الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ١٨

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ١٨

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-190-4
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٥٩

الفصل الثاني :

المتعة .. ولحوم الحمر الإنسية

٣٢١
٣٢٢

النهي عن المتعة في خيبر :

وزعموا : أن عليا «عليه‌السلام» روى عن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أنه : قد نهى عن المتعة وعن لحوم الحمر الإنسية يوم خيبر (١).

__________________

(١) راجع النصوص المختلفة لهذا الحديث في المصادر التالية : تاريخ بغداد ج ١٤ ص ٢٤٠ وج ٨ ص ٤٦١ وج ٦ ص ٢٠٨ وراجع : منحة المعبود ج ١ ص ٣٠٩ وتحريم نكاح المتعة للمقدسي ص ٢٣ ـ ٣٢ و ٤٠ ـ ٤٣ و ٧٠ و ١١٣ و ١١٤ والإعتبار في الناسخ والمنسوخ ص ١٥٩ و ١٧٧ و ١٧٨ وفتح الباري ج ٩ ص ١٤٤ و ١٤٥ و ١٤٦ وعن ج ١١ ص ٧١ والموطأ لمالك (مطبوع مع تنوير الحوالك) كتاب النكاح باب نكاح المتعة ج ٢ ص ٧٤ والتاج الجامع للأصول ج ٢ ص ٣٣٥ وقال : رواه الخمسة ، ومصابيح السنة ج ٢ ص ٤١٥ وروى النص الثاني في قسم الصحاح ، والسنن الكبرى للبيهقي ج ٧ ص ٢٠١ و ٢٠٢ و ٢٠٦ و ٢٠٧ و ٢٠٤ وسنن الدارمي ج ٢ ص ١٤٠ وبلوغ المرام ص ٢٠٧ ولم يذكر لحوم الحمر الأهلية وص ٢٠٨ قال : أخرجه السبعة إلا أبو داود ، ومسند أبي يعلى ج ١ ص ٤٣٤ ومسند الحميدي ج ١ ص ٢٢ ونيل الأوطار ج ٦ ص ٢٦٩ و ٢٧٢ و ٢٧٣ وشرح النووي على صحيح مسلم ج ٩ ص ١٨٠ و ٢٠٧ و ١٩٣ وتفسير القرآن العظيم ج ١ ص ٤٧٤ ومسند زيد ص ٣٠٤ وصحيح مسلم ج ٤ ص ١٣٤ و ١٣٥ و ١٣١ وصحيح البخاري (كتاب المغازي باب غزوة خيبر) ج ٣ ص ١٥٨ وهداية الباري ص ٢٥٧

٣٢٣

__________________

والتفسير الحديث ج ٩ ص ٥٣ و ٥٤ و ٥١ و ٥٢ وفقه السنة ج ٢ ص ٤٢ والمنتقى ج ٢ ص ٥١٩ و ٥١٧ وشرح السنة للبغوي ج ٥ ص ٧٧ وقال : هذا حديث متفق على صحته ، وكتاب العلوم (الشهير بآمالي أحمد بن عيسى بن زيد) ج ٣ ص ١٠ و ١١ والبداية والنهاية ج ٤ ص ١٩٣ وسنن سعيد بن منصور ج ١ ص ٢١٨ وأسمى المناقب ص ١٤٥ والمرأة في القرآن والسنة ص ١٨٠ و ١٨١ عن الخمسة ، ولسان الميزان ج ١ ص ٤٤٢ وتحريم المتعة في الكتاب والسنة ص ١٥١ و ١٥٢ و ١٥٣ ونكاح المتعة للأهدل ص ٣٢١ وتيسير المطالب في أمالي أبي طالب ص ٣٨٨ ومجمع الزوائد ج ٤ ص ٢٦٥ و ٢٦٦ وجامع الأسانيد ج ١ ص ٨٥ وبداية المجتهد ج ٢ ص ٥٧ وزاد المعاد ج ٢ ص ١٨٣ وأوجز المسالك ج ٩ ص ٤٠٦ و ٤٠٧ وفتح الملك المعبود ج ٣ ص ٢٢٦ و ٢٢٥ وسلم الوصول ج ٣ ص ٢٨٨ ونصب الراية ج ٣ ص ١٧٧ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٤٥ وعون المعبود ج ٦ ص ٩٢ ومرقاة المفاتيح ج ٣ ص ٤٢٢ والمصنف للصنعاني ج ٧ ص ٥٠١ والتفسير الكبير ج ١٠ ص ٥٠ و ٥١ و ٥٢ والإعتصام بحبل الله المتين ج ٣ ص ٢٠١ و ٢٠٢ و ٢٠٣ و ٢٠٤ عن الستة إلا أبا داود ، وعن مجموع الإمام زيد بن علي ، ومسند الشافعي ص ٢٥٤ وشرح معاني الآثار ج ٣ ص ٢٤ و ٢٥ ولم يحدد المناسبة وص ٢٥ حددها بخيبر ، والتمهيد لابن عبد البر ج ٩ ص ٩٤ ـ ٩٩ و ١٠١ و ١٠٢ وكنز العمال ج ٢٢ ص ٩٦ و ٩٩ و ٩٧ عن مصادر كثيرة ، وشرح الأزهار ج ٢ ص ٢٣٨ في الحاشية والجامع الصحيح ج ٣ ص ٤٣٠ وج ٤ ص ٢٥٤ وجامع الأصول ج ١٢ ص ١٣٥ وسنن ابن ماجة ج ١ ص ٨٠٤ و ٦٣٠ وفتح القدير ج ١ ص ٤٤٩ والإستذكار ج ١٦ ص ٢٨٦ و ٢٨٧ ومصنف ابن أبي شيبة ج ٣ ص ٣٨٩ وسنن النسائي ج ٧ ص ٢٠٢ و ٢٠٣ وج ٦ ص ١٢٥ و ١٢٦ والبناية في شرح الهداية ج ٤ ص ٩٨ و ٩٩ والبحر المحيط ج ٣ ص ٢١٨ ولباب التأويل ج ١ ص ٣٤٣ ومسند الطيالسي ص ١٨ ومسند أحمد ج ١ ص ٧٩ و ١٤٢ والمعجم الصغير للطبراني ج ١ ص ١٣٣ وسنن الدراقطني ج ٣ ـ

