واسط في العصر العباسي

د. عبد القادر سلمان المعاضيدي

واسط في العصر العباسي

المؤلف:

د. عبد القادر سلمان المعاضيدي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٥٦

ويظهر أن بعض ولاة واسط في هذا العصر كانوا قد تمتعوا بصلاحيات واسعة ، فالعزيز أبو منصور خسرو فيروز بن جلال الدولة (٤٢٠ ـ ٤٣٥ ه‍ / ١٠٢٩ ـ ١٠٤٣ م) كان يلقب «بالملك» (١). ويذكر ابن الفوطي أن هذا الوالي اتخذ له وزيرا هو معز الأمة أبو الفضل بن الطيب الفارسي الكاتب وقرر ألقابه «عمدة الملك ، وناصر الدولة ، ومعزّ الأمة» (٢).

ويبدو أن هناك ولاة آخرين اتخذوا لهم وزراء أيضا ، فقد ذكر ابن حمدون أن أبا علي بن أبي الريان كان في سنة ٣٨٨ ه‍ / ٩٩٨ م وزيرا بواسط (٣) ، إلا أن هذه المصادر لم تزودنا بأية معلومات عن واجباتهم ، ولكن يمكن القول إنه نظرا لكثرة الفتن والاضطرابات في منطقة واسط في هذا العصر (٤) ، وأهمية هذه المنطقة الاقتصادية فمن المحتمل جدا أن هؤلاء كانوا مساعدين للولاة ، يقومون بتقديم النصح والمشورة لهم والإشراف على الأمور المالية ، ويشتركون في الحروب التي كانت تحدث في هذه المنطقة (٥).

ولم نعد نسمع عن هذا المنصب بواسط بعد هذا العصر مما يدل على إلغائه في العصور التالية. وكان إلى جانب الوالي قوة من الجيش

__________________

(١) ابن الجوزي ، المنتظم ، ٨ / ١١٧ ، ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٩ / ٥١٦. ابن حمدون ، التذكرة الحمدونية (مخطوطة) ج ١٢ ، ورقة ١٥٧ ، ١٥٨. ابن الفوطي ، تلخيص مجمع الآداب ، ج ٤ ، ق ٢ ، ٨٨٩.

(٢) ابن الفوطي ، تلخيص مجمع الآداب ، ج ٤ ، ق ٢ ، ٨٨٩ نقلا عن الصابي.

(٣) ابن حمدون ، التذكرة الحمدونية (مخطوطة) ج ١٢ ، ورقة ١٥٠. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٩ / ١٤٤.

(٤) انظر : مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ١٢٠ ، ١٣٠ ، ٢٩٧. الهمداني ، تكملة تاريخ الطبري ، ١ / ١٦٢ ، ١٦٤ ، ١٧٠ ، ٢٠٩. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٤٨١ ، ٤٨٩ ، ٤٩٠ ، ٥١٤ ، ٦١١.

(٥) يقول ابن الفوطي ، عندما قامت الفتنة بالبطائح كان الوزير عمدة الملك في مدينة الصّليق ، التي هي إحدى مدن البطائح ، تلخيص مجمع الآداب ، ج ٤ ، ق ٢ ، ٨٨٩.

١٤١

وذلك لحماية الولاية ، وحفظ النظام فيها يتولى أمرها عدد من الأمراء (١).

ولما دخل السلاجقة بغداد سنة ٤٤٧ ه‍ / ١٠٥٥ م اتخذوا في إدارة ولاية واسط نظام الإقطاع الحربي الذي انتشر في هذا العصر كأسلوب من أساليب التنظيم الإداري والمالي (٢) ، فكان السلاطين السلاجقة يقطعون ولاية واسط لبعض الأشخاص الذين كان أغلبهم من قواد الجند (٣) ، ويكون «المقطع» مسؤول عن الإدارة وحفظ الأمن والنظام في الولاية وأن يدفع إلى خزانة السلطان مبلغا من المال سنويا ، وأن يقدم المساعدات العسكرية إلى السلطان وقت الحاجة ، فعندما أمر السلطان محمود (٤) في سنة ٥٢٠ ه‍ / ١١٢٦ م عماد الدين زنكي بالمسير من واسط إلى بغداد لنجدته ، جمع عماد الدين عسكرا كبيرا وسار به في البر والماء قاصدا بغداد ، فلما وصل بغداد أدرك الخليفة المسترشد بالله أن لا قبل له بمقاومة السلاجقة ، فاضطر إلى قبول دعوة السلطان في الصلح (٥).

__________________

(١) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٣٤٧. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٩ / ٥١٦.

(٢) يرجع الفضل في تعميم النظام الإقطاعي الحربي إلى الوزير السلجوقي نظام الملك الحسن بن علي بن إسحاق الطوسي (٤٠٨ ـ ٤٨٦ ه‍) ، وكان هدفه من ذلك هو إعمار الأراضي الزراعية التي خربت في أيام البويهيين وبداية حكم السلاجقة ، وقد وضع نظام الملك واجبات كانت تترتب على هؤلاء المقطعين منها مالية ، وهي أن يدفع إلى خزانة الدولة مبلغا من المال يتفق عليه سنويا ، ومنها عسكرية ، وهي أن يتعهد المقطع بأن يقدم المساعدات العسكرية إلى السلطان ومحاربة أعدائه. البنداري ، تاريخ دولة آل سلجوق ، ٥٥ ، ٥٦. ولمعلومات أوسع انظر : الدكتور رشيد الجميلي ، إمارة الموصل في العصر السلجوقي ، ٢٦٦ ـ ٢٦٩.

(٣) انظر : الملحق.

(٤) محمد بن محمد بن ملكشاه بن ألب أرسلان تولى السلطنة بعد وفاة والده سنة ٥١١ ه‍ وتوفي سنة ٥٢٥ ه‍. ابن الجوزي ، المنتظم ، ٩ / ١٩٦ ، ١٠ / ٢٤.

(٥) ابن الأثير ، الباهر في الدولة الأتابكية ص ٨ ، ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ١٠ / ٦٣٨. ابن الجوزي ، المنتظم ، ١٠ / ٣. البنداري ، تاريخ دولة آل سلجوق ، ١٥٢. أبو شامة ، الروضتين ، ١ / ٧٤. ابن كثير ، البداية والنهاية ، ١٢ / ١٩٦.

١٤٢

وبعد زوال النفوذ السلجوقي واستقلال الخلافة سنة ٥٥٢ ه‍ / ١١٥٧ م (١) ، أصبح الخليفة هو الذي يعين ولاة واسط (٢). ويبدو أن الخلفاء العباسيين في هذا العصر كانوا قد أبقوا كثيرا من مظاهر الحكم والإدارة التي كانت مطبقة في العصر السلجوقي ، ففي بداية هذا العصر تشير المصادر إلى أن الخلفاء العباسيين أخذوا بنظام الإقطاع الحربي في إدارة واسط ، فاقطع الخلفاء هذه الولاية إلى كبار الأمراء المماليك الذين نشأوا في قصور دار الخلافة ببغداد (٣) وقد ترتب على هؤلاء المقطعين واجبات مالية وعسكرية ، فقد ذكر ابن الأثير أنه في سنة ٥٥١ ه‍ / ١١٥٦ م أرسل السلطان السلجوقي محمد بن محمود بن ملكشاه إلى الخليفة المقتفي لأمر الله يطلب منه أن يخطب له في العراق ، إلا أن الخليفة لم يستجب له ، عندئذ سار السلطان من همذان بعساكر كثيرة ونزل على بغداد وحاصرها ، فاستعد الخليفة لدفعه عن بغداد ، ثم أرسل إلى أمراء الأطراف فأمرهم

