الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ١٨

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ١٨

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-190-4
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٥٩

والأروع : الذي يعجبك حسنه.

والهصور : الأسد ، والهيصم : الأسد ، والقوي من الرجال.

وبزل البعير : انشق نابه ، ولحاك الله أي لعنك الله ، ويقال : جمل فيه عجرفة ، أي قلة مبالاة لسرعته ، وفلان يتعجرف عليّ : إذا كان يركبه بما يكره ولا يهاب شيئا ، وعجارف الدهر : حوادثه.

وقال الجوهري : الخضرم بالكسر : الكثير العطية ، مشبه بالبحر الخضرم وهو الكثير الماء ، وكل شيء كثير واسع خضرم.

والمعصم : موضع السوار من الساعد. والحجر المكرم : الحجر الأسود.

ومنه فيها مخاطبا لليهود :

هذا لكم من الغلام الهاشمي

من ضرب صدق في ذرى الكمائم

ضرب يقود شعر الجماجم

بصارم أبيض أي صارم

أحمي به كتائب القماقم

عند مجال الخيل بالأقادم (١)

الكمة : القلنسوة المدورة.

ويقال : سيد قماقم بالضم لكثرة خيره وبالفتح جمع القمقام وهو السيد.

ومنه عند قتل الخيبري :

أنا علي ولدتني هاشم

ليث حروب للرجال قاصم

معصوصب في نقعها مقادم

من يلقني يلقاه موت هاجم (٢)

قصمت الشيء قصما : كسرته ، واعصوصب القوم : اجتمعوا ، والنقع :

__________________

(١) البحار ج ٢١ ص ٣٩ وديوان أمير المؤمنين ص ١٢٧.

(٢) البحار ج ٢١ ص ٣٩ وديوان أمير المؤمنين ص ١٢٧ و ١٢٨.

١٦١

الغبار ، والمقادم : جمع مقدام كمفاتح ومفتاح.

بعض ما قيل من الشعر في غزوة خيبر :

ومن الشعر في غزوة خيبر ما قاله كعب بن مالك :

ونحن وردنا خيبرا وفروضه

بكل فتى عاري الأشاجع مذود

جواد لدى الغايات لا واهن القوى

جريء على الأعداء في كل مشهد

عظيم رماد القدر في كل شتوة

ضروب بنصل المشرفي المهند

يرى القتل مدحا إن أصاب شهادة

من الله يرجوها وفوزا بأحمد

يذود ويحمي عن ذمار محمد

ويدفع عنه باللسان وباليد

وينصره من كل أمر يريبه

يجود بنفس دون نفس محمد

يصدق بالإنباء بالغيب مخلصا

يريد بذاك العز والفوز في غد (١)

وقال حسان :

بئس ما قاتلت خيابر عما

جمعوا من مزارع ونخيل

كرهوا الموت فاستبيح حماهم

وأقروا فعل اللئيم الذليل

أمن الموت تهربون فإن ال

موت موت الهزال غير جميل (٢)

__________________

(١) عن البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٤٧ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤١٢ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٥١ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٨١٠.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٥١ وعن البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٤٧ وعن السيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٨٠٨ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤١١.

١٦٢

الباب الثامن

فتح .. وصلح

الفصل الأول : مقاسم خيبر .. بين الصلح والفتح

الفصل الثاني : النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقرهم .. وعمر يجليهم

الفصل الثالث : فدك وغصبها .. أحداث .. وتفاصيل

الفصل الرابع : فدك .. دليل الإمامة

١٦٣
١٦٤

الفصل الأول :

مقاسم خيبر .. بين الصلح والفتح

١٦٥
١٦٦

كتاب إسقاط الجزية عن يهود خيبر :

وأظهر اليهود في العصور التالية لعصر الرسول الكريم «صلى‌الله‌عليه‌وآله» كتابا نسبوه إليه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» جاء فيه : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد أسقط الجزية عن أهل خيبر .. وفي الكتاب شهادة سعد بن معاذ ، ومعاوية بن أبي سفيان ، وفيه إسقاط الكلف ، والسخرة والجزية (١).

