ ٣٢٨ ، ٣٨٥ ، ٣٨٦ ، ٤٣٤ ، ٤٥٣ ، ٤٥٤ ، ٤٥٦ ، ٤٦١ ، ٥٠٦ ـ ٥٠٨ ، ٥١٠ ، ٥٢٢ ، ٥٣٦ ، ٥٩١ ـ ٥٩٣ ، ٦٠٤ ـ ٦٠٦.

(٧) تاريخ الأدب في إيران ، ٦١٣. والجدير بالذكر أن براون كان قد أخطأ عندما وضع القزويني مع الجغرافيين الإيرانيين وذلك لأن القزويني عربي أصلا وثقافة كما أسلفنا.

(٨) يعني أبا الحسن علي بن موسى بن محمد بن سعيد المغربى الجغرافي المتوفى سنة ٦٨٥ ه‍ / ١٢٨٦ م صاحب كتاب «المغرب في أخبار المغرب» وكتاب «بسط الأرض في الطول والعرض» و «كتاب الجغرافيا».

٣٠٧

العام» (١) وإنه «استخدم مصادر لم تصلنا» (٢).

وفي القسم الثاني من كتابه «عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات» يتحدث في «الجغرافية الطبيعية» ففي النواحي المناخية تكلم عن الطبقات الجوية (٣) ، وتكوين الغيوم والأمطار (٤) ، والرعد والبرق وما يتعلق بهما (٥) ثم حدوث الرياح واتجاهاتها وفوائدها (٦).

وتكلم عن كروية الأرض (٧) وتوزيع اليابس والماء على الكرة الأرضية (٨) وتوزيع الحرارة والأقاليم الحرارية عليها ، ثم بين علاقة ارتفاع الحرارة في المناطق الاستوائية واشتداد البرد في المناطق القطبية بالإنسان والحيوان والنبات (٩).

وقسم العالم إلى سبعة أقاليم (١٠) ، ثم تحدث بصورة مفصلة عن الجبال والأنهار والعيون والآبار في العالم والتي كانت معروفة في زمنه ثم عن أسباب تكوينها (١١) ، ثم عن أسباب تكوين الزلازل (١٢) ويعلل ذلك

__________________

(١) تاريخ الأدب الجغرافي العربي ، ق ١ ، ٣٦٧.

(٢) ن. م ، ق ١ ، ٣٦٦.

(٣) انظر : ١٣٨.

(٤) انظر : ١٣٩ ، ١٤٠.

(٥) انظر : ١٤٣ ، ١٤٤.

(٦) انظر : ١٤٠ ـ ١٤٣.

(٧) انظر : ١٩٥ ، ١٩٦.

(٨) انظر : ١٤٩ ، ١٥٠ ، يقول غوستاف لوبون بهذا الصدد : «وشاعت نظرية تطورات وجه الأرض بتنقل البحار وتحول شكل الأرض بين العرب ... كما نعلم ذلك ... من كتاب العالم الطبيعي القزويني» ، حضارة العرب ، ٤٨٦.

(٩) انظر : ١٩٧ ، ١٩٨.

(١٠) انظر : ١٩٨.

(١١) انظر : ١٤٩ ـ ٢٤٠.

(١٢) انظر : ١٩٨ ، ١٩٩.

٣٠٨

بتعليلات طبيعية وجيولوجية (١). وقد نقل القزويني في هذا الكتاب الكثير مما كتبه من سبقه من الجغرافيين العرب وغيرهم (٢). ومما تجدر الإشارة إليه هو أن بعض المعلومات في كتابه السابق كانت قد تكررت في كتابه هذا (٣).

وهذا الكتاب حمل سترك streck على القول : إن كتابه هذا يعتبر ذا أهمية كبرى ، ويمكن اعتباره أحسن ما كتبه العرب في العصور الوسطى بالنسبة لهذا الحقل من الدراسة. وقد قال : «ومن بين جميع الجغرافيين العرب يمكن اعتبار القزويني هيرودوت العصور الوسطى ، أو اعتباره بليني العرب» (٤).

٥ ـ العلوم العقلية

أ ـ الطب والصيدلة :

لقد أسهمت واسط في هذا العلم منذ إنشائها سواء بواسطة المؤلفات الطبية التي صنفها أطباء هذه المدينة ، أو تدريس الطب فيها ، فقد أشارت المصادر إلى أن «تياذوق» (ت ٩٠ ه‍ / ٧٠٨ م) طبيب الحجاج بن يوسف الثقفي الخاص ، كان بارعا في الطب ، وكان الحجاج يعتمد عليه ويثق بمداواته ، صنف لابنه «كناش» كبير ، وكتاب «إيدال الأدوية وكيفية دقها وإيقاعها وإذابتها» وكتاب «تفسير أسماء الأدوية» (٥).

