دلائل الصدق لنهج الحق - ج ٤

الشيخ محمد حسن المظفر

دلائل الصدق لنهج الحق - ج ٤

المؤلف:

الشيخ محمد حسن المظفر


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-357-8
الصفحات: ٤٤٢

هذا ، وقد استدلّ بعضهم على نبوّة إخوة يوسف عليه‌السلام بقوله تعالى : ( وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ ... ) (١) الآية.

قال الرازي في تفسيرها : « اختلفوا في الاجتباء ، فقال الحسن : يجتبيك ربّك بالنبوّة ، وقال آخرون : المراد به إعلاء الدرجة وتعظيم الرتبة ».

.. إلى أنّ قال : « واعلم أنّا لمّا فسّرنا الآية بالنبوّة لزم الحكم بأنّ أولاد يعقوب كلّهم كانوا أنبياء ؛ وذلك لأنّه قال : ( وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ ) ، وهذا يقتضي حصول تمام النعمة لآل يعقوب ، فلمّا كان المراد من تمام النعمة النبوّة لزم حصولها لآل يعقوب وترك العمل به في حقّ من عدا أبنائه ، فوجب أن يبقى معمولا به في حقّ أولاده » (٢) ..

وفيه نظر ظاهر ؛ حتّى إذا أريد بالاجتباء الاصطفاء للنبوّة ، كما هو الأقرب ؛ لأنّ عطف إتمام النعمة على الاجتباء دليل على المغايرة بينهما ، ولهذا خصّ يوسف عليه‌السلام بالاجتباء ، وعمّه وغيره من آل يعقوب بإتمام النعمة.

على أنّه لو أريد بإتمام النعمة النبوّة ، فلا بدّ أن يكون إتمامها عليهم بلحاظ ثبوتها لبعضهم لا لمطلق آل يعقوب ، وإلّا لزم خروج الأكثر ، وهو غير صحيح في العربية ، فكيف يثبت بالآية نبوّة إخوة يوسف عليه‌السلام؟!

هذا ، وأمّا ما أشار إليه الخصم من أجوبته السابقة ، فقد عرفت أنّها

__________________

(١) سورة يوسف ١٢ : ٦.

(٢) تفسير الفخر الرازي ١٨ / ٩١ ـ ٩٢.

٢٠١

لا تستحقّ أن توسم بالجواب.

وقد عرفت أنّ كلّ ما نسبه المصنّف إليهم حقّ بلا ارتياب ..

وأنّ القول بالحسن والقبح العقليّين بالمعنيين المذكورين لا ينفع في منع بعثة من يوصف بتلك القبائح (١) ، فلاحظ واستقم!

* * *

والله هو الموفّق ،

وله الحمد حمدا دائما ،

ونسأله العصمة عن الخلل في القول والعمل ،

إنّه أكرم المسؤولين ، وأجود المعطين.

والصلاة والسلام على محمّد وآله المعصومين.

تمّ بقلم مصنّفه محمّد حسن بن الشيخ محمّد مظفّر قدس‌سره.

* * *

__________________

(١) راجع ردّ الشيخ المظفّر قدس‌سره في ج ٢ / ٤١٣ من هذا الكتاب.

٢٠٢

مباحث الإمامة

٢٠٣
٢٠٤

بسم الله الرّحمن الرحيم

الحمد ربّ العالمين ، وصلّى الله على سيّد النبيّين وآله المعصومين ، الّذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا.

قال المصنّف ـ قدّس الله نفسه ـ (١) :

المسألة الخامسة في الإمامة

وجوب عصمة الإمام

وفيها مباحث :

[ المبحث ] الأوّل

في أنّ الإمام يجب أن يكون معصوما

ذهبت الإمامية إلى أنّ الأئمّة كالأنبياء في وجوب عصمتهم عن جميع القبائح والفواحش من الصغر إلى الموت ، عمدا وسهوا.

لأنّهم حفظة الشرع والقوّامون به ، حالهم في ذلك كحال النبيّ ، ولأنّ الحاجة إلى الإمام إنّما هي للانتصاف للمظلوم من الظالم ، ورفع الفساد ،

__________________

(١) نهج الحقّ : ١٦٤.

