الزبدة الفقهيّة - ج ٦

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٦

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-59-0
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٦٤٨

العقد ، كإجازة المالك في عقد الفضولي ، والموت في الوصية ، فالانتقال حصل بالعقد ، لكنه موقوف على الشرط المذكور ، فإذا تأخر قبول الوصية كان الملك موقوفا عليه ، والشرط وهو الموت حاصل قبله (١) فلا يتحقق الملك قبل القبول.

ويشكل بأن هذا لو تم (٢) يقتضي أن قبول الوصية لو تقدم على الموت حصل الملك به (٣) حصولا متوقفا على الشرط وهو الموت ، فيكون الموت كاشفا عن حصوله (٤) بعد القبول كإجازة المالك بعد العقد ، والقائل بالنقل لا يقول بحصول الملك قبل الموت مطلقا (٥). فتبين أن الموت شرط في انتقال الملك ، بل حقيقة الوصية التمليك بعده (٦) كما علم من تعريفها (٧) ، فإن تقدم القبول توقف الملك على الموت ، وإن تأخر عنه فمقتضى حكم العقد عدم تحققه (٨) بدون القبول ، فيكون تمام الملك موقوفا على الإيجاب والقبول والموت ، وبالجملة فالقول بالكشف متوجه لو لا مخالفة ما علم من حكم العقد(٩).

(ويشترط في الموصي الكمال) بالبلوغ (١٠) ،

______________________________________________________

(١) أي قبل القبول.

(٢) وهو القول بكون القبول ناقلا لا كاشفا.

(٣) بالقبول.

(٤) أي حصول الملك.

(٥) أي أبدا.

(٦) بعد الموت.

(٧) وهو إنشاء تمليك عين أو منفعة بعد الوفاة.

(٨) أي عدم تحقق الملك.

(٩) حيث إن العقد يرشد إلى كون القبول جزءا ناقلا ، ولكن يتعين تركه والذهاب إلى الكشف لئلا يلزم تحقق الملك بعد القبول في حياة الموصي مع أن الإيجاب قد قيّد التمليك بعد الوفاة.

هذا وقد تقدم أن الوجوه ثلاثة ، وثالثها القول بكون القبول شرطا في لزوم الملك بحيث أن الملك يحصل بالوفاة متزلزلا ويستقر بالقبول ، وهو قول لم يذهب إليه أحد وهذا لازمه أن القبول ليس له الدخل في أصل الملك وهذا مناف لكون الوصية من جملة العقود ولعله لضعفه الظاهر ولعدم القائل به لم يذكره الشارح.

(١٠) لا تصح وصية غير البالغ في الجملة بلا خلاف فيه ، لحديث رفع القلم (أما علمت أن ـ

٢١

والعقل (١) ، ورفع الحجر (٢) ، (وفي وصية من بلغ عشرا قول مشهور) بين الأصحاب (٣) ، مستندا إلى روايات متظافرة ، بعضها صحيح إلا أنها مخالفة لأصول المذهب ، وسبيل الاحتياط.

______________________________________________________

ـ القلم يرفع عن ثلاثة : عن الصبي حتى يحتلم ، وعن المجنون حتى يفيق ، وعن النائم حتى يستيقظ) (١).

(١) فلا تصح وصية المجنون بلا خلاف فيه لحديث رفع القلم أيضا (٢) ، نعم تصح وصية الأدواري منه إذا كانت في دور إفاقته ، لأنه حينئذ عاقل ، وأما لو طرأ الجنون على الموصي بعد الوصية فلا تبطل لعدم الموجب لذلك حتى لو قلنا ببطلان العقود الجائزة بالجنون ، وذلك لأن العقد الجائز الذي يبطل بالجنون هو العقد الذي يبطل بالموت ، والوصية ليست كذلك ، فكما لا تبطل بالموت لا تبطل بالجنون.

(٢) لأن المحجور ممنوع من التصرف كما هو واضح.

(٣) المشهور على صحة وصية من بلغ عشرا للأخبار.

منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (إذا أتى على الغلام عشر سنين ، فإنه يجوز له في ماله ما أعتق أو تصدق أو أوصى على حد معروف وحق ، فهو جائز) (٣) ، وصحيح أبي بصير المرادي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا بلغ الغلام عشر سنين وأوصى بثلث ماله في حق جازت وصيته) (٤) ، وموثق أبي أيوب وأبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الغلام ابن عشر سنين يوصي قال عليه‌السلام : إذا أصاب موضع الوصية جازت) (٥).

وعن ابن إدريس عدم النفوذ قال في السرائر : (الذي يقتضيه أصول مذهبنا أن وصية غير المكلف البالغ غير صحيحة ، سواء كانت في وجوه البر أو غير وجوه البر ـ إلى أن قال ـ وإنما هذه أخبار آحاد أوردها في النهاية إيرادا) انتهى.

وتبعه جماعة منهم العلامة في المختلف حيث قال : (وهذه الروايات وإن كانت متظافرة والأقوال مشهورة ، لكن الأحوط عدم إنفاذ وصيته مطلقا حتى يبلغ ، لعدم مناط التصرف في المال عنه) ، ومنهم المحقق الثاني في جامعه حيث قال : (والمناسب لأصول المذهب وطريقة الاحتياط القول بعدم الجواز) ، ومنهم الشارح حيث قال في المسالك : (وهذه الروايات التي دلت على الحكم وإن كان بعضها صحيحا إلا أنها مختلفة ، بحيث لا ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب مقدمة العبادات حديث ١١.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب الوصايا حديث ٤ و ٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب الوصايا حديث ٦.

٢٢

(أما المجنون (١) والسكران (٢) ومن جرح نفسه بالمهلك (٣) فالوصية) من كل

______________________________________________________

ـ يمكن الجمع بينها ، وإثبات الحكم المخالف للأصل بها مشكل) انتهى.

وأشار باختلافها إلى ما ورد في خبر الحسن بن راشد عن العسكري عليه‌السلام (إذا بلغ الغلام ثماني سنين فجائز أمره في ماله ، وقد وجب عليه الفرائض والحدود ، وإذا تم للجارية سبع سنين فكذلك) (١) ، وقد عمل به ابن الجنيد ، وإلى صحيح محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إن الغلام إذا حضره الموت فأوصى ولم يدرك جازت وصيته لذوي الأرحام ولم تجز للغرباء) (٢).

وفيه : إن الخبرين الأخيرين لا يصلحان لمعارضة الباقي من هذه الطائفة الدال على نفوذ وصية من بلغ عشرا سواء كانت لأرحامه أم لا ، وهذا الباقي صالح لتخصيص ما دل على اشتراط البلوغ ، ومعه لا سبيل للاحتياط فالأقوى ما عليه المشهور

(١) فقد تقدم.

(٢) لا تصح وصية السكران حال سكره بلا إشكال لسلب قصده الموجب لرفع القلم منه.

