الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ١٦

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ١٦

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-188-2
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٣٩

إنّا لا نغدر :

وقد رأينا : أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يعلن : أن أهل الإسلام لا يغدرون بمن يعاقدونهم ويعاهدونهم ، ويخاطب أبا جندل بهذا الخطاب ، ويرفع بذلك صوته ، ليسمعه سهيل وسواه ، ثم يسعى عمر بن الخطاب لإقناع نفس أبي جندل بقتل أبيه سهيل بن عمرو غيلة وغدرا!! ويدني إليه قائم سيفه ليغريه بهذا الأمر الشنيع ، الذي يتضمن نقضا وتكذيبا للرسول «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ..

ثم إننا لا ندري ، إلى ما ستؤول إليه الأمور لو أن أبا جندل فعل ذلك؟!

وكيف سينظر الناس إلى هذه الحادثة؟! وكيف ستستغلها قريش؟!

وما هي النظرة التي سوف تتكون لدى الناس في تلك الحقبة ، وسواها إلى يوم القيامة عن طاعة أصحاب النبي له «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ومدى انصياعهم لأوامره ، وقدرته على أن يلزمهم بالتعهدات والمواثيق التي يعطيها عنهم ، بصفته رئيسا لهم؟!

أفلا يؤدي تصرف أخرق كهذا إلى تضييع كل جهود وجهاد رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وبوار أهدافه ، وعقم كل تدبيره ، وانقلاب الأمور رأسا على عقب ، وربما عودتها إلى نقطة الصفر ، أو ما هو أدنى من ذلك؟! ..

غضب قريش من خزاعة :

وقد كان من الطبيعي : أن تغضب قريش من دخول خزاعة في حلف رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ..

٨١

وكان أول رد فعل ظهر على هذه المبادرة هو : أن أحد المفاوضين ، وهو حويطب بن عبد العزى ، التفت إلى سهيل بن عمرو ، وقال : بادأنا أخوالك بالعداوة ، وقد كانوا يستترون منا ، وقد دخلوا في عهد محمد وعقده!!

فقال سهيل : ما هم إلا كغيرهم ، هؤلاء أقاربنا ولحمنا ، قد دخلوا مع محمد ، قوم اختاروا لأنفسهم أمرا ، فما نصنع بهم؟!

قال حويطب : نصنع بهم : أن ننصر عليهم حلفاءنا بني بكر.

قال سهيل : إياك أن يسمع منك هذا بنو بكر ، فإنهم أهل شؤم ، فيقعوا بخزاعة ، فيغضب محمد لحلفائه ، فينقض العهد بيننا وبينه.

قال حويطب : والله حظوت أخوالك بكل وجه ..

فقال سهيل : ترى أخوالي أعز عليّ من بني بكر؟! ولكن والله لا تفعل قريش شيئا إلا فعلته ، فإذا أعانت بني بكر خزاعة ، فإنما أنا رجل من قريش ، وبنو بكر أقرب إليّ في قدم النسب ، وإن كان لهؤلاء الخؤولة.

وبنو بكر من قد عرفت ، لنا منهم مواطن كلها ليست بحسنة ، منها يوم عكاظ (١).

ونقول :

إن هذا النص يشير : إلى حاجة قريش إلى هذا الصلح ، وحرصها على إمضائه.

كما أنه يدل على : أن الثقة بين أركان الشرك كانت غير وطيدة ولا تصلح للاعتماد عليها ..

__________________

(١) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٦١٢.

٨٢

ويدل أيضا : على أن قريشا لم تجد في دخول بني بكر في حلفها ما يسعدها ، لأن لها منها مواطن غير حميدة ..

ولكننا في المقابل نجد : أن خزاعة كانت عيبة نصح لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» .. رغم أنها لم تكن على دينه.

ولعل الأمرّ ، والأضرّ والأشرّ بالنسبة لقريش : أن خزاعة هي التي بادرت إلى الدخول في حلف عدوها في حركة أظهرت : أنها كانت تنتظر الفرصة ، فلما واتتها بادرت إلى اقتناصها.

يضاف إلى ذلك : أن خزاعة قد أظهرت جرأة عظيمة حين دخلت في حلف النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ؛ في حين أنها لم تكن تعيش في منطقة نفوذه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ليقال : إنها بحاجة إلى مهادنته ، وحماية نفسها من سائر القبائل بالدخول في حلفه.

بل هي بعملها هذا قد رفضت محيطها وتمردت عليه ، وربطت مصيرها بمن هو بعيد عنها.