٢٠٥

وحسم مادّة الفتن ، وأنّ الإمام لطف يمنع القاهر من التعدّي ، ويحمل الناس على فعل الطاعات واجتناب المحرّمات ، ويقيم الحدود والفرائض ، ويؤاخذ الفسّاق ، ويعزّر من يستحقّ التعزير ، فلو جازت عليه المعصية وصدرت عنه ، انتفت هذه الفوائد وافتقر إلى إمام آخر ، وتسلسل (١).

وخالفت السنّة في ذلك ، وذهبوا إلى جواز إمامة الفسّاق والعصاة والسرّاق (٢) ، كما قال الزمخشري ـ وهو من أفضل علمائهم _ :

« لا كالدوانيقي المتلصّص » (٣)! يشير به إلى المنصور (٤).

فأيّ عاقل يرضى لنفسه الانقياد الديني والتقرّب إلى الله تعالى بامتثال أوامر من كان يفسق طول وقته وهو غائص في القيادة وأنواع الفواحش ، ويعرض عن المطيعين المبالغين في الزهد والعبادة؟! وقد أنكر الله تعالى بقوله : ( أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ

__________________

(١) الذخيرة في علم الكلام : ٤٢٩ ـ ٤٣١ ، شرح جمل العلم والعمل : ١٩٢ ، المنقذ من التقليد ٢ / ٢٧٨ ، تجريد الاعتقاد : ٢٢١ ـ ٢٢٢.

(٢) انظر : أصول السنّة ـ لأحمد بن حنبل ـ : ٨٠ ، الأحكام السلطانية ـ للفرّاء _ : ٢٤ ، الإرشاد ـ للجويني ـ : ٣٥٨ ، شرح المقاصد ٥ / ٢٥٧ ، شرح العقائد النسفية : ٢٣٩ ـ ٢٤١ ، إتحاف السادة المتّقين ٢ / ٢٣٣.

(٣) تفسير الكشّاف ١ / ٣٠٩.

(٤) هو : أبو جعفر عبد الله بن محمّد بن علي بن العبّاس ، الملقّب بالمنصور ، ولد سنة ٩٥ ه‍ ، وكان يلقّب في صغره بمدرك التراب وبالطويل كذلك ، ثمّ لقّب في أيّام حكومته بأبي الدوانيق والدوانيقي ، لبخله ومحاسبته الصّنّاع على الدوانيق والحبّات .. وأمّه سلّامة البربريّة ؛ أباد جماعة كبارا حتّى توطّد له الملك ودانت له الأمم على ظلمه ، توفّي سنة ١٥٨ ه‍.

انظر : مروج الذهب ٣ / ٢٨١ ، تاريخ بغداد ١٠ / ٥٣ رقم ٥١٧٩ ، سير أعلام النبلاء ٧ / ٨٣ رقم ٣٧ ، تاريخ الخميس ٢ / ٣٢٤.

٢٠٦

أُولُوا الْأَلْبابِ ) (١).

فالأشاعرة لا يتمشّى هذا على قواعدهم ، حيث جوّزوا صدور القبائح عنه تعالى ومن جملتها الكذب ، فجاز الكذب في هذا القول ، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.

وأمّا الباقون فإنّهم جوّزوا تقديم المفضول على الفاضل (٢) ، فلا يتمشّى هذا الإنكار على قولهم أيضا ..

فقد ظهر أنّ الفريقين خالفوا الكتاب العزيز!

* * *

__________________

(١) سورة الزمر ٣٩ : ٩.

(٢) المغني ـ للقاضي عبد الجبّار ـ ٢٠ ق ١ / ٢١٥ ، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ١ / ٣.

وقد قال جمع من متكلّمي الأشاعرة وعلمائهم بذلك أيضا وإن اشتهر أنّه من مختصّات المعتزلة ، فانظر : غياث الأمم : ١٤٠ ، تفسير القرطبي ١ / ١٨٧ المسألة ١٢ من الآية ٢ لكريمة ( وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ) سورة البقرة ٢ : ٣٠ ، شرح المقاصد ٥ / ٢٤٦ ـ ٢٤٧ ، شرح العقائد النسفية : ٢٣٨ ، شرح المواقف ٨ / ٣٧٢ ـ ٣٧٣.

٢٠٧

وقال الفضل (١) :

إعلم أنّ مبحث الإمامة عند الأشاعرة ليست من أصول الديانات والعقائد ، بل هي عند الأشاعرة من الفروع المتعلّقة بأفعال المكلّفين (٢).

