الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ١٧

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ١٧

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-189-0
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٥٣

فيقوم سلمان ، والمقداد ، وأبو ذر.

ثم ينادي مناد : أين حوارييّ علي بن أبي طالب «عليه‌السلام» الخ ..؟ (١).

ثانيا : ما معنى وما فائدة قوله في الحديث المزعوم : وابن عمتي؟! فهل لم يكن الناس يعلمون : أن الزبير كان ابن عمة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله»؟!

وما فائدة كونه كذلك ، إذا كان سوف يخالف أمره «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ويخرج على أخيه ووصيه ، وابن عمه علي بن أبي طالب «عليه‌السلام»؟!. وسيخرج زوجته «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من خدرها ، ويسير بها في البلاد لتعينه على حرب علي «عليه‌السلام» ..

لقد كان ابن نوح أقرب إلى نوح من أي إنسان آخر ، ولكن ذلك لم ينفعه ، حين آثر الكفر على الإيمان والخيانة على الأمانة ..

ولقد كان أبو لهب أقرب الناس إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من الزبير ، ولكن ذلك لم ينفعه أيضا ، حين اختار أن يحارب الله ورسوله ..

__________________

(١) سفينة البحار ج ٢ ص ١٩٤ عن رجال الكشي ، والبحار ج ٣٤ ص ٢٧٥ وج ٢٢ ص ٣٤٢ والإختصاص (ط النجف) ص ٥٥ وروضة الواعظين (ط سنة ١٣٨٦ ه‍) ص ٢٨٢ وراجع : شجرة طوبى ج ١ ص ٧٨ ومستدرك سفينة البحار ج ٢ ص ٤٦٥ وتفسير نور الثقلين ج ٥ ص ٢١٠ وإختيار معرفة الرجال ج ١ ص ٤١ وجامع الرواة للأردبيلي ج ١ ص ١١٠ و ٥٤٥ والدرجات الرفيعة ص ٤٣٢ وطرائف المقال ج ٢ ص ٣٤٠ و ٥٩٣ ومعجم رجال الحديث ج ٤ ص ١٥٦ وج ٩ ص ١٩٧ وج ٢٠ ص ١٠٩ وتهذيب المقال ج ٤ ص ٢٠٠ والشيعة في أحاديث الفريقين ص ٥١٨.

٣٠١

بل إن قرابته هذه سوف تزيد من عذابه في نار جهنم ، لأنه يكون بها أشد إساءة إلى الرسول «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وإلى دين الله تعالى ، حيث ستكون سببا في صدود الناس عنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وعن الدين الذي جاء به.

كما أن هذه القرابة القريبة آكد في إقامة الحجة عليه ، بسبب شدة قربه من الرسول «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، واطّلاعه على أحواله ، وعلى صدقه وصحة ما جاء به ..

ثالثا : من أين لنا ، وكيف يمكن إثبات أن لكل نبي حواريا؟ فإن القرآن قد صرح : بأن عيسى «عليه‌السلام» هو الذي كان له حواريون ، كما أن الروايات تقول : إن للنبي الأعظم «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أيضا حواريين ..

ولم نجد مثل ذلك لسائر الأنبياء «عليهم‌السلام» ، سواء أكانوا من أولي العزم ، أم من غيرهم.

رابعا : بماذا استحق الزبير أن يكون حواري رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» دون سائر الصحابة ، ممن كانوا أقرب إليه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» منه بمراتب؟!

خامسا : روى هشام بن زيد ، عن أنس ، قال : سألت النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : من حواريك يا رسول الله؟!

فقال : الأئمة بعدي اثني عشر ، من صلب علي وفاطمة «عليهما‌السلام».

وهم حواريي ، وأنصار ديني (١).

__________________

(١) البحار ج ٣٦ ص ٢٧١ ومناقب آل أبي طالب ج ١ ص ٢١٣ وراجع : كفاية الأثر ص ٦٩.

٣٠٢

وفي نص آخر : عن أبي المفضل ، عن رجاء بن يحيى العبر تائي الكاتب ، عن محمد بن خلاد الباهلي ، عن معاذ بن معاذ ، عن ابن عون ، عن هشام بن زيد ، عن أنس بن مالك ، قال :

سألت رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عن حوارييّ عيسى «عليه‌السلام» ، فقال : كانوا من صفوته وخيرته ، وكانوا اثني عشر ، مجردين ، مكمشين في نصرة الله ورسوله ، لا زهو فيهم ، ولا ضعف ، ولا شك ، كانوا ينصرونه على بصيرة ونفاذ ، وجدّ وعناء.

