الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ١٨

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ١٨

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-190-4
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٥٩

وعن عمير مولى أبي اللخم قال : شهدت خيبر مع سادتي ، فكلموا فيّ رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فأمر بي فقلدت سيفا ، فإذا أنا أجره ، فأخبر أني مملوك ، فأمر لي بشيء من خرثي المتاع (١).

ونقول :

إننا لا نستطيع أن نصدق أن يكون «صلى‌الله‌عليه‌وآله» هو الذي وضع القلادة في عنق تلك المرأة ، إلا أن تكون من محارمه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ولكننا لم نجد ما يدل على ذلك ..

موعدكم جنفا :

عن موسى بن عقبة ، عن الزهري : أن بني فزارة ممن قدم على أهل خيبر ليعينوهم ، فراسلهم رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن لا يعينوهم ، وسألهم أن يخرجوا عنهم ، ولهم من خيبر كذا وكذا ، فأبوا عليه.

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٩ ص ١٢٩ وج ٥ ص ١٤٤ عن أبي داود ج ٣ ص ٧٥ (٢٧٣٠) ومسند أحمد ج ٥ ص ٢٢٣ وسنن ابن ماجة ج ٢ ص ٩٥٢ والمستدرك للحاكم ج ١ ص ٣٢٧ وج ٢ ص ١٣١ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٩ ص ٥٣ وتحفة الأحوذي ج ٥ ص ١٤١ وعون المعبود ج ٧ ص ٢٨٦ ومسند أبي داود ص ١٦٩ والمصنف لعبد الرزاق ج ٥ ص ٢٢٨ وموارد الظمآن ص ٤٠٢ والمصنف لابن أبي شيبة ج ٧ ص ٦٦٦ وج ٨ ص ٥٢٣ والسنن الكبرى للنسائي ج ٤ ص ٣٦٥ وكنز العمال ج ٤ ص ٥٣٧ وصحيح ابن حبان ج ١١ ص ١٦٢ والمعجم الكبير ج ١٧ ص ٦٧ ونصب الراية ج ٤ ص ٢٨٥ وإرواء الغليل ج ٥ ص ٦٨ والسير الكبير ج ٣ ص ٨٩٦ وعن الطبقات الكبرى ج ٢ ص ١١٤ وعن أسد الغابة ج ٤ ص ١٣٩.

٦١

فلما أن فتح الله خيبر أتاه من كان هناك من بني فزارة ، فقالوا : حظنا والذي وعدتنا.

فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «حظكم ـ أو قال : «لكم ذو الرقيبة» ، جبل من جبال خيبر.

فقالوا : إذا نقاتلك.

فقال : «موعدكم جنفا».

فلما أن سمعوا ذلك من رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» خرجوا هاربين (١).

وقالوا : كان أبو شييم المزني يقول : لما نفرنا إلى أهلنا مع عيينة بن حصن ، فرجع بنا عيينة ، فلما كان دون خيبر عرسنا من الليل ، ففزعنا.

فقال عيينة : أبشروا ، إني رأيت الليلة في النوم أني أعطيت ذو الرقيبة ـ جبلا بخيبر ـ قد والله أخذت برقبة محمد «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

فلما أن قدمنا خيبر ، قدم عيينة ، فوجدنا رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد فتح خيبر.

فقال عيينة : يا محمد؟ أعطني مما غنمت من حلفائي ، فإني قد خرجت عنك وعن قتالك.

فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «كذبت ، ولكن الصياح الذي

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٣٧ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٤ ص ٢٤٨ ومعجم البلدان ج ٢ ص ١٧٢ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٥١ ومعجم قبائل العرب ج ٣ ص ٩١٩.

٦٢

سمعت أنفرك إلى أهلك.

قال : أحذني يا محمد.

قال : «لك ذو الرقيبة».

قال عيينة : وما ذو الرقيبة؟

قال : «الجبل الذي رأيت في منامك أنك أخذته».

فانصرف عيينة.

فلما رجع إلى أهله جاءه الحارث بن عوف ، وقال : ألم أقل لك : توضع في غير شيء؟؟ فو الله ، ليظهرن محمد على ما بين المشرق والمغرب. يهود كانوا يخبروننا بهذا ، أشهد لسمعت أبا رافع سلام بن مشكم يقول : إنا لنحسد محمدا على النبوة ، حيث خرجت من بني هارون ، وهو نبي مرسل ، ويهود لا تطاوعني على هذا ، ولنا منه ذبحان ، واحد بيثرب ، وآخر بخيابر (١).

ونقول :

١ ـ إنها للوقاحة الظاهرة أن يرفض الفزاريون طلب النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بأن لا يعينوا اليهود عليه ، ثم لما انتصر على اليهود جاؤوا ليطالبوه بما كان قد ذكره لهم ، ورفضوه.

