الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ١٤

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ١٤

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-186-6
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٥٦

المحل الذي يظن مجيئهم منه ، وذلك كان لغير جهة القبلة .. وإلا فالعدو لم يكن بمرأى منهم (١).

وهو كلام لا معنى له ؛ لأن ذلك لو تم لوجب على المسلمين أن يصلوا صلاة الخوف باستمرار في كل سرية وغزوة ، بل قد يحتاجون إلى صلاة الخوف ، حتى وهم في داخل المدينة ، لأن الخوف من مداهمة العدو حاصل في كل وقت.

بل إن نفس حديث غزوة ذي قرد يذكر : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، قد خلّف سعد بن عبادة مع ثلاث مائة مقاتل في المدينة ، من أجل أن يحرسوها.

ثانيا : إن هناك اختلافا كثيرا حول تاريخ تشريع صلاة الخوف ، فلا محيص عن الرجوع إلى أهل البيت «عليهم‌السلام» لحسم هذا الأمر ، حيث قد روي بسند صحيح عن الإمام الصادق «عليه‌السلام» أنه قال عن صلاة الخوف : «إنها نزلت لما خرج رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلى الحديبية ، يريد مكة» (٢) فراجع.

ثم صلاها في غزوة ذات الرقاع في سنة سبع (٣).

__________________

(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٧.

(٢) البرهان ج ١ ص ٤١١ ومستدرك الوسائل ج ٦ ص ٥١٨ والبحار ج ٨٦ ص ١١٠ وتفسير القمي ج ١ ص ١٥٠ والصافي ج ١ ص ٤٩٤ وكنز الدقائق ج ٢ ص ٦٠٦ والميزان ج ٥ ص ٦٤.

(٣) البرهان للبحراني ج ١ ص ٤١١ ومن لا يحضره الفقيه (ط مؤسسة النشر الإسلامي ، قم) ج ١ ص ٤٦٠ والكافي ج ٣ ص ٤٥٦ وتهذيب الأحكام ج ٣

٢٦١

__________________

ص ١٧٢ ووسائل الشيعة (ط دار الإسلامية) ج ٥ ص ٤٧٩ والبحار ج ٢٠ ص ١٧٧ وج ٨٣ ص ٣ ومستدرك سفينة البحار ج ٤ ص ١٨٢ وج ٥ ص ٢٠٧ وج ٧ ص ٥٧٤ وإختلاف الحديث ص ٥٢٦ ومسند أحمد ج ٥ ص ٣٧٠ عن صحيح البخاري ج ٥ ص ٥١ و ٥٢ وصحيح مسلم ج ٢ ص ٢١٤ وسنن أبي داود ج ١ ص ٢٧٨ وسنن النسائي ج ٣ ص ١٧١ والسنن الكبرى ج ٣ ص ٢٥٣ وشرح صحيح مسلم للندوي ج ٦ ص ١٢٨ وعن فتح الباري ج ٧ ص ٣٢٣ والديباج على صحيح مسلم ج ٢ ص ٤٢٥ وعون المعبود ج ٤ ص ٨٠ ومسند ابن راهويه ج ١ ص ٣١ وسنن النسائي ج ١ ص ٥٩٢ والمنتقى من السنن المسندة ص ٦٩ وشرح معاني الآثار ج ١ ص ٣١٣ وسنن الدار قطني ج ٢ ص ٤٨ ونصب الراية ج ٢ ص ٢٩٤ وإرواء الغليل ج ٢ ص ٢٩٢ وفقه القرآن ج ١ ص ١٤٩ وتفسير الصافي ج ١ ص ٤٩٤ وأحكام القرآن ج ١ ص ٥٤٤ وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج ١ ص ٥٦٠ والدر المنثور ج ٢ ص ٢١٢ والتاريخ الكبير للبخاري ج ٤ ص ٢٧٦ والجرح والتعديل ج ٣ ص ١١٣٨ وتهذيب التهذيب ج ٧ ص ٢٨١ ومعجم البلدان ج ٣ ص ٥٦ وتاريخ الأمم والملوك للطبري ج ٢ ص ٢٢٦ والتنبيه والإشراف ص ٢١٤ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٩٣ وموسوعة التاريخ الإسلامي ج ٢ ص ٤٢١ وعيون الأثر ج ٢ ص ٢٩ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ١٦١ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٨٠ وج ١٢ ص ٦٠ وج ٨ ص ٢٤٥ ومناقب آل أبي طالب ج ١ ص ١٧٠ والمصنف للصنعاني ج ٢ ص ٥٠٣ وصحيح ابن خزيمة ص ٢٤٠ و ٣٠٣ وصحيح ابن حبان ج ٧ ص ١٢٤ وموارد الظمآن ص ١٥٥ وكنز العمال ج ٨ ص ٤١٩ وجامع البيان ج ٥ ص ٣٤١ وتفسير القرطبي ج ٥ ص ٣٦٨ وتفسير الثعالبي ج ٢ ص ٢٩١ والثقات ج ١ ص ٢٥٢ وأسد الغابة ج ١ ص ٢٢ والعبر وديوان المبتدأ والخبر المعروف بتاريخ ابن خلدون ج ٢ ق ٢ ص ٢٩ وإعلام الورى ج ١ ص ١٨٩.