ومن شأن هذا أن يسيء إلى سمعة قريش ، ويضع علامات استفهام كبيرة على مصداقيتها ، وعلى هيبتها ، وعلى سياساتها و.. و..

صلح الحديبية لا يشمل النساء :

وقد ذكرت النصوص التاريخية والحديثية : أن عددا من النساء قد هاجرن من مكة إلى المدينة بعد الحديبية ، وأن قريشا قد طلبت من النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، أن يرجعهن إليها ، فرفض «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ذلك

٨٣

معلنا : أن نصوص صلح الحديبية لا تشمل النساء (١).

وقد ذكرت بعض المصادر : أن العبارة الموجودة في الاتفاقية تقول :

«فقال سهيل : على أنه لا يأتيك من (رجل) ، وإن كان على دينك إلا رددته إلينا ، ومن جاءنا ممن معك لا نرده عليك» (٢).

__________________

(١) البحار ج ٢٠ ص ٣٣٩ وعن ج ٨٩ ص ٦٧ وعن فتح الباري ج ٨ ص ٤٨٨ وعن تفسير مجمع البيان ج ٩ ص ٤٥٣ ونور الثقلين ج ٥ ص ٣٠٤ وجامع البيان ج ٢٨ ص ٨٨ وأسباب نزول الآيات ص ٢٨٥ وزاد المسير ج ٨ ص ٨ والجامع لأحكام القرآن ج ١٨ ص ٦١ و ٦٤ وتفسير القرآن العظيم ج ٤ ص ٣٧٦ وتفسير الجلالين ص ٧٦٦ والدر المنثور ج ٦ ص ٢٠٦ ولباب النقول ص ١٩٤ وتفسير الثعالبي ج ٥ ص ٤٢٠ وفتح القدير ج ٥ ص ٢١٥ والطبقات الكبرى ج ٨ ص ١٣ وتاريخ مدينة دمشق ج ٧٠ ص ٢٢٠ وأسد الغابة ج ٥ ص ٤٧٥ وموسوعة التاريخ الإسلامي ج ٢ ص ٦٤٧ وعن السيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٧٩٠.

(٢) البحار ج ٢٠ ص ٣٣٤ ومجمع البيان ج ٩ ص ١١٦ ـ ١١٩ والكافي ج ٨ ص ٣٢٧ وكتاب سليم بن قيس ص ٣٢٩ ومسند أحمد ج ٤ ص ٣٣٠ وعن صحيح البخاري ج ٣ ص ١٨١ وعن سنن أبي داود ج ١ ص ٦٢٩ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٩ ص ٢٢٠ وعن فتح الباري ج ٥ ص ٢٥٢ والمصنف لعبد الرزاق ج ٥ ص ٣٣٨ وصحيح ابن حبان ج ١١ ص ٢٢٣ وعن المعجم الكبير ج ٢٠ ص ١٣ ونصب الراية ج ٣ ص ٢٤٨ وإرواء الغليل ج ١ ص ٥٧ وجامع البيان ج ٢٦ ص ١٢٩ وتفسير القرآن العظيم ج ٤ ص ٢١٣ والدر المنثور ج ٦ ص ٧٧ وتاريخ مدينة دمشق ج ٥٧ ص ٢٢٩ وسير أعلام النبلاء ج ١ ص ١٩٢ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٢٠٠ وموسوعة التاريخ الإسلامي ج ٢ ص ٦٣٠ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٣٣٣.

٨٤

فلا صحة لما يدّعيه البعض : من أن القرآن قد نزل بنقض العهد فيما يختص بإرجاع النساء (١).

على أنه : لو صح ذلك ، فلا بد أن تتخذه قريش ذريعة للتشهير ، ولسوف لا تقبل الاعتذار بهذا النقض القرآني ، ما دامت لا تعترف بالقرآن ، ولا تراه ، وحيا ، وقد تجلى ذلك من مواقف ممثلها سهيل بن عمرو حين كتابة العهد ، حيث أصرّ على حذف كلمة رسول الله ، وعلى استبدال : بسم الله الرحمن الرحيم ب : «باسمك اللهم».

١ ـ سبيعة الأسلمية :

ومن النسوة اللواتي جئن إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بعد الحديبية : «سبيعة بنت الحارث الأسلمية».

وقيل : هي أسلمية ، ولكنها غير بنت الحارث (٢).

فإنها جاءت مسلمة بعد الفراغ من الكتاب ، وطيه ، والنبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في الحديبية.

