الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ١٥

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ١٥

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-171-8
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٥٢

فكان أول من صعد خيل من الخزرج ، ثم تبادر الناس بعد.

وقال أبو سعيد : فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «مثل هذه الثنية الليلة كمثل الباب الذي قال الله تعالى لبنى اسرائيل : (.. وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ ..) (١)» (٢).

وقال ابن إسحاق : إن المسلمين لما أن خرجوا من الأرض الصعبة ، وأفضوا إلى أرض سهلة ، قال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «قولوا نستغفر الله ونتوب إليه» .. فقالوا ذلك.

فقال «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «والله إنها للحطّة التي عرضت على بني إسرائيل فلم يقولوها» (٣).

قال أبو سعيد : ثم قال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «لا يجوز هذه الثنية الليلة أحد إلا غفر له».

فلما هبطنا نزلنا فقلت : يا رسول الله ، نخشى أن ترى قريش نيراننا.

فقال : لن يروكم (٤).

فلما أصبحنا صلى بنا صلاة الصبح ، ثم قال : «والذي نفسي بيده لقد

__________________

ص ١٧٨ وكنز العمال ج ١٠ ص ٣٨٤ وتفسير نور الثقلين ج ٥ ص ٦٥ وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج ٤ ص ٢٠٣ وتاريخ مدينة دمشق ج ١١ ص ٢٢٩.

(١) الآية ٥٨ من سورة البقرة ، وراجع : سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٩.

(٢) الآية ٥٨ من سورة البقرة ، وراجع : سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٩.

(٣) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٩ وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج ١ ص ١٠٣ والدر المنثور ج ١ ص ٧١.

(٤) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٩.

١٢١

غفر للركب أجمعين إلا رويكبا واحدا على جمل أحمر التقت عليه رحال القوم ليس منهم» (١).

وقال جابر : قال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «كلكم مغفور له إلا صاحب الجمل الأحمر» (٢).

قال أبو سعيد : فطلب في العسكر فإذا هو عند سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ، والرجل من بني ضمرة من أهل سيف البحر ، يظن أنه من أصحاب رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

فقيل لسعيد : إن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال : كذا وكذا.

فقال له سعيد : ويحك!! اذهب إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يستغفر لك (٣).

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٩.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٧ وعن صحيح مسلم ج ٨ ص ١٢٣ والمستدرك للحاكم ج ٤ ص ٨٣ والديباج على مسلم ج ١ ص ١٣٩ وتحفة الأحوذي ج ١٠ ص ٢٤٧ و ٢٤٨ ومسند أبي يعلى ج ٣ ص ٣٩٤ والمعجم الأوسط ج ٣ ص ١٧٨ وكنز العمال ج ١ ص ١٠٢ وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج ٤ ص ٢٠٢ و ٢٠٣ وتاريخ مدينة دمشق ج ١١ ص ٢٢٩ و ٢٣٠ وج ٣٥ ص ٨٥ ومناقب أهل البيت ص ٤٦٢ وسنن الترمذي ج ٥ ص ٣٥٨ ومجمع الزوائد ج ٩ ص ١٦١ ومعرفة علوم الحديث ص ٢١٦ وضعيف سنن الترمذي ص ٥١٨.

(٣) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٥ و ٣٦ عن مسلم في صفات المنافقين رقم (١٢) والبيهقي في دلائل النبوة ج ٤ ص ١٠٩ وذكر ابن كثير في التفسير ج ٤ ص ٢٠٢ وصاحب الجمل أن هذا المنافق هو : الجد بن قيس.

١٢٢

وقال جابر : فقلنا له : تعال يستغفر لك رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله»

فقال : والله ، لأن أجد ضالتي أحب إليّ من أن يستغفر لي صاحبكم (١).

وقال أبو سعيد : فقال : بعيري والله ، أهم من أن يستغفر لي.

إذا هو قد أضل بعيرا له ، فانطلق يطلب بعيره بعد أن استبرأ العسكر ، وطلبه فيهم ، فبينا هو في جبال سراوع إذ زلقت به نعله ، فتردى فمات ، فما علم به حتى أكلته السباع.

قال أبو سعيد : فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يومئذ : «سيأتيكم أهل اليمن كأنهم قطع السحاب. هم خير أهل الأرض» (٢).