قلت : فمن حواريك يا رسول الله؟

فقال : الأئمة من بعدي اثنا عشر ، من صلب علي وفاطمة ، هم حواريي ، وأنصار ديني عليهم من الله التحية والسلام (١).

لماذا تعظيم الزبير؟!

من الواضح : أن سياسة هؤلاء تقضي بتعظيم كل من ناوأ علي بن أبي طالب «عليه‌السلام» وحاربه ، فمن الطبيعي إذا أن نجدهم يهتمون بمنح الزبير الأوسمة وأن ينحلوه الكثير من البطولات التي لا يستحقها ، بل من الطبيعي أن يختلسوا مواقف أمير المؤمنين «عليه‌السلام» ويمنحوها لأعدائه الذين أحبوهم لبغضهم عليا «عليه‌السلام» ، والزبير ـ كما هو معلوم ـ قاد جيشا وحارب عليا «عليه‌السلام» وتسبب بقتل الألوف من المسلمين والمؤمنين ، ولكن الدائرة قد دارت عليه حتى قتل وهو منهزم كما دلت عليه

__________________

(١) البحار ج ٣٦ ص ٣٠٩ وكفاية الأثر ص ١٠.

٣٠٣

النصوص الكثيرة.

وأما بشارته «عليه‌السلام» لابن جرموز ـ قاتل الزبير ـ بالنار ، فإنما هي إخبار بالغيب عما سيؤول إليه أمر ابن جرموز من المروق من الدين ، وصيرورته خارجيا ، وليس لأجل أن الزبير قد تاب وانصرف عن الحرب. ولو كان لأجل ذلك لكان أقاده به ، ولما طلّ دمه.

وإنما قلنا : إنه قتل وهو منهزم ، استنادا إلى نصوص كثيرة ، نذكر منها ما يلي :

١ ـ إنه حينما ذكّر علي «عليه‌السلام» الزبير بقول رسول «صلى‌الله‌عليه‌وآله» له : «أما إنك ستحاربه ، وأنت ظالم له».

رجع الزبير إلى صفوفه ، واتهمه ولده عبد الله بالجبن وقال له :

ما أراك إلا جبنت عن سيوف بني عبد المطلب ، إنها لسيوف حداد ، تحملها فتية أنجاد.

فقال الزبير : ويلك ، أتهيجني على حربه؟! أما إني قد حلفت ألا أحاربه.

قال : كفّر عن يمينك ، لا تتحدث نساء قريش أنك جبنت ، وما كنت جبانا.

فقال الزبير : غلامي مكحول حر كفارة عن يميني.

ثم أنصل سنان رمحه ، وحمل على عسكر علي «عليه‌السلام» برمح لا سنان له.

فقال علي «عليه‌السلام» : أفرجوا له ، فإنه محرج.

ثم عاد إلى أصحابه ، ثم حمل ثانية ، ثم ثالثة.

ثم قال لابنه : أجبنا ـ ويلك ـ ترى؟!

٣٠٤

فقال : لقد أعذرت (١).

٢ ـ وقد قال همام الثقفي :

أيعتق مكحولا ويعصي نبيه

لقد تاه عن قصد الهدى ثم عوق

أينوي بهذا الصدق والبر والتقى

سيعلم يوما من يبر ويصدق (٢)

٣ ـ وقد قال النجاشي الشاعر ، في رثائه لعمرو بن محصن الأنصاري :

ونحن تركنا عند مختلف القنا

أخاكم عبيد الله لحما ملحّبا

بصفين لما ارفض عنه رجالكم

ووجه ابن عتاب تركناه ملغبا

وطلحة من بعد الزبير ، ولم ندع

لضبة في الهيجا عريفا ومنكبا (٣)

٤ ـ وروى البلاذري : أن ابن الزبير لما جبّن أباه وعيّره ، قال له : حلفت ألا أقاتله.

قال : فكفر عن يمينك.

فأعتق غلاما له يقال له : سرجس. وقام في الصف بينهم (٤).

__________________

(١) شرح النهج للمعتزلي (تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم) ج ١ ص ٢٣٤ وراجع : تلخيص الشافي ج ٤ ص ١٥٠ و ١٤١ و ١٤٢ و ١٤٣ والفصول المختارة ص ١٠٦ وتاريخ الأمم والملوك (ط دار المعارف بمصر) ج ٤ ص ٥٠٢ والكامل في التاريخ ج ٣ ص ٢٤٠ و ٢٦١ وتذكرة الخواص ص ٧١ والبحار ج ٣٢ ص ٢٠٥.

