الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ١٩

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ١٩

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-191-2
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٥٠

ونقول :

ذكرنا في الجزء الثاني من هذا الكتاب ، في فصل «عهد الطفولة» : أننا نشك في صحة ذلك.

أولا : لتناقض الروايات في كثير من الأمور المرتبطة بهذا الزعم ، فراجع.

ثانيا : إن حمزة كان أكبر سنا من النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إما بسنتين ، أو بأربع سنوات ، وذلك يجعل من البعيد أن يكونا قد ارتضعا بلبن واحد ، إلا في حالات نادرة الوقوع ، وفي سن لا يحتاج الطفل فيها إلى الرضاع ، بل هو يستغني عنه بالطعام والفطام.

وثالثا : لو أغمضنا النظر عن هذا وذاك ، فإننا نقول :

إن حمزة كان أكبر من النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بأكثر من عشر سنوات ، بدليل : أن عبد المطلب كان قد نذر لئن ولد له عشرة نفر ، ثم بلغوا حتى يمنعوه ليذبحن أحدهم لله عند الكعبة.

فلما ولد له عشرة ، وكان عبد الله أصغرهم ، وفيهم حمزة ، جمعهم ثم أخبرهم بنذره.

وأقرع بينهم فخرجت القرعة على عبد الله .. فلم يمكّنوه من ذبحه.

__________________

أبي سلمة عبد الله بن جحش.

وراجع : المعجم الصغير ج ٢ ص ٨٦ ومستدرك سفينة البحار ج ٤ ص ١٤٥ وتاريخ الأمم والملوك ج ١ ص ٥٧٣ وموسوعة التاريخ الإسلامي ج ١ ص ٢٦٠ ـ ٢٦٢ والعدد القوية ص ١٢٢ وعن عيون الأثر ج ١ ص ٤٧ وسبل الهدى والرشاد ج ١ ص ٦ و ٣٧٥ وج ١١ ص ٨٣ والبدء والتاريخ ج ٥ ص ٨.

٢٢١

والقصة معروفة ، فراجع (١).

وقد صرحوا : بأن قصة الذبح هذه حصلت قبل خمس سنوات من ولادة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» (٢).

وربما يكون هذا التحديد غير دقيق ، ويكون الفاصل بين قصة الذبح وولادة النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أقل من ذلك أيضا.

أسئلة تبقى حائرة :

وتبقى هنا أسئلة عديدة تحتاج إلى إجابات ، ومنها :

١ ـ إنه كما كانت أسماء بنت عميس خالة لابنة حمزة ، فإن صفية بنت عبد المطلب كانت عمتها ، فلماذا لم تأخذها صفية ، دون كل أحد؟

فهل هي لم تطالب بها ، أو أنها طالبت بها لكنهم لم يعطوها إياها؟

وعلى فرض عدم مطالبتها ، لا بد أن نسأل عن سبب ذلك ، فهل هو لأجل عدم قدرتها على القيام بشؤونها؟ أو أنها لم تحضر هذه القضية ، وقد

__________________

(١) راجع : البداية والنهاية ج ٢ ص ٢٤٨ والسيرة النبوية لابن كثير ج ١ ص ١٧٤ والسيرة النبوية لابن هشام ج ١ ص ١٦٠ وراجع : السيرة الحلبية ج ١ ص ٣٦ وفي السيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ١٥ وإن كان لم يذكر : أن عبد الله كان أصغر ولده ، لكنه ذكر حمزة والعباس في جملة أولاد عبد المطلب حين قضية الذبح .. وذكر في الكامل لابن الأثير ج ٢ ص ٦ وتاريخ الأمم والملوك (ط مطبعة الإستقامة) ج ٢ ص ٤ : أن عبد الله كان أصغر ولده ، وأحبهم ، لكنه لم يسم أولاد عبد المطلب وراجع : المصنف للصنعاني ج ٥ ص ٣١٥ و ٣١٦ وعن الدر المنثور ج ٣ ص ٢٢٠ وعن تاريخ مدينة دمشق ج ٥٧ ص ٢٤٠ وتاريخ اليعقوبي ج ١ ص ٢٥٠ و ٢٥١.

(٢) أنساب الأشراف ج ١ ص ٧٩ عن الواقدي.

٢٢٢

حسم الأمر دون أن تعلم ، ثم علمت فرضيت؟!