وقد اغتر بعض علماء الشافعية بهذا الكتاب ، فحكم بإسقاط الجزية عنهم ، ومنهم أبو علي بن خيرون (٢).

وقد جاؤوا بالكتاب في سنة ٤٤٧ هجرية إلى وزير القائم أبي القاسم علي بن الحسن ، فعرضه على الخطيب البغدادي ، فحكم بأنه مزور.

__________________

(١) راجع : المنتظم ج ٨ ص ٢٦٥ و ٣١٢ وتذكرة الحفّاظ ج ٣ ص ٣١٧ والبداية والنهاية ج ٥ ص ٣١٥ و ٣١٧ وراجع : ج ١٢ ص ١٠١ و ١٠٢ وأحكام أهل الذمة لابن القيم ص ٧ و ٨ وطبقات الشافعية للسبكي ج ٣ ص ١٢ ـ ١٤ والإعلان بالتوبيخ للسخاوي ص ٧٥ والخطيب البغدادي ليوسف العش ص ٣٢.

(٢) البداية والنهاية (ط دار إحياء التراث) ج ٤ ص ٢٥٠ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤١٥ ومكاتيب الرسول ج ١ ص ٢٥٩ وج ٣ ص ٧٤٠.

١٦٧

وقد حكم بتزوير هذا الكتاب العلامة الحلي «رحمه‌الله» (١).

وألف ابن كثير كتابا في إبطاله (٢) ، وقال : إن جماعة حكموا عليه بالبطلان ، مثل :

ابن الصباغ المالكي في مسائله.

وابن حامد في تعليقته.

وابن المسلمة الذي صنف جزءا مفردا للرد عليه أيضا (٣).

واستدلوا على تزويره بما يلي :

١ ـ إنه لم ينقله أحد من المسلمين (٤).

٢ ـ إن فيه شهادة سعد بن معاذ ، وهو إنما استشهد قبل ذلك بزمان ، في وقعة بني قريظة ، بعد أن حكم فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة.

وذكر ابن كثير : أنه وقف عليه فرأى فيه شهادة سعد بن معاذ عام

__________________

(١) مختلف الشيعة ج ١ ص ٣٩١ وراجع : مكاتيب الرسول ج ١ ص ٢٥٩ وج ٣ ص ٧٤٠ والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث) ج ٤ ص ٢٥٠ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤١٥.

(٢) راجع : السيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ٦٩٧ وعن البداية والنهاية ج ٥ ص ٣٧١ وج ١٤ ص ٢٢ وراجع : مكاتيب الرسول ج ١ ص ٢٥٩ وج ٣ ص ٧٤٠.

(٣) مكاتيب الرسول ج ٣ ص ٧٤٠ والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث) ج ٤ ص ٢٥٠ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤١٥.

(٤) مختلف الشيعة ج ١ ص ٣٩١ والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث) ج ٤ ص ٢٥٠ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤١٥ وراجع : مكاتيب الرسول ج ١ ص ٢٥٩ وج ٣ ص ٧٤٠.

١٦٨

خيبر ، وقد توفي سعد قبل ذلك بسنتين ، وفيه : كتب علي بن أبي طالب وهذا لحن وخطأ (١) لا يصدر عن أمير المؤمنين علي ، لأن علم النحو إنما أسند إليه من طريق أبي الأسود الدؤلي عنه.

ويجاب عن هذا : بأن من الجائز أن يكون «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد أعطاهم هذا الكتاب في أوائل الهجرة ، أو على الأقل قبل واقعة بني قريظة .. ثم لما نكثوا عهدهم حاربهم ..

٣ ـ غير أننا نقول :

إن هذا الجواب أيضا باطل : لأن شهادة معاوية بن أبي سفيان على الكتاب لا يمكن أن تجتمع مع شهادة سعد بن معاذ ، لأنه قد أسلم عام فتح مكة ، أي بعد موت سعد بن معاذ بعدة سنوات ، فكيف يشهد معه على كتاب إسقاط الجزية عنهم؟؟

٤ ـ يقول ابن قيم الجوزية : إن إثبات الجزية إنما كان في سنة تسع من الهجرة ، فكيف يسقط النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عن اليهود أمرا لم يثبت؟.

