الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ١٥

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ١٥

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-171-8
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٥٢

وأظهرت الوقائع في بدر ، وأحد ، والخندق وغيرها : كيف تحول ما كان يراه الناس يتعرض للبوار والدمار ، والفناء المحتم ، إلى نصر مؤزر ، وفتح مبين ، ومدهش.

من أجل ذلك كله : فإنهم كانوا غير مستعدين للمغامرة معه ، بل لابد من حساب الأمور بدقة ، ولا بد لهم من رصد خططه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، حتى لا تنتهي الأمور إلى مفاجآت ماحقة لهم ..

كما أن عليهم أن يعرفوا : أن القوة الضاربة والمقاتلة لم يصبها أي وهن أو ضعف ، بل هي لو عرفت أنهم قد اعتدوا على من خلّفوه من نساء وأطفال وأموال ، سوف يتضاعف حماسها ، واندفاعها لإنزال أقسى الضربات بهم. وقد رأى الناس من هذا الجيش العجائب في الحالات العادية ، فكيف إذا تطورت الأمور على هذا النحو المثير.

وذلك كله يوضح : أن لا خوف على المدينة من أحد في غياب رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، حتى لو استمرت غيبته شهرا ، أو شهرين أو أكثر .. فلا معنى لخوف الأعراب ، ولا معنى لأن يتصوروا أن محمدا وأصحابه اكلة جزور لقريش ، وأنه لن يرجع هو وأصحابه من سفره هذا إلا إذا كان ثمة من يبث الشائعات ، ويخوف الناس لمصلحة قريش.

حضور المنافقين في الحديبية :

لقد اعتقد كثير من المنافقين : أنه ليس من مصلحتهم أن يكونوا مع النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في سفره ذاك ، لأن ظواهر الأمور تشير إلى : أن مشركي مكة لن يمكّنوا رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من دخول مكة ،

٨١

وأن الحرب واقعة بينهم وبين المسلمين لا محالة .. وليس من مصلحتهم تعريض أنفسهم لأخطار جسام في مناطق بعيدة عن بلادهم ؛ لأن الدائرة ستدور على المسلمين ؛ من أجل ذلك صاروا يتعللون بأعذار واهية تتعلق بأشغالهم ، وبأموالهم ، وأهليهم ..

ولكن بعضهم قد خرج مع رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في ذلك السفر ربما اعتمادا على علاقاته بمشركي مكة ، وإحساسه بالأمن من جهتهم ، لو أنهم انتصروا في الحرب .. مع شعوره بضرورة الحضور ؛ لأن زعامته وموقعه لا يسمح له بالتخلف ، ويجعله محرجا أمام أقرانه ، وأمام رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وربما لغير ذلك من أسباب ..

هذا هو سلاحهم :

قالوا : «ولم يكن مع المسلمين سلاح إلا السيوف في القرب. والسيوف هي سلاح المسافر ، وقال عمر بن الخطاب :

أتخشى يا رسول الله من أبي سفيان ، وأصحابه ، ولم تأخذ للحرب عدتها؟!

فقال «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : لست أحب أن أحمل السلاح معتمرا. وكان معهم مائتا فرس» (١).

وذكر الطبري : أنه لما خرج رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بالهدي ، وانتهى إلى ذي الحليفة (وهو موضع مسجد الشجرة ، حيث يحرم أهل المدينة ، يقع على بعد ستة أميال من مسجد النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله») قال

__________________

(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٩ وشرح المواهب للزرقاني ج ٣ ص ١٧٣.

٨٢

عمر : يا رسول الله ، تدخل على قوم هم لك حرب بغير سلاح ولا كراع؟

قال : فبعث النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلى المدينة ، فلم يدع فيها كراعا ولا سلاحا إلا حمله ، فلما دنا من مكة منعوه أن يدخل الخ ..

ثم ذكر : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أرسل خالدا إلى عكرمة ، فحاربه فهزمه حتى أدخله حيطان مكة (١).

ونقول :

أولا : إن هذا الكلام غير صحيح لأن خالدا لم يكن قد أسلم حينئذ بل كان لا يزال على الكفر ، ويحارب مع أهل مكة ، ويقود جيوشهم. وكان طليعة خيل المشركين ومعه مائتا فارس في الحديبية (٢).

ثانيا : قد صرحت النصوص : بأن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لم يأخذ معه من السلاح إلا السيوف في القرب (٣) ، وهي سلاح المسافر.

ونقول أيضا :

١ ـ إن من الواضح : أن ما يقوله وما يفعله رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» حجة ودليل ، على الأحكام ، وعلى السياسات ، وعلى الاعتقادات ، وعلى المفاهيم ، وعلى كل ما يمكن استفادته منه بطرق الاستفادة والدلالة التي يرضاها العقلاء بما هم عقلاء. ولم تزل البيانات الإلهية والنبوية تتوالى

__________________

(١) تاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٢٧٢.

