الزبدة الفقهيّة - ج ٦

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٦

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-59-0
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٦٤٨

ويضعّف بمنع الفساد كما تقدم (١) ، والتعذر الشرعي (٢) منزّل منزلة الحسّي (٣) ، أو أقوى ، ومهر المثل قد يكون أزيد من المسمّى ، فهي (٤) تعترف بعدم استحقاق الزائد (٥) ، أو أنقص (٦) فيعترف هو باستحقاق الزائد (٧) حيث لم يقع المسمى فاسدا فكيف يرجع إلى غيره (٨) بعد استقراره (٩) ، ولو كان الإسلام (١٠) بعد قبض بعضه سقط (١١) بقدر المقبوض ووجب قيمة الباقي ، وعلى الآخر (١٢) يجب بنسبته (١٣) من مهر المثل.

(ولا تقدير في المهر قلة) (١٤) ما لم يقصر عن التقويم كحبة حنطة ، (ولا كثرة)

______________________________________________________

(١) حيث قال الشارح : (لأن المسمى لم يفسد).

(٢) وهو عدم تملك الخمر والخنزير ، وهو تعذر لدفع العين الواقعة مهرا.

(٣) وعليه فإذا تعذر دفع العين فينتقل إلى وجوب القيمة كما اعترف بذلك الخصم وبه يتم المدعى.

(٤) أي الزوجة.

(٥) فكيف يجب دفعه.

(٦) أي بكون مهر المثل أنقص من المسمى.

(٧) أي باستحقاق الزائد من المسمى على مهر المثل ، وأنه للزوجة ، ومع اعترافه كيف لا يجب عليه دفعه؟

(٨) أي غير المسمى.

(٩) بعد استقراره : أي المسمى وقد استقر بالدخول قبل الإسلام.

(١٠) أي إسلام الزوجين أو أحدهما.

(١١) من المهر.

(١٢) أي القول الآخر.

(١٣) أي بنسبة الباقي.

(١٤) لا تقدير في المهر من جانب القلة ، بل ما تراضى عليه الزوجان وإن قلّ ما لم يقصر عن التقويم كحبة من حنطة بلا خلاف في ذلك كله ، وكذلك لا حد له في جانب الكثرة على المشهور لقوله تعالى : (وَآتَيْتُمْ إِحْدٰاهُنَّ قِنْطٰاراً) (١) ، وفسر بالمال العظيم كما في مجمع البيان ، وبأنه وزن أربعين أوقية من ذهب أو فضة أو ألف ومائتا أوقية أو سبعون ألف

__________________

(١) سورة النساء ، الآية : ٢٠.

٤٤١

على المشهور لقوله تعالى : (وَآتَيْتُمْ إِحْدٰاهُنَّ قِنْطٰاراً) (١) وهو المال العظيم ، وفي القاموس : القنطار بالكسر وزن أربعين أوقية من ذهب ، أو فضة ، أو ألف دينار ، أو ألف ومائتا أوقية من ذهب ، أو فضة ، أو سبعون ألف دينار ، أو ثمانون ألف درهم ، أو مائة رطل من ذهب ، أو فضة ، أو مل‌ء مسك (٢) ثور ذهبا ، أو فضة ، وفي صحيحة الوشاء عن الرضا عليه‌السلام : لو أنّ رجلا تزوج امرأة وجعل مهرها عشرين ألفا ، ولأبيها عشرة آلاف كان المهر جائزا ، والذي جعله لأبيها فاسدا.

______________________________________________________

ـ دينار ، أو ثمانون ألف دينار ، أو مائة رطل من ذهب أو فضة ، أو مل‌ء مسك ثور ذهبا أو فضة كما في أخبار العامة (١) ، وللأخبار الكثيرة عندنا.

منها : صحيح الوشاء عن الرضا عليه‌السلام (لو أن رجلا تزوج امرأة وجعل مهرها عشرين ألفا وجعل لأبيها عشرة آلاف كان المهر جائزا ، والذي سمّاه لأبيها فاسدا) (٢) ، وصحيح الفضيل عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل تزوج امرأة بألف درهم فأعطاها عبدا له آبقا وبردا حبرة بألف درهم التي أصدقها ، قال : إذا رضيت بالعبد وكانت قد عرفته فلا بأس ، إذا هي قبضت الثوب ورضيت بالعبد) (٣) ، ومرسل الشيخ في المبسوط (تزوج الحسن عليه‌السلام امرأة فأصدقها مائة جارية مع كل جارية ألف درهم) (٤) فضلا عن الأخبار المتقدمة بأن المهر ما تراضى عليه الزوجان قلّ أو كثر وعن المرتضى ونسب إلى الاسكافي والصدوق المنع من الزيادة عن مهر السنة الذي هو خمسمائة درهم ، بحيث لو زاد المهر لردّ إليها ، لخبر المفضل بن عمر (دخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام فقلت له : أخبرني عن مهر المرأة الذي لا يجوز للمؤمنين أن يجوزوه ، فقال : السنة المحمدية خمسمائة درهم ، فمن زاد على ذلك ردّ إلى السنة ، ولا شي‌ء عليه أكثر من الخمسمائة درهم ، فإن أعطاها من الخمسمائة درهم درهما أو أكثر من ذلك ثم دخل بها فلا شي‌ء عليه) (٥) ، وهو مع ضعف سنده لا يصلح لمعارضة ما تقدم الذي فيه صحيح السند.

(١) النساء آية : ٢٠.

(٢) بالفتح وهو الجلد.

__________________

(١) سنن البيهقي ج ٧ ص ٢٣٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب المهور حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب المهور حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب المهور حديث ٣.

(٥) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب المهور حديث ١٤.

٤٤٢

(ويكره أن يتجاوز مهر السنة) (١) وهو ما أصدقه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأزواجه جمع(وهو خمسمائة درهم) قيمتها خمسون دينارا ، ومنع المرتضى من الزيادة عليها (٢) ، وحكم بردّ من زاد عنها إليها ، محتجا بالإجماع (٣) ، وبه خبر ضعيف لا يصلح حجة ، والإجماع ممنوع ، وجميع التفسيرات السابقة للقنطار ترد عليه ، والخبر الصحيح حجة بينة ، نعم يستحب الاقتصار عليه (٤) لذلك (٥).

(ويكفي فيه (٦) المشاهدة (٧) عن اعتباره) بالكيل ، أو الوزن ، أو العدد كقطعة

______________________________________________________

(١) يستحب أن يكون المهر مهر السنة وهو خمسمائة درهم بلا خلاف فيه للأخبار الكثيرة.

