الزبدة الفقهيّة - ج ٦

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٦

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-59-0
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٦٤٨

الثلاث ، ولا يطرد معه تنصيف المهر ، وإن ثبت (١) في بعض موارده (٢) (ويشترط الحاكم في ضرب أجل العنة) (٣) لا في فسخها بعده (٤) ، بل تستقل به (٥) حينئذ (٦) (ويقدم قول منكر العيب مع عدم البينة) (٧) ، لأصالة عدمه (٨) فيكون مدعيه هو المدعي فعليه البينة وعلى منكره اليمين ، ولا يخفى أن ذلك (٩) فيما لا يمكن الوقوف عليه (١٠) كالجب والخصاء ، وإلا (١١) توصل الحاكم إلى معرفته (١٢) ، ومع

______________________________________________________

ـ تنصيف المهر ولا يعدّ في الثلاث ، ولا غير ذلك من أحكام الطلاق ، كما لا يشترط فيه شرائط الطلاق بلا خلاف ولا إشكال ، ففي صحيح الحذاء عن أبي جعفر عليه‌السلام التصريح حيث قال عليه‌السلام : (إذا دلست العفلاء والبرصاء والمجنونة والمفضاة ومن كان بها زمانة ظاهرة فإنها تردّ على أهلها بغير طلاق) (١).

(١) أي نصف المهر.

(٢) وهو الفسخ للعنن ، وثبوت نصف المهر لدليل خاص كما سيأتي.

(٣) كما تقدم ، والأجل هو سنة.

(٤) أي في فسخ الزوجة بعد الأجل.

(٥) بالفسخ من دون مراجعة الحاكم لخبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (العنين يتربص به سنة ، ثم إن شاءت امرأته تزوجت وإن شاءت أقامت) (٢).

(٦) حين انتهاء الأجل.

(٧) إذا اختلفا في العيب ، فإن كان العيب جليا كالعمى والعرج والجنون المطبق فلا يفتقر إلى البينة ولا إلى اليمين ، بل ينظر الحاكم فيه ، ويعمل بمقتضى ما يظهر له ، وإن كان العيب خفيا كالعنة والقرن والجنون الادواري والجذام والبرص الخفيين ، فإذا ادعاه أحدهما على الآخر ، وأنكر الثاني ، فالقاعدة قاضية بتقديم قول المنكر مع يمينه ، لأنه منكر بحسب ظاهر قوله ، ولأصالة عدم العيب وهي المعبر عنها بأصالة الصحة.

(٨) عدم العيب.

(٩) من تقديم قول المنكر مع عدم البينة للمدعي.

(١٠) على العيب ، لأنه خفي.

(١١) فلو أمكن الوقوف عليه كالعيب الجلي.

(١٢) بنفسه.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب العيوب والتدليس حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب العيوب والتدليس حديث ٥.

٥٢١

قيام البينة به (١) إن كان ظاهرا (٢) كالعيبين (٣) المذكورين كفى في الشاهدين العدالة ، وإن كان خفيا يتوقف العلم به على الخبرة كالجذام والبرص اشترط فيهما (٤) مع ذلك (٥) الخبرة بحيث يقطعان بوجوده ، وإن كان (٦) لا يعلمه غالبا غير صاحبه ، ولا يطّلع عليه إلا من قبله كالعنّة (٧) فطريق ثبوته (٨) اقراره (٩) ، أو البينة على اقراره ، أو اليمين المردودة من المنكر (١٠) ، أو من الحاكم (١١) مع نكول المنكر عن اليمين ، بناء على عدم القضاء بمجرده (١٢).

وأما اختبارها (١٣) بجلوسه في الماء البارد ، فإن استرخى ذكره فهو عنين ، وإن تشنج (١٤) فليس به كما ذهب إليه بعض (١٥) ، فليس بمعتبر في الأصح.

______________________________________________________

(١) بالعيب.

(٢) أي من عيوب ظاهر البدن.

(٣) وهما الجب والخصاء.

(٤) في الشاهدين.

(٥) مع العدالة.

(٦) أي العيب.

(٧) فالعنة ـ لما ذكر من عدم العلم بها إلا صاحبها ـ لا تثبت إلا بإقرار الزوج أو البينة بإقراره أو اليمين المردودة على الزوجة أو نكوله عن اليمين ، وأشكل الشارح في المسالك على يمين المدعي المردودة من أنها كالبينة والمفروض عدم سماع البينة منها لعدم إمكان الاطلاع على العيب إلا من قبل الزوج فكيف تسمع ما يقوم مقامها.

وفيه : إن اليمين المردودة بحكم البينة المسموعة في إثبات الحق ، لا أنها بحكمها في السماع وعدمه.

(٨) أي العيب.

(٩) أي اقرار الزوج.

(١٠) أي منكر العنة وهو الزوج ، واليمين المردودة يحلفها المدعي الذي هو الزوجة.

(١١) أي هي مردودة من الحاكم.

(١٢) بمجرد نكول المنكر عن اليمين كما تقدم بيانه في باب القضاء.

(١٣) أي اختيار العنة.

(١٤) التشنج تقبض الجلد.

(١٥) وهو المنسوب إلى الصدوقين وابن حمزة ، ويشهد له مرسل الصدوق عن أبي عبد الله عليه‌السلام ـ

٥٢٢

وفي العيوب الباطنة للنساء باقرارها (١) ، وشهادة أربع منهن (٢) ، فلا تسمع في عيوب الرجال (٣) ، وإن (٤) أمكن اطلاعهن كأربع زوجات طلقهن بعنّتة.

(وحيث يثبت) العيب ويحصل الفسخ (٥) (لا مهر) للزوجة(إن كان)

______________________________________________________

ـ (إذا ادعت المرأة على زوجها أنه عنّين وأنكر الرجل أن يكون ذلك فالحكم فيه أن يقعد الرجل في ماء بارد ، فإن استرخى ذكره فهو عنين ، وإن تشنج فليس بعنين) (١).

وفيه : إنه مرسل غير منجبر لمخالفة الأكثر له ، مع عدم انضباطه ، نعم هو قول الأطباء كما في المسالك والجواهر ، وأيضا قد روى الصدوق (وفي خبر آخر أنه يطعم السمك الطري ثلاثة أيام ثم يقال له : بل على الرماد ، فإن ثقب بوله الرماد فليس بعنين ، وإن لم يثقب بوله الرماد فهو عنين) (٢) ، وهو أيضا مرسل لا يمكن العمل به.

(١) أي اقرار النساء.

(٢) لقبول شهادتهن فيما لا يمكن للرجال النظر إليه كما تقدم في كتاب القضاء.

(٣) لأن قبول شهادة النساء منفردات منحصر في ما لا يمكن للرجال الاطلاع عليه ، وهذا ليس منه.

(٤) وصلية.

(٥) إذا فسخ أحد الزوجين بالعيب فلا يخلو إما أن يكون قبل الدخول أو بعده حيث يجوز للجهل بالحال ، وعلى التقديرين إما أن يكون الفاسخ هو الزوج أو الزوجة ، وعلى التقادير الأربعة إما أن يكون هناك مدلس أو لا فالصور ثمان ، فلو فسخ الزوج قبل الدخول فلا مهر لها بلا خلاف فيه ولا إشكال للأخبار.