٢٦٢

ويؤيد ذلك : ما روي عن جابر بن عبد الله ، قال : «غزا رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ست غزوات قبل صلاة الخوف ، وكانت صلاة الخوف في السنة السابعة» (١).

وأما كيفية الإتيان بها ، فقد رويت على ست عشرة صورة ، فراجع (٢).

وذلك يشير : إلى أنه لا يمكن الاعتماد على رواياتهم ، كما أن الصورة التي ذكرت آنفا ليست هي الصورة الصحيحة المروية عن أهل بيت النبوة «عليهم‌السلام» كما يظهر بالمراجعة.

الغفارية التي أفلتت :

وقد تقدم : أن امرأة أبي ذر قد أفلتت من آسريها على ناقة الرسول الأكرم «صلى‌الله‌عليه‌وآله» التي تسمى القصوى ، أو على المسماة بالعضباء.

ويذكرون في كيفية ذلك : أن تلك المرأة انفلتت من الوثاق ليلا ، فأتت الإبل ، فجعلت إذا دنت من البعير رغا ، فتتركه ، حتى انتهت إلى العضباء ، فلم ترغ ، فقعدت على عجزها ، ثم زجرتها. وعلموا بها ، فطلبوها ، فأعجزتهم.

ونذرت إن نجاها الله عليها : أن تنحرها ، وتأكل من سنامها وكبدها ، فلم يرض رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بذلك ، وقال لها : «إنها ناقة من إبلي ، ارجعي إلى أهلك على بركة الله تعالى ، ورجع رسول الله «صلى الله عليه

__________________

(١) الدر المنثور ج ٢ ص ٢١٤ ومسند أحمد ج ٣ ص ٣٤٨ ومجمع الزوائد ج ٢ ص ١٩٦ وفتح الباري ج ٧ ص ٣٢٤ ومسند ابن راهويه ج ١ ص ٣١ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٨١ وج ٨ ص ٢٥٢.

(٢) راجع : غزوة ذات الرقاع في الجزء الثامن من هذا الكتاب.

٢٦٣

وآله» إلى المدينة» (١).

ونقول :

أولا : إن هذا النص يدل على : أن الغفارية قد التقت بالنبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قبل رجوعه إلى المدينة ، ومعنى ذلك : أنها التقت به على ماء ذي قرد.

وذلك يدل على : أنها لم تفلت على الناقة المذكورة ، ولا قدمت على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بتلك الناقة ، لأن المفروض : أن ابن الأكوع ـ كما يدّعي ـ قد طارد المغيرين إلى نفس هذا الموضع ، أعني ماء ذي قرد ، وأنه قد استرجع منهم كل بعير خلقه الله كان معهم مما أخذوه في غارتهم ..

وكذلك يقال : بالنسبة للحديث عن بطولات أبي قتادة ، واسترجاعه للقاح .. فأين كانت هذه المرأة؟ وكيف نجت على تلك الناقة؟!

ثانيا : إن الرواية تقول : إنه لما كان الليل انفلتت المرأة من الوثاق ، وقامت إلى الإبل وبذلت محاولتها .. مع أن سياق الأحداث يأبى عن أن يكون هؤلاء قد استقروا في مكان ، وباتوا فيه ..

بل في حديث سلمة بن الأكوع : أنه قد طاردهم إلى وقت الغروب ، حيث استنقذ كل ما كان في يدهم.

__________________

(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٨ ملخصا وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٠٣ عن أحمد ومسلم ، وأبي داود. وراجع : سنن ابن داود ج ٣ ص ٨٠٧ برقم ٣٥٣٧ والجامع الصحيح ج ٥ ص ٥٣٠ والمعجم الكبير ج ١١ ص ١٨ ومجمع الزوائد ج ٤ ص ١٤٨ ومسند الحميدي برقم ١٠٥١ و ١٠٥٣ ومسند أحمد ج ٢ ص ٢٩٢ وسنن النسائي ج ٦ ص ٢٨٠ والمصنف للصنعاني برقم ١٩٩٢٠.