ولنا أن نقول في جوابه :

إنه إذا ثبت إسقاط الجزية بهذا الكتاب كان ذلك دليلا على ثبوتها قبل سنة تسع.

٥ ـ يضاف إلى ذلك : أنه لم يكن في زمن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» كلف ولا سخرة على اليهود ، فما معنى إسقاطها عنهم أيضا؟ ..

__________________

(١) البداية والنهاية (ط دار إحياء التراث) ج ٤ ص ٢٥٠ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤١٥ و ٤١٦ ومكاتيب الرسول ج ٣ ص ٧٤٠ و ٧٤١.

١٦٩

وبذلك يظهر : أنه لا قيمة لهذا الكتاب المزعوم ، بعد أن كانت كل الدلائل تشير إلى بطلانه ..

الوطيح وسلالم فتحا صلحا :

قال ابن إسحاق : وتدنّى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بالأموال ، يأخذها مالا مالا ، ويفتحها حصنا حصنا ، حتى انتهوا إلى ذينك الحصنين ـ أعني الوطيح وسلالم الذي هو حصن بني الحقيق ، وهو آخر حصون خيبر ـ وجعلوا لا يطلعون من حصنهم ، حتى همّ رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن ينصب عليهم المنجنيق ، لما رأى من تغليقهم ، وأنه لا يبرز منهم أحد.

فلما أيقنوا بالهلكة ـ وقد حصرهم رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أربعة عشر يوما ـ سألوا رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» الصلح ، فأرسل كنانة بن أبي الحقيق إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» رجلا من اليهود يقال له : شماخ ، يقول : «أنزل فأكلمك»؟

فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «نعم».

فنزل كنانة بن أبي الحقيق ، فصالح رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» على حقن دماء من في حصونهم من المقاتلة ، وترك الذرية لهم ، ويخرجون من خيبر وأرضها بذراريهم ، ويخلون بين رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وبين ما كان لهم من مال وأرض ، وعلى الصفراء والبيضاء ، والكراع ، والحلقة ، وعلى البز إلا ثوبا على ظهر إنسان.

فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «وبرئت منكم ذمة الله وذمة رسوله إن كتمتموني شيئا».

١٧٠

فصالحوه على ذلك ، فأرسل رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلى الأموال فقبضها ، الأول ، فالأول.

ووجد في ذينك الحصنين مائة درع ، وأربعمائة سيف ، وألف رمح ، وخمسمائة قوس عربية بجعابها (١).

ووجدوا صحائف متعددة من التوراة ، فجاءت يهود تطلبها ، فأمر «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بدفعها إليهم (٢).

وبذلك يكون الوطيح وسلالم فيئا لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، إذ لم يحصل قتال في هذين الحصنين ، وما جرى حين نزول المسلمين هناك ، فإنما هو مناوشات مع أفراد.

ونقل الحلبي عن فتح الباري ، عن ابن عبد البر : جزمه بأن حصون خيبر فتحت عنوة ، وإنما دخلت الشبهة على من قال فتحت صلحا بالحصنين اللذين سلمهما أهلهما لحقن دمائهم ، وهو ضرب من الصلح ، لكن لم يقع ذلك إلا بحصار وقتال.

هذا كلامه ، فليتأمل ، فإن بالقتال يخرج عن كونه فيئا (٣).

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٣١ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٤ ص ٢٠٤ وراجع : السيرة الحلبية ج ٣ ص ٤١ و ٤٢. وراجع : البحار ج ٢١ ص ٦ و ٣٢ عن الكازروني في المنتقى في مولد المصطفى ، والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٦٧١ وتفسير مجمع البيان ج ٩ ص ٢٠٣ وتفسير الميزان ج ١٨ ص ٢٩٧.

(٢) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٥٥ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٦٨٠ و ٦٨١.

