الزبدة الفقهيّة - ج ٦

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٦

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-59-0
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٦٤٨

(ما يؤمّل به رجوعها) فلا تجوز الزيادة عليه مع حصول الغرض به ، وإلا تدرّج إلى الأقوى فالأقوى(ما لم يكن مدميا ، ولا مبرّحا) أي شديدا كثيرا (١) قال الله تعالى : (وَاللّٰاتِي تَخٰافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضٰاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ) (٢).

والمراد فعظوهن إذا وجدتم أمارات النشوز ، واهجروهن إن نشزن ، واضربوهن إن أصررن عليه (٣). وأفهم قوله تعالى : في المضاجع ، أنه لا يهجرها في الكلام (٤) ، وهذا (٥) فيما زاد عن ثلاثة أيام لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا يحلّ لمسلم أن يهجر أخاه في الكلام فوق ثلاث» (٦) ، ويجوز (٧) في الثلاثة إن رجا به رجوعها (٨) ، ولو حصل بالضرب تلف ، أو ادماء ضمن.

(ولو نشز) الزوج (٩) (بمنع حقوقها) الواجبة لها عليه من قسم ، ونفقة(فلها)

______________________________________________________

ـ بما لا يكون مدميا ولا برحا ، ويشهد له النبوي المروي في تحف العقول (وتهجروهن في المضاجع وتضربوهن ضربا غير مبرح) (١).

(١) فالشديد من ناحية الكيف والكثير من ناحية الكم هذا واعلم أنه يجب في الضرب اتقاء المواضع المخوفة كالوجه والخاصرة ومراق البطن ونحو ذلك ، وأن لا يوالي الضرب على موضع واحد ، بل يفرقه على المواضع الصلبة مراعيا فيه الاصلاح ، لا التشفي والانتقام ، مع تحريم الضرب بقصد التشفي والانتقام مطلقا ، ومن هنا تعرف موارد جواز ضرب الولي للصبي تأديبا وإصلاحا لا تشفيا وانتقاما ، ثم لو حصل بالضرب تلف أو ادماء ضمن لاطلاق أدلته من جهة ومن جهة أخرى أنه مع التلف والادماء لا يكون ضربا مأذونا فيه حتى يقال إنه مع الرخصة بالضرب كيف يضمن.

(٢) النساء آية : ٣٤.

(٣) على النشوز ، وهو قول العلامة في التحرير وقد تقدم.

(٤) لتخصيص الهجر في المضاجع بمقتضى الآية.

(٥) أي الهجر في الكلام.

(٦) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٢٤ ـ من أبواب أحكام العشرة من كتاب الحج حديث ١.

(٧) أي الهجر في الكلام.

(٨) ويكون الهجر في الكلام حينئذ من باب النهي عن المنكر ولذا يكون جائزا في الثلاثة.

(٩) هذا هو القسم الثاني من النشوز ، وهو أن يتعدى الزوج ويمنعها بعض حقوقها الواجبة من ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب النفقات حديث ٢.

٥٦١

(المطالبة) بها (١) ، (وللحاكم إلزامه بها) (٢) ، فإن أساء خلقه وأذاها بضرب وغيره بلا سبب صحيح نهاه (٣) عن ذلك (٤) ، فإن عاد إليه (٥) عزّره (٦) بما يراه (٧) ، وإن قال

______________________________________________________

ـ نفقة أو قسمة أو يسي‌ء خلقه معها ويؤذيها ويضربها بغير سبب مبيح له ذلك ، فإن نجع فيه وعظها فهو ويكون من باب النهي عن المنكر ، وإلا رفعت أمرها إلى الحاكم وكان للحاكم إلزامه بالطاعة ، وليس لها أن تهجره ولا أن تضربه وإن رجت عوده إلى الحق بهما ، بلا خلاف في ذلك ، لأن الهجران في المضجع والضرب متوقف على الأذن الشرعي وهو منتف هنا ، بل في الآية المتقدمة التنبيه على تفويض الهجر والضرب إليه لا إليها ، ثم لو كان الزوج لم يمنعها شيئا من حقوقها ولا يؤذيها بضرب أو سبّ ولكن يكره مصاحبتها لمرض أو كبر فلا يدعوها إلى فراشه ، أو يهمّ بطلاقها فلا شي‌ء عليه ، نعم يحسن أن تسترضيه بترك بعض حقها من القسم والنفقة ، ويحل له قبوله بلا خلاف فيه للأخبار.

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن قول الله عزوجل : (وَإِنِ امْرَأَةٌ خٰافَتْ مِنْ بَعْلِهٰا نُشُوزاً أَوْ إِعْرٰاضاً) ، فقال عليه‌السلام : هي المرأة تكون عند الرجل فيكرهها فيقول لها : إني أريد أن أطلقّك ، فتقول له : لا تفعل ، إني أكره أن تشمت بي ، ولكن انظر في ليلتي فاصنع بها ما شئت ، وما كان سوى ذلك من شي‌ء فهو لك ، ودعني على حالتي ، فهو قوله تعالى : (فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْهِمٰا أَنْ يُصْلِحٰا بَيْنَهُمٰا صُلْحاً) ، وهذا هو الصلح) (١) ومثله غيره.

وظاهره جواز قبول ما تبذله المرأة في قبال ما يريد فعله من الطلاق ، والطلاق ليس بمحرم عليه ، نعم لو أراد النشوز المحرّم عليه فبذلت له في قبال ذلك حلّ له وإن كان آثما لنشوزه ، ما لم يكن النشوز سببا مكرها لها على البذل فيحرم القبول حينئذ لعدم اختيارها في البذل ، مع أنه لا يحل القبول إلا برضاها.

(١) بحقوقها التي تركها الزوج.

(٢) بحقوقها التي تركها الزوج.

(٣) أي نهى الحاكم الزوج.

(٤) عن إساءة الخلق والأذية بالضرب وغيره.

(٥) إلى ما ذكره من الإساءة والأذية.

(٦) أي الحاكم ، والتعزير جائز على كل معصية.

(٧) أي بما يراه الحاكم.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب القسم والنشوز حديث ١.

٥٦٢

كل منهما : إن صاحبه متعدّ (١) تعرّف الحاكم الحال بثقة في جوارهما يختبرهما ومنع الظالم منهما.

(ولو تركت) الزوجة(بعض حقوقها) الواجبة لها عليه من قسمة ونفقة(استمالة له حلّ) له(قبوله) ، وليس له منع بعض حقوقها لتبذل له مالا ليخلعها ، فإن فعل فبذلت إثم وصح قبوله ولم يكن (٢) إكراها.

نعم لو قهرها عليه (٣) بخصوصه لم يحلّ.

(والشقاق (٤) ـ هو أن يكون النشوز منهما) كأن كان كل واحد منهما قد صار في شق غير الآخر (٥) (وتخشى الفرقة) (٦) ، أو الاستمرار على ذلك (٧) (فيبعث الحاكم (٨).)