منها : صحيح الحذاء عن أبي جعفر عليه‌السلام (في رجل تزوج امرأة من وليّها فوجد بها عيبا بعد ما دخل بها ، فقال عليه‌السلام : إذا دلست العفلاء والبرصاء والمجنونة والمفضاة ومن كان بها زمانة ظاهرة فإنها ترد على أهلها بغير طلاق ـ إلى أن قال ـ وتعتد منه عدة المطلقة إن كان دخل بها ، وإن لم يكن دخل بها فلا عدة عليها ولا مهر لها) (٣) ، ومثلها غيرها ولو فسخ الزوج بعد الدخول ، فلها المسمى بما استحل من فرجها بلا خلاف ولا إشكال اما وجوب المهر فللدخول الموجب له ، وإما كونه المسمى فلأن النكاح صحيح وإن فسخ بالخيار ، لأن ثبوت الخيار فرع على صحة العقد في نفسه وللأخبار :

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إنما يردّ النكاح من البرص والجذام ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب العيوب والتدليس حديث ٤ و ٥.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب العيوب والتدليس حديث ١.

٥٢٣

(الفسخ (١) قبل الدخول) في جميع العيوب ، (إلا في العنّة فنصفه) (٢) على أصح

______________________________________________________

ـ والجنون والعفل ، قلت : أرأيت إن كان قد دخل بها كيف يصنع بمهرها؟ قال عليه‌السلام : المهر لها بما استحل من فرجها ، ويغرّم وليّها الذي أنكحها مثل ما ساق إليها) (١).

ثم إن كان هناك مدلّس بأن زوّجه إياها ولم يبين عيبها مع علم المدلس بالعيب رجع الزوج بالمهر على المدلس متحدا كان أو متعددا ، وليا شرعيا أو غيره للأخبار.

منها : صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (في كتاب علي عليه‌السلام من زوّج امرأة فيها عيب دلّسه ولم يبين ذلك لزوجها ، فإنه يكون لها الصداق بما استحل من فرجها ، ويكون الذي ساق الرجل إليها على الذي زوّجها ولم يبين) (٢) ، وصحيح الحذاء المتقدم (إذا دلست العفلاء والرصاء والمجنونة والمفضاة ومن كان بها زمانة ظاهرة فإنها تردّ على أهلها بغير طلاق ، ويأخذ الزوج المهر من وليّها الذي كان قد دلسها ، فإن لم يكن وليّها علم بشي‌ء من ذلك فلا شي‌ء عليه وترد إلى أهلها) (٣).

هذا كله إذا كان الفاسخ هو الزوج ، ولو كانت الزوجة فإن كان قبل الدخول فلا شي‌ء لها ، لأن الفسخ جاء من قبلها ولم يتحقق الدخول وقد تقدم أكثر من مرة أن الفسخ من قبلها قبل الدخول يوجب سقوط المهر لعموم العلة في خبر السكوني عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام (قال عليه‌السلام : المرأة إذا زنت قبل أن يدخل بها زوجها ، قال : يفرّق بينهما ولا صداق لها ، لأن الحدث كان من قبلها) (٤) ، إلا في العنة فيثبت نصف المهر بلا خلاف معتد فيه ، لصحيح أبي حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام (إذا تزوج الرجل المرأة الثيب التي تزوجت زوجا غيره فزعمت أنه لم يقربها منذ دخل بها ـ إلى أن قال ـ فإن ذكرت أنها عذراء فعلى الإمام أن يؤجله سنة ، فإن وصل إليها وإلا فرّق بينهما وأعطيت نصف الصداق ولا عدة عليها) (٥).

وخالف ابن الجنيد فأوجب المهر كملا لتمكينها إياه من نفسها ، وقد جعله في المختلف أن حكمه مبني على أصله من أن المهر يجب كملا بالخلوة كما يجب الدخول ولو كان الفسخ من الزوجة بعد الدخول فلها المسمى لاستقراره بالدخول على ما تقدم في فسخ الزوج.

(١) من الزوج أو الزوجة.

(٢) نصف المهر.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب العيوب والتدليس حديث ٥ و ٧.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب العيوب والتدليس حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب العيوب والتدليس حديث ٣.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب العيوب والتدليس حديث ١.

٥٢٤

القولين ، وإنما خرجت العنّة بالنص ، الموافق للحكمة من إشرافه عليها ، وعلى محارمها ، فناسب أن لا يخلو من عوض ، ولم يجب الجميع (١) لانتفاء الدخول.

وقيل (٢) : يجب جميع المهر وإن لم يولج.

(وإن كان) الفسخ (٣) (بعد الدخول فالمسمّى) ، لاستقراره به (٤) ، (ويرجع) الزوج به (٥) (على المدلس) إن كان ، وإلا فلا رجوع ، ولو كانت هي المدلّسة رجع عليها (٦) إلا بأقل ما يمكن أن يكون مهرا ، وهو (٧) أقل متمول على المشهور.

وفي الفرق بين تدليسها ، وتدليس غيرها في ذلك (٨) نظر.

______________________________________________________

(١) جميع المهر.

(٢) والقائل ابن الجنيد.

(٣) من الزوج أو الزوجة.

(٤) لاستقرار المسمى بالدخول.

(٥) بالمسمى.

(٦) على الزوجة لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل دلّته امرأة أمرها أو ذات قرابة أو جار لها لا يعلم دخيلة أمرها ، فوجدها قد دلست عيبا هو بها ، قال عليه‌السلام : يؤخذ المهر منها ولا يكون على الذي زوجها شي‌ء) (١) ، وخبر رفاعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ إلى أن قال ـ ولو أن رجلا تزوج امرأة وزوّجه إياها رجلا لا يعرف دخيلة أمرها لم يكن عليه شي‌ء ، وكان المهر يأخذه منها) (٢) ، ثم على المشهور بين الأصحاب أنه لو كان الرجوع على غير الزوجة فلا ريب أنه يرجع بجميع ما غرّم ، وإن كان الرجوع عليها فلا يرجع بالجميع ، بل يجب أن يستثنى منه أقل ما يكون مهرا ، واستدلوا بأن الوطء المحترم لا يخلو من مهر ، وفيه : إنه اجتهاد في قبال النصوص المصرحة بالرجوع عليها بتمام المسمى ، وهو اجتهاد غير صحيح إذ الظاهر أن الرجوع عليها بالمهر عقوبة لتدليسها كما في الرجوع على غيرها.

(٧) أي أقل المهر.

(٨) فلو كان المدلس غير الزوجة فيرجع الزوج بتمام المهر ، ولو كان المدلس هو الزوجة فيرجع بما عدا أقل المهر.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب العيوب والتدليس حديث ٤ و ٢.

٥٢٥

ولو تولى ذلك (١) جماعة وزّع عليهم بالسوية ذكورا كانوا أم إناثا ، أم بالتفريق(٢).

والمراد بالتدليس السكوت عن العيب (٣) الخارج عن الخلقة مع العلم به أو دعوى صفة كمال مع عدمها.

