الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ١٩

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ١٩

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-191-2
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٥٠

هذا بالإضافة إلى تشدده على سعد بن أبي وقاص ، وخالد بن الوليد ، ولعل السبب هو ما كان يلمسه فيهما من قوة ، ومن اعتداد بنفسيهما (١).

وربما يكون هذا بالذات هو ذنب جبلة ، الذي كان يعيش عزة الملك ، وزهو السلطان وعنفوانه ..

ولكن عمر كان رؤوفا بالمغيرة بن شعبة ، متأنيا في أمره ، ساعيا في إبعاد شبح تعرضه لإقامة حد الزنى عليه (٢) ..

وما ذلك إلا لأن المغيرة كان على حد تعبير السيد شرف الدين : «أطوع لعمر من ظله ، وأذل من نعله ، وكانت سياسته تقضي إرهاب الرعية ، بالتشديد على من كان عزيزا كجبلة ، وخالد.

وربما أرهبهم بالوقيعة بذوي رحمه ، كما فعله بابنه أبي شحمة (٣) ، وبأم فروة

__________________

(١) راجع : النص والإجتهاد (ط سنة ١٤٠٤ ه‍) ص ٣٦٣ و ٣٦٤.

(٢) راجع : مستدرك الحاكم ج ٣ ص ٤٤٩ وتلخيصه للذهبي بهامشه ، والسنن الكبرى للبيهقي ج ٨ ص ٢٣٥ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٢ ص ٢٣٤ ـ ٢٣٩ والبداية والنهاية ج ٧ ص ٨١ والكامل في التاريخ ج ٢ ص ١٥٩ وعمدة القاري ج ٦ ص ٣٤٠ وفتوح البلدان للبلاذري ص ٣٥٢ وعن تاريخ الأمم والملوك ج ٤ ص ٦٠٩ وعن الأغاني ج ١٦ ص ٩٤ و ١٠٠ و ١٠٩ ووفيات الأعيان ج ٦ ص ٣٦٤ وكنز العمال ج ٥ ص ٤٢٣.

(٣) راجع : الإستيعاب (بهامش الإصابة) ج ٢ ص ٣٩٤ والرياض النضرة ج ٢ ص ٣٠١ والإصابة ج ٣ ص ٧٢ وعن تاريخ الأمم والملوك (حوادث سنة ١٣) ج ٣ ص ٥٩٧ ، وإرشاد الساري ج ٩ ص ٤٣٩ وتاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي ص ٢١٣ والعقد الفريد ج ٦ ص ٢٦٥ وتاريخ بغداد للخطيب ج ٥ ـ

١٠١

أخت أبي بكر (١) ، وبمن لا فائدة له به ، ممن لا يكون في عير السياسة ولا في نفيرها ، كما فعله بجعدة السلمي (٢) ، وضبيع التميمي ، ونصر بن حجاج ، وابن عمه أبي ذؤيب الخ ..» (٣).

وقال رحمه‌الله أيضا : «ليت الخليفة لم يحرج هذا الأمير العربي وقومه ، ولو ببذل كل ما لديه من الوسائل إلى رضا الفزاري ، من حيث لا يدري ذلك الأمير ، أو من حيث يدري. وهيهات أن يفعل عمر ذلك» (٤).

تأييد عودة جبلة إلى الإسلام :

وأما بالنسبة لما قيل : من أن جبلة بن الأيهم قد عاد إلى الإسلام ، فربما يمكن تأييده ، بشعره المتقدم ، وبتصريحات أخرى منقولة عنه ، تدل على ندمه

__________________

ص ٤٥٥ عن الكامل في التاريخ (حوادث سنة ١٤) ج ٢ ص ١٢٤.

(١) راجع : كنز العمال ج ١٥ ص ٧٣٢ والإصابة ج ٦ ص ٤٢٧ وشرح النهج للمعتزلي ج ١ ص ١٨١ والبحار ج ٣١ ص ٣٢ والغدير ج ٦ ص ١٦١ وأضواء على الصحيحين ص ٤٢٨ والمصنف للصنعاني ج ٣ ص ٥٥٧.

(٢) الطبقات الكبرى (ط ليدن) ج ٣ ق ١ ص ٢٠٥ والإصابة ج ١ ص ٢٦١ عن الآمدي ، وابن عساكر ، وعن فتح الباري ج ١٢ ص ١٤١ ولسان العرب ج ٤ ص ١٨.

وذكروا : أنه ضربه مائة ونفاه إلى عمان لمجرد : أنه قرأ شعرا لبعض الناس يتهمه فيه بمغازلة النساء. وحتى لو صح ذلك عنه ، فإن عقوبته ليس فيها النفي ، ولا جلد مائة!!