٢٦٤

ثالثا : إذا كانت تلك المرأة كلما دنت من بعير رغا فتتركه إلى غيره ، فلماذا لم يلتفتوا إليها ، ولم يتفقدوا تلك الإبل ليعرفوا من ذلك الذي يهيجها حتى ترغو. خصوصا مع تكرر رغائها ، واحدا بعد الآخر؟

رابعا : إن مفاد الحديث المتقدم : أن الغفارية قدمت على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قبل أن يشرع بالرجوع إلى المدينة ..

وقد يؤيد ذلك : أنها إنما نجت على العضباء.

والمفروض : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد رجع إلى المدينة راكبا على العضباء ، مردفا سلمة بن الأكوع (١).

ولكن ابن هشام وغيره يقولون : إنها قدمت على ناقتها على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلى المدينة ، فأخبرته الخبر (٢).

وقد يقال : إن الناقة لها لا لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ..

ويجاب : بأن المراد : أنه قدمت إلى المدينة على ناقة ، ولم يرد ابن هشام أن يشير إلى مالك تلك الناقة.

__________________

(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٨ ومسند أحمد ج ٤ ص ٥٣ وصحيح ابن حبان ج ١٦ ص ١٣٧ والمصنف لابن أبي شيبة ج ٨ ص ٥٥٨ والطبقات الكبرى ج ٢ ص ٨٤ وتاريخ مدينة دمشق ج ٢٢ ص ٩٩ وسير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٣٢٩ والبداية والنهاية ج ٤ ص ١٧٥ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٢٩٢ وتاريخ الأمم والملوك للطبري ج ٢ ص ٢٥٧ والمعجم الكبير ج ٧ ص ٣١ وسبل الهدى والرشاد ج ٧ ص ٣٧٩.

(٢) السيرة النبوية لابن هشام (ط سنة ١٣٨٣ ه‍) ج ٣ ص ٧٥٥ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٨ والبداية والنهاية ج ٤ ص ١٧٢ وراجع : السيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٢٨٨.

٢٦٥

وكل ذلك يشير : إلى عدم صحة كثير مما يقال حول هذه السرية وإن كان يبدو لنا : أن هذه القضية لها أساس صحيح ، ولكنها قد استعيرت من موضعها الأصلي ، ليستفاد منها في هذا الموضع ، لإضفاء مزيد من الغرابة على هذا الحدث ..

ولعل الصحيح هو : ما روي عن النواس بن سمعان : أن ناقة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» سرقت ، فقال : لئن ردها الله علي لأشكرن ربي. وقد وقعت في حي من أحياء العرب فيهم امرأة مسلمة ، فرأت من القوم غفلة ، فقعدت عليها ، فصبحت المدينة الخ .. (١).

طلحة الفياض :

وقد تقدم : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» مرّ في غزوة ذي قرد على ماء يقال له : «بيسان» ، وهو مالح ، فسماه «نعمان» ، وقال : هو طيب ، فتغيّر طعم الماء .. فاشتراه طلحة ، وتصدق به ، فسمي طلحة الفياض.

ونقول :

لقد تعودنا من هؤلاء إطراء أوليائهم ومحبيهم ، خصوصا إذا كانوا من المناوئين والأعداء لعلي «عليه‌السلام» وإعطائهم أسمى المقامات ، وأعلى الدرجات ، حتى لو فعلوا الأفاعيل ، وجاؤوا بالأفائك والأضاليل ..

والكل يعلم : أن طلحة قد حارب عليا «عليه‌السلام» ، وكان على رأس الجيش الباغي في حرب الجمل .. فكانت له الحظوة والزلفى لدى

__________________

(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٨ عن الأوسط للطبراني ، ومجمع الزوائد ج ٤ ص ١٨٧ والمعجم الأوسط ج ٢ ص ١٤ والدر المنثور ج ١ ص ١١.

٢٦٦

هؤلاء ، ولم يبخلوا عليه بالأوسمة ، ولا قصروا في اختراع الفضائل والكرامات له. وهذا المورد هو أحد تلك المخترعات التي ظهرت.

ونحن لا نشك : أنها رواية مكذوبة ، ويظهر ذلك من ملاحظة نصوصها ، فإنه عدا عما ذكروه من رواية شرائه بئر بيسان ، وتصدقه بها ، نشير إلى ما يلي :

١ ـ عن طلحة ، أنه قال : سماني رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يوم أحد طلحة الخير ، ويوم العسرة طلحة الفياض ، ويوم حنين طلحة الجود (١).

وفي بعض المصادر : يوم خيبر ، بدل حنين ، ويحتمل التصحيف ..

والظاهر : أن المراد بيوم العسرة يوم تبوك ، المسمى بجيش العسرة.

