الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ١٨

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ١٨

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-190-4
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٥٩

ونقول في الجواب : إن الأدلة هي التالية :

١ ـ هي في يدها :

لقد كانت فدك في يد فاطمة «عليها‌السلام» ، وكان فيها وكيلها وعمالها ، فكيف ولماذا بادر أبو بكر إلى إخراجهم منها؟

ألم يكن من الأجدر به أن يسأل فاطمة «عليها‌السلام» عن هذا الأمر؟؟

ولماذا لم يعمل بقاعدة اليد ، التي تقول : إن اليد أمارة على الملكية ، وللملكية أسبابها ، مثل الهبة ، والشراء ، والإرث ، والإحياء ، و.. و..

وقد يقال :

لنفترض : أنه قد غفل عن هذا الأمر.

ويجاب :

أولا : دعوى الغفلة ، لا تقبل من الإمام الذي يدّعي لنفسه موقع الخلافة للرسول «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، والقدرة على الاضطلاع بمهماته ، والقيام بوظائفه .. فلا بد أن يكون حافظا للأمة ، خصوصا في أمثال هذه الأمور البديهية.

ثانيا : لو أغمضنا النظر عن ذلك حتى لا نحرج الآخرين ، فإننا نقول :

لا مجال لادّعاء الغفلة عن مثل هذا الأمر ، لأن كونها في يدها ، ووكيلها ، وعمالها فيها منذ زمن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، يحتم علينا الحكم بأنها لا تزال مالكة لها أو لمنفعتها ، ولو عن طريق استئجارها لمدة معلومة ، إذ لو لم نقل ذلك فلا بد من أن ننسب لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» التضييع والتفريط ، والعبث ، ومحاباة أهل بيته. وحاشاه من ذلك كله ..

٢٤١

فكيف يبادر أبو بكر إلى طرد وكيلها وعمالها ، قبل أن تستوفي حقها ، ومنافعها في المدة المصرح بها في العقد؟؟

٢ ـ هي عطية من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

وحين أخبرته أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أعطاها إياها ، طالبها بالبينة ، مع أن ذا اليد لا يطالب بالبينة ، بل المدّعي هو الذي يطالب بها ..

فكان على أبي بكر أن يأتي بشهوده وبيناته ..

على أن البينة هي شهادة على الصدق ، ومن شهد الله له بالصدق ، فلا يصح طلب البينة منه ..

فيكون هذا الطلب متضمنا لتكذيب أبي بكر له تعالى في تطهيره لها «عليها‌السلام» ، ولوازم هذا التكذيب خطيرة.

بل هي أخطر ما يمكن أن يواجهه إنسان مسلم.

٣ ـ الخمس لا يختص بفاطمة عليها‌السلام :

وثمة أمر آخر لا بد من الإشارة إليه ، وهو : أنه رغم منعهم فاطمة الزهراء «عليها‌السلام» من الخمس أيضا ، فإنها «عليها‌السلام» لم تجعل هذا الأمر من العناوين التي طالبت بها أبا بكر.

ولعل السبب في عزوفها عن المطالبة بهذا الحق هو : أنه لا خصوصية لها «عليها‌السلام» في موضوع الخمس بنظر الناس العاديين ، إذ يمكن للغاصبين أن يقولوا لهم :

أولا : إن لها ولعلي «عليهما‌السلام» في هذا الأمر شركاء ، وهم سائر بني هاشم ، فنحن نعطيكم من الخمس ما لا يوجب تضييعا لحق أولئك.

٢٤٢

وثانيا : قد يقولون للناس أيضا : إن الخمس إنما هو في غنائم الحرب ، ولا نسلم بثبوته في جميع الأشياء ، وبذلك يتخذ الجدل منحى ماليا ، ماديا ودنيويا ، ويصبح بلا فائدة ولا عائدة ، ولا ينتهي إلى نتيجة ..

ولم تكن الزهراء «عليها‌السلام» ولا علي «عليه‌السلام» ممن يهتم لأمر الدنيا.

وبذلك تضيع القضية الأساس والأهم ، التي هي المنشأ والسبب في كل هذا الذي يحدث ، وهي قضية الإمامة ، واغتصابهم لها ، وعدم توفر أدنى الشرائط فيهم لأبسط مسؤولية يمكن أن توكل لإنسان مهما كان عاديا ..

