الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ١٨

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ١٨

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-190-4
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٥٩

ونقول :

إننا نذكر القارئ بالأمور التالية :

ألف : من يأخذها بحقها؟؟

١ ـ من الواضح : أن هذه الحادثة وإن أشبهت حادثة فتح حصن القموص .. من حيث إن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد عرض الراية ، ولم يعطها إلا لعلي «عليه‌السلام» ، لكنها قصة أخرى ، حصلت بعد الفراغ من خيبر كما تقدم ..

فقوله في رواية الخدري : «فانطلق وفتح الله خيبر على يديه» ، غير دقيق ، لأن ذلك قد حصل بعد الإنتهاء من خيبر كما صرحت به الروايات الأخرى.

ومن الواضح : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أراد بعرض الراية عليهم من جديد : أن يزيد في توضيح أمرهم للناس ، وللأجيال ، ويعرّفهم أنهم رغم كل فشلهم ، ورغم فرارهم بالراية من دون موجب ، لا يزالون يطمعون بالمواقع والمناصب ..

٢ ـ ويلاحظ أيضا : أن الرواية المتقدمة قد سجلت : عدم مبادرة النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلى إعطاء الراية لمن يحب. بل هزها أولا ليثير الهمم ، ويذكي الطموح ، ويهز مشاعر الإباء والحفاظ ، لدى أهل الحفاظ والنجدة ، وليظهر الطامعون أنفسهم أمام الملأ ، ويمهد السبيل إلى إعادة إظهار خيبتهم ، وتذكير الناس بما كان منهم.

ثم هو يعلن : أنه لا يريد أن يبادر الناس إلى الإختيار ، فعسى ولعل يكون هناك ـ غير أولئك الفاشلين في حصن القموص ـ من يستطيع أن

٢٢١

ينال هذا الشرف عن جدارة واستحقاق .. ولعل وعسى أن تكون المبادرة الطوعية إلى هذا الأمر هي الأصلح ، والأكثر ملاءمة لمعنى الخلوص والإخلاص في هذا العمل الهام والخطير.

هذا بالإضافة : إلى أنه كانت هناك مصلحة في سدّ أبواب انتحال الأعذار ، التي قد لا تتوقف حتى عند اتهام النبي الأكرم «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بمحاباة أودّائه وأصفيائه ، وذوي قرابته .. أو ما هو من هذا القبيل.

فكان أن بادر «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلى عرض هذه الراية على كل الناس ، فعسى ولعل ، ولعل وعسى .. ولكن شرط أن لا يكونوا من أولئك الطامحين ، ولكن لا إلى الجهاد في سبيل الله تعالى ، وإنما إلى أمور أخرى ، دلت عليها مواقفهم السابقة ، فقد أثبتوا بصورة عملية وقاطعة : أن أنفسهم أحب إليهم من الله ورسوله ، وجهاد في سبيله.

ويستشرف لها هؤلاء الطامعون ، ولكن لا برضا الله عزوجل والجنة ، وإنما بالمناصب والمراتب ..

فكان لا بد من صدهم بقوة ، وحزم ، ليفهم الناس كلهم : أن لا مجال للتفريط بدين الله تعالى ، ولا يصح إفساح المجال للتلاعب بمصير الناس ، وخداعهم عن إسلامهم ، بعد أن أظهرت الوقائع سوء صنيعهم ، وقبيح فعلهم ، الذي من شأنه أن يجرئ الأعداء ، وأن يوهن عزم الأولياء ..

٣ ـ وقد استدرجهم النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» للإعلان عن أنفسهم ، وإظهار دخائلهم ، من جديد حين أخذ الراية ، وهزها ، وقال : من يأخذها بحقها ، فطمع أولئك الذين تخاذلوا بها فيما سبق ، وظنوا : أن الفرصة قد واتتهم مرة أخرى ، وأن بالإمكان استغفال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ،

٢٢٢

فضلا عن غيره هذه المرة على الأقل ..

فجاء فلان ، وقال : أنا.

وتقدم : أنه الزبير.

فجاءه الرد الحاسم والحازم ، والصاعق والماحق منه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : أمط ..

ثم جاء الذي بعده وهو سعد ، فقال له «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : أمط ..

فعل ذلك مرارا بجماعة ، حسبما تقدم.

ولنا أن نتخيل ما كانت تحمله تلك النبرات التي رافقت هذا الرد القوي من دلالات وإيحاءات.

ب : والذي كرّم وجه محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله :

وقد ذكرت الرواية الآنفة الذكر : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أقسم بالذي كرّم وجه محمد ، أن يعطي الراية رجلا لا يفر ..