وكان النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ـ كما زعموا ـ أخا لحمزة من الرضاعة ، ولحمة الرضاعة كلحمة النسب ، وكانت زوجته ميمونة بنت الحارث أخت سلمى بنت عميس ؛ لأمها. فهي خالة بنت حمزة ، فلماذا لم يأخذها رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أيضا.

٢ ـ لماذا بقيت زوجة حمزة سلمى بنت عميس وابنتها في مكة حتى كبرت ابنة حمزة ، فهل هي لم تهاجر مع زوجها؟ أو أنها هاجرت معه ، ثم عادت إلى مكة؟ مع العلم بأنه هاجر إلى المدينة في أول سني الهجرة ..

وكان أول لواء عقده النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» هو لواء حمزة ، وقد حضر بدرا ، واستشهد في أحد.

ولعل الصحيح : هو أن عليا «عليه‌السلام» قد أخرج فاطمة بنت الحمزة ـ كما قيل : بنت سلمى بنت عميس (١) وقيل : أن اسمها عمارة (٢) ،

__________________

(١) الإصابة ج ٤ ص ٣٨١ والجوهر النقي ج ٦ ص ٢٤١ ومقاتل الطالبيين ص ١١ والطبقات الكبرى ج ٤ ص ٣٥ و ٣٦ وتهذيب الكمال ج ١٥ ص ٨٢ وسير أعلام النبلاء ج ١ ص ٢١٣ و ٢١٤ و ١٥١ وعن فتح الباري ج ٧ ص ٣٨٨ و ٣٨٩.

(٢) البحار ج ٢٠ هامش ص ٣٧٢ عن الإمتاع ، وعن فتح الباري ج ٧ ص ٣٨٨ و ٣٨٩ وكنز العمال ج ٥ ص ٥٨٠ والطبقات الكبرى ج ٢ ص ١٢٢ وج ٨ ص ١٥٩ وعن تاريخ مدينة دمشق ج ١٩ ص ٣٦١ وعن أسد الغابة ج ٥ ص ٥٠٨ وج ٨ ص ١٨٥ و ٢٤٢ والمنتخب من ذيل المذيل ص ١١٤ وعن البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٦٧ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤٤٣ وعمدة القاري ص ١٧ ص ٢٦٢ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ٧٧٩.

٢٢٣

وقيل : أمامة (١) ـ من مكة حين هجرة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» (٢) ، لا في عمرة القضاء .. فإن صح هذا فلماذا عادت إلى مكة؟ وكيف؟

وحين يذكرون هجرة الفواطم مع علي «عليه‌السلام» ونزولهم ضجنان لا يذكرون فاطمة بنت الحمزة مع الفواطم الثلاث ، ولعل ذلك لأنها كانت طفلا تابعا.

أما في غيره من المواضع ، فإنهم يقولون : إن الفواطم أربعة ، أو ثلاث ويذكرونها بينهن (٣).

__________________

(١) الطبقات الكبرى ج ٨ ص ٤٨ و ٥٨ وكتاب المحبر ص ١٠٧ وعن أسد الغابة ج ٥ ص ٣٩٩ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ٧٧٩ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٩٥ و ١٩٦.

(٢) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٠٤ و ٢٠٥ وتفسير الميزان ج ٤ ص ٩١ وموسوعة التاريخ الإسلامي ج ١ ص ٧٤٨ والأمالي للطوسي ص ٤٧١ ومناقب آل أبي طالب ج ١ ص ١٥٩ وحلية الأبرار ج ١ ص ١٥١ و ١٥٢ والبحار ج ١٩ ص ٦٦ وج ٦٣ ص ٣٥٠ ومستدرك سفينة البحار ج ١٠ ص ٤٦٨ والتفسير الصافي ج ١ ص ٤١٠ وتفسير نور الثقلين ج ١ ص ٤٢٣ وتفسير كنز الدقائق ج ٢ ص ٣٢٦ وكشف الغمة ص ٣٣ وسيرة المصطفى ص ٢٥٩.