(٣) راجع : السيرة الحلبية ج ٣ ص ٤١ وعن فتح الباري ج ٧ ص ٣٦٦.

١٧١

ونقول :

لعله يقصد المناوشات الفردية ، التي لا يصح اعتبار الفتح مستندا إليها.

هل فتحت خيبر صلحا؟؟ :

إن ظاهر كلام بعضهم : أن خيبر قد فتحت صلحا (١).

وقد نقل في بعض المصادر عن الزهري : الكتيبة أكثرها عنوة (٢).

وبعضهم عرض الخلاف في هذا الأمر (٣).

ويظهر من بعض التعابير لبعض المؤرخين : أن خيبر قد فتحت كلها عنوة (٤).

__________________

(١) راجع : معجم البلدان ج ٢ ص ٤١٠ والبحار ج ٢١ ص ٦ و ٢٥ وفتوح البلدان ص ٣٤١. وراجع : سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٥٤ و ١٥٥ والجوهر النقي للمارديني ج ٨ ص ١٢١ وشرح مسلم للنووي ج ١٠ ص ٢٠٩ وعن فتح الباري ج ٥ ص ١٠ وج ٧ ص ٣٦٦ وتحفة الأحوذي ج ٤ ص ٥٣٠ وعون المعبود ج ٨ ص ١٧٦.

(٢) النهاية في اللغة (مادة : كتب) ، ولسان العرب ج ١ ص ٧٠١ وتاج العروس ج ١ ص ٤٤٥ ومكاتيب الرسول ج ٣ هامش ص ٦٢٤ ومعجم ما استعجم هامش ج ٤ ص ١١١٥ والنهاية في غريب الحديث لابن الأثير ج ٤ ص ١٤٩.

(٣) البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٠١ وشرح مسلم للنووي ج ١ ص ٢٠٩ وعن فتح الباري ج ٧ ص ٣٦٦ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٥٤.

(٤) راجع : تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٥٦ وراجع : فتوح البلدان ص ٣٤١ عن الزهري وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٥٤ و ١٥٥ ومكاتيب الرسول ج ٣ هامش ص ٦٢٤ ونصب الراية للزيعلي ج ٦ ص ٤٧٣ وسبل السلام ج ٣ ص ٧٨ ونيل ـ

١٧٢

قال اليعقوبي : «ثم كانت وقعة خيبر في أول سنة سبع ، ففتح حصونهم ، وهي ستة حصون : السلالم ، والقموص ، والنطاة ، والقصارة ، والشق ، والمربطة. وفيها عشرون ألف مقاتل. ففتحها حصنا حصنا ، فقتل المقاتلة ، وسبى الذرية ، وكان القموص من أشدها وأمنعها الخ ..» (١).

ويظهر هذا من بعض التعابير في البحار أيضا ، حيث قال : «وقد ظهر رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» على أهل خيبر ، وفيها اليهود».

وفي نص آخر : «وقد كان رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» حين ظهر على أهل خيبر ، وفيها اليهود» (٢).

__________________

الأوطار ج ٦ ص ١٠ وشرح مسلم للنووي ج ١٠ ص ٢٠٩ و ٢١٢ وج ١١ ص ٨٦ وعن فتح الباري ج ٥ ص ٣٠٣ وعن عون المعبود ج ٨ ص ١٦٨ و ١٧١ ونصب الراية ج ٦ ص ٤٧٣ ومعجم البلدان ج ١ ص ٤٢.

(١) تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٥٦.