______________________________________________________

(١) وهنا يشتبه الناشز منهما ، فالحاكم إن عرف الحال باطلاع أو اقرار من أحد الزوجين ، أو بشهود مطلعين على حالهما فهو ، وإلا نصب عليها ثقة في جوارهما يختبرهما ، ويحكم بما يتبين له ، فإن ثبت تعدي الزوج نهاه عن فعل ما يحرم وأمره بفعل ما يجب ، فإن عاد عزّره بما يراه ، ولو امتنع من الانفاق مع قدرته جاز للحاكم أن ينفق عليها من مال الزوج ولو ببيع شي‌ء من عقاره إذ توقف الانفاق على ذلك.

(٢) أي البذل.

(٣) على البذل.

(٤) لما كان ارتفاع أحدهما على الآخر دون صاحبه مختصا باسم النشوز ، ناسب أن يخصّ التعدي من كل منهما على الآخر باسم الشقاق ، لأنهما تشاركا في التعدي والتباعد ، فكأن كلا منهما صار في شق ـ وهو الجانب ـ غير شق الآخر.

والشقاق مصدر على وزن فعال من الشق بالكسر أي الناحية ، فلذا كان كل منهما في ناحية غير ناحية الآخر ، باعتبار حصول الكراهة والاختلاف في الرأي ونحو ذلك.

(٥) أي غير شق الآخر.

(٦) وهي الطلاق بسبب الشقاق.

(٧) أي على الشقاق ، والاستمرار معطوف على الفرقة.

(٨) إذا حصل الشقاق بين الزوجين فحكمه أن يبعث حكمان على تفصيل سيأتي ، والأصل فيه قوله تعالى : (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقٰاقَ بَيْنِهِمٰا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهٰا ، إِنْ يُرِيدٰا إِصْلٰاحاً يُوَفِّقِ اللّٰهُ بَيْنَهُمٰا ، إِنَّ اللّٰهَ كٰانَ عَلِيماً خَبِيراً) (١). ـ

__________________

(١) سورة النساء ، الآية : ٣٥.

٥٦٣

(الحكمين من أهل الزوجين) (١) : أي أحدهما من أهله ، والآخر من أهلها كما تضمنت الآية الشريفة لينظرا في أمرهما (٢) بعد اختلاء (٣) حكمه به (٤) ، وحكمها بها ، ومعرفة ما عندهما في ذلك.

______________________________________________________

ـ وقد اختلفت كلمات القوم في أن الباعث للحكمين هل هو الحاكم كما عليه الأكثر ، لأن ظاهر الآية كون المخاطب ببعث الحكمين هو غير الزوجين ، فضمير الزوجين في الآية قد وقع للمثنى الغائب ، والمأمور بالبعث في الآية هو الخائف من شقاقهما ، فلو كان الباعث للحكمين هو الزوجان لتساوت الضمائر من حيث الحضور والغيبة ومن حيث التثنية والجمع.

وعن الصدوقين أن الباعث هو الزوجان ، وعن المحقق في النافع أن الباعث هو أهل الزوجين ، وعن ابن الجنيد أن الحاكم بأمر الزوجين أن يبعثا حكمين ، وليس على هذه الأقوال دليل بعد عدم مساعدة الآية عليها.

(١) هل يشترط كون الحكمين من أهل الزوجين ، بمعنى كون المبعوث من قبلها من أهلها ، والمبعوث من قبله من أهله كما عن العلامة في المختلف وابن إدريس ، وعليه ظاهر الآية المتقدمة ويؤيده أن الأهل اعرف بالمصلحة من الأجانب.

أو يجوز أن يكون الحكمان أجنبيين كما عن المحقق في الشرائع والنافع والشيخ في المبسوط وابن حمزة في الوسيلة والعلامة في بعض كتبه بل عليه الأكثر كما في المسالك لعدم اعتبار القرابة في الحكم ولا في التوكيل ، والغرض يحصل بالأجنبي كما يحصل بالقريب ، والآية مسوقة للارشاد إلى ما هو الأصلح فلا يدل الأمر فيها على الوجوب ، نعم لو تعذر الأهل فلا كلام في جواز الأجنبي.

(٢) أمر الزوجين.

(٣) أي بعد انفراد.

(٤) أي بعد انفراد حكم الزوج بالزوج ، وحكم الزوجة بالزوجة ، هذا وينبغي أن يخلو حكم الرجل بالرجل وحكم المرأة بالمرأة خلوة غير محرمة ليتعرف ما عند الزوجين وما فيه رغبتهما ليتمكن الحكمان من الرأي الصواب ، وينبغي للحكمين إخلاص النية في السعي وقصد الاصلاح فمن حسنت نيته فيما تحراه أصلح الله مسعاه ، وكان ذلك سببا لحصول مبتغاه ، كما نبّه عليه قوله تعالى في الآية المتقدمة (إِنْ يُرِيدٰا إِصْلٰاحاً يُوَفِّقِ اللّٰهُ بَيْنَهُمٰا) (١) ، ومفهوم الشرط أن عدم التوفيق بين الزوجين يدل على فساد قصد الحكمين أو أحدهما.

__________________

(١) سورة النساء ، الآية : ٣٥.

٥٦٤

وهل بعثهما واجب ، أو مستحب وجهان (١) : أوجههما الوجوب عملا بظاهر الأمر من الآية(أو من غيرهما (٢)) لحصول الغرض (٣) به (٤) ، ولأنّ القرابة غير معتبرة في الحكم ، ولا في التوكيل ، وكونهما (٥) من الأهل في الآية للإرشاد إلى ما هو الأصلح.

وقيل : يتعين كونهما من أهلهما عملا بظاهر الآية ، ولأنّ الأهل أعرف بالمصلحة من الأجانب ، ولو تعذر الأهل فلا كلام في جواز الأجانب.

وبعثهما يكون(تحكيما) (٦) ، لا توكيلا ، لأنّ الله خاطب بالبعث الحكام ،

______________________________________________________

(١) هل بعث الحكمين واجب أو مندوب ، قولان ، ذهب جماعة إلى الأول ، لدلالة ظاهر الأمر بالبعث في الآية على الوجوب ، ولكون الظاهر من حال الشقاق وقوع الزوجين أو أحدهما في المحرّم فيجب تخليصهما منه من باب الحسبة.

وعن العلامة في التحرير الاستحباب للأصل وظهور الأمر بالبعث في الآية في الارشاد فلا يدل على الوجوب ، ولإمكان الاصلاح بدون البعث فلا يكون واجبا وإن كان راجحا نظرا إلى ظاهر الأمر في الآية.

(٢) أي من غير أهل الزوجين.

(٣) من التحكيم.

(٤) أي بالأجنبي.

(٥) أي الحكمين.

(٦) المشهور على أن بعث الحكمين إنما هو على سبيل التحكيم بحيث إذا رأى الحكمان الاصلاح فعلاه من غير استئذان الزوجين ، وما اتفقا عليه فهو لازم على الزوجين ، ويدل عليه ظاهر الكتاب حيث سماهما الله في الآية المتقدمة بالحكمين ، وقد خاطب ببعثهما الحكام ، مع أن الوكيل مأذون ليس بحكم ، ولأنه لو كان توكيلا لخاطب بالبعث الزوجين.