منها : صحيح حماد بن عيسى عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سمعته يقول : قال أبي : ما زوّج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شيئا من بناته ، ولا تزوج شيئا من نسائه على أكثر من اثنتي عشرة أوقية ونش ، والأوقية أربعون والنش عشرون درهما) (١) ، وخبر عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (مهر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نساءه اثنتي عشرة أوقية ونشا ، والأوقية أربعون درهما والنش نصف الأوقية وهو عشرون درهما) (٢) ، ولخبر الحسين بن خالد (سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن مهر السنة كيف صار خمسمائة؟ فقال : إن الله تبارك وتعالى أوجب على نفسه أن لا يكبره مؤمن مائة تكبيرة ويسبّحه مائة تسبيحة ويحمده مائة تحميدة ويهلّله مائة تهليلة ، ويصلّي على محمد وآله مائة مرة ثم يقول : اللهم زوّجني من الحور العين ، إلا زوّجه الله حوراء عيناء وجعل ذلك مهرها ، ثم أوحى الله إلى نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن سنّ مهور المؤمنات خمسمائة درهم ، ففعل ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأيّما مؤمن خطب إلى أخيه حرمته فبذل له خمسمائة درهم فلم يزوّجه فقد عقّه واستحق من الله عزوجل أن لا يزوجه حوراء) (٣).

(٢) على الخمسمائة درهم.

(٣) وهو عجيب مع ذهاب الأكثر إلى خلافه.

(٤) على مهر السنة.

(٥) للخبر الذي استدل به المرتضى ، وكذا لغيره ، ولأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمهر نساءه أجمع به.

(٦) في المهر.

(٧) لما كان النكاح ليس على حد المعاوضات الحقيقية ، لأن الركن الأعظم فيه الزوجان فيكون المهر دخيلا فيه ، ولذا لم يعتبر في العلم به ما يعتبر في غيره من أعواض العقود كالبيع ، ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب المهور حديث ٤ و ٣ و ٢.

٤٤٣

من ذهب مشاهدة لا يعلم وزنها ، وقبة من طعام لا يعلم كيلها ، لارتفاع معظم الغرر بالمشاهدة ، واغتفار الباقي (١) في النكاح ، لأنّه (٢) ليس معاوضة محضة بحيث ينافيه ما زاد منه (٣).

ويشكل الحال لو تلف (٤) قبل التسليم ، أو بعده وقد طلّقها قبل الدخول (٥). ولو لم يشاهد (٦) اعتبر التعيين قدرا (٧) ، ووصفا إن كان مما يعتبر به (٨) ، أو وصفا خاصة (٩) إن اكتفي به (١٠) كالعبد(ولو تزوجها على كتاب الله وسنة نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهو خمسمائة درهم) (١١) ، للنص ، والإجماع ، وبهما يندفع الإشكال

______________________________________________________

ـ وتكفي المشاهدة عن اعتباره بالكيل أو الوزن أو العد ولو كان واحدا منها بلا خلاف فيه لخبر البزنطي عن الرضا عليه‌السلام في حديث (وقد كان الرجل على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتزوج المرأة على السورة من القرآن وعلى الدرهم وعلى القبضة من الحنطة) (١) ، ومثلها غيرها.

(١) أي الباقي من الغرر.

(٢) أي النكاح.

(٣) من المهر المشاهد.

(٤) أي المهر.

(٥) فيجب عليها ردّ النصف لو كان الطلاق بعد التسليم ، ويجب عليه دفع النصف لو كان الطلاق قبل التسليم ، والاشكال مدفوع بأن الوجه هو الرجوع إلى الصلح إذ لا طريق غيره.

(٦) أي المهر فيجب التعيين فيه لعدم تحقق المشاهدة الكافية في رفع الغرر.

(٧) أي لا بد من تقديره بالكيل أو الوزن أو العد إذا كان واحدا منها.

(٨) أي إن كان المهر مما يعتبر تعيينه بالقدر.

(٩) إذا كان القدر غير معتبر في التعيين كما لو كان المهر عينا خارجية غائبة فيكفي وصفها.

(١٠) بالوصف.

(١١) لو تزوجها على كتاب الله وسنة نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم يسمّ مهرا ، كان مهرها خمسمائة درهم بلا خلاف فيه لخبر أسامة بن حفص وكان قيّما لأبي الحسن موسى عليه‌السلام (قلت له : رجل ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب المهور حديث ١.

٤٤٤

مع جهل الزوجين ، أو أحدهما بما جرت به السنة منه (١) ، وبقبوله (٢) الغرر كما تقرر.

(ويجوز جعل تعليم القرآن مهرا) (٣) ، لرواية سهل الساعدي المشهورة فيعتبر

______________________________________________________

ـ يتزوج امرأة ولم يسمّ لها مهرا وكان في الكلام ، أتزوّجك على كتاب الله وسنة نبيه ، فمات عنها أو أراد أن يدخل بها فما لها من المهر؟ قال : مهر السنة ، قلت : يقولون : مهر نسائها ، فقال : مهر السنة ، وكلما قلت له شيئا قال : مهر السنة) (١) وكون المهر على كتاب الله مع أنه لم يدل عليه بخصوصه وإنما من ناحية قوله تعالى : (وَمٰا آتٰاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ) ، وقد تقدم في الأخبار أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمهر نساءه وبناته ذلك.

ثم لو علم كلّ من الزوجين مقدار مهر السنة وقد قصداه في متن العقد فهو ، وأما مع جهلهما أو علمهما به مع عدم القصد فيشكل تحديد المهر بالخمسمائة مع عدم قصدهما لو لا إطلاق النص المتقدم.

(١) من المهر.

(٢) أي قبول النكاح.

(٣) قد عرفت اعتبار العلم بالمهر ولو كان بالمشاهدة ، وعليه فلو أصدقها تعليم سورة وجب تعيينها لرفع الجهالة الموجبة لرفع الغرر ، والسور تختلف أفرادها اختلافا شديدا ، وعليه فلو أبهم فسد المهر وكان لها مع الدخول مهر المثل ، ويظهر من سيد الرياض أن جهالة السورة مغتفرة هنا ، لخبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (جاءت امرأة إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالت : زوّجني فقال رسول الله : من لهذه؟ فقام رجل ، فقال : أنا يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم زوجنيها ، فقال : ما تعطيها ، فقال : ما لي شي‌ء ، قال : لا.

فأعادت فأعاد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الكلام فلم يقم أحد غير الرجل ، ثم أعادت فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المرة الثالثة : أتحسن من القرآن شيئا؟ قال : نعم ، قال : قد زوّجتكها على ما تحسن من القرآن فعلّمها إياه) (٢) ، وفي غوالي اللئالي (روى سهل الساعدي أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جاءت إليه امرأة فقالت : يا رسول الله إني قد وهبت نفسي لك ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا إربة لي في النساء ، فقالت : زوّجني بمن شئت من أصحابك ، فقام رجل فقال : يا رسول الله زوجنيها ، فقال : هل معك شي‌ء تصدقها؟ فقال : والله ما معي إلا ردائي هذا ، فقال : ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب المهور حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب المهور حديث ١.