(٣) راجع : نيل الأوطار ج ٢ ص ٧٧ وشرح أصول الكافي ج ٦ ص ١٦٧ وشرح مسلم للنووي ج ١٤ ص ٥٠ ومقدمة فتح الباري ص ٢٨٢ والديباج على مسلم ج ٥ ص ١٢٦ والفايق في غريب الحديث ج ٢ ص ١٧٤ وعيون الأثر ج ٢ ص ٣٧١ واللمعة البيضاء ص ٢٠٧ ولسان العرب ج ١٢ ص ٤٥٥ وتارج العروس ج ٩ ص ١٣ وكنز العمال ج ١ ص ٣١٠٢ وفتح الباري ج ١١ ص ٤٧٧ وسبل السلام ج ٢ ص ٨٦ وعون المعبود ج ١١ ص ١٠١ وعمدة القاري ج ٢١ ص ٢٣ وج ٢٢ ـ

٢٢٤

٣ ـ إذا كان زيد وجعفر مهتمين بابنة حمزة إلى حد الخصومة والاحتكام إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فلماذا لم يذكرها أي منهما في مكة ، ولم يبادرا إلى مساعدتها للخلاص مما هي فيه؟!

٤ ـ هل كانت هذه الطفلة تتبع عمها وحدها؟ أم كان معها من يرعاها؟! وإن كانت وحدها ، فكيف تركتها أمها وحيدة تتجول في مكة ، وتتبع الخارجين منها ، دون أن تدبّر أمرها ، وترشدها إلى ما ينبغي لها أن تفعله؟!

وكيف تتركها تسافر معهم؟!

وهل سجلت اعتراضا على سفرها إلى المدينة؟!

أم أنها لم تعلم بما جرى لابنتها أصلا؟!

وربما يؤيد ذلك أن ظاهر بعض النصوص المتقدمة : أن عليا «عليه‌السلام» قد تناولها ، وسلمها لفاطمة «عليها‌السلام» ، وانتهى الأمر.

فهل هذه عملية خطف أقدم عليها أعظم الخلق وأكرمهم ، ولم يراع حال والدتها المسكينة ، التي لا بد أن تبحث عن ابنتها في كل اتجاه فلا تجدها ، وسيتقطع قلبها خوفا عليها؟

وهل يتناسب هذا مع ما تفترضه الشفقة وتقضي به العاطفة في أمور كهذه؟!

__________________

ص ١٧ والتمهيد ج ١٤ ص ٢٣٩ وشرح معاني الآثار ج ٤ ص ٢٤٣ ومرقاة المفاتيح ج ٨ ص ١٧٧ وعن الإصابة ج ٤ ص ٣٨١ وعن أسد الغابة ج ٥ ص ٣٦٢ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ١٥٣ وتعريف الأحياء بفضائل الإحياء للعيدروسي ج ١ ص ١١٦.

٢٢٥

وإذا كانت أمها معها وهي ترعاها ، فهل أرادت التخلص منها ، فأغرتها باتباع النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ومناداته؟!

٥ ـ وحين نادت هذه الطفلة النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» فلماذا لم يجبها ، وانتظر حتى كلّمه علي «عليه‌السلام» في شأنها؟!

وإذا كان أبو رافع قد خرج بها ، فهل فعل ذلك بإذن من أمها؟ أم بدون إذن منها؟!

٦ ـ ما معنى القول المنسوب إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في هذه المناسبة : «.. ولا تنكح المرأة على خالتها ، ولا على عمتها»؟! هل أريد به التعريض بعلي «عليه‌السلام» ، وبزيد بأنهما قد يبادران إلى الزواج منها ، لو كانت في كفالتهما؟!

٧ ـ كيف أخرج أبو رافع ابنة حمزة معه ، مع أن المشركين كانوا قد اشترطوا في الحديبية ألا يخرجوا بأحد من أهلها أراد الخروج؟!

إلا أن يجاب : بأن المقصود بهذا الاشتراط هو خصوص الرجال ، ولا يشمل النساء.

٢٢٦

الفصل السابع :

سرايا وأحداث إلى مؤتة

٢٢٧
٢٢٨

سرية ابن أبي العوجاء إلى بني سليم :

وروى الزهري : أنه لما رجع النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من عمرة القضاء ، سنة سبع ، وكان رجوعه في ذي الحجة ، بعث ابن أبي العوجاء السلمي في خمسين رجلا إلى بني سليم. وكان في جملتهم عين لبني سليم.

