الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ١٤

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ١٤

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-186-6
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٥٦

الفصل الثاني :

غزوة ذي قرد (الغابة)

٢٢١
٢٢٢

غزوة الغابة :

وكانت غزوة الغابة ، وتعرف ب «ذي قرد» ، وهو ماء على بريد من المدينة من جهة الشام ، في يوم الأربعاء في شهر ربيع الأول من سنة ست قبل الحديبية ، كما قال ابن عقبة ، وابن إسحاق.

وادّعى البخاري وغيره : أنها قبل خيبر بثلاثة أيام أو نحوها (١).

والصحيح هو ما في السيرة الحلبية ، حيث قال :

«والشمس الشامي ذكرها بعد الحديبية ، تبعا لما في صحيح البخاري أنها بعد الحديبية ، وقبل خيبر بثلاثة أيام ، وكذا في صحيح مسلم حيث رووا عن سلمة بن الأكوع : أنهم رجعوا من ذي قرد إلى المدينة فلم يلبثوا إلا ثلاث ليال حتى خرجوا إلى خيبر» (٢).

__________________

(١) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٥ عن البخاري ، ومسلم وص ٧. وراجع : عيون الأثر ج ٢ ص ٧٢ وسير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٣٢٨ وعن البداية والنهاية ج ٤ ص ١٧٣ وعن الشفا بتعريف حقوق المصطفى ج ١ ص ٣٢٢ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٢٨٩ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٠٦ وصحيح البخاري ج ٥ ص ٧١.

(٢) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٨ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٠٢ و ١٠٦ عن صحيح مسلم ج ٥ ص ١٩٤ وعن فتح الباري ج ٧ ص ٣٥٢ و ٣٥٥ وسير أعلام

٢٢٣

وقال بعضهم : «أجمع أهل السير على أن غزوة الغابة كانت قبل الحديبية» (١).

وذكر بعضهم غزوة ذي قرد بعد الحديبية وخيبر (٢).

وقال ابن الأثير عن ذي قرد : إنه ماء بين المدينة وخيبر ، على يومين من المدينة (٣).

وفي فتح الباري : على مسافة يوم ، وفي غيره : نحو يوم (٤).

وذلك أنه لما قدم النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من غزوة بني لحيان لم يقم «صلى‌الله‌عليه‌وآله» سوى أيام قلائل حتى أغار بنو فزارة ، بقيادة عيينة بن حصن في أربعين فارسا على لقاح النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» (٥) التي كانت في

__________________

النبلاء ج ٣ ص ٣٢٨ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٢٥٨ والبداية والنهاية ج ٤ ص ١٧١ و ١٧٥ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٢٩٣.

(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٨ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٠٦ عن أبي العباس القرطبي ، تبعا لأبي عمر عن فتح الباري ج ٧ ص ٣٥٣ وسير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٣٢٩.

(٢) راجع : فتح الباري ج ٧ ص ٣٢٥.

(٣) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٥ عن كنز العمال ج ٨ ص ٤١٧ وتاريخ خليفة بن خياط ص ٤٥ وتاريخ مدينة دمشق ج ٢٢ ص ٩٨ وج ٦٠ ص ١٧١ وسير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٣٢٨ ومعجم البلدان ج ٤ ص ٣٢١ والشفا بتعريف حقوق المصطفى ج ١ ص ٣٢٢.

(٤) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٥.

(٥) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٥ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٤ وراجع : عون المعبود ج ٧ ص ٣٠٤ والفايق في غريب الحديث ج ٣ ص ٢١٠ والطبقات الكبرى ج ٢ ص ٨٠ وموسوعة التاريخ الإسلامي ج ٢ ص ٥٦٢ و ٥٦٣ وعن عيون الأثر ج ٢ ص ٧٢ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٩٥.

٢٢٤

الغابة. فاستاقوها ، وقتلوا ابن أبي ذر الغفاري ، وسبوا امرأته (١).