٣٢٤

وذكر الواقدي : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أمر بخيبر مناديا فنادى : أن رسول الله ينهاكم عن الحمر الإنسية ، وعن متعة النساء (١).

وفي بعض المصادر : أن منادي رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد نادى يوم خيبر : ألا إن الله ورسوله ينهاكم عن المتعة.

ونقول :

إن لنا على ما تقدم العديد من الملاحظات ، ونذكر منها ما يلي :

١ ـ هي خبر واحد :

إن الرواية المعتمدة في إثبات هذا الأمر منحصرة في علي «عليه‌السلام» ، برواية ولده محمد عنه «عليه‌السلام» ، ثم رواية ولدي محمد ، وهما الحسن وعبد الله عن أبيهما محمد هذا ..

فكيف يمكن أن نصدق هذا في حين أن هذا النداء قد سمعه ألف وخمس مائة رجل أو أكثر؟؟

ومع توفر الدواعي على نقله؟؟

__________________

ص ٢٥٧ وحلية الأولياء ج ٣ ص ١٧٧ والهداية في تخريج أحاديث البداية ج ٦ ص ٥٠٢ و ٥٠٣ ومسند أبي عوانة ج ٥ ص ١٦٠ و ١٥٩ و ١٥٨ و ١٥٧ والجامع لأحكام القرآن ج ٥ ص ١٣١ وج ٢ ص ١٣١ و ١٣٢ وجواهر الأخبار ج ٤ ص ٢٢ والإحسان ج ٩ ص ٤٥٠ و ٤٥٣ وفي هامشه عن مصادر كثيرة ، والأم ج ٥ ص ٧٩ وشرح الموطأ للزرقاني ج ٣ ص ١٥٢ والمبسوط للسرخسي ج ٣ ص ١٥٢ و ١٥٣ وغير ذلك.

(١) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٦٦١.

٣٢٥

فلماذا أحجم هؤلاء كلهم عن نقل ذلك ، وانحصر الأمر بعلي؟؟ مع أنهم ينقلون الكثير الكثير من الأمور العادية ، والشخصية التي قد لا يرى الكثيرون ثمة مبررا لنقلها؟؟

ولماذا كتمه علي «عليه‌السلام» عن كل أحد حتى عن الحسنين «عليهما‌السلام» إلا عن ولده محمد؟؟

ثم لماذا كتمه محمد نفسه عن الناس جميعا ، إلا عن ولديه : عبد الله والحسن؟؟

٢ ـ لا يصح النسخ بخبر واحد :

وإذا كان تشريع زواج المتعة ثابتا بالكتاب ، في قوله تعالى : (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) (١).

وثابتا أيضا بالسنة المتواترة ، فإنه لا يصح نسخ هذا التشريع بخبر الواحد ، فكيف إذا أضيف إلى ذلك : أن أخبار النسخ متناقضة ، ومتنافرة بصورة غريبة وعجيبة ، كما أوضحناه في كتابنا : «زواج المتعة ، تحقيق ودراسة» بأجزائه الثلاثة.

٣ ـ حديث الحسن البصري ينفي حديث خيبر بصراحة :

ولو فرضنا ـ محالا ـ : إمكان الجمع بين رواية النسخ يوم خيبر ، وبين سائر الروايات المثبتة لحلية المتعة بعد خيبر ، فكيف يمكن أن نوفق بين حديث علي «عليه‌السلام» عن نسخها في خيبر ، وبين ما روي عن الحسن

__________________

(١) الآية ٢٤ من سورة النساء.