فهل لنا : أن نستفيد من ذلك : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أراد بقسمه هذا ، الإشارة إلى أن الله تعالى قد كرّم وجه محمد عن أن يعبد غيره سبحانه ، ولم يقم وزنا لشيء سواه ، كما أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لم يعبد المال ، ولا الجاه ، ولا الأنا ، ولا غير ذلك ..

وقد كرّم الله تعالى وجه محمد ، فلا يستطيع أحد أن يسخر منه ، ولا أن يتذاكى عليه ، أو أن يظهره على صورة الساذجين ، أو المغفلين ..

وأخيرا .. فإنه صدع بالعاهة التي أسقطت القناع عن وجه من يريد أن يلحق بالنبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» هذه الشين ، حين قال : لأعطينها رجلا لا

٢٢٣

يفر ، هاك يا علي ..

ثم إنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» تحدث عن نفسه بصيغة الغائب ، حيث لم يقل : «والذي كرّم وجهي» ، وربما من أجل أن يدل : على أن هذا التكريم الإلهي لرسوله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، إنما هو حين كان «صلى‌الله‌عليه‌وآله» نورا معلقا بعرشه ، وقبل أن تحل روحه في هذا الجسد ، ويكون بشرا ..

ج : الزبير طلب الراية أيضا :

وحاولت الروايات المتقدمة : إعطاء بعض الأوسمة للزبير بن العوام ، وتدّعي : أن أمه صفية تدخلت لدى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» خوفا على ولدها ..

وأن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال له : فداك عم وخال ..

وقد جاء هذا النص نفسه ليدل : على أنه كان من المحرومين من راية العز والمجد ، مع التلميح ـ الذي يرقى إلى حد التصريح ـ : بأنه كان من الذين فروا وانهزموا بالراية مع من انهزم في خيبر ..

وأظهرت هذه الروايات : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد عرض الراية على جماعة ، منهم : الزبير ، وسعد بن عبادة.

وهذا يدل على : أن هناك جماعة من الناس كانوا يستحقون هذه الفضيحة ، التي واجههم بها «صلى‌الله‌عليه‌وآله» .. وإنما استحقوا هذه العقوبة القاسية ، بسبب أنهم انهزموا بالراية أولا .. وقد أغضبوا الله ورسوله في ذلك ثانيا.

حدود فدك :

وفدك : قرية بالحجاز ـ بينها وبين المدينة يومان ، وقيل : ثلاثة ـ أفاءها

٢٢٤

الله على رسوله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في سنة سبع للهجرة صلحا ، فكانت خالصة له «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وفيها عين فوارة ، ونخل كثير.

روى عبد الله بن حماد الأنصاري : أن دخلها كان أربعة وعشرين ألف دينار في كل سنة (١).

وفي رواية غيره : سبعين ألف دينار (٢).

فدك .. تعني الخلافة :

وقد أصبحت مسألة فدك من المسائل الحساسة عبر التاريخ ، وصارت تمثل ميزان الحرارة ، الذي يعطي الإنطباع عن طبيعة العلاقة بين الحكام وبين أهل البيت «عليهم‌السلام» وشيعتهم ، فكانت تارة تؤخذ منهم ، وتارة ترد إليهم ، كما يظهر من مراجعة كتب التاريخ ..

بل صارت من العناوين الكبيرة لقضية الإمامة ، كما تظهره النصوص التالية وغيرها.

__________________

(١) البحار ج ١٧ ص ٣٧٩ وج ٢٩ ص ١١٦ ومستدرك سفينة البحار ج ٨ ص ١٥٢ وج ٩ ص ٤٧٨ ومجمع النورين ص ١١٧ و ١١٨ واللمعة البيضاء ص ٣٠٠ والخرائج والجرائح ج ١ ص ١١٣.

(٢) كشف المحجة ص ١٢٤ وسفينة البحار ج ٧ ص ٤٥ والبحار ج ٢٩ ص ١٢٣ ومستدرك سفينة البحار ج ٨ ص ١٥٢ وج ٩ ص ٤٧٨ ومجمع النورين ص ١١٨ واللمعة البيضاء ص ٣٠٠.

٢٢٥

الإمام الكاظم عليه‌السلام والرشيد :

قال الزمخشري : كان هارون الرشيد يقول لموسى بن جعفر «عليهما‌السلام» : خذ فدكا حتى أردها عليك ، فيأبى ، حتى ألح عليه.

فقال «عليه‌السلام» : لا آخذها إلا بحدودها.

قال : وما حدودها؟

قال : يا أمير المؤمنين إن حددتها لم تردها.

قال : بحق جدك إلا فعلت.

قال : أما الحد الأول فعدن.

فتغير وجه الرشيد ، وقال : هيه.

قال : والحد الثاني سمرقند.