(٣) النص والإجتهاد (ط سنة ١٤٠٤ ه‍ ق) ص ٣٦٠ و ٣٦١ والموارد الثلاثة الأخيرة ذكرنا مصادرها ، فراجع. وراجع : تاريخ المدينة ج ٢ ص ٧٦٢.

(٤) النص والإجتهاد (ط سنة ١٤٠٤ ه‍) ص ٣٦٠.

١٠٢

على ما فرط منه.

ويمكن تأييد ذلك أيضا : بما ذكروه من أن رسولا كان عمر أرسله إلى هرقل دخل على جبلة ، فأجلسه على سرير قوائمه من الذهب ، فانحدر عنه ، فقال : له جبلة : «لم تأبى الكرامة التي أكرمناك»؟!

قال : إن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» نهى عن هذا.

قال : نعم ، «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ولكن نقّ قلبك من الدنس ، ولا تبال على ما قعدت.

قال ذلك الرسول : فلما صلى على النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» طمعت به ، فقلت ..

إلى أن قال : قلت : «إن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» نهى عن الأكل في آنية الذهب ، والفضة.

قال : نعم ، «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ولكن نقّ قلبك ، وكل فيما أحببت الخ ..» (١).

بل ربما يستظهر من بعض الروايات أن ابنة جبلة كانت مسلمة أيضا ..

فقد رووا : حرصها على انتصار المسلمين على الروم ، وإعلان فرحها بذلك في مقابل بنت هرقل ، التي كانت تظهر الفرح بانتصار الروم.

فقد زعموا : أن جيشا غزا القسطنطينية في زمن معاوية ، فكان هناك قبتان مبنيتان ، عليهما ثياب الديباج ؛ فإذا كانت الحملة للمسلمين ارتفع من

__________________

(١) راجع : الوافي بالوفيات ج ١١ ص ٥٤ والعقد الفريد ج ٢ ص ٥٨ والأغاني (ط دار الكتب العلمية) ج ١٥ ص ١٦٠ و ١٦١.

١٠٣

إحداهما أصوات الدفوف ، والطبول والمزامير.

وإذا كانت الحملة للروم ارتفع من الأخرى مثل ذلك ..

وكانت الأولى بنت جبلة بن الأيهم ، والثانية بنت ملك الروم ، فكانت كل واحدة منهما تظهر السرور بما تفعله عشيرتها (١).

ومن الواضح : أن كلمة «عشيرتها» غير دقيقة ، لأن حمية الدين هي الأقوى ، فلو كانت بنت جبلة تدين بالنصرانية ، فلا يتوقع منها هذا الفرح بانتصار من هم على غير دينها. ومجرد كونهم من عشيرتها لا يبرر ذلك منها.

فلعلها كانت تتظاهر بالعصبية العشائرية للتستر على الدافع الحقيقي لهذا الفرح ، وهو أنها تبطن الحب للإسلام ، والولاء لأهله ..

جبلة يعطي الزكاة لا الجزية :

وذكر اليعقوبي : أنه لما أتى عمر بن الخطاب إلى بيت المقدس ، وعاد منها قاصدا المدينة : «أتاه جبلة بن الأيهم ، فقال له : تأخذ مني الصدقة ، كما تصنع بالعرب.

قال : بل الجزية ، وإلا فالحق بمن هو على دينك.

فخرج في ثلاثين ألفا من قومه حتى لحقوا بأرض الروم. وندم عمر على ما كان منه في أمره» (٢).

ونقول :

إن هذا النص يستحق الدراسة لفهم مرماه ، ومغزاه ، فإذا كان جبلة قد

__________________

(١) الأغاني (ط دار الكتب العلمية) ج ١٧ ص ٢١٢.

(٢) تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ١٤٧ وموسوعة التاريخ الإسلامي ج ١ ص ١٨٣.

١٠٤

أسلم قبل هذه الحادثة ، في عهد النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» مثلا ، فلماذا يريد عمر منه الجزية؟!

وإن كان لم يسلم ، فلماذا يعرض على عمر أن يعطيه الصدقة ، التي هي الزكاة؟!

ألا يدل هذا على أن جبلة كان مسلما آنئذ؟!

وحين يعرض على عمر أن يعطيه الصدقة ، ألا يفترض في الخليفة الاستفهام عن سرّ هذا العرض؟!

ولماذا يأبى إلا أن يعتبره كافرا؟!

وإلّا أن يفرض عليه الجزية؟!

ولماذا يطرده من بلاد المسلمين بهذه الطريقة ، التي تحمل معها المهانة والاستخفاف؟!