٣٢٦

البصري أنه قال : «ما حلت قط ، إلا في عمرة القضاء ثلاثة أيام ، ما حلت قبلها ولا بعدها» (١)؟ أو نحو ذلك.

٤ ـ إختلاف وتناقض :

قال أبو عمر : «لا خلاف بين أهل السير ، وأهل العلم بالأثر ، أن نهي رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عن لحوم الحمر الأهلية إنما كان يوم خيبر ، وأما نهيه عن نكاح المتعة ، ففيه اختلاف واضطراب كثير» (٢).

٥ ـ هذا أمر لا يعرفه أحد :

ويقول السهيلي : «هذا شيء لا يعرفه أحد من أهل السير ، ورواة الأثر : أن المتعة حرمت يوم خيبر» (٣).

__________________

(١) راجع : مسند أحمد ج ٣ ص ٤٠٥ و ٤٠٦ والإعتصام بحبل الله المتين ج ٣ ص ٢٠٢ وكتاب العلوم لأحمد بن عيسى بن زيد ج ٣ ص ١١ والتمهيد لابن عبد البر ج ٩ ص ١٠٧ والمصنف للصنعاني ج ٧ ص ٥٠٣ و ٥٠٤ وتحريم نكاح المتعة ص ٦٣ والسنن الكبرى ج ٧ ص ٢٠٢ و ٢٠٣ والتفسير الكبير ج ١٠ ص ٥١ وراجع : فتح الباري ج ٩ ص ١٤٦ وصحيح مسلم ج ٤ ص ١٣٢.

(٢) الإستذكار ج ١٦ ص ٢٨٩.

(٣) الروض الأنف (ط سنة ١٣٩١ ه‍) ج ٤ ص ٥٩ وفتح الباري ج ٩ ص ١٤٥ عنه ، ونقله في السيرة الحلبية ج ٣ ص ٤٥ عن بعضهم ، وشرح الموطأ للزرقاني ج ٤ ص ٤٦ ، وسبل السلام شرح غاية المرام ج ٣ ص ٢٦٨ وأوجز المسالك ج ٩ ص ٤٠٥ ونصب الراية ج ٣ ص ١٧٨ و ١٧٩.

٣٢٧

٦ ـ ذكر المتعة في خيبر غلط :

وقال أبو عمر بن عبد البر : «.. إن ذكر المتعة يوم خيبر غلط ، والأقرب أن يكون هذا من غلط ابن شهاب والله أعلم» (١) ..

وقالوا أيضا : «حرم المتعة يوم خيبر ، فجاء بالغلط البين» (٢).

وقال أبو عمر أيضا : «إن ذلك غلط» (٣).

٧ ـ لم يقع في خيبر تمتع بالنساء :

وقال أبو عمر أيضا : «.. إن ذلك غلط ، ولم يقع في غزوة خيبر تمتع بالنساء» (٤).

وقال ابن القيم : «.. قصة خيبر لم يكن فيها الصحابة يتمتعون باليهوديات ، ولا استأذنوا في ذلك رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ولا نقله أحد في هذه الغزوة ، ولا كان للمتعة فيها ذكر البتة ، لا قولا ولا تحريما» (٥).

وقال أيضا : «.. إن خيبر لم يكن فيها مسلمات ، وإنما كنّ يهوديات.

__________________

(١) التمهيد ج ٩ ص ٩٩.

(٢) المنتقى هوامش ج ٢ ص ٥١٨.

(٣) إرشاد الساري ج ٦ ص ١٦٩ وشرح الموطأ للزرقاني ج ٤ ص ٤٦ ، والغدير ج ٦ ص ٢٢٦ ، وعن شرح المواهب للزرقاني ج ٢ ص ٢٣٩ ، وسبل السلام شرح بلوغ المرام ج ٣ ص ٢٦٨ ، وراجع : أوجز المسالك ج ٩ ص ٤٠٥.

(٤) المصادر المتقدمة.

(٥) زاد المعاد ج ٢ ص ١٤٣ وعنه في سبل السلام شرح بلوغ المرام ج ٣ ص ٢٦٨ وفتح الباري ج ٩ ص ١٤٧.

٣٢٨

وإباحة نساء أهل الكتاب لم يكن ثبت بعد ، إنما أبحن بعد ذلك في سورة المائدة» (١).

وقال ابن القيم أيضا : «فلم تكن إباحة نساء أهل الكتاب ثابتة زمن خيبر ، ولا كان للمسلمين رغبة في الإستمتاع بنساء عدوهم قبل الفتح ، وبعد الفتح استرق من استرق منهن ، وصرن إماء للمسلمين ..» (٢).