(ولو تزوج امرأة على أنها حرة) (٤) أي شرط ذلك في متن العقد(فظهرت أمة) ، أو مبعضة(فله الفسخ) وإن دخل ، لأن ذلك (٥) فائدة الشرط. هذا كله إذا كان الزوج ممن يجوز له نكاح الأمة (٦) ووقع (٧) بإذن مولاها ، أو مباشرته (٨) ، وإلا (٩) بطل في الأول (١٠) ، ووقع موقوفا على اجازته (١١) في الثاني (١٢) على

______________________________________________________

(١) التدليس.

(٢) بين الذكورية والأنوثية.

(٣) وكذا نفي العيب.

(٤) بعد ما تقدم معنى التدليس فلو تزوج امرأة على أنها حرة وشرط ذلك في متن العقد فبانت كلا أو بعضا أمة صح العقد على المشهور ، وعن الشيخ في المبسوط والخلاف بطلان العقد لبطلان نكاح الأمة بغير إذن المولى ، وهو يقتضي حصر النزاع بصورة عدم إذن المولى ، مع أن مفروض المسألة أعم منه ، ومع ذلك فالبطلان ليس باعتبار التدليس بل باعتبار عدم إذن المولى وليس هو محل النزاع هنا.

نعم على الأول من صحة العقد فللزوج الفسخ وإن دخل بها عملا بمقتضى الشرط والتصرف بالدخول لا يسقط الخيار ، وله الامضاء بناء على صحة العقد ، لكن لو أمضى فلا إشكال في الصحة لو كان الزوج ممن يجوز له نكاح الأمة وقد وقع بإذن مولاها ، وإلا فلو كان الزوج ممن لا يجوز له نكاح الأمة فيبطل النكاح ، ولو كان النكاح المذكور من دون إذن المولى وقع موقوفا على إذنه كما هو واضح.

(٥) أي جواز الفسخ.

(٦) بأن لا يكون ممن تزوج الأمة ولم تأذن زوجته الحرة ، ولا يكون ممن له قدرة على تزويج الحرة كما تقدم.

(٧) أي نكاح الأمة.

(٨) بأن عقد نفس المولى عقدها عليه.

(٩) أي لم يكن الزوج ممن يجوز له نكاح الأمة ، أو كان النكاح بغير إذن المولى.

(١٠) إذا لم يكن الزوج ممن يجوز له نكاح الأمة.

(١١) أي إجازة المولى.

(١٢) وهو ما لو كان النكاح بغير إذن المولى.

٥٢٦

أصح (١) القولين.

ولو لم يشترط الحرية في نفس العقد بل تزوجها على أنها حرة ، أو أخبرته بها (٢) قبله (٣) ، أو أخبره مخبر (٤) ففي إلحاقه (٥) بما لو شرط نظر من ظهور (٦) التدليس ، وعدم الاعتبار (٧) بما تقدم من الشروط (٨) على العقد.

وعبارة المصنف والأكثر محتملة للأمرين (٩).

(وكذا) تفسخ(هي لو تزوجته على أنه حرّ فظهر عبدا) بتقريب ما سبق (١٠) (ولا مهر) في الصورتين (١١) (بالفسخ قبل الدخول) (١٢) ، لأنّ الفاسخ إن كان هي (١٣) فقد جاء من قبلها. وهو (١٤) ضابط عدم وجوبه (١٥) لها قبل الدخول ،

______________________________________________________

(١) من جواز نكاح الفضولي موقوفا.

(٢) بالحرية.

(٣) قبل العقد.

(٤) كوليها أو وكيلها.

(٥) أي إلحاق ما فرض من الصور الثلاث.

(٦) دليل الإلحاق ، والتدليس موجب للخيار.

(٧) دليل عدم الإلحاق.

(٨) مع أنه ليس بشرط ، فضلا عن أصالة اللزوم في العقود ، وعدم الإلحاق هو قول الشيخ في المبسوط والشارح في المسالك وقواه سيد الرياض ، والإلحاق هو قول الأكثر كما في الرياض.

(٩) من الإلحاق وعدمه.

(١٠) من أن للزوجة الفسخ وإن دخل بها عملا بمقتضى الشرط ، هذا كله إذا ذكر الشرط في متن العقد ، وبدون ذكره في متن العقد فالوجهان السابقان.

(١١) صورة تزوج الرجل المرأة على أنها حرة فبانت أمة وعكسها.

(١٢) فلو فسخ قبل الدخول فلا مهر لها لما تقدم من عدم استقرار المهر إلا بالدخول ، وهو منتف هنا بحسب الفرض ، ولو فسخت هي قبل الدخول فلا مهر لها ، لأن الفسخ قد أتى من قبلها ، بلا خلاف في ذلك كله ولا إشكال.

(١٣) كما في المسألة الثانية.

(١٤) كونه من قبلها.

(١٥) أي وجوب المهر.

٥٢٧

وإن كان (١) هو فبسببها (٢) ، (ويجب) جميع المهر(بعده) (٣) ، لاستقراره به (٤).

(ولو شرط كونها بنت مهيرة) (٥) بفتح الميم وكسرها فعيلة بمعنى مفعولة.

أي بنت حرة تنكح (٦) بمهر وإن كانت (٧) معتقة في أظهر الوجهين (٨) ، خلاف (٩) الأمة فإنها قد توطأ بالملك(فظهرت بنت أمة فله الفسخ) قضية للشرط ، (فإن كان (١٠) قبل الدخول فلا مهر) لما تقدم (١١) ، (وإن كان بعده (١٢) وجب المهر ،)

______________________________________________________

(١) أي كان الفاسخ هو كما في المسألة الأولى.

(٢) حيث دلست نفسها عليه أو دلس وليها أو وكيلها.

(٣) بعد الدخول.

(٤) أي لاستقرار المهر المسمى بالدخول ، سواء جاء الفسخ من قبلها أو قبله ، ويرجع الزوج لو فسخ بالمهر على المدلّس بلا خلاف فيه ، أبا كان أو غيره ، بل يرجع على الزوجة لو كانت هي المدلسة ، غايته يرجع عليها بعد عتقها ويسارها لأنها أمة كما هو الواضح.

(٥) المراد بالمهيرة الحرة ، سميت بذلك لأنها لا تنكح إلا بمهر بخلاف الأمة فإنها تنكح بالملك ، وعليه فإذا تزوج الرجل امرأة على أنها بنت مهيرة فظهرت بنت أمة ، فعن أكثر المتقدمين أن له الفسخ للتدليس الموجب للخيار ، وعن المحقق والمتأخرين ثبوت الخيار مع اشتراط أنها بنت مهيرة في متن العقد لا مع إطلاق العقد وإن أخبرته بأنها بنت مهيرة قبل العقد أو أخبره مخبر ، لأصالة اللزوم بخلاف ما لو ذكر الشرط في متن العقد فله الخيار عملا بالشرط.

(٦) وصف للحرة.

(٧) أي الحرة.