(٢) البحار ج ٣٢ ص ٢٠٥.

(٣) شرح النهج للمعتزلي (ط سنة ١٩٦٤ م) ج ٢ ص ٨١٩.

(٤) تلخيص الشافي ج ٤ ص ١٤٣ وشرح النهج للمعتزلي ج ٢ ص ١٦٧ وتاريخ الأمم والملوك (ط دار المعارف بمصر) ج ٤ ص ٥٠٩ وأنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج ٢ ص ٢٥٤.

٣٠٥

٥ ـ وقال عبد الرحمن بن سليمان :

لم أر كاليوم أخا إخوان

أعجب من مكفر الأيمان

بالعتق في معصية الرحمن

٦ ـ وقال رجل من شعرائهم :

يعتق مكحولا لصون دينه

كفارة لله عن يمينه

والنكث قد لاح على جبينه (١)

٧ ـ وكتب «عليه‌السلام» إلى أهل الكوفة يخبرهم بالفتح ، ويقول :

«فقتل طلحة والزبير. وقد تقدمت إليهما بالمعذرة ، وأبلغت إليهما بالنصيحة ، واستشهدت عليهما صلحاء الأمة ، فما أطاعا المرشدين ، ولا أجابا الناصحين الخ ..» (٢).

٨ ـ وعن سليم في حديث قال : ونشب القتال ، فقتل طلحة ، وانهزم الزبير (٣).

٩ ـ وعن الحسن قال : إن عليا «عليه‌السلام» لما هزم طلحة والزبير أقبل الناس مهزومين فمروا بامرأة حامل الخ .. (٤).

١٠ ـ وذكر الحاكم : أن عليا «عليه‌السلام» نادى في الناس : أن لا

__________________

(١) تلخيص الشافي ج ٤ ص ١٤٢ وتاريخ الأمم والملوك (ط دار المعارف بمصر) ج ٤ ص ٥٠٢ وتذكرة الخواص ص ٧١.

(٢) تلخيص الشافي ج ٤ ص ١٣٦.

(٣) البحار ج ٣٢ ص ٢١٧.

(٤) البحار ج ٣٢ ص ٢١٤.

٣٠٦

ترموا أحدا بسهم ولا تطعنوا برمح ، ولا تضربوا بسيف ، ولا تطلبوا القوم .. إلى أن قال :

ثم الزبير قال لأساورة كانوا معه : ارموهم برشق. وكأنه أراد أن ينشب القتال.

فلما نظر أصحابه إلى الانتشاب لم ينتظروا ، وحملوا.

فهزمهم الله ، ورمى مروان طلحة الخ .. (١).

وهذا يدل : على أن الوقعة الفاصلة قد حصلت بفعل الزبير نفسه وحضوره ، وأن الهزيمة وقعت عليه وعلى أصحابه.

١١ ـ وذكر الطبري : أنه «لما انهزم الناس في صدر النهار نادى الزبير : أنا الزبير ، هلموا إليّ أيها الناس ، ومعه مولى له ينادي : أعن حواري رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» تنهزمون؟!.

وانصرف الزبير نحو وادي السباع» (٢).

١٢ ـ وذكروا أيضا : أن كعب بن سور أقبل إلى عائشة ، فقال : أدركي ، فقد أبى القوم إلا القتال ، فركبت ، وألبسوا هودجها الأدراع ، ثم بعثوا جملها ، فلما برزت من البيوت وقفت واقتتل الناس ، وقاتل الزبير ، فحمل عليه عمار بن ياسر ، فجعل يحوزه بالرمح والزبير كاف عنه ، ويقول : أتقتلني ، يا أبا اليقظان؟

فيقول : لا ، يا أبا عبد الله.

__________________

(١) مستدرك الحاكم ج ٣ ص ٣٧١.

(٢) تاريخ الأمم والملوك (ط دار المعارف بمصر) ج ٤ ص ٥١٢.

٣٠٧

وإنما كف عنه الزبير لقول رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : تقتل عمارا الفئة الباغية. ولو لا ذلك لقتله.

وبينما عائشة واقفة إذ سمعت ضجة شديدة .. فقالت : ما هذا؟

قالوا : ضجة العسكر.

قالت : بخير أو بشر؟

قالوا : بشر.

فما فجأها إلا الهزيمة.