فاربد وجهه.

قال : والحد الثالث أفريقية.

فاسود وجهه ، وقال : هيه.

قال : والرابع سيف البحر مما يلي الخزر وأرمينية.

قال الرشيد : فلم يبق لنا شيء ، فتحول في مجلسي.

قال موسى «عليه‌السلام» : قد أعلمتك : أنني إن حددتها لم تردها.

فعند ذلك عزم على قتله ، واستكفى أمره يحيى بن خالد الخ .. (١).

__________________

(١) مناقب آل أبي طالب ج ٣ ص ٤٣٥ والبحار ج ٢٩ ص ٢٠٠ و ٢٠١ وج ٤٨ ص ١٤٤ و ١٤٥ ومجمع النورين ص ١٢٤ واللمعة البيضاء ص ٢٩٤.

٢٢٦

الإمام الكاظم عليه‌السلام والمهدي العباسي :

وقبل ذلك : كان الإمام الكاظم «عليه‌السلام» قد طلب إرجاع فدك من المهدي العباسي ، فقال له المهدي : يا أبا الحسن ، حدّها إلي.

فقال : حد منها جبل أحد ، وحد منها عريش مصر ، وحد منها سيف البحر ، وحد منها دومة الجندل.

فقال له : كل هذا؟؟

قال : نعم ، يا أمير المؤمنين ، إن هذا كله مما لم يوجف على أهله رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بخيل ولا ركاب.

فقال : كثير. وأنظر فيه (١).

فدك لمن؟؟

وقد ذكروا : أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أعطاها لابنته فاطمة «عليها‌السلام» ، فلما مات «صلى‌الله‌عليه‌وآله» استولى عليها أبو بكر ، فاحتجت عليه فاطمة ، وقالت له : إن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» نحلنيها.

قال أبو بكر : أريد لذلك شهودا (٢).

__________________

(١) الكافي ج ١ ص ٥٤٣ وشرح أصول الكافي ج ٧ ص ٤٠٥ والبحار ج ٤٨ ص ١٥٦ و ١٥٧ والبرهان ج ٢ ص ٤١٤ ومجمع البحرين ج ٥ ص ٢٨٣ والوسائل ج ٩ ص ٥٢٥ وتفسير نور الثقلين ج ٣ ص ١٥٤ و ١٥٥ وج ٥ ص ٢٧٦ واللمعة البيضاء ص ٢٩٣.

(٢) معجم البلدان ج ٤ ص ٢٨٨ و (ط دار إحياء التراث) ص ٢٣٨ وراجع : مجمع البحرين ج ٥ ص ٢٨٣ ولسان العرب ج ١٠ ص ٢٠٣ والمسترشد ص ٥٠١ والإمام علي «عليه‌السلام» لأحمد الرحماني الهمداني ص ٧٣٧ وتفسير جوامع الجامع ج ٢ ص ١٠٥.

٢٢٧

قال الطريحي : «كانت لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لأنه فتحها هو وأمير المؤمنين «عليه‌السلام» لم يكن معهما أحد» (١).

وقال في نص آخر : «فبعثت إلى علي ، والحسن ، والحسين ، وأم أيمن ، وأسماء بنت عميس ـ وكانت تحت أبي بكر بن أبي قحافة ـ فأقبلوا إلى أبي بكر وشهدوا لها بجميع ما قالت وادّعت.

فقال (عمر) : أما علي فزوجها.

وأما الحسن والحسين فابناها.

وأما أم أيمن فمولاتها.

وأما أسماء بنت عميس فقد كانت تحت جعفر بن أبي طالب ، فهي تشهد لبني هاشم ، وقد كانت تخدم فاطمة ، وكل هؤلاء يجرون إلى أنفسهم.

فقال علي «عليه‌السلام» : أما فاطمة فبضعة من رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ومن آذاها فقد آذى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله». ومن كذبها فقد كذب رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

وأما الحسن والحسين ، فابنا رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وسيدا شباب أهل الجنة ، من كذبهما فقد كذب رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، إذ كان أهل الجنة صادقين.

وأما أنا فقد قال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : أنت مني وأنا منك ، وأنت أخي في الدنيا والآخرة ، والراد عليك هو الراد علي ، ومن أطاعك

__________________

(١) مجمع البحرين ج ٥ ص ٢٨٣ ومستدرك سفينة البحار ج ٨ ص ١٥٢ والتفسير الأصفى ج ١ ص ١٧٧ واللمعة البيضاء ص ٢٩٣.

٢٢٨

فقد أطاعني ، ومن عصاك فقد عصاني.

وأما أم أيمن فقد شهد لها رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بالجنة ، ودعا لأسماء بنت عميس وذريتها.