وجمعوا بين هذين القولين : بأن إغارة عيينة كانت مرتين ، إحداهما قبل الحديبية ، والأخرى بعدها ، قبل الخروج إلى خيبر (٢).

قالوا : ويؤيد هذا الجمع : أن الحاكم ذكر في الإكليل : أن الخروج إلى ذي قرد قد تكرر ثلاث مرات ، وأن الأولى خرج إليها زيد بن حارثة قبل أحد ، وفي الثانية خرج إليها النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في سنة خمس ، والثالثة هي المختلف فيها.

وقد ذكرت رواية ابن إسحاق : أن اللقاح كانت ترعى في الغابة ، وفي رواية البخاري : أنها كانت ترعى بذي قرد.

وجمع بينهما : بأنها كانت ترعى تارة بالغابة ، وأخرى بذي قرد (٣).

ونقول :

إن هذا الجمع غريب ، فإن الكلام إنما هو عن الموضع الذي أخذت

__________________

(١) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٥ وراجع : السيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٢٩٤ وعيون الأثر ج ٢ ص ٦٩ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٢٨٦ وعون المعبود ج ٧ ص ٣٠٤ والطبقات الكبرى ج ٢ ص ٨٠ وعن فتح الباري ج ٧ ص ٣٥٣ والثقات ج ١ ص ٢٨٧ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٢٥٥ والبداية والنهاية ج ٤ ص ١٧١ والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج ٢ ق ٢ ص ٣٢.

(٢) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٥ و ٧ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٨ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٠٦ وراجع : البداية والنهاية ج ٤ ص ١٧١ وفتح الباري ج ٧ ص ٣٥٣.

(٣) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٧ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٨ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٠٧ وعون المعبود ج ٧ ص ٣٠٣.

٢٢٥

اللقاح منه. إذ لا يمكن أن تكون قد أخذت من الموضعين في آن واحد ، مع العلم بأن المسافة بينهما بعيدة.

بعض تفاصيل هذه الغزوة :

ونذكر هنا : بعض التفاصيل التي أوردها المؤرخون ، على النحو التالي :

لقد ذكروا : أنهم حين قتلوا الغفاري ، وسبوا امرأته ، واستاقوا اللقاح .. كان أول من نذر بهم سلمة بن الأكوع ، فغدا يريد الغابة ، ومعه غلام لطلحة ، معه فرس لطلحة يقوده ، حتى إذا علا ثنية الوداع نظر إلى بعض خيولهم ؛ فأشرف في ناحية سلع ، ثم صرخ : وا صباحاه ، وخرج يشتد في آثار القوم ، وكان مثل السبع حتى لحق القوم ، فجعل يردهم بالنبل ، ويقول إذا رمى :

خذها وأنا ابن الأكوع

اليوم يوم الرضع

فكلما وجهت الخيل نحوه انطلق هاربا ، ثم عارضهم ، فإذا أمكنه الرمي رمى ، ثم قال :

خذها وأنا ابن الأكوع

اليوم يوم الرضع

فبلغ رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» صياح ابن الأكوع ، فصرخ بالمدينة : الفزع الفزع ..

أو نودي بالمدينة : يا خيل الله اركبي ، وكان أول ما نودي بها.

وركب رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في خمسمائة.

وقيل : في سبعمائة.

واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم. وخلّف سعد بن عبادة في ثلاث

٢٢٦

مائة يحرسون المدينة.

وكان قد عقد لمقداد بن عمرو في رمحه لواء ، وقال : امض حتى تلحقك الخيول ، وأنا على أثرك ، فأدرك أخريات العدو (١).

وفي الإكتفاء : «كان أول من انتهى إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من الفرسان المقداد ، ثم عباد بن بشر ، وسعد بن زيد ، وأسيد بن ظهير أخو بني حارثة ـ يشك فيه ـ وعكاشة بن محصن ، ومحرز بن نضلة ، وأبو قتادة ، وأبو عياش ، وأبو عبيد بن زيد.