فمضى الزبير من سننه في وجهه ، فسلك وادي السباع ، وجاء طلحة سهم غرب الخ .. (١).

أضاف ابن الأثير قوله عن الزبير : وإنما فارق المعركة ، لأنه قاتل تعذيرا لما ذكر علي «عليه‌السلام» (٢).

١٣ ـ ونص آخر يقول : «لما انهزم الناس يوم الجمل عن طلحة والزبير ، مضى الزبير حتى مرّ بمعسكر الأحنف الخ ..» (٣).

١٤ ـ وعن محمد بن إبراهيم قال : «هرب الزبير على فرس له ، يدعى بذي الخمار ، حتى وقع بسفوان ، فمر بعبد الله بن سعيد المجاشعي الخ ..» (٤).

١٥ ـ وفي نص آخر : «هرب الزبير إلى المدينة ، حتى أتى وادي السباع ،

__________________

(١) راجع : الكامل في التاريخ ج ٣ ص ٢٤٣ وراجع ص ٢٦٢ وتاريخ الأمم والملوك ج ٤ ص ٥٠٧.

(٢) الكامل ج ٣ ص ٢٤٣.

(٣) تاريخ الأمم والملوك ج ٤ ص ٥٣٤.

(٤) الجمل ص ٣٨٧.

٣٠٨

فرفع الأحنف صوته الخ ..» (١).

١٦ ـ وعن أبي مخنف وغيره : مضى الزبير حين هزم الناس يريد المدينة ، حتى مر بالأحنف أو قريبا منه الخ .. (٢).

١٧ ـ ولعل ما ذكره البلاذري إذا ضممناه إلى ما تقدم يصلح بيانا لحقيقة ما جرى.

فقد روى عن قتادة ، قال : لما اقتتلوا يوم الجمل كانت الدبرة على أصحاب الجمل ، فأفضى علي إلى الناحية التي فيها الزبير ، فلما واجهه قال له : يا أبا عبد الله ، أتقاتلني بعد بيعتي وبعد ما سمعت من رسول الله في قتالك لي ظالما؟!

فاستحيا وانسل على فرسه منصرفا إلى المدينة ، فلما صار بسفوان لقيه رجل من مجاشع يقال له : النعر بن زمام ، فقال له : أجرني.

قال النعر : أنت في جواري يا حواري رسول الله.

فقال الأحنف : وا عجبا!! الزبير لفّ بين غارين (أي جيشين) من المسلمين ، ثم قد نجا بنفسه الخ .. (٣).

فالمراد بانصراف الزبير هو انصراف الهزيمة ، لا انصراف التوبة كما هو ظاهر هذا النص إذ لو كان قد انصرف عن القتال على سبيل التوبة ، لما احتاج إلى من يجيره.

__________________

(١) الجمل ص ٣٩٠.

(٢) أنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج ٢ ص ٢٥٤.

(٣) المصدر السابق ج ٢ ص ٢٥٨.

٣٠٩

وقد صرحت سائر النصوص التي ذكرناها آنفا بهذه الهزيمة.

صيغة أخرى لما جرى في خيبر :

قد تقدم : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، قال لعلي «عليه‌السلام» قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ..

ولكن نصا آخر ذكر تفصيلا لهذه الوصية يحتاج إلى الكثير من الدراسة والتأمل ، فإنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» حين دفع إليه الراية قال له :

«سر في المسلمين إلى باب الحصن ، وادعهم إلى إحدى ثلاث خصال : إما أن يدخلوا في الإسلام ، ولهم ما للمسلمين ، وعليهم ما عليهم ، وأموالهم لهم ..

وإما أن يذعنوا للجزية والصلح ، ولهم الذمة ، وأموالهم لهم.

وإما الحرب.

فإن اختاروا الحرب فحاربهم.

فأخذها وسار بها والمسلمون خلفه ، حتى وافى باب الحصن ، فاستقبله حماة اليهود ، وفي أولهم مرحب يهدر كما يهدر البعير.

فدعاهم إلى الإسلام فأبوا ، ثم دعاهم إلى الذمة فأبوا ، فحمل عليهم أمير المؤمنين «عليه‌السلام» فانهزموا بين يديه ودخلوا الحصن وردوا بابه ، وكان الباب حجرا منقورا في صخر ، والباب من الحجر في ذلك الصخر المنقور كأنه حجر رحى ، وفي وسطه ثقب لطيف ، فرمى أمير المؤمنين «عليه‌السلام» بقوسه من يده اليسرى ، وجعل يده اليسرى في ذلك الثقب الذي في وسط الحجر دون اليمنى ، لأن السيف كان في يده اليمنى ، ثم جذبه إليه

٣١٠

فانهار الصخر المنقور ، وصار الباب في يده اليسرى.