قال عمر : أنتم كما وصفتم (به) أنفسكم. ولكن شهادة الجار إلى نفسه لا تقبل.

فقال علي «عليه‌السلام» : إذا كنا نحن كما تعرفون (ولا تنكرون) ، وشهادتنا لأنفسنا لا تقبل ، وشهادة رسول الله لا تقبل ، فإنا لله وإنا إليه راجعون. إذا ادّعينا لأنفسنا تسألنا البينة؟؟ فما من معين يعين.

وقد وثبتم على سلطان الله وسلطان رسوله ، فأخرجتموه من بيته إلى بيت غيره من غير بينة ولا حجة ، (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) (١)» (٢).

ونقول :

إنه لم يكن يحق لأبي بكر طلب ذلك منها ، لأنها كما سنرى مطهرة بنص الكتاب الكريم من كل رجس ، فلا يمكن احتمال خلاف ذلك في حقها ..

ولأنها ـ فدك ـ كانت في يدها ، وكان هو المدّعي الذي يطالب بالبينة ، بل لا بد من رد شهادته لأنها تعارض شهادة القرآن ، كما قلناه وسنقوله ..

الشهادة المردودة :

ومع ذلك كله : فإنها «عليها‌السلام» جاءته بالشهود ، فكانت أم أيمن الشاهد الأول ، فقد رووا : أن أبا بكر قال لها «عليها‌السلام» : هاتي على

__________________

(١) الآية ٢٢٧ من سورة الشعراء.

(٢) الكشكول فيما جرى على آل الرسول ص ٢٠٣ ـ ٢٠٥ والبحار ج ٢٩ ص ١٩٧ ـ ١٩٩ واللمعة البيضاء ص ٣١٥.

٢٢٩

ذلك بشهود.

[قال] : فجاءت بأم أيمن.

فقالت له أم أيمن : لا أشهد يا أبا بكر حتى أحتج عليك بما قال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله». أنشدك بالله ، ألست تعلم أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال : «أم أيمن امرأة من أهل الجنة»؟؟

فقال : بلى.

قالت : «فأشهد : أن الله عزوجل أوحى إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : (فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) (١). فجعل فدكا لفاطمة (فجعل فدكا لها طعمة) بأمر الله تعالى.

فجاء علي «عليه‌السلام» فشهد : بمثل ذلك ، فكتب لها كتابا ، ودفعه إليها ، فدخل عمر فقال : ما هذا الكتاب؟

فقال : إن فاطمة «عليها‌السلام» ادّعت في فدك ، وشهدت لها أم أيمن وعلي «عليه‌السلام» ، فكتبته لها.

فأخذ عمر الكتاب من فاطمة «عليها‌السلام» فتفل فيه ، ومزقه؟؟

فخرجت فاطمة «عليها‌السلام» باكية (تبكي) ، وهي تقول : مزق الله بطنك كما مزقت كتابي هذا.

فلما كان بعد ذلك جاء علي «عليه‌السلام» إلى أبي بكر وهو في المسجد وحوله المهاجرون والأنصار ، فقال : يا أبا بكر لم منعت فاطمة (بنت رسول الله حقها و) ميراثها من رسول الله وقد ملكته في حياته «صلى‌الله‌عليه‌وآله»؟؟

__________________

(١) الآية ٣٨ من سورة الروم.

٢٣٠

فقال أبو بكر : هذا فيء للمسلمين ، فإن أقامت شهودا : أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» جعله لها ، وإلا فلا حق لها فيه.

فقال أمير المؤمنين «عليه‌السلام» : يا أبا بكر؟ تحكم فينا بخلاف حكم الله في المسلمين؟

قال : لا.

قال : فإن كان في يد المسلمين شيء يملكونه ، ثم ادّعيت أنا فيه من تسأل البينة؟

قال : إياك كنت أسأل البينة.

قال : فما بال فاطمة سألتها البينة على ما في يديها؟ وقد ملكته في حياة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وبعده؟؟ ولم تسأل المسلمين بينة على ما ادّعوها شهودا ، كما سألتني على ما ادّعيت عليهم؟

فسكت أبو بكر.

فقال عمر : يا علي؟ دعنا من كلامك. فإنا لا نقوى على حجتك ، فإن أتيت بشهود عدول ، وإلا فهو فيء للمسلمين ، لا حق لك ولا لفاطمة فيه؟؟

فقال أمير المؤمنين «عليه‌السلام» : يا أبا بكر تقرأ كتاب الله؟

قال : نعم.

قال : أخبرني عن قول الله عزوجل : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (١). فيمن نزلت ، فينا أم في غيرنا؟

قال : بل فيكم.