وقال : اخرج في طلب القوم حتى ألحقك بالناس.

وقال لأبي عياش : لو أعطيت هذا الفرس رجلا هو أفرس منك ، فلحق القوم.

قال أبو عياش : يا رسول الله ، أنا أفرس الناس.

ثم أضرب الفرس. فو الله ما جرى بي خمسين ذراعا حتى طرحني ، فعجبت أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يقول : لو أعطه أفرس منك.

أقول : أنا أفرس الناس.

فأعطى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» فرس أبي عياش ـ هذا فيما يزعمون ـ معاذ بن ماعص ، أو عائذ بن ماعص فكان ثامنا.

__________________

(١) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٥ و ٦ عن المواهب اللدنية ، وراجع : السيرة الحلبية ج ٢ ص ٤ و ٥ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٢٩٤ وعيون الأثر ج ٢ ص ٦٩ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٩٥ و ٩٧ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٢٨٦ و ٢٩٦ وعون المعبود ج ٧ ص ٣٠٤ وراجع : الطبقات الكبرى ج ٢ ص ٨٠ وتاريخ مدينة دمشق ج ٦٠ ص ١٧٠ وموسوعة التاريخ الإسلامي ج ٢ ص ٥٦٣.

٢٢٧

وبعض الناس يعد سلمة بن عمرو بن الأكوع أحد الثمانية ، ويطرح أسيد بن ظهير ، أخا بني حارثة.

ولم يكن سلمة يومئذ فارسا ، قد كان أول من لحق القوم على رجليه.

فخرج الفرسان في طلب القوم حتى تلاحقوا. وكان أول فارس لحق بالقوم محرز بن نضلة ، ويقال له أيضا : قمير.

ولما كان الفزع جال فرس لمحمود بن مسلمة في الحائط ، وهو مربوط بجذع نخل ، حين سمع صاهلة الخيل ، فقالت بعض النساء لمحرز بن نضلة : يا قمير ، هل لك في أن تركب هذا الفرس ، فإنه كما ترى ، حتى تلحق برسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وبالمسلمين؟

فأعطته إياه ، فخرج عليه ، حتى أدرك القوم ، فوقف بين أيديهم ، ثم قال : قفوا بني اللكيعة ، حتى يلحق بكم من وراءكم من المهاجرين والأنصار.

ثم حمل عليه رجل منهم ، فقتله. وجال الفرس ، فلم يقدر عليه حتى وقف على آرية في بني عبد الأشهل (١).

فقيل : لم يقتل من المسلمين يومئذ غيره.

وقيل : إنه قتل هو ووقاص بن محرز المدلجي.

ولكن ابن إسحاق قال : حدثني بعض من لا أتهم ، عن عبد الله بن كعب بن مالك : أن محرزا إنما كان على فرس عكاشة بن محصن ، يقال لها : الجناح ، فقتل محرز ، واستلبت الجناح ..

__________________

(١) الآري : الحبل الذي تشد به الدابة. وقد يسمى الموضع الذي تقف فيه الدابة آريا أيضا.

٢٢٨

ولما تلا حقت الخيل قتل أبو قتادة ، حبيب بن عيينة بن حصن ، وغشاه ببرده. ثم لحق بالناس.

وأقبل رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في المسلمين ، فرأوه ، فتوهموا : أن المقتول هو أبو قتادة ، فقال لهم رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : ليس بأبي قتادة. ولكنه قتيل لأبي قتادة ، وضع عليه برده ، لتعرفوا أنه صاحبه.

وفي المواهب اللدنية : أن أبا قتادة قتل مسعدة ، فأعطاه رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» فرسه وسلاحه.