تعقيبات على النصوص المتقدمة :

ونقول :

إن لنا على النصوص المتقدمة ملاحظات عديدة ، بعضها للتوضيح ، وبعضها للتصحيح ، نذكر منها ما يلي :

__________________

(١) وعن صحيح مسلم ج ٨ ص ١٢٣ والمستدرك للحاكم ج ٤ ص ٨٣ والديباج على مسلم ج ٦ ص ١٣٩ وتحفة الأحوذي ج ١٠ ص ٢٤٨ ومسند أبي يعلى ج ٣ ص ٣٩٤ والمعجم الأوسط ج ٣ ص ١٧٨ وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج ٤ ص ٢٠٢ و ٢٠٣ وتاريخ مدينة دمشق ج ١١ ص ٢٢٩ و ٢٣٠.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٦ ـ ٤٠.

وفي المصادر بعض النصوص ، فراجع : مسند أحمد ج ٤ ص ٨٢ ومجمع الزوائد ج ١٠ ص ٥٤ وفتح الباري ج ٨ ص ٧٧.

١٢٣

لماذا عدل عن الطريق؟! :

وأما عدول النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عن الطريق ، وعدم مواجهته طليعة المشركين التي كانت بقيادة خالد. فلعله يرجع إلى عدة أسباب ..

منها : أنه لم يرد أن يواجه تلك الطليعة لكي يتجنب أي اشتباك معها ، يمكن أن يدفع بالأمور إلى حيث تصبح الحرب مع قريش أمرا مفروضا لا يمكن تجنبه ، وقد يمكن لقريش أن تشيع : أن أصحابه ، أو بعضهم هم الذين تسببوا بنشوب الحرب.

ومنها : أن ذلك يمثل ضربة لعنفوان قوى الشرك ، حيث إن طلائعهم ، وكذلك عيونهم المنتشرة في كل مكان لم تغن عنهم شيئا ..

ومنها : أنه لا يريد أن يشعر المشركون بأنهم قادرون على التحكم بقرار الحرب ، وأنهم قد فرضوا عليه أن يتحرك وفق ما رسموه له ، مما يعني : أن خططهم ناجحة من الناحية العسكرية.

ومنها : أنه يريد أن يربك حركتهم العسكرية ، ويعرفهم : أنهم غير قادرين على التحكم في مسار الأمور ، مما يعني : أن أخطار المواجهة معه لا يمكن الاستهانة بها .. وأنهم لا يستطيعون ضمان النجاح في أي شيء ..

من الذي يجمع الجموع لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟!

قد ذكرت بعض النصوص المتقدمة :

أن الخزاعي الذي أرسله النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عينا له على قريش قد عاد إليه ، فقال : «إني تركت كعب بن لؤي ، وعامر بن لؤي قد جمعوا لك جموعا ، وهم مقاتلوك ، وصادوك عن البيت.

١٢٤

فقال النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : أشيروا عليّ ، أترون أن نميل إلى ذراري هؤلاء الذين أعانوهم ، فنصيبهم؟ فإن قعدوا الخ ..» (١).

فالذي جمع الجموع ـ وفق ما قاله هذا النص ـ هو قبائل عامر وكعب ابنا لؤي .. مع أن أبا سفيان هو الذي يجمع الجموع ، ويريد أن يقاتل النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ويصده عن البيت .. فما معنى نسبة هذا الأمر إلى هؤلاء بهذا التهويل والمبالغة؟!

على أن المذكور في النص الآخر هو قريش ، وأن استشارته أصحابه إنما هي حين قدم خالد بمن معه ..

سلفع شيطان الأصنام :

وأما الحديث عن صرخة شيطان الأصنام «سلفع» (٢) ؛ فهو حديث غريب وعجيب (٣) ، إذ فيه :

أولا : أن الأبيات المنسوبة إلى «سلفع» في غاية الركاكة والسقوط ، والبيت الثاني منها ليس له لون ، ولا طعم ، ولا رائحة ..

__________________

(١) تاريخ الإسلام (المغازي) ص ٣٦٦.

(٢) مسند أحمد ج ٤ ص ٣٢٨ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٩ ص ٢١٨ وج ١٠ ص ١٠٩ وعن فتح الباري ج ٥ ص ٢٤٢ والمصنف للصنعاني ج ٥ ص ٣٣٠ والسنن الكبرى للنسائي ج ٥ ص ١٧١ وصحيح ابن حبان ج ١١ ص ٢١٧ وجامع البيان ج ٢٦ ص ١٢٦ وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج ٤ ص ٢١٢ والدر المنثور ج ٦ ص ٧٦ وتاريخ مدينة دمشق ج ٥٧ ص ٢٢٥ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٧.

(٣) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٦ والإصابة ج ١ ص ١٥١.

١٢٥

وكذلك الحال بالنسبة للأبيات الأخرى ، إذ لا نجد معنى مقبولا أو معقولا لقوله في البيت الأول : «ما قصر الهمها».