وإن هذا منهم أشبه بالإحتيال المفضوح ، بل هو نوع من الإستخفاف بالآخرين ، والتسلط عليهم ، وكأنهم يظنون : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله»

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٣٨ وفي هامشه عن : دلائل النبوة للبيهقي ج ٤ ص ٢٤٩. والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٦٧٥ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٥١ وعن البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٤٠ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤٠١.

٦٣

يخضع لهذا النوع من الابتزاز الوقح .. ولا يلتفت إلى وجه المغالطة فيه.

وقد رفض «صلى‌الله‌عليه‌وآله» طلبهم ، فظنوا : أن التهديد بالقتال يضعف عزيمته ، ويشتري السلم معهم بالمال ، ففعلوا ذلك ، وهددوه بالقتال .. فجاءهم الجواب الصاعق الذي أرعبهم.

٢ ـ وأما لماذا هرب الفزاريون حين قال لهم رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : موعدكم «جنفا»؟ فإنما هو لأن أهلهم كانوا مقيمين بموضع قرب المدينة اسمه «حيفاء» أو «حفياء» (١) وقد صحفه الناقلون فصار «جنفا».

وحينما كانوا ذاهبين لنصرة اليهود ، سمعوا صائحا لا يدرون ، أمن السماء هو أم من الأرض ، ينادي : «أهلكم ، أهلكم بحيفاء ، فإنكم قد خولفتم إليهم».

فخافوا على أهليهم ، وألقى الله سبحانه الرعب في قلوبهم ، فرجعوا إليهم ، ولم ينصروا حلفاءهم ..

فكأن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» حين ذكّرهم بذلك ، قد أفهمهم أن هذا الأمر مرعي من قبله تعالى ، وأنه لا طاقة لهم بحرب الله ورسوله ..

ولعل قول النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لهم : «موعدكم حيفاء» ، قد أفهمهم بالإضافة إلى ذلك : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد قبل بمبدأ القتال ، وعدم الخضوع للابتزاز ، وأنه قد عقد العزم على غزوهم في عقر دارهم ، فليجمعوا ، وليستعدوا ما شاؤوا ..

فلما وجدوا : أن القضية انتهت إلى هذا الحد أرعبهم ذلك ، فخرجوا

__________________

(١) راجع : وفاء الوفاء ج ٢ ص ٢٩٢.

٦٤

هاربين .. لأنهم رأوا بأم أعينهم ما جرى ليهود خيبر وغيرهم.

٣ ـ إن تذكير النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لعيينة بمنامه ـ الذي تضمن : أنه أخذ ذا الرقيبة ـ قد أفهمه : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» كان على علم بمقالته القبيحة بعد استيقاظه : «قد والله أخذت برقبة محمد».

وبذلك يكون «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد وجه صفعة قوية لعيينة ، لم يجد معها بدا من الإنصراف الذليل.

٤ ـ إن حديث الحارث بن عوف لعيينة ، عن إخبارات اليهود لهم بشأن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وبأنه يظهر على ما بين المشرق والمغرب .. وأنه سيذبحهم مرتين ، ثم رؤية الناس صدق هذه الأخبار ، وتجسد مضمونها على أرض الواقع ـ إن ذلك ـ من شأنه أن يصعّب على هؤلاء الناس الإقدام على مناوأته «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، لأنهم سيجدون في أنفسهم التردد ، والنفور من حرب يعلمون مسبقا بنتائجها.

يعفور حمار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

قال الحلبي : وروي : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لما فتح خيبر أصاب حمارا أسود ، فقال له رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : ما اسمك؟

قال : يزيد بن شهاب ، أخرج الله من نسل جدي ستين حمارا كلهم لا يركبهم إلا نبي ، وقد كنت أتوقعك لتركبني. لم يبق من نسل جدي غيري ، ولم يبق من الأنبياء غيرك. قد كنت لرجل يهودي فكنت أعثر به عمدا ، وكان يجيع بطني ، ويضرب ظهري.

فقال له النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : فأنت يعفور.

٦٥

وكان رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يبعثه إلى باب الرجل ، فيأتي الباب فيقرعه برأسه ، وإذا خرج صاحب الدار أومأ إليه أن : أجب رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

فلما مات رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ألقى بنفسه في بئر ، جزعا عليه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فمات (١).

ونقول :

أولا : قالوا : لقد ضعفوا هذا الخبر.

فقال ابن حبان : هذا خبر لا أصل له ، وأسناده ليس بشيء.

وقال ابن الجوزي : لعن الله واضعه ، فإنه لم يقصد إلا القدح في الإسلام ، والإستهزاء به.