وقتل عكاشة بن محصن أبان بن عمرو. كما أن عكاشة أدرك أوبارا وابنه عمروا ، وهما على بعير واحد فانتظمهما بالرمح ، فقتلهما جميعا ، واستنقذوا بعض اللقاح ، قيل : عشرة منها ، وأفلت القوم بما بقي ، وهو عشر.

وقتل من المسلمين محرز بن نضلة ، قتله مسعدة.

وسار رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» حتى نزل بالجبل من ذي قرد ، وتلاحق به الكثيرون ، وأقام «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عليه يوما وليلة.

فقال سلمة بن الأكوع لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : يا رسول الله لو سرّحتني في مائة رجل لاستنقذت بقية السرح ، وأخذت بأعناق القوم.

فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : ـ فيما بلغني ـ إنهم الآن ليغبقون في غطفان.

وفي المواهب اللدنية : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال له : يا بن الأكوع إذا ملكت فاسجح (أي فأرفق) ثم قال : إنهم ليقرون في غطفان.

فقسم رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في كل مائة رجل جزورا.

وفي المواهب اللدنية أيضا : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد صلى بأصحابه

٢٢٩

صلاة الخوف بذي قرد ..

ورجع إلى المدينة ، وقد غاب عنها خمس ليال.

وأفلتت امرأة الغفاري على ناقة من إبل رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، حتى قدمت عليه المدينة ، فأخبرته الخبر.

وقالت : إنها نذرت أن تنحر الناقة التي نجت عليها.

وفي رواية : نذرت أن تأكل من سنامها وكبدها.

فتبسم رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ثم قال : بئسما جزيتها أن حملك الله عليها ، ونجاك بها ، ثم تنحرينها! إنه لا نذر في معصية الله ، ولا فيما لا تملكين ، إنما هي ناقة من إبلي. ارجعي إلى أهلك على بركة الله (١).

وذكروا : أن الناقة التي أفلتت الغفارية عليها هي القصوى.

وفي نص آخر : «العضباء» (٢).

وتقول الروايات أيضا : إن سلمة قد استنقذ سرح رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» كله ، قال سلمة : فو الله ، ما زلت أرميهم وأعقرهم ، فإذا رجع إلي فارس منهم أتيت شجرة ، فجلست في أصلها ، ثم رميته ، فعقرت.

__________________

(١) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٥ ـ ٧ عن ابن إسحاق وغيره. وراجع : السيرة الحلبية ج ٣ ص ٥ و ٦ و ٧ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٢٩٤ ـ ٢٩٨ وعيون الأثر ج ٢ ص ٧٠ و ٧١ و ٧٢ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٩٥ ـ ١٠٤ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٢٨٦ ـ ٢٩٦ والبداية والنهاية ج ٤ ص ١٧٢ وموسوعة التاريخ الإسلامي ج ٢ ص ٥٦٦ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٥٤٨.

(٢) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٧ و ٨ والسنن الكبرى ج ١٠ ص ٧٥ وسنن الدار قطني ج ٤ ص ٩٤ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٠٣.

٢٣٠

حتى إذا تضايق الجبل ، فدخلوا في مضايقه ، علوت الجبل ، فجعلت أردهم بالحجارة ، قال : فما زلت أتبعهم حتى ما خلق الله من بعير من ظهر رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلا خلفته وراء ظهري ، وخلوا بيني وبينه.

ثم اتبعتهم أرميهم حتى ألقوا أكثر من ثلاثين بردة وثلاثين رمحا ، يستخفون ، ولا يطرحون شيئا إلا جعلت عليه آراما من الحجارة ، يعرفها رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وأصحابه. حتى أتوا متضايقا من ثنية.

فأتاهم فلان ابن بدر الفزارى ، فجلسوا يتضحون (أي يتغدون) ، وجلست على رأس قرن ، قال الفزارى : ما هذا الذي أرى؟

قالوا : لقينا من هذا البرح ، والله ما فارقنا منذ غلس ، يرمينا حتى انتزع كل شيء في أيدينا.

قال : فليقم إليه نفر منكم.