__________________

(١) أما ولاية واسط فقد استقلت عن نفوذ السلاجقة قبل هذا التاريخ ، فبعد وفاة السلطان مسعود سنة ٥٤٧ ه‍ أراد الخليفة المقتفي لأمر الله (٥٣٠ ـ ٥٥٥ ه‍) أن يتخلص من السيطرة السلجوقية فبدأ بفرض سيطرته على مدن العراق التي كان يتولى أمرها السلاجقة أو نوابهم ، فأرسل سنة ٥٤٧ ه‍ وزيره عون الدين بن هبيرة إلى الحلة فاستولى عليها ، ثم واصل الوزير جهوده في استعادة مدن العراق الأخرى فسير في هذه السنة جيشا إلى واسط واستولى عليها ، وقد حاول السلطان ملكشاه استعادة نفوذ السلاجقة على واسط ، فأعدّ جيشا في هذه السنة وسيره نحو واسط واستولى عليها وطرد عسكر الخليفة منها ، فلما بلغ الخليفة هذا النبأ خرج بنفسه على رأس جيش إلى واسط واستولى عليها وطرد منها أمراء السلاجقة ، ثم قلّد خطلبرس منصب الشحنة فيها وعاد إلى بغداد. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ١١ / ١٦١ ، ١٦٢. ابن الجوزي ، المنتظم ، ١٠ / ١٤٨. سبط ابن الجوزي ، مرآة الزمان ، ج ٨ ، ق ١ ، ٢١٢ ، ٢١٣. الذهبي ، العبر ، ٤ / ١٢٩. ابن كثير ، البداية والنهاية ، ١٢ / ٢٢٩.

(٢) ابن الجوزي ، المنتظم ، ١٠ / ١٤٨.

(٣) الأيوبي ، مضمار الحقائق وسر الخلائق ، ١٤ ، ١١٨ ، ١٧٠ ، ١٧١. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ١١ / ٣٢٨ ، ٣٩٥. ابن الساعي ، الجامع المختصر ، ٩ / ١٢٩. العيني ، عقد الجمان (مخطوطة) ق ٢ ، ج ٢١ ، ورقة ٣٩٩.

١٤٣

بالمسير بعساكرهم إلى بغداد لمساعدته فاستجاب له خطلبرس مقطع واسط وسار على رأس جيشه إلى بغداد (١).

وقد أقام بعض هؤلاء المقطعين ببغداد (٢) ، وكان المقطع يبعث من قبله شخصا ينوب عنه في الولاية ، فالأمير آل تنبه الشطرنجي مقطع واسط كان يقيم ببغداد في أثناء ولايته وينوب عنه بواسط ، جمال الدين بن الحصين (٣).

وفي أواخر هذا العصر أوردت المصادر وظيفة الوالي باسم «الصدر» (٤) الذي يبدو أنه كان مسؤولا عن الناحية الإدارية والمالية ، فقد ذكر ابن الفوطي أنه في سنة ٦٤٧ ه‍ / ١٢٤٩ م رتب كمال الدين أبو عبد الله محمد بن حسين بن أحمد الفخري صدرا بواسط وعين مشرفا على شمس الدين علي بن الشاطر (٥) الذي كان ناظرا بواسط (٦).

ويظهر أنه كانت هناك تقاليد ومراسيم تتبع عند تعيين الصدر ، فقد ذكر ابن الفوطي أنه عندما رتب كمال الدين أبو عبد الله الفخري صدرا بواسط قلّد سيفا محلّى بالذهب (٧) ، وذكر ابن الساعي أن أبا الميامن علي ابن أحمد بن أمسينا خلع عليه بواسط خلعة نفذت له من الديوان العزيز (٨).

__________________

(١) ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ١١ / ٢١٢.

(٢) الأيوبي ، مضمار الحقائق وسر الخلائق ، ١٧٠ ، ١٧١. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ١١ / ٣٩٥.

(٣) الأيوبي ، مضمار الحقائق وسر الخلائق ، ١١٨.

(٤) ذيل (مخطوطة) ج ١ ، ق ١ ، ورقة ١٠٥. الحوادث الجامعة ، ٢٤٤. ابن الفوطي ، تلخيص مجمع الآداب ، ٥ / ٢٥١.

(٥) ابن الفوطي ، تلخيص مجمع الآداب ، ٥ / ٢٥١ (حرف الكاف). انظر أيضا : الحوادث الجامعة ، ٢٤٤.

(٦) انظر : الملحق.

(٧) تلخيص مجمع الآداب ، ٥ / ٢٥١ (حرف الكاف).

(٨) الجامع المختصر ، ٩ / ٢١٨ ، ٢١٩.

١٤٤

الشرطة :

ظل جهاز الشرطة قائما بواسط منذ تأسيسها سنة ٨١ ه‍ / ٧٠٠ م حتى نهاية العصر البويهي سنة ٤٤٧ ه‍ / ١٠٥٥ م (١) ، وكان على رأس هذا الجهاز موظف له أهمية كبيرة في الإدارة يسمى «صاحب الشرطة» (٢) ، وهذه الوظيفة هي أقرب ما تكون إلى وظيفة مدير شرطة المحافظة في الوقت الحاضر ، وكان يتم اختياره وتعيينه من قبل الأمير البويهي (٣).

أما واجبات هذا الجهاز الإداري فهي : استتباب الأمن وحفظ النظام ومراقبة المفسدين والقبض على الجناة ، وتنفيذ أحكام القضاة والمحتسبين والإشراف على السجون وحماية الوالي (٤).

ويبدو أنه نظرا لاضطراب الحياة السياسية في العصر البويهي ، وذلك من جراء الصراع القائم بين أمراء البيت البويهي ، فالراجح أن صاحب الشرطة بواسط كان يشارك في الدفاع عن المدينة في أثناء الحروب ، فقد ذكر مسكويه أنه عندما خرج روزبهان بن ونداذ خرشيد الديلمي على طاعة معز الدولة في سنة ٣٤٥ ه‍ / ٩٥٦ م سار معز الدولة إلى واسط ، وقلّد «الأبزاعجي» على الشرطة فيها ثم أمر سبكتكين الحاجب بالذهاب إلى بغداد لضبطها (٥).

وعندما تقدم عضد الدولة من فارس للاستيلاء على العراق سنة ٣٦٦ ه‍ / ٩٧٦ م ، خرج الأمير البويهي بختيار ووزيره محمد بن بقيّة إلى واسط

__________________

(١) عن الشرطة بواسط في العصر الأموي انظر : عبد القادر المعاضيدي ، واسط في العصر الأموي ، ٢٧١.

(٢) الطبري ، ٧ / ٦٣٦. الصولي ، أخبار الراضي ، ١٠٨. مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ١٦٢ ، ٣٦٦.

(٣) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ١٦٢.

(٤) ابن خلدون ، تاريخ ، ١ / ٢٠٩. حسن إبراهيم حسن ، تاريخ الإسلام السياسي ٣ / ٢٧٨ ، ٢٧٩. صالح أحمد العلي ، إدارة بغداد ، مجلة سومر ، م ٣٣ ، ج ١ ، ١٩٧٧ ، ص ١٣٦. دائرة المعارف الإسلامية ، ١٣ / ١٩٣ ، ١٩٤ ، (الترجمة العربية).