وقال العماد ابن كثير : هذا شيء باطل ، ولا أصل له من طريق صحيح ولا ضعيف.

وسئل المزي عنه ، فقال : ليس له أصل ، وهو ضحكة ، وقد أودعه كتبهم جماعة ، منهم القاضي عياض في الشفاء ، والسهيلي في روضه. وكان الأولى ترك ذكره ، ووافقه على ذلك الحافظ ابن حجر (٢).

غير أن لنا تعليقا على هذا الذي ذكروه ، فإننا وإن لم نناقش في ضعف

__________________

(١) راجع : السيرة الحلبية ج ٣ ص ٥٨ و ٥٩ والبحار ج ١٦ ص ١٠٠ وج ١٧ ص ٤٠٤ و ٤١٦ وكذا في حياة الحيوان للدميري ، وعلل الشرائع ج ١ ص ١٦٧ وتفسير نور الثقلين ج ٢ ص ٣٥٩ والبحار ج ٢٢ ص ٤٥٧ وعن الشفا بتعريف حقوق المصطفى ج ١ ص ٣١٥ وسبل الهدى والرشاد ج ١١ ص ٤٢٠.

(٢) البحار ج ١٦ ص ٨ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٥٩.

٦٦

سند هذا الخبر.

لكن من الواضح : أن ضعفه لا يعني كونه موضوعا ومختلقا.

فما معنى قولهم : لعن الله واضعه؟

وقولهم : لا أصل له ، وقولهم : هو ضحكة الخ ..؟؟

واما قولهم : إنه وضع بقصد القدح في الإسلام ، والإستهزاء به ، فلم نعرف وجهه ، فإن الله تعالى ذكر كلام النملة ، والهدهد مع سليمان ، وقال : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ) (١).

والروايات التي تحدثت عن كلام الحيوانات مع الأنبياء «عليهم‌السلام» ، وعن بعض التصرفات الهامة لتلك الحيوانات تفوق حد التواتر.

ثانيا : إن عمدة ما يرد على هذا الحديث : هو أنه قد ورد : أن المقوقس هو الذي أهدى يعفورا لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» (٢).

فما معنى قولهم : إن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أصابه في خيبر ، وكان منه ما تقدم؟؟

__________________

(١) الآية ٣٨ من سورة الأنعام.

(٢) البحار ج ١٦ ص ١٠٨ وج ٢٠ ص ٣٨٣ وج ٢١ ص ٤٨ وعن المنتقى في مولد المصطفى ، حوادث سنة سبع ، وعن السيرة الحلبية ج ٣ ص ٢٨١ وعن السيرة النبوية لدحلان (بهامش الحلبية) ج ٣ ص ٧١ والإصابة ج ٣ ص ٥٣١ وج ٤ ص ٣٣٥ و ٤٠٤ ، وراجع : تاريخ الخميس ج ٢ ص ٣٨ وعن مناقب آل أبي طالب ج ١ ص ١٤٦ وتاريخ خليفة بن خياط ص ٥٢ وتاريخ مدينة دمشق ج ٣ ص ٢٣٥ وعن تاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٣٠٧ وعن عيون الأثر ج ٢ ص ٣٩٤ وسبل الهدى والرشاد ج ٧ ص ٤٠٦.

٦٧

الجراب .. والدجاج :

روى الشيخان عن عبد الله بن مغفل ، قال : أصبت جرابا.

وفي لفظ : دلّي جراب من شحم يوم خيبر فالتزمته ، وقلت : لا أعطي أحدا منه شيئا ، فالتفت فإذا رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فاستحييت منه ، وحملته على عنقي إلى رحلي وأصحابي ، فلقيني صاحب المغانم الذي جعل عليها ـ وهو أبو اليسر كعب بن عمرو الأنصاري كما في الحلبية ـ فأخذ بناحيته ، وقال : هلمّ حتى نقسمه بين المسلمين.

قلت : لا والله ، لا أعطيك.

فجعل يجاذبني الجراب ، فرآنا رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» نصنع ذلك ، فتبسم ضاحكا ، ثم قال لصاحب المغانم : «لا أبا لك ، خل بينه وبينه».

فأرسله ، فانطلقت به إلى رحلي وأصحابي ، فأكلناه (١).