٤٤٥

تقديره (١) بسورة معينة ، أو آيات خاصة ، ويجب حينئذ (٢) أن يعلّمها القراءة الجائزة شرعا ، ولا يجب تعيين قراءة شخص بعينه (٣) وإن تفاوتت في السهولة والصعوبة ، ولو تشاحّا في التعيين قدّم مختاره ، لأنّ الواجب في ذمته منها (٤) أمر كلي فتعيينه إليه (٥) كالدين (٦).

وحدّ التعليم أن تستقل بالتلاوة (٧) ، ولا يكفي تتبعها نطقه ، والمرجع في قدر المستقلّ به (٨) إلى العرف فلا يكفي الاستقلال بنحو الكلمة والكلمتين ، ومتى

______________________________________________________

ـ إن أعطيتها إياه تبقى ولا رداء لك ، هل معك شي‌ء من القرآن؟ فقال : نعم سورة كذا وكذا ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : زوجتكها على ما معك من القرآن) (١).

والثاني ظاهر في تعيين السور التي وقعت مهرا ، وتعيينه هو الموافق للقواعد فلا بد من المصير إليه ، وعلى كل فعن الأكثر لا يجب تعيين قراءة من القراءات السبع ، لعدم تعيينها من قبل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الرجل في رواية سهل الساعدي وغيره ، وعن البعض أنه يجب التعيين لاختلاف القراءات اختلافا شديدا ، وفيه : إن القراءات السبع غير متواترة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما حرر في محله وذكرنا شيئا منه في بحث القراءة من كتاب الصلاة ، على أن القراءات غير منحصرة في السبع ، فضلا عن تواتر نصوصنا (٢) بأن القرآن واحد قد نزل من عند الواحد وإن أمرنا بقراءة القرآن كما يقرؤه الناس إلى حين ظهور الحجة عليه‌السلام وعجل الله تعالى فرجه.

(١) أي تقدير المهر.

(٢) أي حين كون تعليم القرآن مهرا.

(٣) من القراءات السبع أو العشرة أو غيرهم.

(٤) من القراءة.

(٥) أي فتعيين الأمر الكلّي إلى الزوج.

(٦) أي كما أن الدين أمر كلي يقدم مختاره عند التشاح كذلك هنا.

(٧) حد التعليم أن تستقل بالتلاوة ، لأنه المفهوم عرفا ، ولا يكفي تتبع نطقه ، ولو استقلت بالتلاوة ثم نسيت الآية الأولى بعد تلقين الثانية لم يجب إعادة التعليم ، لأن تعليم السورة لا يمكن إلا بتعليم آية آية والمفروض استقلالها بتلاوة الآية الأولى وقد تم قبل النسيان.

(٨) بحيث تستقل بتلاوة قدر من السورة يصدق عرفا أنها قد تعلمت ولا يكفي استقلالها ـ

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب المهور حديث ٢.

(٢) الكافي ج ٢ ص ٦٣٠.

٤٤٦

صدق التعليم عرفا لا يقدح فيه (١) نسيانها ما علمته وإن لم تكن قد أكملت جميع ما شرط ، لتحقق البراءة (٢) ، ولو تعذّر تعلمها لبلادتها ، أو موتها ، أو موت الزوج حيث يشترط التعليم منه ، أو تعلمت من غيره فعليه أجرة المثل (٣) ، لأنها عوضه (٤) حيث يتعذر ، ولو افتقرت (٥) إلى مشقة عظيمة (٦) زائدة على عادة أمثالها لم يبعد الحاقة (٧) بالتعذر ، وكذا القول في تعليم الصنعة (٨).

(ويصح العقد الدائم من غير ذكر المهر) (٩).

______________________________________________________

ـ الكلمة والكلمتين ، وعن بعض العامة كفاية تلاوة ثلاث آيات ، لأنها مقدار أقصر سورة وهي سورة الكوثر ، وفي الجميع نظر لأن المطلوب تعليم السورة ، وتعليمها متوقف على استقلالها بتلاوتها بتمامها فلا معنى حينئذ للقدر العرفي أو غيره.

(١) في التعليم.

(٢) أي براءة ذمة الزوج لصدق التعليم قبل النسيان.

(٣) أي على الزوج أجرة مثل هذا التعليم ، لأن أجرة المثل هي قيمة المهر المتعذر ، ولأنه يجب على الزوج ايصاله إلى الزوجة وإذا تعذر عينه ثبتت قيمته.

(٤) أي لأن أجرة المثل عوض التعليم.

(٥) أي الزوجة.

(٦) في التعلم.

(٧) أي إلحاق تعليمها ، لأنه حرج وهو منفي.

(٨) بأن أمهرها تعليم صناعة الحياكة ، وقد تعلمتها من غيره فعليه أجرة المثل ، ولو احتاجت إلى شقة زائدة في تعلمها ألحقت بالتعذر.

(٩) لا خلاف في صحة العقد عند عدم ذكر المهر ، لأن المهر ليس شرطا في صحته ويشهد له قوله تعالى : (لٰا جُنٰاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسٰاءَ مٰا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً ، وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتٰاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ) (١) ، وللأخبار.

منها : صحيح الحلبي (سألته عن الرجل تزوج امرأة فدخل بها ولم يفرض لها مهرا ثم طلقها فقال عليه‌السلام : لها مهر مثل مهور نسائها ويمتعها) (٢) ، وموثق منصور بن حازم (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : في رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقا ، قال عليه‌السلام : ـ

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية : ٢٣٦.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب المهور حديث ١.

٤٤٧

وهو (١) المعبّر عنه بتفويض البضع ، بأن تقول : زوجتك نفسي فيقول : قبلت ، سواء أهملا ذكره أم نفياه صريحا (٢) ، وحينئذ (٣) فلا يجب المهر بمجرد العقد ، (فإن دخل بها فمهر المثل) (٤). والمراد به (٥) ما يرغب به في مثلها نسبا ، وسنا ، وعقلا ويسارا ، وبكارة ، وأضدادها ، وغيرها (٦) مما تختلف به الأغراض ، (وإن طلّق قبل)

______________________________________________________

ـ لا شي‌ء لها من الصداق ، فإن كان دخل بها فلها مهر نسائها) (١) ، وخبر عبد الرحمن عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقها ثم دخل بها قال عليه‌السلام : لها صداق نسائها) (٢) ، ثم لا خلاف ولا إشكال في صحة العقد لو أهمل ذكر المهر ، أو شرط عدم المسمى في العقد ، وإنما الكلام فيما لو شرط عدم المهر مطلقا ولو بعد الدخول فالمعروف بينهم بطلان العقد ، لأن الشرط فاسد لأنه غير مشروع ، إذ قد دلت النصوص المتقدمة على ثبوت مهر المثل عند عدم المهر لو دخل ، ودلت النصوص على أن لها المتعة لو طلقها قبل الدخول وسيأتي التعرض له ، ودلت النصوص على أنه لو تراضيا بعد العقد على مهر للزم ، فاشتراط عدم المهر ولو بعد الدخول وعند الطلاق قبله وعند التراضي يكون على خلاف هذه النصوص فلا يكون مشروعا ، فيفسد الشرط وبه يفسد العقد هذا واعلم أن عدم ذكر المهر بالمرة في العقد يسمى بتفويض البضع ، والتفويض على قسمين تفويض البضع وقد عرفت معناه ، وتفويض المهر ، وهو تفويض تقدير المهر إلى أحد الزوجين أو ثالث.

