واسط في العصر العباسي

د. عبد القادر سلمان المعاضيدي

واسط في العصر العباسي

المؤلف:

د. عبد القادر سلمان المعاضيدي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٥٦

معلومات مفصلة عن تحديد ولاية واسط ، كما أورد معلومات واسعة عن مدن واسط وقراها اعتمدناها في دراسة التقسيم الإداري ، كما أفادنا كثيرا في شرح أسماء الأمكنة والمدن والقرى والأنهار التي وردت في هذا البحث.

المصادر الفقهية :

وقد زودتنا بمعلومات عن الحياة الإدارية بواسط وأهم هذه الكتب ، كتاب «الخراج» لقدامة (ت ٣٣٧ ه‍ / ٩٤٨ م) وقد رجعنا إليه في دراسة تحديد ولاية واسط والتقسيم الإداري فيها ، أما في دراسة القضاء فقد رجعنا إلى كتاب «روضة القضاة وطريق النجاة» للمناني (ت ٤٩٩ ه‍ / ١١٠٥ م) و «أدب القاضي» للماوردي (ت ٤٥٠ ه‍ / ١٠٥٨ م) ومخطوطة «شرح أدب القاضي للخصاف» لابن مازة (ت ٦١٦ ه‍ / ١٢١٩ م) وفي دراسة الحسبة رجعنا إلى كتاب «الأحكام السلطانية» للماوردي (ت ٤٥٠ ه‍ / ١٠٥٨ م) ومخطوطة «الرتبة في الحسبة» لابن الرفعة (ت ٧١٠ ه‍ / ١٣١٠ م) وكتاب «معالم القرية في أحكام الحسبة» لابن الأخوة (ت ٧٢٩ ه‍ / ١٣٢٨ م) وكتاب «نهاية الرتبة في طلب الحسبة» للشيزري (ت ٧٧٤ ه‍ / ١٣٧٢ م) وكتاب «نهاية الرتبة في طلب الحسبة» لابن بسام (ت؟).

وتناولت البحوث الحديثة بعض الجوانب في موضوع دراستنا ، فمن المؤرخين الأجانب ..M.J ,yeiF وM ,ribaK وكراتشكوفسكي. وعلى الرغم من أن هذه المؤلفات اعتمدت كليّا على ما أوردته المصادر العربية القديمة إلا أنه جاء فيها استنتاجات وآراء مفيدة لموضوع البحث خاصة فيما يتعلق بالحياة الفكرية والسياسية والاجتماعية في هذه المدينة.

ولا بد لنا من الإشارة إلى استفادتنا مما كتب عن هذه المدينة في دائرة المعارف الإسلامية ، فقد قدمت لنا معلومات مفيدة في دراسة الحياة الإدارية والفكرية وتخطيط المدينة. وقد استفدنا من مؤرخين وكتّاب

٢١

محدثين من أمثال الأستاذ فؤاد سفر في كتابه «واسط الموسم السادس للتنقيب» والدكتور عبد العزيز الدوري في كتابه «مقدمة في التاريخ الاقتصادي العربي».

ومن المقالات المهمة التي استفدنا منها في البحث «منطقة واسط» للدكتور صالح أحمد العلي المنشورة في مجلة سومر (م ٢٦ ، ١٩٧٠ ، م ٢٧ ، ١٩٧١) وهي تحتوي على معلومات قيمة عن تحديد منطقة واسط ومدنها وقراها وأنهارها وطرق المواصلات فيها. ومقالة الدكتور بشار عواد معروف «مظاهر تأثير علم الحديث في علم التاريخ عند المسلمين» المنشورة في مجلة الأقلام (عدد ٥ ، ١٩٦٥) ، ومقالة يوسف يعقوب مسكوني «مدارس واسط» المنشورة في مجلة الكتاب المصرية (م ٣ ح ٣ ١٩٤٧).

وعلى الرغم من أننا بذلنا كل ما استطعنا من جهد ووقت لإعطاء صورة متكاملة عن موضوع البحث في فترة محددة غير أننا ما زلنا نعتقد أن هذا البحث ما هو إلا محاولة لدراسة الأحوال الإدارية والاجتماعية والفكرية بواسط في هذه الفترة من تاريخ أمتنا ، وأن البحث في مدينة واسط ومظاهر نشاطها عبر العصور لا يزال بحاجة إلى المزيد من جهد الباحثين ... والله الموفق.

المؤلف

٢٢

الفصل الأول

المقدمة

ملامح الحياة السياسية بواسط

في العصور العباسية المتأخرة

تولى صاحب المعونة بواسط أمرة الأمراء ببغداد ، استيلاء البريديين على واسط ، الحرب بين بجكم والبريديين ، استيلاء البريديين على واسط للمرة الثانية ، استيلاء البويهيين على واسط ، إقامة أمير الأمراء بجكم بواسط ، استيلاء البريديين على واسط للمرة الثالثة ، استيلاء سيف الدولة الحمداني على واسط ، استيلاء البريديين على واسط للمرة الرابعة ، استيلاء البويهيين على واسط للمرة الثانية ، الحرب بين توزون والبويهيين ، استيلاء البويهيين على واسط للمرة الثالثة والي واسط يدخل في طاعة البويهيين ، استيلاء البويهيين على واسط للمرة الرابعة ، ظهور عمران بن شاهين ، استيلاء عز الدولة بختيار على واسط ، تعيين ابن بقية واليا على واسط وعصيانه ، استيلاء قراتكين الجهشياري على واسط ، الحرب بين ابن سهلان ومشرف الدولة بواسط ، استيلاء الملك أبي كاليجار على واسط ، استيلاء جلال الدولة على واسط ، الحرب بين نور الدولة دبيس وجند واسط ، تمرد والي واسط على الخلافة ، استيلاء البساسيري على واسط واتخاذها قاعدة لحكمه ، سيطرة بركيارق على واسط ، الحرب بين والي البصرة وأهل

٢٣

واسط ، استيلاء سيف الدولة صدقة على واسط ، استيلاء الأمير الحسن بن المستظهر بالله على واسط ، الحرب بين عسكر دبيس بن صدقة وأهل واسط ، الحرب بين عفيف الخادم وعماد الدين زنكي بواسط ، استيلاء دبيس بن صدقة على واسط ، استيلاء الملك سلجوقشاه على واسط ، استيلاء الأمير جهار دانكي على واسط ، استيلاء عسكر السلطان ملكشاه على واسط ، استيلاء مسعود بلال على واسط ، استيلاء والي البصرة على واسط ، استيلاء ملكشاه على واسط ، الحرب بين ابن سنكا ووالي واسط ، الحرب بين شملة التركماني ووالي واسط ، احتلال التتر لواسط.