__________________

(١) الآية ٣٣ من سورة الأحزاب.

٢٣١

قال (يا أبا بكر) : فلو أن شهودا شهدوا على فاطمة بنت رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بفاحشة ، ما كنت صانعا بها؟

قال : كنت أقيم عليها الحد ، كما أقيمه على نساء المسلمين.

قال (له أمير المؤمنين علي «عليه‌السلام» يا أبا بكر) : إذن كنت عند الله من الكافرين.

قال : ولم؟

قال : لأنك رددت شهادة الله لها بالطهارة ، وقبلت شهادة الناس عليها ، كما رددت حكم الله وحكم رسوله ، أن جعل لها فدكا وقد قبضته في حياته ، ثم قبلت شهادة أعرابي بائل على عقبيه عليها ، وأخذت منها فدكا ، وزعمت أنه فيء للمسلمين.

وقد قال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «البينة على المدّعي ، واليمين على المدّعى عليه» ، فرددت قول رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : البينة على من ادّعى ، واليمين على من ادّعي عليه.

قال : فدمدم الناس وأنكروا ، ونظر بعضهم إلى بعض ، وقالوا : صدق والله علي بن أبي طالب «عليه‌السلام» ، ورجع إلى منزله (١).

وقفات مع ما سبق :

وقبل أن نمضي في الحديث نذكّر القارئ الكريم بما يلي :

ألف : إن أم أيمن حين قررت أبا بكر بما قاله رسول الله «صلى الله عليه

__________________

(١) الإحتجاج للطبرسي ج ١ ص ١١٩ ـ ١٢٣ وراجع : علل الشرائع ج ١ ص ١٩١ وتفسير نور الثقلين ج ٤ ص ٢٧٣.

٢٣٢

وآله» في حقها تكون قد أوضحت له ، وللناس جميعا : أنه لا يحق له ردّ شهادتها ، من ناحية التشكيك في صدقها ، لأن ذلك يستبطن التطاول على النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» مباشرة ، إذ لا يصح أن يقال : إن من يكون من أهل الجنة يكذب ، ويقيم شهادة الزور ، فإنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يقول :

«شاهد الزور لا يزول قدمه حتى توجب له النار» (١). وذم شاهد الزور في القرآن وفي السنة كثير ، ولا يحتاج إلى مزيد بيان.

وقد أشار أمير المؤمنين «عليه‌السلام» إلى هذا الأمر صراحة أيضا ، لكي لا يتعلل أحد بأنه لم يلتفت إليه.

ويلاحظ : أن هذا التحذير قد جاء قبل أداء الشهادة ، فلم يعد يمكن الإعتذار منه ، أو عنه : بأنه لم يلتفت إلى هذه الخصوصية ..

ب : إن نفس كلام أم أيمن المشار إليه يسد الطريق على أبي بكر فيما يرتبط برد شهادة الحسنين وعلي «عليهم‌السلام» ، فإن القرآن قد شهد لهؤلاء بالتطهير ، وبالصدق ، فلا معنى للتعليل : بأن هذا أو ذاك يجر النار إلى قرصه ، أو ما إلى ذلك ..

فرد شهادة هؤلاء ، جرأة على الله سبحانه مباشرة ، إذ ما الفرق بين أن يكتب في القرآن أن فدكا لفاطمة ، وبين أن يقول القرآن : إن فاطمة صادقة مطهرة من كل ريب وشين ، فكل ما تدّعيه صحيح وواقع؟؟ ..

__________________

(١) سفينة البحار ج ٤ ص ٥١٨ والبحار ج ١٠١ ص ٣١١ وقرب الإسناد ص ٤١ عن الكافي ج ٧ ص ٣٨٣ ح ٢ وأمالي الصدوق ص ٣٨٩ ح ٢ والمبسوط ج ٨ ص ١٠٥ و ١٦٤ والمجموع ج ٢٠ ص ٢٣٢ ومستدرك سفينة البحار ج ٦ ص ٧٧.

٢٣٣

وقد صرح لهم أمير المؤمنين «عليه‌السلام» بهذا الأمر ، إمعانا في إثبات الحجة عليهم ، ودفعا لأي تعلل منهم.

ج : إن رد أبي بكر لشهادة الحسنين وعلي «عليهم‌السلام» فيه جرأة على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، من جهة أخرى أيضا ، فإنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قبل شهادتهم في أمور عديدة .. فقد أشهد الحسنين «عليهما‌السلام» على كتاب ثقيف (١). وهو أمر مرتبط بشأن ومصير قوم من الناس ، وليس أمرا عاديا ، ولا شأنا خاصا.

بل إنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» باهل بهما نصارى نجران (٢) ، وهذا مما أجمعت عليه الأمة.