٤ ـ قضية الميراث هي المحور :

ثم تأتي قضية إرث رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، التي حرصت الزهراء «عليها‌السلام» على أن تجعلها المحور ، الذي ارتكزت إليه وعليه ، في خطبتها في المهاجرين والأنصار ، بعد عشرة أيام من استشهاد رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» (١).

وقد حاول أبو بكر التخلص والتملص من هذا الأمر ، بادعاء أنه سمع النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يقول : لا نورث ما تركناه صدقة.

زاد في نص آخر قوله : إنما يأكل آل محمد من هذا المال ..

__________________

(١) راجع : شرح النهج للمعتزلي ج ١٦ ص ٢١١ والسقيفة وفدك ص ١٠٠ والطرائف لابن طاووس ص ٢٦٤ وراجع : البحار ج ٢٩ ص ٢٣٩ ومناقب آل أبي طالب ص ٤١٨ وعن بلاغات النساء ج ٢ ص ١٤٦ و (ط بصيرتي ـ قم) ص ١٤ ومواقف الشيعة ج ١ ص ٤٧٣.

٢٤٣

إلى أن تقول الرواية : فهجرته فاطمة ، فلم تزل مهاجرته حتى توفيت.

قالت عائشة : وكانت فاطمة «عليها‌السلام» تسأل أبا بكر نصيبها مما ترك رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من خيبر ، وفدك ، وصدقته بالمدينة (١).

ونقول :

أولا : الظاهر هو : أن أبا بكر قد فوجئ ـ في البداية ـ بهذا الأمر ، فإن الجوهري يروي بإسناده عن أبي الطفيل ، قال : أرسلت فاطمة «عليها‌السلام» إلى أبي بكر : أنت ورثت رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، أم أهله؟

قال : بل أهله (٢).

وهذا اعتراف من أبي بكر بحق الزهراء «عليها‌السلام» فيما ترك ، وبأن أهله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يرثونه. ولعل أبا بكر قد فوجئ بهذا السؤال ، فأجاب بما هو مرتكز لديه ، على السجية ، ومن دون فكر وروية ، ثم لما

__________________

(١) راجع : صحيح البخاري (ط دار إحياء التراث العربي) ج ٤ ص ٩٦ وج ٥ ص ١٧٧ وعن صحيح مسلم ج ٥ ص ٢٥ وكنز العمال ج ٧ ص ٢٤٢ وسبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٣٧١ وجامع الأصول ج ١٠ ص ٣٨٦ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٦ ص ٣٠١ وراجع : مسند فاطمة للسيوطي ص ١٥ والطبقات الكبرى ج ٢ ص ٣٠٥ وفتح الباري ج ٦ ص ١٤٠ ومسند أحمد ج ١ ص ٦ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٦ ص ٢٣٢ والسقيفة وفدك ص ١١٦ وعن تاريخ الإسلام للذهبي ج ١ ص ٣٤٦.

(٢) السقيفة وفدك ص ١٠٩ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٦ ص ٢١٨ و ٢١٩ ومسند أبي يعلى ج ١ ص ٤٠ وج ١٢ ص ١١٩ ومجمع النورين ص ١٢٦ وتاريخ المدينة ج ١ ص ١٥٨ واللمعة البيضاء ص ٧٦٠.

٢٤٤

التفت إلى نفسه صار يجادل في هذا الأمر ، وأصر على إنكاره. وجاء بحديث : نحن معاشر الأنبياء لا نورث الخ ..

ثانيا : إن النص القرآني الصادع بإرث الأنبياء «عليهم‌السلام» لا يدفع بحديث أبي بكر لأكثر من سبب :

١ ـ إن الحديث القرآني عن إرث سليمان لداود ونحوه ، قد جاء ليحكي قضية حصلت في السابق مفادها : أن أبناء الأنبياء قد ورثوا آباءهم فعلا .. ولم يرد بصيغة جعل الحكم ليقال : إن هذا الحديث قد نسخ ذلك الحكم القرآني ، أو لم ينسخه.

كما أنه لا مجال لجعل حديث أبي بكر مخصصا للنص القرآني ، لأن الحديث ليس أخص منه بل هو معارض له ، لادّعائه : أن من له صفة النبوة لا يورث ، حيث قال : لا نورث ، أو نحن معاشر الأنبياء لا نورث الخ ..

وهذا يعني : أن الأنبياء السابقين لم يورثوا أبناءهم بسبب صفة النبوة ، وهذا يناقض الآيات القائلة : إن سليمان قد ورث داود ، وكذلك غيره من الأنبياء السابقين بالنسبة لآبائهم ، فليس المقام من باب التخصيص ، بل هو تناقض لا مجال لعلاجه ، لا بادعاء النسخ ، ولا بغيره ..