(١) أي عدم ذكر المهر في العقد الدائم.

(٢) وكان النفي للمسمى فقط ، لا له ولما يثبت بعده ولو بعد الدخول.

(٣) أي حين عدم ذكر المهر.

(٤) لا خلاف في أنه يجب مهر المثل لو دخل لما تقدم من الأخبار كصحيح الحلبي وموثق منصور بن حازم وغيرهما.

والأخبار مشتملة على (مهور نسائها ومهر نسائها وصداق نسائها) وهي ظاهرة في مهر المثل ، والمراد من المثل حال المرأة في الشرف والجمال والعقل والأدب والبكارة وصراحة النسب وحسن التدبير والمعاشرة وما شاكل من الأمور التي تختلف فيها الرغبة اختلافا بيّنا.

(٥) بالمثل.

(٦) من الشرف والكمال والجمال وحسن التدبير والمعاشرة.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب المهور حديث ٢ و ٣.

٤٤٨

(الدخول) (١) وقبل اتفاقهما على فرض مهر (٢) (فلها المتعة) المدلول عليها بقوله

______________________________________________________

(١) فلو طلق قبل الدخول مع عدم ذكر المهر في العقد فلها المتعة والا مهر لها بلا خلاف فيه ويشهد به قوله تعالى : (لٰا جُنٰاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسٰاءَ مٰا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً ، وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتٰاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ) (١) والأخبار.

منها : صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (سألته عن الرجل يطلق امرأته ، قال : يمتعها قبل أن يطلق ، قال الله تعالى : (وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ) (٢) ، وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الرجل يطلق امرأته قبل أن يدخل بها قال : عليه نصف المهر إن كان فرض لها شيئا ، وإن لم يكن فرض لها شيئا فليمتعها على نحو ما يمتّع به مثلها من النساء) (٣) ، وصحيح الكناني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا طلّق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها فلها نصف مهرها ، وإن لم يكن سمّى لها مهرا فمتاع بالمعروف على الموسع قدره وعلى المقتر قدره ، وليس لها عدة ، تزوج إن شاءت من ساعتها) (٤) ، ومرسل البزنطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إن متعة المطلقة فريضة) (٥).

والأخير وظاهر الأمر في غيره دال على وجوب المتعة للمطلقة قبل الدخول عند عدم ذكر المهر بلا خلاف فيه منا ، وعن مالك وجماعة من العامة استحباب المتعة نظرا إلى قوله تعالى في آخر آية المتعة (حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ) (٦) ، والاحسان ظاهر في عدم وجوب المتعة عليه ، وفيه : إنه على خلاف ظاهر الأمر بالمتعة ، والأمر دال على الوجوب ، وعلى خلاف ظاهر قوله في نفس الآية (حقا) ، ومن هنا قيل : إن المراد بالمحسنين هم من يحسنون فعل الطاعة واجتناب المعصية ، وخصّهم بالحكم تشريفا لهم ، أو أن المراد من أراد أن يحسن فهذا طريقه وهذا حقه بأن يعطى المطلقات قبل الدخول عند عدم ذكر المهر ما فرض الله لهن من المتعة.

(٢) لو كان العقد خاليا من المهر جاز للزوجين أن يتراضيا بعد العقد على فرض مهر سواء كان بقدر مهر المثل أو أقل أو أكثر ، لأن فرض المهر إليهما ابتداء فجاز انتهاء ، والأصل ـ

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية : ٢٣٦.

(٢) الوسائل الباب ٤٨ ـ من أبواب المهور حديث ١.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب المهور حديث ٧ و ٨ و ٢.

(٦) سورة البقرة ، الآية : ٢٣٦.

٤٤٩

تعالى : (لٰا جُنٰاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسٰاءَ) (١) (حرة كانت) الزوجة المفوضة(أم أمة).

والمعتبر في المتعة (٢) بحال الزوج في السعة والاقتار(فالغني) (٣) يمتّع

______________________________________________________

فيه قوله تعالى : (أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً) (١) ، ومع فرض المهر فلا متعة لها لو طلقها قبل الدخول لتحقق المهر بعد كون المتعة للمطلقة قبل الدخول ولا مهر لها.

(١) البقرة آية : ٢٣٦.

(٢) لا إشكال ولا خلاف في أن المعتبر في المتعة حال الزوج بالنسبة إلى السعة والاقتار ويشهد له قوله تعالى : (عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ) (٢) هذا على المشهور ، وعن الشيخ في المبسوط وجماعة اعتبار حالها أيضا للأخبار.

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل طلق امرأته قبل أن يدخل بها عليه نصف المهر إن كان فرض لها شيئا ، وإن لم يكن فرض لها شيئا فليمتعها على نحو ما يمتع به مثلها من النساء) (٣) ومثلها غيرها هذا والمفهوم من الآية الكريمة وجملة من النصوص انقسام الزوج بحسب حاله إلى قسمين : الموسر والمعسر ، مع أن المشهور قد قسموه إلى ثلاثة أقسام بإضافة المتوسط إليهما ، ويشهد للمشهور ما في الفقه الرضوي (وإن لم يكن سمّى لها صداقا ، يمتعها بشي‌ء قلّ أو كثر على قدر يساره ، فالموسع يمتع بخادم أو دابة ، والوسط بثوب ، والفقير بدرهم أو خاتم كما قال الله تعالى : (وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتٰاعاً بِالْمَعْرُوفِ) (٤) ، ومرسل الصدوق في الفقيه (روي أن الغني يمتّع بدار وخادم ، والوسط يمتّع بثوب ، والفقير بدرهم وخاتم) (٥).

هذا وأرجع الشارح في المسالك تقسيم المشهور الثلاثي إلى القسمين المذكورين ، لأن التقسيم الثلاثي وإن كان هو المطابق لما عليه العرف إلا أن الوسط ملحق بأخويه ، فبعض أفراده ملحق بالأعلى والبعض الآخر ملحق بالأسفل ، فهو لا يخرج عنهما ، ولذا في الفقه الرضوي بعد ذكر الأقسام الثلاثة استدل عليه بالآية التي ظاهرها أن التقسيم ثنائي ، وهذا كاشف عن رجوع الثلاثي في التقسيم إلى الثنائي منه.

(٣) فالغني يمتع بالدابة كما في الفقه الرضوي (فإن لم يكن سمّى لها صداقا يمتعها بشي‌ء

__________________

(١ و ٢) سورة البقرة ، الآية : ٢٣٦.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب المهور حديث ٧.