(٢) الإصابة ج ١ ص ٤١٧ وصحيح البخاري وجميع المصادر التي ذكرناها في الهامش الأول في هذا الفصل ، وكذلك المصادر التي ستأتي في الفصول التالية. وراجع أيضا : سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٦.

(٣) راجع جميع المصادر التي تحدثت عن غزوة الحديبية.

٨٣

وتؤكد قولا وعملا على أن للبيت حرمته ، ولمكة شرفها ، ومكانتها.

وهذا بالذات هو ما يفسر لنا قوله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لعمر بن الخطاب ، حين سأله عن ذلك : لست أحب أن أحمل السلاح معتمرا ..

ولو أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد أبدى أي تسامح في هذا الأمر ـ ولو بإظهار السلاح في حال اعتماره ـ لوجدت الظلمة والطغاة لا يكتفون بحمل السلاح ، وإخافة الناس ، وإنما هم يسفكون الدم الحرام ، ويستحلون البلد الحرام في الشهر الحرام!! بسبب ، وبدون سبب!!

٢ ـ إن اللافت هنا : هو مطالبة عمر بن الخطاب نبي الرحمة بإشهار سلاحه ، والاستعداد للحرب ، في حين أننا لم نجد غيره قد طالب بمثل ذلك .. فهل خاف عمر على نفسه من بطش قريش؟!

أم أنه رأى أن عدم الاستعداد للحرب يخالف طريقة العقلاء الذين يحتاطون في مثل هذه المواقف؟! فأراد أن يعرف إن كان للنبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» تدبير آخر ، يستطيع أن يدفع به غائلة قريش ، ويحبط مساعيها العدوانية؟!

أو أنه اعتقد : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» كان غافلا حقا عن هذا الأمر الخطير ، فأراد أن يوجه نظره إليه ، ليعدّ للحرب عدتها قبل فوات الأوان ، وقبل أن يحدث ما لم يكن بالحسبان؟!

أو أنه احتمل أن في الأمر سرا ، وأن الأمور تسير وفق تدبير غيبي ومعجزة إلهية .. فأراد أن يطمئن إلى واقعية هذا الاحتمال ..

إننا نترك تحديد ما هو الراجح من هذه الاحتمالات إلى القارئ الكريم الذي سوف يختار ما يتوافق مع ما عرفه في هذا الرجل من خصائص ، ومن

٨٤

طبائع ، وسمات.

عين لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

وقالوا : إنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بعث من ذي الحليفة عينا له من خزاعة ، يقال له : بسر بن سفين ، يخبره عن قريش (١) وجعل عباد بن بشر في عشرين راكبا من المهاجرين والأنصار طليعة له (٢).

وقد كان بسر بن سفين حديث عهد بالإسلام ؛ لأنه أسلم في شوال ، فاختاره عينا لأن من رآه لا يظن به ذلك لعدم اشتهار إسلامه.

والاستفادة من العيون والأرصاد لمعرفة تحركات العدو ، والتحرز من أن يأخذهم العدو على حين غفلة هو مقتضى الحزم والحكمة.

وأما جعل الطلائع ، فللأمن من غائلة الكمائن ، من أجل أن تشاغل الطليعة ذلك الكمين ، حتى إذا بلغ الخبر الجيش ، فإنه يتأهب لمعالجة الموقف ، بالقوة اللازمة ، والخطة المناسبة ..

نبع الماء من بين أصابعه صلى‌الله‌عليه‌وآله :

وفي بعض المحال أقبلوا نحو رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وكان

__________________

(١) تاريخ الخميس ج ٢ ص ١٦ والمواهب اللدنية (ط دار الكتب العلمية) ج ١ ص ٢٦٧ وتاريخ الإسلام للذهبي ص ٣٦٦ والسيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ٤٨٢ وشرح المواهب للزرقاني ج ٣ ص ١٧٤ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٤.

(٢) تاريخ الخميس ج ٢ ص ١٦ والمنتظم ج ٣ ص ٢٦٧ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٤.

٨٥

بين يديه ركوة يتوضأ منها ، فقال : ما لكم؟!

قالوا : يا رسول الله ، ليس عندنا ماء نشربه ، ولا ماء نتوضأ منه إلا ما في ركوتك.

فوضع رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يده في الركوة. فجعل الماء يفور من بين أصابعه الشريفة أمثال العيون (١).

قال جابر : فشربنا ، وتوضأنا ، ولو كنا مائة ألف لكفانا ، كنا خمس عشرة مائة (٢).

وقالوا : «وإنما لم يخرجه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بغير ملابسة ماء في إناء ، تأدبا مع الله تعالى ؛ لأنه المنفرد بابتداع المعدومات من غير أصل» (٣).