(٣) قاتل نفسه لا تصح وصيته ، بمعنى أنه أحدث في نفسه ما يوجب هلاكه من جرح أو شرب سم أو نحو ذلك ثم أوصى فلا تصح وصيته على المشهور لصحيح أبي ولّاد حفص بن سالم (سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : من قتل نفسه متعمدا فهو في نار جهنم خالدا فيها ، قلت : أرأيت إن كان أوصى بوصية ثم قتل نفسه من ساعته تنفذ وصيته؟ فقال عليه‌السلام : إن كان أوصى قبل أن يحدث حدثا في نفسه من جراحة أو قتل أجيزت وصيته في ثلثه ، وإن كان أوصى بوصية بعد ما أحدث في نفسه من جراحة أو قتل لعله يموت لم تجز وصيته) (٣) ، وعلّله العلامة في المختلف بدلالة فعله على سفهه وبعدم استقرار حياته فيكون في حكم الميت ، وبأن القاتل يمنع عن الميراث لغيره فيمنع من نفسه ، لأن إنفاذ وصيته نوع إرث لنفسه ، ولكنها أمور استحسانية العمدة على الصحيح المتقدم.

وخالف ابن إدريس فجوّز إنفاذ وصيته ، وردّ الخبر بأنه خبر آحاد قال في السرائر : (الذي يقتضيه أصولنا وتشهد بصحته أدلتنا أن وصيته ماضية صحيحة إذا كان عقله ثابتا عليه) إلى آخر كلامه وتبعه بعضهم كالعلامة في المختلف والقواعد. ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من كتاب الوقوف والصدقات حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب الوصايا حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٥٢ ـ من أبواب الوصايا حديث ١.

٢٣

منهم(باطلة) أما الأولان فظاهر ، لانتفاء العقل ، ورفع القلم ، وأما الأخير فمستنده صحيحة أبي ولّاد عن الصادق عليه‌السلام : «فإن كان أوصى بوصية بعد ما أحدث في نفسه من جراحة ، أو قتل لعله يموت لم تجز وصيته» ولدلالة هذا الفعل على سفهه ، ولأنه (١) في حكم الميت فلا تجري عليه الأحكام الجارية على الحي ، ومن ثم لا تقع عليه الذكاة لو كان قابلا لها (٢).

وقيل تصح وصيته مع ثبات عقله كغيره. وهو حسن ، لو لا معارضة النص المشهور ، وأما دلالة الفعل على سفهه فغير واضح ، وأضعف منه كونه في حكم الميت ، فإنه غير مانع من التصرف مع تيقن رشده.

وموضع الخلاف ما إذا تعمد الجرح ، فلو وقع منه سهوا ، أو خطأ لم تمتنع وصيته إجماعا.

(و) يشترط(في الموصى له الوجود) (٣) حالة الوصية ، (وصحة التملك (٤) ،)

______________________________________________________

ـ هذا والحكم مختص بما إذا كان فعل ذلك في نفسه عمدا كما هو صدر الصحيح المتقدم ، وأما إذا كان سهوا أو خطأ فتنفذ وصيته لعموم أدلة نفوذها بعد عدم المانع ، إذا المانع هو الصحيح وهو مختص بحال العمد.

(١) أي ولأن الجارح نفسه بمهلك.

(٢) أي أن الجارح نفسه بمهلك مثله كمثل الحيوان الذي جرح بمهلك فلا تقع عليه التذكية لأنه بحكم الميت فكذا الإنسان الجارح نفسه بما ذكر.

(٣) يشترط وجود الموصى له حال الوصية ، فلو أوصى لميت أو لمن ظن وجوده فبان ميتا عند الوصية لم تصح ، وكذا لو أوصى لما تحمله المرأة في الزمان المستقبل ، أو لمن يوجد من أولاد فلان ، بلا خلاف في ذلك ، لأن الوصية تمليك عين أو منفعة كما تقدم من تعريفها والمعدوم غير قابل للتملك.

(٤) تصح الوصية للحمل الموجود حين الوصية وإن لم تلجه الروح على فرض ولادته حيا بلا خلاف بينهم أمّا صحة الوصية له لأنه غير مقدوم وأمّا اشتراط تولاه حيّا لأنه على تقدير عدم ولادته حيّا فهو غير قابل للتملك.

غايته يعلم وجوده حين الوصية لو ولدته أمه لأقل من ستة أشهر ـ وهو أقل الحمل ـ من حين الوصية فيعلم أنه كان موجودا حين الوصية ، نعم لو ولدته لأكثر من عشرة أشهر ـ وهو أقصى الحمل ـ علم أنه لم يكن موجودا حال الوصية. ـ

٢٤

(فلو أوصى للحمل اعتبر) وجوده حال الوصية(بوضعه لدون ستة أشهر منذ حين الوصية) فيعلم بذلك (١) كونه موجودا حالتها ، (أو بأقصى) مدة(الحمل) فما دون(إذا لم يكن هناك زوج ، ولا مولى) ، فإن كان أحدهما (٢) لم تصح ، لعدم العلم بوجوده عندها ، وأصالة عدمه (٣) ، لإمكان تجدده بعدها ، وقيام الاحتمال (٤) مع عدمهما بامكان الزنا ، والشبهة مندفع بأن الأصل عدم إقدام المسلم على الزنا كغيره من المحرمات ، وندور الشبهة.

ويشكل الأول لو كانت كافرة (٥) ، حيث تصح الوصية لحملها.

وربما قيل على تقدير وجود الفراش (٦) باستحقاقه (٧) بين الغايتين (٨) عملا بالعادة الغالبة من الوضع لأقصاهما (٩) ، أو ما يقاربها (١٠). وعلى كل تقدير فيشترط انفصاله حيا ، فلو وضعته ميتا بطلت ، ولو مات بعد انفصاله حيا كانت (١١) لوارثه.

______________________________________________________

ـ نعم لو ولدته بين أقصى مدة الحمل وأقله أمكن وجوده حال الوصية وعدمه ، فينظر إن كانت أمّه فراشا لزوج أو مولى بحيث يمكن تجدده بعد الوصية لم يحكم بصحتها ، لأصالة عدم تقدمه عليها ، وإن كانت خالية من الفراش بأن فارقها الواطئ ـ الذي يباح له وطئها ـ من حين الوصية حكم بوجوده عملا بالظاهر وأصالة عدم وطئ غيره لها.

إن قلت : إن الخالية يمكن وطؤها بالشبهة بل وبالزنا.

قلت : الشبهة نادرة والزنا منتف لأن الظاهر أن المسلم لا يقدم على فعل المحرم.

(١) بوضعه لأقل من ستة أشهر.

(٢) أي الزوج أو المولى وقد وضعته بين أقصى الحمل وأقله.

(٣) أي ولأصالة عدم الحمل عند الوصية لإمكان وجود الحمل بعد الوصية.

(٤) وهم وقد تقدم ذكره بلفظ إن قلت ، وهو مبني على كونها خالية من الزوج أو المولى.

(٥) فلا محذور فيها لعدم صيانتها فلا يجري فيها أصل عدم إقدام المسلم على فعل الحرام.

(٦) من وجود الزوج أو المولى.

(٧) باستحقاق الحمل.

(٨) غاية أقصى الحمل وغاية أقله.