٢ ـ كيف ورثت عائشة وغيرها من الزوجات رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» (١) ، فقد طالبت عائشة بالحجرة التي أسكنها إياها رسول الله

__________________

(١) راجع : الإحتجاج ج ٢ ص ٣١٥ والبحار ج ٣١ ص ٩٤ وج ٤٤ ص ١٥٥ وج ٤٧ ص ٤٠٠ والخرايج والجرائح ج ١ ص ٢٤٤ واللمعة البيضاء ص ٨٠٤ والصوارم المهرقة ص ١٦١ وشجرة طوبى ج ٢ ص ٤٢٩ وكنز الفوائد ص ١٣٦ والإيضاح لابن شاذان ص ٢٦١ والفصول المختارة ص ٧٤.

٢٤٥

«صلى‌الله‌عليه‌وآله» وأعطيت لها ، ولم يطلب منها بينة ، كما أنهم دفعوا الحجر إلى نسائه بعد وفاته «صلى‌الله‌عليه‌وآله» (١).

ويدّعي خلفاء بني العباس : وراثة ثياب النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : البردة ، والقضيب. وقد تقدم الكلام حول ذلك في جزء سابق في فصل : أراضي بني النضير والكيد السياسي.

٣ ـ روي عن الرضا «عليه‌السلام» : أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» خلف حيطانا بالمدينة صدقة ، وخلف ستة أفراس وثلاث نوق : العضباء ، والصهباء ، والديباج ، وبغلتين : الشهباء ، والدلدل ، وحماره : اليعفور ، وشاتين حلوبتين ، وأربعين ناقة حلوبا ، وسيفه ذا الفقار ، ودرعه ذات الفضول ، وعمامته السحاب ، وحبرتين يمانيتين ، وخاتمه الفاضل ، وقضيبه الممشوق ، وفراشا من ليف ، وعباءتين قطوانيتين ، ومخادا من أدم. صار ذلك إلى فاطمة «عليها‌السلام» ما خلا درعه ، وسيفه ، وعمامته ، وخاتمه ، فإنه جعله لأمير المؤمنين «عليه‌السلام» (٢).

ويقولون أيضا : إنهم دفعوا آلته «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وبغلته ، وحذاءه ، وخاتمه ، وقضيبه إلى علي «عليه‌السلام» (٣).

__________________

(١) راجع : كنز الفوائد ص ١٣٦ وتلخيص الشافي ج ٣ ص ١٢٩ و ١٣٠ ودلائل الصدق ج ٣ ق ٢ ص ١٢٩ ونهج الحق ص ٣٦٦.

(٢) البحار ج ٢٩ ص ٢١٠ والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج ٢٦ ص ١٠٣ وكشف الغمة ج ٢ ص ١١٨ واللمعة البيضاء ص ٨٠١ عن الفتوح ج ١ ص ٤٢٠.

(٣) راجع : مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب ج ١ ص ٢٦٢ و (ط المطبعة الحيدرية) ص ٢٢٥ وراجع : اللمعة البيضاء ص ٧٦٣ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٦ ص ٢٢٤ و ٢١٤ وتلخيص الشافي ج ٣ ص ١٤٧ وفي هامشه أيضا عن : الرياض النضرة.

٢٤٦

٤ ـ ذكر الحلبي الشافعي : أن في كلام سبط ابن الجوزي : أن أبا بكر كتب لفاطمة «عليها‌السلام» بفدك ، ودخل عليه عمر ، فقال : ما هذا؟

فقال : كتاب كتبته لفاطمة بميراثها من أبيها.

فقال : بماذا تنفق على المسلمين ، وقد حاربك العرب كما ترى؟؟ ثم أخذ الكتاب فشقه (١).