(٨) لأن المعتقة ينحصر وطؤها بالمهر فهي من مصاديق الحرة ، هذا وقال الشارح في المسالك : (واعلم أنه لا فرق في بنت المهيرة بين كون أمها حرة في الأصل أو معتقة لما عرفت من أن المراد منها لغة الحرة ، وهي شاملة لهما ، ويحتمل ضعيفا الفرق بناء على أن المعتقة يصدق عليها أنها كانت أمة ، إذ لا يشترط في صدق المشتق بقاء المعنى المشتق منه ، ولا يخفى ضعفه ، إذ لا اشتقاق هنا ، بل الاسم للرقيقة وهو منتف بعد العتق ، وتعريف أهل اللغة ينافيه) انتهى.

(٩) أي الحرة التي تسمى مهيرة.

(١٠) أي الفسخ.

(١١) لعدم استقرار المهر بالدخول ، على المشهور ، وعن الشيخ في النهاية إثبات المهر عليه وعلّله غير واحد بالرواية ، وقد صرح أكثر من واحد بعدم العثور عليها.

(١٢) أي وإن كان الفسخ بعد الدخول فلها المهر المسمى لاستقراره بالدخول ، لكن يرجع ـ

٥٢٨

(ويرجع به (١) على المدلّس) ، لغروره (٢) ، ولو لم يشترط ذلك (٣) بل ذكره قبل العقد فلا حكم له (٤) ، مع احتماله (٥) كما سلف (٦) (فإن كانت هي) المدلّسة(رجع عليها) (٧) بالمسمّى(إلا بأقل مهر) وهو (٨) ما يتمول ، لأنّ (٩) الوطء المحترم لا يخلو عن مهر ، وحيث ورد النصّ (١٠) برجوعه (١١) على المدلس فيقتصر فيما خالف الأصل (١٢) على موضع اليقين ، وهو (١٣) ما ذكر (١٤) وفي المسألة وجهان آخران ، أو قولان :

أحدهما : أنّ المستثنى (١٥) أقل مهر أمثالها ، لأنّه(١٦) قد استوفى منفعة البضع فوجب عوض مثله.

______________________________________________________

ـ الزوج به على المدلّس لقاعدة المغرور يرجع على من غره ، أبا كان المدلس وغيره ، بل حتى لو كان المدلس هو نفس الزوجة فيرجع عليها بما دفعه من المهر ، ويترك لها أقل المهر مما يتمول على المشهور لأنه عوض الوطء المحترم ، وعن ابن الجنيد يترك لها مهر المثل لأنه عوض البضع ، وقد عرفت أن النصوص المتقدمة في نظائر هذه المسألة ظاهرة في الرجوع عليها بتمام ما دفعه الزوج من دون استثناء وهو الأقوى.

(١) ويرجع الزوج بالمهر.

(٢) أي غرور المدلس.

(٣) أي لو لم يشترط الزوج في متن العقد أنها بنت مهيرة.

(٤) أي للزوج والمعنى لا خيار له.

(٥) أي احتمال الخيار.

(٦) في مسألة ما لو تزوجها على أنها حرة فبانت أمة ، ووجه الخيار ظهور التدليس الموجب للخيار.

(٧) على تقدير دفع المهر.

(٨) أي أقل المهر.

(٩) تعليل لاستثناء أقل المهر لها ، لأنه لو رجع عليها من غير استثناء لخلا البضع عن العوض.

(١٠) وقد تقدم في نظائر هذه المسألة سابقا.

(١١) أي رجوع الزوج.

(١٢) إذ الأصل أن المهر على الزوج في قبال عوض البضع.

(١٣) أي موضع اليقين.

(١٤) من الرجوع على الزوج بالمسمى إلا بأقل المهر.

(١٥) أي المستثنى للزوجة في قبال الوطء ، وهو قول ابن الجنيد.

(١٦) أي الزوج.

٥٢٩

الثاني : عدم استثناء شي‌ء عملا بظاهر النصوص.

والمشهور الأول.

وكذا يرجع بالمهر على المدلّس لو ظهرت أمة (١).

ويمكن شمول هذه العبارة (٢) له (٣) بتكلف. وتختص الأمة (٤) بأنها لو كانت هي المدلّسة فإنما يرجع عليها على تقدير عتقها (٥). ولو كان المدلّس مولاها (٦) اعتبر عدم تلفظه (٧) بما يقتضي العتق ، وإلا (٨) حكم بحريتها ظاهرا وصح العقد (٩).

(ولو شرطها بكرا فظهرت ثيبا فله الفسخ) (١٠) بمقتضى الشرط(إذا ثبت)

______________________________________________________

(١) في المسألة السابقة حيث تزوجها على أنها حرة فبانت أمة ، ولم يذكر الماتن حكم رجوع الزوج على المدلس ، مع أنه قد ذكر الحكم في هذه المسألة.

(٢) وهي عبارة المصنف برجوع الزوج على المدلس في مسألة بنت المهيرة.

(٣) لرجوع الزوج على المدلس في مسألة الحرة وقد بانت أمة.

(٤) أي المسألة السابقة فيما لو تزوجها على أنها حرة فبانت أمة ، فيرجع الزوج على الأمة إذا كانت قد دلست بعد عتقها ويسارها ، بخلاف الرجوع في مسألتنا فإنه يرجع عليها حين الفسخ لأنها حرة.

(٥) ويسارها أيضا.

(٦) في مسألة ما لو تزوجها على أنها حرة فبانت أمة.

(٧) أي تلفظ المولى.

(٨) أي وإن تلفظ بما يقتضي عتقها.

(٩) أي من دون خيار للزوج حينئذ.

(١٠) إذا تزوج امرأة على أنها بكرا فخرجت ثيبا ، فلا يخلو إما أن يكون قد شرط ذلك في العقد أو لا ، وعلى تقدير عدم شرطه إما أن يكون قد أخبر بكونها بكرا فدلست عليه أو أقدم على البكارة كما هو الغالب ، وعلى التقادير الثلاثة إما أن يظهر كونها ثيبا قبل العقد أو بعده أو يشتبه الحال فالصور تسع.

فلو بانت ثيبا من دون شرط في متن العقد ولا تدليس من قبلها وإنما أقدم على أنها بكر كما هو الغالب فلا خيار له ، ولا يرجع بشي‌ء مطلقا من المهر ، لأن الثيبوبة في نفسها ليست عيبا ، وقد أقدم على احتمال الأمرين بالمهر المعيّن فيلزمه ذلك ، وإن كان قد شرطها بكرا أو أخبرته بذلك فإن تجددت الثيبوبة بعد العقد فلا خيار له ولا رجوع لعدم ـ

٥٣٠

(سبقه) أي سبق الثيوبة(على العقد) ، وإلا (١) فقد يمكن تجدده (٢) بين العقد والدخول بنحو الخطوة. والحرقوص (٣).