ثانيا : لماذا لم يقتل هذا الهاتف شيطان الأصنام قبل هذه الحادثة ، فلم يقتله في حرب بدر ، أو قبل الهجرة ، أو في أحد ، أو في حمراء الأسد ، والخندق ، أو غير ذلك؟!

ولماذا لم يكن سلفع الشيطان يخبر أهل مكة بتحركات رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ضدهم؟!

ثالثا : كيف علم بسر (أو بشر) بن سفيان الذي أرسله النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من ذي الحليفة إلى مكة عينا له : أن صرخة الشيطان كانت ليلة مسير رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إليهم؟ وكيف حضر في مكة ساعة هذه الصرخة؟! مع أن بسر بن سفيان لم يكن في مكة حين مسير النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إليها؟!.

ولو فرضنا : أنه كان فيها ، فكيف جاء من مكة كل هذه المسافة قبل أن يجاوز رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ذا الحليفة.

وإذا كان قد عاد إليه ، وكانت عودته قبل قتل سلفع ، حتى أبلغه بصرخته ، فقال له رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : يوشك أن يقتله الله .. فلماذا تأخر قتل سلفع ، كل هذه المدة؟!

رابعا : إن بسر بن سفيان هو الذي يحدث النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بهذه الأحداث ، وهو الذي يقول : فبلغ النبي ذلك ، فأخبر أن هذا سلفع يوشك أن يقتله الله إن شاء الله.

ثم قال : فبينما هم كذلك إذ صوت الهاتف الثاني الذي أخبرهم بأنه قتل

١٢٦

سلفعا ، فما معنى قوله : فبينما هم كذلك؟!

هل معناه : أنهم كانوا لا يزالون في مجالسهم وأنديتهم؟!

فكيف يكون ذلك الخبر قد وصل إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ليقول في حق سلفع ما قال؟!

فإن ظاهر قوله : بلغ رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : أنه بلغه بالطرق العادية.

خامسا : إن كلام سلفع لم يتضمن أي خبر لقريش عن تحركات رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ولم يخبرهم في شعره بأن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يقصدهم بالحرب ، أو أنه يقصد دخول مكة.

بل غاية ما فيه : أنه يطلب منهم أن يجهزوا جيشا يشتمل على ضعف أصحاب رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وأن يسيروا إلى حربه ، فما معنى قول الرواية : إنهم لما سمعوا ذلك الشعر «ارتجت مكة ، واجتمع المشركون ، وتعاقدوا : أن لا يدخل عليهم بمكة في عامهم هذا»؟!

سادسا : إذا كان رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لا يريد إعلام قريش بمسيره ، لكي يفاجئها بالأمر ، ويجعلها أمام الأمر الواقع ، ليربكها ، ويشعرها بالعجز ، والضعف ، حيث يكون قد وجه لها صدمة روحية ، حتى إذا استجاب لمطالبها ، فإنه يكون في موقع المتفضل الرحيم بها ..

نعم .. إذا كان الأمر كذلك .. فلماذا يتدخل هذا الهاتف الثاني ليفسد خطط رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، أو ليؤثر سلبا عليها ، وذلك حين أخبر أهل مكة بمسيره «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إليهم ، وأنه على حال الإحرام. وما إلى ذلك؟!

١٢٧

بلدح أم ذو طوى؟ :

وقد ذكرت الروايات المتقدمة : أن قريشا ومن تابعها من ثقيف ، وغيرها من القبائل قد تجمعوا في مكان يقال له : (بلدح) ، وعسكروا هناك ، ووضعوا العيون على الجبال ، وتستمر الرواية لتقول : إن بسر بن سفيان الذي لقي النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بغدير الأشطاط ، وراء عسفان قد قال للنبي الأعظم «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : إنهم «قد نزلوا بذي طوى».

ومن الواضح : أن (بلدح) هو واد غربي مكة ـ كما يقول ياقوت (١).

وأما ذو طوى ، فهو : واد في طريق التنعيم إلى مكة (٢).

خيارات لو أن قريشا تلجأ إليها!!

ويستوقفنا هنا : قول رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : يا ويح قريش لقد أكلتهم الحرب. ماذا عليهم لو خلوا بيني وبين سائر العرب ، فإن هم أصابوني الخ ..

ونقول :

إن نظرة منصفة إلى واقع الحال تعطينا : أن هذا الكلام من رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ما هو إلا رسالة ذات مغزى عميق ودقيق ، يريد

__________________

(١) معجم البلدان (ط سنة ١٣٨٨ ه‍) ج ١ ص ٤٨٠ والبحار ج ١٨ ص ٣٧ ومقدمة فتح الباري ص ٨٨ وتاريخ مدينة دمشق ج ٢٥ ص ٢٩٨ وج ٣٩ ص ٧٧ والسيرة النبوية لابن كثير ج ١ ص ١٥٩.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٨٢ وعن فتح الباري ج ٧ ص ١٠٨ وتاريخ مدينة دمشق ج ٩ ص ٥٠٨.