فحملت عليه اليهود ، فجعل ذلك ترسا له ، وحمل عليهم فضرب مرحبا فقتله ، وانهزم اليهود من بين يديه ؛ فرمى عند ذلك الحجر بيده اليسرى إلى خلفه ، فمر الحجر الذي هو الباب على رؤس الناس من المسلمين إلى أن وقع في آخر العسكر.

قال المسلمون : فذرعنا المسافة التي مضى فيها الباب فكانت أربعين ذراعا ، ثم اجتمعنا على الباب لنرفعه من الأرض وكنا أربعين رجلا حتى تهيأ لنا أن نرفعه قليلا من الأرض» (١).

ونقول :

إننا نذكر القارئ بالأمور التالية :

١ ـ إن من ينقض العهود ، ويخون المواثيق إنما يعامله الناس بحزم وبقسوة ، ولا يعطونه عادة أي خيار ، ولا يمنحونه أية فرصة للاختيار ، أما إذا تكررت تلك الخيانات ، وظهر تصميمه على ممارسة العدوان في أية فرصة تسنح له ، فلا يترددون في سحقه ، وتدميره ، واقتلاعه من جذوره ..

ولكن نبينا الأعظم «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، لم يعامل اليهود بهذه الروحية ، بل عاملهم بالعفو وبالتسامح ، وبالسعي لمجرد إبطال كيدهم ، ودفع شرهم. رغم تكرر خياناتهم له ، وإصرارهم على نقض العهود ، وإعلانهم الحرب عليه.

__________________

(١) البحار ج ٢١ ص ٢٩ والخرايج والجرايح ج ١ ص ١٦١ وراجع : إحقاق الحق ج ٥ ص ٣٦٨.

٣١١

فها هو يقدم لهم خيارات تمنحهم الحياة ، وتعفيهم من العقوبة ، بل إن بعض تلك الخيارات يمنحهم حصانة ، وحقوقا ، تساويهم مع سائر من هم معه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ..

إنه يقول لهم : إن أسلموا حقنوا دماءهم ، واحرزوا أموالهم ، ولهم ما للمسلمين ، وعليهم ما عليهم.

وإن لم يفعلوا ذلك .. فإنه أيضا لا ينظر إليهم نظرة العدو والمحارب ، بل هو يعطيهم فرصة أخرى للعيش بأمن وسلام ، وتكون أموالهم لهم ، ولهم ذمة المسلمين.

٢ ـ إن اقتلاع باب خيبر كان كافيا لإقناع اليهود بعدم جدوى الحرب ، وبأن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ووصيه ، وأولياءه مؤيدون من الله .. وكان كافيا لأن تستسلم قلوبهم لنداء الضمير والوجدان ، ويعلنوا إيمانهم وإسلامهم.

ولكن ذلك لم يكن ، بل عكسه هو الذي كان ، فقد حملوا على علي «عليه‌السلام» مرة أخرى ..

فحمل عليهم وهزمهم ..

٣ ـ ثم رمى ذلك الباب من يده إلى مسافات بعيدة ، فكان ذلك يكفي رادعا آخر لهم عن غيهم ، ودافعا لهم ليثوبوا إلى رشدهم ، وليعلنوا إيمانهم. ولكن ذلك لم يحصل أيضا.

٤ ـ والأغرب من كل هذا وذاك : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لم يغيّر طريقة تعامله معهم ، بل بقي يعتمد سياسة الصفح ، والرفق والتخفيف. فهو بعد كل هذا العناد ، والتحدي والإصرار على مواصلة الحرب ، لم ينتقم

٣١٢

منهم ، ولم يواجههم بما يستحقونه ، بل قبل بأن يعملوا له في الأرض ، وأن يعطوه نصف ما يحصل منها .. مع أنهم لا يستحقون البقاء على قيد الحياة ، فضلا عن أن يكون «صلى‌الله‌عليه‌وآله» هو الذي يهيء لهم الفرصة للحصول على ما يعتاشون به ، ويلبي لهم حاجاتهم.

من سمى عليا عليه‌السلام بحيدرة؟!

قد تقدم : أن عليا «عليه‌السلام» قال في مواجهة مرحب :

أنا الذي سمتني أمي حيدرة

كليث غابات كريه ...