(٢) تهذيب الأحكام للطوسي ج ٤ ص ١٤٦ عن محمد بن مسلم وج ٧ ص ١٤٨ عن أبي بصير. وراجع : جامع أحاديث الشيعة ج ١٣ ص ٢٣٦ و ٢٣٧ وج ١٨ ص ٤٦٤ وبلوغ الأماني ج ٢١ ص ٢١٦ ومكاتيب الرسول ج ٣ ص ٦٢٤ وعن البخاري ج ٤ ص ٦١ وج ٣ ص ٧١ وكفاية الأحكام للسبزواري ص ٨٠ وجواهر الكلام ج ٣٨ ص ١٣ وجامع المدارك ج ٥ ص ٢٢٩ والمجموع ج ١٤ ص ٣٦٦ و ٣٩٩ وج ١٩ ص ٤٣١ ونيل الأوطار ج ٦ ص ٧ وج ٨ ص ١٦١ والإستبصار ج ٣ ص ١١٠ والوسائل (ط دار الإسلامية) ج ١٧ ص ٣٣٠ وعن مسند أحمد ج ٢ ص ١٤٩ وج ٤ ص ٣٧ وعن صحيح مسلم ج ٥ ص ٢٧ وعن سنن أبي داود ج ٢ ص ٣٦ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٦ ص ١١٤ و ٣١٧ وج ٩ ص ١٣٨ و ٢٠٧ و ٢٢٤ وج ١٠ ص ١٣٢ وشرح مسلم للنووي ج ١٠ ص ٢٠٩ وعون المعبود ج ٨ ص ١٧٣

١٧٣

فإن ظاهر كلمة : «ظهر عليهم» أنه انتصر عليهم.

توجيهات لما سبق :

وقال أبو عمر : إن السبب في هذا الخلاف ، هو الحصنان اللذان أسلمهما أهلهما ، حقنا لدمائهم. وهو ضرب من الصلح ، ولكنه لم يقع إلا بحصار وقتال (١).

وقال آخر : إن الشبهة نشأت من قول ابن عمر : إن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قاتل أهل خيبر ، فغلب على النخل ، فصالحوه على أن يجلوا منها ، وله الصفراء ، والبيضاء ، والحلقة ، ولهم ما حملت ركابهم ، على ألا يكتموا ، ولا يغيبوا ..

إلى أن قال : فسبى نساءهم وذراريهم ، وقسم أموالهم للنكث الذي نكثوا ، وأراد أن يجليهم ، فقالوا : دعنا في هذه الأرض نصلحها الخ ..

فعلى هذا كان وقع الصلح ، ثم حصل النقض منهم ، فزال أمر الصلح ، ثم منّ عليهم بترك القتل وإبقائهم عمالا بالأرض ، ليس لهم ملك. ولذلك

__________________

والمصنف لعبد الرزاق ج ٦ ص ٥٥ وج ١٠ ص ٣٥٩ والمصنف لابن أبي شيبة ج ٧ ص ٦٣٣ والمنتقى من السنن المسندة ص ١٦٦ ونصب الراية ج ٤ ص ٢٥٠ وج ٦ ص ٢١ وأسد الغابة ج ٥ ص ٣٦٥ وتاريخ المدينة ج ١ ص ١٨١ وعن البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٢٩ وعن عيون الأثر ج ٢ ص ١٤٦ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٣٨٢ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٣١ و ١٤٢ وج ٩ ص ١٣.

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٥٤ و ١٥٥ ونصب الراية ج ٤ ص ٢٥٢ وفتح الباب ج ٩ ص ٣٦٦.

١٧٤

أجلاهم عمر ، فلو كانوا صولحوا على أرضهم لم يجلوا منها (١).

وذكر الحلبي : أن هذين الحصنين ـ الوطيح وسلالم ـ هما المرادان بالكتيبة في قول بعضهم : كان «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يطعم من الكتيبة أهله الخ .. (٢).

ونقول :

أولا : إن هذا التفسير للمراد بالكتيبة غير صحيح ، حيث سيأتي التصريح منهم بخلاف ذلك ، وأن الكتيبة فتحت عنوة ، والوطيح وسلالم فتحا صلحا.

ثانيا : إن ما ذكره أبو عمر لا يصح ، إذ يمكن أن يجاب عنه : بأن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال لهم : إنه يصالحهم على النصف ما شاء ، أي إنه يخرجهم من خيبر متى شاء.