نظرا لأهمية واسط الاقتصادية (١) وقربها من البطائح والمشرق ، ووقوعها على طريق المشرق ـ بغداد ، فقد ظلت هذه المدينة تشارك في الأحداث السياسية الهامة التي حدثت في العراق طيلة العصور العباسية المتأخرة.

وسوف نرى من خلال البحث أن هذه المدينة كانت مركزا للصراع الذي كان قائما بين المشرق وعاصمة الخلافة بغداد ، وأن جيوش الفريقين كانت تتبادلها باستمرار ، كما أنها أصبحت مركزا لإدارة العمليات العسكرية ضد التمرد الذي كان يحدث في البطائح ، وسوف نلاحظ خلال الصفحات التالية أن هذه المدينة كانت قد أسهمت مساهمة فعالة في هذه الأحداث منذ عصر إمرة الأمراء (٣٢٤ ـ ٣٣٤ ه‍ / ٩٣٥ ـ ٩٤٥ م) (٢) وإن تردي أوضاع الدولة العباسية المالية والعسكرية والسياسية في هذا العصر كان سببا في سيطرة البويهيين على واسط مرات عديدة. ففي سنة ٣٢٤ ه‍ / ٩٣٥ م قطع

__________________

(١) عن أهمية واسط الاقتصادية انظر مثلا : ابن حوقل ، صورة الأرض ، ١ / ٢٣٩. المقدسي ، أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم ، ١١٨. مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٣٣٥. القزويني ، آثار البلاد وأخبار العباد ، ٤٧٨.

(٢) عبد العزيز الدوري ، دراسات في العصور العباسية المتأخرة ، ٢٤٧. تقي الدوري ، عصر إمرة الأمراء في العراق ، ٦.

٢٤

صاحب المعاون (١) بواسط محمد بن رائق مال واسط والبصرة عن عاصمة الخلافة بغداد محتجا باجتماع الجيش عنده وحاجته إلى صرف المال إليهم (٢) وفي هذه السنة قطع البريديون مال الأهواز أيضا (٣). فأدى ذلك إلى وقوع الخلافة بأزمة مالية شديدة أدت إلى أن يتقدم الوزير عبد الرحمن بن عيسى بطلب قرض من الخليفة الراضي بالله مقداره ٠٠٠ ، ١٠ دينار لتمشية أمور الدولة (٤). وقد تعاقب على الوزارة عدة وزراء إلا أنهم لم يستطيعوا تلافي هذه الأزمة (٥) ، فاضطر الخليفة الراضي بالله إلى دعوة محمد بن رائق وتقليده منصب أمير الأمراء ، على أن يقوم بتجهيز نفقات الدولة ودفع رواتب الجيش والحشم (٦).

وافق ابن رائق فتقلد رئاسة الجيش والمعاون ورئاسة الدواوين ، وأصبح يخطب له على المنابر إلى جانب الخليفة (٧) ، وقد ولى محمد بن

__________________

(١) عن وظيفة صاحب المعاون بواسط انظر : عبد القادر المعاضيدي ، التنظيمات الإدارية بواسط في العصر العباسي ، مجلة الأستاذ ، عدد ٢ ، ١٩٧٨ ، ص ٥٣٠ ، ٥٣١.

(٢) مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٣٣٢ ، ٣٣٥ ، ٣٥٠. الهمداني ، تكملة تاريخ الطبري : ١ / ٩٣.

(٣) مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٣٥٠. الأهواز : جمع هوز ، وأصله حوز ، فلما كثر استعمال الفرس لهذه اللفظة غيرتها حتى أذهبت أصلها جملة لأنه ليس في كلام الفرس حاء مهملة ... ثم تلقفها منهم العرب فقلبت بحكم الكثرة في الاستعمال ، وعلى هذا يكون الأهواز اسما عربيا سمي به في الإسلام وكان اسمها في أيام الفرس خوزستان. ياقوت ، معجم البلدان ، ١ / ٢٨٤ وسوف نذكره في هذا البحث باسمه العربي.

(٤) مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٣٣٨.

(٥) مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٣٣٦ ـ ٣٣٨. الصابي ، الوزراء ، ٣٣٢ ـ ٣٣٤. الهمداني ، تكملة ، ١ / ٩٤ ـ ٩٨.

(٦) مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٣٥٠. الهمداني ، تكملة ، ١ / ٩٨. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٢٢.

(٧) مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٣٥١. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٢٢ ، ٣٢٣.

