السيد جعفر مرتضى العاملي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-191-2
ISBN الدورة:
الصفحات: ٣٥٠
صرح به القرآن الكريم ..
فهل خص ذلك اليهودي زيدا بالخطاب ؛ لأنه كان بلا عشيرة ترعاه ، وتهتم له؟! وتمنع من إطلاق هذا الفأل الذي تعتبره سيئا في حق من ينتسب إليها؟!
أم أنه اختاره لأنه احتمل أن يظهر شيئا من الضعف في قبال هذا الخبر الذي يصعب وقعه على النفس؟!
أم اختاره لأنه كان قد تعرض لطعون مرة وقاسية من قبل جماعات كانوا يجهرون بالانتقاص له ، والانتقاد لقيادته؟! الأمر الذي يهيء لنشوء حالة من الاتهام له بالتفريط ، وعدم القيام بالواجب ، وربما ينجر ذلك إلى توجيه الملامة لمن نصبه في موقع ليس أهلا له. ألا وهو رسول الله «صلىاللهعليهوآله» نفسه؟!
لماذا طعنوا في إمارة زيد؟!
لقد صرح النبي «صلىاللهعليهوآله» : بأن هناك من يطعن في إمارة زيد ..
ولكن مراجعة حياة زيد ، ومشاركاته في السرايا والغزوات ، مذكورة في كتب السير ، ولا نجد فيها ما يشير إلى هذا الطعن ، وإلى مناشئه ، وعناصره ، والنبي «صلىاللهعليهوآله» صادق فيما قال بدون ريب ، فلماذا حذفت تلك الطعون في قيادة زيد ، وغيّبت عن ساحة التداول ، حتى كأن شيئا لم يكن ..
بل إن الطعون في قيادة ولده أسامة قد غيّبت وحذفت أيضا ، ولم يبق منها إلا نزر يسير جدا ، ينحصر في مورد أو موردين لا يستحقان أبدا أن
يطلق النبي الأعظم «صلىاللهعليهوآله» هذه الصرخة القوية.
ألا يدل حذف تلك الطعون من دائرة التداول على أن شيوع هذا الأمر عن الطاعنين يوقعهم في مشكلة من جهتين :
إحداهما : أنه يفضح نواياهم.
الثانية : أنه يظهر جرأتهم على رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، واعتراضهم عليه ، وتشكيكهم في صوابية قراراته ..
والأمر الذي لا مرية فيه : هو التشابه في مضمون الطعن بين ما جرى لزيد وما جرى لولده. والطعن في إمارة الوالد إنما هو لتأميره على المهاجرين ، ولا أحد في المهاجرين يراد إبعاده عن هذه الدائرة ، وإعطاؤه الميزات ، والمقامات سوى أبي بكر وعمر ، اللذين هما من المهاجرين.
وقد أصبح أسامة أميرا عليهما أيضا. الأمر الذي يدلنا على أن الاعتراض على إمارة زيد قد كان لأجل هذا بالذات.
فلعلهم أنفوا من إمارة زيد على أمثال خالد وغيره من رجالاتهم ، لا سيما وأن زيدا قد ابتلي بالرق ، وتبرأ منه أبوه ، فتبناه رسول الله «صلىاللهعليهوآله». ونحو ذلك من أمور لا يرضاها الذين يقيسون الأمور بمقاييس دنيوية ، أو حتى جاهلية أيضا.
إنه لمن أحب الناس إلي!!
وأما قوله «صلىاللهعليهوآله» : إنه لمن أحب الناس إليّ ؛ فنحن نرتاب في صحته جدا :
أولا : لأنه يريد أن يجعل ذلك الطعن منحصرا في أسامة وزيد كأشخاص
وفي الآخرين كذلك ..
مع أن الظاهر : أن الطعن في نفس إمارة هذا وذاك ، إنما هو موجه للفعل الذي صدر من رسول الله «صلىاللهعليهوآله» نفسه ، أي في عملية التأمير التي هي فعل شخصه «صلىاللهعليهوآله» .. فالطعن يستهدف مقام النبوة .. لا زيدا ولا أسامة.
كما أن كلمة النبي «صلىاللهعليهوآله» تدل على أن هذا الطعن قد شاع وذاع ، حتى صح أن ينسبه إليهم بصورة عامة ، فهم إما طاعنون ، أو راضون بالطعن ..
ثانيا : إن حب النبي «صلىاللهعليهوآله» للناس ليس عشوائيا ، ولا مزاجيا ، بل هو يحبهم بقدر ما فيهم من فضائل وميزات ، وملكات ، فإذا كان أحدهم من أحب الناس إليه «صلىاللهعليهوآله» ، فلا بد أن يكون في مقام من الفضل والتقى ، والعلم والعمل الصالح ، والميزات والملكات يجعله أفضل من جميع من عداه ممن لم ينالوا تلك الدرجة من حب الرسول «صلىاللهعليهوآله» لهم ..
وإذا كان لزيد قسط وافر من هذه الميزات والفضائل ، كما تشهد له نصوص كثيرة ، فإن أسامة لم يكن بهذه المثابة ، لكي يخصه «صلىاللهعليهوآله» بهذا الحب دون من عداه ، وإذا كان زيد يملك مثل هذه الميزات العظيمة والظاهرة ، فلا مبرر لانتقاد إمارته إلا إرادة حفظ ماء الوجه لبعض من يحبونهم ، لكي لا يتأمّر عليهم من ابتلي بالرق ، ويرفضون أن يكون بالمستوى والموقع الذي استحقه بجهده وجهاده ، فوضعه الله ورسوله فيه.