ونقول :

إن إظهار الكرامة الإلهية لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ليس أمرا عشوائيا ، بحيث يكون بمناسبة وبلا مناسبة .. بل هو أمر هادف ، يراد منه أيضا الربط على القلوب ، وصيانة الإيمان من التعرض للاهتزاز في مواجهة التحديات الكبرى ، والكوارث والأزمات الحادة ، التي تتمخض عن نكبات تزعزع وتزلزل ، وتبعث اليأس والهزيمة في النفوس.

ثم يراد منه أيضا : إزالة الشبهة ، في حين تحجز المحاذير المختلفة عن التصريح ببعض الحيثيات والغايات لبعض المواقف ، بسبب حساسية

__________________

(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٩ وعيون الأثر (ط سنة ١٤٠٦ ه‍) ج ٢ ص ١١٤.

(٢) السيرة الحلبية ج ٣ ص ١٠ وعيون الأثر ج ٢ ص ١١٤.

(٣) السيرة الحلبية ج ٣ ص ١٠.

٨٦

الظرف تارة ، ولتلافي سوء استفادة الأعداء من ذلك أخرى ، وربما يكون ذلك بسبب عدم توفر المستوى المطلوب من الوعي ، وعدم توفر حسن تقدير الأمور ، والعجز عن التدقيق في مناشئها وفي غاياتها ، وإدراك ذلك وتوظيفه في حركة الواقع بصورة سليمة وقويمة ..

فلا يبقى ثمة من وسيلة تحفظ للمؤمنين إيمانهم ، حين تختلط عليهم الأمور سوى أن يتلمسوا بوجدانهم ، ويشعروا بكل وجودهم ، وأن يحسوا بكل قواهم الباطنية ، ويشاهدوا بأم أعينهم حقيقة اللطف الإلهي ، والكرامة الربانية لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ليكون هذا الارتباط بالغيب عن طريق الحواس الظاهرية هو الضمانة لحفظ التوازن في الباطن .. بعد أن عجزت عقولهم عن الإمساك بأسباب هذا التوازن ، بسبب فقدها لبعض ما يفيدها في ذلك ..

وقد كانت الأمور في غزوة الحديبية ـ بما تفرضه الخصوصيات والأحوال ـ تتجه نحو اتخاذ قرار يصعب فهمه على الكثيرين ، ويصعب أيضا توضيح مناشئه وغاياته .. ونتائجه. كما أن أصحاب الأهواء والأغراض الدنيئة ، وخصوصا من أهل النفاق ، قد يجدونها فرصة سانحة لإشاعة شبهاتهم ، ونشر أباطيلهم ، بنحو يصعب رتق الفتق الذي قد يتمكنون من إحداثه ، بسبب استغلالهم السيء لظرف صعب ودقيق.

وقد أظهرت الوقائع : أنه حتى الذين يزعمون أنهم في مواقع القرب من موقع القرار قد أعلنوا تشكيكا خطيرا ، حين كان الرسول «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يكتب الكتاب في الحديبية حسبما سيأتي توضيحه .. فكانت هناك سياسات إلهية دقيقة تقضي بحفظ وحدة الناس ، وترسيخ إيمانهم ، وتقوية

٨٧

يقينهم ، وقد بدأت بإخبار الناس بأمر الرؤيا التي رآها رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» فيما يرتبط بدخوله مع أصحابه مكة على النحو الذي وصفه لهم.

ولكن كانت هناك أمور أيضا لابد من إبقائها على حالة من الغموض ، ليمكن الوصول إلى أفضل النتائج ، وحفظ مستوى الاندفاع لدى أصحابه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ومن جاء معه ، وإثارة أجواء تتسم بالقوة والتفاؤل فيما بينهم ، وكذلك إثارة أجواء صعبة ، وحساسة لدى مشركي قريش ، تختلط فيها الحيرة بالدهشة ، مع إثارة جو من الإبهام والغموض ، الذي لا يسمح لقريش بالكثير من المناورة والحركة ..

ومن هذه الأمور : أن لا يخبرهم في بداية الأمر بأن الذي رآه سوف لا يتحقق في مسيره ذاك ، بل هو سيتحقق في وقت لا حق ..

وطبيعي أن يكون لظهور هذا التأجيل في تحقق الرؤيا لأصحابه وقعا غير عادي ، قد لا يمكنهم معه حفظ ذلك المستوى من الصفاء والاندفاع ، والحيوية ، والسكينة والطمأنينة .. التي تمكنهم من متابعة الموقف بقوة وفاعلية. مع ملاحظة : أنه لا توجد أية مصلحة في كشف كل الحقيقة لهم ، بل قد يكون ضرر ذلك عظيما وجسيما.

فكان لا بد من تدخل الغيب الإلهي ، والسعي إلى تجسيده لهم ، لكي يتلمسوه ويحسوا به بوجدانهم ، ومشاعرهم ، وبكل كيانهم ووجودهم ، ليكون هو الحافظ والحامي لهم ، من تسويلات نفوسهم ، ومن وسوسات الشياطين ، ومن كيد المنافقين.