وعن القاضي ابن البراج أنه توكيل ، لأن البضع حق للزوج والمال حق للزوجة وهما رشيدان بالغان فلا يكون لأحد ولاية عليهما ، فلا يكون الحكمان إلا وكيلين ، ولأنه يعتبر في الحكمين الاجتهاد فلو كانا غير وكيلين وعلى سبيل التحكيم كان اللازم اعتبار الاجتهاد في الحكمين مع أنه غير معتبر بالاتفاق ، ويردّ الأول أنه لا مانع من الحكم على البالغ الرشيد إذا امتنع عن الحق ، ويرد الثاني أن الباعث للحكمين هو الحاكم الشرعي والاجتهاد معتبر فيه ، نعم الحكمان وكيلان عن الحاكم الشرعي.

٥٦٥

وجعلهما (١) حكمين ، ولو كان (٢) توكيلا لخاطب به الزوجين ، ولأنهما (٣) إن رأيا الاصلاح فعلاه من غير استئذان (٤) ، وإن رأيا التفريق (٥) توقف على الإذن (٦) ، ولو كان (٧) توكيلا لكان تابعا لما دلّ عليه لفظهما (٨).

وبذلك يضعّف قول القاضي بكونه (٩) توكيلا ، استنادا إلى أن البضع حقّ للزوج ، والمال (١٠) حقّ للمرأة ، وليس لأحد التصرف فيهما إلا بإذنهما (١١) ، لعدم الحجر عليهما (١٢) ، لأنّ (١٣) إذن الشارع قد يجري على غير المحجور كالمماطل (١٤).

وحيث كان (١٥) تحكيما(فإن اتفقا (١٦) على الاصلاح) بينهما(١٧) (فعلاه) من غير مراجعة(١٨) ، (وإن اتفقا على التفريق لم يصح إلا بإذن الزوج في الطلاق ،)

______________________________________________________

(١) أي سماهما الله في الآية المتقدمة بالحكمين.

(٢) أي البعث.

(٣) أي الحكمين.

(٤) من قبل الزوجين.

(٥) أي الطلاق.

(٦) من قبل الزوج كما سيأتي بيانه ، وفي هذا دلالة على أن البعث تحكيم لا توكيل لما ذكره الشارح.

(٧) أي البعث.

(٨) أي لفظ الزوجين في الاصلاح والطلاق.

(٩) أي بكون البعث.

(١٠) عند بذل المرأة له ليخلعها الزوج.

(١١) أي بإذن الزوجين.

(١٢) على الزوجين ، لأنهما بالغان رشيدان.

(١٣) جواب من الشارح عن دليل القاضي.

(١٤) وهو الممتنع عن الحق.

(١٥) أي البعث.

(١٦) أي الحكمان.

(١٧) بين الزوجين.

(١٨) أي من غير مراجعة الزوجين ، هذا واعلم أن الحكمين يتبع نظرهما في الصلح من دون مراجعة الزوجين ، لأنه مقتضى تحكيمهما بلا خلاف فيه ، ولو رأيا الفرقة بطلاق أو خلع فالمشهور على مراجعة الزوجين ، فيراجع الزوج في الطلاق والمرأة في البذل ، أما مراجعة ـ

٥٦٦

(وإذن الزوجة في البذل) إن كان خلعا ، لأنّ ذلك (١) هو مقتضى التحكيم.

(وكلما شرطاه) أي الحكمان على الزوجين(يلزم إذا كان (٢) سائغا) شرعا وإن لم يرض به الزوجان ، ولو لم يكن سائغا كاشتراط ترك بعض النفقة ، أو القسمة ، أو أن لا يسافر بها لم يلزم الوفاء به.

ويشترط في الحكمين : البلوغ ، والعقل (٣) ، والحرية ، والعدالة (٤) ، والاهتداء

______________________________________________________

ـ الزوج للنبوي (الطلاق بيد من أخذ بالساق) (١) ، وأما مراجعة المرأة ، فلأن المال مالها والناس مسلّطون على أموالهم ، ويشهد له صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (سألته عن قول الله عزوجل : فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ، قال عليه‌السلام : ليس للحكمين أن يفرّقا حتى يستأمرا) (٢).

وعن ابن الجنيد جواز طلاق الحكمين من دون إذن الزوج على تشكيك في النسبة ، واستدل له بخبر ابن سيرين عن عبيدة المروي في تفسير العياشي (أتى عليّ بن أبي طالب رجل وامرأة ، مع كل واحد منهما فئام من الناس ، فقال علي عليه‌السلام : ابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ، ثم قال للحكمين : هل تدريان ما عليكما ، إن رأيتما أن تجمعا جمعتما ، وإن شئتما أن تفرقا فرّقتما ، فقالت المرأة : رضيت بكتاب الله عليّ ولي ، فقال الرجل : أما في الفرقة فلا ، فقال علي عليه‌السلام : لا تبرح حتى تقرّ بما أقرت به) (٣) ، وعلى كلّ فلو اختلف الحكمان لم يمض على الزوجين حكم لهما ، بلا إشكال ، للأصل ، واختصاص الأدلة باتفاقهما ، مع استحالة الترجيح من غير مرجح.

(١) من عدم الوقوف على إذن الزوجين في الحكم الأول.

(٢) أي الشرط ، هذا واعلم أنه إذا اشترط الحكمان عليهما شرطا أو على أحدهما فيجب الوفاء به لعموم (المؤمنون عند شروطهم) (٤) ، بعد جعل الحكم إلى الحكمين لا إلى الزوجين ، نعم لو كان الشرط غير مشروع وهو غير السائغ فلا يجب الوفاء به ، لعدم شمول العموم المتقدم له.

(٣) أما البلوغ والعقل فلسلب عبارة الصبي والمجنون شرعا.

(٤) قال في المسالك : (وأما العدالة والحرية فإن جعلناهما حكمين اعتبرا قطعا ، وإن جعلناهما ـ

__________________

(١) سنن البيهقي ج ٧ ص ٣٦٠.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب القسم والنشوز حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ١٣ ـ من أبواب القسم والنشوز حديث ٦.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب المهور حديث ٤.

٥٦٧

إلى ما هو المقصود من بعثهما (١) ، دون الاجتهاد (٢).

(ويلحق الولد بالزوج الدائم) (٤) نكاحه(بالدخول) بالزوجة ، (ومضي ستة أشهر) هلالية(من حين)

______________________________________________________

ـ وكيلين ففي اعتبارهما وجهان ، أجودهما العدم ، لأنهما ليسا شرطا في التوكيل) انتهى كلامه.

(١) وإلا فالعاجز عن الاهتداء لا معنى لبعثه حكما.

(٢) لإطلاق الآية ، نعم الاجتهاد معتبر في الحاكم الشرعي الذي يبعثهما وهذا أمر آخر.

(٣) أولاد الزوجات دواما وانقطاعا ، وأولاد الموطوءة بالشبهة.

(٤) أما أولاد الزوجة الموطوءة بالعقد الدائم فهم يلحقون بالزوج بشروط ثلاثة : الأول : الدخول ، بلا خلاف فيه والأخبار الآتية شاهدة به ، وإنما الكلام في موردين :

الأول : إذا دخل بها قبلا ولم ينزل ، أو دخل بها دبرا وانزل ، والمشهور على إلحاق الولد بالزوج ، وعن الحلي في السرائر والعلامة في التحرير وسيد الرياض وجماعة عدم الالحاق ، لأنه مع عدم المني في فرجها أو مع كون المني في دبرها وقد علم عدم وصول المني إلى فرجها فلا يكون الولد منه فكيف يلحق به ، ومما يشهد له خبر أبي البختري عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليهم‌السلام (جاء رجل إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : كنت أعزل عن جارية لي فجاءت بولد ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (الوكاء قد ينفلت فألحق به الولد) (١) ، ولو كان مجرد الدخول كافيا للإلحاق لما حسن التعليل بانفلات الوكاء.