عودة إلى الطعن في إمارة زيد .. وأسامة :
وقد صرحت الروايات المتقدمة : بأنه حين جهز النبي «صلىاللهعليهوآله» ـ في مرض موته ـ أسامة بن زيد ، ليسير إلى حيث قتل أبوه ، طعن بعض الناس في إمارة أسامة ، كما طعنوا في إمارة أبيه من قبل ..
ونقول :
أولا : إن رواية البخاري وغيره قد أظهرت : أن الذي ضايقهم هو تأمير أسامة على المهاجرين فقط ، حيث قال الطاعنون :
«يستعمل هذا الغلام على المهاجرين» الأولين؟! (١).
فلاحظ كلمة «المهاجرين» ولاحظ أيضا كلمة «الأولين».
وأضافت بعض المصادر اليسيرة كلمة «والأنصار» (٢).
ولعلها أضيفت في وقت متأخر ، من أجل حفظ ماء الوجه ، ولتعمية الأمر على الأجيال اللاحقة ..
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ١٤٤ و ٢٤٨ وعن صحيح البخاري ج ٧ ص ٥٨٣ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٦٦ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٧٠ وعن عيون الأثر ج ٢ ص ٣٥٢ والطبقات الكبرى ج ٢ ص ١٩٠ وتاريخ مدينة دمشق ج ٢ ص ٥٥ وكنز العمال ج ١٠ ص ٥٧٢ والبحار ج ٢١ ص ٤١٠ وج ٢٨ ص ١٣١ وج ٣٠ ص ٤٢٩ والمسترشد في الإمامة (بتحقيق المحمودي) ص ١١٢ والإحتجاج ج ١ ص ١٧٣.
(٢) راجع : السيرة الحلبية ج ٣ ص ٢٠٧ والمغازي للواقدي ج ٣ ص ١١١٨ وعن تاريخ الأمم والملوك ج ٣ ص ١٨٨ وعن السيرة النبوية لدحلان (بهامش الحلبية) ج ٢ ص ٣٣٩ ومستدرك سفينة البحار ج ٥ ص ٣٧.
وكان أهم شيء بالنسبة إليهم هو تأمير أسامة على أبي بكر ، وعمر ، وأبي عبيدة ، وعبد الرحمن بن عوف ، وطلحة ، والزبير ، وأسيد بن حضير (١).
ثانيا : إنه لما ظهر تخلف أبي بكر عن جيش أسامة ، وقد لعن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» المتخلف عن جيش أسامة ، كان لا بد لهم من لملمة الموضوع ، وترقيع الخرق ، ورتق الفتق ، فعملوا على تحقيق ذلك بأسلوبين :
أحدهما : إنكار أصل صدور اللعن من رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، حتى قال الحلبي ردا على ذلك : «لم يرد اللعن في حديث أصلا» (٢).
وزعموا : أن هذا من ملحقات الروافض (٣).
الثاني : ادّعاء أن تخلف أبي بكر عن جيش أسامة كان بأمر من رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، لأجل صلاته بالناس (٤).
__________________
(١) شرح النهج للمعتزلي ج ٦ ص ٥٢ والبحار ج ٣٠ ص ٤٣٠ والدرجات الرفيعة ص ٤٤٢ وعن إعلام الورى ج ١ ص ٢٦٣ وقصص الأنبياء للراوندي ص ٣٥٥ وحياة الإمام الحسين «عليهالسلام» للقرشي ج ١ ص ٢٠٥.
(٢) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٢٠٨.
(٣) راجع : دلائل الصدق ج ٣ ق ١ ص ٤.
(٤) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٢٠٨ والمسترشد للطبري ص ١١٦ ودلائل الصدق ج ٣ ق ١ ص ٤ عن ابن روزبهان. وعن البداية والنهاية ج ٥ ص ٢٤٢ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ٤٤١ وسبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٥٠ ومستدرك سفينة البحار ج ٥ ص ٣٧ وكتاب للشافعي ج ١ ص ٩٩ وفقه السنة ج ١ ص ٢٥٩ وإختلاف الحديث ص ٤٩٧ وكتاب المستدرك للشافعي ص ٢٩ و ١٦٠ وعن مسند أحمد ج ١ ص ٢٠٩ وج ٦ ص ٢٤٩ وعن صحيح البخاري ج ١ ص ١٦٦ و ١٧٥ وسنن ابن ماجة ج ١
مع أن قول النبي «صلىاللهعليهوآله» : «لعن الله من تخلف عن جيش أسامة» ، قد روي في مصادر الشيعة والسنة على حد سواء ، وقد أرسله جماعة من هؤلاء ، إرسال المسلمات. فراجع المصادر في الهامش ، وغيرها (١).
__________________
ص ٣٨٩ وسنن النسائي ج ٢ ص ٨٤ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٢ ص ٣٠٤ وج ٣ ص ٨٢ وعن فتح الباري ج ١ ص ٤٦٤ وج ٥ ص ٢٦٩ ومسند ابن راهويه ج ٣ ص ٨٣١ والمعجم الأوسط ج ٥ ص ١٨٠ وج ٦ ص ٢٥٣ وسنن الدارقطني ج ١ ص ٣٨٢ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٠ ص ١٨٤ وج ١٣ ص ٣٣ وكنز العمال ج ٨ ص ٣١١ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ص ٢١٥ و ٢٢١ والثقات ج ٢ ص ١٣١ والكامل ج ٦ ص ١٣٣ وتاريخ بغداد ج ٣ ص ٤٤٣ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٤٣٩.