(٤) مستدرك الوسائل الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب المهور حديث ٥.

(٥) الوسائل الباب ـ ٤٩ ـ من أبواب المهور حديث ٣.

٤٥٠

(بالدابة) وهي الفرس ، لأنّه الشائع في معناها عرفا.

والمعتبر منها (١) ما يقع عليها اسمها صغيرة كانت أم كبيرة ، برذونا كانت أو عتيقا(٢) ،

______________________________________________________

ـ قل أو كثر على قدر يساره ، فالموسع يمتّع بخادم أو دابة ، والوسط بثوب ، والفقير بدرهم أو خاتم كما قال الله تبارك وتعالى : (وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتٰاعاً بِالْمَعْرُوفِ) (١) ، والدابة هي الفرس والمعتبر منها ما يقع اسمها صغيرة أو كبيرة ، برذونا أو عتيقا ، قاربت قيمة الثوب المرتفع والعشرة دنانير أو لا.

ويمتّع الغني بالثوب المرتفع عادة ناسبت قيمته قسيميه أو لا ، ويمتّع بعشرة دنانير فأزيد ، والدينار هو المثقال الشرعي ، وليس على هذين مستند كما اعترف بذلك غير واحد.

نعم ورد في الأخبار أنه يمتّع بالعبد والأمة ففي صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا كان الرجل موسعا عليه متّع امرأته بالعبد والأمة ، والمقتر يمتّع بالحنطة والزبيب والثوب والدراهم ، وأن الحسن بن علي عليهما‌السلام متّع امرأة له بأمة ، ولم يطلق امرأة إلا متعها) (٢) ، وورد أنه يمتّع بالدار والخادم كما في مرسل الفقيه (روي أن الغني يمتّع بدار أو خادم ، والوسط يمتع بثوب ، والفقير بدرهم وخاتم) (٣).

وأما الفقير فيمتّع بالدرهم والخاتم كما في مرسل الصدوق والفقه الرضوي المتقدمين ، ويمتّع بالحنطة والزبيب والثوب والدراهم كما في صحيح الحلبي المتقدم ، وأيضا ورد الخمار وشبهة في خبر أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام في حديث : (ما أدنى ذلك المتاع إذا كان معسرا؟ قال عليه‌السلام : خمار أو شبهه) (٤) وأما الوسط فيمتع ما بينهما كخمسة دنانير والثوب المتوسط وما أشبه ، وقد ورد في مرسل الصدوق المتقدم أنه يمتّع بالثوب ، وحيث إن من المعلوم أن ذلك من باب المثال بعد ما في النصوص من الاختلاف وليس ذلك من باب الحصر ، فكل ما ذكره الأصحاب مع ما لم يذكروه حسن ، لأن المرجع في الأحوال الثلاثة إلى العرف بحسب زمان الزوج ومكانه وشأنه.

(١) من الفرس.

(٢) البرذون ما كان أبواه غير عربيين ، والهجين ما كانت أمه غير عربية ، والعتيق ما كان أبواه عربيين أو أمه وحدها عربية.

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب المهر حديث ٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤٩ ـ من أبواب المهور حديث ١.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٤٩ ـ من أبواب المهور حديث ٣ ، ٢.

٤٥١

قاربت قيمته (١) الثوب والعشرة الدنانير (٢) أم لا ، (أو الثوب المرتفع) قيمته عادة ، ناسبت قيمته قسيميه (٣) أم لا ، (أو عشرة دنانير) وهي المثاقيل الشرعية.

(والمتوسط) في الفقر والغناء يمتّع(بخمسة دنانير ، والفقير بدينار أو خاتم) ذهب ، أو فضة (٤) معتدّ به عادة(وشبهه) من الأموال المناسبة لما ذكر (٥) في كل مرتبة ، والمرجع في الأحوال الثلاثة إلى العرف بحسب زمانه (٦) ومكانه وشأنه.

(ولا متعة لغير هذه) (٧) الزوجة : وهي المفوّضة لبضعها (٨) المطلّقة قبل

______________________________________________________

(١) أي ما وقع عليه اسم الفرس والدابة.

(٢) وهما قسيما الدابة.

(٣) وهما الدابة والعشرة دنانير.

(٤) لإطلاق اسم الخاتم الوارد في الأخبار.

(٥) من الدابة والثوب والعشرة للغني ، وكذا لغيره.

(٦) أي زمان الزوج.

(٧) لا تستحق المتعة إلا المطلقة التي لم يفرض لها مهر ولم يدخل بها كما عليه المعظم لقوله تعالى : (لٰا جُنٰاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسٰاءَ مٰا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ) (١) ، وهي ظاهرة في كون المتعة للمطلقة قبل الدخول مع عدم فرض مهر لها ، وهو المستفاد من الأخبار ففي صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الرجل يطلق امرأته قبل أن يدخل بها ، قال : عليه نصف المهر إن كان فرض لها شيئا ، وإن لم يكن فرض لها شيئا فليمتعها على نحو ما يمتّع به مثلها من النساء) (٢).

ولا تجب المتعة لغير المذكورة فلو حصلت البينونة بين الزوجين بفسخ أو موت أو لعان أو غير ذلك ، من قبله أو قبلها فلا مهر ولا متعة للأصل بعد كون الأدلة ظاهرة في المطلقة ، وهو المشهور وعن العلامة في المختلف أن المتعة تجب في الجميع ، وعن الشيخ في المبسوط أنها تجب فيما إذا كانت البينونة من قبله دون ما لو كان من قبلها خاصة ، ولا دليل لهما إلا المشابهة وهي قياس لا نقول به.

نعم يستحب المتعة لكل مطلقة وإن لم تكن مفوّضة كما عن بعضهم للتسامح في أدلة السنن.

(٨) وقد عرفت أن تفويض البضع هو عدم ذكر المهر في العقد.

__________________

(١) سورة البقرة ، آية : ٢٣٦.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب المهور حديث ٧.

٤٥٢

الدخول والفرض (١) ، لكن يستحب لو فارقها بغير الطلاق من لعان وفسخ ، بل قيل بوجوبه حينئذ (٢) ، لأنّه في معنى الطلاق.

والأول أقوى ، لأنّه (٣) مدلول الآية ، وأصالة البراءة في غيره (٤) تقتضي العدم. وألحق بهذه (٥) من فرض لها مهر فاسد (٦) ، فإنّه (٧) في قوة التفويض ، ومن فسخت في المهر قبل الدخول بوجه مجوز (٨).

(ولو تراضيا بعد العقد بفرض المهر جاز وصار لازما) (٩) ، لأنّ الحق فيه

______________________________________________________

(١) أي وقبل فرض المهر.

(٢) لو فارقها بغير طلاق.

(٣) أي الطلاق.

(٤) أي غير الطلاق.

(٥) أي المفوّضة.