والإمامة عند الأشاعرة : هي خلافة الرسول في إقامة الدين وحفظ حوزة الملّة ، بحيث يجب اتّباعه على كافّة الأمّة (٣).

وشروط الإمام الذي هو أهل للإمامة ومستحقّها أن يكون :

مجتهدا في الأصول والفروع ؛ ليقوم بأمر الدين ..

ذا رأي وبصارة بتدبير الحرب وترتيب الجيوش ..

شجاعا قويّ القلب ؛ ليقوى على الذبّ عن الحوزة ..

عدلا ؛ لئلّا يجور ، فإنّ الفاسق ربّما يصرف الأموال في أغراض نفسه ، والعدل عندنا من لم يباشر الكبائر ولم يصرّ على الصغائر ..

عاقلا ؛ ليصلح للتصرّفات الشرعية ..

بالغا ؛ لقصور عقل الصبي ..

ذكرا ؛ إذ النساء ناقصات العقل والدين ..

حرّا ..

قرشيّا.

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٢ / ٢٩٤.

(٢) الإرشاد ـ للجويني ـ : ٣٤٥ ، المواقف : ٣٩٥ ، شرح المواقف ٨ / ٣٤٤.

(٣) غياث الأمم في التياث الظلم : ٥٥ و ٥٩ ، المواقف : ٣٩٥ ، شرح المواقف ٨ / ٣٤٥.

٢٠٨

فمن جمع هذه الصفات فهو أهل للإمامة والزعامة الكبرى (١).

وأمّا العصمة فقد شرطها الشيعة الإمامية والإسماعيلية ، واستدلّ عليها هذا الرجل بأنّ الحاجة إلى الإمام بالأمور المذكورة ، ولو جازت المعصية عليه وصدرت عنه ، انتفت هذه الفوائد.

ونقول : ماذا يريد من العصمة؟! إن أراد وجوب الاجتناب في جميع أحواله عن الصغائر والكبائر ، فلا نسلّم لزوم ذلك ؛ لأنّ صدور بعض الصغائر المعفوّ عنها لاجتنابه عن الكبائر لا يوجب أن لا يكون منتصفا من الظالم للمظلوم وباقي الأمور المذكورة.

وإن أراد وجود ملكة مانعة من الفجور ، فنحن أيضا نقول بهذه العصمة ووجوبها للإمام ؛ لأنّا شرطنا أن يكون عدلا ، والعدل من له ملكة العصمة المانعة من الفجور ..

وصدور بعض الصغائر عنه في بعض الأوقات لا يبطل ملكة العصمة ؛ لأنّ الملكة كيفية راسخة في النفس ، متى يراد صدور الفعل عنهصدر بلا مشقّة ورويّة وكلفة ، وصدور خلاف مقتضى الملكة لا ينفي وجود الملكة لعوارض لا يخلو الإنسان عنها ، كصاحب الملكة الخلقيّة من العفّة والشجاعة قد يعرض له ما يعرّضه إلى إصدار خلاف الملكة ومع ذلك لا تزول عنه الملكة.

فالعصمة بمعنى الملكة حاصلة للمجتنب عن الكبائر المصرّ في تركها وإن صدر عنه نادرا بعض الصغائر ، فاندفع الإشكال ، ولم يلزم التسلسل ، كما ذكره.

__________________

(١) انظر : تمهيد الأوائل : ٤٧١ ، أصول الإيمان ـ للبغدادي ـ : ٢٢٠ ـ ٢٢١ ، الإرشاد ـ للجويني ـ : ٣٥٨ ـ ٣٥٩ ، المواقف : ٣٩٨ ، شرح المواقف ٨ / ٣٤٩.

٢٠٩

وأمّا ما قال : « إنّ أهل السنّة خالفوا ذلك وذهبوا إلى جواز إمامة السرّاق والفسّاق » ..