فأقبل زوجها مسافر (من بني مخزوم ، وقيل : بل زوجها هو صيفي بن الراهب في طلبها) ، وكان كافرا ، فقال : يا محمد ، أردد عليّ امرأتي ، فإنك قد شرطت لنا أن ترد علينا من أتاك منا. وهذه طينة الكتاب لم تجف بعد ..

فنزلت الآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ

__________________

(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٢٦ والطبقات الكبرى ج ٨ ص ٢٣٠.

(٢) الإصابة ج ٤ ص ٣٢٥ وشرح أصول الكافي ج ١٢ ص ٤٥٣ والبحار ج ٢٠ ص ٣٣٧ ونور الثقلين ج ٥ ص ٣٠٤ وزاد المسير ج ٨ ص ٨ وتاريخ المدينة ج ٢ ص ٤٩٢.

٨٥

فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَ) (١). فاستحلفها رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فما خرجت بغضا لزوجها ، ولا عشقا لرجل منا ، وما خرجت إلا رغبة في الإسلام : فحلفت بالله الذي لا إله إلا هو على ذلك.

فأعطى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» زوجها مهرها ، وما أنفق عليها ، ولم يردها عليه ، فتزوجها عمر بن الخطاب (٢).

٢ ـ أروى بنت ربيعة :

أروى بنت ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب : وقد كانت أروى بنت ربيعة ممن فر إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من نساء الكفار ، فحبسها النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ولم يرجعها إليهم وزوجها خالد بن سعيد بن العاص (٣).

٣ ـ أميمة بنت بشر :

وكانت أميمة بنت بشر عند ثابت بن الدحداحة ، ففرت منه إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فزوجها رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» سهل بن حنيف ، فولدت عبد الله بن سهل (٤).

__________________

(١) الآية ١٠ من سورة الممتحنة.

(٢) راجع فيما تقدم : البحار ج ٢٠ ص ٣٣٧ و ٣٣٨ والإصابة ج ٤ ص ٣٢٥ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٢٦ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٢٣.

(٣) البحار ج ٢٠ ص ٣٣٨ وعن تفسير مجمع البيان ج ٩ ص ٤٥٣ وجامع البيان ج ٢٨ ص ٩٢.

(٤) البحار ج ٢٠ ص ٣٣٨ وراجع : الإصابة ج ٤ ص ٢٣٩ وفيه : أنها كانت تحت حسان ـ

٨٦

٤ ـ أم كلثوم بنت عقبة :

وقد جاءت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط مسلمة مهاجرة من مكة أيضا ، فجاء أخواها الوليد وعمارة إلى المدينة ، فسألا رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ردها عليهما.

فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «إن الشرط بيننا في الرجال لا في النساء» ، فلم يردها عليهما (١).

٥ ـ زينب ربيبة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

قال الشعبي : وكانت زينب امرأة أبي العاص بن الربيع قد أسلمت ، ولحقت بالنبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ثم أتى أبو العاص مسلما ، فرد النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» زينب عليه بنكاح جديد ، وقيل : بالنكاح الأول.

وقد تقدم : أن قضية زينب لا ارتباط لها بالحديبية ، وأنه قد ردها عليه بنكاح جديد فراجع (٢).

__________________

بن الدحداحة ، وجامع البيان ج ٢٨ ص ٩٢ وعن تفسير مجمع البيان ج ٩ ص ٤٥٣.

(١) البحار ج ٢٠ ص ٣٣٩ و ٣٧٣ وراجع : الإصابة ج ٤ ص ٤٩١ والإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج ٤ ص ٤٨٨ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٢٥ و ٢٦ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٢٣ و ٢٤ وعن فتح الباري ج ٩ ص ٣٤٥ وعن تفسير مجمع البيان ج ٩ ص ٤٥٣ ونور الثقلين ج ٥ ص ٣٠٤ والجامع لأحكام القرآن ج ١٨ ص ٦١ وموسوعة التاريخ الإسلامي ج ٢ ص ٦٤٧.

(٢) تقدم الحديث عن زينب وإرجاعها إلى زوجها في الجزء السابق من هذا الكتاب.

٨٧

وفي بعض النصوص : أن أبا العاص هو الذي أذن لها بإتيان المدينة (١).

نساء لحقن بالمشركين :

أما بالنسبة للنساء اللواتي رجعن عن الإسلام ، وعدن إلى بلاد الشرك فقد ذكر الزهري أنهن ست نساء ، وهن :

١ ـ أم الحكم بنت أبي سفيان ، وكانت تحت عياض بن شداد الفهري.