(٩) وهو عشرة أشهر.

(١٠) وهو تسعة أشهر وهو الغالب ، قال في المسالك : (إن الظاهر الغالب إنما هو الولادة لتسعة أشهر تقريبا فما يولد قبلها يظهر كونه موجودا وإن كان لها فراش) انتهى.

(١١) أي الوصية.

٢٥

وفي اعتبار قبوله (١) هنا وجه قوي ، لإمكانه منه ، بخلاف الحمل.

وقيل (٢) : يعتبر قبول وليه. ثم إن اتحد (٣) فهي له ، وإن تعدد قسّم الموصى به على العدد بالسوية (٤) ، وإن اختلفوا بالذكورية ، والأنوثية.

(ولو أوصى للعبد لم يصح) (٥) ، سواء كان قنا أم مدبرا أم أمّ ولد. أجاز مولاه

______________________________________________________

(١) أي قبول الوارث فيما لو مات الحمل بعد انفصاله حيا وجه قوي لإمكانه في حقه ، نعم لا نعتبر القبول من الحمل لتعذره فيسقط كما سقط القبول عند تعذره فيما لو أوصى لغير معيّن.

(٢) وهو الحلي كما نقل.

(٣) أي الحمل فالوصية له.

(٤) قضاء لحق العدل.

(٥) لا تصح الوصية للمملوك الأجنبي ، لانتفاء أهلية الملك عن العبد ، لأنه لا يملك ولو أذن له سيده ، بلا فرق بين القن والمدبّر وأم الولد لاشتراكهم في تمحض الرقية ، نعم لو قلنا بملك العبد فتصح الوصية وتحتاج إلى قبوله ، ويؤيد الأول بل يدل عليه خبر عبد الرحمن بن الحجاج عن أحدهما عليهما‌السلام (لا وصية لمملوك) (١).

نعم إذا كان عبد الغير الموصى له مكاتبا ، فإن كان مطلقا لم يؤد شيئا أو مشروطا فكذلك لا تصح الوصية له ببقائه على المملوكية ، ولصحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام (في مكاتب كانت تحته امرأة حرة فأوصت له عند موتها بوصية ، فقال أهل الميراث لا تجوز وصيتها ، إنه مكاتب لم يعتق ولا يرث ، فقضى أنه يرث بحساب ما أعتق منه ، ويجوز له من الوصية بحساب ما أعتق منه ، وقضى في مكاتب أوصي له بوصية وقد قضى نصف ما عليه فأجاز نصف الوصية ، وقضى في مكاتب قضى ربع ما عليه فأجاز له ربع الوصية) (٢) ، والمناقشة بالسند باشتراك محمد بن قيس بين الثقة وغيره ، وباشتماله على إبراهيم بن هاشم وهو لم يمدح ولم يذم ليست في محلّها ، لأن ابن قيس هو البجلي الثقة بقرينة رواية عاصم بن حميد ، ولأن إبراهيم بن هاشم من مشايخ الإجازة وهذا ما يغني عن توثيقه وعن المحقق الثاني والشارح في المسالك صحة الوصية للمكاتب لانقطاع سلطنة المولى عنه ، ولهذا يصح ما يقع من المكاتب من بيع واكتساب من دون توقف على ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٧٨ ـ من أبواب أحكام الوصايا حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٨٠ ـ من أبواب أحكام الوصايا حديث ١.

٢٦

أم لا ، لأن العبد لا يملك بتمليك سيده ، فبتمليك غيره أولى ولرواية عبد الرحمن بن الحجاج عن أحدهما عليه‌السلام قال : «لا وصية لمملوك». ولو كان مكاتبا مشروطا ، أو مطلقا لم يؤد شيئا ففي جواز الوصية له قولان. من أنه (١) في حكم المملوك حيث لم يتحرر منه شي‌ء ، ولرواية محمد بن قيس عن الباقر عليه‌السلام ومن انقطاع (٢) سلطنة المولى عنه. ومن ثم جاز اكتسابه ، وقبول الوصية نوع منها (٣).

والصحة مطلقا أقوى. والرواية لا حجة فيها (٤) ، (إلا أن يكون) العبد الموصى له(عبده) أي عبد الموصي(فتنصرف) الوصية(إلى عتقه) (٥) فإن

______________________________________________________

ـ إذن المولى ، والوصية نوع من الاكتساب ، بعد رمي الرواية بالضعف لاشتراك ابن قيس بين الثقة وغيره كما في المسالك ، وبعد كونها قضية في واقعة لا عموم فيها كما عن جامع المقاصد.

وفيه : أما المناقشة في السند فمردودة على ما تقدم ، وأما لا عموم فيها فهي دعوى واضحة الفساد كما في الجواهر لظهور دلالتها في المطلوب ، وأما انقطاع السلطنة فلا دليل عليه إذا المكاتبة لا تقتضي قابليته للملك ، نعم جاز له البيع والاكتساب ونحو ذلك بعد المكاتبة ليوفّي للمولى ما طلبه ، فهو تصرف بإذن المولى وليس تصرفا غير متوقف على الاذن.

ثم ممّا تقدم تعرف أنه لو تحرر من العبد المكاتب شي‌ء لصحت الوصية له بالنسبة.

(١) دليل عدم الصحة.

(٢) دليل الصحة.

(٣) من المكاسب.

(٤) قد تقدم ما فيه.

(٥) لا خلاف في صحة الوصية لعبد الموصي ، سواء كان قنّا أم مدبرا أم مكاتبا في الجملة.

وصحة الوصية لعبد الموصي أنه ننظر في الموصى به بعد خروجه من الثلث ، فإن كان بقدر قيمته اعتق العبد وكان الموصى به للورثة ، وإن كانت قيمته أقلّ أعطي الفاضل ، وإن كانت قيمته أكثر من الموصى به سعى للورثة فيما بقي هذا ما لم تبلغ قيمته ضعف ما أوصى له به ، وهذا مما لا خلاف فيه ، وأما لو كانت قيمته ضعف ما أوصي له به بأن كانت قيمته مائتين والموصى به إليه مائة بطلت الوصية كما عن المفيد والشيخ في النهاية والقاضي ، وقال المفيد في المقنعة : (بهذا جاء الأثر عن آل محمد عليهم‌السلام). واستدل لهذا القول بمؤيد وهو : أن القيمة لما كانت ضعف الموصى به كان نصف العبد على الرقية والنصف الآخر على الحرية ، ولا ترجيح فيبقى على أصالة عدم صحة الوصية للعبد. ـ

٢٧

ساواه (١) أعتق أجمع ، وإن نقص (٢) عتق بحسابه(وإن زاد المال عن ثمنه فله الزائد).

ولا فرق في ذلك بين القن ، وغيره ، ولا بين المال المشاع ، والمعين على الأقوى(٣).