(٥) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ١٦٢.

١٤٥

قاصدين الأحواز لملاقاته ، أمر ابن بقيّة بقتل «ابن العروقي» صاحب الشرطة بواسط لعدم الاطمئنان إليه (١).

إن معلوماتنا عن الشرطة بواسط في الفترة التاريخية التي نحن بصدد دراستها قليلة ، حيث إننا لا نعلم شيئا عن تنظيمهم أو عددهم أو ما يدفع لهم من رواتب ، وأغلب الظن أن سبب ذلك يرجع إلى أن هذه المدينة اتخذت في هذه الفترة مركزا لتجمع الجيوش العباسية والبويهية ، وذلك للقضاء على الفتن والاضطرابات التي كانت تحدث في البطائح والبصرة والمشرق (٢) ، فلا بدّ أن مسؤولية حفظ النظام وإشاعة الاستقرار أصبحت مشتركة بين الجيش والشرطة وإن لم تشر المصادر إلى ذلك صراحة ، فتقلص نفوذ الشرطة في هذه المدينة وأصبح دورهم ثانويا. ثم إنه نظرا لكثرة الأحداث السياسية في هذه المدينة في هذا العصر نجد أن المؤرخين اهتموا بتدوين هذه الأحداث ، مما أدى إلى طغيان أخبارها على أخبار الجوانب الإدارية (٣).

الشحنة :

عندما دخل السلاجقة بغداد سنة ٤٤٧ ه‍ / ١٠٥٥ م استحدثوا في مدن العراق المختلفة وظيفة جديدة كان يسمى القائم بها شحنة (٤). ويظهر أن

__________________

(١) ن. م ، ٢ / ٣٦٦.

(٢) انظر : مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ١٢٠ ، ١٣٠ ، ٢٩٧ ، ٣٢٩ ـ ٣٣٣. أبو شجاع ، ذيل تجارب الأمم ، ١٢٦ ، ١٢٧ ، ١٢٨. الهمداني ، تكملة تاريخ الطبري ، ١ / ١٦٢ ، ١٦٤ ، ١٧٠ ، ٢٠٩ ، ٢١٥. ابن الجوزي ، المنتظم ، ٧ / ٣٠١. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٤٨١ ، ٤٨٩ ، ٥١٤ ، ٦١١ ، ٦٤٣ ، ٦٤٤ ، ٩ / ٤٨ ، ٤٩ ، ٣١٨ ، ٣٤٦ ، ٣٧٤ ، ٣٧٦ ، ٤٠٦ ، ٤٣٠ ، ٤٥٣.

(٣) انظر صفحات مصادر حاشية رقم (٣) ص ١٣٨.

(٤) انظر : البنداري ، دولة آل سلجوق ، ٢٢٧. ابن خلدون ، تاريخ ٣ / ٤٧٧. حسين أمين ، تاريخ العراق في العصر السلجوقي ، ٢٠١. مصطفى جواد ، أولية الشرطة ، مجلة الشرطة ، عدد ١ ، ١٩٦٣ ، ص ٢٢. ويقول الدكتور مصطفى جواد «واشتق من ـ الشحنة اسم عربي فارسي لوظيفة الشحنة هو الشحنكية المصدر السابق ، ٢٢. انظر : محمد رضا الشبيبي ، أصول اللهجة العراقية ، مجلة المجمع العلمي العراقي ، م ٤ ، ج ١ ، ١٩٥٦ ، ص ٤٥٤ ، ٤٥٥.

١٤٦

هذه الوظيفة كانت قد حلت محل وظيفة صاحب الشرطة بواسط ، فبينما كان لهذه المدينة صاحب للشرطة قبل العصر السلجوقي ، فإننا لم نعد نسمع بمثل هذه الوظيفة في هذا العصر مما يدل على إلغائها.

ولأهمية هذه الوظيفة فقد كان السلاطين السلاجقة وشحن بغداد يختارون شحنة واسط من الأمراء السلاجقة الذين كانوا يتصفون بالشجاعة والمقدرة العسكرية والإدارية (١).

ويبدو أن الشحنة بواسط كان يقوم بالواجبات التي كان يقوم بها صاحب الشرطة نفسها ، فقد عهد إليه حفظ الأمن وإشاعة الاستقرار ومراقبة المفسدين والقبض على الجناة (٢) ، كما كان عليه أن يقوم بحفظ الأمن ومراقبة اللصوص وقطاع الطرق وملاحقة المفسدين في منطقة واسط (٣).

ومما تجدر الإشارة إليه هو أن هذه الوظيفة ظلت بواسط بعد زوال النفوذ السلجوقي واستقلال الخلافة ، وكان الخليفة هو الذي يعين الشحنة في هذه المدينة (٤) ، وكان الغالبية العظمى منهم من كبار الأمراء المماليك (٥).

__________________

(١) انظر : ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ١١ / ١٣٢. ابن الفوطي ، تلخيص مجمع الآداب ، ج ٤ ، ق ١ ، ٢٩ ، ٣٠.

(٢) ابن الفوطي ، تلخيص مجمع الآداب ، ٥ / ٥٨٦ ، ٥٨٩ (حرف الميم).

(٣) ن. م ، ٥ / ٢٨٩ (حرف الميم).

(٤) انظر : الحوادث الجامعة ، ٨١ ، ١٣٢.

(٥) انظر : الملحق.

١٤٧

الناظر :

إن هذه الوظيفة ، على ما يبدو ، كانت قد استحدثت بواسط في العصر البويهي ، لأننا لم نجد ما يشير إليها في هذه المدينة قبل هذا العصر. والناظر كان الموظف المسؤول عن تنظيم واردات ولاية واسط ونفقاتها (١) ، وكان اختيار الناظر وتعيينه يتمّ من قبل الأمير البويهي ، فقد ذكر أبو شجاع أنه في سنة ٣٨٨ ه‍ / ٩٩٨ م عهد بهاء الدولة بهذا المنصب بواسط إلى أبي علي بن إسماعيل (٢).

ونظرا لأهمية هذه الوظيفة من الناحية المالية فقد تقلدها أشخاص كانوا من أهل الخبرة في الشؤون المالية فقد ذكر ابن الفوطي ، أن كمال الدين أبا عبد الله محمد بن الحسين بن أحمد الفخري ناظر واسط ، كان «كاتبا ضابطا حاسبا» ، وأن مجد الدين أبا محمد أحمد بن يحيى الطباخ الواسطي ناظر واسط ، كان «عالما بالحسبانات والمعاملات والمقاسات» (٣).

وقد تقلّد هذه الوظيفة بعض الأشخاص من أهل واسط كانوا من بيوتات اشتهرت بالكتابة والرئاسة ، وتولى الأعمال الديوانية منهم أبو الأزهر محمد بن محمد بن أحمد الكاتب (ت ٥٦١ ه‍ / ١١٦٥ م) (٤) ، وأبو

__________________

(١) أبو شجاع ، ذيل كتاب تجارب الأمم ، ١٢٧ ، ٣٠٧. الأيوبي ، مضمار الحقائق ، ١١٧. الحوادث الجامعة ، ٦٣ ، ١١٧. ابن الفوطي ، تلخيص مجمع الآداب ، ج ٤ ، ق ٤ ، ٨١٣. ابن أبي عذيبة ، إنسان العيون (مخطوطة) ورقة ١٦٢. انظر : النويري ، نهاية الأرب ، ٨ / ٢٩٩. القلقشندي ، صبح الأعشى ٥ / ٤٦٥.