مفردات من الكيد الإعلامي :

وبعد ما تقدم ، فإننا نذكر هنا : مفردات من الكيد الإعلامي : الرامي إلى تجهيل الناس بالحقائق ، من قبل أناس يدّعون الحرص على الدين ، ويتظاهرون بأنهم أمناء عليه ، فنقول :

١ ـ لا نورث ما تركناه صدقة :

اعتذر أبو بكر عما أقدم عليه من حرمان الزهراء «عليها‌السلام» من الإرث : بأن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال : لا نورث ما تركناه

__________________

(١) السيرة الحلبية (ط دار إحياء التراث العربي) ج ٣ ص ٣٦٢ وراجع : الغدير ج ٧ ص ١٩٤ وفدك في التاريخ ص ١٤٨ عن شرح النهج للمعتزلي ، ومستدرك سفينة البحار ج ٧ ص ٤٢٧ وإفحام الأعداء والخصوم ص ٩٥ وتفسير القمي ج ٢ ص ١٥٥ عن شرح النهج للمعتزلي ج ٤ ص ١٠١ وإنسان العيون في سيرة الأمين والمأمون ص ٤٠ واللمعة البيضاء ص ٧٤٧ و ٧٤٨ و ٧٩٩ والأنوار العلوية ص ٢٩٢ والبحار ج ٢٩ ص ١٢٨ و ١٣٤ وتفسير نور الثقلين ج ٤ ص ١٨٦ وبيت الأحزان ص ١٣٤ ومجمع النورين ص ١٢٠.

٢٤٧

صدقة (١).

ونقول :

أولا : إنه لو فرض أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد قال شيئا من ذلك ، فلا بد أن يقوله في الملأ العام وأمام ذوي الشأن لا أن يخص به شخصا بعينه دون سائر الناس ، وهو ممن يجر النار إلى قرصه ..

وقد أظهرت بعض النصوص أن ثمة تصرفا متعمدا تعرض له هذا الحديث حتى انقلب معناه رأسا على عقب ، وظهر أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لم يرد المعنى الذي يريدون التسويق له ، كما أن ما قاله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» خال من عبارة : ما تركناه صدقة .. بل فيه فقرة أخرى تعطي المعنى الحقيقي للكلمة.

فقد ورد : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال : «.. وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر ، وإن العلماء ورثة الأنبياء ، إن الأنبياء لم يورّثوا دينارا ولا درهما ، ولكن ورّثوا العلم ؛ فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر» (٢).

__________________

(١) بالتخفيف. وقراء التشديد لحن ، لأن التوريث : إدخال أحد في المال على الورثة ، كما ذكره الجوهري.

(٢) الكافي ج ١ ص ٣٤ وراجع : ص ٣٢ والمعتبر ج ٢ ص ٥ وتحرير الأحكام (ط. ق) ج ١ ص ٣ وبلغة الفقيه ج ٣ ص ٢٢٧ ونهج الفقاهة ص ٢٩٩ والمبسوط للسرخسي ج ١ ص ٢ ومن لا يحضره الفقيه ج ٤ ص ٣٨٧ وجامع المدارك ج ٣ ص ٩٩ ومسند أبي حنيفة ص ٥٧ وثواب الأعمال ص ١٣١ وعوالي اللآلي ج ٤ ص ٧٥ والفصول المهمة ج ١ ص ٤٦٦ ونهج السعادة ج ٧ ص ٣١٢ وسنن ـ

٢٤٨

أي أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يريد أن يبين أنهم صلوات الله وسلامه عليهم ليسوا بصدد جمع الأموال وتكديسها ، حتى إذا ماتوا ورثها منهم من له حق الإرث. بل هم زهاد في الدنيا ، عازفون عن زخرفها ، مهتمون بالعلم النافع ، ولا يريد أيّ منهم من أحد أجرا على جهده وجهاده ، لا من مال ، ولا من غيره. وذلك على قاعدة : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرى لِلْعالَمِينَ) (١).

ثانيا : حتى لو صح أن كلمة : «ما تركناه صدقة» موجودة في الحديث بالفعل ، فإن وجودها لا يحتم أن يكون المراد : أن ما يتركه الأنبياء من أموال لا يرثها أحد ، لإمكان أن يكون المقصود : أن ما جعلوه «عليهم‌السلام» صدقة حال حياتهم ، لا يدخل في جملة ما يورث. فتكون كلمة «ما» مفعولا به لكلمة «نورث» ، وكلمة «صدقة» منصوبة أيضا بكلمة تركناه.