فكان نبع الماء من بين أصابعه الشريفة هو أحد مفردات ربطهم بذلك الغيب كما هو ظاهر.

٨٨

لا أقبل هدية مشرك :

وذكروا : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قدم الهدي. وسار ، فلقي في طريقه طائفة من بني نهد ، فدعاهم إلى الإسلام ، فأبوا. وأهدوا له لبنا من نعمهم.

فقال : لا أقبل هدية مشرك.

فابتاعه المسلمون منهم (١).

ونقول :

قد تقدمت الإشارة : إلى هذا الأمر في الفصل الذي تحدثنا فيه عن أبي طالب رضوان الله تعالى عليه ..

ونعود فنذكر القارئ هنا : بأنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد عاش في كنف عبد المطلب أولا ، ثم في كنف أبي طالب ، وقد كان لهما الأيادي البيضاء عليه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» .. فلولا أنهما كانا على رأس أهل الإيمان في زمانهما لم يجعل الله تعالى لهما نعمة عند النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، تستحق الجزاء منه «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

والذي يثير العجب هنا : أنه رغم كون أبي بكر مسلما ، ورغم كون النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يقبل الهدية من المسلم ، فإنه لم يقبل الناقة من أبي بكر في ليلة الهجرة إلا بالثمن ، مع أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» كان بأمس الحاجة إليها ، ليتمكن من النجاة عليها من كيد قريش.

فهل كان «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يخشى من أن يمنّ عليه أبو بكر بهذا العطاء؟! ..

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٤.

٨٩

أم أنه قد أشفق على أبي بكر أن يرزأه شيئا من ماله؟! ..

أم أنه وجد في هذا المال شبهة ، فأراد أن يتحرز من الارتطام بها؟!

أم أن للقضية منحى آخر ، لا بد من صرف النظر عن إظهاره ، والتدقيق في البحث عنه؟! ..

لا ندري ، غير أننا نقول :

إننا لسنا بحاجة إلى أن ننتظر المزيد من الدلالات والإشارات إلى واقع الأمر لكي ندري!!

هل يجوز أكل لحم الضب؟! :

وحين التقى النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ببني نهد ، ابتاع المسلمون ـ كما زعموا ـ منهم ثلاثة أضبة ، فأكل منها قوم قبل أن يحرموا ، وأما المحرمون ، فسألوا رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عنها ، فقال : «كلوا ، فكل صيد البر لكم حلال في الإحرام ، تأكلونه ، إلا ما صدتم ، أو صيد لكم» (١).

ونقول :

أولا : إن الرواية قد صرحت : بأنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد أباح لهم أن يأكلوا ما سألوه عنه ، معللا ذلك بأن أكل صيد البر حلال في الإحرام ، إلا ما صادوه أو صيد لهم ..

ولكن يجب أن يكون مفهوما : أن في الرواية درجة من الإبهام ، إذ ليس فيها تصريح بما أباح لهم أكله .. بل جاء الجواب في كلامه «صلى الله عليه

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٤.

٩٠

وآله» تابعا للسؤال ، ولم يذكر في الرواية أية صيغة للسؤال المطروح.

فإن كانوا قد قالوا له : هل يجوز لنا أن نأكل الضب ونحن محرمون؟ فإن الجواب يكون هو أن أكل الضب مباح حال الإحرام ..

وإن كانوا قد قالوا : هل يجوز لنا أكل الصيد حال الإحرام؟ فالجواب يكون بإباحة ذلك لهم.

والمناسب لطبيعة الحال هو السؤال الثاني ؛ لأنهم إنما يشكّون في جواز أكل الصيد حال الإحرام ، سواء أكان ضبا أم غيره ، فليس لخصوصية كونه ضبا أية مدخلية في شكهم هذا ، بل الإحرام هو السبب في شكهم بجواز أكل ما يصطاد لهم. ولأجل ذلك جاء الجواب موافقا لهذه الحقيقة ، حيث قال : كل صيد البر لكم حلال في الإحرام ، إلا ما صدتم أو صيد لكم ..

ويشهد لذلك قوله : «كل صيد البر لكم حلال» فإن المقصود حلية الصيد الذي يكون جامعا لشرائط الحلية في نفسه ، إذ لا إشكال في عدم حلية أكل لحم الخنزير ، حتى لو اصطاده المحلون منهم.

ثانيا : روى مسلم ، عن ابن عباس ، قال : أهدت خالتي أم حفيد إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» سمنا ، وأقطا ، وأضبا ، فأكل من السمن والأقط ، وترك الضب تقذرا الخ .. (١).

فإذا كانت قذارة الضب إلى هذا الحد ، فإن ذلك يجعله من الخبائث التي لا يجوز أكلها ..