وإذا كان يعلم أن لجبلة أنصارا بهذا الحجم ـ ثلاثين ألفا ـ فلماذا يفرّط بكل هذا الجمع ، ويرسلهم إلى عدو المسلمين ، ليتقوى بهم في حربه للإسلام والمسلمين؟!

وإذا كان يعتقد أنه نصراني حقا ، فلماذا لا يخيّره بين الجزية والحرب؟!

ألم يكن هذا هو الأوفق بالموقف الإسلامي من محارب يرفض الانصياع للحكم الإلهي؟!

ويبقى سؤال هو : ألا تتناقض هذه الرواية مع ما تقدم ، مما دل على أن سبب لحوقه بالروم ، وتنصّره هو قصته مع الفزاري في الطواف ، ثم قضاء عمر عليه.

ويمكن الجواب : بأن من الممكن أن تكون الأسباب التي دعته إلى ذلك قد اجتمعت ، وتضافرت ، حتى كان آخرها ما جرى له في مكة ..

١٠٥

وصول هدايا المقوقس :

وفي سنة سبع وصلت هدية المقوقس ملك الإسكندرية ومصر إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله». ومن جملتها فرس اسمه اللزار ، وبغلة يقال لها : دلدل ، وحمار يقال له : يعفور ، وثياب ، ومثاقيل من الذهب ، ومارية ، وسيرين ، وجاريتان أخريان ، وجريج ، وخصي اسمه مأبور ، وغير ذلك (١).

فأسلمت مارية وأختها قبل الوصول إلى المدينة ، وأسلم الخصي في المدينة (٢) ، وولدت مارية لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إبراهيم ، كما سنبينه في موضعه إن شاء الله تعالى.

قيمة الهدايا :

إن الهدية دليل احترام ، وعنوان تقدير وتكريم ، فإذا كانت من الملوك إلى أمثالهم ، فهي على نحوين :

أحدهما : أن تكون دليل رغبة بالسلام ، وتجنب الدخول في الصدام ، والبقاء على درجة من التوافق والوئام ، والإعلان عن حسن النوايا حسبما تقتضيه ظروف مرسل الهدية ، ونرى أن هدايا المقوقس كانت تسير في هذا الاتجاه حسبما أوضحناه حين الحديث عن مراسلته «صلى‌الله‌عليه‌وآله»

__________________

(١) تاريخ الخميس ج ١ ص ٦٢ والبحار ج ٢١ ص ٤٥ وص ٤٧ و ٤٨ وراجع : مكاتيب الرسول ج ٢ ص ٤٢٤ ـ ٤٢٧ وعن البداية والنهاية ج ٤ ص ٣١١ وج ٥ ص ٣٢٤ و ٣٥٠ وج ٧ ص ٨٦ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٥١٥.

(٢) راجع : البحار ج ٢١ ص ٤٥ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٨ ص ٢١٢ والإصابة ج ٨ ص ٣١١ وعن تاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٣٠٧.

١٠٦

للملوك ، ومنهم المقوقس.

الثاني : أن يكون الدافع للهدية : الصداقة ، والوفاء ، والمحبة والإخاء ، والإعراب عن الطاعة والإيمان ، والولاء ..

ولعل تفسير هدايا النجاشي بهذه المعاني أليق ، وهي بها أوفق. كما يظهر من كثير من الأمور التي عبرت عن حب النجاشي لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وإيمانه ، وطاعته له ، ومنها فرحه بانتصار النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في حرب بدر ، وإصداق أم حبيبة ، وغير ذلك ..

هدايا متبادلة :

وقد أرسل النجاشي لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بمناسبة زواجه بأم حبيبة «قميصا وسراويل ، وعطافا ، وخفين ساذجين» (١).

وروى الكليني : أنه أهدى لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» حلة قيمتها ألف دينار ، فكساها عليا «عليه‌السلام» ، فتصدق بها (٢).

__________________

(١) مكاتيب الرسول ج ٢ ص ٤٤٩ وموسوعة التاريخ الإسلامي ج ١ ص ٥٧٦ وج ٢ ص ٦٦٠ وتحفة الأحوذي ج ٨ ص ٧٨.

(٢) راجع : الكافي ج ١ ص ٢٨٨ و ٢٨٩ الحديث رقم ٣ والوسائل ج ٣ ص ٣٤٩ وج ٦ ص ٣٣٤ وحلية الأبرار ج ٢ ص ٢٧٩ وكتاب الأربعين للماحوزي ص ١٨٤ والتفسير الصافي ج ٢ ص ٤٤ والتفسير الأصفى ج ١ ص ٢٨١ ونور الثقلين ج ١ ص ٦٤٣ وشرح أصول الكافي ج ٦ ص ١١٦ وتأويل الآيات ج ١ ص ١٥٣.