وقال ابن كثير : «إن يوم خيبر لم يكن ثم نساء يتمتعون بهن ، إذ قد حصل لهم الإستغناء بالسباء عن نكاح المتعة» (٣).

٨ ـ راوي النسخ رافض له :

أشرنا فيما سبق : إلى أن الرواية المعتمدة لنسخ حلية المتعة في يوم خيبر هي المنسوبة لعلي «عليه‌السلام» ..

وذكرنا في كتابنا زواج المتعة : أنه «عليه‌السلام» على رأس القائلين ببقاء مشروعيتها ، والمعترضين على تحريم عمر لها.

وقد اشتهر عنه «عليه‌السلام» الحديث المروي عن شعبة ، عن الحكم : «لو لا أن نهى عمر عن المتعة ، ما زنى إلا شقي» أو : إلا شفا ، أي قليل ، فراجع (٤).

__________________

(١) زاد المعاد ج ٢ ص ١٨٣ وأوجز المسالك ج ٩ ص ٤٠٦ والمنتقى هوامش ج ٢ ص ٥١٧ وفتح الباري ج ٩ ص ١٤٧.

(٢) المصادر المتقدمة.

(٣) البداية والنهاية ج ٤ ص ١٩٣. وعن فتح الباري ج ٩ ص ١٧١.

(٤) جامع البيان ج ٥ ص ٩ بسند صحيح على الظاهر ، وكذا المصنف لعبد الرزاق ج ٧ ص ٥٠٠ ، ومنتخب كنز العمال (بهامش مسند أحمد) ج ٦ ص ٤٠٥ والتفسير ـ

٣٢٩

٩ ـ تعارض فاضح :

وروايات تحريم المتعة يوم خيبر ، تتعارض مع روايات تحليلها بعد ذلك في عمرة القضاء ، والفتح ، وتبوك ، وحنين ، وحجة الوداع ، وأوطاس.

١٠ ـ تعدد النسخ مرفوض :

ودعوى : تعدد التحليل وتعدد النسخ .. غير مقبولة ، ولم يقل بذلك

__________________

الكبير للرازي (ط سنة ١٣٥٧ ه‍) ج ١٠ ص ٥٠ والدر المنثور ج ٢ ص ١٤٠ وشرح النهج للمعتزلي ج ٢ ص ٢٥ وتفسير النيسابوري (بهامش الطبري) ج ٥ ص ١٧ والبيان للخوئي ص ٣٤٣ عن مسند أبي يعلى ، ودلائل الصدق ج ٣ ص ١٠١ وتلخيص الشافي ج ٤ ص ٣٢ والوسائل (ط دار إحياء التراث) أبواب نكاح المتعة ج ٢١ ص ٥ و ١١ و ٤٤ وفي هامشه عن : نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٥ و ٦٦ وعن رسالة المتعة للمفيد ، ونفحات اللاهوت ص ٩٩ ، والتهذيب ج ٧ ص ٢٥٠ ومستدرك وسائل الشيعة ج ١٤ ص ٤٤٧ و ٤٤٩ و ٤٧٨ و ٤٨٢ و ٤٨٣ وكتاب عاصم بن حميد الحناط ص ٢٤ والهداية للخصيبي حديث المفضل ص ١٠٩ وكنز العرفان ج ٢ ص ١٤٨ والكافي ج ٥ ص ٤٤٨ والإيضاح ص ٤٤٣ والجواهر ج ٣٠ ص ١٤٤ عن : النهاية في اللغة لابن الأثير ، والطبري ، والثعلبي ، والسرائر ص ٣١٢ وتفسير العياشي ج ١ ص ٢٣٣ والغدير ج ٦ ص ٢٠٦ وكنز العمال (ط مؤسسة الرسالة) ج ١٦ ص ٥٢٢ و ٥٢٣ و (طبعة الهند) ج ٢٢ ص ٩٦ وتفسير البحر المحيط ج ٣ ص ٢١٨ وعن أبي داود في ناسخه عن بعض من تقدم ، والإستبصار فيما اختلف من الأخبار ج ٣ ص ١٤١ والتفسير الحديث لمحمد عزة دروزة ج ٩ ص ٥٤ والمرأة في القرآن والسنة ص ١٨٢ والبحار (ط جديد) ج ١٠٠ ص ٣٠٥ و ٣١٤ و ٣١٥ و (ط قديم) ج ٨ ص ٢٧٣.

٣٣٠

أحد من المعتبرين (١).

قال ابن القيم : «لو كان التحريم زمن خيبر للزم النسخ مرتين. وهذا لا عهد بمثله في الشريعة البتة ، ولا يقع مثله فيها» (٢).

وقال ابن كثير عن روايات النسخ في خيبر ، وفي الفتح : «فيلزم النسخ مرتين ، وهو بعيد» (٣).