٢ ـ ذكر نص آخر : نفس الكلام المتقدم ، غير أنه قال : «ويوم غزوة ذات العشيرة ، طلحة الفياض».

وفي نص آخر : «العسيرة» (٢).

__________________

(١) البداية والنهاية (ط سنة ١٤١٣ ه‍) ج ٧ ص ٢٧٦ وأسد الغابة ج ٣ ص ٥٩ ولسان الميزان ج ٣ ص ٧٨ ومجمع الزوائد ج ٩ ص ١٤٧ وكتاب السنة ص ٦٠٠ ومسند أبي يعلى ج ٢ ص ٥ والمعجم الكبير ج ١ ص ١١٢ و ١١٧ وتاريخ مدينة دمشق ج ٢٥ ص ٩٢ وأسد الغابة ج ٣ ص ٥٩ وميزان الإعتدال ج ٢ ص ١٩٧ وسير أعلام النبلاء ج ١ ص ٣٠ وتهذيب التهذيب ج ٥ ص ١٩ وراجع : ذكر أخبار إصبهان ج ٢ ص ٢٧١ ومستدرك الحاكم ج ٣ ص ٣٧٤.

(٢) الكامل لابن عدي ج ٦ ص ٤٤٣ وتاريخ دمشق ج ٢٥ ص ٩٢ وميزان الإعتدال (ط سنة ١٣٨٢ ه‍) ج ٢ ص ١٩٧ والقاموس المحيط (ط دار إحياء التراث العربي سنة ١٤١٢ ه‍) ج ١ ص ٤٧٧ وسير أعلام النبلاء ج ١ ص ٣٠ ومستدرك الحاكم ـ

٢٦٧

٣ ـ روي عن سلمة بن الأكوع ، قال : إبتاع طلحة بئرا بناحية الجبل ، ونحر جزورا ، فأطعم الناس ، فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : أنت طلحة الفياض (١).

٤ ـ وفي نص آخر : أن طلحة اشترى مالا في موضع يقال له : بيسان ، فقال له رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : يا طلحة الفياض ، أو قال : ما أنت إلا فياض ، فسمي طلحة الفياض (٢).

٥ ـ عن موسى بن طلحة : أن طلحة نحر جزورا ، وحفر بئرا يوم ذي قرد ، فأطعمهم وسقاهم ، فقال النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : يا طلحة الفياض ، فسمي طلحة الفياض (٣).

__________________

ج ٣ ص ٣٧٤ وتلخيصه للذهبي (مطبوع بهامشه) ، وتاج العروس (ط منشورات مكتبة الحياة ، بيروت) ج ٢ ص ١٩١ ومجمع الزوائد ج ٩ ص ١٤٧ عن الطبراني ، والمعجم الكبير ج ١ ص ١١٧ و ١١٢ والسنة لابن أبي عاصم (ط سنة ١٤١٣) ص ٦٠٠ وذكر أخبار إصبهان ج ٢ ص ٢٧١ ولسان العرب (ط سنة ١٤٠٥ ه‍ قم) ج ١ ص ٥٣٤ وكتاب السنة ص ٦٠٠.

(١) سير أعلام النبلاء ج ١ ص ٣٠ ومجمع الزوائد ج ٩ ص ١٤٨ وكنز العمال ج ١٣ ص ٢٠٠ عن الحسن بن سفيان ، وأبي نعيم في معرفة الصحابة ، وابن عساكر ، والمعجم الكبير ج ٧ ص ٧ والكامل لابن عدي ج ٣ ص ٢٨٤ وميزان الإعتدال ج ٤ ص ٢١٨ وكتاب السنة ص ٦٠٠ وتاريخ مدينة دمشق ج ٢٥ ص ٩٣.

(٢) تاريخ مدينة دمشق ج ٢٥ ص ٩٣ والإصابة ج ٣ ص ٤٣٠.

(٣) السنة لابن أبي عاصم ص ٦٠٠ ومجمع الزوائد ج ٩ ص ١٤٨ عن الطبراني ، والمعجم الكبير ج ١ ص ١١٢ والمستدرك للحاكم ج ٣ ص ٣٧٤ وتلخيص المستدرك للذهبي.

٢٦٨

فأي ذلك نصدق .. وبأيها نأخذ؟!

والظاهر هو : أن أقرباء طلحة هم الذين منحوا أو هيأوا له لقب الفياض.

فعن سفيان بن عيينة ، قال : «وكان أهله يقولون : إن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» سماه الفياض» (١).

فهو يتعمد أن ينسب ذلك إلى أهل طلحة ، دون من عداهم!!

٦ ـ وأخيرا ، فإن ابن حبيب يقول : «الطلحات المعدودون في الجود : طلحة بن عبيد الله بن عثمان التيمي ، صاحب رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وهو طلحة الفياض.