٢٥

يزداد نائبا عنه بواسط (١) ، ثم ولى أبا عبد الله البريدي على خراج الأحواز والبصرة (٢). فلما أخر البريدي أموال الضمان أشار ابن رائق على الخليفة الراضي بالله بالمسير معه على رأس جيش إلى واسط ليكونا على مقربة من الأحواز لمفاوضة البريدي ، ومحاربته في حالة امتناعه عن دفع الأموال (٣) ، وافق الخليفة على الاقتراح الذي تقدم به ابن رائق وتوجها على رأس الحجرية (٤) نحو واسط ، ولما وصلوا إلى واسط استعرض ابن رائق الحجرية وبدأ بخلفاء الحجاب ، وكانوا خمسمائة فأبقى ستين منهم وأسقط الباقين ، ونقص رواتب من أبقى منهم (٥) ، ثم أسقط من الحجرية من الديوان «الدخلاء والبدلاء ، والنساء ، والتجار ومن لجأ إليهم» (٦). إلا أن هؤلاء لم يستجيبوا له في البداية ، ولكنهم استجابوا له بعد ذلك (٧). ثم استعرضهم ثانية وأسقط منهم عددا كبيرا ، فحملوا السلاح ضده ودارت معركة حامية بين الفريقين يوم الثلاثاء ٢٥ محرم سنة ٣٢٥ ه‍ / ١٣ كانون الأول ٩٣٦ م ، انتصر فيها ابن رائق ، وقد قتل عدد من الحجرية وأسر بعضهم وهرب الباقون إلى بغداد حيث أوقع بهم صاحب الشرطة بأمر من

__________________

(١) مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٣٦٤.

(٢) الصولي ، أخبار الراضي بالله والمتقي لله ، ٨٦. مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٣٦٤ ، ٣٦٦.

(٣) مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٣٥٧. المؤلف مجهول ، العيون والحدائق ، ج ٤ ، م ٢ ، ٤٥. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٢٩.

(٤) الحجرية : هم الغلمان الأتراك الذين عينهم الخليفة المعتضد بالله للقيام بخدمته ، وقد وضعهم في حجرات خاصة في دار الخلافة فسموا الحجرية. انظر : الصابي ، الوزراء ، ١٧. المسعودي ، التنبيه والإشراف ، ٣٧٠.

(٥) مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٣٥٧. الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ٨٦. العيون والحدائق ، ج ٤ ، ق ٢ ، ٤٥. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٢٩.

(٦) مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٣٥٧.

(٧) الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ٨٦. مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٣٥٧. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٢٩.

٢٦

ابن رائق ، فنهبت دورهم وحرق البعض منها ، وقبضت أموالهم وقطعت أرزاقهم (١).

أما البريدي فقد تعهد بدفع الأموال ، إلا أنه لم ينفذ ما تعهد به (٢).

ثم تقدم في هذه السنة نحو واسط واستولى عليها (٣). فلما علم ابن رائق توجه على رأس جيش إلى واسط وطرد البريديين منها (٤) ، ثم اتخذها مركزا لإدارة العمليات العسكرية ضد البريديين ، حيث دارت عدة معارك بين الطرفين كان النصر يتأرجح بينهما (٥). وأخيرا سفر أبو جعفر محمد بن يحيى بن شيرزاد في الصلح بينهما فتمّ ذلك (٦).

وفي سنة ٣٢٦ ه‍ / ٩٣٧ م استولى أحمد بن بويه ، وأبو عبد الله البريدي على الأحواز فغادرها بجكم (٧) وسار بجميع عسكره إلى واسط (٨) ،

__________________

(١) الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ٨٦. مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٣٥٧ ، ٣٥٨. الهمداني ، تكملة ، ١ / ٩٩. العيون والحدائق ، ج ٤ ، ق ٢ ، ٤٥. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٢٩.

(٢) مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٣٥٨ ـ ٣٦٠. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٢٩ ـ ٣٣١.

(٣) الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ٨٩. مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٣٦٦. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١٠١. العيون والحدائق ، ج ٤ ، ق ٢ ، ٤٨.

(٤) مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٣٦٩. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١٠٢. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٣٤.

(٥) ولمعلومات أوسع عن هذه المعارك انظر : مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٣٦٩ ـ ٣٨٣. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١٠١ ـ ١٠٩. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٣٣ ـ ٣٣٧.

(٦) مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٣٨٤. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١٠٨.

(٧) بجكم : كنيته أبو الحسين ، وهو تركي كان مملوكا لما كان الديلمي فكان يلقب أحيانا بالمكاني أو الديلمي نسبة إليه ، ثم تلقب بعد ذلك بالرائقي نسبة إلى ابن رائق. انظر : الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ١٨٤ ، ١٨٦. مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٣٧٥ ، ٣٩٣ ، ٢ / ٤. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٤٧.

(٨) مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٣٧٧ ، ٣٧٨. العيون والحدائق ، ج ٤ ، ق ٢ ، ٥١. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٤٠.

٢٧

ولما وصل «الطيب» (١) كتب إلى ابن رائق مبينا له موقفه العسكري وأنه بحاجة إلى ٠٠٠ ، ٢٠٠ دينار ينفقها على جيشه «وإن كانت متعذرة فالصواب أن يصعد إلى بغداد فإنه لا يأمن أن يقع شغب ولا يدري عن أيّ شيء ينكشف» (٢) فلما وصل كتابه إلى ابن رائق سار على رأس جيشه إلى بغداد ، فدخل بجكم وجيشه واسط وأقاموا بها (٣). ويظهر أن بجكم أراد أن يتخلى له ابن رائق عن واسط ليقيم بها ثم يعد نفسه للاستيلاء على بغداد وتقلد منصب أمير الأمراء (٤).

ويبدو أن ابن رائق أصبح أمام الأمر الواقع فكتب إلى بجكم أن يقيم بواسط على أن يكون عدد أفراد جيشه خمسة آلاف جندي وأن يكون راتبه ورواتبهم ٠٠٠ ، ٨٠٠ دينار في السنة يأخذها من واردات واسط ، إلا أن بجكم استحوذ على جميع واردات المدينة (٥).

أراد ابن رائق التخلص من بجكم ، فحاول التقرب من البريديين وذلك لعزلهم عن بجكم وكسبهم إلى جانبه ، فجرت مراسلات بينه وبينهم وتم الاتفاق بينهما على أن يقيموا الدعوة لابن رائق بالبصرة وأن يحاولوا فتح الأحواز وأن يدفعوا ثلاثين ألف دينار وأن تطلق ضياعهم (٦). ثم أخذ

__________________

(١) الطيب : بلدة بين واسط والأحواز ، بينها وبين كل واحدة منهما ثمانية عشر فرسخا. معجم البلدان ، ٤ / ٥٣.