١٢٨

الرسول «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن يوصلها إلى الناس ، من أجل سوقهم نحو هدف يريد أن يصل إليه ، وأن يحصل عليه ..

ويتضح ذلك من خلال البيان التالي :

أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد بدأ كلامه بما يلتقي مع ما يعانيه الناس العاديون من شدائد اقتصادية ، وضغوطات عاطفية ، واجتماعية وأمنية ، وخسائر في الأنفس ، وفي الأموال ، وفي العلاقات .. وغير ذلك ..

حيث قال عن قريش : «لقد أكلتهم الحرب»!! .. مع ما في ذلك من إظهار درجة من العطف على هؤلاء الذين يظلمون أنفسهم ، ويظلمون غيرهم ، وهم قريش ، أو على الأقل ، فيه إيحاء ، بأن من الممكن التجاوز عما مضى ، وأن الأمور بينه وبين قريش لم تصل إلى نقطة اللا رجوع ..

ثم قدم خيارات يجد فيها من يتعرض لهذه المعاناة متنفسا مقبولا وحلا معقولا ، ينسجم مع ما يصبو ويشتاق إليه ، حب السلامة والراحة ..

ولكن من الواضح : أن هذه الخيارات وإن كانت سوف تؤثر على مستوى ثقة العرب بقريش ، وعلى علاقاتهم بها ، ولكنها خيارات واقعية ، تحمل معها الخلاص من العناء والشقاء ، والبلاء وما يجري على قريش والمشركين. فإنما على نفسها جنت براقش .. وتلك هي نتائج الإثم والبغي والعدوان.

يضاف إلى ذلك : أن الأخذ بهذه الخيارات ، من شأنه أن يوزع القوى ، فيسهل على المظلومين مواجهة الظلم ، لأن القوى حين تكون متفرقة فإنها لا تملك نفس القوة حين تكون مجتمعة ، فإنه إذا قضي على قوة العرب الذين هم حول قريش فلن تنفع قريشا قوتها .. خصوصا مع تنامي قوة الإسلام ،

١٢٩

واتساع رقعته ، وازدياد نفوذه.

والخلاصة : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يقدم لقريش خيارات ، لو عملت بها ، فسوف تجد نفسها في أحضان الإسلام ، ولن تقوى على مقاومته ، ولا تجد مناصا من الدخول فيه ، وسوف تكون بأمس الحاجة إلى حمايته ، والاستظلال بظله ..

فالأمور التي طرحها «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لا يمكن تجاهلها ، بل لا بد أن يعلق في أذهان الناس شيء منها ، ويثير ذلك بلابل في صدورهم ، وتبدأ من ثم الاقتراحات التي تنسجم مع أجواء تلك الخيارات ، فتضعف العزائم عن خوض الحروب ، وتنقاد النفوس لقبول حلول تقرّبهم من أجواء السلم ، والقبول بما كان مجرد تخيله يعد جريمة وخيانة ، وعارا عندهم ..

وقد كانت المبادرة إلى العمرة ، وإلى الإحرام ، وسوق الهدي ، تهدف إلى إثارة هذه الأجواء ، حيث فرض عليهم الرضا بأن يعاهدوه ويصالحوه .. ورضوا أيضا بأن يدخل إلى الحرم ، ويحج البيت في سنة لاحقة .. مع أن التفكير الذي كان سائدا إلى تلك اللحظة هو لزوم قتله ، وكل من معه .. فالتنزل والقبول بما هو أدنى من ذلك يعتبر إنجازا عظيما.

ولا شك في أن الخيارات السابقة التي طرحها الرسول «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وتحدثنا عنها آنفا قد أسهمت في إثارة هذه الأجواء التي ساعدت على الوصول إلى تلك النتائج الباهرة والفتح العظيم ..

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يستشير أصحابه :

١ ـ وقد تقدم : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد استشار أصحابه في هذه

١٣٠

المناسبة أيضا وقد أظهرت هذه المشورة أنه لم يكن لدى المسلمين ميل للقتال ، ولا كانوا يتسترون بالإحرام ، ويضمرون العدوان ، حينما تمكنهم الفرصة. وقد كان لابد من تسجيل وإظهار هذه الحقيقة للأجيال ، فلم يعد يمكن للذين لا يؤمنون أن يقولوا : إن أقوال النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لا تعكس ما في ضميره ، لأنه رجل سياسي ، ومنطق السياسة التي درجوا عليها ، هو المكر والخداع ، وانتهاز الفرص السانحة.