ثم إنّ فسخ (٤) قبل الدخول فلا مهر ، وبعده (٥) فيجب لها المسمى ، ويرجع به على المدلّس ، وهو (٦) العاقد كذلك (٧) العالم بحالها ، وإلا (٨) فعليها (٩) مع

______________________________________________________

ـ المقتضي ، وما تجدد قد حصل بعد العقد ، نعم لو شرطها بكرا في متن العقد فوجدها ثيبا قبل العقد ، وثبت ذلك باقرارها أو بالبينة على اقرارها أو بالقرائن المفيدة للعلم بذلك فعن أكثر المتأخرين أن له الفسخ عملا بالشرط ، والمحكي عن الأكثر عدم الفسخ للأصل ، ولصحيح محمد بن القاسم بن الفضيل عن أبي الحسن عليه‌السلام (عن الرجل يتزوج المرأة على أنها بكر فيجدها ثيبا ، أيجوز له أن يقيم عليها؟ قال عليه‌السلام : قد تفتق البكر من المركب ومن النزوة) (١) ، وهو غير ظاهر في عدم الفسخ ما لو شرط البكارة في متن العقد كما هو مفروض المسألة ، فيحمل على ما لو تزوجها على أنها بكر بزعمه كما هو الغالب ، أو على أنها بكر بإخبارها ، أو على ما لو شرط أنها بكر في متن العقد وقد حدثت الثيبوبة بعد العقد ، أو على ما لو اشتبه الحال ولم تعلم الثيبوبة أنها متقدمة على العقد أو متأخرة سواء اشترط البكارة ، أو أخبرته بها أو أقدم على ذلك بحسب زعمه ومما تقدم تعرف حكم بقية الصور.

(١) أي وإن لم يثبت سبق الثيبوبة على العقد فلا فسخ لأنه يمكن تجدده إلى آخر ما ذكره الشارح.

(٢) أي تجدد الثيب.

(٣) بضم الحاء دويبة كالبرغوث ، صحّتها كحمة الزنبور أو القراد يدخل في خروج الجواري.

(٤) حيث يجوز له الفسخ فإن كان قبل الدخول فلا مهر لعدم استقراره ، وإن كان بعد الدخول فلها المهر لاستقراره بالدخول ، ويرجع به على المدلس وإن كان المدلس هي من دون استثناء أقل المهر لها أو مهر المثل لها إذا رجع عليها كما تقدم في المسائل السابقة.

(٥) بعد الدخول.

(٦) أي المدلس.

(٧) أي بشرط البكارة.

(٨) أي وإن لم يكن العاقد عالما بحالها.

(٩) أي يرجع الزوج على الزوجة بشرط أن تكون قد دلست.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب العيوب والتدليس حديث ١.

٥٣١

استثناء أقل ما يكون مهرا كما سبق.

(وقيل) والقائل ابن إدريس (١) : لا فسخ ، ولكن (٢) (ينقص من مهرها بنسبة ما بين مهر البكر والثيّب) فإذا كان المهر المسمى مائة ، ومهر مثلها بكرا مائة ، وثيّبا خمسون نقص منه (٣) النصف ، ولو كان مهرها بكرا مأتين ، وثيّبا مائة نقص من

______________________________________________________

(١) بل هو عن الأكثر كما في الرياض لا فسخ عند اشتراط البكارة في متن العقد.

(٢) أي إذا اختار البقاء على تقدير ثبوت الفسخ له ، أو لم يكن له الفسخ فهل ينقص من مهرها شي‌ء قولان :

الأول : العدم وهو قول أبي الصلاح وابن البراج لوجوب جميع المهر بالعقد والأصل بقاؤه ،

والثاني : أنه ينقص وهو المشهور لصحيح محمد بن جزك (كتبت إلى أبي الحسن عليه‌السلام : سألته عن رجل تزوج جارية بكرا فوجدها ثيبا ، هل يجب لها الصداق وافيا أو ينتقص؟ قال عليه‌السلام : ينتقص) (١) ، ولكن اختلفوا في قدر النقصان على أقوال :

الأول : أنه ينقص منه مقدار ما بين مهر البكر والثيب عادة ، بحيث تؤخذ النسبة بين المهرين المذكورين وينقص من المسمى بمقدار هذه النسبة ، فلو فرض مهر المثل للبكر عادة مائة ، وللثيب خمسين ، نقص من المسمى نصفه ، وهو قول ابن إدريس ورجحه المحقق والعلامة في التحرير ، ووجهه أن الرضا بالمهر المعين إنما حصل على تقدير اتصافها بالبكارة ولم تحصل ، فيلزم التفاوت كأرش ما بين كون المبيع صحيحا ومعيبا.

أنه ينقص شي‌ء في الجملة ، إذ لم يرد من الشارع تقدير له ، وهو اختيار الشيخ في النهاية.

الثالث : أنه ينقص السدس من المسمى ، وهو للقطب الراوندي في شرح النهاية ، لأن الشي‌ء في عرف الشارع سدس ، كما ورد في الوصية ، وفيه : أن الشي‌ء لم يذكر في الرواية وإنما المذكور فيها نقصان المسمى فقط ، فضلا عن كون الشي‌ء لو كان سدسا في الوصية فلا يقتضي كونه كذلك في غيرها لانتفاء الدليل عليه ، عل أن الشي‌ء لم يحمل على السدس في الوصية وإن ورد به النص فراجع.

الرابع : إحالة تقدير النقصان إلى الحاكم ، لانتفاء تقدير النقص شرعا ، مع الحكم بأصله في الصحيح المتقدم فيرجع فيه إلى رأي الحاكم كما هو الشأن في كل ما لا تقدير له شرعا وهو للمحقق في النكت ، وهو المنسوب إلى جماعة من المتأخرين.

(٣) من مهرها المسمى.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب العيوب والتدليس حديث ٢.

٥٣٢

المسمّى خمسون (١) ، لأنها (٢) نسبة ما بينهما ، لا مجموع تفاوت ما بينهما (٣) ، لئلا يسقط جميع المسمى كما قرر في الأرش (٤).

ووجه هذا القول (٥) أنّ الرضا بالمهر المعين إنما حصل على تقدير اتصافها بالبكارة ، ولم تحصل إلا خالية عن الوصف ، فيلزم التفاوت ، كأرش ما بين كون المبيع صحيحا ومعيبا.

واعلم أن الموجود في الرواية أنّ صداقها ينقص ، فحكم الشيخ بنقص شي‌ء (٦) من غير تعيين لإطلاق الرواية ، فأغرب (٧) القطب الراوندي في أن الناقص هو السدس ، بناء على أنّ الشي‌ء سدس ، كما ورد في الوصية به (٨) ، وهو قياس (٩) على ما لا يطرد (١٠) ، مع أنّ الشي‌ء (١١) من كلام (١٢) الشيخ قصدا للإبهام تبعا للرواية المتضمنة للنقص مطلقا (١٣).

وربما قيل (١٤) : يرجع إلى نظر الحاكم ، لعدم تفسيره (١٥) لغة ، ولا شرعا ، ولا عرفا.

______________________________________________________

(١) وهي نصف المسمى.

(٢) أي الخمسين.

(٣) ما بين مهر مثلها بكرا ومهر مثلها ثيبا ، لأن مجموع التفاوت على الصورة الثانية مائة ، فلو نقص من المسمى هذا المجموع لما كان لها مسمى حينئذ.

(٤) من الرجوع بنسبة التفاوت بين الصحيح والمعيب ، وليس الرجوع لمجموع التفاوت.

(٥) أن الرجوع بنسبة التفاوت.

(٦) وهو القول الثاني.

(٧) أي أتى بالشي‌ء الغريب ، وهو القول الثالث.

(٨) بالشي‌ء ، وقد تقدم النص في بابه.

(٩) لأن إلحاق النكاح بالوصية قياس.