(٢) ذيل كتاب تجارب الأمم ، ٣٠٦ ويذكر ابن الأثير أن أبا علي كان وزيرا بواسط ، ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٩ / ١٤١ إلا أنني أرجح ما جاء به الروذراوي لأنه مصدر متقدم من جهة ، أما من الجهة الأخرى ، فإنه استمد معلوماته من مصادر رسمية لأنه كان وزيرا ببغداد.

(٣) تلخيص مجمع الآداب ، ٥ / ٢٥٠ (حرف الكاف) ، ٥ / ١٠٥ (حرف الميم). انظر : ن. م ، ٥ / ٢٣٣. المنذري ، التكملة ، ٢ / ١٤٣ ، ١٤٤.

(٤) ذيل (مخطوطة) ج ١ ، ق ٢ ، ورقة ٢٩٥.

١٤٨

الحسن علي بن إبراهيم بن عبد الكريم بن الأنباري الواسطي (١).

ومع أن صاحب هذه الوظيفة موظف مالي إلا أنه بسبب التداخل الموجود في عمل الموظفين في الدولة العباسية ، فقد كان يعهد إلى الناظر أحيانا إضافة إلى وظيفته مهمة الإشراف على الإدارة في هذه الولاية (٢) ، كما تولى بعضهم النظارة والأشراف (٣).

وكان للناظر نواب (٤) ، ومعه موظفون يسمون العمال ، وكتّاب يساعدونه في أعماله (٥). ويظهر أنه كانت هناك تقاليد ورسوم تتبع عند تعيين الناظر ، فقد ذكر ابن الساعي أنه عندما عين أبو الفضل بن النمس ناظرا بواسط سنة ٦٠٣ ه‍ / ١٢٠٦ م خلع عليه في الديوان العزيز ثم توجه إلى واسط (٦). ويذكر صاحب كتاب الحوادث الجامعة أنه عندما عين محمد بن يحيى البصري ناظرا بواسط سنة ٦٤٣ ه‍ / ١٢٤٥ م أرسلت إليه خلعة من بغداد (٧).

ومما تجدر الإشارة إليه أن هذه الوظيفة ظلت قائمة بواسط حتى نهاية العصر العباسي (٨) ، وأن الخليفة في العصر العباسي الأخير هو الذي كان يعين الناظر (٩).

__________________

(١) ابن النجار ، التاريخ المجدد (مخطوطة) ج ١٠ ، م ٣ ، ورقة ١٤٦ ب.

(٢) ابن الساعي ، الجامع المختصر ، ٩ / ٢١٨ ، ٢١٩.

(٣) ذيل (مخطوطة) ج ٢ ، ق ٢ ، ورقة ١٧٢. ابن النجار ، التاريخ المجدد ، (مخطوطة) ج ١٠ ، م ٣ ، ورقة ١٤٦ ب. ابن الساعي ، الجامع المختصر ، ٩ / ٧٠ ، ١٩٣.

(٤) ابن أبي عذيبة ، إنسان العيون (مخطوطة) ورقة ١٦٢ ، ١٦٣.

(٥) ديوان ابن المعلم الواسطي (مخطوطة) ورقة ٩٤ ، ٩٥.

(٦) الجامع المختصر ، ٩ / ١٩٣.

(٧) المؤلف مجهول ، الحوادث الجامعة ، ٢٨٩.

(٨) انظر : الملحق.

(٩) ديوان ابن المعلم الواسطي (مخطوطة) ورقة ١٠٧ ، ١٠٨.

١٤٩

المشرف :

إن وظيفة المشرف كانت قد استحدثت بواسط في العصر السلجوقي ، لأنه لم يرد ما يشير إلى وجودها قبل هذا العصر ، والراجح أن تعميم الإقطاع في هذا العصر هو الذي أدّى إلى استحداث هذه الوظيفة المالية ، وكان لهذه الوظيفة ديوان يرأسه موظف يعرف بالمشرف (١). ومن خلال الإشارات التي وصلتنا عن هذا الديوان يمكن القول إن رئيس هذا الديوان كان يراقب أعمال الناظر ويشرف عليها (٢). وهذه الوظيفة أشبه ما تكون بوظيفة المدقق أو المفتش المالي في الوقت الحاضر.

ونظرا لكون وظيفة هذا الديوان هي مكملة لوظيفة الناظر فقد جمع الديوانان أحيانا لشخص واحد كما أشرنا سابقا (٣). كما نجد إشارات إلى قضاة بواسط تولوا هذا الديوان إضافة إلى منصب القضاء ، فقد ذكر ابن الساعي أنه في سنة ٥٩٦ ه‍ / ١١٩٩ م تولى أبو المحاسن عبد اللطيف بن نصر الله بن علي المعروف بابن الكيال الواسطي قضاء واسط والأشراف بديوانها (٤). ويذكر ابن الدبيثي أنه في سنة ٦٠٤ ه‍ / ١٢٠٧ م أضيف إلى أبي الفضائل علي ابن يوسف بن أحمد الواسطي قاضي واسط الأشراف بأعمال واسط (٥).

القضاء :

كان الخليفة العباسي في القرون الأولى هو الذي يعين قضاة واسط

__________________

(١) ابن النجار ، التاريخ المجدد (مخطوطة) ج ١٠ ، م ٣ ، ورقة ١٤٦ ب.

(٢) الحوادث الجامعة ، ١١٧.

(٣) انظر : الناظر.

(٤) ابن الساعي ، الجامع المختصر ، ٩ / ٢٨٠.

(٥) ذيل (مخطوطة) ورقة ١٧٤ (كيمبرج).

١٥٠

ويعزلهم (١) ، ومنذ النصف الأول من القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي تشير الأخبار إلى أن تعيين قضاة واسط وعزلهم كان يتمّ من قبل قاضي القضاة ببغداد ، فقد ذكر ابن الجوزي أن قاضي القضاة عمر بن محمد بن يوسف قلد في سنة ٣٢٢ ه‍ / ٩٣٣ م أبا طاهر محمد بن أحمد بن عبد الله الذهلي القضاء بواسط (٢).

ويبدو أن طريقة التعيين هذه لم تتبع طيلة العصور العباسية المتأخرة ، وإنما اتبعت في معظم فتراتها (٣). فقد جاء في المصادر أن قاضي القضاة كان يستأذن الوزير عند ترتيب القاضي بواسط ، فصاحب كتاب الحوادث الجامعة يذكر أنه عندما قلد قاضي القضاة عبد الرحمن بن مقبل الواسطي في سنة ٦٢٩ ه‍ / ١٢٣١ م أحمد بن عنتر الهمامي القضاء بواسط ، أمر الوزير مؤيد الدين القمي بعزل القاضي ، لأن قاضي القضاة لم يستأذنه في ترتيبه ، ثم شفع به إلى الوزير فتقدم إلى قاضي بإعادته فأعاده إلى منصبه (٤) ، وهذا يدل على أن سلطة تعيينهم أصبحت بيد الوزير بعد أن كانت بيد قاضي القضاة. ومن المرجح أن طريقة التعيين هذه اقتصرت على الفترة التي

__________________

(١) وكيع ، أخبار القضاة ، ٣ / ٣١٣. الخطيب ، تاريخ بغداد ، ٣ / ٣٧١. ويذكر وكيع أن الهيثم بن زياد الخزاعي الذي كان أول وال على واسط من قبل العباسيين قلّد عمر بن موسى بن وجيه الواسطي القضاء بواسط ، وأن عيسى بن موسى قلّد أبا شيبة إبراهيم بن عثمان القضاء بواسط في أيام المنصور ، وأن والي العراق الحسن ابن سهل قلّد القاسم بن سويد القضاء بواسط ، وأن طاهر بن الحسين قلّد سيف ابن جابر الجهني قضاء واسط. أخبار القضاة ، ٣ / ٣١٢ ، ٣١٣.