٢ ـ إننا نعتقد : أن مشورة أبي بكر بعدم القتال ، كانت تنسجم مع سياساته الرامية إلى تعزيز قريش ، وحفظ عنفوانها ، وعدم المساس برموزها ، كما ظهر من مشورته في حرب بدر ، سواء بالنسبة لأصل الحرب ، أم بالنسبة لسعيه لإنقاذ أسرى قريش من القتل.

٣ ـ وكان لهذه التدخلات أثرها الضاغط على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، والمثير فيما بين المسلمين سلبيات كبيرة ومتنوعة ، من حيث تأثيرها على مستوى الثقة والقناعة ، ومن ثم على الطاعة والانقياد والرضا من قبل عامة المسلمين بقرارات النبي الأكرم «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

٤ ـ لقد كان موقف المقداد في بدر وفي الحديبية ، الذي هو الإعلان بالتسليم المطلق لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، هو الموقف الصحيح والصائب ، الذي كان النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يريد له أن يتنامى وأن يشيع ويتأكد ويتجذر فيما بين المسلمين. ليصبح خلقهم وسجيتهم الظاهرة في كل حين ، وكل وقت ، وفي كل موقف.

٥ ـ إن قوله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : أترون أن نميل على ذراري هؤلاء؟ يراد به إظهار الخلق النبيل والسامي لأهل الإيمان ، وأنهم يتعاملون مع

١٣١

الأمور بمنطق المبادئ والقيم ، لا بمنطق الأهواء والغرائز ، وردات الفعل. فإنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد أوضح : أن هناك قبائل قد انضمت إلى قريش لتحارب معها ، وتركوا ذراريهم خلفهم بلا حام ولا كفيل. وهذا خطأ فادح ، لأن المفروض بالمحارب : أن يحسب حساب عدوه ، ولا يدع ماله ، وعياله يقعان في معرض الاستباحة!! فها هو رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يعرض الأمر على من معه ، ويستدرجهم بسؤاله لهم إلى الإعلان بأنهم طوع إرادته ، ورهن إشارته ، ليرى الناس كيف يعفّ ويعفو ولا يقدم على أي عمل يتناقض مع مبادئه ودينه رغم قدرته عليه.

من أجل ذلك نقول :

إن موقف المقداد هو الموقف الصحيح ، فإن الإعلان بالطاعة ـ خصوصا ـ في مثل هذه المواقف أمر مطلوب ؛ حسبما أوضحناه ، كما أنه يدخل الرعب واليأس في قلوب الأعداء ، وتضعف توقعاتهم بزعزعة وحدة الذين جاؤوا لحربهم ..

أما جواب أبي بكر ، فهو يعني : أن في أصحاب النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من يتجرأ عليه ، ويبادر إلى رسم الطريق له ، ويطلب منه أن يكون بأمره ، ورهن إشارته ويجعل نفسه في موقع من يعرف الرأي الصائب ، ويتوهم أنه قد عرف ما لم يعرفه رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ..

وهذا الأمر يطمع العدو في المسلمين ، ويدفعه إلى التفكير في التدخل في سياساتهم ، بإلقاء الآراء المختلفة إليهم ليثير البلبلة في أفكارهم ، ويلقي الشبهات لديهم في صوابية قرارات القيادة ، ومدى إدراكها لما يجب فعله أو يجب تركه. وهذا خلل خطير وكبير تداركه المقداد «رحمه‌الله» ، ورضي عنه وأرضاه.

١٣٢

الشورى في الحديبية :

وقد حاول البعض أن يدّعي : «أن في عامة تصرفات الرسول «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ما يدل على مشروعية الشورى ، وضرورة تمسك الحاكم بها.

وعمل النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» هنا يدل على طبيعة هذه الشورى ، والمعنى الذي شرعت من أجله. فالشورى في الشريعة الإسلامية مشروعة ، ولكنها ليست ملزمة. وإنما الحكمة منها استخراج وجوه الرأي عند المسلمين ، والبحث عن مصلحة قد يختص بعلمها بعضهم دون بعض ، أو استطابة لنفوسهم.

فإذا وجد الحاكم في آرائهم ما سكنت نفسه إليه ، على ضوء دلائل الشريعة الإسلامية وأحكامها أخذه ، وإلا كان له أن يأخذ بما شاء ، شرط أن لا يخالف نصا في كتاب ولا سنة ، ولا إجماعا للمسلمين ..

ولقد وجدنا أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» استشار أصحابه في الحديبية ، وأشار عليه أبو بكر بما قد علمت.

قال له : إنك يا رسول الله خرجت عامدا لهذا البيت ، فتوجه له ، فمن صدنا عنه قاتلناه.