فأنت تعلم أنّ هذا من مفترياته ؛ لأنّ كتب أهل السنّة مشحونة بالقول بوجوب عدالة الأئمّة ، فالفاسق كيف يجوز أن يكون عندهم إماما؟! والحال أنّه ضدّ العدل ، فعلم أنّه مفتر كذّاب ، ونعم ما قلت فيه شعرا [ من المتقارب ] :

إذا ما رأى طيّبا في الكلام

بقاذورة الكذب قد دنّسه

يخلّط بالطهر أنجاسه

فابن المطهّر ما أنجسه

* * *

٢١٠

وأقول :

لا يخفى أنّ أصل الشيء أساسه وما يبتنى عليه ، فأصول الدين هي التي يبتنى عليها الدين ، وبالضرورة أنّ الشهادتين كذلك ، إذ لا يكون الشخص مسلما إلّا بهما ، وكذلك الاعتراف بالإمام ؛ للكتاب والسنّة ..

* أمّا الكتاب ، فقوله تعالى : ( أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ ) (١) ..

فإنّ الاستفهام فيه ليس على حقيقته ؛ لاستلزامه الجهل ، فلا بدّ أن يراد به الإنكار أو التوبيخ ، وكلّ منهما لا يكون إلّا على أمر محقّق بالضرورة ، فيكون انقلابهم بعد موت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم محقّقا ، ولذا قال : ( انْقَلَبْتُمْ ) بصيغة الماضي تنبيها على تحقّقه.

ومن المعلوم أنّ الصحابة بعد موت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يعدلوا عن الشهادتين ، فيتعيّن أن يراد به أمر آخر ، وما هو إلّا إنكار إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام ، إذ لم يصدر منهم ما يكون وجها لا نقلابهم عموما غيره بالإجماع.

فإذا كان إنكار إمامته عليه‌السلام انقلابا عن الدين ، كانت الإمامة أصلا من أصوله ..

ولا ينافيه أنّ الآية نزلت يوم أحد ، حيث أراد بعض المسلمين الارتداد ، فإنّ سببية نزولها في ذلك لا تمنع صراحتها في وقوع الانقلاب

__________________

(١) سورة آل عمران ٣ : ١٤٤.

٢١١

بعد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما يقتضيه الترديد في الآية بين الموت والقتل ، فإنّ ما وقع يوم أحد إنّما هو لزعم القتل.

وقد فهم ذلك أمير المؤمنين عليه‌السلام في ما رواه الحاكم (١) ، عن ابن عبّاس ، قال :

« كان عليّ عليه‌السلام يقول في حياة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ الله تعالى يقول :

( أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ ) والله لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله ، والله لئن مات أو قتل لأقاتلنّ على ما قاتل عليه حتّى أموت ، والله إنّي لأخوه ، ووليّه ، وابن عمّه ، ووارث علمه ؛ فمن أحقّ به منّي؟! »

* وأمّا السنّة ، فنحن لا نذكر منها إلّا أخبار القوم كعادتنا ؛ لتكون حجّة عليهم.

فمنها : ما هو كالآية الشريفة في الدلالة على ارتداد الأمّة بعد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كروايات الحوض ، ولنذكر منها ما هو صريح بارتداد الأمّة إلّا النادر ،

كرواية البخاري في ( كتاب الحوض ) ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال :

« بينما أنا قائم ، فإذا زمرة ، حتّى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال : هلمّ!

فقلت : أين؟!

قال : إلى النار والله!

__________________

(١) المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٢٦ كتاب معرفة الصحابة [ ٣ / ١٣٦ ح ٤٦٣٥ ]. منه قدس‌سره.

وانظر : فضائل الصحابة ـ لأحمد بن حنبل ـ ٢ / ٨١٠ ح ١١١٠ ، المعجم الكبير ١ / ١٠٧ ح ١٧٦ ، ذخائر العقبى : ١٧٨ ، الرياض النضرة ٣ / ٢٠٦ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٣٤ ، الدرّ المنثور ٢ / ٣٣٨.

٢١٢

قلت : وما شأنهم؟!

قال : إنّهم ارتدّوا بعدك على أدبارهم القهقرى.

ثمّ إذا زمرة ، حتّى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال :

هلمّ!

فقلت : أين؟!

قال : إلى النار والله!

قلت : ما شأنهم؟!

قال : إنّهم ارتدّوا بعدك على أدبارهم القهقرى.

فلا أراه يخلص منهم إلّا مثل همل النعم » (١)

فهذه الرواية قد دلّت على ارتداد الصحابة إلّا القليل الذي هو في القلّة كالنعم المهملة المتروكة سدى (٢).