______________________________________________________

ـ وعن الصدوق والشيخ في الخلاف والحلبي والحلي تصح الوصية ويسعى في الباقي ، وفي الفرض المذكور يسعى في المائة ، ويشهد له إطلاق الفقه الرضوي (فإن أوصى لمملوكه بثلث ماله قوّم المملوك قيمة عادلة ، فإن كانت قيمته أكثر من الثلث استسعى في الفضيلة) (١) ، وخبر الحسن بن صالح عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل أوصى لمملوك له بثلث ماله فقال : يقوّم المملوك بقيمة عادلة ، ثم ينظر ما ثلث الميت ، فإن كان الثلث أكثر أقل من قيمة العبد بقدر ربع القيمة استسعى العبد في ربع القيمة ، وإن كان الثلث أكثر من قيمة العبد أعتق العبد ودفع إليه ما فضل من الثلث بعد القيمة) (٢) بناء على أن المراد من قوله بقدر ربع القيمة مثال لجميع أفراد الأقل ولا خصوصية فيه

نعم عن المحقق والشهيد الثاني جعل هذا الخبر هو الدليل على القول الأول بدلالة المفهوم ، لأن منطوقه على أن الثلث لو كان أقل من قيمة العبد بقدر ربع القيمة فيجب عليه السعي ومفهومه على أن الثلث لو لم يكن أقل من قيمة العبد بقدر الربع فلا يستسعي بل تبطل الوصية.

وفيه : ما قاله الشارح في المسالك. إن هذا المفهوم شامل لما لو كانت القيمة قدر الضعف أو أقل من ذلك إلى أن يبلغ النقصان قدر الربع فمن أين خصّوا البطلان بما لو كانت قيمته قدر الضعف ما هذا إلا عجيب من مثل هذين الشيخين الجليلين ـ المفيد والطوسي ـ هذا مع تسليم الرواية فإنها ضعيفة السند بالحسن المذكور فإن حاله في الزيدية مشهور) انتهى.

(١) أي ساوى الموصى به العبد.

(٢) أي نقص الموصى به عن قيمة العبد عتق ، وسعى بالباقي.

(٣) المشهور على ما سمعت سواء كان الموصى به مشاعا كالثلث والربع والخمس ونحو ذلك أم كان معينا كالدار والبستان ، وعن العلامة في المختلف موافقة المشهور في الجزء المشاع ، لأن العبد حينئذ من جملة الموصى به فكأنه قد أوصى بعتق جزء منه فيعتق ويسري في الباقي ، بخلاف ما لو كانت الوصية بجزء معين فتبطل الوصية لعموم (لا ـ

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب كتاب الوصايا حديث ٩.

(٢) الوسائل الباب ـ ٧٩ ـ من أبواب أحكام الوصايا حديث ٢.

٢٨

ويحتمل اختصاصه (١) بالأول (٢) ، لشيوعه في جميع المال وهو (٣) من جملته ، فيكون كعتق جزء منه ، بخلاف المعين ، ولا بين أن تبلغ قيمته ضعف الوصية ، وعدمه.

وقيل : تبطل في الأول (٤) استنادا إلى رواية ضعيفة.

(وتصح الوصية للمشقّص) وهو الذي عتق منه شقص بكسر الشين وهو الجزء(بالنسبة) أي بنسبة ما فيه من الحرية (٥). والمراد به (٦) مملوك غير السيد ، أما هو (٧) فتصح في الجميع (٨) بطريق أولى (٩) ، (ولأم الولد) (١٠) أي أم ولد الموصي ،

______________________________________________________

ـ وصية لمملوك) (١) ، على ما تقدم في خبر ابن الحجاج ، ولأن تنفيذ الوصية بتمليك العبد الموصى به محال لامتناع ملك العبد ، والتخطي إلى رقبته يقتضي تبديل الوصية ، ويدفعه إطلاق خبر الحسن بن صالح المتقدم حيث هو شامل للمشاع والمعيّن ، ودعوى كونه ضعيف السند مردودة بجبره بعمل الأصحاب.

(١) أي اختصاص الحكم.

(٢) بالمشاع.

(٣) أي العبد الموصى له.

(٤) ما لو كانت قيمته ضعف الموصى به.

(٥) قد تقدم الكلام فيه.

(٦) بالمشقّص.

(٧) أي مملوك الموصي.

(٨) أي جميع ما أوصى به.

(٩) لأنه إذا جازت الوصية من المولى لعبده إذا كان قنا كما تقدم فتجوز الوصية لعبده المشقّص الذي تحرر بعضه من باب أولى.

(١٠) لو أوصى الإنسان لأم ولده صحت الوصية من الثلث بلا خلاف ، كما لا خلاف في أنه إذا مات سيدها ولم يوصى لها بشي‌ء تعتق من نصيب ولدها ، وإنما الكلام في أنها هل تعتق من الوصية إذا وفّت بقيمتها ، أو من نصيب ولدها ، إذا أوصى لها بشي‌ء ، وهما قولان مشهوران كما في الرياض ومتكافئان كما في المسالك.

واستدل للأول بأنه لا ميراث إلا بعد الوصية ، فلا يحكم لابنها بشي‌ء حتى يحكم لها بالوصية فتعتق منها إن وفت بقيمتها ، ومع القصور يكمل الباقي من نصيب ولدها.

واستدل للثاني بأن التركة تنتقل من حين الموت إلى الوارث لئلا يلزم خلو المال عن ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٧٨ ـ من أبواب أحكام الوصايا حديث ٢.

٢٩

لأنها في حياته من جملة مماليكه ، وإنما خصها ليترتب عليها قوله : (فتعتق من نصيبه) أي نصيب ولدها ، (وتأخذ الوصية) لصحيحة أبي عبيدة عن الصادق عليه‌السلام ، ولأن التركة تنتقل من حين الموت إلى الوارث فيستقر ملك ولدها على جزء منها فتعتق عليه وتستحق الوصية ، والوصية للمملوك (١) وإن لم تتوقف على القبول فينتقل إلى ملك الموصى له بالموت ، إلا أن تنفيذها يتوقف على معرفة القيمة ، ووصول التركة إلى الوارث ، بخلاف ملك الوارث.

وقيل : تعتق من الوصية ، فإن ضاقت فالباقي من نصيب ولدها ، لتأخر الإرث عن الوصية والدين ، بمقتضى الآية (٢) ، ولظاهر الرواية (٣).

(والوصية لجماعة تقتضي التسوية) (٤) بينهم فيها ، ذكورا كانوا أم أناثا أم

______________________________________________________

ـ المالك ، لكنه لا يستقر ملك الوارث إلا بإخراج الوصية والدين ، وعليه فيستقر ملك ولدها على جزء منها فتعتق عليه وتستحق الوصية ، ويدل عليه أيضا صحيح أبي عبيدة المروي في الكافي والتهذيب (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل كانت له أم ولد ، وله منها غلام فلما حضرته الوفاة أوصى لها بألفي درهم أو أكثر ، للورثة أن يسترقوها؟ فقال : لا بل تعتق من ثلث الميت وتعطي من ثلثه ما أوصى لها به ، وفي كتاب أبي العباس : تعتق من نصيب ابنها وتعطى من ثلثه ما أوصى لها به) (١) ، وما في كتاب أبي العباس نص في المطلوب ، وهناك أقوال نادرة في المسألة.