٢ ـ فاطمة بنت أبي أمية بن المغيرة ، أخت أم سلمة ، كانت تحت عمر بن الخطاب ، فلما أراد أن يهاجر أبت وارتدت.

٣ ـ يروع بنت عقبة ، كانت تحت شماس بن عثمان.

٤ ـ عبدة بنت عبد العزى بن نضلة (أو فضلة) ، كان زوجها عمرو بن عبدود.

٥ ـ هند بنت أبي جهل ، كانت تحت هشام بن العاص بن وائل.

٦ ـ كلثوم بنت جرول (أو أم كلثوم). كانت تحت عمر.

فأعطى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أزواجهن من المسلمين مهور نسائهم من الغنيمة (٢).

__________________

(١) البحار ج ٢٠ ص ٣٦٤ عن إعلام الورى ج ١ ص ٢٠٦ وتاريخ مدينة دمشق ج ٦٧ ص ١٥ وموسوعة التاريخ الإسلامي ج ٢ ص ٦٤٥.

(٢) البحار ج ٢٠ ص ٣٤١ والمحبر لابن حبيب ص ٤٣٢ وعن تفسير مجمع البيان ج ٩ ص ٤٥٥ والميزان ج ١٩ ص ٢٤٥ والجامع لأحكام القرآن ج ٨٨ ص ٧٠.

٨٨

الفصل الثالث :

إدانة البريء

٨٩
٩٠

هل عصى علي عليه‌السلام أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟!

وزعم البخاري وغيره : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أمر عليا «عليه‌السلام» : أن يكتب في بداية عهد الحديبية : بسم الله الرحمن الرحيم.

فقال سهيل بن عمرو : لا أعرف هذا ، ولكن اكتب باسمك اللهم.

فقال «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : اكتب : باسمك اللهم.

فكتب «عليه‌السلام» ذلك.

ثم قال «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : اكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو ، (فكتب) ، فاعترض عليه سهيل ، وقال : لو نعلم أنك رسول الله ما قاتلناك ، ولا صددناك ، ولكن اكتب اسمك ، واسم أبيك.

فأمر رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عليا «عليه‌السلام» بمحوها ..

فزعموا : أن عليا «عليه‌السلام» قال : لا والله لا أمحاك أبدا.

أو قال : إن يدي لا تنطلق بمحو اسمك من النبوة ، أو ما أنا بالذي أمحاه .. أو نحو ذلك.

فمحاه «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

أو فقال له «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : ضع يدي عليها. أو أرني إياها ، فأراه ، فمحاه بيده. أو فأخذه رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وليس يحسن أن

٩١

يكتب. ثم قال : اكتب الخ .. (١).

__________________

(١) راجع المصادر التالية : العبر وديوان المبتدأ والخبر ج ٢ ق ٢ ص ٣٤ و ٣٥ والجامع لأحكام القرآن ج ١٦ ص ٢٧٥ ـ ٢٧٧ وروح المعاني ج ٩ ص ٥ وعمدة القاري ج ١٤ ص ١٢ و ١٣ وج ١٣ ص ٢٧٥ وتفسير القمي ج ٢ ص ٣١٢ و ٣١٣ وتفسير نور الثقلين ج ٥ ص ٥٢ و ٥٣ وتفسير الصافي ج ٥ ص ٣٥ و ٣٦ وتفسير البرهان ج ٤ ص ١٩٢ وحبيب السير ج ١ ص ٣٧٢ وتفسير الميزان ج ١٨ ص ٢٦٧ ومجمع البيان ج ٩ ص ١١٨ والبحار ج ٢٠ ص ٣٥٢ و ٣٥٩ و ٣٣٣ و ٣٧١ و ٣٦٣ و ٣٥٧ وج ٣٣ ص ٣١٤ وصحيح مسلم ج ٥ ص ١٧٣ و ١٧٤ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٢١ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٢٠ والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ٤٣ والكامل في التاريخ ج ٢ ص ٢٠٤ وج ٣ ص ٣٢٠ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٦٣٦ وشرح بهجة المحافل ج ١ ص ٣١٦ و ٣١٧ والمواهب اللدنية ج ١ ص ١٢٨ وصحيح البخاري ج ٢ ص ٧٣ وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص ٣٩٠ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٤ ص ١٤٦ و ١٤٧ وحدائق الأنوار ج ٢ ص ٦١٦ والأموال ص ٢٣٢ و ٢٣٣ وتفسير القرآن العظيم ج ٤ ص ٢٠٢ وتفسير الخازن ج ٤ ص ١٥٦ و ١٥٧ وكشف الغمة ج ١ ص ٢١٠ والإرشاد للمفيد ج ١ ص ١٢٠ وإعلام الورى ص ٩٧ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٥٤ و ٥٣ وعن السنن الكبرى للبيهقي ج ٨ ص ٥ وعن مستدرك الحاكم ج ٣ ص ١٢٠ وعن تاريخ بغداد ونهاية الإرب ج ١٧ ص ٢٣٠ وأصول السرخسي ج ٢ ص ١٣٥ والإحسان بترتيب صحيح ابن حبان ج ١١ ص ٢٢٢ و ٢٢٣ ومسند أبي عوانة ج ٤ ص ٢٣٧ و ٢٣٩ وصبح الأعشى ج ١٤ ص ٩٢ والعثمانية ص ٧٨ وتاريخ ابن الوردي ج ١ ص ٢١٥ وخصائص الإمام علي «عليه‌السلام» للنسائي ص ١٥٠ و ١٥١ ومسند أحمد ج ٤ ص ٢٩٨ وفضائل الخمسة من الصحاح الستة ج ٢ ص ٢٣٣ ـ ٢٣٦ وإحقاق الحق ـ