قال : فصعد إلي منهم أربعة في الجبل ، فلما أمكنوني من الكلام ، قلت : هل تعرفوني؟

قالوا : لا ، ومن أنت؟

قلت : أنا سلمة بن الأكوع. والذي كرم وجه محمد «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لا أطلب رجلا منكم إلا أدركته ، ولا يطلبني رجل منكم فيدركني.

قال أحدهم : أظن كذلك. فرجعوا ، فما برحت مكاني حتى رأيت فوارس رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يتخللون الشجر ، فإذا أولهم الأخرم الأسدي ، على أثره أبو قتادة الأنصاري ، وعلى أثره المقداد بن الأسود الكندي.

فأخذت بعنان الأخرم ، وقلت : يا أخرم ، احذرهم ، لا يقتطعونك

٢٣١

حتى يلحق رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

فقال : يا سلمة ، إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر ، وتعلم أن الجنة حق والنار حق ، فلا تحل بيني وبين الشهادة.

قال : فخليته ، فالتقى هو وعبد الرحمن ، فقتله ، وتحول على فرسه. ولحق أبو قتادة ، فارس رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بعبد الرحمن ، فطعنه فقتله ، وركب فرس أخرم الذي ركبه عبد الرحمن.

ثم إن فوارس النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ـ كما في عيون الأثر ـ أدركوا العدو والسرح ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، واستنقذوا السرح ، وهزم الله العدو. ويقال : قتل أبو قتادة أم قرفة امرأة مسعدة (١).

وعن سلمة بن الأكوع ، قال : والذي أكرم وجه محمد «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، لتبعتهم أعدو على رجلي ، حتى ما أرى من ورائي من أصحاب محمد «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ولا من غبارهم شيئا ، حتى عدلوا قبل غروب الشمس إلى شعب فيه ماء ، يقال له : ذو قرد ، ليشربوا منه ، وهم عطاش ، فنظروا إلى عدوي وراءهم ، فجلوتهم عنه ، فما ذاقوا منه قطرة.

ويخرجون ، ويشتدون في ثنية ، وغربت الشمس ، فأعدو ، وألحق رجلا منهم ، فأصكه بسهم في نفض كتفه ، فقلت :

خذها وأنا ابن الأكوع

اليوم يوم الرضع

قال : يا ثكلة أمه ، أكوعه بكرة.

__________________

(١) راجع فيما تقدم : تاريخ الخميس ج ٢ ص ٧ و ٨ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٤ و ٥ وعيون الأثر ج ٢ ص ٧١ و ٧٢ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٢ و ١٠٤.

٢٣٢

قلت : نعم ، يا عدو نفسه ، أكوعه بكرة.

قال : وأردوا فرسين على ثنية. فجئت بهما أسوقهما إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ولحقني عامر بسطيحة فيها مذقة من لبن ، وسطيحة فيها ماء ، فتوضأت ، وشربت ، ثم أتيت رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وهو على الماء الذي جلأتهم عنه (لعل الصحيح : حلأتهم) قد أخذ تلك الإبل ، وكل شيء استنقذته من المشركين ، وكل رمح ، وكل بردة.

وإذا بلال نحر ناقة من الإبل التي استنقذت من القوم ، فإذا هو يشوي لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من كبدها ، وسنامها.

قلت : يا رسول الله ، فانتخب من القوم مائة رجل ، فأتبع القوم ، فلا يبقى منهم مخبر إلا قتلته.

فضحك رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» حتى بدت نواجذه في ضوء النهار ، وقال : يا سلمة ، أتراك كنت فاعلا؟!

قلت : نعم ، والذي أكرمك.

قال : إنهم الآن ليقرون بأرض غطفان.

قال : فجاء رجل من غطفان ، فقال : نحر لهم فلان جزورا ، فلما كشطوا جلدها رأوا غبارا ، فقال : أتاكم القوم. فخرجوا هاربين.