(٢) المنتظم ، ٧ / ٩٠. انظر : الخطيب ، تاريخ بغداد ، ١ / ٣١٣.

(٣) ابن الجوزي ، المنتظم ، ٧ / ٣٠٠ ، ١٠ / ١٠٣. ذيل (مخطوطة) ج ٢ ، ق ٢ ، ورقة ١٦٢ ، ١ / ٢٩٥ ، ٢٩٦ (المطبوع). ابن الساعي ، الجامع المختصر ، ٩ / ٤٥ ، ٢٠٤ ، ٢١٨. المختصر المحتاج إليه ، ٢ / ٣٠٠. الحوادث الجامعة ، ١٥ ، ٢٣ ، ٣٢ ، ٨٥ ، ٩٢ ، ٢٧٦. أبو شامة ، كتاب الذيل على الروضتين ، ٥٥. العيني ، عقد الجمان (مخطوطة) ق ٤ ، ج ١٩ ، ورقة ٦٩٤.

(٤) الحوادث الجامعة ، ٣٢.

١٥١

أصبح فيها الوزراء أو نوابهم هم الذين يعينون قاضي القضاة (١).

وتشير الأخبار أيضا أن قاضي القضاة كان يقترح أسماء قضاة واسط ثم تقدم إلى صاحب الديوان للموافقة على تعيينهم (٢) وأن بعض الخلفاء في العصر العباسي الأخير قلدوا قضاة بواسط (٣).

وجاء في المصادر أن بعض القضاة تقلدوا القضاء ببغداد وواسط ومدن وأماكن أخرى ، فقد ذكر الخطيب أنه عندما ولي المطيع الخلافة سنة ٣٣٤ ه‍ / ٩٤٥ م قلّد أبا الحسن محمد بن الحسن بن أبي الشوارب قضاء الشرقية والحرمين واليمن وسر من رأى وقطعة من أعمال السواد وبعض أعمال الشام وسقي الفرات وواسط (٤). ويذكر ابن الدبيثي أن قاضي القضاة أبا الحسن علي بن محمد الدامغاني قلد ابنه محمدا في سنة ٥٠٢ ه‍ / ١١٠٨ م قضاء الجانب الغربي من مدينة السلام وواسط وغير ذلك. وأن قاضي القضاة أبا الحسن علي بن أحمد بن علي الدامغاني قلد أخاه أبا محمد الحسن بن أحمد بن علي الدامغاني القضاء بربع الكرخ في الجانب الغربي سنة ٥٤٦ ه‍ / ١١٥١ م ، ثم أضاف إليه في سنة ٥٥٢ ه‍ / ١١٥٧ م واسط وأعمالها (٥).

__________________

(١) انظر : ذيل (مخطوطة) ج ٢ ، ق ٢ ، ورقة ٩١ ، ٢١٣. ابن الساعي ، الجامع المختصر ، ٩ / ١٩٤ ، ٢٠١.

(٢) ابن الفوطي ، تلخيص مجمع الآداب ، ج ٤ ، ق ٢ ، ٧٢٥ ، ٧٢٦.

(٣) مرآة الزمان ، ج ٨ ، ق ٢ ، ٥٠٩.

(٤) تاريخ بغداد ، ٢ / ٢٠٠.

(٥) ذيل (مخطوطة) ج ١ ، ق ١ ، ورقة ٨٨ ، ج ٢ ، ق ١ ، ورقة ١٥٤. وعن تعيينات أخرى مماثلة انظر : وكيع ، أخبار القضاة ، ٣ / ٣١٥. التنوخي ، نشوار المحاضرة ، ٥ / ٢٢١. الخطيب ، تاريخ بغداد ، ٤ / ٢٣١ ، ٦ / ٢٨٢ ، ١٤ / ٣١٠ ، ٣٢٣. السمعاني ، الأنساب ، ٤١٣ ب. ابن الجوزي ، المنتظم ، ٥ / ١٦٢ ، ٦ / ٩٦ ، ١١٦ ، ٧ / ١٣٤ ، ١٣٥. ذيل (مخطوطة) ج ١ ، ق ٢ ، ورقة ٢٠٥ ، ج ٢ ، ق ١ ، ورقة ٣٨.

١٥٢

وبما أن القاضي لا يستطيع النظر في أمر جميع المدن والأماكن التي كان يتولاها فقد كان يستخلف شخصا يقوم بالقضاء بواسط نيابة عنه (١) إلا أن المصادر لا تذكر كيف كان يتمّ تقليد هؤلاء القضاة ، فهل كان يتمّ تعيينهم بتخويل شخصي من القاضي الأصيل أم من الخليفة أو قاضي القضاة؟ ولكن نظرا لأهمية هذا المنصب الديني فالراجح أن تعيين نائب القاضي بواسط كان يتم بتخويل شخصي من القاضي الأصيل بعد أخذ موافقة الخليفة (٢) أو قاضي القضاة على تعيينه.

ومع أن الفقهاء يرون أن نائب القاضي لا يحكم ، وإنما يسمع البينة من الخصوم ثم يسمع الشهود ، ويكتب الإقرار ويرفع ذلك إلى القاضي الأصيل ليحكم بموجبه (٣) ، والراجح أن هذا الإجراء يكون ببغداد لأن نائب القاضي يكون قريبا من القاضي الأصيل ، إلا أنه لا ينطبق على نائب القاضي بواسط لبعد المسافة وصعوبة المواصلات آنذاك.

لم نجد في المصادر ما يشير إلى وجود أكثر من قاض واحد بواسط حتى أواخر القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي ، فقد ذكر ابن الجوزي أن القاضي أبا تغلب عبيد الله بن أحمد بن جعفر (ت ٤١٠ ه‍ / ١٠١٩ م) كان نائبا عن القاضي أبي خازم محمد بن الحسن الواسطي (٤) في الجانب

__________________

(١) ذيل (مخطوطة) ج ٢ ، ق ١ ، ورقة ٣٨ ، ١٥٤ ، ١٥٥. الذهبي ، المختصر المحتاج إليه ، ١ / ١٩٧. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ١٠ / ٧٢. ابن الساعي ، الجامع المختصر ، ٩ / ٢٠٤. المنذري ، التكملة ، ٢ / ١٧. أبو شامة ، الذيل على الروضتين ، ٥٥.

(٢) يقول الخصاف : «لو أن قاضيا استخلف رجلا فقضى بين الناس لم يجز ذلك ، لأن الخليفة إنما فوض التصرف إليه برأيه لا برأي غيره ، فلا يكون له أن يستخلف إلا إذا فوض إليه الخليفة ، ذلك شرح أدب القاضي (مخطوطة) ورقة ١٠٢ ، ١٠٣.

(٣) ابن مازة ، شرح أدب القاضي (مخطوطة) ورقة ، ١٠٢ ، ١٠٣. السمناني ، روضة القضاة ، ١ / ١٤٥.