__________________

الدارمي ج ١ ص ٩٨ وأمالي المحاملي ص ٣٣٠ والبحار ج ١ ص ١٦٤ ومنية المريد ص ١٠٧ وصحيح البخاري ج ١ ص ٢٥ وسنن ابن ماجة ج ١ ص ٨١ وسنن أبي داود ج ٢ ص ١٧٥ وسنن الترمذي ج ٤ ص ١٥٣ وصحيح ابن حبان ج ١ ص ٢٩٠ وكنز العمال ج ١٠ ص ١٤٦ والتاريخ الكبير ص ٣٣٧ ورياض الصالحين للنووي ص ٥٥١ وموارد الظمآن ص ٤٩ والمعالم ص ١٢ وتفسير الميزان ج ١٤ ص ٢٣ وتفسير القرطبي ج ٨ ص ٢٩٥ وتفسير القرآن العظيم ج ٣ ص ٥٦٤ وتهذيب الأصول ج ٣ ص ١٥١ وتاريخ مدينة دمشق ج ٢٥ ص ٢٤٧ وج ٣٨ ص ٣١٨ و ٣١٩ وج ٥٠ ص ٤٣ و ٤٤ و ٤٦ و ٤٨ و ٤٩ وتاريخ جرجان ص ٢٠٤.

(١) الآية ٩٠ من سورة الأنعام.

٢٤٩

فلا يقف قارئها وقائلها على كلمة «نورث» ليستأنف الكلام ويقول : ما تركناه صدقة ، برفع كلمة «صدقة» خبرا للمبتدأ ، وهو كلمة : «ما». بل يصلها ببعضها ، وينصب كلمة «صدقة» ولا يرفعها ..

ولا أقل من أن نعترف : بأننا لم نسمع الكلمة من فم النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» مباشرة ؛ لنعرف كيف تكلم بها ، هل وقف على كلمة نورث؟؟ أم لم يقف؟؟

إذ من الواضح : أن آخر الجملة ليس هو المعيار ، لإمكان أن يقف عليه بالسكون ..

والمعيار هو : طريقة إلقاء الكلام ، فلعله قد وصل الكلام بعضه ببعض ، فيكون المراد هذا المعنى الثاني .. فلا يكون دالا على مراد أبي بكر ، ولعله وقف على كلمة : «نورث» ثم استأنف الكلام ، فقال : ما تركناه صدقة .. فيكون المراد المعنى الأول.

ومن الواضح : أن الآيات والتشريعات ، وكذلك القرائن الأخرى تؤيد أن يكون «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد وصل الكلام.

٢ ـ هل المقصود إرث المال؟؟

إن الزهراء «عليها‌السلام» في خطبتها في المهاجرين والأنصار قد استدلت بآيات عديدة من القرآن تبين أن فدكا إرث لها ، وأن على أبي بكر أن يرجعها إليها على هذا الأساس ..

ولم يدّع أبو بكر ولا أحد من أعوانه أو محبيه ، ولا أحد من الصحابة أن

٢٥٠

المراد بقوله تعالى : (وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ) (١) ، وبقول زكريا : (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا ، يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) (٢) هو إرث المال.

بل التجأ ـ أبو بكر ـ إلى ما زعمه أنه حديث عن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ولم يزد على ذلك ..

ولو كان المقصود بالآيات هو إرث النبوة ـ كما يزعم بعض أهل الريب ـ لبادر أبو بكر ، ومن معه ، وألوف من الصحابة إلى الإعتراض على الزهراء «عليها‌السلام» في استدلالها هذا .. أو على الأقل لاستفهموا منها عن وجه تفسيرها لهذه الآيات على هذا النحو ..

٣ ـ قيمة النخل بتربته :

وقد ذكرت الروايات المتقدمة : أن عمر بن الخطاب اشترى من أهل فدك نصفها ، فقوموا النخل والأرض ، فبلغ قيمة النصف خمسين ألف درهم ، أو يزيد ..

ونحن نشك في صحة هذا الخبر ، ونرى أنه هو الآخر من مفردات الكيد الإعلامي ، الهادف إلى تعمية الأمور في مسألة اغتصاب فدك من أصحابها الشرعيين.

فأولا : إن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لم يكن ليصالحهم على أن يكون نصف الأرض لهم ؛ لأن الأرض لله يورّثها من يشاء ، وقد جاء الحكم الإلهي ليقول : إن ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب ملك خاص لرسول

__________________

(١) الآية ١٦ من سورة النمل.

(٢) الآيتان ٥ و ٦ من سورة مريم.

٢٥١

الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وليس لأحد فيه أي حق.

فالصحيح هو : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» تركهم يعملون في الأرض والنخل وأعطاهم نصف الناتج ، كما صرحت به النصوص المتقدمة ..

ثانيا : هم يقولون : إن غلة فدك كانت أربعة وعشرين ألف دينار كل سنة (١).