وعلى تقدير قبوله : فلا بد من إثباته بدليل قاطع ، ولا يكفي فيه خبر الواحد .. فكيف إذا كانت نصوص هذا الخبر متناقضة ، وكيف إذا تواردت عليه العلل والأسقام ، حتى لقد اعتبروه غلطا؟

١١ ـ تأويل بارد :

ذكروا : أن المقصود بالحديث : أن المحرّم يوم خيبر هو خصوص الحمر الأهلية ، أما المتعة ، فيراد بيان حرمتها مطلقا ، من دون تقييد بكون ذلك في يوم خيبر (٤).

__________________

(١) التفسير الكبير ج ١٠ ص ٥٢ وتفسير النيسابوري (بهامش جامع البيان) ج ٥ ص ١٩.

(٢) زاد المعاد ج ٤ ص ١٩٤ وفقه السنة ج ٢ ص ٣٩ والمنتقى هامش ج ٢ ص ٩٧.

(٣) راجع : السيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٣٦٦ والبداية والنهاية ج ٤ ص ١٩٤.

(٤) راجع : مسند الحميدي ج ١ ص ٢٢ وفتح الباري ج ٩ ص ١٤٥ و ١٣٣ و ٢٢ و ١٢٣ و ١٤٤ و ١٤٦ ونيل الأوطار ج ٦ ص ٢٧٣ والسنن الكبرى ج ٧ ص ٢٠١ و ٢٠٢ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٣٣٦ و ٣٣٧ و ٣٦٦ والبداية والنهاية ج ٤ ص ١٩٤ وأوجز المسالك ج ٩ ص ٤٠٥ و ٤٠٦ وسبل ـ

٣٣١

ولكنه تأويل بارد ، وتوجيه فاسد ، إذ لماذا خص المتعة بالذكر ، ولم يشر إلى سائر التشريعات مما هو حلال أو حرام؟؟

يضاف إلى ذلك : أن بعض نصوص هذا الحديث تأبى عن هذا التأويل ، مثل ما روي عن علي «عليه‌السلام» : إن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» نهى عن نكاح المتعة يوم خيبر ، لم يزد على ذلك (١).

ومثل ما روي عنه «عليه‌السلام» : نهي عن متعة النساء يوم خيبر ، وعن أكل لحوم الحمر الإنسية (٢).

١٢ ـ ثنية الوداع .. أكذوبة :

وقال الحلبي : «ويدل لذلك ما قيل : إن ثنية الوداع إنما سميت بذلك ؛ لأنهم فيها ودعوا النساء اللاتي تمتعوا بهن في خيبر الخ ..» (٣).

__________________

السلام شرح بلوغ المرام ج ٣ ص ٣٦٨ وشرح الموطأ للزرقاني ج ٤ ص ٤٦ والتمهيد ج ٩ ص ٩٥ والإستذكار ج ١٦ ص ٢٨٨ و ٢٨٩ وشرح صحيح مسلم للنووي ج ٩ ص ١٨٠ وتعليقات الفقي على بلوغ المرام ص ٢٠٧.

(١) راجع : التمهيد لابن عبد البر ج ١٠ ص ٩٧ وتاريخ بغداد ج ٨ ص ٤٦١ وكتاب العلوم لأحمد بن عيسى ج ٣ ص ١١ ومجمع الزوائد ج ٤ ص ٢٦٦.

(٢) صحيح مسلم ج ٤ ص ١٣٤ و ١٣٥ والإحسان في تقريب صحيح ابن حبان ج ٦ ص ١٧٦ و ١٧٧ وراجع : تاريخ بغداد ج ١٤ ص ٢٤٠ وكنز العمال ج ٢٢ ص ٩٧ وتيسير المطالب ص ٣٨٨ ومجمع الزوائد ج ٤ ص ٢٦٥ وكتاب العلوم لأحمد بن عيسى ج ٣ ص ١١ والإعتصام بحبل الله المتين ج ٣ ص ٢٠٢ وغير ذلك كثير.

(٣) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٤٥.

٣٣٢

ويرد عليه :

أولا : زعموا : أن جابرا يروي : أن ذلك ـ أي وداع النساء المتمتع بهن ـ قد كان في غزوة تبوك (١).

فأي ذلك هو الصحيح؟؟

ثانيا : ما معنى أن تلحق النسوة المتمتع بهن أولئك الرجال تلك المسافات الطويلة ، من خيبر إلى مشارف المدينة ، حتى ودّعن أزواجهن في ذلك الموضع بالخصوص؟؟ ..