١٠٧

تصحيح اشتباه :

وأما قول الطبرسي : «ثم بعث إلى الرسول بهدايا ، وبعث إليه بمارية القبطية ، أم إبراهيم ، وبعث إليه بثياب وطيب كثيرة ، وفرس» (١).

فالظاهر : أنه قد جاء على سبيل الاشتباه.

فإن مارية كانت من هدايا المقوقس ملك الإسكندرية ، كما نص عليه عامة المؤرخين الذين تعرضوا لسيرة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ..

وليست من هدايا النجاشي.

المقابلة بالمثل :

هذا .. وقد بادله رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» هذا الأمر ، فأرسل مستقة من سندس ـ كان ملك الروم قد أهداها إليه «صلى‌الله‌عليه‌وآله»

__________________

(١) راجع : البحار ج ١٨ ص ٤١٦ و ٤١٨ و ٤١٩ وج ٢١ ص ١٩ ومستدرك سفينة البحار ج ٢ ص ١٧٠ وج ٩ ص ٥٠٢ وج ١٠ ص ٤٩٧ وتفسير القمي ج ١ ص ٨٦ و ١٧٩ ومناقب آل أبي طالب ج ١ ص ٢٢٢ ولكنه ذكر في ص ٢٠٩ أنها من هدايا المقوقس ، والتفسير الصافي ج ٢ ص ٧٩ ونور الثقلين ج ١ ص ٦٦٣ وموسوعة التاريخ الإسلامي ج ٢ ص ٦٥٧ وإعلام الورى ج ١ ص ١١٩ وقصص الأنبياء للراوندي ص ٣٢٢ والبرهان للبحراني ج ١ ص ٤٩٤ ومكاتيب الرسول ج ٢ ص ٤٥٢ عن بعض من تقدم ، وعن البداية والنهاية ج ٣ ص ٧٨ وعن الأموال ص ٣٤ وطبقات المحدثين بإصبهان ج ٢ ص ٢٧٧ والمصنف لابن أبي شيبة ج ٨ ق ٢ ص ٤٦٦.

١٠٨

إلى جعفر بن أبي طالب ، وقال له : ابعث بها إلى أخيك النجاشي (١).

وليلاحظ : وصفه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» النجاشي بأنه أخو جعفر.

موت النجاشي :

وذكروا : أن النجاشي توفي قبل الفتح (٢) في السنة الثامنة ، أو السابعة ، بعد عودة جعفر بن أبي طالب وأصحابه إلى المدينة (٣).

وقيل : بل توفي في شهر رجب في السنة التاسعة (٤).

__________________

(١) راجع : الطبقات الكبرى ج ١ ص ٤٥٧ ونيل الأوطار ج ٢ ص ٧٤ وفقه السنة ج ٣ ص ٤٨٠ ومسند أحمد ج ٣ ص ٢٢٩ و ٢٥١ وسنن أبي داود ج ٢ ص ٢٥٨ وعون المعبود ج ١١ ص ٦٤ ومسند أبي داود ص ٢٧٤ ومسند أبي يعلى ج ٧ ص ٦٠ والكامل لابن عدي ج ٥ ص ١٩٨ وميزان الإعتدال ج ٣ ص ١٢٨ وسبل الهدى والرشاد ج ٧ ص ٢٩٨ ولسان العرب ج ١٠ ص ٣٤٣.

(٢) الإصابة ج ١ ص ١٠٩ وأسد الغابة ج ١ ص ٩٩ والكافي ج ٢ ص ١٢١ والأمالي للمفيد ص ٢٣٨ والبحار ج ٦٩ ص ١٢٤ ومكاتيب الرسول ج ٢ ص ٤٣٧ ـ ٤٣٩ وعن فتح الباري ج ٧ ص ١٤٦ وعن البداية والنهاية ج ٤ ص ٣١٦ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٥٢.

(٣) راجع : مجمع الزوائد ج ٦ ص ٣٢.

(٤) راجع : الإصابة ج ١ ص ١٠٢ و ١٠٨ و ١٠٩ والأقول المتقدمة في مكاتيب الرسول (ط سنة ١٤١٩ ه‍) ج ٢ ص ٤٣٨ عن المصادر التالية : الكامل ج ٢ ص ٢٩٣ وتأريخ الخميس ج ٢ ص ٣٠ والطبري أيضا ، وكذا في مرآة الجنان لليافعي في حوادث السنة التاسعة والبحار ج ٢١ ص ٣٦٨ وابن خلدون ج ٢ ص ٨٢٦ وزاد المعاد ج ٣ ص ٦٠ وعن السيرة النبوية لدحلان ج ٣ ص ٦٩

١٠٩

وقد بكى عليه رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فعن علي «عليه‌السلام» قال : إن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لما أتاه جبرئيل بنعي النجاشي بكى بكاء حزين عليه ، وقال : إن أخاكم أصحمة مات.