(١) المعيار والموازنة ص ٢١١ وجواهر المطالب في مناقب الإمام علي لابن الدمشقي ج ٢ (هامش) ص ١٧٢ ، والمواقف ج ٨ ص ٣٧٦ وشواهد التنزيل للحسكاني ج ١ ص ٣٣٨ ووصول الأخيار إلى أصول الأخبار ص ٦٨ وشرح النهج للمعتزلي ج ٦ ص ٥٢ ودعائم الإسلام ج ١ ص ٤١ والملل والنحل (ط سنة ١٤١٠ ه) ج ١ ص ٣٠ والدرجات الرفيعة ص ٤٤٢ وعن السقيفة وفدك للجوهري ص ٧٧ والمهذب لابن البراج ج ١ ص ١٣ والبحار ج ٢٨ ص ١٣٢ و ٢٨٨ وج ٣٠ ص ٤٣١ و ٤٣٢ وج ٩٠ ص ١٢٤ وج ٢٧ ص ٣٢٤ والإستغاثة ص ٢١.
ولا بأس بمراجعة : إثبات الهداة ج ٢ ص ٣٤٣ و ٣٤٥ و ٣٤٦ عن منهاج الكرامة ، ونهج الحق. ومفتاح الباب الحادي ص ١٩٧ وحق اليقين ص ١٧٨ و ١٨٢ ومنار الهدى للبحراني ص ٤٣٣ ومجموع الغرائب للكفعمي ص ٢٨٨ وأبكار الأفكار للآمدي ، ومرآة الأسرار لعبد الرحمن بن عبد الرسول ، وشرح المواقف للجرجاني ص ٣٧٦ ونفس الرحمن ص ٥٩٨ وإحقاق الحق ص ٢١٨ ومنهاج الكرامة ص ١٠٩ وغاية المرام ج ٦ ص ١١٠ ومجمع الفائدة ج ٣ ص ٢١٨
وقد رواه أبو بكر الجوهري ، عن أحمد بن إسحاق بن صالح ، عن أحمد بن سيار ، عن سعيد بن كثير الأنصاري ، عن رجاله ، عن عبد الله بن عبد الرحمن (١).
فما معنى ادّعاء : أنه لم يرد في حديث أصلا ..
أما صلاة أبي بكر بالناس فقد جاءت على سبيل التعدي منه على هذا الأمر ، من دون أن يحصل على إذن منه «صلىاللهعليهوآله» .. فكان أن جاء النبي «صلىاللهعليهوآله» يتوكأ على علي «عليهالسلام» ، والفضل بن العباس ، وهو في حال المرض الشديد ، فعزل أبا بكر عن الصلاة ، وصلى هو بالناس (٢).
وسيأتي الحديث عن هذين الأمرين في موضعه إن شاء الله تعالى ..
الجرف .. وثنية الوداع :
وذكرت النصوص المتقدمة : أن الجيش قد عسكر في الجرف ، وخرج «صلىاللهعليهوآله» في إثرهم ، وصلى الظهر بالمسلمين في ذلك الموضع ، ثم
__________________
والرواشح السماوية ص ١٤٠ وكتاب الأربعين للشيرازي ص ٥٢٧.
(١) شرح النهج للمعتزلي ج ٦ ص ٥٢.
(٢) راجع : آفة أصحاب الحديث لابن الجوزي ، ومسند أحمد ج ٦ ص ٢٢٤ وج ١ ص ٢٣١ و ٢٣٢ و ٣٥٦ والمنتظم ج ٤ ص ٣١ ودلائل النبوة ج ٧ ص ١٩١ والإحسان في تقريب صحيح ابن حبان ج ١٤ ص ٥٦٨ وعن صحيح البخاري ج ١ ص ١٦٥ وعن صحيح مسلم ج ١ ص ٣١٢ وعن المصنف لابن أبي شيبة (ط الهند) ج ٢ ص ٣٢٩ وج ١٤ ص ٥٦١.
عيّن أمراء الجيش.
والجرف يقع على ثلاثة أميال من المدينة ، فهو أبعد من عن ثنية الوداع ، لأنها كانت قرب مسجد الراية على ذباب (١).
فما معنى قولهم : إنه «صلىاللهعليهوآله» خرج مشيعا لأهل مؤتة حتى بلغ ثنية الوداع ، حيث أوصاهم هناك بوصاياه؟!!
إعتراض جعفر على رسول الله صلىاللهعليهوآله :
وقد زعموا : أن جعفر بن أبي طالب «رضوان الله عليه» اعترض على تأمير زيد عليه ، فقال له «صلىاللهعليهوآله» : «امض ، فإنك لا تدري أيّ ذلك خير».
ونقول :
إننا لا نشك في كذب هذه القضية ، وذلك لما يلي :
أولا : إن جعفرا «رضوان الله عليه» أجل وأتقى لله من أن يعترض على قرارات رسوله «صلىاللهعليهوآله» ، فضلا عن أن يرفض تنفيذها ، أو أنه يشكك في صوابيتها ، أو بعدالتها.