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٤٣ وفي هامشه عن : البخاري ج ٦ ص ٢٥٥ (٣١٥٣) وعن مسلم ج ٣ ص ١٣٩٣ (٧٢ / ١٧٧٢) والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٤٠ عن السيرة النبوية لابن هشام ، والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٣٦٩ وعن صحيح مسلم ج ٥ ص ١٦٣. وراجع : مسند أحمد ج ٤ ص ٨٦ وج ٥ ص ٥٥ و ٥٦ وسنن الدارمي ج ٢ ص ٢٣٤ وعن سنن أبي داود ج ١ ص ٦١٢ وسنن النسائي ج ٧ ص ٢٣٦ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٩ ص ٥٩ وج ١٠ ص ٩ ومسند أبي داود ص ١٢٣ والمصنف لابن أبي شيبة ج ٧ ص ٦٨٢ وج ٨ ص ٥٢٤ والسنن الكبرى للنسائي ج ٣ ص ٧١ ونصب الراية ج ٤ ص ٢٦٨ وكنز العمال ج ٤ ص ٥٣٩ وعن الكامل ج ٢ ص ٢٧٦ وعن البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٢٢ وعن صحيح البخاري ج ٤ ص ٦١ وج ٥ ص ٧٥ وج ٦ ص ٢٢٧ وعن فتح

٦٨

قال ابن إسحاق : وأعطى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ابن لقيم ـ بضم اللام ، قال الحاكم : واسمه عيسى العبسي ـ حين افتتح خيبر ما بها من دجاجة وداجن (١).

ونقول :

أولا : إذا كان قد دلّي جراب من شحم ، فالمفروض : أن يدلّى من فوق الحصن ، ونحن لا ندري لماذا يدلّي اليهود جرابا من شحم إلى خارج حصنهم؟؟

فهل هو صدقة منهم؟ أم هدية؟؟

وأي إنسان كان يحب المسلمين إلى حد أنه يرمي لهم بجراب من شحم؟؟

أم أنهم قد استغنوا عن ذلك الشحم ، فأرادوا التخلص منه؟؟

ولماذا يتخلصون منه بهذه الطريقة؟ ألم يكن يمكنهم إفراغ محتوياته ، بطريقة تمنع من استفادة المسلمين منها؟

ولماذا لم يحذر المسلمون من هذا الجراب؟ أو لماذا لم يحذّر النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» المسلمين منه؟؟ فلعلهم قد جعلوا السم في ذلك الشحم ، وأرادوا الإيقاع بهم بهذه الطريقة.

ثانيا : ما معنى : أن يواجه النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» صاحب المغانم بهذه العبارة القاسية : «لا أبا لك ..» كما ورد في بعض المصادر؟

__________________

الباري ج ٩ ص ٥٢٤ وعون المعبود ج ٧ ص ٢٦٤ والجامع لأحكام القرآن ج ٧ ص ١٢٧ وعن تفسير القرآن العظيم لابن كثير ج ٢ ص ٢١.

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٤٤.

٦٩

فهل رأى أنه قد أساء الفعل ، حين منع ابن مغفل من الإستقلال بالجراب؟؟

أم أنه كان يمارس وظيفته؟؟

ثالثا : لماذا اختص ابن لقيم بالدجاج والدواجن في خيبر؟؟ ولماذا لم يعط «صلى‌الله‌عليه‌وآله» منها سائر المسلمين؟

وهل كان ابن لقيم مشهورا بتربية الدواجن والدجاج؟

ومن الدواجن الحمير والبغال ، والإبل ، والبقر ، فهل أعطى ذلك كله لابن لقيم؟؟

ولنفترض : أن المقصود خصوص الدجاج والطيور ، فهل هذا هو ما تفترضه القسمة العادلة بين الشركاء في الغنيمة؟

الغلول في خيبر :

ويقولون : مات صحابي في خيبر ، فقال «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : صلوا على صاحبكم ، وامتنع من الصلاة عليه ، فتغيرت وجوه الناس لذلك ، فقال : إن صاحبكم غلّ في سبيل الله.

ففتشنا متاعه ، فوجدنا خرزا من خرز اليهود ، لا يساوي در همين.

ونلاحظ هنا :

أولا : إن صحابية هذا الصحابي لم تمنعه من أن يغلّ ، وهو أمر محرم .. فما معنى حكم بعض الفئات بعدالة جميع الصحابة؟؟

كما أن صحابيته هذه لم تشفع له عند رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فحرمه من شرف الصلاة عليه ..

٧٠

ثانيا : إن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد صلى على عبد الله بن أبي ، الذي يصفونه بأنه كان رئيس المنافقين .. فكيف لا يصلي على هذا الرجل الذي دفعه طمعه إلى إخفاء خرز لا يساوي درهمين؟؟ .. فإن ذلك لا يوجب خروجه من الدين؟؟

وهل كل من فعل محرما لا يصلي عليه النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله»؟؟ أم أن ذلك يختص بهذا النوع من الذنوب؟؟

بل إن نفس أن مبادرته «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلى فضح ذلك الرجل بعد موته في أمر كهذا ، لهو أمر لافت للنظر ، ومثير للتساؤلات حول صحة هذه الرواية.