٩٢

بل ذكر ابن حبان : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أمر عليا «عليه‌السلام» بمحو اسمه مرتين ، فأبى ذلك فيهما معا (١).

وعن محمد بن كعب : أن عليا «عليه‌السلام» جعل يتلكأ ويبكي ، ويأبى أن يكتب إلا محمد رسول الله ، فقال له : اكتب ، فإن لك مثلها ، وتعطيها وأنت مضطهد.

فكتب ما قالوا (٢).

__________________

(الملحقات) ج ٨ ص ٤١٩ و ٤٢٠ و ٦٣٧ و ٦٣٨ و ٦٤١ و ٦٤٢ وج ١٨ ص ٣٦١ عن بعض من تقدم وعن مصادر أخرى فليراجع. وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج ٢ ص ٢٧٥ ومناقب آل أبي طالب ج ٣ ص ٢١٤ ومشكل الآثار ج ٤ ص ١٧٣ والرياض النضرة ج ٢ ص ١٩١.

(١) الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان ج ١١ ص ٢٢٢ و ٢٢٣.

(٢) راجع : مجمع البيان ج ٩ ص ١١٩ ومناقب آل أبي طالب ج ٣ ص ٢١٤ وبحار الأنوار ج ٢٠ ص ٣٣٥ وج ٣٣ ص ٣١٤ و ٣١٦ و ٣١٧ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٥٤ وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص ٣٩٠ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٤ ص ١٤٧ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٢٠ والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ٤٣.

وعن وعد النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لعلي بأن له مثلها وهو مقهور راجع أيضا : تاريخ الخميس ج ٢ ص ٢١ والكامل في التاريخ ج ٢ ص ٢٠٤ وحبيب السير ج ١ ص ٣٧٢ وتفسير البرهان ج ٤ ص ١٩٣ والبحار ج ٢٠ ص ٣٥٢ و ٣٥٧ وتفسير القمي والخرايج والجرايح وغير ذلك كثير. والخصائص للنسائي (ط التقدم بمصر) ص ٥٠ وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج ١ ص ١٩٠ وج ٢ ص ٥٨٨ والمغني لعبد الجبار ج ١٦ ص ٤٢٢ وينابيع المودة ص ١٥٩ وصبح الأعشى ج ١٤ ص ٩٢.

٩٣

ظهور الحقد الدفين :

وقد وجد أنصار الأمويين ، وأتباع مناوئي علي وأهل البيت «عليهم‌السلام» ـ وجدوا بزعمهم ـ الفرصة سانحة لتوجيه ضربتهم ، فقالوا : إذا كان الشيعة يحشدون الشواهد المتواترة على مخالفات صريحة ، أو قبيحة ، ومؤذية صدرت من عدد من الصحابة لأوامر رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» .. فإن عليا «عليه‌السلام» قد وقع في نفس المحذور ، حين رفض امتثال أمر النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بمحو وكتابة ما يمليه عليه.

حتى لقد قال السرخسي : «لقد كان هذا الإباء بالرأي في مقابلة النص» (١).