فلما خرج من المدينة سبقهم ذلك العين ، إلى بني سليم ، وأخبرهم بالأمر ، فجمعوا جمعا كثيرا ، فجاءهم ابن أبي العوجاء ، وقد أعدّوا له ، فلما رأوهم أصحاب رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ورأوا جمعهم دعوهم إلى الإسلام ، فرشقوهم بالنبل ، ولم يسمعوا قولهم ، وقالوا : لا حاجة لنا إلى ما دعوتم إليه.

فراموهم ساعة ، وجعلت الأمداد تأتي ، حتى أحدقوا بهم من كل ناحية ، فقاتل القوم قتالا شديدا ، حتى قتل عامتهم ، وأصيب ابن أبي العوجاء جريحا مع القتلى ، ثم تحامل حتى بلغ رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» (١).

__________________

(١) البداية والنهاية (ط مكتبة المعارف) ج ٢ ص ٢٣٤ و (ط دار إحياء التراث العربي) ج ٢ ص ٢٦٨ وسبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ١٣٦ وعن عيون الأثر ج ٢ ص ١٦٠ والطبقات الكبرى ج ٢ ص ١٢٣ وج ٤ ص ٢٧٥ وعن البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٦٨ وعن حياة الصحابة (باب الدعوة إلى الله وإلى رسوله حب الدعوة) دعوة ابن أبي العوجاء ، والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤٤٤.

٢٢٩

ونقول :

تشابه مريب وغريب :

ما معنى أن يتكرر ما يشبه هذه الحادثة؟!

ثم ما معنى أن يتجلى هذا التشابه في الأوقات ، ومع أشخاص ، ومع قبائل مختلفة ، ثم هو يتجلى من حيث معرفة المقصودين بأمر البعث إليهم ، ثم استعدادهم لهم ، ثم مهاجمتهم للمبعوثين إليهم ، ثم مراماتهم بالنبل ، وقتل أكثر أفراد السرية ، ثم نجاة قائدها ، جريحا مرتثا بين القتلى ، ثم تحامله على نفسه ، والالتحاق برسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله»؟!

فراجع ما يذكرونه في سرية ذات أطلاح ، في شهر ربيع الأول سنة ثمان.

وسرية بشير بن سعد إلى فدك في شعبان سنة سبع.

وسرية محمد بن مسلمة إلى بني ثعلبة في ذي القصة.

جهل أم تجاهل؟!

لم يذكر لنا اسم أي واحد من هؤلاء المسلمين الذين قتلوا في هذه السرية ، رغم أن ثمة حرصا ظاهرا على تسجيل هذا الأمر كما نلاحظه في سائر الموارد.

جمع بني سليم :

كيف تمكن بنو سليم من أن يجمعوا هذا الجمع الكثير لمواجهة هذه السرية ، فالمفروض أن العين قد خرج من المدينة مع نفس تلك السرية ، ثم سبقها ، فحتى لو كان سبقها بيوم كامل ، فإنهم لا يتمكنون من جمع أعداد

٢٣٠

كبيرة ، يحتاج جمعها إلى التنقل من مكان إلى مكان ، وإلى إعداد ووقت.

على أن سبقه للسرية من شأنه أن يثير الشكوك حوله ، إذا التفت أفراد السرية إلى مفارقته لهم ، وسوف يجعلهم يترددون في مواصلة المسير ، وسيكون اكثر حذرا ، وأبعد عن الوقوع في الفخ الذي نصب لهم.

سبب هذه السرية :

إذا كان الخيار الوحيد المتوفر لدينا فعلا هو التسليم والقبول ، أو السكوت عن النقاش في صحة هذه السرية ، بسبب شحة النصوص حولها ، فإن ما يمكن أن نقوله فيها هو : أن نقلة الأخبار وإن كانوا لم يذكروا لنا الكثير من أخبارها ، ولا أوردوا شيئا عن سبب إرسالها إلى بني سليم ، فهل هو لأنهم نقضوا عهدا؟! أو لأنهم ارتكبوا جرما؟ أو لأجل الحصول على نعمهم ومواشيهم؟! أو لأنهم جمعوا الناس لحرب رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله»؟! أم لغير ذلك؟!

لكننا نطمئن إلى أن هذا الافتراض الأخير غير صحيح ، لأن النص التاريخي يصرح : بأنهم إنما جمعوا جمعا كثيرا بعد أن أخبرهم العين بأمر السرية ..