(٢) مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٣٧٨. انظر : العيون والحدائق ، ج ٤ ، ق ٢ ، ٥١. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٤٠ ، ٣٤١.

(٣) الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ١٠٠ ، ١٠١. تجارب الأمم ، ١ / ٣٧٩. العيون والحدائق ، ج ٤ ، ق ٢ ، ٥١. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٤١.

(٤) انظر : مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٣٨٥. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١٠٩. العيون والحدائق ، ج ٤ ، ق ٢ ، ٥٣. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٤٣ ، ٣٤٧.

(٥) مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٣٨٤. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٤٣.

(٦) مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٣٨٤. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١٠٩. العيون والحدائق ، ج ٤ ، ق ٢ ، ٥٤. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٤٣.

٢٨

واسط من بجكم بالقوة وإعطاءها لأبي عبد الله البريدي لقاء ضمان مقداره ٠٠٠ ، ٦٠٠ دينار سنويا (١).

وعلى أثر هذا الاتفاق وجه أبو عبد الله البريدي جيشا إلى واسط قدّره ابن الأثير بعشرة آلاف مقاتل ، فلما بلغت الأنباء إلى بجكم خرج من واسط لملاقاته فالتقى الطرفان عند «الدرمكان» (٢) ودارت بينهما معركة حامية هزم فيها البريديون ، إلا أن بجكم لم يتبعهم بل كف عنهم (٣).

أراد بجكم أن يقضي على الاتفاق الذي تم بين ابن رائق والبريديين وأن يكسب هؤلاء إلى جانبه ليقوي جبهته ضد ابن رائق فكتب إلى أبي عبد الله البريدي يعتذر إليه ويعده بتقليده واسط عندما يصبح أميرا للأمراء ، فتم الصلح بينهما (٤). وفي بداية ذي القعدة سنة ٣٢٦ ه‍ / ٣٠ آب ٩٣٧ م توجه بجكم على رأس جيش من واسط إلى بغداد ودخلها بدون مقاومة (٥) ولما تأكد ابن رائق أن هناك اتفاقا بين بجكم والخليفة هرب من بغداد (٦) فنصب الخليفة بجكم أميرا للأمراء في ٢٢ ذي القعدة سنة ٣٢٦ ه‍ / ٢٠ أيلول ٩٣٨ م (٧).

__________________

(١) ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٤٣ ، ٣٤٤.

(٢) الدرمكان : إحدى مدن واسط. المقدسي ، أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم ، ١١٤.

(٣) الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٤٤. انظر : مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٣٨٤. العيون والحدائق ، ج ٤ ، ق ٢ ، ٥٤. ويذكر الهمداني أن الطرفين التقيا عند «شابرزان» تكملة ، ١ / ١٠٩.

(٤) مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٣٨٥ ، ٣٨٦. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١٠٩. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٤٤.

(٥) الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ١٠٦. مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٣٩٤ ، ٣٩٥. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١١٠. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٤٦ ، ٣٤٧.

(٦) العيون والحدائق ، ج ٤ ، ق ٢ ، ٦٥. انظر : مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٣٩٥. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١١٠. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٤٧.

(٧) الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ١٠٦. مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٣٩٦. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١١٠. العيون والحدائق ، ج ٤ ، ق ٢ ، ٦٨. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٤٧.

٢٩

ويذكر الصولي أنه في سنة ٣٢٧ ه‍ / ٩٣٨ م ، استولى البريديون على واسط (١) ، بينما تذكر مصادر أخرى أن أبا عبد الله البريدي ضمن في هذه السنة أعمال واسط بمقدار ٠٠٠ ، ٦٠٠ دينار بعد أن سفر الوزير أبو جعفر محمد بن يحيى بن شيرزاد بينه وبين بجكم (٢).

إننا نرجح ما جاء به الصولي لأنه هو المؤرخ الوحيد الذي كان معاصرا لهذه الأحداث ، فهو أقرب إليها من بقية المؤرخين الآخرين ، هذا من جهة ، أما من الجهة الأخرى فإننا لم نجد ما يشير إلى أي : خلاف وقع بين بجكم والبريديين منذ أن تم الاتفاق بينهما ، ولا بد أن الخلاف الذي سفر فيه الوزير كان بعد استيلاء البريديين على واسط بالقوة. وأن سيطرة البريديين على واسط كانت نتيجة للاتفاق الذي تمّ بينهم وبين بجكم سابقا ، وأن بجكم ـ على ما يبدو ـ لم ينفذ الاتفاق لأنه كان يخشى من امتداد سيطرة البريديين إلى بغداد ، فانتهز البريديون ذهاب بجكم والخليفة الراضي بالله إلى الموصل لمحاربة ناصر الدولة الحمداني في هذه السنة (٣) فاستولوا على واسط. وتشير المصادر إلى أن الخليفة الراضي بالله قلد في سنة ٣٢٧ ه‍ / ٩٣٨ م أبا عبد الله البريدي منصب الوزارة ، إلا أنه بقي مقيما بواسط ، وكان عبد الله بن علي النقري نائبا عنه ببغداد (٤).

وفي سنة ٣٢٨ ه‍ / ٩٣٩ وجه أبو عبد الله البريدي جيشا من واسط

__________________

(١) أخبار الراضي بالله ، ١٠٧ ، ١٠٨.

(٢) مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٤٠٩. الهمداني تكملة ، ١ / ١١٣. العيون والحدائق ، ج ٤ ، ق ٢ ، ٧٩. ابن الجوزي ، المنتظم ، ٦ / ٣٠١. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٥٥.