وقال ثابت بن قاسم : في تسمية علي «عليه‌السلام» بحيدرة ، ثلاثة أقوال :

أحدها : أن اسمه في الكتب المتقدمة أسد ، والأسد هو الحيدرة.

الثاني : أن أمه فاطمة بنت أسد «رضي‌الله‌عنها» حين ولدته ، كان أبوه غائبا ، فسمته باسم أبيها. فقدم أبوه فسماه عليا.

الثالث : أنه كان لقب في صغره بحيدرة ، لأن «الحيدرة» الممتلئ لحما مع عظم بطن. وكذلك كان علي (١).

وذكر ذلك الحلبي أيضا ولكنه لم يشر إلى أن اسمه في الكتب المتقدمة

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٦٣ وقال : «وذكره الشيخ كمال الدين الدميري (ره) في شرح المنهاج» وراجع : حياة الحيوان (ط المكتبة الشرفية بالقاهرة) ج ١ ص ٢٣٧ ولسان العرب (ط سنة ١٤١٦ ه‍) ج ٣ ص ٨٤ و ٨٥ ومجمع البحرين ج ٣ ص ٢٦١ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٥٠ وشرح النهج للمعتزلي ج ١ ص ١٢.

٣١٣

أسد ، فراجع (١).

ثم قال : «ويقال : إن ذلك كان كشفا من علي كرم الله وجهه ، بحيث إن الله أطلع عليا على رؤيا كان مرحب قد رآها في تلك الليلة في المنام : أن أسدا افترسه ، فذكّره علي كرم الله وجهه بذلك. ليخيفه ، ويضعف نفسه» (٢).

ونقول :

أولا : لو صح قولهم : إن لكلمة حيدرة عدة معان ، فلما ذا يختارون منها ما يوهم الناس بأمور غير محببة؟! حتى لقد قالوا : الحيدرة : الممتلئ لحما مع عظم بطن ، وكذلك كان علي «عليه‌السلام». أي أنه قد لقب ب «الحيدرة» لعظم بطنه ..

مع أنهم يقولون : إن أمه هي التي سمته بذلك حين ولدته ، فهل كان عظيم البطن من حين ولادته؟!

وإذا كان قد صرح هو نفسه : بأن أمه قد سمته بحيدرة وكان ذلك منذ ولادته ، فما معنى قولهم : لقّب بذلك منذ صغره؟!

فإن اللقب غير الاسم .. والاسم يوضع للمولود من حين يولد ، ولحوق اللقب في الصغر قد يتأخر لمدة سنوات.

ثانيا : ما معنى قولهم : كان لقّب في سفره ب «الحيدرة»؟ ألا ينافي هذا قول علي «عليه‌السلام» نفسه :

أنا الذي سمتني أمي حيدرة

كليث غابات كريه ...

__________________

(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٣٨.

(٢) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٣٨.

٣١٤

ثالثا : لماذا لا يذكرون ما قاله ابن الأعرابي : الحيدرة في الأسد مثل الملك في الناس ، وما قاله أبو العباس : يعني لغلظ عنقه ، وقوة ساعديه؟!

رابعا : قد ذكر ابن بري : أن أم علي لم تسم عليا «عليه‌السلام» حيدرة ، بل سمته أسدا (١).

لكنه «عليه‌السلام» لم يتمكن من ذكر الأسد لأجل القافية ، فعبر بمعناه وهو : «حيدرة» ، فرد عليه ابن منظور بقوله :

«وهذا العذر من ابن بري لا يتم له ، إلا إن كان الرجز أكثر من هذه الأبيات ، ولم يكن أيضا ابتدأ بقوله : «أنا الذي سمتني أمي حيدرة» ، وإلا فإذا كان هذا البيت ابتداء الرجز ، وكان كثيرا أو قليلا ، كان رضي‌الله‌عنه مخيرا في إطلاق القوافي على أي حرف شاء ، مما يستقيم الوزن له به.

كقوله : «أنا الذي سمتني أمي الأسد» ، أو «أسدا» ، وله في هذه القافية مجال واسع ، فنطقه بهذا الاسم على هذه القافية من غير قافية تقدمت ، يجب اتباعها ، ولا ضرورة صرفته إليها ، مما يدل على أنه سمي حيدرة» (٢).