(١٠) إذ لا اطراد لهذا التفسير في غير الوصية.

(١١) إشكال ثان على الراوندي.

(١٢) خبر لقوله (مع أن الشي‌ء) ، وعليه فلفظ الشي‌ء لم يرد في الرواية حتى يفسر بالسدس بل قد ورد في كلام الشيخ.

(١٣) من غير تعيين.

(١٤) وهو القول الرابع.

(١٥) أي تفسير النقصان.

٥٣٣

(الفصل الثامن ـ في القسم) (١)

وهو بفتح القاف مصدر قسمت الشي‌ء ، أما بالكسر فهو الحظ والنصيب ، (والنشوز) وهو ارتفاع أحد الزوجين عن طاعة الآخر ، (والشقاق) وهو خروج كل منهما عن طاعته (٢). أما القسم فهو حقّ لكلّ منهما (٣) ، لاشتراك

______________________________________________________

(١) بفتح القاف وسكون السين مصدر قسمت الشي‌ء أقسمه ، وبالكسر الخط والنصيب ، وعرفا هو قسمة الليالي بين الزوجات ، ويمكن اعتباره من كل منهما.

(٢) أي طاعة الآخر.

(٣) لا إشكال في أن كل واحد من الزوجين له حق على الآخر ، يجب على صاحبه القيام به ، وإن كان حق الزوج على الزوجة أعظم ، بل لا حق عليها مثل ما لزوجها عليها من حق ، ففي خبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (جاءت امرأة إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالت : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ما حق الزوج على المرأة؟ فقال : لها أن تطيعه ولا تعصيه ولا تصدق من بيته إلا بإذنه ، ولا تصوم تطوعا إلا بإذنه ، ولا تمنعه نفسها وإن كانت على ظهر قتب ، ولا تخرج من بيتها إلا بإذنه ، وإن خرجت بغير إذنه لعنتها ملائكة السماء وملائكة الأرض وملائكة الغضب وملائكة الرحمة حتى ترجع إلى بيتها.

قالت : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، من أعظم الناس حقا على الرجل؟ قال : والده ، قالت : فمن أعظم الناس حقا على المرأة؟ قال : زوجها ، قالت : فما لي عليه من الحق مثل ما له علي؟ قال : لا ولا من كل مائة واحدة) (١) ، وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر ، ولو صلح لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها ، والذي نفسي بيده لو كان من مفرق رأسه إلى قدمه قرحة ترشح بالقيح والصديد ثم استقبلته تلمسه ما أدت حقه) (٢).

ومن حقه عليها أن تطيعه ولا تعصيه ولا تتصدق من بيته إلا بإذنه ولا تصوم تطوعا إلا بإذنه ولا تمنعه نفسها في أي حال ولا تخرج من بيتها إلا بإذنه كما تقدم في الخبر ولو إلى أهلها لعيادة مريضهم وحضور ميتهم ففي خبر عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أن رجلا من الانصار على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خرج في بعض حوائجه فعهد إلى امرأته عهدا أن لا تخرج من بيتها حتى يقدم ، قال : وإن أباها قد مرض فبعثت ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٧٩ ـ من أبواب مقدمات النكاح حديث ١.

(٢) كنز العمال ج ٨ ص ٢٥١ رقم الحديث ٤٠٩١.

٥٣٤

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ المرأة إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تستأذنه أن تعوده ، فقال : لا ، اجلسي في بيتك واطيعي زوجك ، قال : فثقل فأرسلت إليه ثانيا بذلك ، فقال : اجلسي في بيتك واطيعي زوجك ، قال : فمات أبوها فبعثت إليه أن أبي قد مات فتأمرني أن أصلي عليه ، فقال : لا ، اجلسي في بيتك واطيعي زوجك ، قال : فدفن الرجل فبعث إليها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن الله قد غفر لك ولأبيك بطاعتك لزوجك) (١).

ومن حقه عليها على ما في خبر العزرمي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (جاءت امرأة إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالت : يا رسول الله ، ما حق الزوج على المرأة؟ فقال : أكثر من ذلك ، قالت : فخبّرني عن شي‌ء منه ، قال : ليس لها أن تصوم إلا بإذنه يعني تطوعا ، ولا تخرج من بيتها بغير إذنه ، وعليها أن تتطيب بأطيب طيبها وتلبس أحسن ثيابها ، وتزين بأحسن زينتها ، وتعرض نفسها عليه غدوة وعشية ، وأكثر من ذلك حقوقه عليها) (٢) ، وفي خبر جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أيّما امرأة قالت لزوجها : ما رأيت قط من وجهك خيرا فقط حبط عملها) (٣) ، وفي خبر الجلاب عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أيّما امرأة باتت وزوجها عليها ساخط في حق لم يتقبل منها صلاة حتى يرض منها) (٤).

هذا ومن حقها عليه ما في خبر إسحاق بن عمار (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما حق المرأة على زوجها الذي إذا فعله كان محسنا؟ قال : يشبعها ويكسوها وإن جهلت غفر لها) (٥) ، وفي خبر محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أوصاني جبرئيل بالمرأة حتى ظننت أنه لا ينبغي طلاقها إلا من فاحشة مبيّنة) (٦) ، وفي الخبر عن الصادق عليه‌السلام (رحم الله عبدا أحسن فيما بينه وبين زوجته ، فإن الله عزوجل قد ملّكه ناصيته وجعله القيّم عليها) (٧) ، ومرسله الآخر عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (خيركم خيركم لنسائه ، وأنا خيركم لنسائي) (٨) ومرسل الفقيه عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (ألا خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي) (٩) ، إلى غير ذلك من الحقوق والآداب الداخلة تحت قوله تعالى : (وَعٰاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (١٠) ، وعظم حق الزوج على الزوجة لا ينافيه قوله تعالى : ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٩١ ـ من أبواب مقدمات النكاح حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٧٩ ـ من أبواب مقدمات النكاح حديث ٢.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٨٠ ـ من أبواب مقدمات النكاح حديث ٧ و ١.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٨٨ ـ من أبواب مقدمات النكاح حديث ١ و ٤.

(٧ و ٨ و ٩) الوسائل الباب ـ ٨٨ ـ من أبواب مقدمات النكاح حديث ٥ و ١١ و ٨.

(١٠) سورة النساء ، آية : ١٩.

٥٣٥

ثمرته (١) ، وهو (٢) العشرة بالمعروف المأمور بها (٣).

(ويجب للزوجة الواحدة ليلة من أربع) (٤) وله ثلاث ليال يبيتها حيث شاء ،

______________________________________________________

ـ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ) (١) ، لأن المراد التشبيه بأصل الحقوق لا في كيفيتها ، لاختلافها كما هو الواضح.

إذا تقرر ذلك فالواجب على الزوج النفقة من الكسوة والمأكل والمشرب والإسكان كما سيأتي ، ويجب على الزوجة التمكين من الاستمتاع وأن تتجنب عما ينفر الزوج من الاستمتاع ، لأن ذلك من مقدمات الواجب ، فيجب عليها إزالة الأوساخ والقاذورات عن بدنها وثيابها وكل ما له الدخل في نفرة الزوج ، بل على كل واحد منهما القيام بالحقوق المترتبة عليه من غير أن يحوج صاحبه إلى طلبها ، ولا يظهر الكراهة في تأديتها ، وأن يكف عما يكرهه صاحبه من قول أو فعل بغير حق.