كما أن افتراض إرادة سلب أموالهم ، لا يمكن قبوله أيضا ، لما ذكرناه مرارا وتكرارا : من أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لم يكن ليغير على أحد بهدف استلاب الأموال ، بل لأجل دفع شره ، أو جزاء له على عذره ، حين يكشّر عن أنيابه ، ويدبر للانقضاض على المسلمين!! وإلحاق الأذى بهم.

وربما يكون إرسالهم للعين إلى المدينة مؤشرا على نواياهم العدوانية

٢٣١

هذه ، وإن كان لا يكفي لإثبات ذلك بصورة قاطعة ..

ويمكن تأييد ذلك بمؤشر آخر أقوى ، وهو أنه لا شيء يثبت أن المسلمين قد جاؤوا للحرب ، بل الظاهر من سياق الأحداث : هو أنهم جاؤوا للدعوة إلى الإسلام ، وذلك من حقهم .. فكان بإمكانهم الاكتفاء برفض الاستجابة ، ولكنهم لم يكتفوا بذلك ، بل رشقوا المسلمين بالنبل قبل أن يصرحوا برفضهم!!

ثم باشروا بالعمليات الحربية ضد المسلمين ، وكانوا قد هيأوا لها!!

وربما يؤيد ذلك أيضا : أن اكتفاء النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بإرسال خمسين رجلا إلى قوم يستطيعون أن يجمعوا جموعا قتالية كثيرة ، قادرة على إبادة هؤلاء الخمسين ، يشير إلى أنها لم تكن سرية قتالية ، وإنما كانت سرية دعوة ، وإرشاد ، وتعليم ، ليس إلا ، ولكن خبث هؤلاء القوم ، قد ساقهم إلى هذا الكيد ، الذي يستهين بالجريمة ، ويعتبر ارتكابها نصرا وفخرا ..

إسلام خالد ، وعمرو بن العاص :

وكان بين الحديبية وعمرة القضاء ، إسلام خالد بن الوليد ، وعمرو بن العاص ، وعثمان بن طلحة.

وقيل : كان ذلك بعد عمرة القضاء (١) ، في السنة الثامنة (٢).

__________________

(١) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٧٢٦ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٦٥ وعن البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٦٩ عن البيهقي ، وعن عيون الأثر ج ٢ ص ١٥٩.

(٢) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٧٤٥ و ٧٤٩ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٦٥ و ٦٦ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤٤٦ وعن البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٦٩

٢٣٢

وفي نص آخر : قبيل الفتح (١).

قيل : ويشهد له ما جاء عن خالد بن الوليد أنه قال : لما أراد الله عزوجل ما أراد بي من الخير قذف في قلبي الإسلام ، وحضر لي رشدي ، وقلت : قد شهدت هذه المواطن كلها على محمد ، فليس موطن أشهده إلا أنصرف ، وأنا أرى في نفسي أني موضع في غير شيء ، وأن محمدا يظهر.

فلما جاء لعمرة القضاء تغيبت ، ولم أشهد دخوله ، فكان أخي الوليد بن الوليد دخل معه ، فطلبني فلم يجدني ، فكتب إليّ كتابا ، فإذا فيه :

بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد .. فإني لم أر أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام ، وقلة عقلك ، ومثل الإسلام يجهله أحد. قد سألني عنك رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فقال : أين خالد؟

فقلت : يأتي الله به.

فقال : ما مثله يجهل الإسلام ، ولو كان يجعل نكايته مع المسلمين على

__________________

وج ٧ ص ١٢٨ ومكاتيب الرسول ج ١ ص ١٥٥ وسير أعلام النبلاء ج ١ ص ٥٢٩ والثقات ج ٣ ص ١٠١ وعن أسد الغابة ج ٢ ص ٩٣ وعن تاريخ مدينة دمشق ج ١٦ ص ٢١٩ عن الواقدي ، وفتوح البلدان ج ١ ص ٩٣ والجوهر النقي للمارديني ج ٩ ص ٧٩ والمستدرك للحاكم ج ٣ ص ٤٢٩ وشرح النهج للمعتزلي ج ٦ ص ٣١٩ عن الإستيعاب.