__________________

(١) صحيح مسلم ج ٦ ص ٦٩ وراجع : سنن ابن ماجة (مطبوع بحاشية السندي) ج ٢ ص ٢٩٦ و ٢٩٧ وراجع : صحيح البخاري (ط المكتبة الثقافية) ج ٩ ص ١٩٧.

٩١

خصوصا إذا علمنا : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» حين أخبر بأن ما يهم بمدّ يده إليه ، هو ضب ؛ رفع يده ، ولم يأكل.

وقد زعموا : أنه سئل عن ذلك ، فقال : لم يكن بأرض قومي ، فأجدني أعافه (١).

ولأجل ذلك قالوا : إن من يقول بحرمته يقول : كان هذا (يعني عدم التحريم) قبل نزول قوله تعالى : (.. وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ ..) والضب من جملته ، لأنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» كان يستقذره (٢).

ثالثا : قد رووا أيضا عن جابر ، قال : أتي رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بضب ، فأبى أن يأكل منه ، وقال : لا أدري ، لعله من القرون التي مسخت (٣).

وعن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رجل : يا رسول الله ، إنا بأرض مضبة ، فما تأمرنا؟ أو فما تفتينا؟

قال «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : ذكر لي : أن أمّة من بني إسرائيل مسخت.

فلم يأمر ، ولم ينه.

قال أبو سعيد : فلما كان بعد ذلك قال عمر : إن الله عزوجل لينفع به غير واحد ، وإنه لطعام عامة هذه الرعاء ، ولو كان عندي لطعمته ، إنما عافه رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» (٤).

__________________

(١) راجع : صحيح مسلم ج ٦ ص ٦٨ وسنن الدارمي ج ٢ ص ١٢٨ وعن البخاري (ط المكتبة الثقافية) ج ٧ ص ١٧٦ وص ١٢٩ ، كتاب الصيد والذبائح باب ٣٣ والموطأ كتاب الإستئذان ، وأحمد في مسنده ، والنسائي ، وأبي داود.

(٢) حاشية السندي على سنن ابن ماجة ج ٢ ص ٢٩٧.

(٣) صحيح مسلم ج ٦ ص ٧٠ وراجع : سنن ابن ماجة (بحاشية السندي) ج ٢ ص ٢٩٦.

(٤) صحيح مسلم ج ٦ ص ٧٠ وراجع : سنن ابن ماجة (بحاشية السندي) ج ٢ ص ٢٩٧.

٩٢

وسأل عنه أعرابي النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» مرتين ، فلم يجبه ، وأجابه في الثالثة ، فقال : يا أعرابي ، إن الله لعن ، أو غضب على سبط من بني إسرائيل ، فمسخهم دواب ، يدبون في الأرض ، فلا أدري لعل هذا منها ، فلست آكلها ، ولا أنهى عنها (١).

وعن ثابت بن وديعة ، قال : أتى النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بضب ، فقال : أمة مسخت (٢).

وفي توضيح ذلك نقول :

ألف : إنه يستوقفنا هنا زعمهم : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال : لا أدري ، لعله من القرون التي مسخت .. فإننا لا نشك في كونه كلاما محرفا ؛ لأن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» معصوم عن النسيان ، وعن القول بغير علم .. ولم يكن الله تعالى ليحجب عن نبيه علما ينفعه ، أو تحتاج الأمة إلى معرفة حكمه ، فلا معنى لما يذكرونه من إحجامه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عن الأمر والنهي ، استنادا إلى عدم معرفته بالحقيقة. ولا معنى لاعترافه بالجهل في أمر يحتاج الناس إلى معرفة حكمه ، وتحديد الموقف منه.

ب : إننا نستطيع أن نقول : إن المسوخ ، وإن كانت لا تعيش أكثر من ثلاثة أيام ، بعد مسخها ، ولكن المهم هو أن تلك المخلوقات التي مسخت على صورتها ، يراعى في أحكامها هذه الحقيقة ، ومن ذلك عدم جواز أكلها.

ج : وعن المسخ على صورة الضب نقول : روي عن النبي «صلى الله

__________________

(١) صحيح مسلم ج ٦ ص ٧٠.

(٢) سنن الدارمي ج ٢ ص ٢٧ وفي هامشه عن أبي داود ، والنسائي ، وأحمد ، والبيهقي.

٩٣

عليه وآله» : أن رجلا من الأعراب كانت خيمته على ظهر الطريق ، وكان إذا مرت به قافلة تسأله عن الطريق إلى مقصدها ، يرشدها إلى خلاف ذلك المقصد ، فإن أراد القوم المشرق ردهم إلى المغرب ، وإن أرادوا المغرب ردهم إلى المشرق ، وتركهم يهيمون (١).

وهذا يناسب ما يقال عن الضب من أنه لا يهتدي لجحره ، ويضرب في تحيره المثل .. وقد كان الرجل الممسوخ لا يرشد الناس إلى طريقهم ، ويشير عليهم بما يحيرهم ، ويتركهم يهيمون.