إلا أن يقال : إنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أراد بعمله هذا إيقاف الناس على خطورة هذا الأمر الذي قد يرونه هينا ، وهو عند الله عظيم. وتتأكد الحاجة إلى هذا البيان الحاد ، إذا أصبح الغلول ظاهرة مستشرية في الناس ، إلى حد أنها تنذر بعواقب وخيمة ..

ولكن هذا يبقى أيضا مجرد احتمال ، يحتاج إلى ما يؤكده ويؤيده.

المهاجرون يرجعون المنائح للأنصار :

وعن أنس ، قال : لما قدم المهاجرون من مكة إلى المدينة قدموا وليس بأيديهم شيء ، وكان الأنصار أهل أرض وعقار ، فقاسمهم الأنصار على أن أعطوهم أنصاف ثمار أموالهم كل عام ، ويكفوهم العمل والمؤنة.

وكانت أم أنس أعطت رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أعذاقا لها ، فأعطاهن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أم أيمن مولاته ، أم أسامة بن زيد.

فلما فرغ رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من أهل خيبر ، وانصرف إلى

٧١

المدينة ، رد المهاجرون إلى الأنصار منائحهم التي كانوا قد منحوهم من ثمارهم ، ورد رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلى أمي أعذاقها (١).

وفي رواية عن أم أنس ، قالت : فسألت رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» فأعطانيهن ، فجاءت أم أيمن ، فجعلت الثوب في عنقي ، وجعلت تقول : كلا والله الذي لا إله إلا هو ، لا يعطيكهن وقد أعطانيهن.

فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «يا أم أيمن ، اتركي ، ولك كذا وكذا» ، وهي تقول : كلا ، والله الذي لا إله إلا هو.

فجعل يقول : «لك كذا وكذا ، ولك كذا».

وهي تقول : كلا ، والله الذي لا إله إلا هو ، حتى أعطاها عشرة أمثالها ، أو قريبا من عشرة أمثالها (٢).

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٥٠ و ١٥١ عن الشيخين ، والحافظ ، ويعقوب بن سفيان ، وصحيح ابن حبان ج ١٤ ص ١٩٢ وعن صحيح البخاري ج ٣ ص ١٤٤ وعن صحيح مسلم ج ٥ ص ١٦٢ والجامع لأحكام القرآن ج ١٨ ص ٢٦.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٥١ وفي هامشه : عن البخاري ج ٧ ص ٤٧٤ (٤١٢٠) وعن مسلم ج ٣ ص ١٣٩١ (٧٠ / ١٧٧١) ودلائل النبوة للبيهقي ج ٤ ص ٢٨٨ ومسند أحمد ج ٣ ص ٢١٩. وعن صحيح البخاري ج ٣ ص ١٤٤ (ط دار الفكر) وعن صحيح مسلم (ط دار الفكر) ج ٥ ص ١٦٣ وعن فتح الباري ج ٥ ص ١٨٠ ومسند أبي يعلى ج ٧ ص ١٢٢ و ١٢٤ وصحيح ابن حبان ج ١٠ ص ٣٥٩ وعن تفسير القرآن العظيم لابن كثير ج ٤ ص ٣٥٩ وعن الطبقات الكبرى ج ٨ ص ٢٢٥ وتذكرة الحفاظ ج ٢ ص ٤٣٦ وسير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٢٢٥ وج ١١ ص ٤٧٤ وعن البداية والنهاية ج ٤ ص ٩٢ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ١٥٤ والمحلى ص ١٦٤ والجامع لأحكام القرآن ج ١٨ ص ٢٦.

٧٢

ونقول :

١ ـ إن هذا الحادثة تفيد : أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إنما كان يرجع تلك الأموال إلى الذين كانوا يطالبون بها ..

ولعل هذا الأمر قد صدر من أفراد قليلين ، ممن شحت نفوسهم على بعض ما أعطوه من حطام الدنيا.

ونزيد في توضيح ذلك ببيان : أن الذين حكموا الناس بعد النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» هم فريق من المهاجرين ، الذين سعوا إلى هذا الأمر ، وحصلوا على السلطة ، بعد أن استعانوا بآلاف المقاتلين من بني أسلم وغيرهم. وقد ضربوا من أجل ذلك فاطمة الزهراء «عليها‌السلام» ، وأسقطوا جنينها ، فكانت بذلك صلوات الله عليها الصديقة الشهيدة.

وكان قد نافسهم في هذا الأمر الزعيم الخزرجي سعد بن عبادة الأنصاري.

وكان إحسان الأنصار إليهم حينما هاجروا ، ونزلوا عليهم من موجبات شعورهم بالضيق ، والإحراج ..