هذا والقسمة واجبة على الزوج وله ، أما أنها واجبة عليه فللأخبار الآتية ، وهي واجبة له لأن حق الاستمتاع على الزوجة توجب القسمة بين الزوجات أيضا.

(١) أي اشتراك ثمرة القسم بينهما.

(٢) اشتراك الثمرة.

(٣) في قوله تعالى : (وَعٰاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (٢).

(٤) لا خلاف في وجوب القسمة بين الزوجات في الجملة ، وإنما الخلاف في أنها هل تجب على الزوج ابتداء بمجرد العقد والتمكين كالنفقة كما هو المشهور ، أو لا تجب عليه حتى يبتدئ بها كما عن الشيخ في المبسوط والعلامة في بعض كتبه والمحقق في الشرائع والمحقق الثاني والشارح وجماعة.

فعلى الأول للزوجة الواحدة دائما ليلة من أربع ليال يبيت عندها ، والباقي يضعها حيث يشاء ، وللزوجتين ليلتان من أربع والباقي يضعها حيث يشاء ، وللثلاث ثلاث منها ، ولو كن أربع نساء فلكل واحدة ليلة ولا يبقى له شي‌ء من كل أربع ، وكلما فرغ الدور استأنفه على الترتيب المذكور.

وعلى القول الثاني فلو كانت له زوجة واحدة لا يجب عليه القسمة مطلقا ولو مع المبيت عندها ليلة لعدم موضوع القسمة ، إذ موضوعها مع التعدد ، ولو كان له زوجات متعددات لا تجب القسمة عليه إلا إذا بات عند إحداهن ليلة فتجب القسمة حينئذ حتى يتم الدور ، ـ

__________________

(١) سورة البقرة ، آية : ٢٢٨.

(٢) سورة النساء ، آية : ١٩.

٥٣٦

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ ثم لا يجب عليه شي‌ء حتى يبيت عند بعضهن وهكذا ، ومما يتفرع على القولين أنه لو كان عنده منكوحات لا قسم لهن كالإماء فعلى الأول ليس له أن يبيت عندهن إلا في الفاضل له من دور القسمة ، فلو كان عنده أربع منكوحات بالعقد الدائم لم يكن له أن يبيت ابتداء عند الأمة مطلقا إلا بإذن صاحبة الليلة ، وعلى القول الآخر يجوز له أن يبيت ابتداء عند من لا تجب لها القسمة ويستمر على ذلك مع واحدة منهن أو أزيد إلى أن يبيت عند مستحقة القسمة ليلة فيجب المبيت حينئذ عند الباقيات من ذوات القسمة.

ويستدل للقول الأول بقوله تعالى : (وَعٰاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (١) ، وبقوله تعالى : (وَاللّٰاتِي تَخٰافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضٰاجِعِ) (٢) ، بدعوى دلالة الآية على جواز الهجرة في المضاجع عند النشوز فتدل بالمفهوم على المضاجعة عند خوف النشوز ، والمضاجعة هو المبيت عندها ليلة ، وهو معنى القسمة بين الزوجات ، وللأخبار.

منها : موثق محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام (وإذا كانت الأمة عنده قبل نكاح الحرة على الأمة ، قسّم للحرة الثلثين من ماله ونفسه يعني نفقته ، والأمة الثلث من ماله ونفسه) (٣) حيث دل على وجوب القسمة ابتداء ، لا إذا بات عند إحداهنّ ، ومثله موثق عبد الرحمن عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا يتزوج الأمة على الحرة ، ويتزوج الحرة على الأمة ، وللحرة ليلتان وللأمة ليلة) (٤) ، وخبر زرارة (سئل أبو جعفر عليه‌السلام عن النهارية ـ المهارية خ ل ـ يشترط عليها عند عقدة النكاح أن يأتيها متى شاء كل شهر وكل جمعة يوما ، ومن النفقة كذا وكذا ، قال : ليس ذلك الشرط بشي‌ء ، ومن تزوج امرأة فلها ما للمرأة من النفقة والقسمة) (٥) ، وهو ظاهر في كون القسمة واجبة عليه ابتداء لإطلاق الخبر الشامل لتعدد زوجاته واتحادهن ، وخبر الدعائم عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم‌السلام (أن عليا صلوات الله عليه قال : للرجل أن يتزوج أربعا ، فإن لم يتزوج غير واحدة فعليه أن يبيت عندها ليلة من أربع ليال ، وله أن يفعل في الثلاث ما أحب مما أحله الله تعالى) (٦).

واستدل للثاني بأصالة عدم وجوب القسمة ابتداء ، نعم إذا بات عند واحدة فيجب القسمة ـ

__________________

(١) سورة النساء ، آية : ١٩.

(٢) سورة النساء : آية : ٣٤.

(٣) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب القسم والنشوز والشقاق حديث ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب القسم والنشوز والشقاق حديث ٣.

(٥) الوسائل الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب المهور حديث ٣.

(٦) مستدرك الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب القسم والنشوز حديث ١.

٥٣٧

وللزوجتين ليلتان من الأربع ، وله ليلتان.(وعلى هذا فإذا تمت الأربع (١) فلا فاضل له) ، لاستغراقهن النصاب ، ومقتضى العبارة أن القسمة تجب ابتداء وإن لم يبتدأ بها ، وهو أشهر القولين ، لورود الأمر بها (٢) مطلقا (٣) ، وللشيخ قول أنّها (٤) لا تجب إلا إذا ابتدأ بها ، واختاره المحقق في الشرائع ، والعلامة في التحرير. وهو متجه ، والأوامر المدعاة لا تنافيه(٥).

ثمّ إن كانت واحدة فلا قسمة (٦) ، وكذا لو كنّ أكثر وأعرض عنهن ، وإن بات عند واحدة منهن ليلة لزمه للباقيات مثلها.

وعلى المشهور يجب مطلقا (٧) ، وحينئذ (٨) فإن تعددن (٩) ابتدأ بالقرعة ، ثم إن

______________________________________________________

ـ لوجوب العدل عليه بين زوجاته ، ولما دل من الأخبار على حصر حقها الواجب في كسوتها وإطعامها وغفران ذنبها ، وقد تقدم بعضها ، وفيه : إن الأصل يخرج عنه بما تقدم من الأخبار ، وأما أخبار الكسوة فهي مقيدة بما دل على وجوب القسمة من الأخبار المتقدمة.

(١) من الزوجات.

(٢) بالقسمة.

(٣) سواء ابتدأ بالمبيت عند إحداهن أم لا ، وسواء كانت الزوجة واحدة أم متعددة.

(٤) أي القسمة.

(٥) أي لا تنافي الوجوب بعد الابتداء.

(٦) على قول غير المشهور ، وهو القول الذي قواه الشارح هنا وفي المسالك.

(٧) وإن لم يبت عند واحدة منهن.

(٨) أي حين وجوب القسمة ابتداء.