ثم خرج إلى الجبانة ، وصلى عليه ، وكبر سبعا. فخفض له كل مرتفع ، حتى رأى جنازته ، وهو بالحبشة (١).

زاد في رواية أخرى عن قتادة وجابر : أن قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ..) (٢) نزل في النجاشي ..

فقال المنافقون : انظروا إلى هذا يصلي على علج نصراني حبشي ، ولم يره قط وليس على دينه ، فنزلت هذه الآية.

وجاءت الأخبار من كل جانب : أنه مات في تلك الساعة. وما علم هرقل بموته إلا من تجار رأوا بالمدينة (٣).

__________________

وعمدة القاري ج ١٧ ص ١٥ وفتح الباري ج ٧ ص ١٤٦ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٢٧٧ وعيون الأثر ج ٢ ص ٣٥٨ ومكاتيب الرسول ج ٢ ص ٤٣٨.

(١) راجع : الخصال ج ٢ ص ٣٥٩ و ٣٦٠ باب السبعة حديث رقم ٤٧ وراجع : المناقب لابن شهر آشوب ج ١ ص ١٤٦ ومجمع البيان (ط سنة ١٣٧٩ ه‍) ج ٢ ص ٥٦١ والكشاف (ط سنة ١٤٠٦ ه‍) ج ١ ص ٤٥٩ والأقطاب الفقهية ص ٦٥ وتفسير مجمع البيان ج ٢ ص ٤٨٠ وعيون أخبار الرضا ج ٢ ص ٢٥٢ والوسائل (ط دار الإسلامية) ج ٢ ص ٧٩٦ والبحار ج ١٨ ص ٤١٨ وج ٧٥ ص ٣٤٦ ومسند الإمام الرضا ج ٢ ص ٤١٧ و ٤٩٠.

(٢) الآية ١٥٩ من سورة النساء.

(٣) راجع : مناقب آل أبي طالب ج ١ ص ١٤٦ ومجمع البيان ج ٢ ص ٥٦١ والبحار ـ

١١٠

وفي نصوص أخرى ذكرها أهل السنة : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» كبر على النجاشي أربعا (١) ، ومنه استفاد أهل السنة ما يعرف عندهم بصلاة الغائب ، أي أنهم يصلون على الميت وهو في بلد آخر.

وحديث الصلاة على النجاشي ، ونزول الآية المباركة فيه مذكور في عشرات من المصادر (٢).

ونقول :

إن ما ذكروه حول عدد التكبيرات ، وحول الصلاة على الميت الغائب لا يصح : ونوضح ما نرمي إليه كما يلي :

__________________

ج ١٨ ص ١٣٠.

(١) راجع : السنن الكبرى للبيهقي ج ٤ ص ٣٥ و ٤٩ السنن الكبرى للنسائي ج ١ ص ٦٤٠ وصحيح البخاري ج ٢ ص ٧٢ و ٨٨ و ٩١ وج ٤ ص ٢٤٦ وصحيح مسلم ج ٣ ص ٥٤ وتنقيح المقال ج ١ ص ١٥٠ ونيل الأوطار ج ٤ ص ٩٩ وتبيان الحقائق ج ١ ص ٢٤١ والبحر الرائق ج ٢ ص ٩٧ و ٩٨ والهداية في شرح البداية ج ١ ص ٩٢ والأصل ج ١ هامش ص ٤٢٤ عن شرح المختصر للسرخسي ج ٢ ص ٦٣ وسنن النسائي ج ٤ ص ٧٠ و ٧٢ وتلخيص الحبير ج ٥ ص ١٦٥ وأحكام الجنائز ص ١١١ وشرح مسلم ج ٧ ص ٢٣ وتحفة الأحوذي ج ٤ ص ٨٨ وعن الكامل ج ٦ ص ١٢٣ وعلل الدار قطني ج ٩ ص ٣٥٩ والحدائق الناضرة ج ١٠ ص ٤٠٤ وكتاب الأم ج ٧ ص ١٩٨.

(٢) راجع : جواهر الكلام ج ١٢ ص ٥٨ ، وراجع المصادر السابقة.

١١١

صلاة الغائب :

لقد أجمع فقهاء الإمامية تبعا لأئمتهم على عدم جواز صلاة الغائب (١) ، إلا إذا كان المراد بالصلاة على الغائب الدعاء له ، كما ورد في بعض الروايات (٢).