(٣) انظر : الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ١٠٨. مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٤٠٤ ، ٤٠٥. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١١١ ، ١١٢. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٥٣.

(٤) مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٤٠٩. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١١٣. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٥٥.

٣٠

إلى السوس (١) لأخذها من البويهيين ، فاستنجد أحمد بن بويه بأخيه الحسن فتقدم من اصطخر (٢) ودخل السوس ثم أعدّ جيشا كبيرا وخرج به قاصدا واسط ، فلما وصلها استولى على الجانب الشرقي منها وأقام هناك (٣).

وكان البريديون يقيمون في الجانب الغربي منها (٤). ويبدو أن البويهيين دخلوا واسط بدون مقاومة ، فإننا لم نجد ما يشير إلى مقاومة أهل واسط أو البريديين لهم. سار الخليفة الراضي بالله وأمير الأمراء بجكم على رأس جيش من بغداد قاصدين واسط وذلك لا سترجاعها من البويهيين (٥) ، وكان الجيش البويهي غير قادر على الدفاع عن المدينة ، وذلك بسبب تمرد قسم منه مطالبين بأرزاقهم وانضمامهم إلى البريديين ، فأدرك الحسن بن بويه خطورة موقفه وقرر الانسحاب من واسط دون أن يحقق الهدف الذي سار من أجله (٦).

في سنة ٣٢٨ ه‍ / ٩٣٩ م اتفق أمير الأمراء بجكم مع أبي عبد الله البريدي على أخذ بلاد الجبل (٧) والأحواز من البويهيين ، على أن يتوجه

__________________

(١) السوس : بلدة بالأحواز. معجم البلدان ، ٣ / ٢٨٠.

(٢) اصطخر : بلدة بفارس ، من أقدم مدن فارس وأشهرها ، أنشأها اصطخر بن طهمورث ملك الفرس. معجم البلدان ، ١ / ٢١٠.

(٣) مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٤١٠ ، ٤١١. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١١٤. العيون والحدائق ، ج ٤ ، ق ٢ ، ٨٥. ابن الجوزي ، المنتظم ، ٦ / ٣٠٠. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٦٠.

(٤) مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٤١٠. العيون والحدائق ، ج ٤ ، ق ٢ ، ٨٥. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٦٠.

(٥) مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٤١١. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١١٤. العيون والحدائق ، ج ٤ ، ق ٢ ، ٨٢ ، ٨٦. ابن الجوزي ، المنتظم ، ٦ / ٣٠٠. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٦٠.

(٦) مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٤١١. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١١٤. العيون والحدائق ، ج ٤ ، ق ٢ ، ٨٦. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٦٠.

(٧) بلاد الجبل : تقع ما بين أصبهان إلى زنجان وقزوين وهمذان والدينور وقرميسين والري وما بين ذلك من البلاد. معجم البلدان ، ٢ / ٩٩.

٣١

بجكم إلى بلاد الجبل ويتوجه البريدي إلى الأحواز (١) ، فلما خرج بجكم على رأس جيشه قاصدا بلاد الجبل ، انتهز البريدي الفرصة فعدل عن المسير إلى الأحواز وأراد الاستيلاء على بغداد (٢) ، وعندما وصلت أخبار البريدي إلى بجكم عدل عن مهاجمة البويهيين وعاد إلى بغداد بعد أن وصل إلى حلوان (٣).

عندئذ عزل بجكم البريدي عن الوزارة ، وسار نحو واسط لأخذها منه والقبض عليه ، فلما علم البريدي أرسل إلى بجكم في الصلح فلم يقبل ، فترك البريدي واسط وسار إلى البصرة ، فدخل بجكم واسط وأقام بها (٤).

على أن البريديين ما لبثوا أن طمعوا في امتلاك واسط ، ففي سنة ٣٢٩ ه‍ / ٩٤٠ م أرسل البريدي جيشا من البصرة قاصدا واسط ، فلما علم بجكم بذلك استعدّ لملاقاتهم ، فأرسل قائده توزون على رأس جيش لصدّهم عن واسط ، وقد تقابل الفريقان عند «المذار» (٥) ودارت بينهما معركة ضارية انتصر فيها البريديون في بداية الأمر ، فكتب توزون إلى بجكم مبينا له الموقوف العسكري ويسأله القدوم إليه لمساعدته (٦).

__________________

(١) مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٤١١. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٦١.

(٢) مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٤١٢. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١١٥. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٦١.

(٣) مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٤١٢. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١١٥ ، ١١٦. (ويذكر هذا المصدر قرميسين بدلا من حلوان). ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٦٢.

(٤) مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٤١٣ ، ٤١٤. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١١٦. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٦٢ ، ٣٦٣.

(٥) المذار : مدينة بين واسط والبصرة ، وهي قصبة ميسان ، بينها وبين البصرة مقدار أربعة أيام ، فتحها عتبة بن غزوان في أيام عمر بن الخطاب. معجم البلدان ، ٥ / ٨٨.

(٦) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٩. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١٢١. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٧١.

٣٢

خرج بجكم من واسط لنجدة جيشه ، إلا أن توزون أعلمه بانتصاره على البريديين وهو في الطريق (١) فعاد بجكم إلى واسط ، إلا أنه لقي حتفه في طريق عودته على يد جماعة من الأكراد بين الطّيّب والمذار في ٢١ رجب سنة ٣٢٩ ه‍ / ٢١ نيسان ٩٤٠ م (٢).