(٦) أي فرض لها مهر بعد تفويض البضع ، وقد تبين فساد المهر كما لو فرض لها مهر لا يملكه المسلم ، وأشكل عليه في الجواهر بأنها داخلة في المفوضة موضوعا بعد فساد فرض المهر ولا داعي لإثبات حكمها لها.

(٧) أي فساد المهر المفروض.

(٨) الوجه المجوز للفسخ هو الخيار ، فلو كان لها خيار في المهر ففسخت به قبل الدخول فهي في قوة المفوضة فيلحقها حكمها.

(٩) قد ذكر غير واحد أن المفوّضة لها المطالبة بفرض المهر بعد خلو العقد عن المهر وهو الظاهر من قوله تعالى : (أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً) (١) ، ولأن فرض المهر إليهما ابتداء فجاز انتهاء ، سواء كان المهر المفروض بقدر مهر المثل أو أقل أو أزيد ، وسواء كانا عالمين أو جاهلين أو كان أحدهما عالما والآخر جاهلا ، ثم إن اتفقت هي والزوج على قدر معين صح ولم يكن لها غيره ، كما لو عيناه في العقد مع أنه ليس لأحدهما بعد التعيين الرجوع فكذلك هنا بعد الاتفاق.

وإن اختلفا بأن فرض لها الزوج أقل من مهر المثل ولم ترض به ، فإن كان مفروضه بقدر مهر السنة فصاعدا ففي لزومه من طرفها وجهان كما في المسالك من أنه لو فوّض إليها التقدير لما كان لها الزيادة عليه ، ومن أن البضع يقتضي مهر المثل. ـ

__________________

(١) سورة البقرة ، آية : ٢٣٦.

٤٥٣

لهما ، زاد عن مهر المثل أم ساواه أم قصر. فإن اختلفا (١) قيل : للحاكم فرضه بمهر المثل ، كما أن له تعيين النفقة للزوجة على الغائب ، ومن جرى مجراه (٢).

ويحتمل ابقاء الحال (٣) إلى أن يحصل أحد الأمور الموجبة للقدر (٤) ، أو المسقطة للحق ، لأنّ ذلك لازم التفويض الذي قد قدما عليه.

(ولو فوضا) في العقد(تقدير المهر إلى أحدهما صح) (٥) وهو المعبّر عنه

______________________________________________________

ـ وإن فرض بها الزوج أقل من مهر السنة لم يقع بغير رضاها اتفاقا وحينئذ إن ترافعا للحاكم فرّض لها مهر المثل من غير زيادة ولا نقصان ، وقيل : لا يصح فرض الحاكم لها لأن الفرض منه إثبات المهر في ذمة الزوج ، وذلك منوط بتراضي الزوجين ولا مدخل لغيرهما فيه ، ويضعّف بأن سبب المهر حاصل من العقد ، والعقد صادر برضا الزوجين وإنما الحاكم يقطع الخصومة بتقديره ويرفع المنازعة كما يقدّر النفقة الواجبة للزوجة على الغائب.

(١) وكان مفروضه أقل من مهر السنة.

(٢) كالمجنون.

(٣) من المنازعة بين الزوجين وهو مبني على أن الحاكم ليس له فرض المهر.

(٤) أي لقدر المهر كالدخول الموجب لمهر المثل أو الطلاق الموجب للمتعة ، أو الموت المقتضى لسقوط الحق ونحوه من الفسخ واللعان.

(٥) قد عرفت أن التفويض على قسمين :

الأول : تفويض البضع وهو عدم ذكر المهر في العقد.

والثاني : تفويض المهر وهو أن يذكر المهر في العقد اجمالا ويفوّض تقديره إلى أحد الزوجين بعينه كما اقتصر عليه المحقق في الشرائع والعلامة في التحرير ، أو يفوض التقدير إليهما كما يظهر من الخلاف والمبسوط والسرائر والمسالك ، وقال الشارح في الأخير : (ولا إشكال في جوازه أيضا) ، لعموم (المؤمنون عند شروطهم) (١).

أو يكون التقدير للأجنبي كما في القواعد على إشكال ، ووجه الاشكال أن المهر حق متعلق بالزوجين فلا يتعدى إلى غيرهما بغير إذن شرعي ، والمنصوص هو أحد الزوجين ففي خبر زرارة (سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن رجل تزوج امرأة على حكمها ، قال : لا يجاوز حكمها مهور آل محمد اثنتي عشرة أوقية ونشأ ، وهو وزن خمس مائة درهم من ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب المهور حديث ٤.

٤٥٤

بتفويض المهر ، بأن تقول : زوجتك نفسي على أن تفرض من المهر ما شئت أو ما شئت.

وفي جواز تفويضه (١) إلى غيرهما (٢) ، أو إليهما معا وجهان : من عدم (٣) النص ، ومن أنّه (٤) كالنائب عنهما والوقوف مع النص (٥) طريق اليقين(ولزم ما حكم به الزوج مما يتمول) (٦) وإن قلّ(وما حكمت به الزوجة إذا لم يتجاوز مهر)

______________________________________________________

ـ الفضة) (١) وفي صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (في رجل تزوج امرأة على حكمها أو على حكمه فمات أو ماتت) (٢) وفي صحيح الأحول (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل تزوج امرأة بحكمها ثم مات قبل أن تحكم ...) (٣) وفي خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الرجل يفوّض إليه صداق امرأته) (٤)وهذه النصوص صريحة في كون التفويض إلى أحدهما ، ولم تصرح بكون التفويض إليهما ، فلو كان التفويض للأجنبي ممنوعا لأنه غير منصوص لوجب منع التفويض إليها أيضا لأنه غير منصوص ، مع أنه مظنة النزاع والاختلاف أيضا.

(١) أي المهر.

(٢) أي غير الزوجين وهو الأجنبي.

(٣) دليل عدم التفويض.

(٤) أي ومن أن غيرهما ، وهو دليل التفويض.

(٥) ترجيح للأول ، هذا ولم يذكر الوجهين الواردين في التفويض إليهما ، نعم عدم النص يجري في التفويض إليهما كدكيل لعدم الجواز ، وقد حكم بالوقوف مع النص القاضي بعدم التفويض إليهما مع أنه في المسالك قد حكم بالتفويض إليهما وأنه لا إشكال في جوازه.

(٦) إذا فرض تقدير المهر إلى الزوج كان له الحكم بما شاء من قليل أو كثير ، بحيث لا تقدير له في طرف القلة ولا الكثرة ، وإذا فرض التقدير لها لم يتقدر من طرف القلة ويتقدر في طرف الكثرة بمهر السنة للأخبار.

منها : خبر زرارة (سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن رجل تزوج امرأة على حكمها ، قال : لا يجوز حكمها مهور آل محمد اثنتي عشرة أوقية ونشا ، وهو وزن خمس مائة درهم من الفضة. ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب المهور حديث ١ و ٢ و ٣ و ٤.