__________________

(١) تهذيب الأحكام ج ٣ ص ٢٠٢.

(٢) إننا نكتفي بالإرجاع إلى كتاب : مكاتيب الرسول ج ٢ ص ٤٣٨ و ٤٣٩ فقد قال : راجع : مسلم ج ٢ ص ٦٥٦ و ٦٥٧ والبخاري ج ٢ ص ١٠٩ و ١١١ و ١١٢ وج ٥ ص ٦٤ و ٦٥ والشفاء ج ١ ص ١٦٤ و ٦٧٢ و ٦٩٠ ومسند أحمد ج ١ ص ٢٥٤ وج ٢ ص ٢٣٠ و ٢٣١ و ٢٨٩ و ٤٧٩ وج ٣ ص ٣٥٥ و ٣٦٩ وج ٤ ص ٧ و ٣٠٣ و ٤٣٣ و ٤٣٩ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٤ ص ٤٩ و ٥٠ وابن ماجة ج ١ ص ٤٩٠ و ٤٩١ والنسائي ج ٤ ص ٧٢ وأبي داود ج ٣ ص ٢١٢ وكشف الأستار ج ١ ص ٣٩٢ والترمذي ج ٣ ص ٣٤٢ و ٣٥٧ والمصنف لعبد الرزاق ج ٣ ص ٤٧٩ وابن أبي شيبة ج ١٤ ص ١٥٤ وج ٣ ص ٣٦٢ ومسند فاطمة للسيوطي ص ١١٢ والكامل لابن عدي ج ١ ص ٢٥٦ وج ٢ ص ٨٤٣ وج ٣ ص ١١٧١ و ١٢٥٩ وج ٤ ص ١٥٧٥ وج ٦ ص ٢٠٨٣ و ٢١٣٠ و ٢١٣٥ و ٢٢١٤ و ٢٢٧١ وتأريخ يحيى ابن معين ج ٣ ص ٢٣٣ و ٢٣٤ والمعجم الكبير للطبراني ج ٣ ص ١٩٨ وج ٥ ص ٢٤٨ وج ١٧ ص ٢٠ وج ١٨ ص ١٨٧ و ١٩٦ و ١٩٩ وج ٢٥ ص ٢٢٣ وج ١٩ ص ٤٤٦ وج ٢٢ ص ١٣٦ وإعلام السائلين ص ٥ والمناقب ج ١ ص ١٠٧ والبحار ج ١٨ ص ١٣٠ عن المناقب وص ٤١٨ عن الخصال والعيون وج ٢١ ص ٣٦٨ عن المنتقى ، والبداية والنهاية ج ٣ ص ٧٧ وج ٤ ص ٢٧٧ وتأريخ ابن خلدون ج ٢ ص ٨٢٦ والدر المنثور ج ٢ ص ١١٣ (في تفسير قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ ..) عن النسائي ، والبزار ، وابن المنذر ، والطبراني ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، وعبد بن حميد ، وابن جرير). وراجع في تفسير الآية الشريفة أيضا : القرطبي ج ٢ ص ٣٢٢ وابن كثير ج ١ ص ٤٤٣ وروح المعاني ج ٤ ص ٣١٥

١١٢

وإن حكما يجمع أهل البيت «عليهم‌السلام» على خلافه ، لا مجال للأخذ به ، لأنهم هم سفينة نوح ، وهم أحد الثقلين اللذين لن يضل من تمسك بهما.

وأما قضية النجاشي ، فقد كانت أمرا خاصا برسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ولم تكن من قبيل الصلاة على الغائب ، غيبة حقيقية ، بل كانت صلاة على الميت الحاضر ، إذ قد صرحت الرواية : بأن الله تعالى رفع لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» كل خفض ، وخفض له كل رفع ، حتى رأى «صلى‌الله‌عليه‌وآله» جنازة النجاشي وهو بالحبشة.

ولو كان ذلك جائزا لكان الناس صلوا في كل البلاد صلاة الغائب على النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» حينما توفي.

بل لو صح ذلك ، لم يبق مبرر لدعوة الناس إلى حضور صلاة الجنازة ، إذ يمكن لكل مكلف أن يصلي عليها وهو في بيته.