عند مقتل بجكم خرج أبو عبد الله البريدي بجيش من البصرة واتجه إلى واسط واستولى عليها سنة ٣٢٩ ه‍ / ٩٤٠ م ولما بلغ الخليفة المتقي لله نبأ احتلال البريدي لواسط كتب إليه يأمره ألا يصعد إلى بغداد ، وأن يقيم بواسط (٣) ، فردّ البريدي على كتاب الخليفة قائلا : «إنا محتاجون إلى مال للرجال فأنفذ إلينا ما يرضيهم به ونحن نقيم» (٤). ولكن يبدو أن أطماع البريديين لم تقف عند واسط بل إنهم أرادوا الاستيلاء على بغداد أيضا ، فعلى الرغم من أن الخليفة كان قد أرسل إلى البريدي ٠٠٠ ، ١٥٠ دينار لكي ينفقها على جيشه بواسط ، نجد أن البريدي لم يكتف بهذا المبلغ وقال لحامله : «أنا أحتاج إلى خمسمائة ألف دينار ... وعلى كل حال أنا سائر فإن تلقاني المال انصرفت وإلا دخلت الحضرة» (٥).

لم يحرك الخليفة ساكنا تجاه تهديدات البريدي فقال حينذاك : «دعه

__________________

(١) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٩. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٧١.

(٢) الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ١٩٦ ، ١٩٧. المسعودي ، مروج الذهب ، ٤ / ٣٥٣. مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٩ ، ١٠. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١٢١ ، ١٢٢. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٧١.

(٣) الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ١٩٩. مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ١٣. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١٢٢. (وقد قدر جيش البريدي الذي احتل واسط بسبعة آلاف مقاتل) العيون والحدائق ، ج ٤ ، ق ٢ ، ٩٩. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٧٢.

(٤) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ١٣.

(٥) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ١٣. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١٢٢ (إلا أنه يذكر أن مقدار المال الذي أرسله الخليفة ثمانية وخمسين ألف دينار). العيون والحدائق ، ج ٤ ، ق ٢ ، ١٠٠. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٧٢.

٣٣

يرد الحضرة ويعمل ما شاء فإني أرجو أن أكفى أمره» (١) ، ومن المحتمل جدا أن الخليفة اتخذ هذا الموقف ، لأنه كان غير قادر على دفع المال الذي طلبه البريدي من جهة (٢) ، ثم إنه أدرك أن البريدي أصبح بعد موت بجكم هو الرجل الثاني في الدولة العباسية الذي يأتي بعد الخليفة.

جهز البريدي جيشه وسار نحو بغداد ، فدخلها بدون مقاومة في يوم الثلاثاء ٢ رمضان سنة ٣٢٩ ه‍ / ١ حزيران ٩٤٠ م (٣) ، فأسند إليه الخليفة منصب الوزارة (٤).

لم تطل مدة إقامة البريدي ببغداد ، فقد تمرد جيشه عليه مطالبين بالأموال وانضمت إليهم العامة ، فدارت معركة في الماء هزم فيها أصحاب البريدي ، فاضطر للرجوع إلى واسط بعد أن مكث في الوزارة ٢٤ يوما (٥).

ولما أسند الخليفة المتقي لله إمرة الأمراء إلى كورتكين الديلمي الذي قاد الجيش ضد البريدي ، أرسل ابن أخته أصبهاني الديلمي على رأس جيش إلى واسط للاستيلاء عليها ، فلما بلغت البريديين أنباء هذا الجيش غادروا واسط ، وساروا نحو البصرة وأقاموا بها (٦).

__________________

(١) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ١٣.

(٢) ن. م ، ٢ / ١٣.

(٣) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ١٣ ، ١٤. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١٢٢ ، ١٢٣. العيون والحدائق ، ج ٤ ، ق ٢ ، ١٠٠. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٧٣. إلا أنه يذكر أن البريدي دخل بغداد في ١٢ رمضان.

(٤) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ١٥. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١٢٣. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٧٣.

(٥) الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ٢٠٣ ، مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ١٧. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١٢٣ ، ١٢٤. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٧٤.

(٦) الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ٢٠٤. مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ١٩. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١٢٤. إلا أن مسكويه والهمداني يذكران أن قائد الجيش هو «أصبهان». العيون والحدائق ، ج ٤ ، ق ٢ ، ١٠٦.

٣٤

لما قتل بجكم كتب الخليفة المتقي لله إلى ابن رائق بالخبر واستدعاه إلى بغداد (١) ، ثم أمر كورتكين الديلمي بقتاله (٢). فلما وصل ابن رائق قرب الموصل كتب كورتكين إلى أصبهاني الديلمي بالتوجه على رأس جيشه من واسط إلى بغداد (٣) ، فعندما خرج أصبهاني بجيشه من واسط سار البريديون من البصرة ودخلوا واسط وخطبوا لابن رائق وكتبوا اسمه على أعلامهم (٤).

ولما انتصر ابن رائق على أمير الأمراء كورتكين بعد أن اشتبكوا في عدة معارك ، ودخل بغداد وتقلد منصب إمرة الأمراء للمرة الثانية أيده البريديون ، ولكنهم امتنعوا عن دفع أموال ضمانهم لواسط والبصرة ، فسار إليهم ابن رائق على رأس جيش في شهر محرم سنة ٣٣٠ ه‍ / أيلول ١٩٤١ م فهربوا من واسط إلى البصرة ، وبعد وساطة كاتب ابن رائق أبو عبد الله أحمد بن علي الكوفي تمّ الاتفاق على ضمان واسط من قبلهم بمقدار ٠٠٠ ، ٦٠٠ دينار في السنة ، وعاد ابن رائق إلى بغداد (٥).

أسند أمير الأمراء ابن رائق منصب الوزارة إلى أبي عبد الله البريدي وكان آنذاك مقيما بواسط (٦) ، إلا أن البريدي يبدو أنه كان يطمح بأن يكون أميرا للأمراء فسير أخاه أبا الحسين البريدي على رأس جيش من واسط

__________________

(١) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٢٠. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١٢٥. العيون والحدائق ، ج ٤ ، ق ٢ ، ١٠٦. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٧٥.

(٢) الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ٢٠٦.

(٣) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٢٠. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١٢٥.

(٤) الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ٢٠٥. مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٢٠. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١٢٥. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٧٦.