وكلمات رسول الله «صلىاللهعليهوآله» في حقه «عليهالسلام» تكفي للتعريف بحقيقته ، وبمدى طاعته ، وانقياده له «صلىاللهعليهوآله» ..
ثانيا : إن النص منقول بنحوين ، يفهمان معنيين مختلفين.
فالأول منهما ينسب إلى جعفر قوله : «ما كنت أرهب أن تستعمل عليّ
__________________
(١) وفاء الوفاء ج ٤ ص ١١٦٩ ومعجم البلدان ج ٢ ص ١٢٨ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٧٣.
زيدا». وهذا يدل على قبول جعفر بتأمير زيد عليه .. ولكنه كان بحاجة إلى توضيح السبب في ذلك ، فأفهمه النبي «صلىاللهعليهوآله» بأن الوقت لا يسمح بالتصريح ، فقال له : لا تدري أيّ ذلك خير ..
والثاني : ينسب إليه قوله : «ما كنت أذهب إن تستعمل علي زيدا». وهذا يدل على أنه يرفض الذهاب بالكلية ..
وبعد ما تقدم نقول :
هل الصادر عن جعفر هو إظهار التسليم ، أم الصادر عنه التصريح بالاعتراض والرفض؟!
أم أن ثمة تصحيفا عفويا أو عمديا من الرواة لتشابه رسم كلمتي «ارهب» و «أذهب».
ثالثا : إن الأدلة القاطعة قائمة على أن جعفرا كان هو الأمير الأول ، فلا مورد لمثل هذه الترهات والأباطيل من الأساس .. وهذا ما سيتضح فيما يلي :
جعفر هو الأمير الأول :
إن غالب محدثي أهل السنة قالوا : بأنه «صلىاللهعليهوآله» قد أمّر على السرية زيدا أولا ، ولكن الصحيح هو أن الأمير الأول كان جعفر بن أبي طالب ، كما ذهب إليه الشيعة ..
قال ابن أبي الحديد المعتزلي :
«.. قلت : اتفق المحدثون على أن زيد بن حارثة كان هو الأمير الأول ، وأنكرت الشيعة ذلك ، وقالوا : كان جعفر بن أبي طالب هو الأمير الأول.
فإن قتل فزيد بن حارثة.
فإن قتل فعبد الله بن رواحة.
ورووا في ذلك روايات ، وقد وجدت في الأشعار التي ذكرها محمد بن إسحاق في كتاب المغازي ما يشهد لقولهم ..» (١).
ثم استشهد بما يأتي من قول حسان بن ثابت ، وكعب بن مالك ..
بل يمكن أن يستظهر ذلك من قول اليعقوبي ، حيث قال :
«.. ووجّه جعفر بن أبي طالب ، وزيد بن حارثة ، وعبد الله بن رواحة في جيش إلى الشام ، لقتال الروم سنة ٨ (٢).
وروى بعضهم أنه قال : أمير الجيش زيد بن حارثة ، فإن قتل زيد بن حارثة فجعفر بن أبي طالب ، فإن قتل جعفر بن أبي طالب فعبد الله بن رواحة ، فإن قتل عبد الله بن رواحة ، فليرتض المسلمون من أحبوا ..
وقيل : بل كان جعفر المقدم ، ثم زيد بن حارثة ، ثم عبد الله بن رواحة ..» (٣).
وقال العسقلاني عن جعفر : «استعمله رسول الله «صلىاللهعليهوآله» على غزوة مؤتة ، واستشهد ..» (٤).
وإن كان يمكن أن يكون مراده : أنه استعمله بعد زيد.
وقال الطوسي : «على أنه قد اختلفت الرواية في تقديم زيد على جعفر ؛ فروي أن جعفر كان أميرا أولا ، وأنشدوا في ذلك أبياتا لحسان بن ثابت ،
__________________
(١) شرح النهج للمعتزلي ج ١٥ ص ٦٢.
(٢) تاريخ اليعقوبي (طبع صادر) ج ٢ ص ٦٥.
(٣) تاريخ اليعقوبي (طبع صادر) ج ٢ ص ٦٥.
(٤) تهذيب التهذيب ج ٢ ص ١٩٨.
وهي الخ ..» (١).
ونحن بدورنا نقول : إن جعفرا كان هو الأمير الأول ، وليس زيدا ، على عكس ما اشتهر بين المؤرخين والمحدثين ..
ونستند في ذلك إلى عدة أمور :
١ ـ الروايات التي أشار إليها ابن أبي الحديد ، الواردة عن أهل بيت العصمة والطهارة «عليهمالسلام» ، وقد قال السيد شرف الدين في هذا المقام : إن «أخبارنا في هذا متظافرة ، من طريق العترة الطاهرة ..» (٢).
ومنها رواية : أبان عن الصادق «عليهالسلام» أنه قال : إنه استعمل عليهم جعفرا ، فإن قتل فزيد ، فإن قتل فابن رواحة .. (٣).
٢ ـ ما رواه ابن سعد في طبقاته ، بإسناده عن أبي عامر ، قال : «بعثني النبي إلى الشام ، فلما رجعت مررت على أصحابي ، وهم يقاتلون المشركين بمؤتة. قلت : والله لا أبرح اليوم حتى أنظر إلى ما يصير إليه أمرهم ..