واستدل للمشهور بخبر أبي مريم الأنصاري عن أبي جعفر عليه‌السلام (إذا أتاها فقد طلب ولدها) (٢) ، وهو مطلق يشمل محل النزاع ، والإتيان يشمل مطلق الدخول قبلا ودبرا ، أنزل أو لا ، وسواء تحقق الدخول بتمام العضو أو بغيبوبة الحشفة ، لأن المدار على الدخول الموجب للغسل والعدة.

المورد الثاني : ما لو أنزل على الفرج ولم يدخل فالمعروف إلحاق الولد به لخبر أبي البختري عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما‌السلام (أن رجلا أتى عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام فقال : إن امرأتي هذه حامل وهي جارية حدثة وهي عذراء ، وهي حامل في تسعة أشهر ، ولا أعلم إلا خيرا وأنا شيخ كبير ما افترعتها وإنها لعلى حالها ، فقال له علي عليه‌السلام : نشدتك الله هل كنت تهريق على فرجها ، قال : نعم ـ إلى أن قال ـ قال علي عليه‌السلام : ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب أحكام الأولاد حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٠٣ ـ من أبواب مقدمات النكاح حديث ١.

٥٦٨

(الوطء) (١). والمراد به (٢) ـ على ما يظهر من اطلاقهم ، وصرح به المصنف في قواعده ـ غيبوبة الحشفة قبلا ، أو دبرا وإن لم ينزل ولا يخلو ذلك (٣) من إشكال إن لم يكن مجمعا عليه ، للقطع بانتفاء التولد عنه (٤) عادة في كثير من موارده (٥) ، ولم أقف على شي‌ء ينافي ما نقلناه (٦) يعتمد عليه.

(وعدم تجاوز (٧) أقصى الحمل) وقد اختلف الأصحاب في تحديده فقيل :

______________________________________________________

ـ ألحقت بك ولدها) (١).

وعليه فالمدار على إمكان نشوء الولد من منيه فيلحق به.

(١) هذا هو الشرط الثاني للإلحاق ، ولا عبرة بالأقل في الولد الكامل ، وستة أشهر هي أقل الحمل بلا خلاف فيه لقوله تعالى : (وَحَمْلُهُ وَفِصٰالُهُ ثَلٰاثُونَ شَهْراً) (٢) مع قوله تعالى : (وَفِصٰالُهُ فِي عٰامَيْنِ) (٣) فيتعين أن يكون أقل الحمل ستة أشهر ، وللأخبار الآتية.

نعم في غير الكامل مما تسقطه المرأة فإن علم عادة أو احتمل أنه منه لحق بالزوج وترتب عليه أحكام التكفين ومئونة التجهيز ونحو ذلك من الأحكام ، وإن علم انتفاؤه عنه لغيبة عن أم الولد مدة تزيد عن تخلقه انتفى عنه قطعا.

ثم المراد بالأشهر الأعم من الهلالية أو العددية ، والثاني عند التلفيق.

(٢) بالوطء.

(٣) أي إطلاق الوطي على جميع ما ذكر.

(٤) عن الزوج.

(٥) أي موارد هذا الاطلاق ، وذلك فيما لو دخل فرجا ولم ينزل ، أو دخل دبرا وانزل وعلم بعدم سبق المني إلى الفرج.

(٦) من إطلاق الوطي على الجميع.

(٧) هذا هو الشرط الثالث للإلحاق ، بلا خلاف ، وإنما الخلاف في تحديده بعد إطباقهم على أنه لا يزيد أقصى الحمل عن سنة ، والمشهور بينهم أنه تسعة أشهر للأخبار.

منها : خبر وهب عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : يعيش الولد لستة أشهر ولسبعة أشهر ولتسعة أشهر ، ولا يعيش لثمانية أشهر) (٤) ، ومرسل عبد الرحمن بن ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب أحكام الأولاد حديث ١.

(٢) سورة الأحقاف ، الآية : ١٥.

(٣) سورة لقمان ، الآية : ١٤.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب أحكام الأولاد حديث ٢.

٥٦٩

تسعة أشهر. وقيل : عشرة ، (وغاية ما قيل فيه عندنا سنة). ومستند الكل مفهوم الروايات (١) ، وعدل المصنف عن ترجيح قول ، لعدم دليل قوي على الترجيح.

______________________________________________________

ـ سيّابة عن أبي جعفر عليه‌السلام (سألته عن غاية الحمل بالولد في بطن أمه كم هو؟ فإن الناس يقولون : ربما بقي في بطنها سنتين ـ سنين خ ـ فقال عليه‌السلام : كذبوا ، أقصى مدة الحمل تسعة أشهر ، ولا يزيد لحظة ، ولو زاد لحظة لقتل أمه قبل أن يخرج) (١) ، وخبر محمد بن حكيم عن أبي الحسن عليه‌السلام في حديث (قلت : فإنها ادعت الحمل بعد تسعة أشهر ، قال عليه‌السلام : إنما الحمل تسعة أشهر) (٢) ، وخبر أبان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : (إن مريم حملت بعيسى تسع ساعات ، كل ساعة شهرا) (٣) ، وهذه الطائفة ضعيفة السند إلا أنها منجبرة بعمل الأصحاب بها. وعن الشيخ في المبسوط والمحقق في الشرائع والعلامة في أكثر كتبه أن أقصى الحمل عشرة أشهر ، وقد اعترف سيد الرياض وصاحب الجواهر وغيرهم بعدم النص عليه فقال في الجواهر : (إلا أنا لم نقف على ما يدل عليه بالخصوص فيما وصل إلينا من النصوص ، وإن حكي عن جماعة أن به رواية) انتهى.

وعن جماعة منهم السيد في الانتصار والعلامة في المختلف وأبو الصلاح الحلبي والشارح في المسالك أن أقصى الحمل هو سنة للأخبار.

منها : صحيح عبد الرحمن بن الحجاج (سمعت أبا إبراهيم عليه‌السلام يقول : إذا طلق الرجل امرأته فادّعت حبلا انتظر بها تسعة أشهر فإن ولدت ، وإلا اعتدت بثلاثة أشهر ثم قد بانت منه) (٤) ، وخبر أبان عن أبي حكيم عن أبي إبراهيم عليه‌السلام في حديث (يطلقها زوجها فتقول أنا حبلى فتمكث سنة ، فقال : إن جاءت به لأكثر من سنة لم تصدّق ولو ساعة واحدة في دعواها) (٥) ومثلها غيرها ، هذا وقد أجاد الشارح في المسالك حيث قال : (وهذا القول أقرب إلى الصواب وإن وصفه المصنف بالترك ، إذ لم يرد دليل معتبر على كون أقصاه أقل من السنة ، فاستصحاب حكمه وحكم القرائن أنسب ، وإن كان خلاف الغالب ، وقد وقع في زماننا ما يدل عليه ، مع أنه يمكن تنزيل تلك الأخبار على الغالب ، كما يشعر به قوله عليه‌السلام : إنما الحمل تسعة أشهر ، ثم أمر بالاحتياط ثلاثة ، نظرا إلى النادر ، ولكن مراعاة النادر. أولى من الحكم بنفي النسب من أهله ، بل يترتب ما هو أعظم من ذلك على المرأة مع قيام الاحتمال) انتهى.