د : وأخيرا .. فإن الرواية التي ذكرناها قد ذكرت عن عمر بن الخطاب : أنه كان يصر على تحليل أكل الضب ، وإقناع الناس بذلك ، وتذليل الصعوبات أمامهم فيه.

ولعل رغبته هذه هي التي دعت الآخرين إلى ترجيح فتوى التحليل ، والتخفيف من حدة دلالة النصوص المانعة ، والله هو العالم.

والرجوع إلى أهل البيت «عليهم‌السلام» في مثل هذه الأمور ، وفي كل الأمور هو الصحيح ، وهو المتعيّن ، فإن أهل بيت النبوة أدرى ، والاتباع لهم أصوب وأحرى.

أكلات محرمة على المحرم وعلى غيره :

ورووا : أنه أهدي لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» حمار وحشي وهو بالأبواء ، أو بودّان ، فرده على صاحبه ، فلما رأى ما في وجهه ، قال : إنّا لم نرده

__________________

(١) البحار ج ٦٢ ص ٢٢٧ عن الإختصاص.

٩٤

عليك إلا أنّا حرم (١).

وأهدى بعض الأعراب من ودان : معيشا ، وعترا ، وضغابيس ، فجعل «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يأكل الضغابيس والعتر ، وأعجبه ، وأدخل على أم سلمة منه الخ .. (٢).

ونقول :

إن كان المراد بالضغابيس هو صغار الثعالب ، فلا شك في عدم صحة هذه الرواية ؛ لأن أكل الثعلب حرام.

وإن كان المراد بها الضبع ، أو أية دابة أخرى يحرم أكلها فكذلك.

وأما إن كان المراد بها صغار القثاء (٣) ، أو غيره من النباتات التي تؤكل ، فلا إشكال ..

وأما العتر ، فإن كان المراد به الذبيحة ، فإن الذابح إذا كان مشركا ، فلا يجوز الأكل من ذبيحته أيضا ..

علي عليه‌السلام ساقي العطاشى في الجحفة :

قال الشيخ المفيد : روى إبراهيم بن عمر ، عن رجاله ، عن فايد مولى عبد الله بن سالم ، قال : لما خرج رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في عمرة الحديبية نزل الجحفة ، فلم يجد بها ماء ، فبعث سعد بن مالك بالروايا ، حتى

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٥ وعن البخاري ج ٤ ص ٣١ رقم ١٨٢٥ و ٢٥٧٣ وعن صحيح مسلم ج ٢ ص ٨٥٠ والنسائي ، ومالك ، والترمذي.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٥.

(٣) ترتيب القاموس ج ٣ ص ٢٨.

٩٥

إذا كان غير بعيد رجع سعد بالروايا ، فقال : يا رسول الله ، ما أستطيع أن أمضي ، لقد وقفت قدماي رعبا من القوم!

فقال له النبي «عليه وآله السلام» : اجلس.

ثم بعث رجلا آخر ، فخرج بالروايا حتى إذا كان بالمكان الذي انتهى إليه الأول رجع ، فقال له النبي «عليه‌السلام» : «لم رجعت»؟.

فقال : والذي بعثك بالحق ، ما استطعت أن أمضي رعبا.

فدعا رسول الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليهما فأرسله بالروايا ، وخرج السقاة وهم لا يشكون في رجوعه ، لما رأوا من رجوع من تقدمه.

فخرج علي «عليه‌السلام» بالروايا حتى ورد الحرار (١) فاستقى ، ثم أقبل بها إلى النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ولها زجل (٢).

فكبر النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ودعا له بخير» (٣).

ونقول :

١ ـ إن هذين الرجلين اللذين أرسلهما النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بالروايا لم يثبتا أمام هواجس الخوف التي انتهابتهما ، ولم يلقيا بالا ، ولا أعارا اهتماما لكل تلك المعجزات التي أظهرها لهم رسول الله «صلى الله عليه

__________________

(١) الحرار : جمع حرة ، وهي أرض ذات أحجار سود نخرة. الصحاح ج ٢ ص ٦٢٦.

(٢) الزجل : رفع الصوت الطرب. لسان العرب ج ١١ ص ٣٠٢.

(٣) الإرشاد للمفيد (ط مؤسسة آل البيت) ج ١ ص ١٢١ و ١٢٢ والبحار ج ٢٠ ص ٣٥٩ وموسوعة التاريخ الإسلامي ج ٢ ص ٦٢٣ وكشف الغمة ج ١ ص ٢١٠ والإصابة ج ٣ ص ١٩٩ ومناقب آل أبي طالب ج ٢ ص ٨٨ وكشف اليقين ص ١٣٩.