فلما أصبحنا قال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : كان خير فرساننا اليوم أبو قتادة ، وخير رجالنا سلمة بن الأكوع. ثم أعطاني رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» سهمين : سهم الراجل ، وسهم الفارس ، فجمعهما إليّ

٢٣٣

جميعا (١).

قال سلمة : ثم أردفني رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ناقته ، فرجعنا إلى المدينة ، فلما دنونا إلى المدينة نادى رجل من الأنصار : هل من سابق نتسابق إلى المدينة؟ فاستأذنت النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» فسابقته ، فسبقته (٢).

وذكروا : أن سهما أصاب وجه أبي قتادة يوم ذي قرد ، فبصق رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» على أثر السهم ، فما ضرب ، ولا قاح (٣).

وقالوا : إن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» مر في غزوة ذي قرد على ماء يقال له : «بيسان» ، فسأل عنه ، فأخبروه باسمه هذا ، وبأنه مالح.

__________________

(١) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٨ عن الشفاء ، وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٠٢ وراجع ص ٧٥ وشرح صحيح مسلم للندوي ج ١٢ ص ١٨٢ وفتح الباري ج ٧ ص ٣٥٥ وج ١٣ ص ٧٢ وصحيح ابن حبان ج ١٦ ص ١٣٧ ونصب الراية ج ٤ ص ٢٨٣ والطبقات الكبرى ج ٢ ص ٨٤ ومشاهير علماء الأمصار ص ٤٢ والثقات ج ١ ص ٣١١ وتاريخ مدينة دمشق ج ٢٢ ص ٩٩ وسير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٣٢٩ وعيون الأثر ج ٢ ص ٧٤ وسنن أبي داود ج ١ ص ٦٢٦ وعون المعبود ج ٧ ص ٣٠٦ والمصنف لابن شيبة ج ٨ ص ٥٥٨ والمنتقى من السنن المسندة ص ٢٦٩ وأحكام القرآن ج ٣ ص ٧٧ والبداية والنهاية ج ٤ ص ١٧٥ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٢٩٢.

(٢) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٨ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٧ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٢٩٢.

(٣) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٩ وتاريخ مدينة دمشق ج ٦٧ ص ١٤٦ وسير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٤٥٠ والشفا بتعريف حقوق المصطفى ج ١ ص ٣٢٢ وسبل الهدى والرشاد ج ١٠ ص ٤١.

٢٣٤

فقال «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : لا ، بل اسمه «نعمان» وهو طيب ، فغيّر رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» اسمه ، فغيّر الله تعالى الماء ، فاشتراه طلحة ، ثم تصدق به ، فلما أخبر النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بذلك قال له : ما أنت يا طلحة إلا فياض.

فسمي «طلحة الفياض» (١).

وأرسل سعد بن عبادة بأحمال تمر ، وبعشر جزائر (جمع جزور) ، فوافت رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بذي قرد.

فقال «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : اللهم ارحم سعدا وآل سعد ، نعم المرء سعد بن عبادة.

فقالت الأنصار : هو بيتنا وسيدنا وابن سيدنا ، يطعمون في المحل ، ويحملون الكل ، ويحملون عن العشيرة.

فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : خيار الناس في الإسلام خيارهم في الجاهلية ، إذا فقهوا في الدين (٢).

__________________

(١) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٨ و ٩ ووفاء الوفاء ج ٤ ص ١١٥٨ و ١١٥٩ والإصابة ج ٢ ص ٢٢٩ والسنة لابن أبي عاصم (ط سنة ١٤١٣ ه‍) ص ٦٠٠ وتاريخ مدينة دمشق ج ٢٥ ص ٩٣ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٠٣ ولم يذكر تسمية طلحة بالفياض ، والمستدرك للحاكم ج ٣ ص ٣٧٤ ومجمع الزوائد ج ٩ ص ١٤٨ والمعجم الكبير ج ١ ص ١١٥ والفائق في غريب الحديث ج ٣ ص ٦٠ وكنز العمال ج ١٣ ص ٢٠٠ والكامل ج ٦ ص ٣٤٣ وميزان الإعتدال ج ٤ ص ٢١٨ وسير أعلام النبلاء ج ١ ص ٣٠.