(١) قد عرفت عدم الدليل على العشرة وهذا مناف لظاهر كلام الشارح هنا ، بل كلامه هنا ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب أحكام الأولاد حديث ٣ و ٥ و ٧.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب العدد حديث ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب العدد حديث ٣.

٥٧٠

ويمكن حمل الروايات على اختلاف عادات النساء فإنّ بعضهن تلد لتسعة ، وبعضهن لعشرة ، وقد يتفق نادرا بلوغ سنة ، واتفق الأصحاب على أنّه لا يزيد عن السنة مع أنهم رووا أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حملت به أمه أيام التشريق (١) ، واتفقوا على أنّه ولد في شهر ربيع الأول (٢) ، فأقل ما يكون لبثه في بطن أمه سنة وثلاثة أشهر (٣) ،

______________________________________________________

ـ مناف أيضا لكلامه في المسالك حيث قال : (والقول بأن أقصاه عشرة للشيخ في موضع من المبسوط واستحسنه المصنف هنا ، والعلامة في أكثر كتبه ، وذكر جماعة أن به رواية ، ولكن لم أقف عليها ، وكيف كان فهو أقرب من القول بالتسعة). انتهى.

(١) من ذي الحجة ، وهي ثلاثة أيام بعد الأضحى.

(٢) إما في ثاني عشر أو في سابع عشر منه ، والأول للعامة والكليني منا ، والثاني للمشهور عند الخاصة.

(٣) لأنه لو أريد من شهر ربيع الأول هو رابع شهر بعد ذي الحجة من نفس السنة للزم كون الحمل ثلاثة أشهر ، ولو أريد منه شهر ربيع من السنة التي بعدها فيلزم كون الحمل سنة وثلاثة أشهر ، وكل منهما مشكل لأن أقل الحمل ستة أشهر وهذا ما ينفي الأول ، وأقصاه سنة وهذا ما ينفي الثاني ، مع ضميمة أنه لم ينقل عن أحد من العلماء أن ذلك من خصائصه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ،

هذا هو الاشكال المشهور الذي أورده الشارح وجماعة ، وقد قيل في حله أقوال :

منها : أن ولادته ليوم الاثنين لاثنتي عشرة مضت من شهر رمضان ، وحمله في أيام التشريق ، فيكون مدة الحمل تسعة أشهر على العادة الغالبة ، وهذا قول الزبير بن بكار.

ومنها : أن الحمل ليلة الجمعة لاثنتي عشرة ليلة ذهبت من جمادي الآخرة كما ذكره الشيخ محمد بن بابويه في الجزء الرابع من كتاب النبوة (١) وولادته في ربيع الأول فيكون مدة الحمل تسعة أشهر أيضا على العادة الغالبة.

ومنها : وهو الجواب المشهور ، أن تحديد الحمل بأيام التشريق مبنيّ على النس‌ء الذي كانوا يفعلونه في الجاهلية ، وقد نهى الله تعالى عنه بقوله تعالى : (إِنَّمَا النَّسِي‌ءُ زِيٰادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عٰاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عٰاماً) (٢).

والمراد بالنس‌ء إما الحج في كل شهر عامين ، ثم الحج عامين في الشهر الذي بعده ـ

__________________

(١) نقلا عن البحار ج ١٥ ص ٢٥١.

(٢) سورة التوبة ، الآية : ٣٧.

٥٧١

وما (١) نقل أحد من العلماء أنّ ذلك من خصائصه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

(هذا في) الولد التام(الذي ولجته الروح ، وفي غيره) (٢) مما تسقطه المرأة(يرجع) في إلحاقه بالزوج حيث يحتاج إلى الإلحاق ليجب عليه (٣) تكفينه ومئونة تجهيزه ، ونحو ذلك من الأحكام التي لا تترتب على حياته(إلى المعتاد) (٤) لمثله(من الأيام والأشهر ، وإن نقصت (٥) عن الستة الأشهر) فإن أمكن عادة كونه منه (٦) لحقه الحكم ، وإن علم عادة انتفاؤه عنه لغيبته عنها (٧) مدة تزيد عن تخلقه عادة منه انتفى عنه.

______________________________________________________

ـ وهكذا وهذا هو المنقول عن مجاهد ، وإما تأخير حرمة شهر إلى شهر كتأخير حرمة المحرم إلى صفر لوجود داع عندهم إلى القتال في المحرم فيحرمون بدله صفر ويستحلون القتال فيه ، ثم في العام القابل يحرّمون محرما إذا لم يطرأ عليهم داع للتغيير ، وهذا هو المشهور من معنى النس‌ء وإليه تشير الآية المتقدمة ، وحمله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أيام التشريق قد وقع بهذا الاصطلاح ، فلا إشكال.

ومنها : أنهم كانوا يحجون في كل عام مرتين ، مرة في ذي الحجة ومرة في رجب ، وحمله في أيام التشريق واقع في رجب ، على ما ذهب إليه البعض ، وهو مع فقدانه لدليل على تكرار الحج عند العرب فحمله يكون ثمانية أشهر ، وقد تقدم في الخبر أن ابن الثمانية أشهر لا يعيش.

ومنها : ما نقله الطريحي في مجمع البحرين في مادة شرق أن حمله سنة وثلاثة أشهر ونلتزم بمضمون الاشكال ، لأن ذلك من خصائصه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولم يعرف القائل ولم يرد بهذا أثر حتى يكون من الخصائص.

(١) نافية لا موصولة.

(٢) من ناقص الخلقة أو غير الحي.

(٣) على الزوج.

(٤) متعلق بقول الماتن (يرجع).

(٥) أي الأشهر ، هذا وقد تقدم أنه إذا علم أو احتمل أنه منه ألحق بالزوج وترتب عليه أحكام الإلحاق ، وإن علم انتفاؤه عنه لغيبة الزوج عن أم الولد مدة تزيد عن تخلقه انتفى عنه قطعا ، ولا يجوز للزوج إلحاقه به ، لأنه ادخال في النسب من ليس منه وهو محرم.

(٦) أي كون السقط من الزوج.

(٧) أي لغيبة الزوج عن أم الولد.

٥٧٢

(ولو فجر بها) أي بالزوجة الدائمة فاجر(فالولد للزوج) (١) ، وللعاهر الحجر ، (ولا يجوز له (٢) نفيه لذلك (٣)) للحكم بلحوقه (٤) بالفراش شرعا وإن أشبه الزاني خلقة(ولو نفاه لم ينتف عنه (٥) إلا باللعان) لأمه (٦) ، فإن لم يلاعن حدّ به (٧).

(ولو اختلفا في الدخول) (٨) فادعته وأنكره هو ، (أو في ولادته) (٩) بأن أنكر كونها ولدته(حلف الزوج) ، لأصالة عدمهما (١٠) ، ولأنّ النزاع في الأول (١١) في فعله ، ويمكنها إقامة البينة على الولادة في الثاني فلا يقبل قولها فيها (١٢) بغير بينة.