وطلحة الخير ، (طلحة) بن عمر بن عبيد الله بن معمر التيمي ، وهو طلحة الجود الخ ..» (٢).

وبعد ما تقدم ، نقول :

إننا نستفيد من النصوص المتقدمة :

أولا : أن ثمة خلافا واختلافا في موضع التسمية ، هل هي غزوة ذات العشيرة؟ أم غزوة القردة؟ أم يوم العسرة؟!

وإن ثمة خلافا في المناسبة التي دعت إلى إطلاق هذا الوصف عليه ، هل هي شراء بئر ثم التصدق بها؟!

__________________

(١) المعجم الكبير ج ١ ص ١١٢ ومجمع الزوائد ج ٩ ص ١٤٧ وحلية الأولياء ج ١ ص ٨٨.

(٢) المحبر ص ٣٥٥ و ٣٥٦ وتهذيب الكمال ج ١٣ ص ٤٠١ وتاريخ مدينة دمشق ج ٢٥ ص ٣٢.

٢٦٩

أم هي حفر بئر ، وذبح جزور ، فأطعم الناس وسقاهم؟!

أم هي شراء مال؟!

أم هي شراء بئر فقط؟!

وإن ثمة خلافا في الأوصاف وأصحابها ، فهل طلحة الجود ، والفياض ، والخير رجل واحد؟ أم ثلاثة أشخاص؟! كما قاله ابن حبيب وغيره.

ثانيا : إن مجرد أن ينحر إنسان جزورا ، ويطعم الناس ، ويحفر بئرا ، ويسقي الناس ، أو يشتري بئرا ، أو آبارا ولا يتصدق بها ، أو يشتريها ويتصدق بها لا يقتضي إطلاق هذه الأوصاف العالية ، ولا يستوجب إعطاء هذه الأوسمة ، ولو اقتضى ذلك لأصبحت الأوسمة تعد بمئات الألوف ، بل بالملايين. إذ ما أكثر الذين فعلوا أكثر من ذلك بمراتب.

وقد ذكرت نفس النصوص المتقدمة : أن سعد بن عبادة أرسل بأحمال التمر ، وبخمس جزائر إلى النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في ذي قرد ، فأين الجزور الواحد لطلحة من خمسة جزائر لسعد ، ولم نجده «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يطلق على سعد مثل هذا الوصف؟!

ثالثا : إن كلام سفيان بن عيينة ـ حول أن أهل طلحة هم الذين يروون ذلك عن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ـ : يعطي الانطباع ، ويقرب للأذهان مدى صدقية أمثال هذه المزاعم ، ويشير بإصبع الاتهام إلى من دبّر هذه التسميات!!

أفاعيل وفظائع طلحة :

ونحن نذكر هنا من أفاعيل طلحة على سبيل التعداد لا الحصر ما يلي :

١ ـ مر أمير المؤمنين «عليه‌السلام» على طلحة في يوم الجمل ، فقال :

٢٧٠

هذا الناكث بيعتي ، والمنشئ الفتنة في الأمة ، والمجلب عليّ ، والداعي إلى قتلي ، وقتل عترتي (١).

٢ ـ إن طلحة كان من قتلة عثمان ، ثم حارب عليا باسم الطلب بدم عثمان!!

٣ ـ وقد قال عمر لطلحة حين أراد أن يرتب الشورى بعده : «أقول أم أسكت؟!

قال : قل. فإنك لا تقول من الخير شيئا.

قال : أما إني أعرفك منذ أصيبت إصبعك يوم أحد بالبأو الذي حدث لك. ولقد مات رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ساخطا عليك للكلمة التي قلتها يوم نزل الحجاب».

٤ ـ قال الجاحظ : الكلمة المذكورة : أن طلحة لما أنزلت آية الحجاب ، قال عن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بمحضر ممن نقل عنه : ما الذي يغنيه حجابهن اليوم ، وسيموت غدا فننكحهن (٢)؟

٥ ـ لما نبحت كلاب الحوأب عائشة ، قالت : ردوني .. وكان طلحة في ساقة الناس ، فلحقها ، وأقسم لها : أن ذلك الماء ليس بالحوأب ، وشهد معه

__________________

(١) الإرشاد للمفيد ج ١ ص ٢٥٦ والكافئة ص ٢٦ والإحتجاج ج ١ ص ٢٣٩ والجمل للمدني ص ١٥٧ والبحار ج ٣٢ ص ٢٠٠ و ٢٠٩ ومعجم رجال الحديث ج ١٠ ص ١٨٣.

(٢) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج ١ ص ١٨٥ و ١٨٦ وكتاب الأربعين للشيرازي ص ٥٦٧.

