الزبدة الفقهيّة - ج ٦

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٦

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-59-0
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٦٤٨

قيل : جاز لظاهر مكاتبة الصفار ، ولأن الموصي أقامه مقام نفسه فيثبت له من الولاية ما ثبت له ، ولأن الاستنابة من جملة التصرفات المملوكة له بالنص.

وفيه منع دلالة الرواية ، وإقامته مقام نفسه ، في فعله مباشرة كما هو الظاهر ، ونمنع كون الاستنابة من جملة التصرفات ، فإن رضاه بنظره مباشرة لا يقتضي رضاه بفعل غيره ، لاختلاف الأنظار والأغراض في ذلك ، والأقوى المنع.

(ويعتبر في الوصي الكمال) بالبلوغ (١) ، والعقل (٢) ، فلا يصح إلى الصبي بحيث يتصرف حال صباه مطلقا (٣) ، ولا إلى مجنون كذلك (٤) (والإسلام) (٥) فلا

______________________________________________________

ـ حق إن شاء الله) (١) ، ولأن الموصي أقام الوصي مقام نفسه ، فيثبت للوصي من الولاية ما يثبت للموصي ، والموصي له حق الوصاية فكذا الوصي ، ولأن الوصاية من جملة التصرفات التي يملكها الوصي حال حياته ، لأن له الولاية عليهم.

وفيه : أما المكاتبة فمحمولة على كون ذلك بالاذن الصادر من الموصي ، وإقامة الموصي للوصي مقام نفسه ليباشر الأمر بنفسه ونظره فهو لا يدل على إقامته ليوصي أيضا فإنه عين المتنازع ، ونمنع كون الوصاية من جملة التصرفات التي يملكها الوصي وهل هذا إلا عين المتنازع فيه.

(١) فلا تصح الوصية إلى الصبي منفردا بلا خلاف فيه لسلب عبارته وأفعاله فيكون ممنوعا من الولاية على الآخرين ، وأما الوصاية إليه منضما إلى البالغ فسيأتي الكلام فيها.

(٢) فلا تصح الوصية إلى المجنون سواء كان أدواريّا أو مطبقا بلا خلاف فيه لعدم صلاحيته للولاية بعد سلب عبارته وأفعاله بالجنون بل لو طرأ الجنون بطلت وصايته لخبر الدعائم عن علي عليه‌السلام (لا يزيل الوصي إلا ذهاب عقل أو ارتداد أو تبذير أو خيانة أو ترك سنة ، والسلطان وصي من لا وصي له ، والناظر لمن لا ناظر له) (٢).

(٣) ولو قلنا بجواز الوصاية إليه منضما إلى البالغ ولكن لا يجوز له التصرف حينئذ.

(٤) أي مطلقا ولو قلنا بجواز الوصاية إليه منضما إلى العاقل.

(٥) لا خلاف في اشتراط الإسلام في الوصي إذا كان الموصي مسلما ، فلا تصح وصاية المسلم إلى الكافر ولو كان رحما ، لقوله تعالى : (وَلَنْ يَجْعَلَ اللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ـ

__________________

(١) لوسائل الباب ـ ٧٠ ـ من أبواب أحكام الوصايا حديث ١.

(٢) الدعائم ج ٢ ص ٣٦٣ ، وقد ذكر صوره في مستدرك الوسائل الباب ـ ٦٩ ـ من أبواب الوصايا حديث ٣ ، وذيله في الباب ـ ٦٤ ـ منها حديث ١.

٨١

تصح الوصية إلى كافر وإن كان رحما ، لأنه ليس من أهل الولاية على المسلمين ، ولا من أهل الأمانة ، وللنهي عن الركون إليه (١) ، (إلا أن يوصي الكافر إلى مثله) إن لم نشترط العدالة في الوصي لعدم المانع حينئذ ، ولو اشترطناها فهل تكفي عدالته في دينه (٢) ، أم تبطل مطلقا (٣) وجهان : من أن (٤) الكفر أعظم من فسق المسلم ، ومن أن الغرض (٥) صيانة مال الطفل وأداء الأمانة ، وهو يحصل بالعدل منهم.

والأقوى المنع بالنظر إلى مذهبنا (٦). ولو أريد صحتها (٧) عندهم وعدمه (٨) فلا غرض لنا في ذلك ، ولو ترافعوا إلينا فإن رددناهم إلى مذهبهم وإلا فاللازم الحكم ببطلانها (٩) بناء على اشتراط العدالة ، إذ لا وثوق بعدالته في دينه ، ولا ركون إلى أفعاله ، لمخالفتها لكثير من أحكام الإسلام.

______________________________________________________

سَبِيلاً) (١) ، وقوله تعالى : (لٰا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكٰافِرِينَ أَوْلِيٰاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّٰهِ فِي شَيْ‌ءٍ) (٢).

وأما وصاية الكافر لمثله فلا إشكال في جوازها إن لم نعتبر العدالة في الوصي.

(١) إلى الكافر لقوله تعالى : (وَلٰا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النّٰارُ) (٣).

(٢) كما مال إليه في الجواهر لأن الغرض صيانة مال الطفل وأداء الأمانة ، وإذا كان الكافر في دينه مجانبا للمحرمات قائما بالأمانات حصل الغرض المطلوب منه بخلاف فاسق المسلمين.

(٣) وإن كان عدلا في دينه.

(٤) دليل لبطلان الوصاية.

(٥) دليل الصحة.

(٦) لأنه يشترط العدالة في الوصي بحسب ما لها من معنى في ديننا.

(٧) أي صحة الوصاية.

(٨) أي وعدم ما ذكرناه من الصحة.

(٩) أي بطلان الوصاية المذكورة.

__________________

(١) سورة النساء ، الآية : ١٤١.

(٢) سورة آل عمران ، الآية : ٢٨.

(٣) سورة هود ، الآية : ١١٤.

٨٢

(والعدالة في قول قوي) (١) ، لأن الوصية استئمان ، والفاسق ليس أهلا له ، لوجوب التثبت عند خبره ، ولتضمنها (٢) الركون إليه ، والفاسق ظالم منهي عن الركون إليه ، ولأنها (٣) استنابة إلى الغير فيشترط في النائب العدالة كوكيل الوكيل ، بل أولى ، لأن تقصير وكيل الوكيل مجبور بنظر الوكيل والموكل وتفحصهما على مصلحتهما ، بخلاف نائب الميت (٤) ، ورضاه به (٥) غير عدل لا يقدح في ذلك (٦) ،

______________________________________________________

(١) ذهب المشهور إلى اشتراط العدالة في الوصي لأدلة.

الأول : لأن الوصية استئمان على مال الأطفال والفاسق لا أمانة له لوجوب التثبت عند خبره لقوله تعالى : (إِنْ جٰاءَكُمْ فٰاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) (١).

(٢) الدليل الثاني وحاصله أن الوصية تتضمن الركون باعتبار فعل ما أوصي إليه به من تفرقة المال وإنفاقه وصرفه على الأطفال ، والفاسق ظالم لا يجوز الركون إليه لقوله تعالى : (وَلٰا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النّٰارُ) (٢) ، وفيه : إن الوصاية ليست ركونا ، ولو سلم فالممنوع الركون إلى خصوص الظالم من الفاسق ، لا مطلق الفاسق وإن كان ظالما في نفسه ، لأن الظاهر من الآية هو الظالم لغيره لا لنفسه.