وقد عرفت أنّ الصحابة لم يرتكبوا ما يمكن أن يكون سببا للارتداد غير إنكار إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فلا بدّ أن تكون الإمامة أصلا من أصول الدين.

ومنها : الأخبار المستفيضة الدالّة على أنّ من مات بلا إمام مات ميتة جاهليّة ، ونحو ذلك ، فتكون أصلا للدين ألبتّة ، كرواية مسلم في باب : ( الأمر بلزوم الجماعة ، من كتاب الإمارة ) ، عن ابن عمر ، قال :

__________________

(١) صحيح البخاري ٨ / ٢١٧ ح ١٦٦ باب في الحوض ، وانظر : الجمع بين الصحيحين ـ للحميدي ـ ٣ / ١٩٤ ح ٢٤٣٤ ، الترغيب والترهيب ٤ / ١٩٢ ح ٧٥ وقال : « رواه البخاري ومسلم » ، فتح الباري ١١ / ٥٦٨ ح ٦٥٨٧ ، كنز العمّال ١١ / ١٣٢ ح ٣٠٩١٨.

(٢) السّدى والسّدى : المهمل ، الواحد والجمع فيه سواء ؛ انظر مادّة « سدا » في : النهاية في غريب الحديث والأثر ٢ / ٣٥٦ ، لسان العرب ٦ / ٢٢٣.

٢١٣

وسمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : « من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجّة له ، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهليّة » (١)

وكرواية مسلم أيضا في الباب المذكور ، والبخاري في ثاني أبواب ( كتاب الفتن ) ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال : « من كره من أميره شيئا فليصبر عليه ، فإنّه من خرج من السلطان شبرا مات ميتة جاهليّة » (٢)

وكرواية أحمد (٣) ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من مات بغير إمام مات ميتة جاهليّة ».

.. إلى نحو ذلك ممّا لا يحصى (٤).

ومنها : الأخبار الكثيرة التي ناطت الإيمان بحبّ آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) صحيح مسلم ٦ / ٢٢ ، وانظر : مسند أبي عوانة ٤ / ٤١٦ ح ٧١٥٣ ـ ٧١٥٧ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٨ / ١٥٦ ، مصابيح السنّة ٣ / ٩ ح ٢٧٦٥.

(٢) صحيح مسلم ٦ / ٢١ ، صحيح البخاري ٩ / ٨٤ ح ٥ و ٦ وص ١١٣ ح ٧ ، وانظر : سنن الدارمي ٢ / ١٦٦ ـ ١٦٧ ح ٢٥١٥ ، مسند أحمد ١ / ٢٧٥ و ٢٩٧ و ٣١٠ ، المعجم الكبير ١٢ / ١٢٤ ح ١٢٧٥٩ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٨ / ١٥٧ ، شرح السنّة ٦ / ٣٨ ح ٢٤٥٨.

(٣) مسند أحمد ٤ / ٩٦. منه قدس‌سره.

وانظر : مسند أبي يعلى ١٣ / ٣٦٦ ح ٧٣٧٥ ، المعجم الكبير ١٩ / ٣٨٨ ح ٩١٠ ، المعجم الأوسط ٦ / ١٢٨ ح ٥٨٢٠ ، مسند الشاميّين ـ للطبراني ـ ٢ / ٤٣٧ ـ ٤٣٨ ح ١٦٥٤ ، مسند الطيالسي : ٢٥٩ ح ١٩١٣ ، السنّة ـ لابن أبي عاصم ـ : ٤٨٩ ح ١٠٥٧ ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ٧ / ٤٩ ح ٤٥٥٤ ، حلية الأولياء ٣ / ٢٢٤ وقال : « هذا حديث صحيح ثابت ».

(٤) وقد مرّ تخريج حديث « من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية » ، الذي هو موضع البحث هنا ، وبألفاظه المختلفة ، مفصّلا ، في مقدّمة السيّد عليّ الحسيني الميلاني ـ حفظه الله ـ لهذا الكتاب ، أجلى البرهان في نقد كتاب ابن روزبهان : ٣١ ه‍ ١ ـ ٤ ؛ فراجع!

٢١٤

والكفر ببغضهم ، فإنّها كناية عن الاعتراف بإمامتهم وإنكارها ؛ للملازمة عادة بين حبّهم الحقيقي والاعتراف بفضلهم وبغضهم وإنكاره ، ولا يراد الحبّ والبغض بنفسيهما ، إذ لا دخل لهما بماهيّة الإيمان والكفر ، فلا بدّ أن يكونا كناية عن ذلك ، فلا بدّ أن تكون أصلا.