(٤) تقلد القضاء بواسط من سنة ٣٩٠ ـ ٤١١. المنتظم ، ٧ / ٢٠٨ ، ٨ / ٦٠.

١٥٣

الشرقي من واسط (١) ، ولا شك أن سبب ذلك يرجع إلى اتساع رقعة المدينة وكثرة عدد سكانها في هذه الفترة ، مما أدّى إلى تقسيم قضائها إلى منطقتين ، غير أننا لا نستطيع تحديد السنة التي حدث فيها هذا التغيير في إدارة القضاء بواسط. والراجح أن هذا الإجراء الإداري ظلّ قائما بواسط طيلة العهد العباسي ، لأن هذه المدينة ظلت محتفظة بسعة رقعتها وازدهارها الاقتصادي والاجتماعي طيلة هذه الفترة كما ذكرنا من قبل.

ويظهر أن عمل بعض قضاة واسط كان يشمل مدن ولاية واسط أيضا فقد ذكر ابن الجوزي أنه في سنة ٣٩٠ ه‍ / ٩٩٩ م ولي أبو خازم محمد بن الحسن الواسطي القضاء بواسط وأعمالها (٢) وفي سنة ٤٨٥ ه‍ / ١٠٩٢ م ولي أبو علي الحسن بن إبراهيم الفارقي القضاء بواسط وأعمالها (٣).

ويذكر ابن الدبيثي أنه في سنة ٥٥٢ ه‍ / ١١٥٧ م قلّد قاضي القضاة أبو الحسن علي بن أحمد الدامغاني أخاه أبا محمد الحسن بن أحمد بن علي قضاء واسط وأعمالها (٤) ، وغير هؤلاء (٥).

وبما أن قاضي واسط لا يستطيع النظر في أمر جميع مدن واسط ، فلا بدّ أن قضاة مدن واسط الذين تردد ذكرهم في المصادر (٦) ، كانوا يقومون بأعمالهم نيابة عن قاضي واسط ويكونون مسؤولين أمامه (٧). إلا أن

__________________

(١) المنتظم ، ٧ / ٢٩٤.

(٢) المنتظم ، ٧ / ٢٠٨. انظر : سؤالات السلفي ، ١٠.

(٣) المنتظم ، ٩ / ٦٣ ، ١٠ / ٣٧.

(٤) ذيل (مخطوطة) ج ٢ ، ق ١ ، ورقة ١٥٤.

(٥) انظر : ذيل (مخطوطة) ج ١ ، ق ٢ ، ورقة ١٣٩. ابن الساعي ، الجامع المختصر ٩ / ٢٠٤ ، ٢١٨. ابن رجب ، الذيل على طبقات الحنابلة ، ١ / ٣٠٥.

(٦) انظر : الملحق.

(٧) في ديوان ابن المعلم الواسطي قصيدة بعث بها إلى قاضي واسط أبي محمد الدامغاني يشتكي فيها من قاضي الهرث مما يدل على أنه كان مسؤولا أمامه. (مخطوطة) ورقة ٩٨.

١٥٤

المصادر لا تذكر كيف كان يتم ترتيب هؤلاء القضاة ، هل كان بتخويل شخصي من قاضي واسط دون حاجة إلى تأييد قاضي القضاة ببغداد؟ أم أن ترتيبهم كان يتمّ بعد استشارة قاضي القضاة وتأييده؟ إلا أننا نرجح الحالة الثانية ، نظرا لأهمية منصب القضاء آنذاك.

أما عمل القضاة بواسط ، فقد كان بعد أن يتمّ اختيار قاضي واسط وتقليده يصدر ببغداد عهد مكتوب من الخليفة أو قاضي القضاة ، تحدّد فيه صلاحيات القاضي وواجباته ويخلع ، عليه فقد ذكر ابن الجوزي أنه في سنة ٣٩٠ ه‍ / ٩٩٩ م قلد أبو خازم محمد بن الحسن الواسطي القضاء بواسط وأعمالها وقرىء عهده بالموكب بدار الخلافة (١) ، ويذكر صاحب كتاب الحوادث الجامعة أنه في سنة ٦٢٩ ه‍ / ١٢٣١ م قلد أحمد بن عنتر الهمامي قضاء واسط من قبل قاضي القضاة وخلع عليه ، وخرج والبسملة بين يديه (٢) إلا أن هذه العهود لم تصل إلينا مما أدّى إلى عدم معرفة الصلاحيات التي عهدت إلى هؤلاء القضاة وواجباتهم ، ولكن يظهر من الإشارات التي جاءت في المصادر أن عمل القضاة هو الفصل بين الخصوم (٣) والنظر في المسائل الشرعية كالزواج والطلاق والمواريث وشؤون اليتامى والأرامل والمعاملات في الأسواق (٤). واستيفاء الحقوق (٥) واختيار الشهود وعزلهم (٦) والنظر في ...

__________________

(١) المنتظم ، ٧ / ٢٠٨.

(٢) المؤلف مجهول ، ٣٢.

(٣) الماوردي ، الأحكام السلطانية ، ٧٠. أدب القاضي ، ١ / ١٧٠. ديوان ابن المعلم الواسطي ، ورقة ٤٥.

(٤) انظر الوقائع التي ذكرها وكيع في كتابه (أخبار القضاة). الماوردي ، الأحكام السلطانية ، ٧٠. سؤالات السلفي ، ٧٤. أدب القاضي ، ١ / ١٧٠. ديموبين ، النظم الإسلامية ، ٢٠٣.

(٥) الماوردي ، الأحكام السلطانية ، ٧٠. أدب القاضي ، ١ / ١٧٠. ديوان ابن المعلم الواسطي ، ورقة ٤٦.

(٦) ذيل (مخطوطة) ج ١ ، ق ١ ، ورقة ١١٥.

١٥٥

الوقف (١) وتعيين قضاة مدن ولاية واسط كما ذكرنا من قبل.

وإضافة إلى ما تقدم فقد أشارت المصادر إلى أن بعض القضاة كان يعهد إليه تولي الحسبة بواسط (٢). وتولى بعضهم الإشراف على الأوقاف (٣) ، والإشراف على الديوان إضافة إلى القضاء (٤).

أما مجلس القضاء فقد كان يضمّ بالإضافة إلى القاضي ، الأعوان والحاجب والكاتب والشهود العدول والوكلاء.

كانت مهمة الأعوان إحضار الخصوم إلى مجلس القضاء والمحافظة على الهدوء والنظام في أثناء المرافعات ، وقد وجدت هذه الوظيفة بواسط منذ العصر العباسي الأول (٥) ، ولا بدّ أنها استمرت في هذه المدينة لأنه لا يمكن للقاضي أن ينظر في دعاوى الخصوم ويستكمل الإشراف على مجلس القضاء بدونهم (٦).

وكانت مهمة الحاجب هي الحفاظ على الهدوء في مجلس القضاء ، فكان لا يسمح بالدخول إلى مجلس القضاء إلا للخصوم والوكلاء وحسب ترتيب حضورهم (٧) ، وقد اشترط الفقهاء في الحاجب العدالة والعفة والأمانة (٨).

__________________

(١) سؤالات السلفي ، ٥٣.