٢٧١

خمسون رجلا على ذلك. فكان ذلك أول شهادة زور في الإسلام (١).

٦ ـ في حرب أحد أراد طلحة أن يخرج إلى الشام ويتنصر. واستأذن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بالمسير إلى الشام ، وأصر على ذلك (٢).

٧ ـ كما أن القاسم بن محمد بن يحيى بن طلحة ، صاحب شرطة الكوفة من قبل عيسى بن موسى العباسي قد قال لإسماعيل ابن الإمام الصادق «عليه‌السلام» : لم يزل فضلنا وإحساننا سابغا عليكم يا بني هاشم ، وعلى بني عبد مناف.

فقال إسماعيل : أي فضل وإحسان أسديتموه إلى بني عبد مناف؟!

أغضب أبوك جدي بقوله : ليموتن محمد ، ولنجولن بين خلاخيل نسائه ، كما جال بين خلاخيل نسائنا.

فأنزل تعالى ، مراغمة لأبيك : (.. وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيماً) (٣).

والحديث في هذا الأمر طويل ، ونكتفي منه بهذا القدر ، فإن الحر تكفيه الإشارة.

__________________

(١) مروج الذهب ج ٢ ص ٣٥٧ و ٣٥٨ ومستدرك الوسائل ج ١٧ ص ٤٤٩ والإيضاح هامش ص ٨٢ و ٨٣ والجمل للمدني ص ٤٤ و ١١٠ والبحار ج ٣٢ ص ١٤٧ وخلاصة عبقات الأنوار ج ٣ ص ٢٨٠ ونهج السعادة ج ١ ص ٢٣٨ وأضواء على الصحيحين ص ١٠٥ وميزان الحكمة ج ٣ ص ٢٣١٧ وإختيار معرفة الرجال ج ١ ص ١٨٤ والبداية والنهاية ج ٧ ص ٢٥٨ وحياة الإمام الحسين «عليه‌السلام» للقرشي ج ٢ ص ٣٣.

(٢) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج ٢ ص ١٦٢.

(٣) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج ٩ ص ٣٢٣.

٢٧٢

الفصل الثالث :

سبع سرايا

٢٧٣
٢٧٤

١ ـ سرية القرطاء :

في محرم على رأس تسعة وخمسين شهرا من الهجرة كانت سرية القرطاء. وهم بطن من بكر بن كلاب ، في موضع يقال له : «الضريّة» وهي على سبع مراحل على الطريق بين البصرة ومكة.

حيث يقال : إن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بعث إليهم محمد بن مسلمة في ثلاثين راكبا ، وأمره أن يغير عليهم بغتة ، فسار إليهم ، وكان يكمن بالنهار ، ويسير بالليل ، حتى أغار عليهم ، فقتل نفرا منهم ، وهرب سائرهم وأصاب منهم خمسين بعيرا (أو مائة وخمسين بعيرا) ، وثلاثة آلاف شاة.

وقدم المدينة لليلة بقيت من المحرم ، فخمسها ، ثم قسمها بين أصحابه.

وكانت غيبته في تلك السرية تسع عشرة ليلة (١).

وفي نص آخر : أنه حين سار محمد بن مسلمة إليهم صادف في طريقه ركبانا نازلين ، فأرسل إليهم رجلا من أصحابه ، يسأل : من هم؟

ثم رجع إليه فقال : قوم من محارب.

فنزل قريبا منهم ، ثم أمهلهم حتى عطّنوا الإبل (أي برّكوها) حول

__________________

(١) راجع : تاريخ الخميس ج ٢ ص ٢ و ٣ والطبقات الكبرى ج ٢ ص ٧٨ وعيون الأثر ج ٢ ص ٦٣.

٢٧٥

الماء ، فأغار عليهم ، فقتل نفرا منهم ، أي عشرة ، وهرب سائرهم ، وساق نعما وشاء ، ولم يتعرض للنساء (١).

ونقول :

أولا : إن لنا تحفظا على كثير مما يقال في هذه السرايا ، خصوصا حين تعطي صورة غير واقعية عن سياسات رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، حيث يتخيل القارئ لرواياتها : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بمثابة رئيس عصابة ، أو جماعة (والعياذ بالله) ليس له ولهم شغل إلا أن يترصدوا الناس الآمنين ليغيروا عليهم ، فيقتل رجالهم ، ويأسر ويسبي ذراريهم ، ونساءهم ، ويغنم أموالهم. من دون أي مبرر ظاهر ، أو مقبول وفق ما توحي به سرية القرطاء وأمثالها ..