وما هي الوسائل التي رجعن عليها إلى بلادهن؟؟

ومن الذي أرجعهن؟؟

وهل رجعن وحدهن بلا محام ولا كفيل ، في مسير يحتجن في قطعه إلى أيام ثلاثة؟؟

وكيف كان استقبالهن من قبل أهاليهن حين رجوعهن؟؟

ثالثا : كيف استمر ارتباطهن بأولئك الأزواج هذه المدة الطويلة ، بعد تحريم رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» للمتعة؟؟ حتى لقد أطلق النداء بتحريم هذا الزواج في خيبر نفسها؟؟ فكيف ولماذا يعصي أولئك الصحابة

__________________

(١) الهداية في تخريج أحاديث البداية ج ٦ ص ٥٠٨ والهيثمي في مجمع الزوائد ج ٤ ص ٢٦٤ عن الطبراني في الأوسط ، ووفاء الوفاء ج ٤ ص ١١٦٨ عن البخاري ، وعن ابن شبة ، وعن الطبراني في الأوسط أيضا ، ونيل الأوطار ج ٦ ص ٢٧٢ عن الحازمي ، والبيهقي ، والإعتبار في الناسخ والمنسوخ ص ١٧٨ ونصب الراية للزيلعي ج ٣ ص ١٧٩ وعمدة القاري ج ١٧ ص ٢٤٧ والتعليق المغني على سنن الدارقطني ج ٣ ص ٢٥٩.

٣٣٣

أمر الرسول «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لهم في ذلك؟؟

وهل سكت «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عنهم فلم يؤدبهم؟؟

وهل سكت أصحابه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عن تأنيبهم والإعتراض عليهم؟؟

أم أنهم لم يعلموا بأمرهم؟؟

أم أنهم علموا وكتموا ذلك عن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله»؟؟

وأما الإعتذار عن ذلك : بأن من الممكن أن يكون المقصود هو : تحريم إنشاء عقد متعة جديد دون أن يبطل العقد السابق ..

فهو إنما يدفع بعض هذه التساؤلات ..

وتبقى الأسئلة الأخرى على حالها ، ومنها السؤال الذي يقول : إن المفروض هو : أن يكون العقد على تلك النسوة محددا بمدة بقاء رجالهن في منطقة خيبر ولا يعقل أن يعقدوا عليهن مدة تطال وقت مغادرتهم تلك البلاد.

وهذا معناه : أن مدة المتعة لا بد أن تكون قد انتهت قبل عودة المسلمين من خيبر .. فلماذا لحقن بهم إلى حدود ثنية الوداع؟؟

فإن كان ذلك من خلال العقد السابق ، فالمفروض : أنه قد انتهى ، وإن بعقد جديد ، فالمفروض : أنه أصبح حراما منهيا عنه.

رابعا : إننا إذا أخذنا بروايات استقبال الولائد للنبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» حينما هاجر إلى المدينة بالنشيد الذي يقول :

طلع البدر علينا

من ثنيات الوداع

وجب الشكر علينا

ما دعا لله داع

٣٣٤

أيها المبعوث فينا

جئت بالأمر المطاع (١)

فإنها تدل على : أن التسمية بثنيات الوداع لم تحدث بعد خيبر ، بل كانت موجودة قبل هجرة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلى المدينة.

ربما يكون نهيا تدبيريا :

.. لنفترض صحة رواية النهي عن المتعة وعن لحوم الحمر الإنسية في يوم خيبر ، فإننا نقول :

إن النهي عن ذلك ـ المتعة ـ لا بد أن يكون تدبيريا ، تماما كما كان النهي عن لحوم الحمر الإنسية تدبيريا أيضا ؛ لأنهم سوف يحتاجون إلى تلك الحمر من أجل الركوب ، ولحمل أثقالهم إلى بلد لم يكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس.

فكما أن النهي عنها لم يكن نهي تحريم .. فكذلك الحال بالنسبة للنهي عن التزوج بنساء سوف يتركهن أزواجهن ليعودوا إلى بلادهم بعد قليل ، مع احتمال أن يحدث حمل لدى بعضهن ، فلا يعرف الأب بأن له ولدا ، ولا تستطيع الأم إبلاغ الأب بمولودها منه.

بل إنهم حتى لو تزوجوا بهن زواجا دائما ، وفي نيتهم طلاقهن أمام الشهود بعد يوم أو أيام مثلا ، ثم يسافرون عنهن إلى بلاد أخرى ، فإنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» سوف ينهاهم عن فعل ذلك ، لنفس السبب الآنف الذكر ، وهو الحفاظ على الأولاد ، الذين قد يتكونون من زواج كهذا ، مع عجز الأم

__________________

(١) تاريخ الخميس ج ١ ص ٣٤١ و ٣٤٢ وعن الرياض النضرة ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٥٤ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٢ ص ٢٣٣ وفتح الباري ج ٧ ص ٢٠٤ ووفاء الوفاء للسمهودي ج ١ ص ٢٤٤ وج ٤ ص ١١٧٢ و ١٢٦٢ ومصادر ذلك كثيرة.

٣٣٥

عن الوصول إلى صاحب النطفة الحقيقي ، ولغير ذلك من أسباب.