ولقد وافقه النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في بادئ الأمر ، ومضى مع أصحابه ، متوجها إلى مكة حتى إذا بركت الناقة ، وعلم أنها ممنوعة ، ترك الرأي الذي كان قد أشير به عليه.

وأعلن قائلا : والذي نفسي بيده ، لا يسألونني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها.

وحينئذ تحول العمل عن ذلك الرأي الذي أبداه أبو بكر إلى أمر

١٣٣

الصلح والموافقة على شروط المشركين ، دون أن يستشير في ذلك أحدا».

إلى أن قال : فهذا «يدل أيضا على أن الشورى إنما شرعت للتبصر بها ، لا للإلزام أو التصويت على أساسها» (١).

ونقول :

إن لنا على هذا الكلام عدة ملاحظات ، نذكر منها ما يلي :

١ ـ إنه ليس في تصرفات النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ما يدل على ضرورة تمسك الحاكم بالشورى ، بل غاية ما تدل عليه : أنه يباح للحاكم أن يمارسها.

٢ ـ إنه ليس في تصرفاته «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ما يدل على ضرورة تمسك الحاكم بالشورى ، بل غاية ما تدل عليه : أنه يباح للحاكم أن يمارسها.

٢ ـ إنه ليس في تصرفاته «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ما يدل على أن الحاكم ملزم بالأخذ بما يشيرون به عليه ، فقد يأخذ بمشورة أحدهم ، وقد لا يأخذ بمشورة أحد منهم أصلا ، بل يأخذ برأي نفسه.

٣ ـ إن حكمة ممارسة الشورى لا تنحصر بما ذكره ذلك البعض ، بل قد تشمل إظهار نوايا بعض من يدلون بآرائهم فيها ، لكي يعرف الناس تلك النوايا ، ليمكنهم تمييز المخلص من غيره ، والذكي من الغبي ، والشجاع من الجبان ، و.. و..

٤ ـ إن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لم يكن بحاجة إلى رأي أحد ؛ لأنه عقل الكل ، ومدبر الكل ، وفوق الكل. ولا يمكن أن يختص أحد بعلم شيء دونه .. فاستشارته للناس لا يمكن أن تكون لأجل معرفة الصواب من الخطأ ، أو لأجل علم اختص به سواه.

__________________

(١) فقه السيرة (ط دار الفكر) ص ٣٢٤ و ٣٢٥.

١٣٤

٥ ـ إن من أعظم الموبقات والجرائم في حق النبي الأعظم «صلى‌الله‌عليه‌وآله» هو القول بإمكان أن يأخذ برأي يخالف نصا في الكتاب ، أو السنة ، أو الإجماع ، فإن هذا يدل على انتفاء صفة العصمة عنه ، ومن موجبات فقد الثقة بما يقول ويفعل ..

وهذا القائل الذي نحن بصدد مناقشة كلامه ليس فقط لم يستثن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من هذه المقولة ، بل هو قد صرح : بأنه قاصد له فيها ، حيث قال بعد حوالي أربع صفحات في إشارة منه إلى عباراته الآنفة الذكر ، وموضحا مراده فيها ما يلي :

«قد علمت فيما سبق : أن تصرفات النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لا تكتسب قوة الحكم الشرعي ، إلا إذا أقرها الكتاب بالسكوت عليها ، أو التأكيد لها. ولقد أقرّ الكتاب كل بنود المصالحة إلا ما يتعلق برد النساء إلى بلاد الكفر ، فلم يقرّه ، وذلك على فرض دخوله في بنود الاتفاقية وشروطها» (١).

على أننا لم نفهم وجها لقوله : مخالفة الرسول «صلى‌الله‌عليه‌وآله» للسنة ، فإن السنة هي نفس قول النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وفعله وتقريره ..

كما أننا لم نفهم الوجه في مخالفة النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» للإجماع ، وكيف يمكن أن يتحقق ذلك.

وهذا يسقط الحقيقة التي تقول : إن قول الرسول «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وفعله وتقريره حجة بنفسه على العباد ، كما أنه يثير الشك والشبهة في ما يصدر عنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ويحتاج نفس قوله وفعله إلى مراجعة على

__________________

(١) فقه السيرة ص ٣٢٩.

١٣٥

أهل الاختصاص والاجتهاد لإجراء مقارنة بينه وبين الآيات ، والاطلاع على الإجماعات التي قد تكون في حياته ، أو تنشأ بعد وفاته ، ليتم عرض كلامه عليها ، وقياسه عليها!!

٦ ـ وأما ما زعمه هذا القائل : من أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد أخذ برأي أبي بكر أولا ، ثم لما بركت الناقة ، وعلم أنها ممنوعة ترك ذلك ، وتحول إلى أمر الصلح والموادعة.