(٣) الدليل الثالث وحاصله أن الوصية استنابة على مال الغير الذي هو الطفل وليس على مال الموصي ، لانتقاله عنه بموته ، فيشترط في النائب العدالة كوكيل الوكيل ، بل العدالة هنا أولى ، لأن تقصير وكيل الوكيل مجبور بنظر الوكيل والموكل بخلاف الوصي فإنه لا يشاركه فيها أحد ولا يتبع أفعاله.

(٤) الذي هو الوصي.

(٥) أي ورضا الموصي بالوصي جواب عن سؤال مقدر ، أما السؤال : كيف لا تصح الوصاية عند قول الموصي : هذا وصيي ولو كان فاسقا ، فقد رضي به وإن كان غير عادل ، ومع الرضا فلا بد من الحكم بالصحة.

وأما الجواب : فالرضا بكونه فاسقا لا يقدح في اشتراط العدالة في الوصي ، لأن مقتضى الوصاية إثبات الولاية بعد الموت ، وحينئذ لا أهلية للميت حتى يأذن ويرضى بولاية شخص على الغير ، بخلاف الوكالة في مال الحياة فرضاه بفسق الوكيل مؤثر في الصحة لأهليته للاذن حينئذ.

(٦) في اشتراط العدالة في الوصي.

__________________

(١) سورة الحجرات ، الآية : ٦.

(٢) سورة هود ، الآية : ١١٤.

٨٣

لأن مقتضاها (١) إثبات الولاية بعد الموت (٢) وحينئذ (٣) فترتفع أهليته (٤) عن الإذن والولاية ، ويصير التصرف متعلقا بحق غير المستنيب (٥) من طفل ، ومجنون ، وفقير ، وغيرهم فيكون أولى باعتبار العدالة من وكيل الوكيل (٦) ، ووكيل الحاكم ، على مثل هذه المصالح. وبذلك (٧) يظهر ضعف ما احتج به نافي اشتراطها (٨) من أنها (٩) في معنى الوكالة ، ووكالة الفاسق جائزة اجماعا وكذا استيداعه ، لما عرفت (١٠) من الفرق بينها (١١) ، وبين الوكالة ، والاستيداع ، فإنهما متعلقان بحق الموكل والمودع ، وهو مسلّط على إتلاف ماله فضلا عن تسليط غير العدل عليه ، والموصي إنما سلطه على حق الغير ، لخروجه (١٢) عن ملكه بالموت مطلقا (١٣) ، مع أنا نمنع أن مطلق الوكيل والمستودع لا يشترط فيهما العدالة (١٤).

______________________________________________________

(١) أي مقتضى الوصاية.

(٢) أي موت الموصي.

(٣) أي وحين موت الموصي.

(٤) أي أهلية الموصي.

(٥) وهو نفس الموصي.

(٦) لأن الوكالة متقومة بإذنه حال الحياة ، وهو في هذه الحال أهل للاذن.

(٧) أي بما ذكر من الوجوه.

(٨) ذهب ابن إدريس والمحقق في النافع والعلامة في بعض كتبه إلى عدم اعتبار العدالة ، للأصل وإطلاق أدلة الوصاية ، وإلى أنها تابعة لاختيار الموصي كالوكالة ، مع أنه يجوز توكيل الفاسق فكذا يجوز توكيل الوصي وفيه : إن الأصل منقطع بما تقدم من الوجوه ، وبها يقيّد إطلاق الأدلة ، وللفرق بين الوصاية والوكالة بأن الوكالة تسليط على ماله بخلاف الوصاية فإنها تسليط على مال الغير ، وبأن الوكالة أذن بالتصرف في حال حياته وهو تحت نظره يراعيه في تتبع المصلحة ، بخلاف الوصاية فهي إذن بالتصرف بعد مماته وهو غير أهل للأذن وليس هناك أحد يراعيه ويتتبع أفعاله.

(٩) أي الوصاية.

(١٠) تعليل لبيان ضعف القول بعدم الاشتراط.

(١١) أي بين الوصاية.

(١٢) وهو حق الغير من مال الأطفال.

(١٣) حتى الثلث.

(١٤) لأن إيداع مال الطفل ونحوه والوكالة فيه مما يشترط فيها عدالة الوكيل والمستودع ، فالتشبيه بمطلق الوكيل والمستودع غير تام.

٨٤

وأعلم أن هذا الشرط (١) إنما اعتبر ليحصل الوثوق بفعل الوصي ، ويقبل خبره به (٢) ، كما يستفاد ذلك من دليله (٣) ، لا في صحة الفعل في نفسه ، فلو أوصى لمن ظاهره العدالة وهو فاسق في نفسه ففعل مقتضى الوصية فالظاهر نفوذ فعله (٤) ، وخروجه عن العهدة.

ويمكن كون ظاهر الفسق كذلك (٥) لو أوصى إليه فيما بينه ، وبينه (٦) وفعل مقتضاه (٧) ، بل لو فعله (٨) ظاهرا كذلك (٩) لم يبعد الصحة ، وإن حكم ظاهرا بعدم وقوعه (١٠) ، وضمانه (١١) ما ادعى فعله.

وتظهر الفائدة (١٢) لو فعل مقتضى الوصية باطلاع عدلين (١٣) ، أو باطلاع الحاكم (١٤) ، إلا أن ظاهر اشتراط العدالة ينافي ذلك كله. ومثله (١٥) يأتي في نيابة

______________________________________________________

(١) وهو اشتراط عدالة الوصي.

(٢) أي بما فعل الوصي.

(٣) أي من دليل الشرط المذكور.

(٤) للقطع بموافقة فعله لمقتضى الوصية.

(٥) أي فعله صحيح ونافذ لو وافق مقتضى الوصية.

(٦) أي بين الموصي وبين ظاهر الفسق ولم يطلع أحد.

(٧) أي مقتضى ما أوصى به.

(٨) أي فعل الموصي الإيصاء ظاهرا بحيث كان بينه وبين الوصي غيرهما.

(٩) أي وفعل الوصي بمقتضى الوصاية.

(١٠) أي بعدم وقوع ما فعله الوصي الذي هو ظاهر الفسق.

(١١) أي وحكم ظاهرا بضمان الوصي ، هذا وما قاله الشارح هنا فقد تابع به العلامة في التذكرة والمحقق الثاني في جامعه ، وتبعهم سيد الرياض ، وفيه : إنه رفع لليد عن اشتراط العدالة في الوصي.

(١٢) في الضمان وعدمه.

(١٣) فلا ضمان لحجية البينة التي شهدت بكون فعله على مقتضى الوصية.

(١٤) فلا ضمان لحجية العلم الذاتية ، والحاكم هو الذي سيحكم بالضمان وهو عالم بكون فعله على مقتضى الوصية ، وهذا كله بخلاف ما لو فعل مقتضى الوصية واقعا ولا دليل على الإثبات ظاهرا فإنه يحكم بالضمان عليه.

(١٥) أي ومثل ما تقدم في الوصي المشترط فيه العدالة وقد أوصى إلى من ظاهره العدالة وهو فاسق في نفسه إلى آخر ما تقدم.

٨٥

الفاسق عن غيره في الحج ونحوه (١).