وقيل : سبعون ألفا (٢) ، فهل يعقل أن تكون غلة كهذه هي لنخل لا تبلغ قيمته مع الأرض خمسة آلاف دينار؟؟.

بل لقد ورد : أن فيها من النخل ما يعادل نخيل الكوفة في القرن السادس الهجري (٣).

والذي نظنه : أن الهدف من إطلاق هذه الشائعة هو :

١ ـ التقليل من شأن فدك ، لكي يصبح من يطالب بها طامعا بشيء زهيد ، وذلك يمهد السبيل لتبرئة أبي بكر من تهمة كونه قد أراد أن يسلب عليا «عليه‌السلام» قدرته المالية ، لأن أبا بكر كان يخشى أن يجمع علي «عليه‌السلام» الرجال حوله بواسطة ذلك المال ، الذي يحصل له من فدك.

__________________

(١) البحار ج ١٧ ص ٣٧٩ وج ٢٩ ص ١١٦ ومستدرك سفينة البحار ج ٨ ص ١٥٢ وج ٩ ص ٤٧٨ ومجمع النورين ص ١١٧ و ١١٨ واللمعة البيضاء ص ٣٠٠ والخرائج والجرائح ج ١ ص ١١٣.

(٢) كشف المحجة ص ١٢٤ وسفينة البحار ج ٧ ص ٤٥ والبحار ج ٢٩ ص ١٢٣ ومستدرك سفينة البحار ج ٨ ص ١٥٢ وج ٩ ص ٤٧٨ ومجمع النورين ص ١١٨ واللمعة البيضاء ص ٣٠٠.

(٣) راجع : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ١٦ ص ٢٣٦ والإحتجاج للطبرسي ج ١ ص ١٢٠ ومواقف الشيعة ج ٢ ص ٤٣٧ واللمعة البيضاء ص ٣٠٦.

٢٥٢

٢ ـ الإيحاء بأنه إذا كانت فدك ليست خالصة لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، بل قد اشترى عمر نصفها بمال المسلمين ـ كما زعمته هذه الرواية ـ فذلك يعني أن المسلمين شركاء معهم فيها ، وقد يكون الحكام الذين يقطعونها لمروان ولغيره ، إنما يقطعونهم النصف الذي يرجع أمره إلى الحاكم .. ولكن آل علي «عليهم‌السلام» يصرون على أخذ ما ليس لهم بحق ..

٤ ـ وآت ذا القربى حقه :

ورووا عن الخدري ، وعن علي «عليه‌السلام» ، وابن عباس ، وجعفر بن محمد «عليه‌السلام» ، وعطية العوفي ، وعن علي الرضا «عليه‌السلام» ، وعن الإمام الباقر «عليه‌السلام» : أنه لما نزل قوله تعالى : (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) (١) دعا فاطمة «عليها‌السلام» وأعطاها فدكا.

زاد في بعض الروايات قوله : والعوالي (٢).

__________________

(١) الآية ٢٦ من سورة الإسراء.

(٢) تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٨٧ و ٣١٠ وكشف الغمة ج ١ ص ٤٧٦ وعيون أخبار الرضا ج ١ ص ٢٣٣ ونور الثقلين ج ٥ ص ٢٧٥ والتبيان ج ٦ ص ٤٦٩ وج ٨ ص ٢٥٣ ومجمع البيان ج ٦ ص ٢٤٣ وج ٨ ص ٦٣ وج ٤ ص ٣٠٦ ومجمع الزوائد ج ٧ ص ٤٩ والبداية والنهاية ج ٣ ص ٣٦ ومناقب علي (لمحمد بن سليمان) وسعد السعود ص ١٠١. وراجع : شواهد التنزيل للحسكاني ج ١ ص ٤٣٨ و ٤٣٩ و ٤٤٠ و ٤٤١ و ٤٤٢ و ٥٧٠ ومقتل الحسين للخوارزمي ج ١ ص ٧٠ وتفسير فرات ص ٢٣٩ و ٣٢٢ وتأويل الآيات الظاهرة ج ١ ص ٤٣٥ والبحار ج ٢٩

٢٥٣

قال ابن كثير : «هذا الحديث مشكل ، لو صح إسناده ، بأن الآية مكية ، وفدك إنما فتحت مع خيبر لسنة سبع من الهجرة ، فكيف يلتئم هذا مع هذا؟

فهو إذن حديث منكر» (١).

ونقول :

هناك عدة أجوبة على هذا الكلام ، نذكر منها :

أولا : إنهم هم أنفسهم يقولون : إن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» كان يقول : ضعوا هذه الآية في الموضع الفلاني من السورة الفلانية.