فمن هذه الأخبار ما رواه في « الكشّاف » في تفسير قوله تعالى : ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) (١) ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حديث طويل قال فيه :

« ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات مؤمنا ، ... ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات على السنّة والجماعة ، ... ألا ومن مات على بغض آل محمّد مات كافرا » (٢).

ومثله عن تفسير الثعلبي (٣).

وروى في « كنز العمّال » (٤) ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال : « أساس الإسلام : حبّي وحبّ أهل بيتي »

وروى أيضا (٥) ، عن ابن عبّاس : « أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لعليّ يوم

__________________

(١) سورة الشورى ٤٢ : ٢٣.

(٢) تفسير الكشّاف ٣ / ٤٦٧.

(٣) تفسير الثعلبي ٨ / ٣١٤.

وانظر : تفسير الفخر الرازي ٢٧ / ١٦٧ ، تفسير القرطبي ١٦ / ١٦ ، فرائد السمطين ٢ / ٢٥٥ ح ٥٢٤ ، الفصول المهمّة ـ لابن الصبّاغ ـ : ١٢٨ ، نزهة المجالس ـ للصفوري ـ ٢ / ٢٢٢ ، الصواعق المحرقة : ٣٤٨.

(٤) كنز العمّال ٧ / ١٠٣ [ ١٢ / ١٠٥ ح ٣٤٢٠٦ وج ١٣ / ٦٤٥ ح ٣٧٦٣١ ]. منه قدس‌سره.

(٥) كنز العمّال ٦ / ١٥٤ [ ١١ / ٦٠٧ ح ٣٢٩٣٥ ] ، ونحوه عن ابن عمر ٦ / ١٥٥ [ ١١ / ٦١٠ ـ ٦١١ ح ٣٢٩٥٥ ]. منه قدس‌سره.

٢١٥

المؤاخاة : أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه ليس بعدي نبيّ؟! ألا من أحبّك حقّ (١) بالأمن والإيمان ، ومن أبغضك أماته الله ميتة جاهليّة ».

وروى أيضا (٢) عن الطبراني والحاكم في « المستدرك » (٣) وأبي نعيم ، عن زيد بن أرقم ، أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « من أحبّ أن يحيا حياتي ويموت موتي ، ويسكن جنّة الخلد التي وعدني ربّي ، فليتولّ عليّ بن أبي طالب ، فإنّه لن يخرجكم من هدى ، ولن يدخلكم في ضلالة »

وروى بعده نحوه عن جماعة ، إلّا أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « فليتولّ عليّا وذرّيّته من بعده ، فإنّهم لن يخرجوكم من باب هدى ، ولن يدخلوكم في باب ضلالة » (٤)

ويحتمل أن يريد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه بتولّي عليّ الالتزام بولايته ، أي : إمامته ، فيكون دالّا على المطلوب بالصراحة ، ومثله تولّي أولاده في الحديث الأخير.

.. إلى غير ذلك من الأحاديث المستفيضة.

__________________

وانظر : المعجم الكبير ١١ / ٦٢ ـ ٦٣ ح ١١٠٩٢ ، المعجم الأوسط ٨ / ٧٣ ـ ٧٤ ، مجمع الزوائد ٩ / ١١١.

(١) نسخة بدل : حفّ. منه قدس‌سره.

(٢) كنز العمّال ٦ / ١٥٥ [ ١١ / ٦١١ ح ٣٢٩٥٩ ]. منه قدس‌سره.

(٣) المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٢٨ [ ٣ / ١٣٩ ح ٤٦٤٢ ]. منه قدس‌سره.

وانظر : المعجم الكبير ٥ / ١٩٤ ح ٥٠٦٧ ، فضائل الصحابة ـ لأبي نعيم ـ : ٩١ ح ٨٨.

(٤) كنز العمّال ١١ / ٦١١ ـ ٦١٢ ح ٣٢٩٦٠ ، وانظر : حلية الأولياء ١ / ٨٦ وج ٤ / ٣٤٩ ، مناقب الإمام عليّ عليه‌السلام ـ للخوارزمي ـ : ٧٥ ح ٥٥ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٠٨.