٩٦

وآله» .. حيث يفترض أن يدفعهما التفكر فيها ، والتفاعل معها إلى خوض اللجج ، وبذل المهج في سبيل تحقيق ما رغب إليهما النبي الكريم «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في تحقيقه ، فكانت نفساهما أحب إليهما من الله ورسوله ، وجهاد في سبيله.

وكان علي «عليه‌السلام» على العكس منهما ، قويا في ذات الله ، مؤثرا رضا الله ورسوله على كل ما في هذه الدنيا من زبارج وبهارج.

٢ ـ إن هذه الحادثة تذكّرنا بما جرى بعد ذلك في خيبر ، حينما ذهب الرجلان ـ أبو بكر أولا ، وعمر ثانيا ـ بأمر الرسول «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لمناجزة اليهود ، ثم رجعا منهزمين مع من معهما ، يجبن بعضهم بعضا.

ويذكّرنا أيضا : بما جرى قبل ذلك في بني قريظة ، حيث ذهب نفس الرجلين أيضا ـ أعني أبا بكر وعمر ـ لمناجزة اليهود ، ثم رجعا مع من معهما منهزمين ، يجبن بعضهم بعضا.

٣ ـ وإن كتمان اسم الرجل الثاني الذي أرسله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بالروايا ، ورجع خائفا منهزما بأوهامه وهواجسه ، يثير فضولنا ، وتأخذنا الاحتمالات والظنون فيه يمينا وشمالا .. خصوصا مع ما عرفناه وألفناه من تستر هؤلاء القوم على أسماء من يحبونهم ، حين يجدون أن التصريح بها يضر بسمعتهم وبمكانتهم.

حديث الثقلين :

قالوا : ولما بلغ رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» الجحفة أمر بشجرة ، فقمّ ما تحتها ، فخطب الناس ، فقال : «إني كائن لكم فرطا ، وقد تركت فيكم

٩٧

ما إن أخذتم به لن تضلوا أبدا : كتاب الله ، وسنة نبيه» (١).

ونقول :

إن كان هذا هو حديث الثقلين الشائع والذائع ، الذي أحرج أهل السنة ، فأخرجهم عن جادة الإنصاف والاعتدال فهو النص المحرف له ، أو هو نص آخر ، يشبهه ، زعموا : أنه هو ، من أجل إبطال الحق ، وتأييد الباطل.

فخاب فألهم ، وطاش كلمهم. وتوضيح هذا الأمر يحتاج إلى بعض التفصيل ، الذي لا مجال له في سياق كهذا ، غير أننا نقول :

١ ـ الثقل : بفتح القاف ، أم بسكونها :

الظاهر : أن كلمة «الثقلين» هي بفتح الثاء المشددة والقاف بعدها.

قال ابن حجر الهيثمي : «سمى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» القرآن

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٦ وفي هامشه عن البخاري ج ٤ ص ١٢ وعن صحيح مسلم ج ٢ ص ٨٦١ والحديث في الموطأ (بشرح السيوطي) ج ٢ ص ٢٠٨ كتاب القدر والسيرة النبوية لابن هشام ج ٤ ص ٦٠٣ وفيض القدير ج ٣ ص ٣٤٠ ومستدرك الحاكم ج ١ ص ٩٣ وتنبيه الغافلين ص ٤٣ وميزان الإعتدال ج ٢ ص ٣٠٢ والكامل ج ٤ ص ٦٩ والضعفاء للعقيلي ج ٢ ص ٢٥١ والعلل ج ١ ص ٩ وكمال الدين ص ٢٣٥ والبحار ج ٢٣ ص ١٣٢ وكنز العمال ج ١ ص ١٧٣ ـ ١٨٧ والجامع الصغير ج ١ ص ٥٠٥ و ٥٠٦ والسنن الكبرى للبيهقي ج ١٠ ص ١١٤ والجامع لأخلاق الرواة ج ١ ص ١٦٦ وسنن الدارقطني ج ٤ ص ١٦٠ والعهود المحمدية ص ٦٣٥ وطبقات المحدثين بإصبهان ج ٤ ص ٦٨ وعن تاريخ الأمم والملوك للطبري ج ٢ ص ٤٠٣ وذكر أخبار إصبهان ج ١ ص ١٠٣ والعبر وديوان المبتدأ والخبر لابن خلدون ج ٢ ق ٢ ص ٥٩.

٩٨

وعترته ثقلين ، لأن الثّقل كل نفيس خطير مصون. وهذان كذلك ، إذ كل منهما معدن العلوم الدينية ، والأسرار والحكم العلية ، والأحكام الشرعية ؛ ولذا حث رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» على الاقتداء والتمسك بهم ، والتعلم منهم.

وقيل : سميا ثقلين ، لثقل وجوب رعايتهما» (١).