فهو غير صحيح : فإن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» شاورهم ، وسمع مشورة أبي بكر ، ومشورة المقداد ، ثم قال : امضوا على بركة الله ، فليس في كلامه أية دلالة على ما عقد العزم عليه ، بل بقي متمسكا بقوله : إنه لم يأت لقتال أحد ، بل جاء للعمرة وزيارة البيت ، وقال : «إن قريشا قد نهكتهم الحرب ، وأضرت بهم ، فإن شاؤوا ماددتهم مدة ، أو يخلو بيني وبين الناس ، وإن شاؤوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا ، وإلا فقد جمّوا الخ ..».

فلماذا ينسب هذا الرجل لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أمرا لم يكن؟

ولماذا يريد أن يظهر الخطأ والتقلب والاختلاف في مواقف الرسول «صلى‌الله‌عليه‌وآله» .. من دون أي شاهد أو دليل إلا ما تنسجه يد التعصب لفريق بعينه ، حتى لو أدى ذلك : إلى الاستهانة به «صلى‌الله‌عليه‌وآله»؟!

عباد بن بشر .. وصلاة الخوف :

وقد تقدم أيضا زعمهم : أن خالدا دنا حتى نظر إلى رسول الله ، فأمر

١٣٦

«صلى‌الله‌عليه‌وآله» عباد بن بشر فتقدم في خيله ، فقام بإزاء خالد ، فصف أصحابه ، وحانت صلاة الظهر ، فصلى النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بهم ركعة ، ثم قاموا الخ .. (١).

ونقول :

إننا نشك في صحة ذلك ، استنادا إلى ما يلي :

أولا : إن خالد بن الوليد لا يجرؤ على التقدم إلى حد أن يصف خيله قبالة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، إذا كان معه مائتا راكب فقط ، وكان المسلمون أضعاف هذا العدد ..

ثانيا : ما معنى : أن يصل خالد ويصف خيله بين النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وبين القبلة؟!

وأين كانت خيل المسلمين في هذه اللحظة؟!

وكيف لم تبادر للوقوف في وجهه بمجرد ظهوره؟!

ولماذا لم تمنعه من أن يصف خيله؟!

ثالثا : إذا كانت خيل المسلمين بقيادة عباد بن بشر قد اصطفت بإزاء خالد ، فمعنى ذلك : أن المسلمين ملتفتون إلى عدد أفراد من معه ، عارفون بمواقعه ، مراقبون له.

__________________

(١) الدر المنثور ج ٢ ص ٢١١ عن عبد الرزاق ، وسعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، وأحمد ، وعبد بن حميد ، وأبي داود ، والنسائي ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والدارقطني ، والطبراني ، والحاكم وصححه ، والبيهقي عن أبي عياش الزرقي.

وفي الدر المنثور : عن الترمذي وصححه ، وابن جرير عن أبي هريرة ، وفي الدر المنثور أيضا ج ٢ ص ٢١٣ عن البزار ، وابن جرير ، والحاكم وصححه عن ابن عباس.

١٣٧

فما معنى قول خالد ، حين رأى النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يصلي بمن معه : «قد كانوا على غرة لو حملنا عليهم ، أصبنا منهم»؟.

رابعا : أين كان علي بن أبي طالب «عليه‌السلام» عن ساحة القتال آنئذ؟!

ولماذا قدم النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عباد بن بشر ، ولم يقدم عليا ، الذي كانت تخشاه قريش كل الخشية؟!

ألم يكن علي «عليه‌السلام» هو القائد العام في تلك الغزوة ، كما كان في غيرها؟!

خامسا : إن الآية القرآنية تقول : (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) (١) ، وعلى هذا الأساس نقول :

ما معنى قول خالد عن صلاة العصر : إنها أحب إلى المسلمين من أنفسهم وأبنائهم؟!

فهل أمر الله للناس بالمحافظة على الصلاة الوسطى يجعل هذه الصلاة أحب إلى المسلمين من أنفسهم وأموالهم ، ثم تصبح الصلوات الأخرى أقل أهمية من هذه الصلاة؟! ..

سادسا : ما معنى : أن يركع النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بهم ركعة ، ويسجد ويسلم في صلاة الظهر؟! فهل أصبحت صلاة الظهر ركعة واحدة؟! أم أن هذه هي صورة صلاة الخوف؟!

وإذا كانت صلاة الخوف ، فما معنى قولهم : إن آية صلاة الخوف قد

__________________

(١) الآية ٢٣٨ من سورة البقرة.

١٣٨

نزلت في صلاة العصر ، لا في صلاة الظهر؟!