وهذا معناه : أنهما شريكان في الدعوة ، وشريكان في تحمل تبعاتها وآثارها.

وقد شرحنا هذا في كتابنا : «الحياة السياسية للإمام الحسن عليه‌السلام» ، فيمكن الرجوع إليه لمن أراد.

يضاف إلى هذا وذاك : أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد بايع لهما في بيعة الرضوان. ولم يبايع صبيا في ظاهر الحال غيرهما (٣).

__________________

(١) الأموال ص ٢٨٩ و ٢٨٠ وراجع : طبقات ابن سعد ج ١ ص ٣٣ و (ط دار صادر) ص ٢٨٤ و ٢٨٥ والتراتيب الإدارية ج ١ ص ٢٧٤ ومكاتيب الرسول (ط سنة ١٤١٩) ج ٣ ص ٥٨ و ٧٢ وسبل الهدى والرشاد ج ١١ ص ٣٧٣.

(٢) راجع : طائفة من مصادر ذلك في كتابنا الحياة السياسية للإمام الحسن «عليه‌السلام» ص ٢١ و ٢٢.

(٣) الإرشاد للمفيد (ط النجف) ص ٢١٩ و ٢٦٣. وراجع : الإحتجاج (ط النجف) ج ٢ ص ٢٤٥ والبحار ج ٥٠ ص ٧٨ وتفسير القمي ج ١ ص ١٨٤ و ١٨٥.

٢٣٤

وقد استدل المأمون على العباسيين بهذا الأمر ، حينما أراد تزويج ابنته للإمام الجواد «عليه‌السلام» ، فراجع (١).

وحاول البعض زيادة أشخاص آخرين ، شاركوا في بيعة الرضوان ، مثل ابن جعفر ، وابن عباس (٢) ..

ولكن رواية ذلك قد جاءت من قبل الذين يهتمون بتأييد الفريق الآخر ، ويريدون التشكيك بمواقف وكرامات ، وفضائل وميزات علي وأهل بيته «عليهم‌السلام» ، فلا يلتفت إليها ، خصوصا مع تصريح المفيد والمأمون : بنفي هذا الأمر عمّن عدا الحسنين «عليهما‌السلام» ، فراجع

__________________

(١) راجع فيما تقدم : الإتحاف بحب الأشراف ص ١٧١ و ١٧٢ وتحف العقول ص ٤٥١ و ٤٥٣ والإختصاص ص ٩٨ و ١٠١ والإحتجاج ج ٢ ص ٢٤٠ و ٢٤٥ وكشف الغمة ج ٣ ص ١٤٤ والمناقب لابن شهر آشوب ج ٤ ص ٣٨١ وجلاء العيون ج ٣ ص ١٠٨ والصواعق المحرقة ص ٢٠٤ ونور الأبصار ص ١٦١ ودلائل الإمامة ص ٢٠٦ ـ ٢٠٨ وروضة الواعظين ص ٢٣٨ فما بعدها ، والإرشاد للمفيد ص ٣٥٩ و ٣٦٠ فما بعدها ، وإعلام الورى ج ٢ ص ١٠١ فما بعدها ، والبحار ج ٥٠ ص ٧٥ عن الإحتجاج ، وعن تفسير القمي ، والإمام محمد الجواد لمحمد علي دخيل ص ٣٧ و ٤١ وأعيان الشيعة ج ٢ ص ٣٣ و ٣٤. والفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص ٢٥٣ و ٢٥٦.

(٢) ينابيع المودة ص ٣٧٥ عن فصل الخطاب لمحمد پارسا البخاري ، عن النووي على ما يبدو ، وترجمة الإمام الحسين لابن عساكر بتحقيق المحمودي ص ١٥٠ وفي هامشه عن : المعجم الكبير للطبراني ، ترجمة الإمام الحسين ، الحديث رقم ٧٧ وحياة الصحابة ج ١ ص ٢٥٠ ومجمع الزوائد ج ٦ ص ٤٠ عن الطبراني ، وقال : هو مرسل ورجاله ثقات ، والعقد الفريد ج ٤ ص ٣٨٤ من دون ذكر ابن عباس.

٢٣٥

كتابنا : الحياة السياسية للإمام الجواد «عليه‌السلام» (١).

هذا كله ، مع ما أشار إليه أمير المؤمنين ، وسيد الوصيين «عليه‌السلام» من أن آية التطهير تمنع أبا بكر من طلب البينة من الزهراء «عليها‌السلام» ، وتحتم عليه قبول كلامها ، كما تمنعه من رد شهادة الحسنين «عليهما‌السلام» ، فضلا عن أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ..