فيظنّ قويا أنهم أشاعوا : أن المهاجرين قد أرجعوا إلى الأنصار ما كانوا قد منحوهم إياه من ثمارهم ؛ لكي لا يكون للأنصار فضل عليهم ، أو يد عندهم ..

مع أن الحقيقة هي : أن الذين أرجعت إليهم منائحهم هم أفراد قليلون طلبوا من المهاجرين ذلك ، فأعاد إليهم رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ما كانوا قد طلبوه ..

ومن غير البعيد أيضا : أن يكون هؤلاء المطالبون هم من أولئك

٧٣

الأنصار الذين كانوا يؤيدون الفريق المناوئ لعلي «عليه‌السلام» منذ عهد الرسول «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، والمؤيد للمهاجرين الحاكمين ، والذين استمروا على تأييدهم لهم ، وسعيهم لإلحاق الأذى بعلي «عليه‌السلام» ومحبيه ، حتى إلى ما بعد وفاة النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» .. كأسيد بن حضير ـ قريب أبي بكر ـ ومن هم على شاكلته.

٢ ـ ونلاحظ : أن الرواية قد دلت : على قسوة ظاهرة لدى أم أنس ، التي رأت بأم عينيها أن أم أيمن ـ وهي المرأة التي شهد لها رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بأنها من أهل الجنة (١) ـ لا تريد أن تتخلى عن حقها في تلك النخلات ، فإن من يعطي شيئا يفقد حقه فيه بعد تصرف الموهوب له فيه ببيع ، أو هبة ، أو نحو ذلك ..

واستمرت أم أنس على موقفها بالمطالبة ، والإصرار على انتزاعها منها ..

٣ ـ إن موقف النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يدل على أن لا حقّ لأم أنس بتلك النخلات ، لأنه قد بذل لأم أيمن عوضا عنها أضعافا حتى رضيت ،

__________________

(١) راجع : قاموس الرجال ج ١٠ ص ٣٨٧ عن أنساب الأشراف ج ٢ ص ٢٢٤ والإستغاثة ج ١ ص ٩ وحديث نحن معاشر الأنبياء ص ٢٨ والطرائف ص ٢٤٩ ومواقف الشيعة ج ٢ ص ٤٠٦ وتفسير القمي ج ٢ ص ١٥٥ واللمعة البيضاء ص ٣٠٠ و ٣٠٩ و ٨٣٩ وعن الإحتجاج ج ١ ص ١٢١ وعن كتاب سليم بن قيس ص ٣٥٤ والخرائج والجرائح ج ١ ص ١١٣ والبحار ج ١٧ ص ٣٧٩ وج ٢٩ ص ١١٦ و ١٢٨ وج ٣٠ ص ٣٥٢ وتفسير نور الثقلين ج ٤ ص ١٨٦ وبيت الأحزان ص ١٣٣ والأنوار العلوية ص ٢٩٢ ومجمع النورين ص ١١٧ و ١٣٤ والإصابة ج ٨ ص ٣٥٩.

٧٤

ولو كان لها حق بها لانتزعها من أم أيمن ، وأعطاها إياها ، تماما كما فعل مع سمرة بن جندب حينما قلع النخلة وألقاها إليه ـ رغم أنها ملك له ـ لكنه أصر على أن يدخل إليها من دون استئذان أصحاب الدار التي كانت تلك النخلة فيها ، ورفض بيعها لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فراجع (١).

موقف شهيد :

وعن شداد بن الهاد : أن رجلا من الأعراب جاء إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» فآمن واتبعه ، فقال : أهاجر معك.

فأوصى به النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بعض أصحابه.

فلما كانت غزوة خيبر ، غنم رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» شيئا قسمه لهم ، وقسم له ، فأعطى أصحابه ما قسم له ، وكان يرعى ظهرهم ، فلما جاء دفعوه إليه ، فقال : ما هذا؟

فقالوا : قسم قسمه لك رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» فخذه.

فجاء به رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» فقال : ما هذا؟

__________________

(١) الكافي ج ٥ ص ٢٩٢ و ٢٩٤ ومن لا يحضره الفقيه ج ٣ ص ٢٣٣ و ١٠٣ والتهذيب ج ٧ ص ١٤٧ والوسائل ج ١٧ ص ٣٤٠ و ٣٤١ وراجع : البحار ج ٢ ص ٢٦٧ وج ٢٢ ص ١٣٤ وج ١٠٠ ص ١٢٧ والفائق ج ٢ ص ٤٤٢ ومصابيح السنة للبغوي ج ٢ ص ١٤ والنظم الإسلامية ص ٣٢١ عن أبي داود ، وعن عون المعبود ج ٢ ص ٣٥٢ والكنى والألقاب ج ٣ ص ٣٠ والإيضاح ص ٥٤٢ والفصول المهمة في أصول الأئمة ج ١ ص ٦٧٢ وشرح النهج للمعتزلي ج ٤ ص ٧٨ ومعجم رجال الحديث ج ٩ ص ٣٢٠.