سابعا : بالنسبة لنزول آية صلاة الخوف في هذه المناسبة نقول :

إن هناك روايات تعارض الرواية المذكورة ، فقد :

١ ـ روي عن سليمان اليشكري : أنه سأل جابر بن عبد الله عن إقصار الصلاة ، أي يوم أنزل؟!

فقال جابر بن عبد الله : وعير قريش آتية من الشام ، حتى إذا كنا بنخل جاء رجل من القوم الخ (١).

٢ ـ عن ابن عباس : أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد صلى صلاة الخوف يوم بطن نخلة (٢).

قال ياقوت الحموي : بطن نخل : قرية قريبة من المدينة على طريق البصرة (٣).

٣ ـ وعن ابن عباس أيضا : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، قد صلاها بذي قرد .. (٤) وقد تقدم ذلك.

__________________

(١) الدر المنثور ج ٢ ص ٢١١ عن ابن جرير ، وعبد بن حميد ، وشرح معاني الآثار ج ١ ص ٣١٧ وصحيح ابن حبان ج ٧ ص ١٣٦ وجامع البيان ج ٥ ص ٣٣٤ وعن تاريخ الأمم والملوك للطبري ج ٢ ص ٢٢٧.

(٢) الدر المنثور ج ٢ ص ٢١٢ عن ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، والمعجم الكبير ج ١٢ ص ١٩٥ وجامع البيان ج ٥ ص ٣٤٤.

(٣) معجم البلدان ج ١ ص ٤٤٩ وتفسير كنز الدقائق ج ٢ ص ٦٠٤ وتاريخ مدينة دمشق ج ٣٩ ص ٤٢٣ ومعجم قبائل العرب ج ١ ص ٢٢.

(٤) الدر المنثور ج ٢ ص ٢١٢ عن عبد الرزاق ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، والحاكم وصححه.

١٣٩

٤ ـ عن عائشة ، وعن صالح بن خوات ، عمن صلى مع رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد صلاها في غزوة ذات الرقاع (١).

وهذا هو المروي عن أبي عبد الله الصادق «عليه‌السلام» (٢).

٥ ـ عن جابر : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» صلاها وهو محاصر بني

__________________

(١) الدر المنثور ج ٢ ص ٢١٢ عن أبي داود ، وابن حبان ، والحاكم وصححه ، والبيهقي ، ومالك ، والشافعي ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، والبخاري ، ومسلم ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجة ، والدارقطني ودعائم الإسلام ج ١ ص ١٩٩ ومستدرك الوسائل ج ٦ ص ٥١٦ ومناقب آل أبي طالب ج ١ ص ١٧٠ وعوالي اللئالي ج ٢ ص ٦٢ والبحار ج ٢٠ ص ١٧٦ و ١٧٨ وج ٨٣ ص ١١٢ واختلاف الحديث ص ٥٢٧ ومسند أحمد ج ٦ ص ٢٧٥ وعن صحيح البخاري ج ٥ ص ٥١ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٣ ص ٢٦٥ وشرح صحيح مسلم ج ٦ ص ١٢٨ وعن فتح الباري ج ٧ ص ٣٢١ و ٣٢٦ و ٣٢٧ والديباج على مسلم ج ٢ ص ٤٢٥ وعون المعبود ج ٤ ص ٨١ والمصنف للصنعاني ج ٢ ص ٥٠٣ وصحيح ابن خزيمة ج ٢ ص ٣٠٣ وصحيح ابن حبان ج ٧ ص ١٢٤ ونصب الراية ج ٢ ص ٢٩٤ و ٢٩٥ وموارد الظمآن ص ١٥٥ وكنز العمال ج ٨ ص ٤١٩ وإرواء الغليل ج ٢ ص ٢٩٢ وجامع البيان ج ٥ ص ٣٤١ وأحكام القرآن ج ١ ص ٥٤٤ وج ٢ ص ٣٣٠ والجامع لأحكام القرآن ج ٥ ص ٣٦٨ وتفسير القرآن العظيم ج ١ ص ٥٦٠ وأسد الغابة ج ١ ص ٢٢ وتفسير الثعالبي ج ٢ ص ٢٩١ و ٢٩٣ والثقات ج ١ ص ٢٥٨ والعبر وديوان المبتدأ والخبر لابن خلدون ج ٢ ق ٢ ص ٢٩ وموسوعة التاريخ الإسلامي ج ٢ ص ٤٢٤ و ٦٠٧ وإعلام الورى ج ١ ص ١٨٩ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٨٠ و ١٨١ و ١٨٥ وج ١٢ ص ٦٠.

(٢) تفسير البرهان ج ١ ص ٤١١ عن من لا يحضره الفقيه.

١٤٠