فأخذ اللواء جعفر بن أبي طالب ، ولبس السلاح (وقال غيره أخذ اللواء زيد بن حارثة) ، وكان رأس القوم ، ثم حمل جعفر ، حتى إذا همّ أن يخالط العدو ، رجع فوحّش بالسلاح ، ثم حمل على العدو ، فطاعن حتى قتل.
ثم أخذ اللواء زيد بن حارثة ، فطاعن حتى قتل.
ثم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة ، فطاعن حتى قتل.
__________________
(١) تلخيص الشافي ج ١ ص ٢٢٧.
(٢) النص والإجتهاد (طبع سنة ١٣٨٦ ه) ص ٨٥ و (ط سنة ١٤٠٤ ه) ص ٢٦.
(٣) مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب ج ١ ص ٢٠٥ والبحار ج ٢١ ص ٥٥ وإعلام الورى (طبعة ثانية) ص ١١٠ وأعيان الشيعة ج ٢ ص ٣٢٤.
ثم انهزم المسلمون أسوأ هزيمة ..» (١).
٣ ـ الشعر الذي أشار إليه ابن أبي الحديد .. فقد روي أن حسان بن ثابت رثى شهداء مؤتة ، فكان من جملة ما قال :
فلا يبعدن الله قتلى تتابعوا |
|
بمؤتة ، منهم ذو الجناحين جعفر |
وزيد ، وعبد الله ، حيث تتابعوا |
|
جميعا ، وأسباب المنية تخطر |
غداة مضوا بالمؤمنين يقودهم |
|
إلى الحرب ميمون النقيبة أزهر |
أغر كضوء البدر من آل هاشم |
|
أبي إذا سيم الضلالة مجسر (٢) |
إلى آخر القصيدة.
حيث لم يكتف في هذا الشعر بذكر التتابع : جعفر ، فزيد ، فابن رواحة .. بل صرح : بأن القائد لهم إلى الحرب ميمون النقيبة أزهر أغر ، من آل هاشم ، وهو جعفر ، رضوان الله تعالى عليه ..
٤ ـ قال كعب بن مالك الأنصاري ، في رثاء شهداء مؤتة أيضا :
فكأنما بين الجوانح والحشا |
|
مما تأوّبني شهاب مدخل |
__________________
(١) طبقات ابن سعد ج ٢ ص ١٢٩ و ١٣٠ وكنز العمال ج ١٠ ص ٣٣٦ عن ابن عساكر.
(٢) السيرة النبوية لابن هشام ج ٤ ص ٢٦ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٢٦٠ والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ٧٢ والإصابة ج ١ ص ٢٣٨ وأعيان الشيعة ج ٢ ص ٣٢٤ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٥ ص ٦٢ و ٦٣ وتهذيب تاريخ ابن عساكر ج ١ ص ١٠٠ وديوان حسان. وراجع : شرح الأخبار ج ٣ ص ٢٠٩ وشجرة طوبى ج ٢ ص ٢٩٧ والدرجات الرفيعة ص ٧٧ وعن تاريخ مدينة دمشق ج ٢ ص ٢٠ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤٩١.
وجدا على النفر الذين تتابعوا |
|
يوما بمؤتة أسندوا لم ينقلوا |
إلى أن قال :
فمضوا أمام المسلمين يقودهم |
|
فنق عليهن الحديد المرفل |
إذ يهتدون بجعفر ولوائه |
|
قدام أولهم فنعم الأول |
حتى تفرجت الصفوف وجعفر |
|
حيث التقى وعث الصفوف مجدل (١) |
فقد صرح هو أيضا : بتتابع القواد ، وبأن جعفرا كان هو القائد ، وكان هو ولواؤه قدام أولهم ، فنعم الأول ..
وبالمناسبة ، فإن شاعرا آخر من المسلمين ، ممن رجع من غزوة مؤتة قد رثاهم أيضا ، فقال :
كفى حزنا أنى رجعت وجعفر |
|
وزيد وعبد الله في رمس أقبر |
قضوا نحبهم لما مضوا لسبيلهم |
|
وخلفت للبلوى مع المتغير |
ثلاثة رهط قدّموا فتقدموا |
|
إلى ورد مكروه من الموت أحمر (٢) |
__________________
(١) البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٦١ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٤ ص ٢٧ و ٢٨ ومقاتل الطالبيين ص ١٥ وأعيان الشيعة ج ٢ ص ٣٢٥ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٥ ص ٦٣ وتهذيب ابن عساكر ج ١ ص ١٠٢ وشرح الأخبار ج ٣ ص ٢١٠ و ٢١١ والدرجات الرفيعة ص ٧٨ وعن تاريخ مدينة دمشق ج ٢ ص ٢١ والمجدي في إنساب الطالبيين ص ٣٢٠ عن ديوان كعب بن مالك ص ٢٦٠ ـ ٢٦٣ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤٩٢ و ٤٩٣.
(٢) السيرة النبوية لابن هشام ج ٤ ص ٣٠ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٢٥٨ و ٢٥٩ ما عدا البيت الثالث. وراجع : تاريخ مدينة دمشق ج ٦٨ ص ٨٨ وعن أسد الغابة ـ
٥ ـ وروى القاضي النعمان ، عن أنس بن مالك قال : خطبنا رسول الله «صلىاللهعليهوآله» وعيناه تذرفان ، فقال : أخذ الراية جعفر فقتل ، ثم أخذها زيد بن حارث فقتل ، ثم أخذها عبد الله بن رواحة فقتل ، ثم أخذها خالد بن الوليد.