(٢) بحشل ، تاريخ واسط ، ٢٩٤ ، ٢٩٧ ، ٢٩٨. السلفي ، معجم السفر (مخطوطة) ورقة ١٤٦ ب. ذيل (مخطوطة) ج ١ ، ق ١ ، ورقة ٩٥ ، ٩٦ ، ج ١ ، ق ٢ ، ورقة ٢٤١ ، ج ٢ ، ق ١ ، ورقة ١٥٨ ، ج ٢ ، ق ٢ ، ورقة ٢١٠. الذهبي ، العبر ، ٤ / ٢٣٨ ، ٥ / ٩٨. ابن الفوطي ، تلخيص مجمع الآداب ، ج ٤ ، م ٤ ، ٨٦٤.

(٣) الحوادث الجامعة ، ١٥.

(٤) ذيل (مخطوطة) ورقة ١٧٤ (كيمبرج). الجامع المختصر ، ٩ / ٢١٨.

(٥) وكيع ، أخبار القضاة ، ٣ / ٣١٤.

(٦) عبد الرزاق الأنباري ، النظام القضائي في بغداد في العصر العباسي ، ٣١٠. انظر : ابن مازة ، شرح أدب القاضي (مخطوطة) ورقة ١٤ أ.

(٧) السمناني ، روضة القضاة ، ١ / ١٢٠.

(٨) الماوردي ، أدب القاضي ، ١ / ٢٠٤.

١٥٦

أما الكاتب فقد كان يدوّن أقوال الخصوم والشهود ، وقرار الحكم الذي يصدره القاضي واشترط الفقهاء في الكاتب أن يكون «مسلما ورعا لأن الكتابة من جنس القضاء فيشترط في الكاتب ما يشترط في القاضي» (١) وأن يكون مكانه قريبا من القاضي «حيث يراه كي لا يخدع في الرشوة فيزيد في ألفاظ الشهادة أو ينقص» (٢).

أما الشهود العدول (٣) فقد كان يختارهم القاضي للشهادة في مجلس القضاء (٤) ، وكان يشترط بالعدل أن يكون مسلما بالغا عاقلا عالما بما يشهد (٥). لذلك فقد كان القضاة بواسط يختارون هؤلاء العدول من بين الفقهاء (٦) والقراء (٧) ورجال الحديث (٨) ، وكان لا يصبح الرجل معدلا إلا

__________________

(١) ابن مازة ، شرح أدب القاضي (مخطوطة) ورقة ١٤ أ.

(٢) ن. م ، ورقة ١٤ أ.

(٣) يقول الماوردي العدالة : «أن يكون صادق اللهجة ظاهر الأمانة ، عفيفا عن المحارم متوقيا المآثم بعيدا من الريب مأمونا في الرضا والغضب ، مستعملا لمروءة مثله في دينه ودنياه ، فإذا تكاملت فيه فهي العدالة التي تجوز بها شهادته ، وتصح معها ولايته ، وإن انخرم منها وصف منع من الشهادة والولاية فلم يسمع له قول ولم ينفذ له حكم «الأحكام السلطانية» ، ٦٦. ولمعلومات أوسع عن الشهود العدول ، انظر : بدري محمد فهد ، تاريخ الشهود ، مجلة كلية الشريعة ، عدد ٣ ، ١٩٦٧ ، ص ٢٦ ـ ٦٥.

(٤) السلفي ، معجم السفر (مخطوطة) ورقة ١٦٥ ب. ذيل (مخطوطة) ج ١ ، ق ١ ، ورقة ١١٥. ويذكر ابن الجوزي أن القاضي هو الذي يعزل الشاهد. أخبار الأذكياء ، ٧٠.

(٥) السمناني ، روضة القضاة ، ١ / ٢٠٠.

(٦) انظر : ذيل (مخطوطة) ج ١ ، ق ٢ ، ورقة ١٥٧ ، ١٥٨ ، ج ٢ ، ق ١ ، ورقة ١٧٩.

(٧) سؤالات السلفي ، ٥ ، ٢٧ ، ٣١ ، ٩٨. ذيل (مخطوطة) ج ٢ ، ق ٢ ، ورقة ٢١٤. المنذري ، التكملة ، ٥ / ١٦٩. الذهبي ، معرفة القراء الكبار ، ٢ / ٤٨٧.

(٨) سؤالات السلفي ، ٧ ، ٢٣ ، ٤٠ ، ٤١. ابن نقطة ، التقييد (مخطوطة) ورقة ٣٦ أ. ذيل (مخطوطة) ج ١ ، ق ٢ ، ورقة ٢٦٢ ، ج ٢ ، ق ١ ، ورقة ٩٠ ، ١٢٤ ، ١٦٩ ، ١٩٨ ، ج ٢ ، ق ٢ ، ورقة ١٢٧. ابن النجار ، التاريخ المجدد (مخطوطة) ج ١٠ ، م ٣ ، ورقة ١٥٨ أ ، ب. المنذري ، التكملة ، ١ / ١١٤ ، ٣ / ١١٠ ، ٦ / ٧٠. ابن الفوطي ، تلخيص مجمع الآداب ، ج ٤ ، ق ٤ ، ٧٧٨.

١٥٧

بتزكية اثنين من الشهود العدول أمام القاضي (١).

والجدير بالذكر أن العدالة أصبحت صفة لبعض البيوتات بواسط وذلك لكثرة من تولاها من أبنائها (٢). كما تولى بعض المعدلين منصب القضاء في هذه المدينة (٣).

أما الوكيل فهو الذي يعرف اليوم بالمحامي (٤) ، وكان يتولى مهمة المرافعة أمام القاضي وكالة عن موكله لقاء مبلغ معين من المال (٥). فيذكر ابن الدبيثي أن عبد العزيز بن الحسين الواسطي كان وكيلا بباب القضاة بواسط. وأن أبا محمد رضوان بن محمد بن علي الصانع كان وكيلا بباب القاضي أبي محمد الحسن بن أحمد الدامغاني (٦). وغيرهم (٧).

أما مجلس القضاء فقد كان يعقد في المسجد الجامع (٨). لم نجد أية إشارة عن ديوان القضاء بمدينة واسط ، ولكن يمكن القول إنه لا بدّ أن يكون هناك مكان مخصص لدائرة القاضي ، وذلك لحفظ سجلاته ووثائقه فيه كما كان عليه الحال في مدينة بغداد (٩).

أما عن أرزاق القضاة والأعوان ، والكتّاب فإننا لم نجد أية معلومات عنها في الفترة التي ندرسها ، إلا أنه يمكن القول إن أرزاق هؤلاء زيدت

__________________

(١) بدري محمد فهد ، تاريخ الشهود ، مجلة كلية الشريعة ، عدد ٣ ، السنة ١٩٦٧ ، ص ٤٠.

(٢) انظر : الفصل الخامس (أشهر البيوتات العلمية).

(٣) ذيل (مخطوطة) ورقة ١٤٢ ، ١٤٩ (كيمبرج). الأصبهاني ، خريدة القصر ، ج ٤ ، م ١ ، ٣٥٤. بحشل ، تاريخ واسط ، ٢٩٤. ابن خلكان ، وفيات الأعيان ، ٣ / ٣٩٧.

(٤) د. مصطفى جواد ، المختصر المحتاج إليه ، ١ / ٩ ، حاشية ٣.

(٥) الأنباري ، النظام القضائي في بغداد في العصر العباسي ، ٢٩٢.

(٦) ذيل (مخطوطة) ج ٢ ، ق ١ ، ورقة ١٨٨ ، ج ٢ ، ق ٢ ، ورقة ٥١.

(٧) سؤالات السلفي ، ٣٦.

(٨) ابن الجوزي ، المنتظم ، ١٠ / ١٠٣.