٤٥٥

(السنة) وهو خمسمائة درهم ، وكذا الأجنبي لو قيل به (١) ، لرواية زرارة عن الباقر عليه‌السلام ، وعلّله (٢) بأنه «إذا حكّمها لم يكن لها أن تتجاوز ما سنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتزوج عليه نساءه ، وإذا حكّمته فعليها أن تقبل حكمه قليلا كان ، أو كثيرا».

______________________________________________________

ـ قلت : أرأيت إن تزوجها على حكمه ورضيت بذلك فقال : ما حكم من شي‌ء فهو جائز عليها قليلا كان أو كثيرا ، فقلت له : فكيف لم تجز حكمها عليه وأجزت حكمه عليها؟ فقال : لأنه حكّمها فلم يكن لها أن تجوز ما سنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتزوّج عليه نساءه فرددتها إلى السنة ، لأنها هي حكّمته وجعلت الأمر إليه في المهر ورضيت بحكمه في ذلك ، فعليها أن تقبل حكمه قليلا أو كثيرا) (١) ، وصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (في رجل تزوج امرأة على حكمها أو على حكمه فمات أو ماتت قبل أن يدخل بها ، قال : لها المتعة والميراث ولا مهر لها ، قلت : فإن طلّقها وقد تزوجها على حكمها ، قال : إذا طلّقها وقد تزوجها على حكمها لم تجاوز حكمها عليه أكثر من وزن خمسمائة درهم فضة ، مهور نساء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) (٢).

وهذا الحكم متفق عليه ويؤيده أنه على تقدير كون الحكم إليه فلا تحديد في الكثرة لأن حكمه بها على نفسه وهو جائز ، ولا تحديد في القلة بعد رضاها به بشرط كونه مما يتمول ، وأما على تقدير كون الحكم إليها فلا تحديد في القلة لأنه حقها وقد حكمت به على نفسها وهو جائز ، وأن الكثرة لا تجاوز مهر السنة لأنها لما كانت هي الحاكمة فلو لم يقدّر لها حد فربما حكمت بما فيه إجحاف عليه ولما كان خير الحدود ما حدّه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جعل ذلك حدا ، نعم لا يعارض ذلك إلا خبر أبي بصير (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يفوّض إليه صداق امرأته فنقص عن صداق نسائها ، قال : تلحق بمهر نسائها) (٣) ، وهو مخالف لما تقدم من أنه لا تحديد في جانب القلة لو كان هو الحاكم ، ولكنه محمول على الاستحباب كما عن المحدث الكاشاني ، أو على كون الزوج قد فوّض إليه بأن يجعل المهر مهرا للمثل وقد أخطأ في تقديره ، والثاني بعيد.

(١) لو قيل بتحكيمه ، وظاهره أنه لا يجاوز حكمه مهر السنة ، لأن الحاكم لما كان غير الزوج أشبه المرأة فناسب أن لا يزيد على مهر السنة كحكمها.

(٢) أي الإمام المعصوم عليه‌السلام.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب المهور حديث ١ و ٢ و ٤.

٤٥٦

(ولو طلق قبل الدخول (١) فنصف ما يحكم به الحاكم) (٢) ، لأنّ ذلك هو الفرض الذي ينتصف بالطلاق ، سواء وقع الحكم قبل الطلاق أم بعده ، وكذا لو طلقها بعد الدخول لزم الحاكم الفرض (٣) واستقر (٤) في ذمة الزوج.

(ولو مات الحاكم قبل الدخول ، والحكم (٥) فالمروي) في صحيحة محمد بن

______________________________________________________

(١) لو طلقها قبل الدخول وقبل الحكم ألزم من إليه الحكم أن يحكم مقدمة لإيصال الحق إلى أهله ، ولو طلقها قبل الدخول وبعد الحكم لم يكن الطلاق مسقطا للحكم للأصل ولعموم (المؤمنون عند شروطهم) (١).

وعلى كل كان لها النصف من ذلك ، لأن المهر ينصف بالطلاق قبل الدخول.

(٢) وهو من إليه الحكم من الزوجين أو الأجنبي.

(٣) أي فرض المهر.

(٤) أي الفرض بتمامه من دون تنصيف لاستقراره بالدخول.

(٥) لو مات الحاكم قبل الحكم وبعد الدخول فلا خلاف بينهم في أن لها مهر المثل ، وكذا لا خلاف في أنه لو مات بعد الحكم وبعد الدخول فلها ما حكم به ، أما لو مات قبل الدخول ، وكان موته قبل حكمه فعن الشيخ في النهاية والقاضي وابن حمزة والصدوق في المقنع والعلامة في المختلف وولده في الشرح والشهيد في شرح الارشاد بل عن الأكثر كما في المسالك أن لها المتعة لصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (في رجل تزوج على حكمها أو على حكمه فمات أو ماتت قبل أن يدخل بها ، قال : لها المتعة والميراث ولا مهر لها) (٢).

وعن العلامة في القواعد أن لها مهر المثل ، لأن المذكور في العقد أصل المهر ولم يتعين ، وإذا تعذر تعيينه بموت الحاكم وجب الرجوع إلى مهر المثل ، لأنه عوض البضع ، وفيه : إن مهر المثل إنما يكون عوضا للبضع مع الدخول ، أما بدونه فلا ، ومجرد العقد لا يقتضي مهر المثل بالإضافة إلى أنه اجتهاد في قبال النص الصحيح السابق فلا يسمع.

وذهب ابن إدريس إلى عدم ثبوت شي‌ء لا متعة ولا غيرها ، وهو المنسوب للشيخ في الخلاف وابن الجنيد بدعوى أن مهر المثل لا يجب إلا بالدخول وهو منتف هنا ، والمتعة لا تجب إلا بالطلاق وهو منتف أيضا ، والأصل براءة الذمة من شي‌ء آخر ، وإلحاق موت الحاكم بالطلاق قياس لا نقول به ، وجوابه أنه اجتهاد في قبال النص الصحيح المتقدم فهو غير مسموع.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب المهور حديث ٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب المهور حديث ٢.

٤٥٧

مسلم عن الباقر عليه‌السلام في رجل تزوج امرأة على حكمها ، أو حكمه فمات ، أو ماتت قبل الدخول : (أنّ لها المتعة) ، والميراث ، ولا مهر لها ، ويؤيده أنّ مهر المثل لا يجب إلا مع الدخول ولم يحصل (١) ، ولا مسمّى (٢) ولا يجوز اخلاء النكاح عن مهر فتجب المتعة ، إذ لا رابع.

وقيل : يثبت لها مهر المثل ، لأنّه (٣) قيمة المعوّض (٤) حيث لم يتعين غيره ، ولأنّ المهر مذكور (٥) غايته أنّه مجهول ، فإذا تعذرت معرفته وجب الرجوع إلى مهر المثل.

وهو غير مسموع في مقابل النص الصحيح.

ولا فرق مع موت الحاكم بين موت المحكوم عليه معه (٦) ، وعدمه (٧) عملا بإطلاق النص (٨).