الصحيح في هذه القضية :

والصحيح هو : ما رواه المفيد عن الحسين بن علي بن محمد التمار ، عن علي بن ماهان ، عن عمه ، عن محمد بن عمر ، عن ثور بن يزيد ، عن مكحول ، قال :

لما كان يوم خيبر خرج رجل يقال له : مرحب. وكان طويل القامة ،

__________________

(١) لسان العرب (ط سنة ١٤١٦ ه‍.) ج ٣ ص ٨٤.

(٢) المصدر السابق ج ٣ ص ٨٤ و ٨٥.

٣١٥

عظيم الهامة ، وكانت اليهود تقدمه لشجاعته ويساره.

قال : فخرج ذلك اليوم إلى أصحاب رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فما واقفه قرن إلا قال : أنا مرحب. ثم حمل عليه ، فلم يثبت له.

قال : وكانت له ظئر ، وكانت كاهنة ، تعجب بشبابه ، وعظم خلقه.

وكانت تقول له : قاتل كل من قاتلك ، وغالب كل من غالبك ، إلا من تسمّى عليك ب «حيدرة» ، فإنك إن وقفت له هلكت.

قال : فلما كثر مناوشته ، وجزع الناس بمقاومته ، شكوا ذلك إلى النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وسألوه أن يخرج إليه عليا «عليه‌السلام» ، فدعا النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عليا «عليه‌السلام» ، وقال له : «يا علي ، اكفني مرحبا».

فخرج إليه أمير المؤمنين «عليه‌السلام» ، فلما بصر به مرحب يسرع إليه فلم يره يعبأ به ، أنكر ذلك ، وأحجم عنه ، ثم أقدم وهو يقول :

أنا الذي سمتني أمي مرحبا

 ....

فأقبل علي «عليه‌السلام» وهو يقول :

أنا الذي سمتني أمي حيدرة

كليث غابات كريه ....

فلما سمعها منه مرحب هرب ولم يقف ، خوفا مما حذرته منه ظئره ، فتمثل له إبليس في صورة حبر من أحبار اليهود ، فقال : إلى أين يا مرحب؟

فقال : قد تسمى عليّ هذا القرن بحيدرة!!

فقال له إبليس : فما حيدرة؟

فقال : إن فلانة ظئري كانت تحذرني من مبارزة رجل اسمه حيدرة ، وتقول : إنه قاتلك.

فقال له إبليس : شوها لك ، لو لم يكن حيدرة إلا هذا وحده لما كان

٣١٦

مثلك يرجع عن مثله ، تأخذ بقول النساء ، وهن يخطئن أكثر مما يصبن؟! وحيدرة في الدنيا كثير ، فارجع فلعلك تقتله ، فإن قتلته سدت قومك ، وأنا في ظهرك أستصرخ اليهود لك ، فرده ، فو الله ما كان إلا كفواق ناقة حتى ضربه علي ضربة سقط منها لوجهه ، وانهزم اليهود يقولون : قتل مرحب ، قتل مرحب (١).

إشارات ودلالات :

وقد تضمن هذا الحديث أمورا هامة تحسن الإشارة إليها. والدلالة عليها ، وهي التالية :

ألف : سر زعامة مرحب :

قد ذكر الحديث : أن سبب تقديم اليهود لمرحب أمران :

أحدهما : شجاعته.

والثاني : يساره.

نعم .. وهذا هو المتوقع من اليهود الذين لا يفكرون إلا بالمال ، وبالدنيا ، والذين يسعون في الأرض فسادا ، ويثيرون الفتن بين الناس ، وكل همهم هو الهيمنة على الآخرين ، وإذلالهم ، وقهرهم ، فإن ذلك هو ما ينسجم مع نظرتهم الاستعلائية إلى كل من هو غير إسرائيلي ، لأنهم ـ بزعمهم ـ شعب الله المختار ، وقد خلق الله تعالى غيرهم من أجل خدمتهم ، وقد

__________________

(١) البحار ج ٢١ ص ٩ عن الأمالي للمفيد ، وأمالي الطوسي ص ٤ ومدينة المعاجز ج ١ ص ١٧٨.

٣١٧

تحدثنا عن جانب من آرائهم هذه في كتابنا : سلمان الفارسي في مواجهة التحدي.

إن تقدم مرحب بينهم لم يكن لأجل عقله ، ودينه ، ومزاياه الأخلاقية ، والإنسانية ، بل لأنهم يحتاجون إلى فروسيته وشجاعته ، وقوته ، ويحتاجون إلى ماله ودنياه أيضا.