__________________

(١) انظر : ١٩٩ ، ٢٠٠ ، ٢١٨ ، ٢١٩ ، ٢٢٧.

(٢) انظر مثلا : ١٥٣ ، ١٦٥ ، ١٧٣ ، ١٧٦ ، ١٧٨ ، ١٩٦ ، ١٩٧ ، ٢٠٩ ، ٢١١ ، ٢٢٧ ، ٢٣٢ ، ٢٣٦.

(٣) انظر : ١٩٧ ، ١٩٨.

(٤) e.i.i ,vol.٢ ,p.١٤٨ ,

(٥) ابن أبي أصيبعة ، عيون الأنباء ، ١٨١. القفطي ، تاريخ الحكماء ، ١٠٥ ، البلاذري ، ٣ / ٢٤٣ ، ٢٤٤. ابن كثير ، البداية والنهاية ، ٩ / ٨٠. أما في أقواله في الطب وهي من وصاياه الصحية إلى الحجاج ، فانظر : ابن أبي أصيبعة ، عيون الأنباء ، ١٧٩ ـ ١٨١.

٣٠٩

وكان لتياذوق تلاميذ بواسط تقدموا في الطب بعده منهم الطبيب فرات بن شحناثا اليهودي (ت في أيام الخليفة المنصور ١٣٦ ـ ١٥٨ ه‍ / ٧٥٣ ـ ٧٧٤ م) وقد وصف بأنه كان «طبيب فاضل كامل في وقته متقدم العهد» (١) خدم الحجاج بعد وفاة أستاذه ، ثم قدم إلى بغداد في آخر عمره ، ودخل في خدمة عيسى بن موسى (٢) ، وكان كما يقول القفطي «يشاوره في كل أموره ويعجبه عقله ورأيه وصواب قصده» (٣).

لا نجد أية إشارة إلى الأطباء الواسطيين بعد ذلك حتى بداية القرن الخامس الهجري / الحادي عشر الميلادي. ولكن من الراجح أنه نبغ في هذه الفترة عدد من الأطباء من تلامذة تياذوق وتلامذتهم وغيرهم. إلا أن أخبارهم لم تصل إلينا.

أما في القرن الخامس الهجري / الحادي عشر الميلادي وما بعده فقد نبغ بواسط عدد من الأطباء منهم : أبو الحسين عبد الله بن عيسى بن بختويه (ت بعد سنة ٤٢٠ ه‍ / ١٠٢٩ م) الذي وصف بأن لديه معرفة في صناعة الطب ، وأنه كان مطلعا على تصانيف القدماء ، وله نظر فيها ودراية (٤) وكان والده طبيبا أيضا (٥). ومن مؤلفاته الطبية كتاب «المقدمات» الذي يعرف أيضا ب «كنز الأطباء» ألفه لابنه سنة ٤٢٠ ه‍ / ١٠٢٩ م وكتاب «الزهد في الطب» وكتاب «القصد إلى معرفة الفصد» (٦).

__________________

(١) القفطي ، تاريخ الحكماء ، ١٠٥ ، ٢٥٥. انظر : ابن أبي أصيبعة ، عيون الأنباء ، ٢٣٠ ، ٢٣١.

(٢) عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس ، كان واليا للعهد زمن الخليفة المنصور ثم خلع وبويع للمهدي محمد بن المنصور. الطبري ، ٨ / ٩ ـ ٢٥. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٥ / ٥٧٧.

(٣) تاريخ الحكماء ، ١٠٥.

(٤) ابن أبي أصيبعة ، عيون الأنباء ، ٣٤٠.

(٥) ن. م ، ٣٤٠.

(٦) ن. م ، ٣٤٠.

٣١٠

وموفق الدين أبو طاهر أحمد بن محمد بن العباس المعروف بابن البرخشي ، (كان حيّا سنة ٥٦٠ ه‍ / ١١٦٤ م) الذي قال فيه عماد الدين الأصبهاني الذي كان صديقا له : كان «فيلسوف العصر في الحكمة والطب ... قد برعت في العلم صناعته ... متطرق لكل علم عارف بكل فن» (١) ويبدو أنه كانت له مؤلفات في الطب فقد ذكر ابن أبي أصيبعة أنه كان «فاضل في الصناعة الطبية ... وقد رأيت من خطه ما يدل على رزانة عقله وغزارة فضله» (٢). ويذكر ابن أبي أصيبعة أيضا أنه كان قد عالج نوعا من المرض بواسط كان يطلق عليه مرض «الاستسقاء» وذلك بواسطة تناول بعض أنواع الحشائش التي كانت تعيش في تلك المنطقة ، وأنه هو الذي اكتشف ذلك بعد أن عالج مريضا كان يعاني من هذا المرض (٣).