٧٥

قال : «قسم قسمته لك».

قال : ما على هذا اتبعتك ، ولكن اتبعتك على أن أرمى ههنا ـ وأشار إلى حلقه ـ بسهم ، فأموت ، فأدخل الجنة.

فقال : «إن تصدق الله يصدقك».

ثم نهضوا إلى قتال العدو ، فأتي به رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يحمل ، وقد أصابه سهم حيث أشار ، فقال النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «هو هو».

قالوا : نعم.

قال : «صدق الله ، فصدقه».

فكفنه النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في جبته ، ثم قدمه ، فصلى عليه.

وكان مما ظهر من صلاته : «اللهم هذا عبدك وابن عبدك ، خرج مهاجرا في سبيلك ، قتل شهيدا ، أنا عليه شهيد» (١).

ونقول :

إن صنيع هذا الرجل يذكّرنا بأم أنس ، وهي تصر على انتزاع النخلات من أم أيمن ، رغم أنه ليس من حقها ذلك.

ويذكرنا أيضا : بأولئك الذين كانوا السبب فيما جرى على المسلمين في واقعة أحد ، حيث جعلهم رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» على ثغرة في الجبل ، ليأمن مباغتة العدو لهم منها .. وأوصاهم بأن لا يتركوها ، حتى لو

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٤٧ و ١٤٨ عن النسائي ، والبيهقي ، والسنن الكبرى للبيهقي ج ٤ ص ١٦ والمصنف لعبد الرزاق ج ٥ ص ٢٧٦ والمعجم الكبير ج ٧ ص ٢٧١ وتهذيب الكمال ج ١٧ ص ٢٣٤.

٧٦

رأوا المسلمين يقتلون ..

فلما دارت الحرب ، وفرّ المشركون ، ورأوا المسلمين يجمعون الغنائم ، تركوا مراكزهم طمعا بالغنيمة ، فجاءهم العدو من تلك الثغرة بالذات ، وأوقع بالمسلمين هزيمة نكراء ، وقتل منهم العشرات ، حوالي سبعين رجلا.

ويذكرنا أيضا هذا الموقف : بقول المعتزلي عن سعد بن أبي وقاص في مقارنته مع علي «عليه‌السلام» :

«هذا يجاحش على السلب ، ويأسف على فواته ، وذاك لا يلتفت إلى سلب عمرو بن عبد ود ، وهو أنفس سلب ، ويكره أن يبز السبيّ ثيابه» (١).

أبو سفيان في خيبر؟؟

وقالوا : إن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أعطى أبا سفيان بن حرب من غنائم خيبر ـ وكان شهدها معه ـ مائة بعير ، وأربعين أوقية ، وزنها له بلال (٢).

ونحن لا نشك في عدم صحة ذلك : لإن أبا سفيان لم يظهر الإسلام إلا في فتح مكة ، وذلك في السنة الثامنة من الهجرة ، ولم يحضر خيبر ، التي كانت في سنة سبع ، بل كان في مكة آنئذ ..

ولعل الصحيح : أنه أعطاه من غنائم حنين.

__________________

(١) راجع : شرح النهج للمعتزلي ج ١٤ ص ٢٣٧ ملخصا.

(٢) التراتيب الإدارية ج ١ ص ٤١٢ عن الإستيعاب ، والطبقات الكبرى ج ٧ ص ٤٠٦ وتاريخ مدينة دمشق ج ٢٣ ص ٤٣٥ وج ٥٩ ص ٦٧ وج ٦ ص ٢٤١ وأسد الغابة ج ٥ ص ١١٢.

٧٧

لكن الرواة صحفوا كلمة حنين ، فصارت : «خيبر» ، لتقاربهما في الرسم.

وربما يكون المقصود : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد أرسل بعض الأموال إلى مكة ، وذلك حين ابتلي المكيون بالحاجة التي بلغت بهم إلى حد المجاعة ، ولعل بعض ما أرسله إليها كان من بقايا غنائم خيبر أيضا.

ولعل هذا هو ما أشير إليه ، فيما رواه عبد الله بن عمرو الخزاعي ، عن أبيه قال : «دعاني رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وقد أراد أن يبعثني بمال إلى أبي سفيان بمكة قبل الفتح ، فقال : التمس الخ ..» (١) ، وفي بعض الروايات بعد الفتح (٢).