ب : اكفني مرحبا :

وبعد ، فما أروع كلمة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «يا علي ، اكفني مرحبا» ، فإنه تحدث بصيغة المتكلم وحده «اكفني» ، ربما لكي يشير : إلى أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» هو المقصود الحقيقي لمرحب ، وأن همة اليهود منصرفة إلى النيل من شخص رسول لله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وأن لا مشكلة لمرحب مع أحد من الناس إلا معه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ..

أما سائر من حضر فلا يقيم مرحب لهم وزنا ، وهو قادر على استيعاب كل حركتهم ضده ، وليشير «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في كلامه هذا : إلى أن الذي يكفيه ويدفعه عنه هو خصوص علي «عليه‌السلام» دون سواه.

ج : الناس يريدون عليا عليه‌السلام :

وصرحت الرواية الآنفة الذكر أيضا : بأن الناس حين جزعوا وعجزوا عن مقاومة مرحب التجأوا إلى النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وسألوه أن يخرج إليه عليا «عليه‌السلام». مع علمهم بشدة مرضه «عليه‌السلام» ، وذلك يدل على أنهم كانوا يعرفون طرفا من جهاد علي «عليه‌السلام» ، وإقدامه وتضحياته في سبيل الله تعالى ، ويعرفون أنه لا يتعرض له أحد إلا

٣١٨

هلك ، وأن مرضه لا يقصر به عن بلوغ غاياته ..

فإن صحت هذه الرواية التي نحن بصدد الحديث عنها ، فهي لا تنافي روايات إرسال غير علي «عليه‌السلام» بالراية قبله ، لجواز أن يكون الناس قد طلبوا من النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إرسال علي «عليه‌السلام» بعد فشل الذين كان قد أرسلهم قبل ذلك ..

بل قد يكون طلبهم هذا قبل إرسال الآخرين أيضا ، لكن النبي الأعظم «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد آثر أن لا يرسل عليا «عليه‌السلام» من أول يوم لمصالح رآها ..

ولعل بعضها قد اتضح في ثنايا هذا الكتاب.

بل قد يكون قسم من المسلمين ، طلبوا من النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن يخرج عليا «عليه‌السلام» لمرحب ، مع عدم علمهم بحالته الصحية ، فوافق ذلك ما كان النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد عقد العزم عليه ، فأعطاه الراية ، وأمره بأن يكفيه مرحبا.

ثم تعجب العارفون برمد عيني علي «عليه‌السلام» ، حين رأوه «عليه‌السلام» قد حضر بينهم.

وبذلك يتضح : أنه لا تناقض ولا اختلاف فيما بين هذه الرواية ورواية إعطاء الراية لعلي «عليه‌السلام» ، خصوصا تلك التي صرحت بأنهم قد فوجئوا بعلي «عليه‌السلام».

د : تمثل أبليس :

وقد يستغرب البعض أن يتمثل إبليس بصورة بعض أحبار اليهود ..

٣١٩

ولكن الحقيقة هي : أنه لا غرابة في ذلك ، فإن الآيات قد صرحت بأن إبليس كان من الجن .. والجن كما دلت عليه الروايات يقدرون على التمثل ، تماما كما يقدر الملائكة على ذلك.

وقد دلت الآيات والروايات على تمثل الملائكة ، قال تعالى : (فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا) (١).

وكان جبرئيل يتمثل بصورة دحية الكلبي ـ على حد زعمهم ـ.

وقد ذكر الله تعالى : أن إبليس كان من الجن ، فقال : (إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِ) (٢).

وأشارت الروايات : إلى أن الجن أيضا يتمثلون بصورة البشر ، ويدل على ذلك : ما ورد من أن إبليس قد تمثل لقريش حينما تآمروا على قتل رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وأشار عليهم باختيار عشرة من الرجال ـ كل واحد من قبيلة ـ ويبيّتوا رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ويضربوه بأسيافهم ليضيع دمه في القبائل ..

فقبلوا مشورته ، وحاولوا تنفيذها في ليلة الهجرة ، حيث بات علي «عليه‌السلام» في فراش الرسول «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فنجى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بسبب ذلك (٣).

وقد روي عن الحارث الأعور قال : بينا أمير المؤمنين «عليه‌السلام»

__________________

(١) الآية ١٧ من سورة مريم.

(٢) الآية ٥٠ من سورة الكهف.

(٣) تاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٦٨ والبداية والنهاية ج ٣ ص ١٧٥ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٣٢١ و ٣٢٢.

٣٢٠