(ولو مات المحكوم عليه) وحده(فللحاكم الحكم) (٩) ، إذ لا يشترط حضور المحكوم عليه عنده ، والتفويض إليه قد لزم بالعقد فلا يبطل بموت المحكوم عليه ،

______________________________________________________

(١) أي الدخول.

(٢) أي ولا مسمى في متن العقد حتى يلتزم به.

(٣) أي مهر المثل.

(٤) أي البضع.

(٥) بمعنى أن أصل المهر مذكور في متن العقد.

(٦) مع موت الحاكم.

(٧) أي وعدم موت المحكوم عليه.

(٨) وقال سيد الرياض : (مع عدم القائل بالفرق).

(٩) بلا خلاف فيه كما في الرياض لإطلاق الأدلة ، ولأن التفويض إلى الحاكم قد ألزم بالعقد فلا يبطل بموت المحكوم عليه البتة ، ولأصالة بقاءه ، وصحيح محمد بن مسلم المتقدم لا يعارضه لأنه ظاهر في موت الحاكم ، لا في موت المحكوم ، نعم في صحيح الأحول (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل تزوج امرأة بحكمها ثم مات قبل أن تحكم ، قال : ليس لها صداق وهي ترث) (١) ، وهو شاذ لا يمكن التعويل عليه بعد الاعراض عنه.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب المهور حديث ٣.

٤٥٨

ولأصالة بقائه ، والنص لا يعارضه.

وربما قيل بأنه مع موت الحاكم لا شي‌ء (١).

وهو ضعيف(ولو مات أحد الزوجين مع تفويض البضع (٢) قبل الدخول فلا شي‌ء) لرضاهما بغير مهر ، ولصحيحة الحلبي عن الصادق عليه‌السلام في المتوفى عنها زوجها قبل الدخول : «إن كان فرض لها مهرا فلها ، وإن لم يكن فرض مهرا لها فلا مهر لها». وهذا مما لا خلاف فيه ظاهرا.

وهنا(مسائل عشر)

(الأولى ـ الصداق يملك بأجمعه) للزوجة(بالعقد) (٣) ملكا متزلزلا ، ويستقر

______________________________________________________

(١) أي لا شي‌ء للمحكوم لو مات وقد مات معه الحاكم ، وهذا لا يتم إلا على مبنى ابن إدريس من أنه لو مات الحاكم فلا متعة ولا مهر سواء مات معه المحكوم أو لا ، وقد عرفت ضعفه.

(٢) أي مع عدم ذكر المهر أصلا في العقد ، وأيضا مع عدم فرض المهر فلا شي‌ء لها ، لأن المهر ثابت عند الفرض أو الدخول وكلاهما منتفيان بحسب الفرض ، ولا متعة لها لأنها مختصة بالطلاق ، ويشهد للحكم صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في المتوفى عنها زوجها إذا لم يدخل بها : إن كان فرض لها مهرا فلها مهرها الذي فرض لها ولها الميراث وعدتها أربعة أشهر وعشرا كعدة التي دخل بها ، وإن لم يكن فرض لها مهرا فلا مهر لها وعليها العدة ولها الميراث) (١).

(٣) تملك المرأة بالعقد جميع المهر وإن لم يستقر الملك إلا بعد الدخول على المشهور لإطلاق قوله تعالى : (وَآتُوا النِّسٰاءَ صَدُقٰاتِهِنَّ) (٢) الشامل لما قبل الدخول وبعده ، وللأخبار الكثيرة.

منها : موثق عبيد بن زرارة (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل تزوج امرأة على مائة شاة ثم ساق إليها الغنم ثم طلقها قبل أن يدخل بها وقد ولدت الغنم ، قال عليه‌السلام : إن كان الغنم حملت عنده رجع بنصفها ونصف أولادها ، وإن لم يكن الحمل عنده رجع بنصفها ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥٨ ـ من أبواب المهور حديث ٢٢.

(٢) سورة النساء ، آية : ٤.

٤٥٩

بأحد أمور أربعة : الدخول إجماعا (١) ، وردة الزوج عن فطرة (٢) ، وموته وموتها في الأشهر (٣) ،

______________________________________________________

ـ ولم يرجع من الأولاد بشي‌ء) (١) وفي رواية أخرى (ساق إليها غنما ورقيقا فولدت الغنم والرقيق) فلو لم يكن المهر بتمامه لها لما كان النماء بتمامه لها ، ولأن الصداق عوض البضع فإن ملك الزوج البضع بالعقد وجب أن تملك المرأة عوضه ـ وهو المهر ـ به ، لأن ذلك مقتضى المعاوضة.

وعن ابن الجنيد أنها تملك نصف المهر بالعقد والنصف الآخر بالدخول لخبر يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا يوجب المهر إلا الوقاع في الفرج) (٢) ، وخبر محمد بن مسلم (سألت أبا جعفر عليه‌السلام متى يجب المهر؟ قال : إذا دخل بها) (٣).

والترجيح للطائفة الأولى لموافقتها الآية ، ولإمكان الجمع بين الأخبار بحمل الوجوب في الروايتين على الوجوب المستقر الثابت غير المتزلزل.

(١) لا خلاف ولا إشكال في أنه لو دخل بها استقر المهر للأخبار.

منها : صحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا أدخله وجب الغسل والمهر والعدة) (٤) ، وصحيح الحلبي عنه عليه‌السلام (إذا التقى الختانان وجب المهر والعدة والغسل) (٥) ومثلها غيرها ، والدخول هو الوطء قبلا أو دبرا.

(٢) قد تقدم في المسألة الحادية عشرة من محرمات النكاح ما لو ارتدت الزوجة قبل الدخول فلا شي‌ء لها لأن الفسخ جاء من قبلها ، ولو ارتد الزوج فلها نصف المهر قياسا لارتداده على طلاقه وأن الأقوى هو ثبوت المهر بتمامه ، ولو كان الارتداد بعد الدخول فلا يسقط شي‌ء من المهر لاستقراره بالدخول.

(٣) فالأشهر أنه يثبت المهر بتمامه بموت أحد الزوجين لخبر منصور بن حازم (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل تزوج امرأة وسمّى لها صداقا ثم مات عنها ولم يدخل بها؟ قال عليه‌السلام : لها المهر كاملا ولها الميراث ، قلت : إنهم رووا عنك أن لها نصف المهر ، قال عليه‌السلام : لا يحفظون عنّي إنما ذلك للمطلقة) (٦) ولصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام في المتوفى عنها زوجها : (إذا لم يدخل بها إن كان فرض لها مهرا فلها مهرها الذي فرض لها ولها الميراث) (٧) ، وخبر سليمان بن خالد (سألته عن المتوفى عنها زوجها ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب المهور حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٥٤ ـ من أبواب المهور حديث ٦ و ٧.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٥٤ ـ من أبواب المهور حديث ١ و ٣.

(٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ٥٨ ـ من أبواب المهور حديث ٢٤ و ٢٢.

٤٦٠