وأبو العلاء محفوظ بن المسيحي بن عيسى النصراني (ت في أوائل سنة ٥٦٠ ه‍ / ١١٦٤ م) الذي وصف بأنه كان «طبيبا فاضلا نبيلا مذكورا في وقته عالما بصناعة الطب» (٤). وقد أشار عماد الدين الأصبهاني إلى أن له أشعارا ذكر منها طرفا في كتابه «خريدة القصر وجريدة أهل العصر» وكان يعالجه مدة إقامته بواسط وقال فيه : «كان عالما فاضلا مرضي الصنعة في مداواة المرضى ، مستقيم الرأي في تسقيم السقيم» (٥).

والجدير بالذكر أن الوزير مؤيد الملك أبا علي الحسن بن الحسين الرفجي أمر ببناء مارستان بواسط سمي «المارستان المؤيدي» افتتح سنة

__________________

(١) خريدة القصر ، ج ٤ ، م ١ ، ٤٠٠. انظر : ابن أبي أصيبعة ، عيون الأنباء ، ٣٤٥ ، ٣٤٦. ويذكر الأصبهاني أن له أشعارا في الحكمة وغيرها ، ذكر منها طرفا في كتابه «خريدة القصر وجريدة العصر» ج ٤ ، م ١ ، ٤٠١.

(٢) عيون الأنباء ، ٣٤٥.

(٣) عيون الأنباء ، ٣٤٥.

(٤) القفطي ، تاريخ الحكماء ، ٣٢٧ ، ٣٢٨. انظر الأصبهاني ، خريدة القصر ، ج ٤ ، م ٢ ، ٤٩٨.

(٥) خريدة القصر ، ج ٤ ، م ٢ ، ٤٩٨ ـ ٥٠٥.

٣١١

٤١٣ ه‍ / ١٠٢٢ م ، وعين له خزانا وأطباء ووكلاء ، وأكثر فيه من الأدوية والأشربة ووقف عليه الوقوف الكثيرة ، وهو أول مارستان يشيد بواسط كما يقول ابن الجوزي (١).

هذا وقد تردد ذكر هذه المؤسسة الصحية بواسط في فترات مختلفة مما يدل على وجودها واستمرارها في تقديم الخدمات الصحية إلى سكان هذه المدينة (٢). ولعل تعرض واسط لهجمات شديدة من الأمراض التي كان يسببها وجود البطائح التي كانت قريبة منها هو الذي أدى إلى إنشاء هذه المارستان واستمراره في أداء عمله (٣).

أما الصيدلة فإن أقدم ما وصلنا عنها في هذه المدينة ما قدمه ابن الجوزي سنة (٤٧٩ ه‍ / ١٠٨٦ م) فقد ذكر أنه في هذه السنة وقعت نار بواسط فأحرقت سوق الصيدلية من الجانبين (٤).

يفهم من هذا النص أنه كان بواسط مجموعة من الصيادلة ، إلا أن

__________________

(١) المنتظم ، ٨ / ٨ ، ١٠٠ ، ١٠١. انظر : الكامل في التاريخ ، ٩ / ٣٢٩. الصفدي ، الوافي بالوفيات ، ١٢ / ٣٥٦. العيني ، عقد الجمان (مخطوطة) ق ٤ ، ج ١٩ ، ورقة ٧٠٦ ، ق ٥ ، ج ١٩ ، ورقة ٨٥٤. ذكر عدي يوسف مخلص أن المقدسي أشار في ص ٤٣٠ من كتابه «أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم» إلى وجود مارستان بواسط (المقدسي البشاري ، ص ٢٠٤) وعند مراجعتي لكتاب المقدسي لم أجد ما أشار إليه الباحث الفاضل.