(٢) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٧ وعيون الأثر ج ٢ ص ٧٣ وشرح الأخبار ج ٢ ص ٤٨٤ ـ

٢٣٥

__________________

والبحار ج ٣١ ص ٧٩ وج ٥٨ ص ٦٥ ومستدرك سفينة البحار ج ٧ ص ١٢٢ ومعالم المدرستين ج ٢ ص ١٨ وميزان الحكمة ج ٤ ص ٣٣٩ ومسند أحمد ج ٢ ص ٢٥٧ ـ ٢٦٠ و ٣٩١ و ٤٣١ و ٤٣٨ و ٤٨٥ و ٤٩٨ و ٥٢٥ و ٥٣٩ وج ٣ ص ٣٨٣ وج ٤ ص ١٠١ وسنن الدرامي ج ١ ص ٧٣ وعن صحيح البخاري ج ٤ ص ١١١ و ١٢٠ و ١٢٢ و ١٥٤ وج ٥ ص ٢١٦ وعن صحيح مسلم ج ٧ ص ١٠٣ و ١٨١ وج ٨ ص ٤٢ والمستدرك للحاكم ج ٢ ص ٤٨٠ وج ٣ ص ٢٤٣ وشرح مسلم للنووي ج ١٥ ص ١٣٤ و ١٣٥ وج ١٦ ص ١٥ و ١٣٤ و ١٣٥ وج ١٦ ص ٧٨ ومجمع الزوائد ج ١ ص ١٢١ وفتح الباري ج ٦ ص ٢٩٦ والديباج على صحيح مسلم ج ٥ ص ٣٦١ وتحفة الأحوذي ج ٨ ص ٤ ومسند الطيالسي ص ٣٢٤ والمصنف للصنعاني ج ١١ ص ٣١٦ ومسند الحميدي ج ٢ ص ٤٥١ والمصنف لابن أبي شيبة ج ٧ ص ٥٤٥ ومسند ابن راهوية ج ١ ص ١٦٩ و ٢٢٦ و ٤٣٦ والأدب المفرد ص ١٣٩ وسنن النسائي ج ٦ ص ٣٦٧ ومسند أبي يعلى ج ١٠ ص ٢١٧ ومسند الشاميين ج ٣ ص ١٧ وج ٤ ص ٢٧٤ ومسند الشهاب ج ١ ص ١٤٥ و ٣٥٤ ورياض الصالحين ص ٩٦ و ٢٢٠ و ٦٠٥ والجامع الصغير ج ١ ص ٤٩٩ واللمع في أسباب نزول الحديث ص ٤٨ والعهود المحمدية ص ٨٦٨ وكنز العمال ج ١٠ ص ١٤٩ و ١٥٢ و ١٥٣ و ١٦٩ وج ١٢ ص ٢٤ و ٣١ وج ١٣ ص ٥٤٥ وكشف الخفاء للعجلوني ج ٢ ص ٣١٢ والجامع لأحكام القرآن ج ١٦ ص ٣٤٦ وتفسير القرآن العظيم ج ٢ ص ٤٨٥ وج ٤ ص ٢٣٢ والدر المنثور ج ٦ ص ٩٩ و ٣٩٩ وفتح القدير ج ٥ ص ٦٩ وعلل الدار قطني ج ٨ ص ١٣٤ وج ٩ ص ١٦٠ وج ١٠ ص ٤٧ وتاريخ مدينة دمشق ج ٢٠ ص ٢٥٨ وج ٢٨ ص ١٧ وج ٤١ ص ٦٠ والبداية والنهاية ج ١ ص ١٩٧ والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج ١ ص ١٣٤ وموسوعة التاريخ الإسلامي ج ٢ ص ٥٦٥ وقصص الأنبياء لابن كثير ج ١ ص ٢٤٢ والسيدة فاطمة الزهراء «عليها‌السلام» لمحمد بيومي ص ٨٣.