ثم إنه «عليهالسلام» التفت إلى مؤتة ، وقال لهم : بايعهم ، إن أصيب جعفر ، فأميركم زيد بن حارثة ، فإن أصيب زيد فأميركم عبد الله بن رواحة. ولم يذكر الإمرة بعده غيره (١).
٦ ـ قد تقدم قول عبد الله بن جعفر ـ أو ابن عباس ـ لمعاوية : «يا معاوية ، أما علمت أن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» حيث بعث إلى مؤتة أمّر عليهم جعفر بن أبي طالب ، ثم قال : إن هلك فزيد بن حارثة ، فإن هلك زيد ، فعبد الله بن رواحة ، ولم يرض لهم أن يختاروا لأنفسهم الخ ..» (٢).
٧ ـ وفي احتجاج الإمام الحسن «عليهالسلام» على معاوية ورد قوله : «وقد بعث رسول الله «صلىاللهعليهوآله» جيشا يوم مؤتة ، فقال : عليكم جعفر ، فإن هلك فزيد ، فإن هلك فعبد الله بن رواحة ، فقتلوا جميعا.
فتراه يترك الأمة ولم يعين لهم من الخليفة بعده»؟!! (٣).
__________________
ج ٥ ص ٣٨٥ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤٨٨.
(١) شرح الأخبار ج ٣ ص ٢٠٦ و ٢٠٧.
(٢) كتاب سليم بن قيس (ط النجف) ص ١٨٨ وقاموس الرجال ج ٦ ص ٤٠ والبحار ج ٣٣ ص ٢٦٩ ومواقف الشيعة ج ٢ ص ٧٢.
(٣) الإحتجاج ج ٢ ص ٦١ والبحار ج ٤٤ ص ٩٩ ومواقف الشيعة ج ١ ص ٣٦٨ والعدد القوية ص ٤٩.
مؤيدات لما سبق :
ويمكن تأييد ما ذكرناه آنفا بما يلي :
١ ـ إنه إذا كان «صلىاللهعليهوآله» يريد إرسال هذه الثلة من المسلمين لمواجهة جيش عظيم يصل إلى عشرات أو مئات الألوف ، فذلك يشير إلى : أن مستوى الخطورة كان في أعلى الدرجات.
وقد صرح أمير المؤمنين «عليهالسلام» : بأنه كان من عادة رسول الله «صلىاللهعليهوآله» أن يقذف بأهل بيته في مواقف الخطر ، ويقدمهم على كل من عداهم. ففي كتاب منه «صلوات الله وسلامه عليه» إلى معاوية قال :
«وكان رسول الله «صلىاللهعليهوآله» إذا احمر البأس ، وأحجم الناس قدم أهل بيته ، فوقى بهم أصحابه حر السيوف والأسنة».
ثم ذكر نتيجة هذا التقديم فقال : «فقتل عبيدة بن الحارث يوم بدر ، وقتل حمزة يوم أحد ، وقتل جعفر يوم مؤتة» (١).
٢ ـ ويمكن تأييد ذلك أيضا بما ذكره السيد الأمين (٢) من أن جعفرا «رضوان الله عليه» كان أشد إخلاصا ، وأكثر تصميما ، وأمضى عزما منهما ،
__________________
(١) نهج البلاغة (بتحقيق عبده) ج ٣ ص ٩ والبحار ج ٣٣ ص ١١٢ و ١١٥ ونور البراهين ج ٢ ص ٣١٨ ونهج السعادة للمحمودي ج ٤ ص ١٨٠ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٤ ص ٤٧ وج ١٥ ص ٧٧ وأنساب الأشراف ص ٢٨١ ووقعة صفين للمنقري ص ٩٠ وجواهر المطالب في مناقب الإمام علي ج ١ ص ٣٦٠ والعقد الفريد ج ٤ ص ٣٣٦ والمناقب للخوارزمي ص ١٧٦ ووضوء النبي للشهرستاني ج ٢ ص ٣٢٨.
(٢) أعيان الشيعة ج ٤ ص ١٢٤.
(أي من زيد وابن رواحة) كما دل عليه ما روي عن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» :
«مثّل لي جعفر ، وزيد ، وابن رواحة في خيمة من درّ ، كل منهم على سرير ، فرأيت زيدا وابن رواحة في أعناقهم صدود. ورأيت جعفرا مستقيما ليس فيه صدود ، قال : فسألت ، أو قيل لي : إنهما حين غشيهما الموت أعرضا ، أو كأنهما صدا بوجوههما ، وأما جعفر فإنه لم يفعل» (١).
وهذا يدل : على أن جعفرا «عليهالسلام» كان هو الأولى بالقيادة والأحق بالتقديم ، فلا معنى لتقديمهما عليه فيها.
٣ ـ عن عمر بن علي : أن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» قال : رأيت جعفرا ملكا يطير في الجنة تدمى قادمتاه ، ورأيت زيدا دون ذلك ، فقلت : ما كنت أظن أن زيدا دون جعفر ، فأتاه جبرئيل فقال : إن زيدا ليس بدون جعفر ، ولكن فضلنا جعفرا لقرابته منك (٢).