فقد قال الباقلاني وابن الحصار : «كان جبرئيل «عليه‌السلام» يقول : ضعوا آية كذا في موضع كذا ..» (٢).

__________________

ص ١١١ و ١١٧ و ١١٣ و ١٢١ و ٣٢٣ والبرهان ج ٣ ص ٢٦٤ وج ٢ ص ٤١٥ وميزان الإعتدال (مطبعة السعادة) ج ٢ ص ٢٢٨ والسبعة من السلف ص ٣٦ والدر المنثور ج ٢ ص ١٥٨ وج ٥ ص ٢٧٣ و ٢٧٤ وج ٤ ص ١٧٧ ومعارج النبوة (ط مطبعة لكنهو) ج ١ ص ٢٧٧ وإحقاق الحق ج ٣ ص ٥٤٩ وج ١٤ ص ٦١٨ ومنتخب كنز العمال (مطبوع مع مسند أحمد) ج ١ ص ٢٢٨ وروح المعاني ج ٥ ص ٥٨ وكنز العمال ج ٢ ص ١٥٨ وج ٣ ص ٧٦٧ وعن الطبراني ، والحاكم في تاريخه ، وابن النجار ، والبزار ، وابن مردويه ، وأبي يعلى ، وابن أبي حاتم.

(١) البداية والنهاية ج ٣ ص ٣٦ و (ط دار إحياء التراث) ج ٤ ص ٤٥ وتفسير القرآن العظيم ج ٣ ص ٣٩ وفتح القدير ج ٣ ص ٢٢٤ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٧٩.

(٢) راجع : لباب التأويل للخازن ج ١ ص ٨ ومناهل العرفان ج ١ ص ٢٤٠ ومباحث في علوم القرآن ص ١٤٢ عن الإتقان ج ١ ص ٦٢ عن ابن الحصار ، والبرهان للزركشي ج ١ ص ٢٥٦ عن الباقلاني ، وتاريخ القرآن الكريم لمحمد طاهر الكردي ص ٦٧ وتفسير الميزان ج ١٢ ص ١٣٠ عن ابن الحصار ، وإعجاز القرآن ص ٦٠.

٢٥٤

وعن ابن عباس : أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، كان إذا نزل عليه الشيء دعا من كان يكتب ؛ فيقول : ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا (١).

وروي قريب من هذا عن عثمان بن عفان أيضا (٢).

__________________

(١) الجامع الصحيح للترمذي ج ٥ ص ٢٧٢ وتاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٤٣ والإتقان ج ١ ص ٦٢ والبرهان للزركشي ج ١ ص ٢٤١ و (ط دار الكتب العربية ، القاهرة) ج ١ ص ٢٣٤ و ٢٤١ عن الترمذي ، والحاكم. والتمهيد ج ١ ص ٢١٣ وتاريخ القرآن للصغير ص ٨١ عن مدخل إلى القرآن الكريم لدراز ص ٣٤ ، وعن مسند أحمد ج ١ ص ٥٧ و ٦٩ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٢ ص ٤٢ والسنن الكبرى للنسائي ج ٥ ص ١٠ وبحوث في تاريخ القرآن للزرندي ص ٩٩ و ١٠٠ وجامع البيان ج ١ ص ٦٩ وتفسير القرطبي ج ٨ ص ٦٢ وتاريخ القرآن الكريم لمحمد طاهر الكردي ص ٦٣ وتهذيب الكمال ج ٣٣ ص ٢٨٨.

لكن في غرائب القرآن للنيسابوري ، بهامش جامع البيان للطبري ج ١ ص ٢٤ ومناهل العرفان ج ١ ص ٢٤٠ هكذا : «ضعوا هذه السورة في الموضع الذي يذكر فيه كذا» ، وفي تفسير الجامع لأحكام القرآن للقرطبي : «ضعوا هذه السورة في موضع كذا وكذا من القرآن ، وكان جبرئيل «عليه‌السلام» يقف على مكان الآيات».