(١) وهم وحاصله : أن الوصية لا تحتاج إلى القبول فينتقل الموصى به إلى المملوك الموصى له من حين وفاة الموصي ، فالقول بانتقال التركة بأجمعها إلى الوارث من حين موت الموصي ليس في محله.

ودفعه : أن الوصية للمملوك وإن كانت غير محتاجة إلى القبول إلا أن تنفيذها متوقف على معرفة قيمة المملوك ووصول التركة إلى الوارث بخلاف ملك الوارث فإنه غير متوقف على شي‌ء.

(٢) وهي قوله تعالى : (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهٰا أَوْ دَيْنٍ) (٢).

(٣) أي صحيح أبي عبيدة المتقدم بحسب صدره.

(٤) إطلاق الوصية لجماعة محصورة يقتضي التسوية ما بينهم من غير فرق بين القريب والبعيد ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٨٢ ـ من أبواب أحكام الوصايا حديث ١.

(٢) سورة النساء ، الآية : ١١.

٣٠

مختلفين ، وسواء كانت الوصية لأعمامه وأخواله أم لغيرهم على الأقوى(إلا مع التفضيل) فيتّبع شرطه ، سواء جعل المفضّل الذكر أم الأنثى.

(ولو قال : على كتاب الله فللذكر ضعف الأنثى) ، لأن ذلك حكم الكتاب في الإرث ، والمتبادر منه هنا ذلك(والقرابة (١) : من عرف بنسبه) عادة ، لأن

______________________________________________________

ـ والذكر والأنثى والوارث وغيره بلا خلاف للتساوي في سبب الملك.

ومنه تعرف أنه إذا أوصى لأولاده وهم ذكور وإناث ، فهم فيه سواء ، وكذا لأخواله وخالاته ، أو لأعمامه وعماته ، وعن الشيخ وجماعة أنه لو أوصى لأخواله وأعمامه ، فالأعمام لهم الثلثان والأخوال لهم الثلث لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (في رجل أوصى بثلث ماله في أعمامه وأخواله فقال : لأعمامه الثلثان ، ولأخواله الثلث) (١) ، وقد حملت على ما لو أوصى على كتاب الله.

(١) لا إشكال في صحة الوصية للقرابة ، ولما فيها من الصدقة وصلة الرحم ، وقد اختلف الأصحاب في القرابة ، فعن الأكثر لا بد من الرجوع إلى العرف في تحقيق معناها ، لأن العرف هو الحجة المتبع في الألفاظ بعد عدم ورود تحديد من قبل الشارع.

وعن الشيخ بانصراف القرابة إلى كل من يتقرب إليه إلى آخر أب وأم له في الإسلام ويحكم للجميع بالقرابة ، ولا يرتقى إلى آباء الشرك وإن عرفوا بقرابة عرفا ، فقد اعتبر الإسلام للنبوي (قطع الإسلام أرحام الجاهلية) (٢) ، كما أورده صاحب الجواهر وغيره في كتب الفقه وإلا فلم يعثر عليه في كتب الحديث عند العامة والخاصة ، ولقوله تعالى لنوح عن ابنه (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ) (٣).

وفيه : إن المدار في مسألتنا على صدق اللفظ ولا ريب أن المرجع فيه هو اللغة والعرف ، على أن النبوي ضعيف السند لما تقدم على أن نفي الإسلام لأرحام الجاهلية قد يكون بمعنى تحريم العصبية الجاهلية في الإسلام ، ولو سلم أن الإسلام قد قطع أرحام الجاهلية فهو لا يدل على نفي القرابة.

وأما الآية فنفي الأهلية لا يدل على نفي القرابة ، على أنها تحمل على نفي الأهلية من نوح من حيث هو نبي معصوم ومطيع لله جل وعلا وليس على نفي الأهلية من حيث كونه أبا. ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦٢ ـ من أبواب أحكام الوصايا حديث ١.

(٢) جواهر الكلام ج ٢٨ ص ٣٨٤.

(٣) سورة هود ، الآية : ٤٦.

٣١

المرجع في الأحكام إلى العرف حيث لا نص ، وهو (١) دال على ذلك. ولا يكفي مطلق العلم بالنسب كما يتفق ذلك في الهاشميين ، ونحوهم ممن يعرف نسبه مع بعده الآن مع انتفاء القرابة عرفا.

ولا فرق بين الوارث ، وغيره ، ولا بين الغني ، والفقير ، ولا بين الصغير ، والكبير ، ولا بين الذكر ، والأنثى. وقيل : ينصرف إلى أنسابه الراجعين إلى آخر أب وأم له في الإسلام ، لا مطلق الأنساب استنادا إلى قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «قطع الإسلام أرحام الجاهلية» فلا يرتقى إلى آباء الشرك وإن عرفوا بالنسب ، وكذا لا يعطى الكافر وإن انتسب إلى مسلم ، لقوله تعالى عن ابن نوح : (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ) (٢) ، ودلالتهما على ذلك ممنوعة مع تسليم سند الأول.

(والجيران (٣) لمن يلي داره إلى أربعين ذراعا) من كل جانب على المشهور

______________________________________________________

ـ وعن ابن الجنيد أن القرابة والأرحام من لا يتجاوز ولد الأب الرابع ، لأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يتجاوزه في تفرقة سهم ذوي القربى من الخمس ، وفيه : إن فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالخمس لدليل لا يدل على نفي القرابة عما عداه.

وقيل : إن القرابة مختصة بالوارث ، وقيل : إنها مختصة بالمحرم من ذوي الأرحام ، وهما مع ضعفهما لعدم الدليل عليهما مع مخالفتهما للمعنى العرفي للقرابة فهما مجهولا القائل.

(١) أي العرف.

(٢) النساء آية : ١١.

(٣) الوصية للجيران إنما تكون لمن صدق عليه لفظ الجار عرفا ، وعن المشهور لمن يلي داره إلى أربعين ذراعا من كل جانب ، ولا مستند له كما في المسالك ، ولم نقف له على شاهد كما في الجواهر.

وعن البعض على أنه لمن يلي داره إلى أربعين دارا استندا إلى أخبار.

منها : صحيح جميل بن دارج عن أبي عبد الله عليه‌السلام (حد الجوار أربعون دارا من كل جانب من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله) (١) ، وخبر عمرو بن مكرمة عنه عليه‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كل أربعين دارا جيران من بين يديه ومن خلقه وعن يمينه وعن شماله) (٢).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٩٠ ـ من أبواب أحكام العشرة حديث ١ و ٢.

٣٢

والمستند ضعيف ، وقيل إلى أربعين دارا ، استنادا إلى رواية عامية (١).

والأقوى الرجوع فيهم (٢) إلى العرف ، ويستوي «فيه» مالك الدار ، ومستأجرها ، ومستعيرها ، وغاصبها على الظاهر (٣) ، ولو انتقل منها إلى غيرها اعتبرت الثانية ، ولو غاب لم يخرج عن الحكم ما لم تطل الغيبة بحيث يخرج عرفا ، ولو تعددت دور الموصي وتساوت في الاسم عرفا استحق جيران كل واحدة ، ولو غلب أحدها اختص ، ولو تعددت دور الجار واختلفت في الحكم (٤) اعتبر اطلاق اسم الجار عليه عرفا كالمتحد.