وفي سؤال وجه للسيد المرتضى ، جاء ما يلي : «.. ليس يخلو ، إما أن يكون قد علم أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لا يأمر إلا بما فيه مصلحة ، وتقتضيه الحكمة والبينات ، وأن أفعاله عن الله سبحانه وبأمره. أو لم يعلم.

فإن كان يعلم ، فلم خالف ما علم؟!

وإن كان لم يعلمه ، فقد جهل ما تدّعيه العقول من عصمة الأنبياء عن الخطأ ، وجوّز المفسدة فيما أمر به النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لهذا ، إن لم يكن قطع بها.

وهل يجوز أن يكون أمير المؤمنين «عليه‌السلام» توقف عن قبول الأمر ، لتجويزه أن يكون أمر النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» معتبرا له ومختبرا؟! مع ما في ذلك لكون النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عالما بإيمانه قطعا ، وهو

__________________

(١) أصول السرخسي ج ٢ ص ١٣٥.

٩٤

خلاف مذهبكم ، ومع ما فيه من قبح الأمر على طريق الاختبار بما لا مصلحة في فعله على كل حال.

فإن قلتم : إنه يجوز أن يكون النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد أضمر محذوفا ، يخرج الأمر به من كونه قبيحا.

قيل لكم : فقد كان يجب أن يستفهم ذلك ، ويستعلمه منه ، ويقول : فما أمرتني قطعا من غير شرط أضمرته أولا» (١).

ونقول :

أولا : لقد أجاب السيد المرتضى بما يتوافق مع مذاق المعترض في نظرته للأمور ، ونوضح مراده على النحو التالي :

لو سلمنا : صدور هذا الأمر من علي «عليه‌السلام» ، فهو لا يدل على عدم عصمته ، لأنه جوّز أن يكون أمر النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بالمحو ليس أمرا حقيقيا ، بل مجاراة لسهيل ، لا لأنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يؤثر ذلك .. فتوقف حتى يظهر : أنه مؤثر له.

وتوقفه هذا يقوم مقام الاستفهام ، ليتأكد له حقيقة هذا الطلب ، وأنه أمر حقيقي ، أو ليس بحقيقي (٢).

قال العيني عن قوله «عليه‌السلام» : «ما أنا بالذي محاه : ليس بمخالفة لأمر رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ؛ لأنه علم بالقرينة أن الأمر ليس

__________________

(١) رسائل الشريف المرتضى ج ١ ص ٤٤١ و ٤٤٢.

(٢) رسائل الشريف المرتضى ج ١ ص ٤٤٢.

٩٥

للإيجاب» (١).

وقال القسطلاني ، والنووي : «قال العلماء : هذا الذي فعله علي من باب الأدب المستحب ، لأنه لم يفهم من النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» تحتّم محو على نفسه ، ولهذا لم ينكر عليه ، ولو حتم محوه لنفسه لم يجز لعلي تركه ، ولا أقره النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» على المخالفة» (٢).

ثانيا : إن هذه القضية موضع شك وريب من أساسها ، وذلك لأسباب عديدة ، سوف نوردها في الفقرة التالية ..

الشك فيما ينسب لعلي عليه‌السلام :

إن شكنا في صحة ما ينسب إلى علي «عليه‌السلام» يستند إلى الأمور التالية :

أولا : إن عليا «عليه‌السلام» يقول : «لقد علم المستحفظون من أصحاب محمد : أني لم أرد على الله ولا على رسوله ساعة قط الخ ..» (٣).

قال المعتزلي ـ وهو يشير إلى اعتراضات بعض الصحابة على النبي

__________________

(١) رسائل الشريف المرتضى ج ١ ص ٤٤٣.

(٢) شرح صحيح مسلم ج ١٢ ص ١٣٥.

(٣) نهج البلاغة (بشرح عبده) ج ٢ ص ١٩٦ و ١٩٧ وراجع : شرح النهج للمعتزلي ج ١٠ ص ١٧٩ و ١٨٠ وغرر الحكم ج ٢ ص ٢٨٨ (مع الترجمة الفارسية للأنصاري) وشرح أصول الكافي ج ١٢ ص ٤٥٤ والبحار ج ٣٨ ص ٣١٩ والأنوار البهية ص ٥٠ والمراجعات ص ٣٣٠ وينابيع المودة ج ١ ص ٢٦٥ وج ٣ ص ٤٣٦.

٩٦

«صلى‌الله‌عليه‌وآله» في الحديبية ـ : «إن هذا الخبر صحيح لا ريب فيه ، والناس كلهم رووه» (١).