ومن الواضح : أن طريقة النبي الأعظم «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وكذلك طبيعة تعاليم الدين الحنيف إنما كانت تقضي بالرفق ، والسماحة ، والاهتمام بهداية الناس والحرص على سعادتهم ، بل كانت نفس النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» تكاد تذهب حسرات على أناس نصبوا له الحرب ، وبغوا له الغوائل ، لشدة حرصه على هدايتهم ، ونجاتهم مما هم فيه من الجهل والشرك ..

ولم يكن «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بالذي يهتم بشن الغارات على الناس الآمنين ، رغبة في قتلهم ، والحصول على أموالهم ، وأسر واستعباد من يتمكن من أسرهم واستعبادهم.

لقد كان النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أنبل في نفسه ، والله تعالى أرحم

__________________

(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ١٧٤.

٢٧٦

وأرأف وأجل وأعدل من أن يكون ذلك داخلا في أهدافه ، وجزءا من سياساته ، فحاشا ، ثم حاشا أن ينسب أحد أمثال هذه الترهات والأباطيل إلى الله ورسوله.

من أجل ذلك نقول : إن جميع الحروب التي خاضها رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وكذلك أمير المؤمنين «عليه‌السلام» من بعده قد كانت لرد العدوان القائم ، أو من أجل إحباط تدبير لعدوان خطير ..

بعد أن تكون قد استنفذت جميع الوسائل المتاحة لهدايتهم وإرشادهم ، والعمل على نصحهم ، وكشف غشاوات الجهل والعمى عن بصائرهم ، بحيث يصبح استمرارهم في خط الكفر لا يعدو كونه نتيجة جحود وعناد ، وتمرد وفساد ، على قاعدة (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ...)

فإن صح ما يقال عن سرية القرطاء ، فلا بد أن يكون بعد إقامة الحجة ، وظهور المحجة ، ثم إصرارهم وعنادهم ، وسعيهم في إطفاء نور الله تعالى ، والإفساد منهم في الأرض ، وصدا منهم عن سبيل الله تبارك وتعالى.

ثانيا : إننا نتمنى أن تكون هذه البطولات والإنجازات ، التي ينسبونها إلى محمد بن مسلمة ، صحيحة ودقيقة المضامين ، فقد تعودنا من هؤلاء الناس ممارستهم الكثير من الخيانة والتزوير للحقائق ، لمجرد منح هذا أو ذاك أو سمة ، وبطولات ، ليس لها نصيب من الواقعية والصدق ، وذلك في ضمن كيد إعلامي رخيص ، يهدف إلى إطراء من هم معهم ، وفي خطهم ، ومن اختار طريق الخصومة لعلي «عليه‌السلام» ومناوأته ، وتعظيم مناوئيه ، وكان محمد بن مسلمة من هؤلاء بلا ريب ..

٢٧٧

فإنه كان ممن امتنع عن البيعة لعلي «عليه‌السلام» (١) رغم أنه كان من الناقمين على عثمان ، والشامتين به ، فقد قال في يوم قتل عثمان : «ما رأيت يوما أقر للعيون ، ولا أشبه بيوم بدر من هذا اليوم» (٢).

ومحمد بن مسلمة كان أيضا من الذين هاجموا بيت فاطمة الزهراء «عليها‌السلام» بعد وفاة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ودخلوه ، بل يدّعون : أنه هو الذي كسر سيف الزبير (٣).

وحين جاءه عمار ليدعوه إلى بيعة علي «عليه‌السلام» قال له : «مرحبا بك يا أبا اليقظان على فرقة ما بيني وبينك ..».

ثم كلّمه في أمر البيعة فرفضها ، فلما أبلغ عليا «عليه‌السلام» بما جرى قال «عليه‌السلام» : «.. وذنبي إلى محمد بن مسلمة أني قتلت أخاه يوم خيبر ، مرحب اليهودي» (٤).

وكان صاحب العمال أيام عمر إذا اشتكي إليه عامل أرسله ليتكشف

__________________

(١) أسد الغابة ج ٤ ص ٣٣٠ و ٣٣١ والإمامة والسياسة ج ١ ص ٥٣ وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج ٤ ص ٩.

(٢) قاموس الرجال ج ٨ ص ٣٨٨ و ٣٨٩ والبحار ج ٣٠١ ص ٢٩١.

(٣) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج ٢ ص ٥١ وج ٦ ص ٤٨ وقاموس الرجال ج ٨ ص ٣٨٨ وكتاب سليم بن قيس ص ٤١١ والسقيفة وفدك للجوهري ص ٤٨ و ٧٣ والبحار ج ٢٨ ص ٣١٥ والغدير ج ٥ ص ٣٥٦ والسنن الكبرى ج ٨ ص ١٥٢ وكنز العمال ج ٥ ص ٥٩٧ وتاريخ مدينة دمشق ج ٣٠ ص ٢٨٧ والبداية والنهاية ج ٥ ص ٢٧٠ وج ٦ ص ٣٣٣ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ٤٩٦.