__________________

والمنار ج ٤ ص ٣١٥ وروح البيان ج ٢ ص ١٥٥ ومجمع البيان ج ٢ ص ٣١١ وأبي السعود ج ٢ ص ١٣٦. وراجع : جامع أحاديث الشيعة ج ٣ ص ٢٨٠ عن التهذيب والإستبصار ، وص ٢٨٢ عن الخصال والعيون ، وتفسير الإمام العسكري ، وفقه الراوندي ، وأسد الغابة ج ١ ص ٩٩ والإصابة ج ١ ص ١٠٩ وفتح الباري ج ٣ ص ١٥٠ و ١٥٢ و ١٦٣ وج ٧ ص ١٤٦ وعمدة القاري ج ٨ ص ١٨ و ١١٥ و ١٢٠ و ١٢٢ و ١٣٢ وج ١٧ ص ١٥ ودحلان هامش الحلبية ج ٣ ص ٦٩ والحلبية ج ٣ ص ١٨٠ وسيرة ابن إسحاق (المطبوعة) ص ٢١٩ ودلائل النبوة لابن نعيم ص ٤٨٦ والمحلى ج ٥ ص ١٣٩ والخصال ج ١ ص ٣٦٠ وإعلام الورى ص ٥٦ والروض الأنف ج ٢ ص ٩٤ وأسد الغابة ج ٢ ص ٢٢٣ وج ٥ ص ٣٢٥ و ٣٧٣ ومجمع الزوائد ج ٩ ص ٤١٩ والمنتظم ج ٣ ص ٣٧٥ والمصباح المضيء ج ٢ ص ٣٤.

١١٣

ولو كان ذلك مشروعا لاشتهر فعله في البلاد في زمن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

١١٤

الفصل الرابع :

تكبيرات صلاة الميت ..

وصلاة الغائب

١١٥
١١٦

عدد تكبيرات صلاة الميت :

أما بالنسبة لعدد تكبيرات صلاة الميت ، فنقول :

ان من المسائل التي وقع الخلاف فيها بين المذاهب الإسلامية مسألة عدد التكبيرات في صلاة الجنازة على المسلم.

فذهبت طائفة ـ تبعا لأئمتها ـ إلى أن الواجب فيها هو فقط أربع تكبيرات ، وهؤلاء هم جمهور أهل السنّة والجماعة ..

وذهب أهل البيت «عليهم‌السلام» (١) ، وشيعتهم ، وتابعهم آخرون من غيرهم ـ كما سيتضح ـ إلى أن الواجب هو خمس تكبيرات .. وهذا الحكم إجماعي عند الشيعة الإمامية ، لا تجد فيه مخالفا على الإطلاق ، بل لعله من ضروريات المذهب عندهم (٢).

والأخبار عندهم في ذلك متواترة عن العترة الطاهرة ، وقد رواه عن أهل البيت «عليهم‌السلام» كل من :

زرارة ، والحلبي ، وأبي ولاد ، وأم محمد بن مهاجر ، وابن محبوب ، وسماعة ،

__________________

(١) وقد رواه في البحر الزاخر ج ٣ ص ١١٨ عن العترة جميعا ، وراجع : نيل الأوطار ج ٤ ص ٩٩.

(٢) راجع : مستمسك العروة الوثقى (ط ثانية) ج ٤ ص ٢٣٤.

١١٧

وكليب الأسدي ، وعمار الساباطي ، وعلي بن سويد ، وإسماعيل بن همام ، ويونس ، وهشام بن سالم ، وحماد بن عثمان ، وأبي بصير ، وجعفر الجعفري ، وأبي بكر الحضرمي ، وإسماعيل بن سعد ، وعبد الله بن سنان ، وعبد الله بن مسكان ، وعلي بن أبي حمزة ، وقدامة بن زائدة ، والحسين بن النضر ، وإبراهيم بن محمد بن حمران ، والفضل بن شاذان ، وسفيان بن السمط ، وأبي حمزة ، والأعمش ، ومحمد بن الفضيل ، وفضيل بن يسار ، وعمرو بن شمر ، وجابر ، وإسماعيل بن سعيد الأشعري ، وعبد الرحمن العرزمي ، وعلي بن عبد الله ، والحسين بن خالد. إلى غير ذلك مما لا مجال لتتبعه .. (١).

مذهب أهل البيت عليهم‌السلام هو الصحيح :

ونحن بدورنا لا نجد مناصا عن الالتزام بمذهب أهل البيت «عليهم‌السلام» وشيعتهم .. ولا نستند في ذلك إلى الإجماع المذكور فقط ، ولا إلى خصوص الروايات عنهم «عليهم‌السلام» ، وهم سفينة النجاة التي من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق ، وأحد الثقلين اللذين لا يضل أبدا من تمسّك بهما ..

وإنما نستند ـ بالإضافة إلى ذلك ـ إلى العديد من الأدلة والروايات ذات الأسانيد الصحيحة عند غيرهم أيضا ، والمروية في أوثق مصادرهم ، والتي تؤكد على أن الزيادة على الأربع ثابتة من فعل النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وأهل بيته «عليهم‌السلام» ، وعدد من الصحابة وغيرهم ..