٢١٦

ويشهد لكون الإمامة من أصول الدين ، أنّ منزلة الإمام كالنبيّ في حفظ الشرع ، ووجوب اتّباعه ، والحاجة إليه ، ورئاسته العامّة ، بلا فرق.

وقد وافقنا على أنّها أصل من أصول الدين جماعة من مخالفينا ، كالقاضي البيضاوي في مبحث الأخبار (١) ، وجمع من شارحي كلامه ، كما حكاه عنهم السيّد السعيد رحمه‌الله (٢).

واعلم أنّ العصمة ملكة تقتضي عدم مخالفة التكاليف اللزومية عمدا وخطأ مع القدرة على الخلاف ، وهي واجبة الثبوت للإمام لأمور :

* الأوّل : ما أشار إليه المصنّف بقوله : « لأنّهم حفظة الشرع ... » إلى آخره ..

وحاصله : إنّ الإمام حافظ للشرع كالنبيّ ؛ لأنّ حفظه من أظهر فوائد إمامته ، فتجب عصمته لذلك ؛ لأنّ المراد حفظه علما وعملا ، وبالضرورة لا يقدر على حفظه بتمامه إلّا معصوم ، إذ لا أقلّ من خطأ غيره ، ولو اكتفينا بحفظ بعضه لكان البعض الآخر ملغى بنظر الشارع ، وهو خلاف الضرورة ، فإنّ النبيّ قد جاء لتعليم الأحكام كلّها وعمل الناس بها على مرور الأيّام ، وهذا الأمر لم يتعرّض الخصم لجوابه.

* الثاني : ما ذكره المصنّف بقوله : « إنّ الحاجة ... » إلى آخره ..

وتوضيحه : إنّ الحاجة إلى الإمام في تلك الفوائد توجب عصمته ، وإلّا لافتقر إلى إمام آخر وتسلسل ؛ لأنّ غير المعصوم إمّا فاسق أو عادل ، وبالضرورة أنّ الفاسق لا تحصل منه تلك الفوائد ولو بالنسبة إلى نفسه ،

__________________

(١) منهاج الوصول في معرفة علم الأصول ـ المطبوع بهامش الابتهاج بتخريج أحاديث المنهاج ـ : ١٦٧.

(٢) إحقاق الحقّ ٢ / ٣٠٧.

٢١٧

فيحتاج إلى غيره ، والعادل كذلك ؛ لأنّ الصغائر قد تحصل منه لأنّها لا تنافي العدالة ، والكبائر ربّما تقع منه أيضا ، ولو لا أنّه قد يفسق فيحتاج إلى إمام آخر يمنعه عن الصغائر والكبائر لو وقعت ، أو يحترز به عن وقوعها.

كما إنّ الخطأ غير مأمون عليه ، فيحتاج إلى إمام آخر يمنعه عمّا يخطأ به وإن كان معذورا ، فإنّ معذوريّته لا تصحّح تفويت تلك الفوائد ، وإلّا لما كانت موجبة للحاجة إلى الإمام.

فإن قلت : الصغائر مع ترك الكبائر معفوّ عنها ، فلا يلزم المنع عنها ، والكبائر لا تقع من العادل عمدا حتّى يجب منعه ، ولو فرض وقوعها عمدا وجب عزله ونصب غيره ، وأمّا وقوعها خطأ ، فهو وإن لم يكن مأمونا منه لكن ربّما لا يوجد فلا يلزم نصب آخر ، ولو وقعت نبّهه من يرفع خطأه وإن لم يكن إماما.

قلت : العفو عن الصغائر لا يرفع حرمتها ، وإلّا لما احتاجت إلى العفو ، كما إنّ السهو عن الكبائر إنّما يرفع العقاب ، فلا بدّ من الحاجة إلى من يردّ فاعلهما.