وقد ذكر المصنف وغيره أن عدالة النائب شرط في صحة الاستنابة (٢) لا في صحة النيابة (٣).

(وكذا) يشترط في الوصي(الحرية) (٤) فلا تصح وصاية المملوك لاستلزامها التصرف في مال الغير بغير إذنه (٥) ، كما لا تصح وكالته(إلا أن يأذن المولى) فتصح لزوال المانع ، وحينئذ فليس للمولى الرجوع في الإذن بعد موت الموصي ، ويصح قبله ، كما إذا قبل الحر.

______________________________________________________

(١) كالصلاة والصيام ، فتشترط العدالة في النائب لا لصحة الفعل بل للوثوق في تحقق الفعل ، فلو استناب ظاهر العدالة وكان فاسقا في نفسه وقد عمل بمقتضى النيابة فلا بد من الحكم بصحة الفعل ، وكذا مع اشتراط العدالة وقد استناب ظاهر الفسق بينه وبينه وقد عمل بمقتضى النيابة ، وكذا مع اشتراط العدالة وقد استناب ظاهر الفسق وكانت النيابة أمام الغير وقد عمل بمقتضى النيابة بشهادة عدلين أو بعلم الحاكم.

أما لو استناب ظاهر الفسق أمام الغير وقد عمل بمقتضى النيابة واقعا ولكن لا دليل على الإثبات ظاهرا فلا بد من الحكم بعدم صحة الفعل وبعدم خروجه عن العهدة.

(٢) أي جعل الغير نائبا.

(٣) أي قيام الغير بالفعل عنه ، وما ذلك إلا لكون العدالة في النائب حينئذ لا لصحة الفعل في نفسه بل ليحصل الوثوق بإخباره.

(٤) فلا تصح الوصاية إلى المملوك بلا خلاف فيه ، لأن منافعه مملوكة لمولاه والوصاية إليه تستدعي صرف شي‌ء من منافعه في السعي على تنفيذها وهو مستلزم للتصرف في ملك الغير بغير إذن مولاه فلا يجوز.

نعم لو أذن المولى جاز ، لأن المنع لحقه ، خلافا لبعض العامة حيث منع من الوصاية إليه مطلقا وهو ضعيف.

ثم إذا تقرر ذلك فلو أذن المولى له في الوصاية لم يكن له الرجوع في الاذن حيث يلزم الوصي بالمضي فيها أن مات الموصي ، نعم قبل موت الموصي لا يلزم الوصي بالمضي لجواز الرد الذي يبلغ الموصي فيجوز حينئذ للمولى الرجوع لكن بشرط إعلام الموصي كالحر ، وبالجملة فيقوم المولى مقام الوصي وإن كان فعل متعلق الوصاية منوطا بالمملوك.

(٥) أي إذن المولى المستفاد من السياق.

٨٦

(وتصح الوصية إلى الصبي منضما إلى كامل) (١) لكن لا يتصرف الصبي حتى يكمل ، فينفرد الكامل قبله ثم يشتركان فيها مجتمعين. نعم لو شرط عدم تصرف الكامل إلى أن يبلغ الصبي اتبع شرطه ، وحيث يجوز تصرف الكامل قبل بلوغه لا يختص بالضروري ، بل له كمال التصرف ، وإنما يقع الاشتراك في المتخلف (٢) ، ولا اعتراض للصبي بعد بلوغه في نقض ما وقع من فعل الكامل موافقا للمشروع (٣) (وإلى المرأة (٤) والخنثى (٥)) عندنا مع اجتماع الشرائط (٦) ، لانتفاء

______________________________________________________

(١) قد تقدم عدم جواز الوصاية إلى الصبي منفردا لسلب عبارته وأفعاله شرعا ، ولكن تصح الوصاية إليه منضما إلى البالغ الكامل ولكن لا يتصرف الصبي إلا بعد بلوغه ، وفائدة نصبه جواز تصرفه بعد البلوغ على وجه يكون شريكا للبالغ الكامل ، بلا خلاف فيه لخبر علي بن يقطين (سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن رجل أوصى إلى امرأة وشرّك في الوصية معها صبيا ، فقال عليه‌السلام : يجوز ذلك وتمضي المرأة الوصية ولا تنتظر بلوغ الصبي ، فإذا بلغ الصبي فليس له أن لا يرضى إلا ما كان من تبديل أو تغيير ، فإن له أن يرده إلى ما أوصى به الميت) (١) ، وصحيح الصفّار قال : (كتبت إلى أبي محمد عليه‌السلام : رجل أوصى إلى ولده وفيهم كبار قد أدركوا وفيهم صغار ، أيجوز للكبار أن ينفذوا وصيته ويقضوا دينه لمن صح على الميت بشهود عدول قبل أن يدرك الأوصياء الصغار؟ فوقّع عليه‌السلام : نعم على الأكابر من الولد أن يقضوا دين أبيهم ولا يحبسوه بذلك) (٢).

(٢) إلى ما بعد البلوغ.

(٣) من الوصية ، وإلا فله الاعتراض كما دل عليه ذيل خبر ابن يقطين المتقدم.

(٤) تجوز الوصية إلى المرأة عندنا بلا خلاف لإطلاق أدلة الوصاية ، ولخصوص خبر علي بن يقطين المتقدم حيث صرح بكون الوصاية إلى المرأة والطفل ، وكذا تجوز الوصاية للأعمى لإطلاق الأدلة أيضا ، فما عن بعض العامة من منع الوصاية إليها ضعيف لعدم الدليل عليه سوى قياس الوصاية على القضاء ، والقياس باطل نعم روى السكوني في المرسل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام (المرأة لا يوصى إليها ، لأن الله تعالى يقول : (وَلٰا تُؤْتُوا السُّفَهٰاءَ أَمْوٰالَكُمُ)) (٣) ، وهو محمول على التقية لموافقته للعامة.

(٥) لعدم خروجه عن الذكر أو الأنثى مع صحة الوصاية إليهما.

(٦) من البلوغ والعقل والإسلام والعدالة والحرية.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥٠ ـ من أبواب كتاب الوصايا حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥٠ ـ من أبواب كتاب الوصايا حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٥٣ ـ من أبواب كتاب الوصايا حديث ١.

٨٧

المانع ، وقياس الوصية على القضاء واضح الفساد.

(ويصح تعدد الوصي (١) فيجتمعان) لو كانا اثنين في التصرف ، بمعنى (٢) صدوره عن رأيهما ونظرهما وإن باشره أحدهما(إلا أن يشترط (٣) لهما الانفراد) فيجوز حينئذ لكل واحد منهما التصرف بمقتضى نظره ، (فإن تعاسرا (٤)) فأراد

______________________________________________________

(١) لو أوصى إلى اثنين فصاعدا جاز بلا خلاف فيه للأخبار الآتية ، وعليه فإما أن يشترط اجتماعهما ـ وإما أن يشترط انفرادهما وإما أن يطلق ، فإن شرط اجتماعهما والمراد بالاجتماع صدور الفعل عن رأيهما ونظرهما وإن باشره أحدهما لم يجز لأحدهما أن ينفرد عن صاحبه بشي‌ء من التصرف اتباعا لشرط الموصي.