(٩) فعلى المشهور أنه يبدأ بمن شاء منهن حتى يأتي عليهن ثم يجب اجراء الدور الثاني كالدور الأول وهكذا ، وقيل : يجب الرجوع إلى القرعة في البدء بالقسمة ، لأنه لو اختار واحدة منهن وبات عندها فيلزم منه الترجيح بلا مرجح ، وهذا ما يقتضي الميل إليها فيدخل في الوعيد الوارد في النبوي (من كانت له امرأتان فلم يعدل بينهما في القسم من نفسه وماله جاء يوم القيامة مغلولا مائلا شقه حتى يدخل النار) (١).

وعليه فإن كانتا اثنتين اكتفى بالقرعة مرة واحدة ، لأن الثانية تعينت ثانيا ، وإن كن ثلاثا ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب القسم والنشوز حديث ١.

٥٣٨

كانتا اثنتين ، وإلا افتقر إلى قرعة أخرى للثانية وهكذا لئلا يرجح بغير مرجح.

وقيل : يتخير. وعلى قول (١) الشيخ يتخير (٢) من غير قرعة ، ولا تجوز الزيادة في القسمة على ليلة بدون رضاهن (٣) ، وهو أحد القولين ، لأنه

______________________________________________________

ـ أقرع بين الباقيتين في الليلة الثانية ، وإن كن أربعا أقرع بين الثلاث ثانيا ثم بين الاثنتين ثالثا تحرزا عن التفضيل والترجيح ، لأن تقديم إحدى الباقيات ترجيح أيضا ، فالتقديم بالقرعة في كل مراحل الدور الواحد عدل.

(١) من عدم وجوب القسمة ابتداء إلا إذا بات عند إحداهن

(٢) أي يتخير ابتداء من غير قرعة ، وأما الباقيات فيجب القسم بينهن ومع تعددهن لا بد من القرعة لئلا يلزم الترجيح والتفضيل المنهي عنهما.

(٣) لا خلاف في عدم جواز جعل القسمة ـ سواء قلنا بوجوبها ابتداء أو لا ـ انقص من ليلة ، لأنّه على خلاف ما دل على استحقاقها ليلة عند القسمة ففي خبر إبراهيم الكرخي (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل له أربع نسوة فهو يبيت عند ثلاث منهن في لياليهن فيمسّهن ، فإذا بات عند الرابعة في ليلتها لم يمسّها ، فهل عليه في هذا إثم؟ قال : إنما عليه أن يبيت عندها في ليلتها ويظلّ عندها في صبيحتها ، وليس عليه أن يجامعها إذا لم يرد ذلك) (١) ، وهو ظاهر في استحقاقها ليلة عند القسمة ، ومثلها غيرها من الأخبار.

كما لا خلاف في جواز القسمة بين الزوجات ليلة ليلة ، ويدل عليه الخبر المتقدم وغيره ، ولكن هل يجوز أن يجعل القسمة أزيد من ليلة لكل واحدة ، فعن الشيخ في المبسوط وجماعة نعم ، للأصل وإطلاق الأمر بالقسمة مع عدم العول والجور فيها ، بل ربما كان ذلك أصلح لهنّ وأتم لمطلوبهن ، بل وللزوج خصوصا مع تباعد أمكنتهن على وجه يشق عليه أن يدور على زوجاته ليلة ليلة. وعن المحقق في الشرائع وجماعة لا تجوز الزيادة على ليلة تأسيا بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى (أنه كان يطاف به في مرضه محمولا فيبيت عند كل امرأة ليلة حتى حللنه أن يبيت عند عائشة ، وكان يقول : اللهم هذا قسمي فيما أملك وأنت اعلم بما لا أملك) (٢) يعني من جهة الميل القلبي.

ولخبر سماعة بن مهران (سألته عن رجل كانت له امرأة فتزوج عليها ، هل يحلّ له أن يفضّل واحدة على الأخرى ، فقال : يفضّل المحدثة حدثان عرسها ثلاثة أيام إن كانت بكرا ، ثم يسوّى بينهما بطيبة نفس إحداهما للأخرى) (٣) بدعوى أنه لو جعل لكل واحدة ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب القسم والنشوز حديث ١.

(٢) سنن البيهقي ج ٧ ص ٢٩٨.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب القسم والنشوز حديث ٨.

٥٣٩

الأصل (١) ، وللتأسي بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقد كان يقسم كذلك (٢) ، ولئلا يلحق بعضهن ضرر مع الزيادة بعروض ما يقطعه (٣) عن القسم للمتأخرة ، والآخر (٤) جوازها (٥) مطلقا (٦) ، للأصل (٧).

ولو قيل بتقييده (٨) بالضرر كما لو كنّ في أماكن متباعدة يشقّ عليه الكون كل ليلة مع واحدة كان حسنا ، وحينئذ (٩) فيتقيد بما يندفع به الضرر ، ويتوقف (١٠) ما زاد (١١) على رضاهن ، وكذا لا يجوز أقل من ليلة ، للضرر (١٢).

(ولا فرق) في وجوب القسم(بين الحرّ ، والعبد (١٣) ، والخصي ، والعنين ،)

______________________________________________________

ـ ثلاث ليال أو أزيد ولم تطب نفس إحداهما إلا بليلة ليلة فلا يجوز ، وهذا دال على عدم جواز الزيادة على الليلة إلا برضا البقية. ثم على القول بجواز الزيادة من دون رضاهن فهل يتقدر بقدر ، وعن الشيخ في المبسوط وجماعة أن حدّه ثلاث ليال واعتبر في الزائد رضاهن ، وعن الإسكافي جواز جعلها سبعا ، وفي القواعد أطلق عدم التقدير ، وفي الأخير ضعف ظاهر إذ المدة الطويلة كالسنة عند إحداهن أولا يوجب الضرر بالباقيات وعلى خلاف المعاشرة بالمعروف المأمور بها وهكذا ، مع عدم ورود نص خاص في هذا التفريع ، نعم استدل للأول بأن الثلاث أقصى المأثور إذا كانت شيبا في التي تزوجها جديدا ، واستدل للثاني بأن الزائد على السبع يعدّ هجرا وعشرة بغير المعروف.

(١) أي لأن عدم الزيادة على الليلة في القسمة هو الأصل المحقق من النصوص.

(٢) ليلة ليلة.

(٣) أي يقطع الزوج عن المبيت عند البقية من نسوته من مرض أو سفر.

(٤) أي القول الآخر.

(٥) أي جواز الزيادة في القسمة على ليلة.

(٦) مع رضاهن أو لا.

(٧) أي أصالة الجواز.

(٨) أي بتقييد جواز الزيادة من دون رضاهن.

(٩) أي حين تقييد الجواز بالضرر فيتقيد الجواز بما يدفع الضرر عن الزوج.

(١٠) أي جواز الزيادة من غير رضاهن.

(١١) وهو ما لا ضرر فيه.

(١٢) أي للضرر على الزوجة ، لأنه ينغّص العيش ويبطل الاستئناس ، وقد عرفت أن الأخبار دالة على عدم جواز القسمة بما ينقص عن الليلة.

(١٣) بعد ما ثبت وجوب القسمة بين الزوجات بالأدلة المتقدمة ، فلا فرق بين كون الزوج حرا ـ

٥٤٠