(٢) انظر : سؤالات السلفي ، ٤٤. ذيل (مخطوطة) ج ١ ، ق ١ ، ورقة ١١٣ ، ج ١ ، ق ٢ ، ورقة ١٤٢ ، ورقة ١٤٩ (كيمبرج). التاريخ المجدد (مخطوطة) ج ١٠ ، م ٣ ، ورقة ١١٢ ب. المنذري ، التكملة ، ٣ / ١٧٣ ، ٤ / ١٢٧. الجامع المختصر ، ٩ / ٢٢. الرخجي : تقلد الوزارة لمشرف الدولة لمدة سنتين ثم عزل (ت ٤٣٠ ه‍). المنتظم ، ٨ / ١٠٠ ، ١٠١. الصفدي ، الوافي بالوفيات ، ١٢ / ٣٥٦ ، ٣٥٧.

(٣) عن أخبار الأمراض التي تعرضت لها واسط انظر : ابن الجوزي ، المنتظم ، ٦ / ٣٧٧ ، ٨ / ١٨٠ ، ٢٩٠ ، ٣٠٧. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٩ / ٦٣٦ ، ١٠ / ٣٩٦. ابن تغري بردي ، النجوم الزاهرة ، ٥ / ٦١. العيني ، عقد الجمان (مخطوطة) ق ٢ ، ج ٢٠ ، ورقة ٣١٣ ، ٣٢٧.

(٤) المنتظم ، ٩ / ٢٧.

٣١٢

أخبارهم لم تصل إلينا ، لأن بعضهم على ما يبدو ، كانوا من المحدّثين والقراء والفقهاء وغيرهم ، لأن العلماء كانوا يجمعون بين مختلف العلوم آنذاك ، فأبو الحسن علي بن محمد بن علي الواسطي الصيدلاني (ت ٤٠٩ ه‍ / ١٠١٨ م) كان من رواة الحديث أيضا (١) ، وكان أبو الأزهر المظفر بن القاسم بن عبيد الله الصيدلاني مقرئا للقرآن الكريم (٢) ، فجاءتنا أخبارهما ونشاطهما العلمي مع المحدثين والمقرئين ، وذلك لأن مصنفي كتب التراجم والطبقات يهتمون عادة بترجمة القراء والمحدثين والفقهاء والأدباء ونشاطاتهم العلمية في هذه الجوانب ويترددون في ذكر نشاطاتهم العلمية الأخرى.

وإضافة إلى ما تقدم فقد كان يطلق على الصيدلاني لقب العطار (٣) ، وقد يكون الطبيب صيدلانيّا في نفس الوقت ، أو بالعكس ، وذلك لعدم وجود التخصص الدقيق آنذاك (٤).

ب ـ الفلك والنجوم :

إن أقدم ما وصلنا عن علم الفلك والنجوم بواسط هو ما جاء عند السلفي ، فقد ذكر في ترجمة أبي الحسن هبة الله بن محمد بن موسى بن الصفار (ت ٤٨٦ ه‍ / ١٠٩٣ م) أنه كان «إماما في النجوم قوم لثلاثين سنة آتية» (٥) إلا أنه من المرجح أن هذا العلم ظهر في هذه المدينة قبل هذا

__________________

(١) ابن ماكولا ، الإكمال ، ٢ / ٤١١. سؤالات السلفي ، ٢٣. ابن النجار ، التاريخ المجدد (مخطوطة) ج ١٠ ، م ١ ، ورقة ١٣٩. ابن نقطة ، إكمال الإكمال ، (مخطوطة) ورقة ٢٢٢ أ. الغساني ، العسجد المسبوك (مخطوطة) ج ٢ ، ق ١ ، ورقة ١٨ ب.

(٢) المنذري ، التكملة ، ٥ / ١٢.

(٣) النيسابوري ، عطار نامه ، ١٥٠.

(٤) انظر : محمد كمال الدين عز الدين ، الصيدلة في التراث العربي ، مجلة المورد م ٦ ، عدد ٤ ، ١٩٧٧ ، ص ١٩٢.

(٥) سؤالات السلفي ، ٧٠.

٣١٣

التاريخ لأن واسط ـ كما سبق أن ذكرنا ـ أنشئت في منطقة كانت تعد مركزا من مراكز المسيحية في العراق ، وقد جاء في المصادر أن السريان قاموا بترجمة الكتب اليونانية إلى اللغة السريانية (١) ، وأنهم انشأوا بمنطقة واسط عددا من المدارس كانت تدرس فيها مختلف العلوم اليونانية من طب وفلسفة وفلك ورياضيات وغيرها باللغة السريانية (٢) وقد واصل السريان هذه الحركة إلى ما بعد الفتح العربي للعراق (٣). وقد نبغ عدد من العلماء الذين اشتهروا بهذه العلوم (٤). فمن المحتمل جدا أن بعض المهتمين بالعلوم من أهل واسط كانوا قد اتصلوا بهؤلاء العلماء واطلعوا على الكتب التي ألفت من قبلهم أو التي ترجمت إلى لغتهم لا سيما الفلكية منها والطبية وذلك لحاجتهم إليها ولعدم تأثيرها بالدين الإسلامي.