وكذا لو شرط عليهما الانفراد فلا يجوز لهما الاجتماع أيضا ، ولو أطلق فهل يجب الاجتماع أو يجوز الانفراد ، فالمشهور على الأول لأن ثبوت الولاية لهما على نحو الاجتماع معلوم وثبوتها لكل واحد منفردا مشكوك والأصل يقتضي العدم ، ولصحيح الصفّار (كتبت إلى أبي محمد عليه‌السلام : رجل كان أوصى إلى رجلين أيجوز لأحدهما أن ينفرد بنصف التركة والآخر بالنصف؟ فوقّع عليه‌السلام : لا ينبغي لهما أن يخالفا الميت وأن يعملا على حسب ما أمرهما إن شاء الله تعالى) (١) ،

وعن الشيخ في أحد قوليه والقاضي ابن البراج جواز الانفراد عند الإطلاق لموثق بريد بن معاوية (إن رجلا مات وأوصى إليّ وإلى آخر أو إلى رجلين ، فقال أحدهما : خذ نصف ما ترك وأعطني النصف مما ترك ، فأبى عليه الآخر ، فسألوا أبا عبد الله عليه‌السلام عن ذلك فقال : ذلك إليه) (٢) ، بناء على أن ذلك إليه ظاهرة في كون القسمة للطالب وهي من حقه ، مع أنه يحتمل أن يكون المراد أن إباء القسمة حق للآخر وهو الأقرب لكونه الأخير ، والضمير يرجع إلى الأخير عند تعدد مرجعه المحتمل ، ومع الاحتمال يبطل الاستدلال ، على أنه لا يصلح لمعارضة صحيح الصفّار المتقدم ، لكونه صحيحا وقد عمل به المشهور.

(٢) تفسير للاجتماع المشروط.

(٣) بمعنى يجوز ويرخّص.

(٤) بناء على اشتراط الاجتماع أو في صورة الإطلاق على مبنى المشهور ، والتعاسر هو التشاح ، بحيث أبى كل منهما على صاحبه أن يوافقه على وجه لا ينافي عدالتهما لتخيل كل منهما الصلاح في ضدّ ما يقوله الآخر ، فما ينفرد به كل واحد منهما عن صاحبه لا ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥١ ـ من أبواب كتاب الوصايا حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥١ ـ من أبواب كتاب الوصايا حديث ٣.

٨٨

أحدهما نوعا من التصرف ومنعه الآخر(صح) تصرفهما(فيما لا بدّ منه كمئونه اليتيم) ، والدابة ، واصلاح العقار ، ووقف غيره (١) على اتفاقهما ، (وللحاكم) الشرعي(إجبارهما على الاجتماع) (٢) من غير أن يستبدل بهما مع الإمكان ، إذ لا ولاية له فيما فيه وصي ، (فإن تعذر) عليه جمعهما(استبدل بهما) (٣) تنزيلا لهما بالتعذر منزلة المعدوم ، لاشتراكهما (٤) في الغاية (٥). كذا أطلق الأصحاب ، وهو يتم مع عدم اشتراط عدالة الوصي ، أما معه فلا ، لأنهما بتعاسرهما يفسقان ، لوجوب المبادرة إلى إخراج الوصية مع الإمكان فيخرجان بالفسق عن الوصاية ، ويستبدل بهما الحاكم فلا يتصور إجبارهما على هذا التقدير (٦) ، وكذا لو لم نشترطها (٧) وكانا عدلين ، لبطلانها (٨) بالفسق (٩) حينئذ على المشهور (١٠).

______________________________________________________

ـ ينفذ لأن الموصي لم يرض برأيه منفردا فتصرفه كذلك ، نعم ما لا بدّ منه ككسوة اليتيم ومأكوله ونفقة الرقيق والدواب وكفن الميت وزاد بعضهم قضاء ديونه وإنفاذ وصيته المعينة وقبول الهبة عن الصغير مع خوف فوات النفع والخصومة عن الميت ورد الوديعة والعين المغصوبة فلو تصرف أحدهما حينئذ ينفذ للضرورة.

(١) أي غير الذي لا بدّ منه.

(٢) للحاكم الشرعي إجبارهما على الاجتماع مع الإمكان من غير استبدال لهما لعدم ولاية له فيما فيه للميت وصيّ ، وعن الحلبي أنه يردهما الحاكم إلى أعلمهما وأقواهما ويجعل الثاني تبعا له ، وفيه : إنه ترجيح لأحدهما وقد منعه الموصي عند ما شرط اجتماعهما.

(٣) فإن تعذر على الحاكم جمعهما جاز له الاستبدال بهما حذرا من الترجيح بلا مرجح ، وصونا لوصايا الميت من التعطيل ، وحفظا للمال عن التلف.

(٤) أي التعذر والعدم.

(٥) من تعطيل وصايا الميت وتلف المال.

(٦) أي على تقدير اشتراط عدالة الوصي ، وفيه : إن عدم متابعة كل منهما للآخر إذا كان عن التشهي والعناد فنعم ، وإذا كان عن مصلحة بحيث يرى كل واحد منهما المصلحة في ضد ما يقوله الآخر فالتشاح لا يوجب الفسق ، بل الإجابة لطلب الآخر هي الموجبة للفسق حينئذ.

(٧) أي العدالة.

(٨) أي الوصاية.

(٩) المسبب عن التشاح ، وقد عرفت ما فيه.

(١٠) لو أوصى إلى عدل ففسق بعد موت الموصي تبطل الوصية على المشهور وإن لم تشترط ـ

٨٩

نعم لو لم نشترطها (١) ولا كانا عدلين أمكن إجبارهما مع التشاحّ ، (وليس لهما قسمة المال) (٢) ، لأنه خلاف مقتضى الوصية من الاجتماع في التصرف.

(ولو شرط لهما الانفراد (٣) ففي جواز الاجتماع نظر) ، من أنه خلاف الشرط فلا يصح ، ومن أن الاتفاق على الاجتماع يقتضي صدوره عن رأي كل واحد منهما (٤) ، وشرط الانفراد اقتضى الرضا برأي كل واحد ، وهو (٥) حاصل إن لم يكن هنا آكد.

والظاهر أن شرط الانفراد رخصة لهما ، لا تضييق. نعم لو حصل لهما في حال الاجتماع نظر مخالف له (٦) حال الانفراد توجه المنع ، لجواز كون المصيب هو

______________________________________________________

ـ عدالة الموصي ، وعن الحلي الجزم بعدم البطلان ، وعن المحقق في الشرائع التردد في الإبطال ، ومستند المشهور أن الوصاية إليه من حيث هو عادل ولا ريب في انتفاء الموضوع عند انتفاء وضعه ، نعم لو أوصى إلى العدل لا من حيث عدالته بل من حيث ذاته ففسق فلا بد من الحكم ببقاء الوصاية بناء على صحة الوصاية للفاسق كما هو المفروض.

(١) أي العدالة في الموصي.

(٢) لو أرادا قسمة المال بينهما بحيث يكون لكل منهما تصرف في مجال وقد وجب عليهما الاجتماع كما هو الفرض لم تجز بلا خلاف فيه ولا إشكال ، لأنه على خلاف مقتضى الوصاية من الاجتماع.