(٢) مستدرك الحاكم ج ٢ ص ٣٣٠ و ٢٢١ وتلخيصه للذهبي بهامشه ، وغريب الحديث ج ٤ ص ١٠٤ ، والبرهان للزركشي ج ١ ص ٢٣٤ و ٢٣٥ وراجع : ص ٦١ وغرائب القرآن (بهامش جامع البيان) ج ١ ص ٢٤ وفتح الباري ج ٩ ص ١٩ و ٢٠ و ٣٩ و ٣٨ ، وكنز العمال ج ٢ ص ٣٦٧ عن أبي عبيد في فضائله ، وابن أبي شيبة ، وأحمد ، وأبي داود ، والترمذي ، وابن المنذر ، وابن أبي داود ، وابن الأنباري معا في المصاحف ، والنحاس في ناسخه ، وابن حبان ، وأبي نعيم في

٢٥٥

فلا مانع إذن : من أن تكون هذه الآية قد نزلت في سنة سبع ، أو بعدها ، ثم قال النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : ضعوها في سورة كذا ، لحكمة هو أعلم بها.

ولذلك قالوا : إن إطلاق التعبير بأن هذه السورة مكية أو مدنية مبني على الغالب ..

وهذا ما يفسر قولهم أيضا : سورة كذا مكية إلا ثلاث آيات مثلا ، وذلك بحسب ما ظهر لهم من الروايات ، التي تيسر لهم الإطلاع عليها.

ثانيا : قد ذكرنا في بحث لنا في كتابنا (مختصر مفيد) حول آية (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) (١) ، وآية : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ

__________________

المعرفة ، والحاكم ، وسعيد بن منصور ، والنسائي ، والبيهقي ، وفواتح الرحموت بهامش المستصفى ج ٢ ص ١٢ عن بعض من ذكر ، والدر المنثور ج ٣ ص ٢٠٧ و ٢٠٨ عن بعض من ذكر ، وعن أبي الشيخ ، وابن مردويه ومشكل الآثار ج ٢ ص ١٥٢ والبيان ص ٢٦٨ عن بعض من تقدم ، وعن الضياء في المختارة ، ومنتخب كنز العمال (بهامش مسند أحمد) ج ٢ ص ٤٨ وراجع : بحوث في تاريخ القرآن وعلومه ص ١٠٣ ومناهل العرفان ج ١ ص ٣٤٧ ومباحث في علوم القرآن ص ١٤٢ عن بعض من تقدم ، وتاريخ القرآن للصغير ص ٩٢ عن أبي شامة في المرشد الوجيز ، وجواهر الأخبار والآثار بهامش البحر الزخار ج ٢ ص ٢٤٥ عن أبي داود ، والترمذي ، وسنن أبي داود ج ١ ص ٢٠٩ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٢ ص ٤٢ وأحكام القرآن للجصاص ج ١ ص ١٠ ومسند أحمد ج ١ ص ٥٧ و ٦٩.

(١) الآية ٣ من سورة المائدة.

٢٥٦

رَبِّكَ) (١) : أن الظاهر هو : أن السور كلها كانت تنزل دفعة واحدة ، باستثناء بعض السور الطوال ، فإن قسما كبيرا منها كان ينزل على النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فيقرؤه للناس ، ثم تصير الأحداث التي ترتبط بآيات تلك السور ، أو ذلك القسم النازل ، ويتوالى حدوثها ، فينزل جبرئيل «عليه‌السلام» مرة أخرى ، فيقرؤها على النبي ليقرأها هو «صلى‌الله‌عليه‌وآله» على الناس ، ويظهر لهم إعجاز القرآن من حيث إخباره عن الأمور قبل حصولها بأيام ، أو بأشهر ، أو بسنوات.

وبعبارة أخرى : كانت السور ـ كسورة المائدة ، أو التوبة ، أو الأنفال مثلا ـ تنزل على النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فيقرؤها على الناس كلها .. ثم يحدث الحدث بعد شهر من ذلك ، مثل الذي جرى في حنين ، أو بدر ، فيأتي جبرئيل مرة ثانية ليأمر النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بقراءة الآيات التي ترتبط بذلك الحدث ، والتي كانت قد نزلت قبله بأيام أو بأشهر ، فيعرف الناس كيف أن الله سبحانه وتعالى قد تحدث عن هذا الحدث قبل وقوعه ، فيتأكد عندهم : أن هذا القرآن هو من عند عالم الغيب والشهادة ، ويتلمسون صدق رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عن هذا الطريق (٢).

__________________

(١) الآية ٦٧ من سورة المائدة.

(٢) وقد ذكرنا بعض الشواهد لهذا البحث في كتابنا : مختصر مفيد ج ٤ ص ٤٥.

٢٥٧
٢٥٨

الفصل الرابع :

فدك .. دليل الإمامة

٢٥٩
٢٦٠