أو رعاية حقوقهما ، قال الشريف الرضي في المجازات النبوية : تسمية الكتاب والعترة بالثقلين ، وواحدهما ثقل ، وهو متاع المسافر الذي يصحبه إذا رحل ، ويسترفق به إذا نزل ، فأقام عليه الصلاة والسلام الكتاب والعترة مقام رفيقيه في السفر ، ورفاقه في الحضر ، وجعلهما بمنزلة المتاع الذي يخلفه بعد وفاته (٢).

٢ ـ النص الصحيح والصريح :

إنه لا يمكن الاعتماد على هذه الرواية ، والحكم بأنها هي حديث الثقلين المعروف وهي رواية : «كتاب الله ، وسنة نبيه» بل المعتمد عند جهابذة العلم والرواية هو حديث الثقلين المروي بأسانيد صحيحة ، وله نصوص متقاربة ، منها ما ورد في صحيح مسلم ، من أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال في غدير خم :

«يوشك أن يأتي رسول ربي ، فأجيب. وإني تارك فيكم الثقلين : أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور ، خذوا بكتاب الله واستمسكوا به ـ فحث على كتاب الله ورغب فيه ، ثم قال : وأهل بيتي. أذكّركم الله في أهل بيتي ،

__________________

(١) الصواعق المحرقة ص ٢٢٦ و ٢٢٧ وراجع تيسير الوصول.

(٢) المجازات النبوية ص ٢١٨.

٩٩

أذكّركم الله في أهل بيتي الخ ..» أو نحو ذلك (١).

__________________

(١) صحيح مسلم ج ٧ ص ١٢٣ وتيسير الوصول ج ١ ص ١٦ والنهاية في اللغة لابن الأثير ج ٣ ص ١٧٧ والصواعق المحرقة ، والجامع الصحيح للترمذي ج ٥ ص ٦٢١ و ٦٢٢ والطرائف ص ١١٤ ـ ١٢٢ ومسند أحمد ج ٥ ص ١٨٢ و ١٨٩ و ١٩٠ وج ٤ ص ٣٧١ و ٣٦٦ وج ٣ ص ١٧ و ٢٦ و ١٤ و ٥٩ ومستدرك الحاكم ج ٣ ص ١٤٨ و ١١٠ و ١٠٩ و ٥٣٣ وتلخيص المستدرك للذهبي (مطبوع بهامشه) والدر المنثور ج ٢ ص ٦٠ والمعجم الكبير ج ٥ ص ١٨٦ و ١٨٧ وج ٣ ص ٦٣ و ٦٦ ونوادر الأصول ص ٦٨ وكنز العمال (ط أولى) ج ١ ص ٤٨ وتهذيب الكمال ج ١٠ ص ٥١ وتحفة الأشراف ج ٢ ص ٢٧٨ ومشكاة المصابيح ج ٣ ص ٢٥٨ وسنن الدارمي ج ٢ ص ٣١٠ والسنة لابن أبي عاصم ص ٦٢٩ و ٦٣٠ والسنن الكبرى ج ٢ ص ١٤٨ ومصابيح السنة ج ٢ ص ٢٠٥ والبداية والنهاية ج ٥ ص ٢٠٦ و ٢٠٩ وج ٧ ص ٩ وكشف الأستار عن زوائد البزار ج ٣ ص ٢٢١ وسمط النجوم العوالي ج ٢ ص ٥٠٢ وتهذيب اللغة للأزهري ج ٩ ص ٧٨ ولسان العرب ج ٤ ص ٥٣٨ ومجمع الزوائد ج ٩ ص ١٥٦ و ١٦٣ وترجمة الإمام أمير المؤمنين من تاريخ دمشق (بتحقيق المحمودي) ج ١ ص ٤٥ وعن السيرة الحلبية ج ٣ ص ٣٠٨ ونظم درر السمطين ص ٢٣١ و ٢٣٢ والمنهاج في شرح صحيح مسلم ج ١٥ ص ١٨٠ وفيض القدير ج ٣ ص ١٤ وشرح المواهب اللدنية ج ٧ ص ٥ و ٨ والمرقاة في شرح المشكاة ج ٥ ص ٦٠٠ ونسيم الرياض في شرح الشفاء ج ٣ ص ٤١٠ وعن أشعة اللمعات في شرح المشكاة ج ٤ ص ٦٧٧ وذخائر العقبى ص ١٦ وغرائب القرآن ج ١ ص ٣٤٧ والفصول المهمة لابن الصباغ ص ٢٤ والخصائص للنسائي ص ٣٠ وكفاية الطالب ص ١١ و ١٣٠ والطبقات الكبرى ج ٢ ص ١٩٤ وأسد الغابة ج ٢ ص ١٢ وج ٣ ص ١٤٧ وحلية الأولياء ج ١ ص ٣٥٥ وتذكرة الخواص ص ٣٣٢ والعقد الفريد والسراج المنير في شرح الجامع الصغير ج ١ ص ٣٢١ وشرح الشفاء

١٠٠