(٣) لو شرط لهما الانفراد ففي جواز الاجتماع نظر ، من أنه على خلاف الشرط فلا يصح ، ومن اقتضاء الاتفاق على الاجتماع صدور الفعل عن رأي كل واحد منهما مع أن شرط الانفراد اقتضاء الرضا برأي كل واحد ، وهو حاصل عند الاجتماع إن لم يكن آكد فيكون شرط الانفراد رخصة لا تضييق.

والإنصاف القول أنه إذا فهم من شرط الانفراد بواسطة القرائن الرخصة فلا إشكال في جواز الاجتماع ، وإن فهم التضييق فلا إشكال في عدم الجواز ، وإن لم يظهر شي‌ء فالظاهر عدم الجواز لأن ثبوت الولاية لهما منفردين معلوم وثبوتها لهما مجتمعين مشكوك ، والأصل العدم.

(٤) أي صدور الفعل برأي كل واحد حاصل عند الاجتماع.

(٥) لضم رأي الغير إلى رأيه فيكون أقرب إلى الواقع.

(٦) للنظر.

٩٠

حالة الانفراد ولم يرض الموصي إلا به (١) ، (ولو نهاهما عن الاجتماع (٢) اتبع) قطعا عملا بمقتضى الشرط الدال صريحا على النهي عن الاجتماع فيتبع.

(ولو جوّز لهما الأمرين) (٣) الاجتماع والانفراد(أمضي) ما جوّزه وتصرف كل منهما كيف شاء من الاجتماع ، والانفراد(فلو اقتسما المال) في هذه الحالة(جاز) بالتنصيف ، والتفاوت حيث لا يحصل بالقسمة ضرر ، لأن مرجع القسمة حينئذ (٤) إلى تصرف كل منهما في البعض (٥) وهو (٦) جائز بدونها ، ثم بعد القسمة لكل منهما التصرف في قسمة الآخر وإن كانت في يد صاحبه ، لأنه وصي في المجموع فلا تزيل القسمة ولايته فيه (٧) (ولو ظهر من الوصي) المتحد ، أو المتعدد على وجه يفيد الاجتماع (٨) (عجز (٩) ضم الحاكم إليه معينا) ، لأنه بعجزه خرج

______________________________________________________

(١) أي إلا بالانفراد لكونه هو القدر المتيقن عند شرط الانفراد.

(٢) أي شرط الانفراد ونهاهما عن الاجتماع اتبع شرطه عملا بالنهي عن تبديل الوصية قال تعالى: (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مٰا سَمِعَهُ فَإِنَّمٰا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ) (١) ، ولعموم الوفاء بالشرط.

(٣) فلو جوّز لهما الاجتماع والانفراد بمعنى أنه قد أذن لكل وصي في كل من الاجتماع والانفراد كان تصرف كل واحد منهما ماضيا ولو انفرد ، ويجوز أن يقتسما المال ويتصرف كل واحد منهما فيما يصيبه وفيما في يد صاحبه كما يجوز الانفراد قبل القسمة ، بلا خلاف ولا إشكال لكون الفرض شمول الاذن لكل ذلك.

ولا فرق في جواز القسمة بين جعلها متساوية ومتفاوتة حيث لا يحصل بها ضرر على الورثة.

(٤) حين الجواز.

(٥) وهو البعض الحاصل لكل منهما بالقسمة.

(٦) أي والتصرف جائز لكل منهما في هذا البعض بدون القسمة.

(٧) أي في القسم الآخر الذي تحت يد صاحبه.

(٨) بحيث شرط عليهما الاجتماع أو أطلق وقلنا إن الإطلاق محمول على الاجتماع كما هو مبنى المشهور وقد تقدم.

(٩) فلو عجز أحدهما عن القيام بتمام ما يجب عليه من العمل بالوصية لمرض ونحوه ضم إليه ـ

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية : ١٨١.

٩١

عن الاستقلال المانع (١) من ولاية الحاكم ، وبقدرته على المباشرة في الجملة لم يخرج عن الوصاية بحيث يستقل الحاكم فيجمع بينهما (٢) بالضم.

ومثله (٣) ما لو مات (٤) أحد الوصيين على الاجتماع (٥) ، أما المأذون لهما في الانفراد فليس للحاكم الضم إلى أحدهما بعجز الآخر ، لبقاء وصي كامل (٦).

وبقي قسم آخر (٧) وهو ما لو شرط لأحدهما الاجتماع وسوّغ للآخر

______________________________________________________

ـ الحاكم من يعينه ، فيكون التصرف لثلاثة وإن كان الرأي لاثنين ، بلا خلاف فيه إلا من الشهيد في الدروس فإنه ذهب إلى أن الحاكم يضم إلى الآخر لا إلى العاجز فيكون التصرف كالنظر إلى اثنين.

وفيه : إن مرضه وعجزه لا يخرجه عن الوصاية لجواز الوصاية إلى المريض والعاجز ابتداء فكذا استدامة ، وكذا لو كان الوصي منفردا فعجز أو مرض على نحو منعه ذلك عن القيام بتمام ما عليه من الوصاية ضمّ إليه الحاكم من يعينه ولا ترتفع وصايته بالكلية.

نعم لو عجز أحدهما عن القيام بالوصاية أصلا لموت أو جنون أو فسق أو غيبة بعيدة فعن الأكثر أنه يستقل الآخر بالتصرف من غير أن يضم إليه الحاكم بدلا ، وعن المحقق في النافع والعلامة في جملة من كتبه والفخر والشهيدين وجماعة أنه يضم إلى الآخر أمين من قبله.

ووجه الأول أنه لا ولاية للحاكم مع وجود الوصي ، وهو موجود هنا ، لأن نصب الآخر الذي بطلت وصايته لم يخرج الأول عن كونه وصيا ولهذا يقال : نصب وصيين.

ووجه الثاني أن الموصي لم يرض برأي أحدهما منفردا فتصرفه لوحده مناف لمقصود الموصي ، وهو الأقوى.

(١) صفة للاستقلال.

(٢) بين خروجه عن الاستقلال وعدم خروجه بالكلية.

(٣) أي ومثل العجز في الجملة.

(٤) وكذا لو جن أو فسق بناء على اشتراط العدالة في الوصي والضابط هو : عجزه عن القيام بأصل الوصاية.

(٥) بحيث شرط اجتماعهما ، وقد عرفت أن الأكثر على عدم الضم بل يستقل الآخر بالتصرف.

(٦) ولا ولاية للحاكم مع وجود وصي كامل للميت كما هو موجود هنا.

(٧) هذا القسم وما بعده راجعان إلى أصل المسألة وهي ما لو أوصى إلى متعدد ، فتارة يطلق ـ

٩٢

الانفراد فيجب اتّباع شرطه فيتصرف المستقل بالاستقلال (١) ، والآخر مع الاجتماع خاصة.

وقريب منه ما لو شرط لهما الاجتماع موجودين ، وانفراد الباقي بعد موت الآخر ، أو عجزه فيتبع شرطه ، وكذا يصح شرط مشرف (٢) على أحدهما بحيث لا يكون للمشرف شي‌ء من التصرفات وإنما تصدر عن رأيه (٣) فليس للوصي التصرف بدون إذنه (٤) مع الإمكان ، فإن تعذر ولو بامتناعه ضم الحاكم إلى الوصي معينا (٥) كالمشروط له (٦) الاجتماع على الأقوى (٧) ، لأنه في معناه (٨) حيث لم يرض برأيه منفردا ، وكذا يجوز اشتراط تصرف أحدهما في نوع خاص ، والآخر في الجميع منفردين ، ومجتمعين على ما اشتركا فيه.