(٤) الإمامة والسياسة ج ١ ص ٥٤ وقاموس الرجال ج ٨ ص ٣٨٨.

٢٧٨

الحال. وهو الذي أرسله عمر إلى عماله ليأخذ شطر أموالهم لثقته به (١).

وبعثه إلى الشام أيضا مع خالد بن الوليد لقتل سعد بن عبادة ، وأشاعوا : أن الجن قتلته (٢).

رغم ذلك كله ، فإنه زعم : أن خلافة علي «عليه‌السلام» فتنة ، وأنه اعتزلها من أجل ذلك (٣).

ولكن ليت شعري ألم يكن كل ما سبقها فتنة؟ وهل بعد بيعة الغدير ، وسواها من الدلائل ما يصلح عذرا لهذا الرجل أو لغيره؟!.

قصة ثمامة :

وقد ذكروا : أن ابن مسلمة حين رجع من تلك الغزوة ، جاء بثمامة بن أثال الحنفي ـ سيد أهل اليمامة ـ أسيرا ـ ولكن آسريه لم يعرفوا أسيرهم ـ فأمرهم النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : بأن يحسنوا إساره ، بعد أن عرّفهم

__________________

(١) أسد الغابة ج ٤ ص ٣٣٠ ، وراجع : قاموس الرجال ج ٨ ص ٣٨٨ والإصابة ج ٣ ص ٣٨٤ والزهد والرقائق ص ١٧٩ والتراتيب الإدارية ج ١ ص ٢٦٧.

(٢) البحار ج ٣٠ ص ٤٩٤ والإستغاثة ج ١ ص ٨ ومجالس المؤمنين ج ١ ص ٣٣٥ وقاموس الرجال ج ٨ ص ٣٨٨ ومعجم رجال الحديث ج ٩ ص ٧٦ وإكمال الكمال ج ٣ ص ١٤١ وتاريخ مدينة دمشق ج ٢٠ ص ٢٤٣ وتهذيب التهذيب ج ٣ ص ٤١٢.

(٣) راجع ترجمته في : الإصابة ، والإستيعاب ، وأسد الغابة وغير ذلك وراجع : فيض القدير ج ١ ص ٣٨٨ وسير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٣٦٩ والبداية والنهاية ج ٥ ص ٣٧٦ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ٦٩٥.

٢٧٩

«صلى‌الله‌عليه‌وآله» به.

ولما رجع «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلى أهله قال : اجمعوا ما عندكم من طعام ، فابعثوا به إليه ، وأمر بلقحته ، أن يغدى عليه بها ويراح ، فجعل لا يقع من ثمامة موقعا. ويأتيه رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ويقول له : أسلم يا ثمامة ، (أو ما تقول يا ثمامة) ، أو ما عندك يا ثمامة؟

فقال : عندي خير يا محمد ، إن تقتلني تقتل ذا دم ، وإن تنعم تنعم على شاكر ، وإن كنت تريد المال ، فسل منه ما شئت.

فتركه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ثم سأله في اليوم الثاني ، ثم في اليوم الثالث ، ثم أمر بإطلاقه. فانطلق إلى نخل قريب من المسجد ، فاغتسل ، ثم عاد إليه ، فأسلم ، وبايعه.

فلما أمسى جاؤوه بما كانوا يأتونه به من الطعام ، فلم ينل منه إلا قليلا ، وباللقحة ، فلم يصب من حلابها إلا يسيرا ، فتعجب المسلمون من ذلك!!

فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : ممّ تعجبون؟! من رجل أكل أول النهار في معي كافر وأكل آخر النهار في معي مسلم ، إن الكافر يأكل في سبعة أمعاء وإن المسلم يأكل في معي واحد (١).

__________________

(١) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٣ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ١٧٤ و ١٧٥ وقاموس الرجال (ط مؤسسة النشر الإسلامي) ج ٢ ص ٤٩٤ و ٤٩٥ والطرائف لابن طاووس ص ٥٠٥ عن الحميدي ، وعن مسلم في صحيحه ، ومصباح الشريعة ص ٢٧ و ٢٨ والبحار ج ٣٦ ص ٣٣٧ وج ٦٣ ص ٣٢٥ و ٣٣٧ وج ٨١ ص ٢٠٤ عن الخصال ص ٣٥١ وعن المحاسن ص ٤٤٧ وفيه : ستكون بعدي سنة ، يأكل (في بعض الروايات : يشرب) المؤمن في معا واحد ، ويأكل الكافر في سبعة أمعاء. ـ

٢٨٠