وهذا معناه : أنه لو كان نصف الأرض لهم ، لم يجز أن يعلق إخراجهم

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٥٤ وراجع : المجموع ج ١٥ ص ٢٠٩ والمبسوط ج ٢٣ ص ٤ والمحلى ج ٨ ص ٢١٤ وسبل السلام ج ٣ ص ٧٨ ونيل الأوطار ج ٨ ص ٢٢٢ ومكاتيب الرسول ج ٣ ص ١٦٧ وعن مسند أحمد ج ٢ ص ١٤٩ وعن صحيح البخاري ج ٣ ص ٥٥ و ٧١ وج ٤ ص ٦١ وعن صحيح مسلم ج ٥ ص ٢٧ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٦ ص ١١٤ وج ٩ ص ٢٢٤ وعن فتح الباري ج ٤ ص ٣٨٠ وج ٦ ص ١٩٤ وج ٧ ص ٣٦٦ وج ١٢ ص ٢٨٣ وتحفة الأحوذي ج ٤ ص ٥٣٠ وعون المعبود ج ٨ ص ١٦٣ و ١٧٧ وج ٩ ص ١٩٨ والمصنف للصنعاني ج ٦ ص ٥٥ وج ٨ ص ٩٨ وج ١٠ ص ٣٥٩ ونصب الراية ج ٥ ص ٣٠٦ والمنتقى من السنن المسندة ص ١٦٧ والجامع لأحكام القرآن ج ٨ ص ١٤٥ والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج ٢ ق ١ ص ٢٩٣.

(٢) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٤٨.

١٧٥

على مشيئته «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، لأن المفروض : أن نصف الأرض لهم ، فلا يصح له أن يخرجهم من الأرض متى شاء ، وذلك يدل على أن الفتح كان عنوة ..

إلا أن يكون المقصود بقوله متى شئنا : هو تعليق بقائهم على مشيئته في خصوص النصف الذي هو له ، وأما النصف الذي لهم فليس له أي دخل فيه .. وتكون فائدة هذا الاشتراط هي : أن عملهم في الأرض المملوكة لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ليس له وقت يجب الالتزام به.

ولكن هذا التوجيه خلاف الظاهر ، حيث إن ظاهره أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يقرهم في جميع بلادهم ولا يجليهم عنها كما أجلى بني النضير وقينقاع ، وهذا هو ما فهمه عمر بن الخطاب ، حيث برّر بهذه الكلمة إخراجهم من جميع أرض خيبر إلى مناطق أخرى انتقاما لولده عبد الله.

هذا بعض ما قالوه في هذا المقام ، ونحن نذكر شطرا آخر من أقوالهم ، ورواياتهم ، لتتضح الصورة ويتحدد لنا ما يريدون أن يصلوا إليه ، ثم نعقب ذلك بالقول الفصل ، وبيان ما هو المروي والثابت عن أهل البيت «عليهم‌السلام» ، وهم أدرى بما فيه ، فنقول :

كتاب مقاسم خيبر :

ذكر الواقدي نص كتاب مقاسم خيبر ، كما يلي :

«بسم الله الرحمن الرحيم :

هذا ما أعطى محمد رسول الله لأبي بكر بن أبي قحافة مائة وسق ، ولعقيل بن أبي طالب مائة وأربعين ، ولبني جعفر بن أبي طالب خمسين