ويحتمل اعتبار الأغلب سكنى فيها ، وعلى اعتبار الأذرع ففي استحقاق ما كان على رأس الغاية وجهان أجودهما الدخول (٥) ، وعلى اعتبار الدور قيل (٦): يقسم على عددها ، لا على عدد سكانها. ثم تقسم حصة كل دار على عدد سكانها (٧). ويحتمل القسمة على عدد السكان مطلقا (٨) ، وعلى المختار (٩) فالقسمة على الرءوس مطلقا.

______________________________________________________

(١) العجب منه كيف جعل المستند رواية عامية مع أنه في المسالك قال : (وقد حققنا في الوقف أن به من طرقنا روايات كثيرة منها حسنة جميل بن دراج عن أبي جعفر عليه‌السلام) انتهى.

(٢) في الجيران.

(٣) لأن المعتبر هو السكنى فلا يعتبر في الجار العرفي الملكية فيدخل المستأجر والمستعير بل والغاصب ، وعن العلامة في التحرير عدم استحقاق الغاصب ، وحكي عنه التوقف في المستأجر والمستعير.

(٤) بحيث خرجت بعد الدور عن جواره.

(٥) بحيث انتهى عدد الأذرع إلى باب الدار فعن ابن البراج الدخول وقواه في الدروس وغيره في غيره ، لدخول الغاية في المغيّا ، ولو انتهى عدد الأذرع إلى وسط الدار فلا إشكال في الدخول.

(٦) ولم يعرف القائل.

(٧) وفيه : إن المدار على عدد السكان لأنهم هم المراد بالجيران ، نعم كانت الدور لتحديد سعة الجيرة.

(٨) سواء تساوى سكان الدور أم اختلفوا في العدد.

(٩) أي على الجار العرفي.

٣٣

(وللموالي) (١) أي موالي الموصي ، واللام عوض عن المضاف إليه(تحمل على العتيق) بمعنى المفعول(والمعتق) بالبناء للفاعل على تقدير وجودهما ، لتناول الاسم لهما كالأخوة (٢) ، ولأن المضاف يفيد العموم فيما يصلح له ، (إلا مع القرينة) الدالة على إرادة أحدهما خاصة فيختص به بغير إشكال ، كما أنه لو دلت على ارادتهما معا تناولتهما بغير إشكال ، وكذا لو لم يكن له موالي إلا من إحدى الجهتين (٣).

(وقيل : تبطل) مع عدم قرينة تدل على ارادتهما ، أو أحدهما ، لأنه (٤) لفظ مشترك (٥) ، وحمله على معنييه مجاز (٦) ، لأنه موضوع لكل منهما على سبيل البدل ،

______________________________________________________

(١) إذا كان له موال من أعلى وهم المعتقون له أو من انتهى إليه ولاء المعتق ، وله موال من أسفل وهم الذين أعتقهم أو من انتهى إليه ولاء العتق ثم أوصى لمواليه ، فإن علم أنه أراد أحدهما بقرينة حال أو مقال انصرفت الوصية إليه ، بلا خلاف ولا إشكال. وكذا لو علم دخول الجميع.

وإن لم يعلم ، فعن المشهور انصراف الوصية إليهما بناء على أن الجمع وهو الموالي يحمل على جميع معانيه مع التجرد عن القرائن ولا يشترط في الجمع اتفاق المعنى كما ذهب إليه ابن مالك في التسهيل ، وكذا لو أوصى للمولى فيحمل على المولى الأعلى والمولى الأدنى بناء على جواز استعمال اللفظ في أكثر من معنى.

وعن العلامة في التحرير والقواعد وولده في الإيضاح والمحقق الثاني والشارح في المسالك البطلان ، لأن الوصية لو كانت للفظ الجمع أعني الموالي فيتعذر إرادة جميع معانيه المختلفة كما صرح به أكثر أهل اللغة على ما في الارتشاف ، ولو كانت الوصية بلفظ المفرد أعني المولى فيتعذر استعمال اللفظ في أكثر من معنى ، ولا قرينة على تعيين أحدهما فتكون الوصية مبهمة فتبطل.

(٢) فإنه متناول للأخوة من الأب والأخوة من الأم.

(٣) فتختص الوصية به ، لأن وحدة وجوده هي القرينة المعيّنة.

(٤) أي المولى بما هو لفظ مفرد.

(٥) أي مشترك لفظي كما عليه الأكثر وحكي التصريح به كما عن بعض أهل اللغة ، كما في الرياض ، وفي التنقيح للمقداد أنه مشترك معنوي.

(٦) لأن استعمال اللفظ المشترك في أكثر من معنى محال ، وحمله على عموم الاشتراك مجاز كما هو واضح.

٣٤

والجمع (١) تكرير الواحد فلا يتناول غير صنف واحد ، والمعنى المجازي لا يصار إليه عند الاطلاق (٢) ، وبذلك (٣) يحصل الفرق بينه (٤) ، وبين الأخوة ، لأنه (٥) لفظ متواطئ ، لا مشترك ، لأنه موضوع لمعنى يقع على المتقرب بالأب ، وبالأم ، وبهما وهذا أقوى.

(و) الوصية(للفقراء (٦) تنصرف إلى فقراء ملة الموصي) ، لا مطلق الفقراء وإن كان جمعا معرفا مفيدا للعموم. والمخصص شاهد الحال الدال على عدم إرادة فقراء غير ملته ، ونحلته ، (ويدخل فيهم المساكين (٧) إن جعلناهم (٨) مساوين) لهم (٩) في الحال بأن جعلنا اللفظين بمعنى واحد ، كما ذهب إليه بعضهم ، (أو أسوأ) حالا (١٠) كما هو الأقوى (١١) ،

______________________________________________________

(١) أي الموالي بما هو لفظ جمع ، والحاصل أن الجمع تكرير للمفرد ، وكما أن مفرده لا يصح استعماله إلا في معنى واحد من المعاني المشتركة ، فكذلك جمعه.

(٢) فلا يحمل اللفظ على عموم المشترك.

(٣) أي مما تقدم من عدم جواز إرادة أكثر من معنى من اللفظ المفرد والجمع ، مع عدم إرادة الجميع على نحو المجاز لأنه بحاجة إلى قرينة وهي مفقودة.

(٤) بين الموالي.

(٥) أي الأخوة ، فهو لفظ متواطئ وهو الموضوع لمعنى يشترك فيه الكثير وهو موضوع لكل من يتقرب إليك بأحد الأبوين.

(٦) لو وصى المسلم للفقراء لانصرفت الوصية إلى فقراء المسلمين ، لأن لفظ الفقراء وإن كان عاما لأنه جمع محلى باللام إلا أن شاهد الحال قرينة على الاختصاص ، ولذا فتنصرف الوصية إلى خصوص فقراء ملته ، وكذا وصية الكافر تنصرف إلى فقراء نحلته.