______________________________________________________

(١) بالاتفاق للنبوي (الولد للفراش وللعاهر الحجر) (١) ، والعاهر هو الزاني ، وله الحجر كناية عن عدم حقه في النسب ، كقولهم : له التراب ، أي لا شي‌ء له ، وبعضهم حمله على ظاهره وهو الرجم بالحجارة ، والولد للفراش أنه لصاحب الفراش مع وطئه لها على وجه يمكن إلحاق الولد به ، ولا فرق في الحكم بين كون الولد شبيها للزاني في الخلق والخلق وعدمه عملا بإطلاق النبوي.

(٢) للزوج.

(٣) لفجور أم الولد.

(٤) بلحوق الولد.

(٥) عن الزوج للحكم شرعا بإلحاق الولد به.

(٦) على ما سيأتي بيانه في كتاب اللعان إن شاء الله.

(٧) أي حدّ الزوج بسبب نفي الولد عنه ، لأنه مستلزم لقذف أم الولد بالزنا.

(٨) فادعته المرأة ليلحق به الولد ، وأنكره الزوج لينتفى عنه الولد ، فالقول قول الزوج مع يمينه ، لاصالة عدم الدخول.

(٩) بأن اتفقا على الدخول وادعت ولادتها للولد ، وأنكر الزوج الولادة وادعى أنها أتت به من خارج ، فالقول قوله مع يمينه لأصالة عدم ولادتها للولد ، ولأن المرأة يمكن لها إقامة البينة على ولادتها فلا يقبل قولها بغير بينة.

(١٠) عدم الدخول وعدم الولادة.

(١١) في الدخول.

(١٢) في الولادة ، واعلم أن النزاع في الولادة نزاع في فعلها عكس النزاع في الدخول الذي هو ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥٨ ـ من أبواب اللعان حديث ٣.

٥٧٣

(ولو) اتفقا عليهما (١) (واختلفا في المدة) فادعى ولادته لدون ستة أشهر ، أو لأزيد من أقصى الحمل (٢) (حلفت) هي تغليبا للفراش ، ولأصالة عدم زيادة المدة في الثاني (٣). أما الأول (٤) فالأصل معه فيحتمل قبول قوله فيه (٥) عملا بالأصل (٦) ، ولأن مآله (٧) إلى النزاع في الدخول ، فإنه إذا قال : لم تنقض ستة أشهر من حين الوطء. فمعناه أنه لم يطأ منذ مدة ستة أشهر ، وإنما وقع الوطء فيما دونها (٨).

وربما فسّر بعضهم النزاع في المدة (٩) بالمعنى الثاني خاصة (١٠) ،

______________________________________________________

ـ فعله ، وقد قبل قول الزوج في الدخول لتعسر إقامة البينة على ذلك ، لعسر اطلاع الغير عليه ، بخلاف الولادة فإنه يمكن لها إقامة البينة على هذا الفعل لاطلاع الغير عليه غالبا.

(١) على الدخول والولادة.

(٢) فلو ادعى ولادته لأزيد من أقصى الحمل ، وأنكرت المرأة مضي هذه المدة ، فالقول قولها مع يمينها ، لأصالة عدم زيادة المدة ، ولقاعدة الولد للفراش ، وحكي عن بعضهم كما في الرياض عدم الحلف ، لأن تقديم قولها ليس من باب الإنكار حتى يتوجه عليها اليمين ، بل لقاعدة الولد للفراش وهي خالية عن اليمين. ولو ادعى ولادته لأقل من ستة أشهر من حين الوطي ، وادعت الزوجة مضي أقل المدة فمقتضى أصالة عدم انقضاء أقل الحمل هو تقديم قول الزوج ، ومآل هذه الدعوى من الزوج إلى دعوى الدخول ، لأنه إذا قال : لم تمض ستة أشهر من حين الوطي فمعناه أنه لم يطأ قبل هذه المدة وهي تدعي أنه وطئ قبل هذه المدة ، ولو اختلفا في الدخول فالقول قول الزوج مع يمينه ، ولذا استشكل الشارح وجماعة في تقديم قولها مع اليمين كما هو ظاهر إطلاق كلام الأصحاب ، وقدّم قولها عندهم لقاعدة الفراش.

(٣) فيما لو ادعى أنه لأزيد من أقصى الحمل ، وأنكرت المرأة الزيادة.

(٤) أي ما لو ادعى أنه لأقل من ستة أشهر ، وادعت هي أنه لستة أشهر وزيادة.

(٥) في الأول.

(٦) من أصالة عدم مضي أقل الحمل.

(٧) أي مآل النزاع في الأول.

(٨) وهي تدعي أنه وطئ منذ ستة أشهر وهو منكر فالقول قوله مع يمينه لأصالة عدم الدخول.

(٩) أي في المدة المتنازع فيها بين الزوجين.

(١٠) بحيث ادعى الزوج أنه أكثر من أقصى الحمل ، وهي أنكرت ذلك ، فالقول قولها مع اليمين بلا خلاف في ذلك.

٥٧٤

ليوافق (١) الأصل.

وليس ببعيد إن تحقق في ذلك (٢) خلاف ، إلا أن كلام الأصحاب مطلق (٣).

(وولد المملوكة إذا حصلت الشروط الثلاثة) وهي الدخول وولادته لستة أشهر فصاعدا ولم يتجاوز الأقصى(يلحق به (٤) ، وكذلك ولد المتعة) ولا يجوز له نفيه (٥) لمكان الشبهة فيهما (٦) (لكن لو نفاه انتفى) ظاهرا(بغير لعان فيهما (٧) وإن فعل حراما) حيث نفى ما حكم الشارع ظاهرا بلحوقه به ، أما ولد الأمة فموضع

______________________________________________________

(١) أي يوافق تقديم قولها للأصل من عدم مضي الزيادة عن أقصى الحمل.

(٢) أي في النزاع في الأول بحيث ادعى أنه أقل من ستة أشهر وأنكرت ذلك.

(٣) في تقديم قولها في المسألتين ، وبهذا الاطلاق يضعّف التخصيص السابق للنزاع ، وإن كان التخصيص أوفق بالأصل ، ولذا أشكل عليهم الشارح وجماعة كما عرفت.

(٤) أي بالواطئ ، لإطلاق أدلة الشروط الثلاثة بلا فرق بين الدائمة والمتمتع بها والمملوكة.

(٥) أي لا يجوز للواطى‌ء نفي الولد ، لا لقاعدة الفراش ، لأن الأمة ليست فراشا لسيدها بل لورود النص بوجوب إلحاقه به حيث يمكن تولده منه ، ولا يجوز له نفيه إلا مع العلم بانتفائه عنه ففي خبر سعيد بن يسار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل وقع على جارية له تذهب وتجي‌ء وقد عزل عنها ، ولم يكن منها إليها ، ما تقول في الولد؟ قال عليه‌السلام : أرى أن لا يباع هذا يا سعيد ، قال : وسألت أبا الحسن عليه‌السلام فقال : أيتهمها؟ فقلت : أما تهمة ظاهرة فلا ، قال : فيتهمها أهلك؟ فقلت : أما شي‌ء ظاهر فلا ، فقال : فكيف تستطيع أن لا يلزمك الولد) (١) ، وفي صحيحه الآخر عن أبي الحسن عليه‌السلام (عن الجارية تكون للرجل يطيف بها وهي تخرج فتعلق ، قال : أيتهمها الرجل أو يتهمها أهله ، قلت : أما ظاهرة فلا ، قال : إذا لزمه الولد) (٢).