(٥) الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ٢٠٥ ، ٢١٩. مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٢٠ ، ٢٢ ، ٢٣. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١٢٦. العيون والحدائق ، ج ٤ ، ق ٢ ، ١٠٨. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٧٩.

(٦) الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ٢٢٢. مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٢٣. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١٢٦. العيون والحدائق ، ج ٤ ، ق ٢ ، ١٠٨.

٣٥

لاحتلال بغداد يوم الإثنين ٢ جمادى الآخرة سنة ٣٣٠ ه‍ / ٢٣ آذار ٩٤٢ م فاستعد الخليفة المتقي لله وأمير الأمراء ابن رائق لصد جيش البريدي ، فلما نزل البريدي بقواته على بغداد ، دارت عدة معارك بينهما استمرت ستة أيام متواصلة ، انتهت باستيلاء البريديين على بغداد (١) ، فترك الخليفة المتقي لله وأمير الأمراء ابن رائق بغداد وهربا إلى الحمدانيين بالموصل (٢).

والجدير بالذكر أن ابن رائق كتب إلى الحمدانيين يطلب المساعدة ، فوجه الحسن بن عبد الله الحمداني (ناصر الدولة) أخاه عليّا (سيف الدولة) على رأس جيش لنجدة الخليفة فالتقيا في تكريت وساروا جميعا إلى الموصل (٣). وبعد أن قتل الحسن بن عبد الله الحمداني أمير الأمراء ابن رائق قلده الخليفة المتقي لله إمرة الأمراء ولقبه ناصر الدولة (٤). سار الخليفة وأمير الأمراء الحسن الحمداني على رأس جيش إلى بغداد ، ويبدو أن ظروف البريدي كانت لا تمكنه من الوقوف أمام الحمدانيين وأنه شعر بتفوقهم عليه ، فلما علم بقربهم من بغداد هرب عنها إلى واسط (٥).

واصل أبو عبد الله البريدي سياسته الرامية إلى الاستيلاء على بغداد وطمعه في منصب إمرة الأمراء ، فخرجت قواته من واسط بقيادة أخيه أبي

__________________

(١) عن أخبار هذه المعارك انظر : الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ٢٢٢ ـ ٢٢٤. مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٢٤ ، ٢٥. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١٢٧. العيون والحدائق ، ج ٤ ، ق ٢ ، ١٠٩. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٨٠.

(٢) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٢٥. الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ٢٢٥.

(٣) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٢٧. العيون والحدائق ، ج ٤ ، ق ٢ ، ١١٣. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٨٢.

(٤) الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ٢٢٦. مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٢٧ ، ٢٨. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١٢٨. العيون والحدائق ، ج ٤ ، ق ٢ ، ١٢٠. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٨٣.

(٥) الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ٢٢٧. مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٢٦. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١٢٩. العيون والحدائق ، ج ٤ ، ق ٢ ، ١٢٠. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٨٤.

٣٦

الحسين البريدي إلى بغداد للاستيلاء عليها (١). وحين بلغت هذه الأنباء أمير الأمراء الحسن الحمداني ، بادر إلى إعداد العدة ، وخرجت قواته بقيادة أخيه سيف الدولة من بغداد لملاقاتهم ، وكان معه توزون وخجخج والأتراك ، فاشتبك الفريقان عند قرية «كيل» (٢) في عدة معارك ضارية استمرت خمسة أيام ابتداء من ٣٠ ذي القعدة سنة ٣٣٠ ه‍ / ١٦ آب ٩٤٢ م دارت الدائرة فيها على قوات البريديين ، فعادوا منسحبين إلى واسط ، وقد أسر سيف الدولة خلال هذه المعارك جماعة من قواد البريدي ، كما استأمن منهم جماعة آخرون وقتل بعضهم (٣).

عاد سيف الدولة بعد انتصاره الساحق إلى بغداد ليريح جيشه ويجدد قواه (٤) ، ثم تجهز وخرج على رأس جيشه قاصدا واسط ، فلما وصلها وجد أن البريديين كانوا قد غادروها إلى البصرة ، فدخل واسط وأقام بها ، وكان معه الأتراك والديلم وسائر الجيش (٥).

أراد سيف الدولة في أثناء إقامته بواسط أن يستولي على البصرة (٦) إلا أن الموقف العسكري بواسط حال دون تنفيذ هذه الفكرة ، فقد حدث خلاف بين سيف الدولة والديالمة والأتراك ، أما عن أسباب هذا الخلاف

__________________

(١) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٢٩. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١٢٩. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٨٤.

(٢) كيل : قرية تقع أسفل المدائن على بعد فرسخين منها. مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٢٩.

(٣) عن هذه المعارك انظر : الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ٢٢٨. مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٢٩. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١٢٩. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٨٤ ، ٣٨٥.

(٤) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٣٠. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٨٥.

(٥) الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ٢٢٩. مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٣٠. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١٢٩. ابن الأثير ، الكامل في ٢ لتاريخ ، ٨ / ٣٨٥.

(٦) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٣٠. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٩٦.

٣٧

فإن الروايات التاريخية تختلف في ذلك ، فالصولي يرى أن الخليفة المتقي لله كتب إلى توزون بواسط يطلب منه الإيقاع بالحمدانيين ، فاستجاب له وأخرج سيف الدولة من واسط ، ثم كتب توزون إلى الخليفة يخبره أنه أوقع بسيف الدولة ليريح الله الخليفة من ناصر الدولة ببغداد (١) ، في حين يرى مسكويه ، والهمداني ، وابن الأثير (٢) أن أمير الأمراء ناصر الدولة تأخر في إرسال الأموال من بغداد إلى واسط لإنفاقها على الجيش هناك ، فتذمر الديالمة والأتراك ومما يرون من أسباب هو أن سيف الدولة كان يحث الأتراك الذين معه بواسط على المسير معه إلى بلاد الشام ومصر للاستيلاء عليها وإقامة دولة هناك إلا أنهم رفضوا.