د : ومما زاد الأمر تعقيدا وإحراجا للغاصبين : أن عليا «عليه‌السلام» قد أظهر أبا بكر أمام المهاجرين والأنصار في صورة الإنسان المتناقض في قضائه ، حين سأله «عليه‌السلام» عن أنه لو كان في يد المسلمين شيء يملكونه ، ثم ادّعى علي «عليه‌السلام» أنه له ، فمن الذي تطلب منه البينة؟؟

فأجاب أبو بكر : بأنه يطلبها من المدّعي ..

فانكشف : أن حكم أبي بكر في قضية فاطمة «عليها‌السلام» كان على عكس ذلك.

عندها سكت أبو بكر ، وأقر عمر : بأنهم غير قادرين على ردّ حجة علي «عليه‌السلام» ..

وبذلك يكون علي «عليه‌السلام» قد وضع أبا بكر في مأزق لا خلاص له منه ، وأمام خيارين كل منهما ينتهي بفضيحة عظيمة ، تضر موقفه ، وتظهر أنه مبطل في تقمصه للخلافة ..

فهو إما جاهل بأحكام القضاء ـ بل بالبديهيات منها ـ فيحكم تارة بالبينة على المدّعي ، وأخرى بالبينة على المدّعى عليه ، من دون أن يعرف أيهما

__________________

(١) الحياة السياسية للإمام الجواد ص ٥٢.

٢٣٦

الحق ، وأيهما الباطل.

وإما عالم بها ، لكنه يتعمد العمل بخلاف ما شرعه الله تعالى ، لأنه لا يملك الرادع الديني عن مخالفة أحكامه تعالى ..

وإما أنه كان عالما بحكم الله تعالى ثم نسيه ، فحكم بخلافه .. فلماذا لم يتراجع عنه بعد التعليم والبيان؟؟

وكل ذلك يجعله غير صالح لمنصب القضاء ، فكيف يكون صالحا لمقام الخلافة ، في حين أن القضاء هو أحد مهمات الخليفة؟؟

ه : والذي زاد الطين بلة ، أن ذلك النص قد أظهر عمر بن الخطاب عاجزا عن مقارعة علي «عليه‌السلام» الحجة بالحجة .. ولكنه أعلن أنه متشبث برأيه ، ودليله هو قوته وسلطانه .. كما ظهر في كلامه.

و : كما يلاحظ : أن عليا «عليه‌السلام» قد تجاهل عمر تماما ، وتابع موجها كلامه إلى أبي بكر ولم يلتفت إليه؟؟

ز : إن تقرير علي «عليه‌السلام» لأبي بكر في شأن طهارة فاطمة «عليها‌السلام» ، وزعم أبي بكر أنه لو شهد الشهود عليها بالفاحشة ، لكان أقام عليها الحد .. قد جاء ليؤكد : أن الخليفة غير عارف بأحكام الله تعالى ، وأن عدم معرفته هذه قد تؤدي به إلى ارتكاب ما يوجب الكفر.

وبذلك يتضح : مدى خطورة هذا الأمر ، وأن القضية ليست قضية أموال وأراض ، بل هي قضية أن لا يتولى أمر المسلمين من ليس له أية حصانة تمنعه من الوقوع في هذا الخطر العظيم عليه وعلى الأمة بأسرها.

ح : إن حوار علي «عليه‌السلام» معهم قد أسهم بصورة قوية في تجلية الأمور للناس ، حيث أراهم بأم أعينهم ، كيف أن من ينصّب نفسه خليفة

٢٣٧

لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وكذلك من يرشح نفسه لهذا المقام ، ليس فقط لا يملك أدنى الشرائط التي تؤهله لتولي أبسط الأمور ، ولو مثل القيمومة على أبنائه ، فكيف بخلافة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، بل هو يتحلى بالصفات المناقضة والناقضة لهدف هذا المقام أو ذاك.

ط : روي عن أبي سعيد الخدري ، أنه قال : سمعت منادي أبي بكر ينادي في المدينة ، حين قدم عليه مال البحرين : من كانت له عدة عند رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» فليأت.

فيأتيه رجال فيعطيهم.

فجاء أبو بشير المازني ، فقال : إن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال :

يا أبا بشير إذا جاءنا شيء فأتنا.

فأعطاه أبو بكر حفنتين ، أو ثلاثا ، فوجدوها ألفا وأربع مائة درهم.

وروى البخاري وغيره : أنه لما مات رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» جاء مال من قبل علاء بن الحضرمي ، فقال أبو بكر : من كان له على النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» دين ، أو كانت له قبله عدة ، فليأتنا.

قال جابر : وعدني رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن يعطيني هكذا أو هكذا وهكذا ، فبسط يده ثلاث مرات ، قال جابر : فعد في يدي خمس مائة ثم خمس مائة ثم خمس مائة (١).