__________________

(١) راجع : الوسائل (طبعة حجرية) ج ١ ص ١٤٤ فصاعدا ، ومستدرك الوسائل ، والكافي ، وجامع أحاديث الشيعة ، وغير ذلك من مجاميع الحديث والرواية.

١١٨

أدلة القائلين بالتكبيرات الأربع :

لقد استدلّ على أن الواجب في صلاة الجنازة هو أربع تكبيرات بعدة أدلة :

الأول : أن الأربع هي آخر ما وقع منه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، كما أخرج الحاكم من حديث ابن عباس بلفظ :

«آخر ما كبّر رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» على الجنائز أربع». وكذا روي عن عمر ، وابن عمر ، وأنس ، وابن أبي حثمة.

وفي بعضها : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» كبّر على النجاشي أربعا ، وثبت عليها حتى مات ، فكانت الأربع ناسخة لما قبلها .. (١).

ولكن هذا الدليل لا يصح .. لأن هذه الروايات كلها ، والتي تريد أن تثبت أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» كبّر في آخر صلاة له أربعا ، لا تصح ، وطرق جميعها ضعيفة ، وقد تكلم على أسانيدها جميعا الزيلعي والشوكاني ، وابن القيم ، والبيهقي (٢).

أضف إلى ذلك : ما سيأتي من أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد كبّر على النجاشي خمسا .. هذا عدا عن إصرار كثير من الصحابة على غير الأربع ، كما سيتضح ..

__________________

(١) راجع : نيل الأوطار ج ٤ ص ٩٩ وتبيان الحقائق ج ١ ص ٢٤١ والبحر الرائق ج ٢ ص ٩٧ و ٩٨ والهداية في شرح البداية ج ١ ص ٩٢ وهامش ص ٤٢٤ من كتاب الأصل ج ١ عن شرح المختصر للسرخسي ج ٢ ص ٦٣ وناسخ الأحاديث ومنسوخه ص ٢٦٨.

(٢) راجع : في تضعيف ذلك : نصب الراية ج ٢ ص ٢٦٧ ـ ٢٦٩ و (ط أخرى) ص ٣١٧ ـ ٣٢٠ ونيل الأوطار ج ٤ ص ٩٩ و ١٠٠ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٤ ص ٣٧ وزاد المعاد لابن القيم ج ١ ص ١٤١ و ١٤٢.

١١٩

وثمة روايات أخرى تذكر التكبيرات الأربع ، فنّدها الزيلعي ، وابن القيم الجوزية وغيرهما ، فراجع (١).

الثاني : الإجماع على الأربع ، حيث نقل عن ابن عبد البر ـ في الإستذكار ـ قوله : «وانعقد الإجماع بعد ذلك على أربع ، وأجمع الفقهاء ، وأهل الفتوى بالأمصار على أربع ما جاء في الروايات الصحاح ، وما سوى ذلك شذوذ لا يلتفت إليه ، قال : ولا نعلم أحدا من فقهاء الأمصار يخمس إلا ابن أبي ليلى» (٢).

هذا كلامه ..

وقال البيهقي : «إن إجماع أكثر الصحابة (رض) على الأربع كالدليل على ذلك» (٣).

ولكننا بدورنا نعتبر أن كل ما قاله أبو عمر هنا من أوله إلى آخره محض مبالغة لا مبرر لها ، وذلك استنادا إلى ما يلي :

أما بالنسبة إلى اختلاف الصحابة في ذلك ، فهو غير قابل للإنكار ، بل لم ينكره ابن عبد البر نفسه ، حيث قال :

١ ـ «وقطع عمر بن الخطاب اختلاف أصحاب رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في التكبير على الجنائز ، وردهم إلى أربع ..» (٤).

__________________

(١) زاد المعاد ج ١ ص ١٤١ و ١٤٢ ونصب الراية ج ٢ ص ٢٦٧ ـ ٢٦٩.

(٢) راجع : شرح النووي على صحيح مسلم (هامش إرشاد الساري) ج ٤ ص ٤٨٥ وفتح الباري ج ٣ ص ١٦٣ وعون المعبود (ط الهند) ج ٣ ص ١٨٧ و ١٩٠ و (ط أخرى) ج ٨ ص ٣٤٢ والحدائق الناضرة ج ١٠ ص ٤٠٤ عنه.

(٣) السنن الكبرى للبيهقي ج ٤ ص ٣٧ ونصب الراية ج ٢ ص ٣١٨.

(٤) جامع بيان العلم ج ٢ ص ١٠٤.

١٢٠