حاول الديالمة قتل سيف الدولة ، ولكن محاولتهم هذه باءت بالفشل ، حيث استطاع القبض عليهم وإرسالهم إلى أخيه ببغداد فقتل بعضهم وحبس البعض الآخر (٣). أما الأتراك فقد اتفق سيف الدولة معهم على مسير توزون على رأس جيش إلى الجامدة والاستيلاء عليها وحمايتها مقابل أخذ واردها ، ومسير خجخج إلى المذار والاستيلاء عليها وحمايتها وأخذ واردها (٤). والراجح أن سيف الدولة أراد بهذا الاتفاق أن يبعد الأتراك عن واسط ، ويقضي على التذمر الموجود عندهم لقاء تأخر الأموال عنهم بإيجاد مصدر آخر لأرزاقهم ، وهو واردات هذه المدن ، وأن يحول دون تعاون الأتراك مع الديالمة الذين نكل بهم بعد تآمرهم عليه والذين ـ بدون شك ـ كانوا يحاولون بشكل أو بآخر التخلص منه بأقرب فرصة ممكنة. ثم إن

__________________

(١) الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ٢٤٧ ، ٢٨١.

(٢) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٣٩. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١٣٢. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٩٦.

(٣) الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ٢٢٩ ، ٢٣٨. مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٣٩. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٩٦.

(٤) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٣٩. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٩٦. انظر : الصولي ، ٢٣٣ ، ٢٣٦.

٣٨

سيف الدولة أراد أن يحول دون استيلاء البريديين على هذه المدن مرة أخرى (١).

لم يكتف الأتراك بعدم تنفيذ هذا الاتفاق بل ثاروا على سيف الدولة ليلة ٣٠ شعبان سنة ٣٣١ ه‍ / ١٠ مارس ٩٤٢ م ، ويظهر أن سيف الدولة كان قد أدرك تحرّج موقفه وضعفه ، فهرب إلى بغداد ، فأضرموا النار في معسكره ونهبوه (٢). ولما علم أمير الأمراء ناصر الدولة بأخبار أخيه ترك بغداد متوجها على رأس جيشه إلى الموصل ، وبذلك انتهت إمارته التي استمرت أكثر من ثلاثة عشر شهرا (٣).

ومن الجدير أن نذكر هنا أنه عندما ترك سيف الدولة واسطا وقع خلاف بين توزون وخجخج وتنازعا الرئاسة ، ولكنهما اتفقا على أن يكون توزون الأمير وخجخج صاحب الجيش (الاسفهسلار) (٤).

أما البريدي فإنه خرج من البصرة على رأس جيش وتوجه نحو واسط للاستيلاء عليها ، فلما بلغت أنباء هذا الجيش إلى توزون ، أمر خجخج بالخروج على رأس جيش والإقامة بنهر أبان (٥) لملاقاته (٦). ويظهر أن البريدي عندما بلغه استعداد توزون لصده أراد أن يتبع سياسة أخرى ، فعدل

__________________

(١) يذكر الصولي أنه في أثناء اختلاف توزون مع سيف الدولة استولى البريديون على الجامدة إلا أن سيف الدولة وجه جيشا أخرجهم منها. الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ٢٣٣ ، ٢٣٩ ، ٢٤٠.

(٢) الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ٢٣٩. مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٤٠ ، ٤١. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١٣٢. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٩٦. ويذكر مسكويه أن سيف الدولة مكث بواسط أحد عشر شهرا. مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٥١.

(٣) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٤١. الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ٢٣٩.

(٤) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٤١ ، ٤٢. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٩٧.

(٥) نهر أبان : إحدى مدن واسط ، انظر : الفصل الثالث.

(٦) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٤٢. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٩٧.

٣٩

عن رأيه في الاستيلاء على واسط وكتب إلى توزون يهنئه بالإمارة ويطلب منه أن يقلده ضمان واسط ويحثه على المسير إلى بغداد لأخذها من الحمدانيين ، فأجابه توزون جوابا جميلا حيث قال : «إذا استقرت الأمور تخاطبنا في الضمان ، فأما وأنا بصورتي هذه وأنت تظن أني مطلوب خائف من بني حمدان فلا وعسكري ، عسكر بجكم الذي قد جربت وخبرت وطائفة منهم تفي بك» (١).

أراد البريدي أن يستغل الخلاف القائم بين توزون وخجخج والاستفادة منه فحاول التقرب من خجخج لعزله عن توزون وكسبه إلى جانبه (٢) ، ومع أننا لم نجد ما يشير إلى أي اتفاق بين البريدي وخجخج نجد أن توزون قد قبض على خجخج في عسكره ، وسمل عينيه ثم سجنه بواسط (٣).

وفي اعتقادنا أن توزون قام بعمله هذا لأنه خاف أن يغدر خجخج به ويتفق مع البريديين ضده ، فأبعده عن قيادة الجيش ، فحال دون قيام أي محاولة تعرضه للخطر هذا من جهة ، أما من الجهة الأخرى فإنه أراد أن يتخلص من أخطر المنافسين له على السلطة بواسط وذلك ليأمن مؤخرته قبل أن يتوجه إلى بغداد لأخذها من الحمدانيين (٤).

عندما استقر الأمر لتوزون بواسط توجه على رأس جيش نحو بغداد ، بعد أن خلف كيغلغ على واسط ، فلما علم سيف الدولة غادر بغداد متوجها

__________________

(١) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٤٢. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٩٧.

(٢) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٤٢. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٩٧.

(٣) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٤٢. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٩٧ ، ٣٩٨.

(٤) لما علم سيف الدولة بالخلاف الذي وقع بين توزون وخجخج بواسط ، رجع إلى بغداد على رأس جيش وطلب من الخليفة مالا ووعده أن يقاتل توزون إذا سار نحو بغداد ، فدفع له الخليفة ٠٠٠ ، ٤٠٠ درهم. مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٤٤.

٤٠