(١) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٧٤٥ وعن مسند أحمد ج ٤ ص ١٩٩ والمستدرك للحاكم ج ٣ ص ٢٩٧ ومجمع الزوائد ج ٩ ص ٣٥١ والأحاديث الطوال ص ٤٠ وعن البداية والنهاية ج ٤ ص ١٦٢ وموسوعة التاريخ الإسلامي ج ١ ص ٥٧٠ وعن السيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٧٤٩ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٢٧١.

٢٣٣

المشركين كان خيرا له ، ولقدمناه على غيره.

فاستدرك يا أخي ما فاتك ، فقد فاتك مواطن صالحة.

فلما جاءني كتابه نشطت للخروج ، وزادني رغبة في الإسلام ، وسرتني مقالة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ورأيت في المنام : كأني في بلاد ضيقة جدبة ، فخرجت إلى بلاد خضراء واسعة.

زاد الواقدي وغيره : أنه ذكر هذه الرؤيا لأبي بكر حين جاء إلى المدينة ، ففسر له الضيق بالشرك ، والسعة بالإسلام.

فلما اجتمعنا للخروج إلى المدينة لقيت صفوان ، فقلت : يا أبا وهب ، أما ترى أن محمدا ظهر على العرب والعجم ، فلو قدمنا عليه فاتبعناه ، فإن شرفه شرف لنا.

قال : لو لم يبق غيري ما اتبعته أبدا.

قلت : هذا رجل قتل أبوه وأخوه ببدر ، فلقيت عكرمة بن أبي جهل ، فقلت له : مثل ما قلت لصفوان.

فقال : مثل الذي قال صفوان.

قلت : فاكتم ذكر ما قلت لك.

قال : لا أذكره.

ثم لقيت عثمان بن طلحة ـ أي الحجبي ـ فقلت : هذا لي صديق ، فأردت أن أذكر له.

ثم ذكرت من قتل من آبائه : أي قتل أبيه طلحة ، وعمه عثمان ، وقتل إخوته الأربعة : مسافع ، والجلاس ، والحارث ، وكلاب ، كلهم قتلوا يوم أحد. فكرهت أن أذكر له.

٢٣٤

ثم قلت : وما عليّ ، وأنا راحل من ساعتي ، فذكرت له ما صار الأمر إليه.

فقلت : إنما نحن بمنزلة ثعلب في جحر ، لو صب فيه ذنوب من ماء لخرج.

ثم قلت له : ما قلته لصفوان وعكرمة ، فأسرع الإجابة ، فواعدني إن سبقني أقام في محل كذا ، وإن سبقته إليه انتظرته.

فلم يطلع الفجر حتى التقينا ، فغدونا حتى انتهينا إلى الهدة ـ اسم محل ـ فنجد عمرو بن العاص بها ، فقال : مرحبا بالقوم.

فقلنا : وبك.

قال : أين مسيركم؟

قلنا : الدخول في الإسلام.

قال : وذلك الذي أقدمني.

وفي لفظ : قال عمرو لخالد : يا أبا سليمان أين تريد؟

قال : والله لقد استقام الميسم ، أي تبين الطريق ، وظهر الأمر ، وإن هذا الرجل لنبي ، فأذهب فأسلم ، فحتى متى؟

وفي نص آخر : أن خالدا قال لعمرو : دخل الناس في الإسلام فلم يبق أحد به طمع ، والله ، لو أقمنا لأخذ برقابنا ، كما يؤخذ برقبة الضبع في مغارتها (١).

قال عمرو : وأنا ما جئت إلا لأسلم.

فاصطحبنا جميعا حتى دخلنا المدينة الشريفة.

__________________

(١) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٧٤٤ وكنز العمال ج ١٣ ص ٣٧١ ـ ٣٧٤ وعن تاريخ مدينة دمشق ج ١٦ ص ٢٢٧ و ٢٢٨ وعن البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٧٢ و ٢٧٣ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤٥١ و ٤٥٢.

٢٣٥

وعند الديار بكري : «فاصطحبنا حتى قدمنا المدينة ، أول يوم في صفر سنة ثمان» (١).

فأنخنا بظهر الحرة ركابنا ، فأخبر بنا رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» فسرّ بنا ، وقال : رمتكم مكة بأفلاذ كبدها ، فلبست من صالح ثيابي ، ثم عمدت إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فلقيني أخي ، فقال : أسرع فإن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد سر بقدومكم وهو ينتظركم.