١٧٦

وسقا ، ولربيعة بن الحارث مائة وسق ، ولأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب مائة وسق ، وللصلت بن مخرمة بن المطلب ثلاثين وسقا ، ولأبي نبقة خمسين وسقا ، ولركانة بن عبد يزيد خمسين وسقا ، وللقاسم بن مخرمة بن المطلب خمسين وسقا ، ولمسطح بن أثاثة بن عباد وأخته هند ثلاثين وسقا ، ولصفية بنت عبد المطلب أربعين وسقا ، ولبحينة بنت الحارث بن المطلب ثلاثين وسقا ، ولضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب أربعين وسقا ، وللحصين وخديجة وهند بنت عبيدة بن الحارث مائة وسق ، ولأم الحكم بنت الزبير بن عبد المطلب ثلاثين وسقا ، ولأم هاني بنت أبي طالب أربعين وسقا ، ولجمانة بنت أبي طالب ثلاثين وسقا ، ولأم طالب بنت أبي طالب ثلاثين وسقا ، ولقيس بن مخرمة بن المطلب خمسين وسقا ، ولأبي أرقم خمسين وسقا ، ولعبد الرحمن بن أبي بكر أربعين وسقا ، ولأبي بصرة أربعين وسقا ، ولابن أبي حبيش ثلاثين وسقا ، ولعبد الله بن وهب وابنيه خمسين وسقا ، لابنيه أربعين وسقا ، ولنميلة الكلبي من بني ليث خمسين وسقا ، ولأم حبيبة بنت جحش ثلاثين وسقا ، ولملكان بن عبدة ثلاثين وسقا ، ولمحيصة بن مسعود ثلاثين وسقا ، وأوصى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» للرهاويين بطعمة من خمس خيبر بجاد مائة وسق ، وللداريين بجاد مائة وسق» (١).

__________________

(١) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٦٩٤ وراجع : مجموعة الوثائق السياسية ٩٤ / ١٧ عنه والطبقات الكبرى ج ١ ق ٢ ص ٧٥ و ٧٦ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٨١٢ ومكاتيب الرسول ج ٣ ص ٦٢٢ والروض الأنف للسهيلي ج ٤.

١٧٧

كتاب آخر :

«بسم الله الرحمن الرحيم :

ذكر ما أعطى محمد رسول الله النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» نساءه من قمح خيبر ، قسم لهن مائة وسق وثمانين وسقا ، ولفاطمة بنت رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» خمسة وثمانين وسقا ، ولأسامة بن زيد أربعين وسقا ، وللمقداد بن الأسود خمسة عشر وسقا ، ولأم رميثة خمسة أوسق. شهد عثمان ، وعباس ، وكتب» (١).

والوسق : حمل بعير ، وهو ستون صاعا.

والصاع : أربعة أمداد.

واختلفوا : في معنى المد فراجع اختلافهم هذا في المصادر المختلفة (٢).

__________________

(١) السيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٤٠٧ وفي (ط أخرى) ص ٣٦٧ ومجموعة الوثائق السياسية : ٩٥ / ١٨ عن ابن هشام.

(٢) راجع : الجواهر ج ١٥ ص ٢٠٨ والطبقات لابن سعد (ط دار صادر) ج ٣ ص ٤٠٧ ومجموعة الوثائق السياسية ٩٥ / ١٨ عنها وتذكرة الفقهاء ج ١ ص ٢١٨ والمبسوط للطوسي ج ١ ص ٢١٤ والمهذب البارع ج ١ ص ١٦٦ والدروس ج ١ ص ٢٣٦ و ٢٥١ والجامع للشرائع ص ١٣١ و ١٣٩ والهداية ص ٤١ والسرائر ج ١ ص ٤٤٨ و ٤٦٩ وإرشاد الأذهان ج ١ ص ٢٨٣ والمؤتلف ج ١ ص ٢٨٠ والخلاف ج ٢ ص ٥٨ والمقنعة ص ٢٣٦ وجامع المقاصد ج ٢ ص ٤١ والمعتبر ج ٢ ص ٥٣٣ وجامع الخلاف والوفاق ص ١٣٦ ومجمع الفائدة ج ٤ ص ١٠٤ و ١٠٥ والحبل المتين ص ٢٦ وكشف اللثام (ط قديم) ج ١ ص ٨٢ والحدائق الناضرة ج ١٢ ص ١١٢ و ١١٤ و ١١٥ وغنائم الأيام ج ١ ص ١٩١ وج ٤ ص ٩٦ والإستبصار ج ١ ص ١٢١ وتهذيب الأحكام ج ١ ـ

١٧٨

مقاسم أرض خيبر في مصادر غير الشيعة :

وقد ذكروا أن عمر بن الخطاب قال :

«كانت لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ثلاث صفايا : مال بني النضير ، وخيبر ، وفدك.

فأما أموال بني النضير فكانت حبسا لنوائبه.