(ولو خان) (٩) ....

______________________________________________________

ـ وأخرى بشرط الاجتماع وثالثة بشرط الانفراد ، ورابعة بتسويغ الأمرين وهذا ما تقدم ، وخامسة يشترط على أحدهما الاجتماع ويسوّغ للآخر الانفراد فيجب اتباع الشرط فيستقل المنفرد ولا يتصرف الآخر إلا مع الاجتماع كما هو واضح ، وسادسة اشتراط الاجتماع حال حياتهما أو حال قدرتهما على القيام بأصل الوصاية بحيث لو مات أحدهما أو عجز انفرد الباقي فكذلك يجب اتباع شرطه ، ويمكن فرض صور أخرى.

(١) وأيضا مع الاجتماع.

(٢) أي اشتراط ناظر على أحدهما أو كليهما.

(٣) رأي المشرف.

(٤) إذن المشرف.

(٥) يكون بديلا عن المشرف وله نفس أفعاله.

(٦) أي تعيين الحاكم بديلا عن المشرف كتعيين الحاكم بديلا عن أحد الوصيين إذا شرط اجتماعهما وقد عجز أحدهما عن القيام بأصل الوصاية.

(٧) لم أعثر على مخالف في هذا الفرع.

(٨) أي لأن المشرف في معنى الوصي الآخر حيث لم يرض الموصى برأي الوصي منفردا.

(٩) إن ظهر من الوصي خيانة عزله الحاكم وأقام أمينا غيره بلا خلاف فيه ، لأن الحاكم له حق العزل مراعاة لحق الأطفال وأموال الصدقات ونحوها.

وعن المسالك أنه متوقف على عزل الحاكم إن لم نشترط العدالة في الوصي ، وإلا فلو اشترطناها فالأجود انعزاله بنفس الفسق ولو لم يعزله الحاكم لفقدان الشرط المعتبر في ـ

٩٣

الوصي المتحد ، أو أحد المجتمعين (١) ، أو فسق بغير الخيانة (٢) (عزله الحاكم) ، بل الأجود انعزاله بذلك من غير توقف على عزل الحاكم ، لخروجه عن شرط الوصاية(وأقام) الحاكم(مكانه) وصيا مستقلا إن كان المعزول واحدا ، أو منضما إلى الباقي إن كان أكثر (٣) (ويجوز للوصي استيفاء دينه مما في يده) (٤) من غير توقف على

______________________________________________________

ـ الوصي ويشهد له خبر الدعائم عن أمير المؤمنين عليه‌السلام (لا يزيل الوصي إلا ذهاب عقل أو ارتداد أو تبذير أو خيانة أو ترك سنة) (١).

(١) أي خان أحد الوصيين اللذين شرط عليهما الاجتماع ، وهو احتراز ما لو فسق أحد المنفردين وذلك عند الوصاية لاثنين وجوّز أو شرط عليهما الانفراد ، والوصي الآخر يغني عن إقامة بديل للخائن.

(٢) بناء على اشتراط العدالة في الوصي.

(٣) وقد شرط الاجتماع ، ثم ما تقدم مبني على كون الخائن أحدهما أما لو كانت الخيانة منهما فينعزلان ويقيم الحاكم مكانهما وهكذا.

(٤) لو كان للوصي دين على الميت جاز أن يستوفي دينه مما في يده من غير إذن الحاكم إذا لم يكن له بنيّة على إثبات حقه كما عن الشيخ في النهاية ، لأنه مقاصّه ولا يجوز التقاص مع وجود البينة ، ولموثق بريد بن معاوية عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قلت له : إن رجلا أوصى إليّ فسألته أن يشرك معي ذا قرابة له ففعل ، وذكر الذي أوصى إليّ أن له قبل الذي أشركه في الوصية خمسين ومائة درهم عنده ، ورهن بها جاما من فضة ، فلما هلك الرجل أنشأ الوصي يدّعى أن له قبله أكرار حنطة ، قال عليه‌السلام : إن أقام البينة وإلا فلا شي‌ء له ، قلت له : أيحلّ له أن يأخذ مما في يديه شيئا؟ قال عليه‌السلام لا يحل له ، قلت : أرأيت لو أن رجلا عدا عليه فأخذ ماله فقدر على أن يأخذ من ماله ما أخذ ، أكان ذلك له؟ قال عليه‌السلام : إن هذا ليس مثل هذا) (٢) وعن ابن إدريس والشهيدين وجماعة أنه يجوز له الاستيفاء سواء كان له حجة أو لا ، لأن الفرض كونه وصيا في إثبات الديون ووفائها فيجوز له إيفاء الديون التي على الميت سواء كانت له أو لغيره ، ولأنه بقضاء دين الميت محسن له وقال تعالى : (مٰا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ) (٣).

ولا يلتفت هنا إلى البينة وعدمها لأن الغرض منها هو الإثبات عند الحاكم لجواز كذب المدعي ، وعلمه بدينه أقوى في الإثبات من البينة التي يجوز عليها الخطأ ، وأما الرواية فهي ـ

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ٦٩ ـ من أبواب الوصايا حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ٩٣ ـ من أبواب كتاب الوصايا حديث ١.

(٣) سورة التوبة ، الآية : ٩١.

٩٤

حكم الحاكم بثبوته (١) ، ولا على حلفه على بقائه (٢) ، لأن ذلك (٣) للاستظهار ببقائه ، لجواز إبراء صاحب الدين ، أو استيفائه ، والمعلوم هنا خلافه (٤) ، والمكلف بالاستظهار هو الوصي (٥) ، (و) كذا يجوز له(قضاء ديون الميت التي يعلم بقاءها) إلى حين القضاء (٦) ، ويتحقق العلم بسماعه إقرار الموصي بها قبل الموت بزمان لا يمكنه بعده القضاء ، ويكون المستحق ممن لا يمكن في حقه الإسقاط كالطفل والمجنون. وأما ما (٧) كان أربابها مكلفين يمكنهم اسقاطها فلا بد من إحلافهم على بقائها وإن علم بها سابقا (٨) ، ولا يكفي إحلافه إياهم إلا إذا كان مستجمعا لشرائط الحكم (٩) ، وليس للحاكم أن يأذن له (١٠) في التحليف استنادا إلى علمه (١١) بالدين ، بل لا بدّ من ثبوته عنده (١٢) ، لأنه (١٣) تحكيم لا يجوز لغير أهله.

______________________________________________________

ـ محمولة على استيفاء أحد الوصيين دينه مع أنه قد شرط عليهما الاجتماع ولم يثبت الدين عند الآخر وهو أجنبي عن مقامنا ، لأن الكلام فيه في صورة ثبوت الدين عند الوصي.

(١) أي بثبوت الدين.

(٢) أي ولا على حلف الوصي على بقاء الدين.

(٣) أي الحلف.

(٤) حيث إن المفروض هو بقاء دين الوصي على الميت بعد الموت.

(٥) لو أدعي على الميت بدين من أجنبي فالوصي هو الذي يطلب الحلف للاستظهار على بقاء الدين إلى ما بعد الموت ، وهنا كيف يطلب الحلف من نفسه وهو قاطع بالبقاء.