(٩) عن ديوان القاضي ببغداد ، انظر : صالح أحمد العلي ، إدارة بغداد ، مجلة سومر ، م ٣٣ ، ج ١ ، ١٩٧٧ ، ص ١٢٩. الأنباري ، النظام القضائي في بغداد في العصر العباسي ، ٢٦٧.

١٥٨

عما كانت عليه في العصر العباسي الأول (١).

أما المذاهب الفقهية لقضاة هذه المدينة فقد كانت مختلفة ، فكان منهم : الشافعي (٢) والحنفي (٣) والمالكي (٤) والحنبلي (٥) ، ولم نجد ما يشير إلى وجود قاض شيعي. إلا أن أغلب القضاة في هذه الفترة كانوا من أصحاب المذهب الشافعي ، وربما سبب ذلك يرجع إلى أن الغالبية العظمى من سكان هذه المدينة هم ممن ينتمون إلى هذا المذهب كما سنرى فيما بعد (٦).

وختاما للبحث لا بدّ من الإشارة إلى أن بعض البيوتات بواسط كان قد تولى منها عدّة قضاة في هذه المدينة ، منها : بيت القاضي أبي تغلب محمد بن محمد بن عيسى بن جهور الواسطي (كان حيا سنة ٤٨٥ ه‍ /

__________________

(١) يذكر وكيع أن رزق قاضي واسط (أبو شيبة إبراهيم بن عثمان) في الشهر ١٥٠ درهما ، ثلاثين منها لكتابه وأعوانه ، فزادها الخليفة المهدي ، فصارت ٣٠٠ درهم ، ثم زيدت فبلغت ٤٨٠ درهم. أخبار القضاة ، ٣ / ٣١٠.

(٢) انظر على سبيل المثال : ابن خلكان ، وفيات الأعيان ، ٣ / ٣٩٧. السبكي ، طبقات الشافعية ، ١ / ٣٧ ، ٣ / ٤٤٦ ، ٤٤٧ ، ٦ / ١٤ ، ٥٢. الإسنوي ، طبقات الشافعية ، ٢ / ٤٣٦. الحوادث الجامعة ، ٨٥. انظر : الملحق.

(٣) انظر على سبيل المثال : سؤالات السلفي ، ٣٣. ذيل (مخطوطة) ج ١ ، ق ١ ، ورقة ٨٨ ، ١ / ٢٩٥ ، ٢٩٦ (المطبوع). القرشي ، الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية ، ١ / ٨٥ ، ١٢١ ، ١٢٢ ، ١٥٩ ، ٣١٣ ، ٢ / ٦٢ ، ٧٥ ، ١٩٨ ، ٢٤٠. الحوادث الجامعة ، ١٥ ، ٢٣ ، ١٤٤ ، ٢٧٦.

(٤) انظر على سبيل المثال : الخطيب ، تاريخ بغداد ، ١ / ٣١٣ ، ٤ / ٢٢٩. ابن الجوزي ، المنتظم ، ٧ / ٩٠. ذيل (مخطوطة) ج ١ ، ق ٢ ، ورقة ١٨٨ ، ج ٢ ، ق ١ ، ورقة ٢١٠. ابن الساعي ، الجامع المختصر ، ٩ / ٢٩٢. الذهبي ، العبر ، ٢ / ٣٤٤. الحوادث الجامعة ، ٢٠٣. الداودي ، طبقات المفسرين ، ٢ / ٦٨.

(٥) انظر على سبيل المثال : ابن أبي يعلى ، طبقات الحنابلة ، ١ / ٦٦. ابن الجوزي ، المنتظم ، ١٠ / ١٠٣ ، ٢١٣. ذيل (مخطوطة) ج ١ ، ق ٢ ، ورقة ١٣٩. ابن رجب ، الذيل على طبقات الحنابلة ، ١ / ٢٤٥. الذهبي ، العبر ، ٤ / ١٧١.

(٦) يذكر صاحب كتاب الحوادث الجامعة ، أنه في سنة ٦٤٣ ه‍ / ١٢٤٥ م قلّد عبد المؤمن الكواز البصري على قضاء واسط ، وكان هذا القاضي مالكيا إلا أنه اشترطوا عليه أن لا يحكم إلا بمذهب الشافعي ، ص ٢٠٣.

١٥٩

١٠٩٢ م) ، فقد ذكر ابن الدبيثي في ترجمة أحد أبناء هذا البيت أنه من بيت معروف «بالعدالة والقضاء والفضل والرئاسة» (١) وبيت القاضي أبي العباس أحمد بن بختيار بن علي المندائي الواسطي (ت ٥٥٢ ه‍ / ١١٥٧ م) ، الذي جاء عنه أنه من بيت معروف «بالقضاء والعدالة والعلم والرواية» (٢) ، وبيت القاضي أبي الفضل عبد الرحيم بن القاضي نصر الله بن علي بن منصور بن الكيال الواسطي (كان قاضيا بواسط سنة ٥٩٨ ه‍ / ١٢٠١ م) الذي ذكر ابن الفوطي في ترجمته أنه «من بيت القضاء» بواسط (٣) ، كما أن عددا من القضاة كانوا قد تقلدوا القضاء بعد آبائهم (٤).

الحسبة :

عرفت هذه المؤسسة الإدارية بواسط منذ العصر الأموي ، وكان المحتسب مسؤولا عن تحديد وجمع ضريبة الأسواق ومراقبة الصيارفة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (٥).

أما في فترة دراستنا فإن المصادر المتيسرة لدينا أشارت إلى بعض الشخصيات التي تولت هذا المنصب في هذه المدينة (٦) ، مما يدل على

__________________

(١) ذيل (مخطوطة) ج ١ ، ق ١ ، ورقة ١١٢ ، ورقة ١٥٢ (كيمبرج).

(٢) ابن الساعي ، الجامع المختصر ، ٩ / ١٩١ ، ٢٧٧. انظر : الفصل الخامس (البيوتات العلمية).

(٣) تلخيص مجمع الآداب ، ج ٤ ، ق ٢ ، ١١٩٢ ، ١١٩٣. انظر : ابن الساعي ، الجامع المختصر ، ٩ / ٨٠ ، ٢٠٣. القرشي ، الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية ، ٢ / ١٩٨.

(٤) انظر : الخطيب ، تاريخ بغداد ، ٤ / ٢٢٩. ابن الجوزي ، المنتظم ، ٧ / ٩٠. القرشي ، الجواهر المضيئة ، ١ / ٣١٣. انظر أيضا : الملحق.

(٥) انظر : عبد القادر المعاضيدي ، واسط في العصر الأموي ، ٢٨٢.

(٦) انظر : السلفي ، معجم السفر (مخطوطة) ورقة ١٤٦ ب. سؤالات السلفي ، ٤٧. ابن نقطة ، إكمال الإكمال (مخطوطة) ورقة ٢٠٨ أ. ذيل (مخطوطة) ج ١ ، ق ١ ، ورقة ٩٥ ، ٩٦ ، ج ١ ، ق ٢ ، ورقة ٢٤١ ، ج ٢ ، ق ١ ، ورقة ١٥٨ ، ج ٢ ، ق ٢ ، ورقة ٢١٠. الذهبي ، العبر ، ٤ / ٢٣٨ ، ٥ / ٩٨. ابن الفوطي ، تلخيص مجمع الآداب ، ج ٤ ، ق ٤ ، ٨٦١ ، ٨٦٤.

١٦٠