وربما كان لوجود الصابئة بواسط ومنطقتها أثر في ظهور هذا العلم أيضا فقد كان هؤلاء يعبدون النجوم والكواكب ويقيمون الهياكل لها (٥) ، كما أن هؤلاء الصابئة كانوا قد هاجروا من مدينة حران التي قد اشتهرت في العلوم الفلكية والرياضية (٦).

وإضافة إلى ما تقدم فقد أشارت المصادر إلى أن سكان منطقة واسط

__________________

(١) دي بور ، تاريخ الفلسفة في الإسلام ، ١٩. أحمد أمين ، فجر الإسلام ، ١٣٠. ضحى الإسلام ، ١ / ٢٦١.

(٢) ماري بن سليمان ، أخبار فطاركة كرسي المشرق ، ٥ ، ٧ ، ٢٨. الديورة في مملكتي الفرس والعرب ، ٥٦ ، ٥٨ ، ١٠١. الكلداني ، ذخيرة الأذهان ، ١ / ٥٠ ، ٥٦ ، ٩٢ ، ١٩٦ ، ١٩٧ ، ٢٧١. أدي شير ، تاريخ كلد وآثور ، ٢ / ٢٨٢. مدارس العراق قبل الإسلام ، ٩٨.

(٣) مدارس العراق قبل الإسلام ، ١٠٠.fiey ,op.cit.,p.٤٦١.

(٤) مصادر حاشية (٢) في هذه الصفحة.

(٥) المسعودي ، مروج الذهب ، ١ / ٢٢٢ ، ٢٢٣. ابن النديم ، الفهرست ، ٣٤١.

(٦) دراور ، الصابئة المندائيون ، المقدمة ، ١٣. انظر : رشدي عليان ، أصحاب الروحانيات أو الصابئة المندائيون ، مجلة المورد ، م ٥ ، عدد ٢ ، ١٩٧٦ ، ص ٦١.

٣١٤

كانوا يمارسون التنجيم في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي (١).

ومن العلماء الذين برزوا في هذا العلم بواسط أيضا أبو الحسن علي ابن أحمد بن علي الواسطي المعروف بابن دواس القنا (ت ٦١٢ ه‍ / ١٢١٥ م) الذي كانت «له يد جيدة في معرفة علم النجوم وعمل التقاويم» (٢) ويذكر القفطي أن هذا العالم كان قد قرأ علم الأوائل ، وانفرد بمعرفة علم النجوم وأجاد في ذلك ، واشتهر به ، رحل إلى بغداد وأقام بها وأخذ عنه جماعة من أهلها (٣).

ومن أعظم علماء الفلك بواسط أبو يحيى عماد الدين زكريا بن محمد ابن محمود القزويني (ت ٦٨٢ ه‍ / ١٢٨٣ م) الذي سبق أن تحدثنا عنه مؤرخا وجغرافيّا مؤلف كتاب «عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات» خصص القسم الأول منه لعلم الفلك والنجوم ، وتكلم فيه عن حقيقة الأفلاك وأشكالها وأوصافها وحركاتها بصورة مجملة ثم تحدث عن القمر والشمس والنجوم وسكان العالم العلوي (أي الملائكة) وعن التوقيتات والتقاويم العربية والسريانية والفارسية وما يرتبط بهما من أعياد ومناسبات (٤).

والكتاب مزود بأشكال وجداول فلكية (٥) وقد أفاد إيدلرideler في بحثه الممتاز الذي كتبه سنة ١٩٠٩ من وصف النجوم لدى القزويني (٦).

ويظهر أن واسط كانت قد اشتهرت بهذا العلم ، فقد أشار صاحب

__________________

(١) عبد الجبار ناجي ، كتاب المذاكرات في علم النجوم ، مجلة المورد ، م ٦ ، عدد ٤ ، السنة ١٩٧٧ ، ص ٩.

(٢) ذيل (مخطوطة) ج ٢ ، ق ٢ ، ورقة ٢١٦. انظر : ابن النجار ، التاريخ المجدد (مخطوطة) ج ١٠ ، م ٤ ، ورقة ١٧١ أ ، ١٧١ ب.

(٣) تاريخ الحكماء ، ٢٤٠.

(٤) عجائب المخلوقات ، ٤٦ ـ ١٣٠ (نشر دار الآفاق الجديدة ، بيروت).