__________________

(١) الطبقات الكبرى لابن سعد (ط دار صادر) ج ٢ ص ٣١٧ و ٣١٨ وفدك في التاريخ ص ١٩٤ وعن صحيح البخاري ج ٣ ص ١٦٣ ومجمع الزوائد ج ٦ ص ٣ وشرح معاني الآثار ج ٣ ص ٣٠٥ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٤ ص ١٠٩ والمصنف للصنعاني ج ٤ ص ٧٨.

٢٣٨

فهذا الرجل ـ أعني أبا بشير المازني ـ لم يكن من كبار الصحابة ، وليس له موقع فاطمة «عليها‌السلام» عند الله تعالى وعند رسوله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وقد أعطي ألفا وأربع مائة درهم (١) ولم يطلب منه بينة على صحة ما ادعاه.

فلماذا لا تعطى الزهراء «عليها‌السلام» أيضا بدون طلب بينة؟

ولماذا هم يعرضون أنفسهم إلى غضب الله تعالى وغضب رسوله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، بمقتضى ما دلت عليه الآيات والروايات في حقها؟.

خصوصا إذا لاحظنا : ما زعموه من القيمة الزهيدة التي زعموها لفدك ، وأن عمر بن الخطاب قد اشتراها من اليهود بخمسين ألف درهم فقط؟؟

ملاحظة :

إننا نعتقد : أن تصدي أبي بكر لقضاء دين رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وإنجاز عداته ، قد جاء بهدف إبطال القول الثابت عن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : إن عليا «عليه‌السلام» يقضي دينه ، وينجز عداته بعد مماته «صلى‌الله‌عليه‌وآله» (٢).

__________________

(١) صحيح البخاري كتاب الشهادات باب (٢٩) وفدك في التاريخ ص ١٩٤ وكنز العمال ج ٥ ص ٦٢٦ والطبقات الكبرى ج ٢ ص ٣١٨ و ٣١٩.

(٢) مصادر الحديث الدال على ذلك كثيرة جدا فراجع : إحقاق الحق (الملحقات) وراجع : الطبقات الكبرى ج ٢ ص ٣١٨ ومناقب أمير المؤمنين «عليه‌السلام» ج ١ ص ٣٣٥ و ٣٤٠ و ٣٤١ و ٣٨٧ و ٤٤٥ و ٤٩٧ وج ٢ ص ٤٧ ومناقب آل أبي طالب ج ١ ص ٣٩٦ ج ٣ ص ٢٦ والبحار ج ٢ ص ٢٢٦ وج ٥ ص ٢١ و ٦٩ وج ٢٢ ص ٥٠١ وج ٢٨ ص ٨٤ وج ٣٥ ص ١٨٤ وج ٣٨ ص ١٢ و ١٩ و ٧٤ و ١٤٧ و ٣٢٧ وج ٣٩ ص ٢٢٠ وج ٤٠ ص ٧٦ والمراجعات ص ٣٠٨ و ٣٠٩

٢٣٩

وقد حصل ذلك بالفعل ، فقد روي : أنه لما توفي رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، أمر علي «عليه‌السلام» صائحا يصيح : «من كان له عند رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عدة أو دين فليأتني».

فكان يبعث كل عام عند العقبة يوم النحر من يصيح بذلك حتى توفي علي «عليه‌السلام».

ثم كان الحسن بن علي «عليه‌السلام» يفعل ذلك حتى توفي.

ثم كان الحسين «عليه‌السلام» يفعل ذلك. وانقطع ذلك بعده. رضوان الله وسلامه عليهم أجمعين.

قال ابن عون : فلا يأتي أحد من خلق الله إلى علي «عليه‌السلام» بحق ولا باطل إلا أعطاه (١).

فدك للزهراء عليها‌السلام :

وبعد .. فلا شك في أن فدكا للزهراء «عليها‌السلام» والأدلة على ذلك كثيرة .. وقد ألمحت «عليها‌السلام» إلى هذه الأدلة .. ولكنها ركزت على واحد منها بعينه ..

فما هي هذه الأدلة؟

ولماذا لم تركز احتجاجاتها «عليها‌السلام» عليها؟؟ بل ركزت على واحد منها؟

__________________

والغدير ج ٢ ص ٢٨٣ وج ٥ ص ٣٥١ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤٢ ص ٤٧ و ٤٨ و ٥٦ و ٥٧ و ٣٣١ وينابيع المودة ج ٢ ص ٧٧ و ٨٥ و ٩٧ و ١٦٣ و ٢٩٩ و ٤٠٢.

(١) الطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ص ٣١٩.

٢٤٠