فإنه إذا كان «صلىاللهعليهوآله» لا يظن أن جعفرا دون زيد كما ورد في رواياتهم ، فكيف يقدّم زيدا على جعفر؟!
وهل يصح من النبي «صلىاللهعليهوآله» تقديم المفضول ، وتأخير
__________________
(١) ذخائر العقبى ص ٢١٩ والبحار ج ٢١ ص ٦٤ ومجمع الزوائد ج ٦ ص ١٦٠ والمصنف للصنعاني ج ٥ ص ٢٦٦ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٥ ص ٧٣ وكنز العمال ج ١١ ص ٦٦٥ والدرجات الرفيعة ص ٧٧ وعن عيون الأثر ج ٢ ص ١٦٨ وسبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ١٥٣.
(٢) الطبقات الكبرى ج ٤ ص ٣٨ وراجع : كنز العمال ج ١١ ص ٦٦٥ وعن تاريخ مدينة دمشق ج ١٩ ص ٣٦٩.
الفاضل؟!
ثم إنه يرد على هذه الرواية :
أولا : إن مناط التفضيل ليس هو القرابة في حد ذاتها ، إذ لو كان ذلك هو الملاك ، لكان ينبغي أن يرضى نقلة الأخبار ، بتفضيل علي «عليهالسلام» على جميع الصحابة ، بمن فيهم أبو بكر وعمر كما أن عليهم أن يحكموا بأفضلية العباس عم النبي «صلىاللهعليهوآله» على جميعهم أيضا بمن فيهم علي «عليهالسلام».
ثانيا : إن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» وكذلك الأئمة الطاهرون «عليهمالسلام» قد صرحوا بفضل جعفر ، بنحو يظهر : أن زيدا لا يمكن أن يدانيه في الفضل ، حيث عدّه النبي «صلىاللهعليهوآله» ـ كما ورد ـ في الذين اصطفاهم الله على العالمين (١).
وعنه «صلىاللهعليهوآله» ، وعن علي «عليهالسلام» : أن جعفرا أحد السبعة الذين لم يخلق في الأرض مثلهم (٢).
والأحاديث في فضل جعفر كثيرة لا مجال لتتبعها.
فلا معنى لأن ينسبوا إلى النبي «صلىاللهعليهوآله» قوله : «ما كنت أظن أن زيدا دون جعفر».
وبعد كل ما قدمناه : لا يبقى مجال للقول بأن زيدا كان هو الأمير الأول
__________________
(١) البحار ج ٣٧ ص ٦٣ عن تفسير فرات ، ومستدرك سفينة البحار ج ٣ ص ٣٦ وتفسير فرات الكوفي (ط وزارة الإرشاد والثقافة الإسلامي ـ طهران) ص ٨٠.
(٢) قرب الإسناد ص ٢٥ ح ٨٤ والكافي (الروضة) ص ٤٩ والبحار ج ٢٢ ص ٢٧٥ ومنتخب الأثر ص ١٧٣.
في مؤتة .. ويتعين أن يكون سيد الجيش هو جعفر ، الذي أظهر النبي «صلىاللهعليهوآله» من الغم عليه ما لم يظهره على أحد ، حتى على عمه حمزة ، كما أنه «صلىاللهعليهوآله» سرّ بقدومه عليه من أرض الحبشة سرورا عظيما ، حتى لقد قال ـ وكان قدم عليه حين فتح خيبر ـ : «لا أدري بأيهما أنا أشد سرورا بقدومك يا جعفر أم بفتح الله على يد أخيك خيبر ..» (١).
__________________
(١) عيون أخبار الرضا ج ٢ ص ٢٣١ والخصال ص ٤٨٤ و ٧٧ والبحار ج ٢١ ص ٢٤ وراجع : ومنتهى المطلب (ط قديم) ج ١ ص ٣٥٩ والذكرى ص ٢٤٩ وروض الجنان ص ٣٢٧ ومدارك الأحكام ج ٤ ص ٢٠٦ وذخيرة المعاد ج ٢ ص ٣٤٩ والحدائق الناضرة ج ١٠ ص ٤٩٨ وجواهر الكلام ج ١٢ ص ٢٠٠ ومسند زيد بن علي ص ٢٠٣ والمبسوط للطوسي ج ١٠ ص ٢٣ والقواعد والفوائد ج ٢ ص ١٦٠ والوسائل (ط دار الإسلامية) ج ٥ ص ١٩٥ و ١٩٧ ومستدرك الوسائل ج ٦ ص ٢٢٧ والمسترشد للطبري ص ٣٣٣ ومقاتل الطالبيين ص ٦ وشرح الأخبار ج ٣ ص ٢٠٤ ومكارم الأخلاق ص ٢٦٢ والإحتجاج ج ١ ص ١٧٢ وذخائر العقبى ص ٢١٤ وعمدة الطالب لابن عنبة ص ٣٥ والبحار ج ١٨ ص ٤١٣ وج ٢١ ص ٢٣ و ٢٤ و ٢٥ و ٦٣ وج ٢٢ ص ٢٧٦ وج ٣٨ ص ٢٩٤ وج ٣٩ ص ٢٠٧ وج ٧٣ ص ٢٨٣ وج ٨٨ ص ٢٠٧ و ٢٠٨ و ٢١١ وشجرة طوبى ج ٢ ص ٢٩٧ والمستدرك للحاكم النيسابوري ج ٢ ص ٦٢٤ وج ٣ ص ٢١١ ومجمع الزوائد ج ٦ ص ٣٠ وج ٩ ص ٢٧١ و ٢٧٢ و ٤١٩ وج ١١ ص ٤٤ والمصنف لابن أبي شيبة ص ٧ ص ٥١٦ و ٧٣٢ وج ٨ ص ٤٦٦ والآحاد والمثاني ج ١ ص ٢٧٧ وشرح معاني الآثار ج ٤ ص ٢٨١ والأحاديث الطوال ص ٤٥ والمعجم الصغير ج ١ ص ١٩ والمعجم الأوسط ج ٢ ص ٢٨٧ والمعجم الكبير ج ٢ ص ١١١ وج ٢٢ ص ١٠٠ وشرح النهج للمعتزلي ج ٤ ص ١٢٨ وج ١٥ ص ٧٢ ونصب الراية ج ٦ ص ١٥٢ ـ
وإذ قد ثبت أن جعفرا كان هو الأمير الأول في غزوة مؤتة ، وليس زيد بن حارثة .. فنستطيع أن نفهم ببساطة : أن ثمة يدا تحاول تشويه الحقيقة ، والتجني على التاريخ.