نعم لو لم يكن في البلد إلا فقراء غير مذهبه سواء كان الموصي مسلما أم كافرا وكان عالما بذلك اتجه حينئذ الصرف إليهم للقرينة الخارجية ، ومما تقدم تعرف أن اللفظ يحمل على المعنى اللغوي في مقام تحديد مراد المتكلم إن لم تقم قرينة حالية أو مقالية تشهد بإرادة المعنى الخاص.

(٧) أي ويدخل المساكين في الفقراء.

(٨) أي المساكين.

(٩) للفقراء.

(١٠) فيدخلون بطريق أولى.

(١١) وقد تقدم الكلام فيه في كتاب الزكاة.

٣٥

(وإلا (١) فلا) يدخلون ، لاختلاف المعنى ، وعدم دلالة دخول الأضعف (٢) على دخول الأعلى ، بخلاف العكس.

وذكر جماعة من الأصحاب أن الخلاف في الأسوأ ، والتساوي إنما هو مع اجتماعهما (٣) كآية الزكاة ، أما مع انفراد أحدهما خاصة فيشمل الآخر إجماعا. وكأن المصنف لم تثبت عنده هذه الدعوى (٤).(وكذا) القول(في العكس) بأن أوصى للمساكين فإنه يتناول الفقراء على القول بالتساوي ، أو كون الفقراء أسوأ حالا (٥) ، وإلا (٦) فلا. وعلى ما نقلناه عنهم (٧) يدخل كل منهما في الآخر هنا (٨) مطلقا (٩).

الفصل الثاني في متعلق الوصية

(وهو (١٠) ......

______________________________________________________

(١) بأن كان المسكين أحسن حالا من الفقير.

(٢) وهو الفقير.

(٣) وقد تقدم في كتاب الزكاة أن الفقير والمسكين إذا افترقا اجتمعا وإذا اجتمعا افترقا ، بمعنى لو ذكر أحدهما فهو يشمل الآخر ، وإذا ذكرا معا فلكل له معنى.

وعليه فلو اجتمعا كاجتماعهما في آية الزكاة وهي قوله تعالى : (إِنَّمَا الصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ وَالْمَسٰاكِينِ وَالْعٰامِلِينَ عَلَيْهٰا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقٰابِ وَالْغٰارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّٰهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللّٰهِ ، وَاللّٰهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (١) ، فقد وقع الخلاف بينهم في معنى الفقير والمساكين من أنهما متساويان أو أن أحدهما أسوأ من الآخر وقد تقدّم الكلام فيه.

(٤) وهي إذا افترقا اجتمعا ، وذلك لأن الوصيّة هنا للفقراء ، وعلى أساس الدعوى يجب أن يشمل اللفظ المساكين سواء كانوا أسوأ حالا أم لا.

(٥) بطريق الأولوية.

(٦) بأن كان الفقير أحسن حالا من المسكين.

(٧) من أنه إذا افترقا اجتمعا.

(٨) للانفراد.

(٩) سواء كان الآخر أحسن حالا أم لا عند الانفراد.

(١٠) الموصى به إما أن يكون عينا وإما منفعة وإما حقا قابلا للنقل ، فإن كان الموصى به عينا ـ

__________________

(١) سورة التوبة ، الآية : ٦٠.

٣٦

كل مقصود (١)) للتملك عادة(يقبل النقل) عن الملك من مالكه إلى غيره ، فلا تصح الوصية بما ليس بمقصود كذلك ، إما لحقارته كفضلة الإنسان ، أو لقلته كحبة الحنطة ، وقشر الجوزة ، أو لكون جنسه لا يقبل الملك كالخمر ، والخنزير ، ولا بما لا يقبل النقل كالوقف ، وأم الولد ، (ولا يشترط كونه معلوما) (٢) للموصي ، ولا للموصى له ، ولا مطلقا (٣) ، (ولا موجودا) بالفعل(حال الوصية) (٤) بل يكفي صلاحيته للوجود عادة في المستقبل.

(فتصح الوصية بالقسط ، والنصيب ، وشبهه) كالحظ ، والقليل ، والكثير ، والجزيل ، (ويتخير الوارث في تعيين ما شاء) إذا لم يعلم من الموصي إرادة قدر معين ، أو أزيد مما عينه الوارث.

(أما الجزء (٥) فالعشر) لحسنة أبان بن تغلب عن الباقر عليه‌السلام متمثلا بالجبال

______________________________________________________

ـ أو منفعة فيشترط كونه ملكا للموصي ، على معنى قابليته للملك فلا تصح الوصية بما لا يملك كالخمر ، ولا بما يملكه الغير لعدم جواز التصرف بمال الغير ، ولا بما يملك ولكنه مما لا يتموّل كحبة الحنطة وقشر الجوزة ، هذا وأما الحق فهو على أقسام :

الأول : ما لا يقبل المعارضة بالمال ولا يقبل النقل ولا الإسقاط كحق الحضانة والولاية.

الثاني : ما يقبل الإسقاط ولا يقبل النقل كحق الشفعة والخيار.

الثالث : ما يكون قابلا للنقل والانتقال والإسقاط كحق التحجير ، والوصية لا تصلح إلا بالقسم الثالث القابل للنقل والانتقال.

(١) بمعنى صلاحية الملك للموصى والموصى له.

(٢) بل تصح الوصية بالمجهول قدرا أو جنسا بعد تعيينه بالجملة ، لأن الغرر المنهي مختص بالعقود العوضية.

(٣) أي ولا معلوما لأحد ولو غيرهما.

(٤) بلا خلاف فيه ، لأن المالك كما يملك العين ملكية مرسلة غير محددة بزمن كذلك يملك منافعها ، وعليه فما يتجدد من منافعها هو مملوك له فتجوز الوصية به إذا كان مما يتوقع وجوده في الزمن المستقبل.

(٥) من أوصى بجزء ماله ولم تكن هناك قرينة تعينه من عرف أو عادة ففيه قولان : الأول أنه السبع كما عن المفيد والإسكافي والديلمي والقاضي وابن زهرة والعلامة بل هو المنسوب إلى الأكثر لأخبار.

منها : صحيح البزنطي عن أبي الحسن عليه‌السلام (عن رجل أوصى بجزء من ماله ، ـ

٣٧

العشرة التي جعل على كل واحد منها جزء من الطيور الأربعة.

(وقيل. السبع) ، لصحيحة البزنطي عن أبي الحسن عليه‌السلام متمثلا بقوله تعالى : (لَهٰا سَبْعَةُ أَبْوٰابٍ لِكُلِّ بٰابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ) ورجّح الأول بموافقته للأصل (١). ولو أضافه إلى جزء آخر كالثلث فعشره (٢) لصحيحة عبد الله بن سنان عن الصادق عليه‌السلام وتمثل أيضا بالجبال وهو مرجح آخر(والسهم الثمن) (٣) لحسنة

______________________________________________________

ـ فقال عليه‌السلام : واحد من سبعة ، إن الله تعالى يقول : لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم) (١) ، وصحيح إسماعيل بن حمام الكندي عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام (في رجل أوصى بجزء من ماله فقال : الجزء من سبعة ، إن الله يقول : لها سبعة أبواب) إلى آخره (٢).