ويؤكد ذلك : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يقول : «علي مع الحق ، والحق مع علي ، يدور معه حيث دار» ، أو «علي مع القرآن ، والقرآن مع علي» ، ونحو ذلك (٢) فإن من يكون مع الحق ومع القرآن ، لا يمكن أن تصدر منه مخالفة لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ولا عصيان لأمره.

ويؤكد مدى طاعة علي للرسول «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، قوله «عليه‌السلام» : أنا عبد من عبيد محمد (٣).

فهل يمكن أن يقارن من هذا حاله بمن يقول عن نفسه : أنا زميل

__________________

(١) شرح النهج للمعتزلي ج ١٠ ص ١٨٠.

(٢) راجع : دلائل الصدق ج ٢ ص ٣٠٣ وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج ١٨ ص ٧٢ وعبقات الأنوار ج ٢ ص ٣٢٤ عن السندي في دراسات اللبيب ص ٢٣٣ وكشف الغمة ج ٢ ص ٣٥ وج ١ ص ١٤١ ـ ١٤٦ والجمل ص ٨١ وتاريخ بغداد ج ١٤ ص ٣٢١ ومستدرك الحاكم ج ٣ ص ١١٩ و ١٢٤ وتلخيص المستدرك للذهبي (مطبوع بهامشه) وربيع الأبرار ج ١ ص ٨٢٨ و ٨٢٩ ومجمع الزوائد ج ٧ ص ٢٣٤ ونزل الأبرار ص ٥٦ وفي هامشه عنه وعن : كنوز الحقائق ص ٦٥ وعن كنز العمال ج ٦ ص ١٥٧ وملحقات إحقاق الحق ج ٥ ص ٧٧ و ٢٨ و ٤٣ و ٦٢٣ و ٦٣٨ وج ١٦ ص ٣٨٤ و ٣٩٧ وج ٤ ص ٢٧ عن مصادر كثيرة جدا.

(٣) بحار الأنوار ج ٣ ص ٢٨٣ والتوحيد للصدوق ص ١٧٤ والإحتجاج ج ١ ص ٤٩٦ والكافي ج ١ ٩٠ وشرح أصول لكافي ج ٣ ص ١٣٠ و ١٣١ وعوالي اللآلي ج ١ ص ٢٩٢ والفصول المهمة ج ١ ص ١٦٨ والبحار ج ٣ ص ٢٨٣ وعن ج ١٠٨ ص ٤٥ ونور البراهين ج ١ ص ٤٣٠.

٩٧

محمد؟! (١).

وقد بلغ التزامه بحرفية أوامره «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال له في خيبر : «اذهب ولا تلتفت ، حتى يفتح الله عليك».

فمشى هنيهة ، ثم قام ولم يلتفت للعزمة ، ثم قال : علام أقاتل الناس؟

قال النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله (٢).

__________________

(١) راجع : تاريخ الأمم والملوك (ط مطبعة الإستقامة) ج ٣ ص ٢٩١ والغدير ج ٦ ص ٢١٢ ومكاتيب الرسول ج ١ ص ٥٩٠ وج ٣ ص ٧١٦ والفايق في غريب الحديث ج ١ ص ٤٠٠ وج ٢ ص ١١.

(٢) راجع : أنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج ٢ ص ٩٣ والإحسان بترتيب صحيح ابن حبان ج ١٥ ص ٣٨٠ وإسناده صحيح ، ومسند أحمد ج ٢ ص ٣٨٤ ـ ٣٨٥ وصحيح مسلم ج ٧ ص ١٢١ وسنن سعيد بن منصور ج ٢ ص ١٧٩ وخصائص أمير المؤمنين للنسائي ص ٥٨ و ٥٩ و ٥٧ وترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق (بتحقيق المحمودي) ج ١ ص ١٥٩ والغدير ج ١٠ ص ٢٠٢ وج ٤ ص ٢٧٨ وفضائل الخمسة من الصحاح الستة ج ١ ص ٢٠٠ ومسند الطيالسي ص ٣٢٠ وطبقات ابن سعد ج ٢ ص ١١٠ وشرح أصول الكافي ج ٦ ص ١٣٦ وج ١٢ ص ٤٩٤ ومناقب أمير المؤمنين ج ٢ ص ٥٠٣ والأمالي للطوسي ص ٣٨١ والعمدة ص ١٤٣ و ١٤٤ و ١٤٩ والطرائف ص ٥٩ والبحار ج ٢١ ص ٢٧ وج ٣٩ ص ١٠ و ١٢ والنص والإجتهاد ص ١١١ وعن فتح الباري ج ٧ ص ٣٦٦ والسنن الكبرى للنسائي ج ٥ ص ١١١ ورياض الصالحين ص ١٠٨ وكنز العمال ج ١ ص ٨٦ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤٢ ص ٨٢ و ٨٣ و ٨٤ و ٨٥ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٢١١ والسيرة النبوية ـ

٩٨

وقال ابن عباس لعمر ، عن علي «عليه‌السلام» : إن صاحبنا من قد علمت ، والله إنه ما غيّر ولا بدل ، ولا أسخط رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أيام صحبته له (١).