المجاعة .. والحمر الإنسية :

روى الشيخان ، عن عبد الله بن أبي أوفى ، قال : أصابتنا مجاعة ليالي خيبر ، فلما كان يوم خيبر وقعنا في الحمر الإنسية ، فانتحرناها ، فلما غلت القدور ، نادى منادي رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : أن أكفئوا القدور ، ولا تأكلوا من لحوم الحمر شيئا (١).

وعن أنس قال : لما كان يوم خيبر ، جاء فقال : يا رسول الله ، فنيت الحمر ، فأمر أبا طلحة فنادى : «إن الله ورسوله ينهاكم عن لحوم الحمر» ، رواه عثمان بن سعيد الدارمي بسند صحيح (٢).

وعن ابن عباس قال : نهى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يوم خيبر عن بيع الغنائم حتى تقسم ، وعن الحبالى أن توطأ حتى يضعن ما في

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٣٠ وفي هامشه عن : البخاري ج ٧ ص ٥٥٠ (٤٢٢١ ، ٤٢٢٣ ، ٤٢٢٥ ، ٤٢٢٦ ، ٥٥٢٥). وراجع : المجموع للنووي ج ٩ ص ٧ ونيل الأوطار ج ٨ ص ٢٨١ وصحيح البخارى (ط دار الطباعة العامرة ـ إستانبول) ج ٥ ص ٧٨ وصحيح مسلم ج ٦ ص ٦٣ و ٦٤ وسنن ابن ماجة ج ٢ ص ١٠٦٤ و ١٠٦٥ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٩ ص ٣٣٠ والمصنف لابن أبي شيبة ج ٥ ص ٥٤٢.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٣٠ وفي هامشه عن : عبد الرزاق (٨٧٢٥) والطبراني في الكبير ج ٥ ص ٣١٦ وانظر التمهيد لابن عبد البر ج ١٠ ص ١٢٧ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٤٦ عن مسلم ، وراجع : شرح معاني الآثار ج ٤ ص ٢٠٥.

٣٣٦

بطونهن ، قال : «لا تسق زرع غيرك» ، وعن لحوم الحمر الأهلية ، وعن كل ذي ناب من السباع. رواه الدارقطني (١).

وعن أبي ثعلبة الخشني قال : غزوت مع رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» خيبر ، والناس جياع ، فأصبنا بها حمرا إنسية فذبحناها ، فأخبر النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» فأمر عبد الرحمن بن عوف ـ في الحلبية : عبد الله بن عوف ـ فنادى في الناس : «إن لحوم الحمر لا تحل لمن يشهد أني رسول الله» رواه أحمد ، والشيخان (٢).

وعن سلمة قال : أتينا خيبر فحاصرناها حتى أصابتنا مخصمة شديدة ـ يعني الجوع الشديد ـ ثم إن الله تعالى فتحها علينا. فلما أمسى الناس مساء اليوم الذي فتحت عليهم ، أوقدوا نيرانا كثيرة ، فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «ما هذه النيران؟ على أي شيء توقدون»؟

قالوا : على لحم.

قال : «على أي لحم»؟

قالوا : لحم حمر إنسية ، فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «أهرقوها ، واكسروا الدنان».

__________________

(١) المعجم الأوسط ج ٧ ص ١٠٢ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٣٠ وفي هامشه عن : الحاكم في المستدرك ج ٢ ص ٥٦ وانظر التلخيص الكبير ج ٣ ص ٧.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٣٠ وفي هامشه عن : البخاري ج ٩ ص ٦٥٣ (٥٥٢٧) ومسلم ج ٣ ص ١٥٣٨ (٢٣ / ١٩٣٦) والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٤٦ وراجع : كنز العمال ج ١٥ ص ٢٧٥ واللمع في أسباب ورود الحديث ص ٤١ وسنن النسائي ج ٧ ص ٢٣٢ وحاشية ابن القيم ج ١٠ ص ٢٠٢.

٣٣٧

فقال رجل : أو نهريقوها ، ونغسلها؟

قال : «أو ذاك». رواه الشيخان ، والبيهقي (١).

وقد علق الحلبي على هذه الرواية بقوله : «وعدوله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلى هذا الثاني ، إما باجتهاد ، أو وحي» (٢).

وروى محمد بن عمر ، عن شيوخه : أن عدة الحمر التي ذبحوها ، كانت عشرين أو ثلاثين ، كذا رواه على الشك (٣).

وقالوا : أصاب المسلمين جوع فوجدوا الحمر الأهلية وكانت ثلاثين قد خرجت من بعض الحصون ، وقيل : لم يدخلوها الحصون.

وبتعبير الواقدي : فلم يقدر اليهود على إدخالها ، وكان حصنهم له منعة.