(٥) ن. م ، ٧٣ ، ١١٤. كراتشكوفسكي ، تاريخ الأدب الجغرافي العربي ، ق ١ ، ٣٦٤.

(٦) كراتشكوفسكي ، تاريخ الأدب الجغرافي العربي ، ق ١ ، ٣٦٦.

٣١٥

كتاب الحوادث الجامعة إلى أن نصير الدين الطوسي قصد واسط بعد زيارته لبغداد عندما كان يجمع الكتب والمعلومات لمرصد مراغة وذلك في سنة ٦٦٢ ه‍ / ١٢٦٣ م (١).

ج ـ الرياضيات :

لقد اهتم علماء واسط بعلوم الرياضيات المتمثلة بالحساب والجبر والهندسة ، وبما أن معظم المهتمين بهذه العلوم كانوا من الفقهاء والمحدثين ، فإننا نجد أن هذه العلوم ارتبطت في هذه المدينة ارتباطا وثيقا بالفرائض وتقسيم الإرث والشروط وقياس الأراضي ، ولذلك كثيرا ما كان يجمع العلماء بين هذه العلوم (٢).

ولقد أنجبت واسط عددا كبيرا من العلماء كان أبرزهم أبو محمد الحسن بن علي بن محمد المعروف بابن السوادي الحاسب الملقب بالكامل (ت ٥٦٦ ه‍ / ١١٧٠ م) الذي كانت له معرفة جيدة بالحساب والجبر والمقابلة والهندسة وقسمة التركات ، وقد درس هذه العلوم بواسط وتخرج به جماعة (٣) وأبو جعفر هبة الله بن يحيى بن الحسن الواسطي الفقيه المحدث المعروف بابن البوقي (ت ٥٧١ ه‍ / ١١٧٥ م) (٤).

__________________

(١) الحوادث الجامعة ، ٣٥٠. مراغة : إحدى مدن أذربيجان. معجم البلدان ، ٥ / ٩٣.

(٢) انظر : سؤالات السلفي ، ٦٥ ، ٦٦ ، ٧٤. ذيل (مخطوطة) ج ١ ، ق ٢ ، ورقة ٢٩٤ ، ج ٢ ، ق ١ ، ورقة ١٦٥ ، ورقة ١٧٤ (كيمبرج). المنذري ، التكملة ، ٣ / ٣٦٠. ابن الفوطي ، تلخيص ، ج ٤ ، ق ١ ، ٥٠ ، ٥١.

(٣) ذيل (مخطوطة) ج ٢ ، ق ١ ، ورقة ١٦٥. ابن الفوطي ، تلخيص مجمع الآداب ، ٥ / ٣٩ (حرف الكاف) وأضاف هذا المصدر أنه كان عارفا بالكتاب الديواني والحساب القبطي. الصفدي ، الوافي بالوفيات ، ١٢ / ١٦٤.

(٤) انظر في ترجمته : المختصر المحتاج إليه ، ٣ / ٢٢٨ ، ٢٢٩. الأصبهاني ، خريدة القصر ، ج ٤ ، م ١ ، ٣٢٩. المنذري ، التكملة ، ١ / ٣١٨. الإسنوي ، طبقات الشافعية ، ١ / ٢٦٤. السبكي ، طبقات الشافعية الكبرى ، ٤ / ٤٢٢. ابن الفوطي ، تلخيص مجمع الآداب ، ٥ / ٢٧١ (حرف الميم).

٣١٦

ولعل أبرز عالم اشتهر في علوم الرياضيات في هذه المدينة هو أبو الفضائل جعفر بن محمد بن عبد السميع الهاشمي الحاسب (ت ٥٨٤ ه‍ / ١١٨٨ م) الذي برع في الحساب والجبر والهندسة والفرائض وقسمة التركات والشروط ، وألف كتابا في هذه العلوم (١) ، ويظهر أن أبا الفضائل درس هذه الكتب بواسط فقد قال ابن الدبيثي : «وكتب الناس عنه شيئا من مصنفاته» (٢) وكذلك نبغ في هذه الفترة من العلماء أبو العباس أحمد بن ثبات الهمامي الواسطي الحاسب (ت ٦٣١ ه‍ / ١٢٣٣ م) نشأ بواسط ثم تولى قضاء الهمامية ، وترك كل ذلك ورحل إلى بغداد وتولى تدريس علم الحساب والفرائض بالمدرسة النظامية أربعين سنة ، وألف في هذه العلوم كتبا (٣) وكان كما يقول صاحب كتاب الحوادث الجامعة «إذا أملى مسائل الحساب أتى بكلّ حسن» (٤).