(٦) في ولد المملوكة وولد المتعة.

(٧) ففي ولد الأمة بلا خلاف فيه لاختصاص اللعان بالزوجة ، لقوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوٰاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدٰاءُ إِلّٰا أَنْفُسُهُمْ فَشَهٰادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهٰادٰاتٍ بِاللّٰهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصّٰادِقِينَ) (٣). ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٥٦ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث ٥ و ٢.

(٣) سورة النور ، الآية : ٦.

٥٧٥

وفاق ، ولتعليق اللعان على رمي الزوجة في الآية (١) ، وأما ولد المتعة فانتفاؤه بذلك (٢) هو المشهور ، ومستنده (٣) غلبة إطلاق الزوجة على الدائمة ، ومن ثمّ حملت عليها (٤) في آية الإرث (٥) ، وغيره (٦).

وذهب المرتضى وجماعة إلى إلحاقها بالدائمة هنا (٧) ، لأنها زوجة حقيقة ، وإلا

______________________________________________________

ـ وفي ولد المتعة على المشهور ، ولم يخالف إلا السيد المرتضى والمفيد بدعوى أن المتمتع بها زوجة حقيقة وإلا لو تكن زوجة لحرمت بقوله تعالى : (فَمَنِ ابْتَغىٰ وَرٰاءَ ذٰلِكَ فَأُولٰئِكَ هُمُ العٰادُونَ) (١) بعد جواز الوطي بالعقد أو بالملك في قوله تعالى : (إِلّٰا عَلىٰ أَزْوٰاجِهِمْ أَوْ مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُهُمْ) (٢) ، وردّ بتخصيص الآية بالأخبار منها صحيح عبد الله بن سنان عن أبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا يلاعن الرجل الأمة ولا الذمية ولا التي يتمتع بها) (٣) ، وصحيح ابن أبي يعفور عنه عليه‌السلام (لا يلاعن الرجل المرأة التي يتمتع بها) (٤).

(١) والأمة ليست بزوجة.

(٢) أي بنفي الزوج من دون لعان.

(٣) ومستند المشهور.

(٤) أي حملت الزوجة على الدائمة.

(٥) وهي قوله تعالى : (وَلَكُمْ نِصْفُ مٰا تَرَكَ أَزْوٰاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ ، فَإِنْ كٰانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ) (٥).

(٦) أي غير الإرث ، ولكن لا توجد آية في الكتاب غير آية الإرث مشتملة على الزوجة وقد حملت على الدائمة فقط ، بل في القرآن آية العدة وهي عامة تشمل المتمتع بها كشمولها للدائمة ، قال تعالى : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوٰاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) (٦) ، نعم في آية اللعان لفظ الزوجة مختص بالدائمة ولكنه محل النزاع.

(٧) في اللعان.

__________________

(١) سورة المعارج ، الآية : ٣١.

(٢) سورة المعارج ، الآية : ٣٠.

(٣) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من كتاب اللعان حديث ٤.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من كتاب اللعان حديث ١.

(٥) سورة النساء ، الآية : ١٢.

(٦) سورة البقرة ، الآية : ٢٣٤.

٥٧٦

لحرمت بقوله تعالى : (فَمَنِ ابْتَغىٰ وَرٰاءَ ذٰلِكَ فَأُولٰئِكَ هُمُ العٰادُونَ) (١) (فلو عاد واعترف به صح (٢) ولحق به) بخلاف ما لو اعترف به أولا ثم نفاه فإنه لا ينتفي عنه وألحق به(٣).

(ولا يجوز نفي الولد) مطلقا (٤) (لمكان العزل) عن أمّه (٥) ، لإطلاق النص والفتوى (٦) بلحوق الولد لفراش الواطئ (٧) ، وهو (٨) صادق مع العزل ، ويمكن سبق الماء قبله (٩).

______________________________________________________

(١) المعارج آية : ٣١.

(٢) أي صح اعترافه ، ويندرج تحت (اقرار العقلاء على أنفسهم جائز) (١).

(٣) لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أيّما رجل أقرّ بولد ثم انتفى منه فليس له ذلك ، ولا كرامة ، يلحق به ولده إذا كان من امرأته أو وليدته) (٢) ، وصحيحه الآخر عنه عليه‌السلام (إذا اقرّ الرجل بولده ثم نفاه لزمه) (٣) ، وخبر السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم‌السلام (إذا أقرّ الرجل بالولد ساعة لم ينف عنه أبدا) (٤).

(٤) في الدائمة وغيرها ، باللعان وغيره.

(٥) بلا خلاف فيه في الجملة للأخبار.

منها : خبر أبي البختري عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم‌السلام (جاء رجل إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : كنت أعزل عن جارية لي فجاءت بولد ، فقال عليه‌السلام : إن الوكاء قد ينفلت فألحق به الولد) (٥) ومثله غيره ، وقد تقدم هذا الفرع في شرحنا فراجع.

وخالف بعض العامة كما في المسالك فاشترط في لحوق الولد نزول الماء في الفرج ، وهو محجوج بالأخبار.

(٦) أي وإطلاق فتوى الأصحاب.

(٧) والمراد بالنص هو (الولد للفراش وللعاهر الحجر) (٦).

(٨) أي فراش الواطئ.

(٩) قبل العزل ، ويمكن جذب الفرج لشي‌ء من الماء لو أفرغ الماء على بابه.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من كتاب الإقرار حديث ٢.

(٢ و ٣ و ٤) ت ٦ ـ من أبواب ميراث ولد الملاعنة حديث ١ و ٢ و ٤.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب أحكام الأولاد حديث ١.

(٦) الوسائل الباب ـ ٥٨ ـ من أبواب اللعان حديث ٣.

٥٧٧

وعلى ما ذكرناه سابقا (١) لا اعتبار بالإنزال في الحاق الولد مطلقا (٢) ، فمع العزل بالماء أولى (٣).

وقيّد العلامة هنا (٤) الوطء مع العزل بكونه قبلا ، والمصنف صرح في القواعد باستواء القبل والدبر في ذلك (٥) ، وفي باب العدد صرحوا بعدم الفرق بينهما (٦) في اعتبار العدة.

(وولد الشبهة يلحق بالواطئ بالشروط) الثلاثة (٧) ، (وعدم الزوج الحاضر) الداخل بها (٨) بحيث يمكن الحاقة به (٩) ، والمولى في ذلك (١٠) بحكم الزوج ، لكن لو انتفى (١١) عن المولى ولحق بالواطئ أغرم (١٢) قيمة الولد يوم سقط حيا لمولاها (١٣).

______________________________________________________

(١) من تعريف الوطي بأنه غيبوبة الحشفة قبلا أو دبرا ولو لم ينزل.

(٢) سواء كان الوطي في القبل أو الدبر.