وأما فدك فكانت لأبناء السبيل.

وأما خيبر فجزأها ثلاثة أجزاء : فقسم جزأين منها بين المسلمين ، وحبس جزءا لنفسه ونفقة أهله ، فما فضل من نفقتهم ردّه إلى فقراء المسلمين» (١).

وقالوا أيضا : إن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ملك من حصون خيبر : الكتيبة ، أخذها من خمس الغنيمة (٢) ، والوطيح ، والسلالم ، وهما مما أفاء الله عليه ، فهذه الثلاثة صارت خالصة لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

__________________

ص ١٣٦ والوسائل (ط دار الإسلامية) ج ١ ص ٣٣٩ وعن البحار ج ٧٧ ص ٣٥٠ و ٣٥١ و ٣٥٤ وتحفة الأحوذي ج ١ ص ١٥٣ والجامع لأحكام القرآن وج ٣ ص ٣٤٩ وغريب الحديث ج ١ ص ١٢ وج ٣ ص ١١٣٥.

(١) فتوح البلدان ص ٣٠ ـ ٤٠ والدر المنثور ج ٦ ص ١٩٢ و ١٩٣ ومكاتيب الرسول ج ٣ ص ٦٢٣ وسنن أبي داود ج ٢ ص ٢٣ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٧ ص ٥٩ وعن فتح الباري ج ٦ ص ١٤٣ وشرح معاني الآثار ج ٣ ص ٣٠٢ وكنز العمال ج ٤ ص ٥٢٣ والسير الكبير ج ٢ ص ٦١٠ والطبقات الكبرى ج ١ ص ٥٠٣ وعن عيون الأثر ج ٢ ص ١٤٦ وعن السيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ٢٦٩ عن الإمتاع ، وعن المغازي للواقدي ج ١ ص ٣٧٨.

(٢) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٤٨ وراجع : ج ٣ ص ٦٢٥ ومعجم البلدان ج ٤ ص ٤٢٧.

١٧٩

وزعم الواقدي : أن بعضهم يقول : إن الكتيبة أيضا كانت فيئا لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» (١).

وذكر البلاذري : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قسم نصف خيبر بين المسلمين ، فكان سهمه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» فيما قسم الشق والنطاة ، وما حيز معهما. وكان فيما وقف الكتيبة والسلالم.

فلما صارت الأموال في يد رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لم يكن له من العمال من يكفيه عمل الأرض ، فدفعها إلى اليهود يعملونها على نصف ما خرج منها (٢).

أما الزهري فزعم : أن سهم الخمس هو الكتيبة. أما الشق ، والنطاة ، وسلالم ، والوطيح فللمسلمين. فأقرها في يد اليهود (٣).

وعن أبي هريرة ، قال : خرجنا مع رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عام خيبر ، فلم يغنم ذهبا ولا فضة إلا الإبل ، والبقر ، والمتاع ، والحوائط.

وفي رواية : إلا الأموال والثياب والمتاع. رواه مالك ، والشيخان ، وأبو

__________________

(١) راجع : الكامل في التاريخ ج ٢ ص ٢٢١ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٣٥١ ووفاء الوفاء ج ٤ ص ١٢٠٩ وعمدة الأخبار ص ٣١٥ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٦٧٠ و ٦٧١ و ٦٩١ و ٦٩٢ والأحكام السلطانية ج ١ ص ٢٠٠ وغير ذلك.

(٢) الطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ص ١١٢ ومعجم ما استعجم ج ٤ ص ١٣١٣ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٤٢ عن أبي داود (٣٠١٢) ومكاتيب الرسول ج ٣ ص ٦٢٤ ومعجم البلدان ج ٢ ص ٤١٠ وفتوح البلدان ج ١ ص ٢٨.

(٣) راجع : فتوح البلدان ج ١ ص ٢٨ ومعجم البلدان ج ٢ ص ٤١٠ ومكاتيب الرسول ج ٣ ص ٦٢٥ وصحيح ابن حبان ج ١١ ص ١٨٨.

١٨٠