ثانيا : إن أعداء علي «عليه‌السلام» والمتربصين به السوء ، والباحثين عن أي مغمز فيه كثيرون ، لا يحدهم حد ، ولا يقعون تحت عد ، ومنهم من حاربه بكل ما قدر عليه ، فلو أنهم وجدوا في قضية الحديبية ما يوجب أدنى طعن ، أو يبرر أي تحامل عليه لما تركوه. بل كانوا ملأوا الدنيا تشنيعا عليه ، وتقبيحا لما صدر منه. مع أننا لا نجد أحدا تفوه ببنت شفة في هذا المجال ..

ثالثا : إن النصوص مختلفة في نسبة هذا الأمر إليه «عليه‌السلام» ، بل في بعضها تصريح بما يكذّب هذه النسبة من أساسها ..

فقد أظهرت النصوص : أن اعتراض سهيل بن عمرو قد أثار حفيظة المسلمين ، حتى أمسك بعضهم يد علي «عليه‌السلام» ، ومنعه من الكتابة.

وفي بعضها ما يفيد : أن سهيلا قد وجه طلبه بمحو تلك الكلمات إلى علي نفسه ، فرفض علي «عليه‌السلام» طلب سهيل ، لا طلب رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

__________________

ـ لابن كثير ج ٣ ص ٣٥٢ وجواهر المطالب في مناقب الإمام علي ج ١ ص ١٧٨ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٢٥ وينابيع المودة ج ١ ص ١٥٤.

(١) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج ١٢ ص ٥١ ومنتخب كنز العمال (مطبوع مع مسند أحمد) ج ٥ ص ٢٢٩ وج ١٣ ص ٤٥٤ وحياة الصحابة ج ٣ ص ٢٤٩ عنه وعن الزبير بن بكار في الموفقيات ، وقاموس الرجال ج ٦ ص ٢٥ والدر المنثور ج ٤ ص ٣٠٩.

٩٩

فما كان من النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلا أن بادر وطلب من علي «عليه‌السلام» أن يضع يده على الكلمة ، حسما للنزاع بين علي «عليه‌السلام» وسهيل ، وإعزازا منه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لعلي. حيث لم يشأ أن يكسر كلمته أمام عدوه (١).

وقد صرح علي «عليه‌السلام» : بأن المشركين هم الذين راجعوه في هذا الأمر (٢).

بل في بعض النصوص : أن عليا «عليه‌السلام» هو الذي محاها ، وقال للنبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : لولا طاعتك لما محوتها (٣).

والصورة التي يمكن استخلاصها من النصوص هي :

أن النزاع قد اشتد بين علي «عليه‌السلام» وسهيل بن عمرو ، وأن عليا «عليه‌السلام» : قد محابسم الله الرحمن الرحيم ، وكتب باسمك اللهم. طاعة لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وقال له : لو لا طاعتك لما محوتها.

ثم اشتدت المنازعة بين الصحابة وبين سهيل ، وأخذوا بيد علي «عليه‌السلام». ورفض علي «عليه‌السلام» ما طلبه منه سهيل أيضا ، وما جادله

__________________

(١) راجع : خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب للنسائي ص ١٤٩ وإحقاق الحق (قسم الملحقات) ج ٨ ص ٤١٩ والأمالي للطوسي ص ١٩٠ و ١٩١ والبحار ج ٣٣ ص ٣١٦ وراجع ج ٢٠ ص ٣٥٧ والخرايج والجرايح ج ١ ص ١١٦ وصفين للمنقري ص ٥٠٩.

(٢) صفين للمنقري ص ٥٠٨.

(٣) راجع : كشف الغمة للأربلي ج ١ ص ٣١٠ والإرشاد ج ١ ص ١٢٠ وعن إعلام الورى ص ٩٧ والبحار ج ٢٠ ص ٣٥٩ و ٣٦٣ و ٣٥٧.

١٠٠