ولعل ذنب جعفر الوحيد هو : أنه أخو علي «عليهالسلام» ، وهذا هو الذي كان يذكي الحرص على تقديم زيد ، ولو عن طريق التزوير للحقيقة وللتاريخ ..
بل لقد تجاوز الأمر كل الحدود ، ونحن نقرأ عن عائشة قولها : ما بعث رسول الله «صلىاللهعليهوآله» زيد بن حارثة في سرية إلا أمّره عليهم ولو بقي لاستخلفه.
__________________
و ١٥٣ وكنز العمال ج ١١ ص ٦٦٥ و ٦٦٦ وج ١٣ ص ٣٢٣ وتفسير مجمع البيان ج ٣ ص ٤٠١ ومنتقى الجمان ج ٢ ص ٢٧٢ والدرجات الرفيعة ص ٦٩ و ٧٤ والطبقات الكبرى ج ٢ ص ١٠٨ وج ٤ ص ٣٥ والكامل لابن عدي ج ٥ ص ٢٤٣ وأسد الغابة ج ١ ص ٢٨٧ وتهذيب الكمال ج ٥ ص ٥٣ وسير أعلام النبلاء ج ١ ص ٢١٣ و ٢١٦ و ٤٣٧ وتهذيب التهذيب ج ٢ ص ٨٤ وتاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٥٦ والتنبيه والإشراف ص ٢٢٣ والبداية والنهاية ج ٣ ص ٩١ و ٩٨ وج ٤ ص ٢٣٤ والعبر وتاريخ المبتدأ والخبر ج ٢ ق ٢ ص ٤٠ وموسوعة التاريخ الإسلامي ج ٢ ص ٢١٦ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٨١٨ وبشارة المصطفى ص ١٦٣ وإعلام الورى ص ٢١٠ وقصص الأنبياء للراوندي ص ٣٤٥ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٢ ص ١٦ و ٣٠ وج ٣ ص ٣٩٠ و ٣٩١ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٣٦ وج ١١ ص ١٠٦ و ١٠٧ وينابيع المودة ج ١ ص ٤٦٨ وج ٢ ص ٨٠ واللمعة البيضاء للتبريزي ص ٢٩٥.
فلماذا تصر عائشة كل هذا الإصرار على رفع مقام زيد إلى حد قولها : لو عاش النبي «صلىاللهعليهوآله» لاستخلفه؟!
نعم .. إنه لولا علي «عليهالسلام» لتوفرت الدواعي للاحتفاظ بالحقيقة دون تشويه أو تحريف ، هذا إن لم تتوفر على جعل الأمور كلها في صالحه ..
ولكن ورغم ذلك كله ، فإن الله سبحانه لا بد أن يعز أولياءه ، ويعرّف الناس بما يكيدهم به الحاقدون ، ويأبى الله إلا أن يتم نوره.
لماذا لم يحدد قائدا رابعا :
وعن سؤال : لماذا لم يحدد النبي «صلىاللهعليهوآله» قائدا رابعا ، مع علمه بقتل القادة الثلاثة خصوصا مع علمه المسبق باستشهادهم ، نجيب :
أولا : بأن المطلوب من الناس هو أن تكون لهم رغبة في الجهاد والبذل والعطاء في سبيل الله ، ولا يصح فرض ذلك عليهم ، لأن ذلك معناه بطلان عملهم ، وأن تصبح تضحياتهم بلا قيمة ، بل تكون وبالا عليهم ، إذا لم يقصدوا بها التقرب إلى الله تعالى .. فلا بد من اعطائهم الفرصة للتصميم ، عن رضا واختيار .. وهذا ما حصل بالفعل بعد استشهاد القادة الثلاثة.
ثانيا : إن النبي «صلىاللهعليهوآله» وإن كان يعلم باستشهاد القادة الثلاثة لكن هذا العلم لم يصل إليه بالطرق العادية ، وبالتالي فلا يحق له أن يعاملهم على أساسه ، لأن الواجب عليه هو أن يأخذهم بما يصل إليه وإليهم بالوسائل العادية ، لا ما يصل إليه بعلم الشاهدية.
حديث الضبابة :
وذكروا : أن النبي «صلىاللهعليهوآله» قد نهى ذلك الجيش عن أن