(٦) أما قضاء ديون الميت فواضح لأنه من جملة أعمال الوصي ، وأما إلى حين القضاء لأنه لو لم يعلم بثبوتها إلى ذلك الوقت فلا يجوز قضائها لاحتمال براءة ذمة الميت منها بالوفاء أو الإبراء من الدائن ونحو ذلك.

(٧) أي من الديون.

(٨) لاحتمال إسقاطها من قبل أربابها.

(٩) بحيث ادعى رب الدين بقائه إلى ما بعد الموت وله بينة على إثبات أصل الدين فحينئذ يحلفه الوصي على البقاء ، وقد تقدمت المسألة في باب القضاء.

(١٠) للوصي.

(١١) أي عمّ الوصي.

(١٢) أي لا بد من ثبوت الدين عند الحاكم.

(١٣) أي ثبوت الدين.

٩٥

نعم (١) له بعد ثبوته عنده بالبينة توكيله في الإحلاف ، وله (٢) ردّ ما يعلم كونه وديعة ، أو عارية ، أو غصبا ، أو نحو ذلك من الأعيان التي لا يحتمل انتقالها عن ملك مالكها إلى الموصي ، أو وارثه في ذلك الوقت.

(ولا يوصي) الوصي إلى غيره عمن أوصى إليه ، (إلا بإذن منه) له (٣) في الإيصاء على أصح القولين وقد تقدم (٤) ، وإنما أعادها لفائدة التعميم ، إذ السابقة مختصة بالوصي على الطفل ومن بحكمه (٥) من أبيه (٦) وجده وهنا شاملة لسائر الأوصياء (٧) ، وحيث يأذن له فيه (٨) يقتصر على مدلول الإذن فإن خصه بشخص ، أو وصف اختص (٩) ، وإن عمم أوصى إلى مستجمع الشرائط (١٠) ، ويتعدى الحكم (١١) إلى وصي الوصي أبدا مع الإذن فيه (١٢) ، لا بدونه.

(و) حيث لا يصرح له بالإذن في الإيصاء (١٣) (يكون النظر بعده) (١٤) في وصية الأول (١٥) (إلى الحاكم) (١٦) ، لأنه وصي من لا وصي له ، (وكذا) حكم كل

______________________________________________________

(١) أي للحاكم.

(٢) أي للوصي.

(٣) أي إلا بإذن من الموصي للوصي في الإيصاء إلى الغير.

(٤) في أوائل بحث الوصاية.

(٥) كالمجنون.

(٦) واحدهما هو الموصي.

(٧) حال كون الوصي وصيا على الطفل وعلى رد الودائع ووفاء الدين واستيفائه ونحو ذلك.

(٨) في الإيصاء.

(٩) للنهي عن تبديل الوصية ، وقد تقدم مرارا.

(١٠) من كونه مسلما بالغا عاقلا حرا عادلا بناء على اشتراط الأخير.

(١١) وهو الإيصاء للغير.

(١٢) في الإيصاء.

(١٣) سواء نهى عنه أو لم يأذن ولم يمنع.

(١٤) بعد الوصي.

(١٥) أي الموصي.

(١٦) وهو الفقيه الجامع لشرائط الفتوى بلا خلاف فيه ، لأن ذلك من شئون القضاة وقد ـ

٩٦

(من مات ولا وصي له ، ومع تعذر الحاكم) لفقده ، أو بعده بحيث يشق الوصول إليه عادة(يتولى) انفاذ الوصية(بعض عدول المؤمنين) (١) من باب الحسبة (٢) ، والمعاونة على البر والتقوى المأمور بها (٣).

واشتراط العدالة يدفع محذور إتلاف مال الطفل وشبهه ، والتصرف فيه (٤)

______________________________________________________

ـ جعله الشارع قاضيا وحاكما كما في مقبولة ابن حنظلة (١) ومرفوعة أبي خديجة (٢).

(١) هل يجوز النظر في تركة الميت وأطفاله وديونه والحقوق التي له وعليه لعدول المؤمنين ممن يوثق بهم عند فقد الجميع أو لا ، ذهب ابن إدريس إلى العدم لأن ذلك أمر موقوف على الاذن الشرعي وهو منتف.

وعن الأكثر الجواز لما فيه من المعاونة على البر والتقوى المأمور بها بقوله تعالى : (وَتَعٰاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوىٰ) (٣) ، ولقوله تعالى : (الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنٰاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيٰاءُ بَعْضٍ) (٤) وقد خرج منه ما أجمع على عدم ولايتهم فيه فيبقى الباقي على عمومه ، ولأن ذلك من المعروف والمصالح الحسبية التي يستفاد الاذن فيها من عموم أدلة الأمر بالمعروف ، ومثل هذا كاف في الاذن الشرعي ، ولخصوص خبر محمد بن إسماعيل (مات رجل من أصحابنا ولم يوص فرفع أمره إلى قاضي الكوفة فصيّر عبد الحميد القيّم بماله ، وكان الرجل خلّف ورثة صغارا ومتاعا وجواري ، فباع عبد الحميد المتاع ، فلما أراد بيع الجواري ضعف قلبه عن بيعهنّ إذا لم يكن الميت صيّر إليه وصيته ، وكان قيامه فيها بأمر القاضي لأنهن فروج ، قال : فذكرت ذلك لأبي جعفر عليه‌السلام وقلت له : يموت الرجل من أصحابنا ولا يوصي إلى أحد ويخلّف جواري فيقيم القاضي رجلا منا فيبيعهنّ ، أو قال : يقوم بذلك رجل فيضعف قلبه لأنهن فروج ، فما ترى في ذلك؟ فقال : إذا كان القيّم به مثلك أو مثل عبد الحميد فلا بأس) (٥).

(٢) أي إن القيام به من باب احتساب أجره عند الله تعالى.

(٣) بالمعاونة.

(٤) فيه : أي ويدفع محذور التصرف في مال الطفل بدون إذن شرعي.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب صفات القاضي حديث

(٢) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب صفات القاضي حديث

(٣) سورة المائدة ، الآية : ٣.

(٤) سورة التوبة ، الآية : ٧١.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب عقد البيع وشروطه حديث.

٩٧

بدون إذن شرعي ، فإن ما ذكرناه هو الإذن ، وينبغي الاقتصار على القدر الضروري الذي يضطر إلى تقديمه قبل مراجعة الحاكم ، وتأخير غيره (١) إلى حين التمكن من إذنه (٢) ، ولو لم يمكن لفقده لم يختص (٣) ، وحيث يجوز ذلك (٤) يجب (٥) ، لأنه من فروض الكفاية.

وربما منع ذلك كله بعض الأصحاب ، لعدم النص. وما ذكر من العمومات كاف في ذلك. وفي بعض الأخبار ما يرشد إليه.

(والصفات المعتبرة في الوصي) من البلوغ والعقل والإسلام على وجه (٦) والحرية ، والعدالة(يشترط حصولها حال الإيصاء) (٧) ، لأنه وقت إنشاء العقد ،

______________________________________________________

(١) غير المضطر.

(٢) إذن الحاكم.

(٣) أي لم يختص التصرف بالضروري.

(٤) أي تولي عدول المؤمنين.