وأمّا الكبائر مع العمد ، فلا يمتنع وقوعها من العادل ، إذ ربّما تعرض له الكبيرة نادرا من دون أن تزول ملكته ، كما إنّه قد يفسق ، وهو كثير ، والالتزام بوجوب عزله حينئذ غير متّجه ؛ للأخبار الكثيرة الآتية ، ولإمكان أن لا يثبت فسقه عند كلّ أهل الحلّ والعقد ، أو يثبت ولكنّهم مثله في الفسق ، أو لا يمكنهم عزله ، أو يحصل من عزله ضرر أعظم ، فتبتلي الأمّة بإمام فاسق لا يحصل منه محلّ الحاجة إلى الإمام ، وهو ناشئ من عدم اعتبار العصمة والاكتفاء بالعدالة ، ولا سيّما مع كون العدالة الواقعية عسرة الإحراز ، وإنّما تثبت ظاهرا ، إذ ربّما كان العادل في الظاهر فاسقا في الواقع ، فتبتلي

٢١٨

الأمّة من أوّل الأمر بإمام فاسق ، فلا يحصل محلّ الحاجة إلى الإمام ولو بالنسبة إلى نفسه ، فيجب نصب إمام آخر على جميع الوجوه ، لئلّا تفوت الفوائد المطلوبة ويتسلسل.

وأمّا دعوى أنّ الخطأ ربّما لا يقع ، فخلاف المقطوع به عادة ، ولا ينكر المخالفون خطأ أئمّتهم الثلاثة الأول ، فضلا عن غيرهم ، ولو سلّم عدم القطع به ، فمع فرض إمكانه عادة يجب نصب إمام آخر يحترز به عن الخطأ المتوقّع ، لئلّا تفوت تلك الفوائد التي لا تتدارك مع الخطأ ، ولو تسامحنا فيها لما وجب نصب الإمام لأجلها.

قولكم : ولو وقع نبّهه من يرفع خطأه.

قلنا : إذا فات محلّ التدارك لم يبق محلّ للتنبيه ، وكذا لو لم يحضر من يصلح للتنبيه أو لم يصوّب الإمام رأيه ، فلا بدّ من إمام آخر ويتسلسل.

* الثالث : إنّ الإمام لو عصى لوجب الإنكار عليه والإيذاء له من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهو مفوّت للغرض من نصبه ، ومضادّ لوجوب طاعته وتعظيمه على الإطلاق المستفاد من قوله تعالى : ( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) (١) كما ستعرف.

* الرابع : إنّه لو صدرت المعصية منه لسقط محلّه من القلوب ، فلا تنقاد لطاعته ، فتنتفي فائدة النصب.

* الخامس : إنّه لو عصى لكان أدون حالا من أقلّ آحاد الأمّة ؛ لأنّ أصغر الصغائر من أعلى الأمّة وأولاها بمعرفة مناقب الطاعات ومثالب المعاصي ، أقبح وأعظم من أكبر الكبائر من أدنى الأمّة.

__________________

(١) سورة النساء ٤ : ٥٩.

٢١٩

* السادس : قوله تعالى : ( إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) (١) ، فإنّه دالّ على كون الإمامة من عهد الله تعالى ، وعلى اعتبار عصمة الإمام حين الإمامة وقبلها ؛ لأنّ كلّ عاص ظالم ، لقوله تعالى : ( وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) (٢).

وروى السيوطي في « الدرّ المنثور » بتفسير هذه الآية ، عن ابن إسحاق ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عبّاس ، قال :

« معناها : إنّه كائن لا ينال عهده من هو في رتبة ظالم ، ولا ينبغي أن يولّيه شيئا من أمره » (٣).

وروى أيضا ، عن وكيع ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، عن مجاهد ، قال : « المعنى : لا أجعل إماما ظالما يقتدى به » (٤).

فإن قلت : إنّما تدلّ الآية على العصمة حين تولّي العهد ، وأمّا قبله ـ كما ادّعيتموه أيضا ـ فلا ؛ لأنّ الظالم مشتقّ ، والمشتقّ حقيقة فيمن تلبّس بالمبدأ بالحال.

قلت : المراد بالحال حال ثبوت مبدأ المشتقّ للذات وتلبّسها به ، والمبدأ هو الظلم لا نيل العهد ، فيكون الظالم عبارة عن الذات في حين الظلم وإن كان زمانه ماضيا ، وهذا لا دخل له بحال ثبوت العهد.

* السابع : قوله تعالى : ( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ

__________________

(١) سورة البقرة ٢ : ١٢٤.

(٢) سورة البقرة ٢ : ٢٢٩.

(٣) الدرّ المنثور ١ / ٢٨٨.

(٤) الدرّ المنثور ١ / ٢٨٨.

٢٢٠