(٣) لأنه مع عدم الانزال يلحق به الولد ، فلو أنزل خارج الفرج واحتمل جذب الفرج لبعض الماء فالإلحاق أولى.

(٤) في مسألة العزل.

(٥) في العزل ، وهو الأظهر ، لأن إمكان جذب الفرج لشي‌ء من الماء فيكون الولد منه ، لا فرق فيه بين كون العزل على باب الفرج أو باب الدبر.

(٦) بين القبل والدبر.

(٧) من الدخول والإتيان به لأكثر من ستة أشهر ، وعدم تجاوز أقصى الحمل.

(٨) بالموطوءة شبهة.

(٩) أي إلحاق الولد بالزوج الواطئ ، فيلحق به وإن وطئت زوجته شبهة لعموم (الولد للفراش) (١).

(١٠) في ولد الشبهة لو وطئت أمته.

(١١) ولد الشبهة.

(١٢) أي الواطئ.

(١٣) أي مولى الموطوءة شبهة ، لما تقدم أكثر من مرة أن ولد الحر لا يكون رقا ، ومع إلحاق الولد بالواطئ فيفوت على المولى نماء مملوكته ، وللجمع بين الحقين يؤمر الواطئ بإعطاء ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥٨ ـ من أبواب اللعان حديث ٣.

٥٧٨

(ويجب) كفاية (١) (استبداد النساء) أي (٢) انفرادهن(بالمرأة عند الولادة ، أو الزوج (٣) ، فإن تعذر (٤) فالرجال) المحارم ، فإن تعذروا فغيرهم ، وقدّم في القواعد الرجال الأقارب غير المحارم على الأجانب ، وهنا أطلق الرجال (٥).

هذا جملة ما ذكروه فيه (٦) ، ولا يخلو عن نظر ، بل ذلك (٧) مقيّد بما يستلزم (٨) اطّلاعه (٩) على العورة ، أما ما لا يستلزمه من مساعدتها (١٠) فتحريمه على الرجال (١١) غير واضح ، وينبغي فيما يستلزم الاطلاع على العورة تقديم الزوج

______________________________________________________

ـ المولى قيمة الولد يوم ولد ، وينعقد الولد حرا تبعا لأبيه ، ولا ينافيه لزوم قيمته ، لأن ذلك تقويم منفعة الأمة التي فاتت المولى بسبب تصرف الغير فيها ، وقد تقدم البحث فيه في فصل المحرمات بالسبب والمصاهرة.

(١) شروع في أحكام الولادة ، فالواجب منها استبداد النساء بالمرأة عند الولادة دون الرجال ، فيجب على النساء كفائيا الحضور عند الولادة لحفظ النفس المحترمة عند تحقق ما يخشى منه تلفها مع عدم الحضور ، ويختص هذا الوجوب بالنساء دون الرجال ، لأن الحضور عند ولادتها موجب لسماع صوتها غالبا والاطلاع على ما يحرم عليهم من النظر إليه كالنظر إلى العورة نعم مع عدم النساء يجوز للرجال المحارم ، ومع فقدهم فيجوز للأجانب ، لأن الضرورة تبيح من نظر المرأة وسماع صوتها مثل ذلك كنظر الطبيب ولمسه في وقت الحاجة ولو إلى العورة.

وأما الزوج فيجوز له الحضور عند وجود النساء ، ويتعين حضوره لو فقدن وتتحقق المساعدة بحضوره وإلا تعيّن الرجال المحارم ، فإن تعذروا فغيرهم.

وعن الماتن في القواعد تقديم الرجال الأقارب غير المحارم على الأجانب ومستنده غير واضح.

(٢) تفسير للاستبداد ، والانفراد بها لإعانتها عند المخاض.

(٣) سواء وجدت النساء أم لا.

(٤) وجود النساء أو الزوج.

(٥) من دون تقديم المحارم على غيرهم.

(٦) في الاستبداد بالمرأة عند ولادتها.

(٧) أي الاستبداد على الترتيب المذكور.

(٨) أي يستلزم الاستبداد.

(٩) أي اطلاع المستبدّ بالمرأة.

(١٠) أي مساعدة المرأة عند مخاضها من دون اطلاع على العورة.

(١١) المحارم وغيرهم.

٥٧٩

مع امكانه ، ومع عدمه يجوز غيره (١) للضرورة كنظر الطبيب ، وأما الفرق بين أقارب الرجال من غير المحارم ، والأجانب فلا أصل له في قواعد الشرع.

(ويستحب غسل المولود) حين يولد (٢) ، (والأذان في أذنه اليمنى ، والإقامة في اليسرى) (٣) ، وليكن ذلك قبل قطع سرته (٤) ، فلا يصيبه لمم ولا تابعة ، ولا

______________________________________________________

(١) بلا فرق بين المحارم وغيرهم ، لحرمة اطلاع جميعهم على العورة ، فلا داعي لتقديم المحارم حينئذ.

(٢) شروع في الأحكام المستحبة للولادة ، فيستحب غسل المولود لخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام عن آبائه عن علي عليهم‌السلام (اغسلوا صبيانكم من الغمر ، فإن الشيطان يشمّ الغمر فيفزع الصبي في رقاده ويتأذى به الكاتبان) (١) ، وخبر سماعة (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن غسل الجمعة ـ إلى أن قال ـ وغسل المولود واجب) (٢) ، وإطلاق الأخير كإطلاق الفتوى أنه غسل متوقف على النية والترتيب وغيرهما من أحكام الغسل ، ويحتمل أنه بالفتح فيكون تنظيفا محضا عن النجاسات العارضة له ، وإطلاق النص والفتوى أن وقته عند الولادة ، وعلى المشهور أنه مستحب وقيل بالوجوب تمسكا بظاهر خبر سماعة المتقدم.

(٣) لخبر السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من ولد له مولود فليؤذن في أذنه اليمنى بأذان الصلاة ، وليقم في أذنه اليسرى ، فإنها عصمة من الشيطان الرجيم) (٣) ، وخبر أبي يحيى الرازي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال : إذا ولد لكم المولود أيّ شي‌ء تصنعون به؟ قلت : لا أدري ما يصنع به ، قال : خذ عدسة جاوشير فديفه بماء ، ثم قطّر في أنفه بالمنخر الأيمن قطرتين ، وفي الأيسر قطرة ، وأذّن في أذنه اليمنى وأقم في اليسرى ، يفعل ذلك به قبل أن تقطع سرّته ، فإنه لا يفزع أبدا ولا تصيبه أم الصبيان) (٤) ، وصحيح حفص الكناسيّ عن أبي عبد الله عليه‌السلام (مروا القابلة أو بعض من يليه أن يقيم الصلاة في أذنه اليمنى فلا يصيبه لمم ولا تابعة أبدا) (٥) ، واللمم بفتحتين جنون خفيف ، والتابعة والتابع الجنية والجنيّ يتبعان الإنسان حيث ذهب كما في القاموس.

(٤) كما في خبر الرازي المتقدم ، ولذا خصّ بعضهم الاستحباب قبل قطع السرة ، ولكنه ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب الأغسال المسنونة حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الأغسال المسنونة حديث ٣.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب أحكام الأولاد حديث ١ و ٢ و ٣.

٥٨٠