وعن الصدوقين والشيخ في كتابي الأخبار والعلامة في المختلف وولده والشهيد في الدروس واللمعة هنا والمحقق الثاني أنه العشر لأخبار ادعي تواترها.

منها : صحيح عبد الله بن سنان (أن امرأة أوصت إليّ وقالت : ثلثي يقضى به ديني ، وجزء منه لفلانة ، فسألت عن ذلك ابن أبي ليلى ، فقال : ما أدري ما الجزء ، فسألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن ذلك فقال : كذب ابن أبي ليلى ، لها عشر الثلث ، إن الله عزوجل أمر إبراهيم عليه‌السلام فقال : اجعل على كل جبل منهن جزءا ، وكانت الجبال يومئذ عشرة ، فالجزء هو العشر من الشي‌ء) (٣) ، ومثله حسنة أبان بن تغلب (٤).

(١) لأن الأصل عدم إخراج الزائد المشكوك ، والزائد هو في السبع.

(٢) وهذا كاشف عن أن السابق هو عشر التركة بتمامها.

(٣) لو أوصى بالسهم من التركة كان الموصى به هو الثمن على المشهور للأخبار.

منها : صحيح البزنطي (سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن رجل أوصى بسهم من ماله ، فقال : السهم واحد من ثمانية ، ثم قرأ : إنما الصدقات) (٤) ، ومثله حسنة صفوان عن الرضا عليه‌السلام ٥ ، وموثق السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٦). وعن الصدوق والشيخ وابن زهرة أنه السدس لما روي عن ابن مسعود (أن رجلا أوصى لرجل بسهم من المال فأعطاه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم السدس) (٧) ، وما قيل عن أياس بن معاوية : (إن السهم في لغة العرب السدس) (٨) ، والجميع لا يصلح لمعارضة ما تقدم. ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٥٤ ـ من أبواب أحكام الوصايا حديث ١٤ و ١٣ و ٢ و ١.

(٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٥٥ ـ من أبواب أحكام الوصايا حديث ١ و ٢ و ٣.

(٧) المغني لابن قدامة ج ٦ ص ٤٤٦.

(٨) التذكرة ج ٢ ص ٤٩٦.

٣٨

صفوان عن الرضا عليه‌السلام ، ومثله روى السكوني عن الصادق عليه‌السلام معللا بآية أصناف الزكاة الثمانية ، وأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قسمها على ثمانية أسهم.

ولا يخفى أن هذه التعليلات لا تصلح للعلية ، وإنما ذكروها عليه‌السلام على وجه التقريب ، والتمثيل.

وقيل : السهم العشر استنادا إلى رواية ضعيفة.

وقيل : السدس لما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه أعطاه لرجل أوصي له بسهم.

وقيل : إن في كلام العرب أن السهم سدس ، ولم يثبت.

(والشي‌ء السدس) (١) ولا نعلم فيه خلافا.

وقيل : إنه إجماع ، وبه نصوص غير معللة.

(و) حيث لم يشترط في الموصى به كونه موجودا بالفعل (٢) (تصح الوصية بما ستحمله الأمة ، أو الشجرة) إما دائما ، أو في وقت مخصوص كالسنة المستقبلة ، (وبالمنفعة) كسكنى الدار مدة معينة ، أو دائما. ومنفعة العبد كذلك (٣) ، وشبهه (٤) وإن استوعبت قيمة العين.

______________________________________________________

ـ نعم ورد خبر طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من أوصى بسهم من ماله فهو سهم من عشرة) (١) ، ولا قائل به ، ونسبه الشيخ إلى توهم الراوي وأنه سمعه من أوصى بجزء من ماله فظنه بالسهم أو أنه ظن أن السهم والجزء بمعنى واحد.

(١) لو أوصى بالشي‌ء من ماله كان هو السدس بلا خلاف ، فيه لخبر أبان عن علي بن الحسين عليه‌السلام (عن رجل أوصى بشي‌ء من ماله ، فقال عليه‌السلام : الشي‌ء في كتاب علي عليه‌السلام واحد من ستة) (٢) ، ومثله غيره.

(٢) قد تقدم الكلام.

(٣) أي مدة معينة أو دائما.

(٤) أي شبه العبد كالدابة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥٤ ـ من أبواب أحكام الوصايا حديث ٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥٦ ـ من أبواب أحكام الوصايا حديث ١.

٣٩

(ولا تصح الوصية بما لا يقبل النقل (١) ، كحق القصاص ، وحدّ القذف ، والشفعة) فإن الغرض من الأول (٢) تشفي الوارث باستيفائه فلا يتم الغرض بنقله إلى غيره ، ومثله حد القذف ، والتعزير للشتم ، وأما الشفعة فالغرض منها دفع الضرر عن الشريك بالشركة ، ولا حظ للموصى له في ذلك (٣). نعم لو أوصي له بالشقص (٤) والخيار (٥) معا ، لم تبعد الصحة ، لأن الوصية بالمال والخيار تابع ، ونفعه ظاهر مقصود ، وكذا غيرها (٦) من الخيار.

(وتصح) الوصية(بأحد الكلاب الأربعة) (٧) ، والجرو القابل للتعليم ، لكونها مالا مقصودا ، (لا بالخنزير ، وكلب الهراش) ، لانتفاء المالية فيهما. ومثله طبل اللهو (٨) الذي لا يقبل التغيير عن الصفة المحرمة مع بقاء المالية.

(ويشترط في الزائد عن الثلث إجازة الوارث) (٩) ، ....

______________________________________________________

(١) وهو القسمان الأولان من أقسام الحقوق وقد تقدم الكلام في ذلك.

(٢) أي حق القصاص.

(٣) لأنه ليس شريكا.

(٤) أي الجزء المشاع.

(٥) أي خيار الشفعة.

(٦) أي غير الشفعة فينقل إلى الموصى له تبعا للموصى به.

(٧) وهي كلب الصيد والماشية والحائط والزرع ، لما تقدم في كتاب البيع من جواز بيعها لمالها من ماليّة ، وكذا الجرو القابل للتعليم.

نعم لا يجوز الوصية بالكلب الذي لا يجوز اقتناؤه والذي لا مالية له وهو كلب الهراش وهو غير الأربعة المتقدمة.

(٨) فإنه من الأمور التي يحرم بيعها وشراؤها لحرمة ما يترتب عليه كما تقدم في كتاب البيع ، غايته إن أمكن تغييره عن الصفة المحرمة مع بقاء ماليته فتصح الوصية به ولكن يجب تغييره حينئذ.

(٩) الوصية نافذة في الثلث على كل حال ، بلا خلاف فيه ، ولو زادت على الثلث وأجاز الوارث فكذلك بلا خلاف فيه للأخبار.

منها : خبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (في رجل أوصى بأكثر من الثلث وأعتق ممالكيه في مرضه فقال عليه‌السلام : إن كان أكثر من الثلث ردّ إلى الثلث وجاز ـ

٤٠