__________________

(١) التراتيب الإدارية ج ١ ص ٢٢٥ وراجع ص ٣٩٠ و ٣٩١ وفي (ط أخرى) ج ١ ص ٤٤٤ عن أبي داود ، ومكاتيب الرسول ج ١ ص ٢٨ وعن سنن أبي داود ج ٢ ص ٤٤٨ ومسند أحمد ج ٥ ص ٢٨٩ ، وكذلك في السنن الكبرى للبيهقي ج ١٠ ص ١٢٩ وعن عون المعبود ج ١٣ ص ١٤٢ ومكارم الأخلاق ص ١٢٠ وفي المعجم الكبير ج ١٧ ص ٣٦ وكنز العمال ج ٩ ص ١٧٦ وفي كشف الخفاء ج ١ ص ٦٩ والطبقات الكبرى (ط دار صادر) ج ٤ ص ٢٩٦ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤٥ ص ٤٢٤ وأسد الغابة ج ٤ ص ١٤ وتهذيب الكمال ج ١٥ ص ٣٦٩ وسير أعلام النبلاء ج ٣ ص ١٨٠ وعن الإصابة ج ٤ ص ٤٥٩.

(٢) مكاتيب الرسول ج ١ ص ٢٨ وعن سنن أبي داود ج ٢ ص ٤٤٨ ومسند أحمد ج ٥ ص ٢٨٩ والسنن الكبرى للبيهقي ج ١٠ ص ١٢٩ والمعجم الكبير ج ١٧ ص ٣٦ وكشف الخفاء ج ١ ص ٦٩ والطبقات الكبرى (ط دار صادر) ج ٤ ص ٢٩٦ وأسد الغابة ج ٤ ص ١٤ وتهذيب الكمال ج ١٥ ص ٣٦٩.

٧٨

خارص رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

ويقولون : إن عبد الله بن رواحة كان خارص رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في خيبر.

وقد ذكر البعض : أن هناك من ناقش في هذا الحديث ، فقال : إنما خرص (١) عليهم عبد الله عاما واحدا ، ثم استشهد في مؤتة ، فكان جبار بن صخر هو الذي يخرص (٢).

ونقول :

إن قول ذلك البعض : إن ابن رواحة قد خرص عاما واحدا ، ثم مات غير مقبول ؛ إذ من القريب جدا أن يكون «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد صالح كثيرا من اليهود في منطقة خيبر وغيرها ، على أن يستمروا في العمل بالنخل ويعطوه شطرا من ثمارها ، وكان ابن رواحة هو الخارص لثمرة نخيلهم في الأعوام التي سبقت استشهاده ..

فقولهم : إنما خرص عليهم عاما واحدا إنما يصح ؛ بالنسبة لأولئك الذين صولحوا في وقعة خيبر ..

__________________

(١) خرص النخلة : قدّر ما عليها.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٣٣ وج ٨ ص ٣٩٧ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٥٧ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٥٦ وعن السيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٨١٤ ومجمع الزوائد ج ٣ ص ٧٦ والمعجم الكبير ج ٢ ص ٢٧٠ وكنز العمال ج ١٥ ص ٥٤٠ وعن الإصابة ج ١ ص ٥٥٩ وعن تاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٣٠٦ وعن البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٣٠ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٣٨٤.

٧٩

صحائف التوراة ردت لليهود :

ولا مجال لقبول ما زعموه : من أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد رد على اليهود صحائف التوراة التي كانت من الغنيمة ، حينما طلبوها منه (١). إذ لا يجوز الإبقاء على كتب الضلال ، إن كانت هي التوراة المزعومة ، التي كتبوها بأيديهم ، وقالوا : إنها من عند الله تعالى ، وما هي من عنده سبحانه ..

ولو فرض محالا أنهم وجدوا بعض نسخ التوراة الحقيقية ، فلا يصح تمكين اليهود منها ، لأنهم لا يهتدون بهديها ، بل هم يدنسونها ، ويثيرون الشبهات حولها.

أنزعت منك الرحمة يا بلال؟؟

قال الطبرسي : «وأخذ علي «عليه‌السلام» في من أخذ صفية بنت حيي ، فدعا بلالا ، فدفعها إليه ، وقال له : لا تضعها إلا في يدي رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، حتى يرى فيها رأيه.

فأخرجها بلال ، ومرّ بها إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» على القتلى ، وقد كادت تذهب روحها ، فقال «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : أنزعت منك الرحمة يا بلال؟؟ ثم اصطفاها لنفسه ، ثم أعتقها وتزوجها» (٢).

وفي نص آخر : أن صفية سبيت هي وبنت عم لها ، وأن بلالا مر بهما

__________________

(١) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٥٥ ومصادر كثيرة أخرى.

(٢) البحار ج ٢١ ص ٢٢ عن إعلام الورى ج ١ ص ٢٠٨ وقصص الأنبياء للراوندي ص ٣٤٥.

٨٠