فأسرعنا المشي ، فاطلعت عليه ، فما زال يتبسم إليّ حتى وقفت عليه ، فسلمت عليه بالنبوة ، فرد عليّ السلام بوجه طلق ، فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله.

قال : الحمد لله الذي هداك ، قد كنت أرى لك عقلا رجوت أن لا يسلمك إلا إلى خير.

قلت : يا رسول الله ، ادع الله لي أن يغفر لي تلك المواطن التي كنت أشهدها عليك.

فقال «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «الإسلام يجبّ ما كان قبله».

وفي نص آخر : قال خالد : فو الله ما كان رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من يوم أسلمت يعدل بي أحدا فيما حزبه (٢).

__________________

(١) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٦٦ والطبقات الكبرى ج ٤ ص ٢٥٢ وج ٧ ص ٣٩٤ وعن تاريخ مدينة دمشق ج ٣٨ ص ٣٨٣.

(٢) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٧٤٩ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٦٦ وعن تاريخ مدينة دمشق ج ١٦ ص ٢٢٨ والطبقات الكبرى ج ٣ ص ١٨٩ وج ٧ ص ٢٦٨ وعن البداية والنهاية ج ٢ ص ٢٣٨ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤٥٣.

٢٣٦

وتقدم عثمان وعمرو فأسلما.

وفي رواية عن عمرو بن العاص قال : قدمنا المدينة ، فأنخنا بالحرة فلبسنا من صالح ثيابنا ثم نودي بالعصر ، فانطلقنا حتى اطلعنا عليه وإن لوجهه تهللا ، والمسلمون حوله قد سروا بإسلامنا ؛ وتقدم خالد بن الوليد فبايع ، ثم تقدم عثمان بن طلحة فبايع ، ثم تقدمت فو الله ما هو إلا أن جلست بين يديه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فما استطعت أن أرفع طرفي حياء منه «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

قال : فبايعته على أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي ، ولم يحضرني ما تأخر.

فقال : «إن الإسلام يجبّ ما كان قبله ، والهجرة تجبّ ما كان قبلها».

فو الله ما عدل بي رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وبخالد بن الوليد أحدا من الصحابة في أمر حربه منذ أسلمنا ، ولقد كنا عند أبي بكر بتلك المنزلة ، ولقد كنت عند عمر بتلك الحالة.

وكان عمر على خالد كالعاتب.

وتقدم : أن عمروا أسلم على يد النجاشي.

قال بعضهم : وفي إسلام عمرو على يد النجاشي لطيفة ، وهي : صحابي أسلم على يد تابعي. ولا يعرف مثله.

ومن حين أسلم خالد لم يزل رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يوليه أعنة الخيل ، فيكون في مقدمها (١).

__________________

(١) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٧٢٦ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٧٤٦ و ٧٥٠ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٦٦ وعن أسد الغابة ج ٢ ص ٩٤ وتهذيب الأسماء واللغات.

٢٣٧

قال أبو عمر : لم يصح لخالد بن الوليد مشهد مع رسول الله قبل الفتح (١).

ونقول :

إن لنا مع ما تقدم العديد من الوقفات ، نجملها على النحو التالي :

رسالة الوليد إلى خالد :

تقدم : أن الوليد بن الوليد كتب إلى أخيه خالد كتابا يتعجب فيه من ذهاب رأيه ـ خالد ـ عن الإسلام ، ومن قلة عقله ، وقال له : «ومثل الإسلام يجهله أحد»؟!!

ونقول :

أولا : مع أن الوليد نفسه لم يسلم إلا بعد وقعة بدر (٢) ، فأين كان عقله عنه طيلة أكثر خمس عشرة سنة ، كان النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يدعوهم فيها إلى الإسلام.

ثانيا : لم يثبت أن الوليد وصل إلى المدينة بعد خروجه من مكة في عمرة القضاء ، فقد قيل : إنه مشى على رجليه لما هرب ، وطلبوه فلم يدركوه.

ويقال : إنه مات في بئر أبي عتبة قبل أن يدخل المدينة (٣).

__________________

(١) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٦٦.

(٢) الإصابة ج ٣ ص ٦٣٩ وعن فتح الباري ج ٨ ص ١٧٠ والطبقات الكبرى ج ٤ ص ١٣٠ وعن أسد الغابة ج ٥ ص ٩٢ وج ٦ ص ٤٨٤.