ومجد الدين أبو محمد أحمد بن يحيى بن الطباخ الواسطي (كان حيّا سنة ٦٤٧ ه‍ / ١٢٤٩ م) الذي كان عالما بالحساب وأنواعه والمعاملات وقسمة التركات (٥).

وإلى جانب ما تقدم من العلماء فقد أشارت المصادر إلى عدد آخر كانوا قد برزوا في هذا العلم أيضا (٦).

__________________

(١) ذيل (مخطوطة) ج ١ ، ق ٢ ، ورقة ٢٩٤. ابن الفوطي ، تلخيص مجمع الآداب ، ج ٤ ، ق ١ ، ٥٠ ، ٥١.

(٢) ذيل (مخطوطة) ج ١ ، ق ٢ ، ورقة ٢٩٤.

(٣) الحوادث الجامعة ، ٦٢. المنذري ، التكملة ، ٦ / ١٠٧. الإسنوي ، طبقات الشافعية ، ٢ / ٥٥٢.

(٤) الحوادث الجامعة ، ٦٢. انظر : الإسنوي ، طبقات الشافعية ، ٢ / ٥٥٢.

(٥) ابن الفوطي ، تلخيص مجمع الآداب ، ٥ / ١٠٥ (حرف الميم). انظر : سؤالات السلفي ، ٦٥ ، ٦٦ ، ٧٤.

(٦) ذيل (مخطوطة) ١٧٤ (كيمبرج). المنذري ، التكملة ، ٣ / ٣٦٠. ابن خلكان ، وفيات الأعيان ، ٣ / ٣٩٧. ابن الفوطي ، تلخيص مجمع الآداب ، ج ٤ ، ق ١ ، ٣٨٢.

٣١٧

د ـ علوم أخرى :

إلى جانب ما تقدم من العلوم التي ظهرت بواسط نجد أن العالم أبو يحيى عماد الدين زكريا بن محمد بن محمود القزويني الذي تحدثنا عنه سابقا كان قد اهتم بعلوم أخرى تحدث عنها في كتابه «عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات» ففي الباب الذي خصصه للمعادن (علم الكيمياء) قسم المعادن إلى ثلاثة أنواع ، النوع الأول هو الفلزات ، والنوع الثاني الأحجار ، والنوع الثالث أطلق عليه اسم الأجسام الدهنية ، ثم تكلم عن نشوء هذه المعادن وخصائصها بصورة مفصلة (١). وقد اعتمد في ذلك على مؤلفات العلماء السابقين له (٢).

هذا وقد اهتم بعض العلماء الأوروبيين بهذا القسم من الكتاب فقام دي ساسي de sacy بطبعه (٣) وقام العلامة رسكاruska بدراسة عميقة له في مقال يتميز بالدقة وعمق التحليل (٤). كما قام بترجمة وطبع القسم المتعلق بالأحجار إلى اللغة الألمانية (٥).

أما في «علم النبات» فقد سبق القزويني عالم واسطي هو أبو الفضل هبة الله بن عبيد الله بن محمد الواسطي (ت قبل سنة ٥٧٦ ه‍ / ١١٨٠ م) الذي صنف كتابا في صفات الأشجار والأعشاب والأزهار والثمار ، قال السلفي : رأيت الكتاب ونقلت منه (٦).

__________________

(١) عجائب البلدان ، ٢٤٣ ـ ٢٨١ (نشر دار الآفاق الجديدة ، بيروت ، الطبعة الثانية ، ١٩٧٧).

(٢) عجائب البلدان ، ٢٤٣ ـ ٢٨١. كراتشكوفسكي ، تاريخ الأدب الجغرافي العربي ، ق ١ ، ٣٦٥.

(٣) كراتشكوفسكي ، تاريخ الأدب الجغرافي العربي ، ق ١ ، ٣٦٦.

(٤) ن. م ، ٣٦٦.

(٥) عدنان جواد الطعمة ، يوليوس روسكا والعلوم عند العرب ، مجلة المورد ، م ٦ ، عدد ٤ ، السنة ١٩٧٧ ، ص ١١٨.

(٦) ابن الفوطي ، تلخيص مجمع. الآداب ، ٥ / ٩٠ (حرف الكاف) نقلا عن السلفي.

٣١٨

أما القزويني فقد خصص الباب الثاني من القسم الثاني من كتابه السابق لعلم النبات ، تكلم في القسم الأول منه عن الأشجار وأنواعها وخصائصها ، وقدم لنا معلومات مفصلة عن البيئة التي تنمو فيها هذه الأشجار ، وإرشادات في كيفية زراعتها ، وتكلم في القسم الثاني عن أنواع أخرى من النباتات أطلق عليها اسم النجوم (١).