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٣٠ وفي هامشه عن : البخاري (٦٣٣١) ومسلم ج ٣ ص ١٥٤٠ (٣٣ / ١٨٠٢) ، وأحمد ج ٤ ص ٣٨٣ والبيهقي في الدلائل ج ٤ ص ٢٠٠ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٤٦ وصحيح البخارى (ط دار الطباعة العامرة ـ إستانبول) ج ٥ ص ٧٢ وج ٧ ص ١٠٨ وصحيح مسلم (ط دار الفكر) ج ٥ ص ١٨٦ وج ٦ ص ٦٥ والمحلى ج ١ ص ١٠٨ وشرح معاني الآثار ج ٤ ص ١٠٦ والمعجم الأوسط ج ١ ص ٧٨ والمعجم الكبير ج ٧ ص ٣٥ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٢٠٨ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٣٤٦ واللؤلؤ والمرجان ج ١ ص ٥٨٤ ونيل الأوطار ج ١ ص ٧٩ وعن فتح الباري ج ١٢ ص ٢٠٠ و ٢٣٧ وعمدة القاري ج ١٧ ص ٢٣٣ وج ٢٢ ص ١٨٢ وزاد المعاد ج ١ ص ١٠٧٣.

(٢) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٤٦.

(٣) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٣٠ و ١٣١ وعن فتح الباري ج ٧ ص ٣٧٠ وعمدة القاري ج ١٧ ص ٢٣٣.

٣٣٨

فأخذها رهط من المسلمين فذبحوها ، وجعلوا يطبخونها ، فمر بهم رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فسألهم عنها ، فأخبروه.

فنهاهم «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عن أكلها ، حتى إن القدور أكفئت وإنها لتفور (١).

النهي عن لحوم البغال أيضا :

عن جابر : ذبحنا يوم خيبر الخيل والبغال ، فنهانا رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عن البغال ولم ينهنا عن الخيل (٢).

وعنه أيضا قال : أطعمنا رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لحوم الخيل ، فذبح قوم من المسلمين خيلا من خيلهم قبل أن يفتح حصن الصعب بن معاذ (٣).

ولعل هذا يشير : إلى أن الحاجة كانت ماسة إلى الظهر ، من أجل حمل الأمتعة ، وركوب المسافات الطويلة ، والبغال هي التي تستخدم في ذلك ..

__________________

(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٤٦ وراجع : إمتاع الأسماع ص ٣١٧ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٦٦٠ و ٦٦١ وراجع : المصنف لابن أبي شيبة ج ٥ ص ٥٤١ وج ٨ ص ٥٢٤ والآحاد والمثاني ج ٤ ص ٢٥ والمعجم الكبير ج ١ ص ٢١٣ و ٢١٤ وأسد الغابة ج ١ ص ٩٦ وج ٥ ص ٢٢٠ والإصابة ج ٧ ص ١٦٠.

(٢) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٤٦ عن أبي داود ، وراجع : المجموع ج ٩ ص ٢ والمغني ج ١١ ص ٦٦ والشرح الكبير ج ١١ ص ٧٥ ومسند أحمد ج ٣ ص ٣٥٦ و ٣٦٢ وسنن أبي داود ج ٢ ص ٢٠٦ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٩ ص ٣٢٧ والمنتقى من السنن المسندة ص ٢٢٣ وتفسير القرآن العظيم ج ٢ ص ٥٨٣.

(٣) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٦٦١.

٣٣٩

ولنا مع النصوص المتقدمة وقفات عديدة ، هي التالية :

خالد بن الوليد ولحوم الحمر :

عن المقدام قال : سمعت خالد بن الوليد يقول : حضرت رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بخيبر يقول : حرام أكل الحمر الأهلية ، والخيل ، والبغال.

قالوا : وكل ذي ناب من السباع ، ومخلب من الطير.

قال الواقدي : الثبت عندنا أن خالدا لم يشهد خيبر. وأسلم قبل الفتح هو وعمرو بن العاص ، وعثمان بن طلحة بن أبي طلحة ، أول يوم من صفر سنة ثمان (١).

الحاجة إلى الظهر :

قد يقال : إذا ضممنا هذا الحديث إلى الأحاديث المصرحة : بأن النهي إنما كان عن الحمر الأهلية ، فقط .. فيمكننا استنتاج أن المقصود بهذا النهي هو : أن لا يقعوا في الظهر الذي يحتاجون إليه في تنقلاتهم ، وهم في بلاد نائية عن بلدهم ، وهو : البغال والحمير معا.

أما الخيل : فهم إنما يحتاجون إليها في القتال ، فإذا كانت الحرب قد وضعت أوزارها ، فلا حرج عليهم في ذبحها إذا احتاجوا إليها.

ويؤيد ذلك : أنهم قالوا لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : فنيت الحمر.

وفي بعض النصوص : التصريح بتعليل النهي : بأنه من أجل أن لا يفنى

__________________

(١) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٦٦١ وتاريخ مدينة دمشق ج ١٦ ص ٢١٩ ونصب الراية ج ٦ ص ٥٩.

٣٤٠