(٣) الإصابة ج ٣ ص ٦٣٩ وأسد الغابة ج ٥ ص ٩٢ و ٩٣ والأعلام للزركلي ج ٨ ص ١٢٣.

٢٣٨

لم يسلم خالد سنة خمس :

زعم بعضهم : أن خالدا أسلم سنة خمس للهجرة (١).

وهذا لا يصح ، إذ قد تقدم في عمرة الحديبية : أن خالدا كان قائدا لطليعة قريش في تلك الغزوة وكان ذلك سنة ست (٢).

من أسباب إسلام عمرو وخالد :

قد أشير فيما تقدم إلى إسلام ابن العاص ، وخالد ، وإلى الأسباب الداعية لهما إلى ذلك ، ولنا على ذلك ملاحظات ، هي التالية :

١ ـ إن كلمات خالد المتقدمة تشير إلى : أن شعوره باليأس من الظفر ، وتنامي إحساسه بالفشل ، وعدم الوصول إلى نتيجة ، ومعاناة الهزائم المتتالية أمام جيوش الإسلام ، هو الذي دعاه لمراجعة حساباته ، والتفكير بالانحياز إلى المعسكر الذي يرى بأم عينيه كيف يزداد قوة يوما بعد يوم.

فالقضية إذن ، لا تنطلق من الإحساس بالواجب ، وظهور الحق له ولغيره بعد أن كان خافيا ، كما أنها لم تكن صحوة وجدان ، ويقظة ضمير. بل

__________________

(١) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٦٦ الفايق في غريب الحديث ج ١ ص ٢٩٣ وعن البداية ج ٤ ص ٢٦٩ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤٤٦ وسبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٦٨ والإستيعاب ج ١ ص ١٥١.

(٢) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٦٦ والجامع لأحكام القرآن ج ١٦ ص ٢٨١ وعن اسد الغابة ج ٢ ص ٩٣ وعن البداية ج ٤ ص ١٦٣ و ٢٧٢ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٢٧٢ و ٤٥٠ والخلاف للطوسي ج ٤ ص ٣٢٧ وكنز العمال ج ١٣ ص ٣٧٥ وعن تاريخ مدينة دمشق ج ١٦ ص ٢٢٦.

٢٣٩

هي حسابات ربح وخسارة في الدنيا ، والمبادرة إلى اقتناص ما يمكن اقتناصه من الفرص قبل فوات الأوان ..

وأظهرت الوقائع هذا الأمر بصورة جلية وواضحة ، حتى لقد ذهبت مصر كلها طعمة لعمرو ، وثمنا لمحاربة الحق وأهله ، وذلك في أواخر عمره ، حين عقد صفقة مع معاوية على حرب علي «عليه‌السلام» في صفين.

٢ ـ ولعل من أسباب رغبة خالد وعمرو بالدخول في الإسلام : هو أن عمرو بن العاص داهية محنك معروف بالمكائد والمصائد ، وقد انتدبته قريش ليذهب إلى الحبشة ، وليتسبب بمكره ودهائه بترحيل جعفر وغيره من المهاجرين ، وإعادتهم إلى مكة.

وهو الذي دبر الأمر في حرب صفين ، وكاد المسلمين برفع المصاحف فيها ، حتى انجر الأمر إلى التحكيم.

وكان أشد خطرا من خالد بن الوليد ، الذي كان متسرعا إلى قتل الناس ، قسيا ، غادرا ، خصوصا بمن له عندهم ثارات.

وغدره ببني جذيمة انتقاما لعمه الفاكه بن المغيرة ، وعوف بن عبد عوف ، بعد أن أعطاهم الأمان ، معروف ومشهور. وقد تبرأ رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من فعلته فيهم ، وكان «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أرسله إليهم داعيا لهم إلى الإسلام ، لا مقاتلا (١).

__________________

(١) قاموس الرجال ج ٤ ص ١٤٥ وتاريخ الأمم والملوك ج ٣ ص ٦٦ و ٧٨ والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج ١ ص ١٧ والمسترشد في الإمامة للطبري ص ٤٩٢ والبحار ج ٢١ ص ١٤٠ و ١٤١ والنص والإجتهاد ص ٤٦٠ وعن أسد الغابة ج ٣ ص ٣١٦ وتاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٦١ وعن البداية والنهاية لابن كثير ج ٤ ـ

٢٤٠