(٥) قال الشارح في المسالك : (ويستثنى من موضع الخلاف ما يضطر إليه الأطفال والدواب من المئونة وصائنة المال المشرف على التلف ، فإن ذلك ونحوه واجب على الكفاية على جميع المسلمين فضلا عن العدول منهم ، حتى لو فرض عدم ترك مورّثهم مالا فمئونة الأطفال ونحوهم من العاجزين عن التكسب واجب على المسلمين من أموالهم كفاية ، كإعانة كل محتاج وإطعام كل جائع يضطر إليه ، فمن مال المحتاج أولى ، وحيث يجوز لأحد فعل ذلك فالمراد به ـ أي الجواز ـ معناه الأعم ، والمراد منه الوجوب لما ذكرناه من أنه من فروض الكفايات) انتهى.

(٦) إذا كان الموصي مسلما.

(٧) اختلف الأصحاب في وقت اعتبار هذه الشروط هل هو عند الوصية أو عند الموت ، أو من حين الوصية إلى أن يموت الموصي ، أو من حينها إلى وقت التنفيذ بعد الموت أقوال أربعة.

الأول للأكثر ، قضاء لحق الشرط ، فالمشروط عدم عند عدم شرطه ، فلا تصح الوصية إلى شخص إلا إذا كان مستجمعا للشرائط المذكورة وهذا ما يستدعي تحققها حال الوصية ، ولأن الموصي في وقت الوصية منهي عن التفويض إلى من ليس بالصفات المذكورة ، والنهي في المعاملات إذا توجه إلى ركنها أوجب الفساد كما في المسالك وغيره.

والثاني بحيث لو أوصى إلى صبي مثلا فبلغ ثم مات الموصي صحت الوصية وكذا الكلام ـ

٩٨

فإذا لم تكن مجتمعة لم يقع صحيحا (١) كغيره من العقود ، ولأنه (٢) وقت الوصية ممنوع من التفويض إلى من ليس بالصفات (٣).

وقيل : يكفي حصولها(حال الوفاة) حتى لو أوصى إلى من ليس بأهل فاتفق حصول صفات الأهلية له قبل الموت صح ، لأن المقصود بالتصرف هو ما بعد الموت وهو محل الولاية ولا حاجة إليها قبله.

ويضعف بما مر (٤) (وقيل :) يعتبر(من حين الإيصاء إلى حين الوفاة) جمعا بين الدليلين.

والأقوى اعتبارها من حين الايصاء واستمراره (٥) ما دام وصيا (٦).

(وللوصي أجرة المثل عن نظره في مال الموصى عليهم مع الحاجة) (٧) وهي

______________________________________________________

ـ في الحرية والعقل وباقي الشرائط ، لأن المقصود من الوصية التصرف بعد الموت فيعتبر اجتماع الشرائط حينئذ ، ولأن حين الموت هو محل ولاية الوصي فلا حاجة إلى وجود الشرائط المذكورة قبل ذلك لانتفاء الفائدة ، وفيه : أن الوصاية ثابتة من حين الوصية وإنما المتأخر هو التصرف ، فلا بدّ من ثبوت الشروط من حين تحقق الوصية.

والثالث هو مختار الشهيد في الدروس ، أما ثبوت الشروط من حين الوصية فلما مرّ في توجيه القول الأول ، وأما استمرارها إلى حين الوفاة لأن الوصاية من العقود الجائزة فمتى عرض اختلال أحد الشرائط بطلت كنظائرها.

والرابع لأن المعتبر من الشرط هو تحققه في زمن المشروط ، والمشروط هو الوصاية من حين إنشائها إلى حين التنفيذ ، وهذا ما قواه الشارح في المسالك والروضة هنا.

(١) لفوات الشرط الموجب لفوات المشروط.

(٢) أي الموصي.

(٣) أي بالشروط المعتبرة ، والنهي في المعاملات موجب للفساد إن تعلق بركنها.

(٤) من كون الإيصاء وقت إنشاء العقد فلو لم تكن مجتمعة لبطل العقد بسبب فوات الشرط.

(٥) أي استمرار الاعتبار.

(٦) إلى حين التنفيذ.

(٧) للوصي أخذ الأجرة مع الحاجة بلا خلاف فيه سواء كان الوصي وصيّا على الأيتام أو وصيا على صرف مال الوصية في مواضعها المقررة ، ولكن اختلفوا في مقدار ما يؤخذ.

فعن الشيخ في أحد أقواله والإسكافي والعلامة والمحقق أنه يأخذ أجره المثل ، وعن الشيخ ـ

٩٩

الفقر ، كما نبه عليه تعالى بقوله : (وَمَنْ كٰانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) (١) ولا يجوز

______________________________________________________

ـ في النهاية وابن إدريس يأخذ قدر الحاجة ، وعن الشيخ في خلافه وتبيانه يأخذ أقل الأمرين ، فإن كانت كفايته أقل من أجرة المثل فله قدر الكفاية وإلا فلو كان العكس فله أجرة المثل.

والأقوى الأول ، لأن أجرة المثل عوض عمله ، وعمله محترم ما دام غير متبرّع به ، فلا يضيّع عليه.

واستدل للثاني بقوله تعالى : (وَمَنْ كٰانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) (١) ، والمعروف هو ما لا إسراف فيه ولا تقتير ، وفيه : إن أخذ أجرة المثل من غير زيادة معروف ، نعم الزيادة على ذلك غير معروف.

واستدل للثالث بأنه إذا كانت كفايته أقل من الأجرة فمع حصولها يكون غنيا ، والغني يجب عليه الاستعفاف لقوله تعالى : (وَمَنْ كٰانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ) (٢) ، فيجب عليه الاستعفاف عن الباقي ، وإذا كانت أجرة المثل أقل من كفايته فهو يستحق عوض عمله ولا يحلّ له أخذ الزائد ، ويردّه إطلاق صحيح هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عمن تولى مال اليتم ، ماله أن يأكل منه؟ فقال لله عليه‌السلام : ينظر إلى ما كان غيره يقوم به من الأجر لهم فليأكل بقدر ذلك) (٣) وهو شامل للأجر المساوي لكفايته والمغاير لها زيادة ونقصانا.

ثم إن الحلي والشارح في المسالك وسيد الرياض وجماعة اشترطوا الحاجة في الأخذ لظاهر قوله تعالى : (وَمَنْ كٰانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ) (٤) والأمر ظاهر في الوجوب ، وموثق سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من كان يلي شيئا لليتامى وهو يحتاج ليس له ما يقيمه فهو يتقاضى أموالهم ويقوم في ضيعتهم ، فليأكل بقدر ولا يسرف ، وإن كان ضيعتهم لا تشغله عما يعالج نفسه فلا يرزأنّ من أموالهم شيئا) (٥).

وعن الشيخ والإسكافي والعلامة في بعض كتبه جواز الأخذ للغني على كراهة وهو ضعيف لظهور الأمر في الآية بالوجوب.

(١) النساء آية : ٦.

__________________

(١) سورة النساء ، الآية : ٦.

(٢) سورة النساء ، الآية : ٦.

(٣) الوسائل الباب ـ ٧٢ ـ من أبواب ما يكتسب به حديث ٥.

(٤) سورة النساء ، الآية : ٦.

(٥) الوسائل الباب ـ ٧٢ ـ من أبواب ما يكتسب به حديث ٤.

١٠٠