والكتاب مزود بالرسوم النباتية المصغرة (المنمنمات) miniatrues التي تبلغ أحيانا قمة الجودة والإتقان كما يقول سترك streck ) وقد ساعدت هذه الرسوم على تفسير مسائل على غاية الأهمية في التاريخ الطبيعي (٣).

ونظرا لما جاء في كتاب القزويني من معلومات قيمة في علم النبات نجد أن دي ساسي de sacy قام بطبع القسم المتعلق به (٤) وعالجه العلامة ياكوب jacob في أبحاث خاصة (٥).

وقد خصص القزويني الباب الثالث من القسم الثاني من كتابه «لعلم الحيوان» تكلم فيه عن الإنسان والحيوانات الأخرى (٦) وكلامه في هذا العلم «يدل على إدراكه تماما لعلاقة أعضاء الحيوان وحواسه به وبمحيطه وبفوائدها له. وهو إدراك يتفق والمفاهيم الحديثة في علم وظائف

__________________

(١) عجائب المخلوقات ، ٢٨١ ـ ٣٣٧ يقول القزويني : النجم : كل نبت ليس له ساق صلب مرتفع مثل الزروع والبقول والرياحين والحشائش البرية ، عجائب المخلوقات ، ٣٠٦.

(٢) e.i.i ,vol.٢ ,p.٣٤٨.

انظر : كراتشكوفسكي ، تاريخ الأدب الجغرافي العربي ، ق ١ ، ٣٦٤.

(٣) e.i.i ,vol.٢ ,p.٣٤٨.

كراتشكوفسكي ، تاريخ الأدب الجغرافي العربي ، ق ١ ، ٣٦٤.

(٤) كراتشكوفسكي ، تاريخ الأدب الجغرافي العربي ، ق ١ ، ٣٦٦.

(٥) ن. م ، ٣٦٦.

(٦) عجائب المخلوقات ، ٣٩٩ ـ ٤٩٥.

٣١٩

الأعضاء ، أي علم الفسلجة وعلم البيئة» (١) وقد تضمنت معلوماته عن الحيوان حقائق علمية ثابتة حتى الآن (٢).

والكتاب مزود بالرسوم الحيوانية المصغرة (المنمنمات) miniatures التي تبلغ أحيانا قمة الجودة والاتقان (٣). ويرى علماء الحشرات أنه ربما تكون هذه الرسوم وضعت بإشراف القزويني نفسه (٤). وقد اعتمد على هذا الكتاب عدد من المؤلفين المتأخرين مثل الدميري في كتابه «حياة الحيوان الكبرى» (٥).

وقد اهتم بعلم الحيوان لدى القزويني عدد من العلماء الأوروبيين ، فقد طبع دي ساسي de sacy «القسم المتعلق بالإنسان» ، وترجم «انسباخرansbacher» القسم المتعلق بالأرواح والمخلوقات العجيبة ، وعالج العلامة «ياكوب jacob» في أبحاث خاصة ما يتعلق بعلم الطيور.

وقدم لنا مؤرخ العلوم «فيدمان wiedemann» «في مجموعة من المقالات تحليلا لعدد من المسائل التي عالجها القزويني في محيط التاريخ الطبيعي (٦).

وكتابات القزويني في هذا العلم حملت غوستاف لوبون على القول : «ويعد القزويني المتوفى سنة ١٢٨٣ م والملقب ب (بليني المشارقة) من أشهر

__________________

(١) عزيز علي العزي ، عجائب المخلوقات للقزويني ، مجلة المورد ، م ٦ ، عدد ٤ ، السنة ١٩٧٧ ، ص ٣٣.

(٢) ن. م ، ٣٢.

(٣) e.i.i ,vol.٢ ,p.٣٤٨.

كراتشكوفسكي ، تاريخ الأدب الجغرافي العربي ، ق ١ ، ٣٦٤.

(٤) كراتشكوفسكي ، تاريخ الأدب الجغرافي العربي ، ق ١ ، ٣٦٢.

(٥) e.i.i ,vol.٢ ,p.٣٤٨.

كراتشكوفسكي ، تاريخ الأدب الجغرافي العربي ، ق ١ ، ٣٦٦.

(٦) كراتشكوفسكي ، تاريخ الأدب الجغرافي العربي ، ق ١ ، ٣٦٦.

٣٢٠