٢٣٦

ونقول :

إن لنا مع ما تقدم وقفات كثيرة ، نجملها فيما يلي :

مؤاخذات على ما تقدم وما يأتي :

لقد روى ابن سعد : أن أبا ذر استأذن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : أن يكون في اللقاح ، فقال له رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : لا تأمن عيينة بن حصن وذويه أن يغيروا عليك.

فألح عليه ، فقال له رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : لكأني بك قد قتل ابنك ، وأخذت امرأتك ، وجئت تتوكأ على عصاك.

فكان أبو ذر يقول : عجبا لي ، ورسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يقول : لكأني بك ، وأنا ألح عليه ، فكان ـ والله ـ ما قال.

ثم ذكر : أنهم بعد حلب اللقاح ناموا في تلك الليلة ، فأحدق بهم عيينة في أربعين فارسا ، وقتلوا ابنه ، وكان معه ثلاثة نفر ، فنجوا ، وتنحى عنهم أبو ذر ، فأطلقوا عقل اللقاح واستاقوها ، فلما قدم المدينة ، وأخبر النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» تبسم (١).

فهذه الرواية تدل :

أولا : على أن المسبية : هي زوجة أبي ذر نفسه ، وليست زوجة ابنه ، كما

__________________

(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٣ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٩٥ وج ٩ ص ٢٢٥ عن الواقدي والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٢٩٣ و ٢٩٤ عن مسلم ، وموسوعة التاريخ الإسلامي ج ٢ ص ٥٣٦ وراجع : الفايق في غريب الحديث ج ٣ ص ٢١٠.

٢٣٧

يفهم من بعض النصوص الأخرى.

ثانيا : إنه إذا كان النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يتوقع إغارة عيينة بن حصن على لقاحه ، فلماذا يبعدها عن المدينة كل هذه المسافة التي تحتاج إلى ساعات كثيرة أو إلى يوم أو يومين ، ليمكن إيصال الخبر إلى المدينة بما يجري لها ، أو عليها؟!

ثالثا : لنفترض : أنه لم يكن مكان أقرب من ذلك المكان يمكن للقاح أن تسرح فيه ، وتجد فيه قوتها .. فلماذا تركها النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من دون حامية قادرة على رد عادية المغيرين عليها؟ حيث هم منها قريبون ، وعلى الاستيلاء عليها قادرون؟!

رابعا : لنفترض : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لا يريد أن يسوس الناس وفق ما يأتيه من علوم غيبية ، خاصة فيما يتعلق باللقاح العائدة إليه ، فهل لم يكن ملتفتا إلى هذا الأمر الواضح؟ وهل لم يكن من بين المسلمين العارفين بالحالة الأمنية في المنطقة من يدرك هذا الأمر ، ويهتم بلزوم معالجته؟ والذي لو حصل فيه ما هو متوقع في نظائره ، فإنه سيفرض على المسلمين خوض حروب ، لاسترداد ما أخذ ، ولإعادة الهيبة ، ولحفظ أرواح الأشخاص الأبرياء الذين كانوا مع اللقاح.

خامسا : هل يعقل أن يغفل أبو ذر عن مراد رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وهو يخبره بما سيجري عليه ، وعلى ابنه ، وعلى امرأته لو أصر على الذهاب إلى موضع اللقاح؟

ألم يكن كلامه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» واضحا وصريحا في المراد ، بحيث يفهمه حتى الأطفال ، فضلا عن النساء والرجال؟.

٢٣٨

ولماذا هذا الإصرار من أبي ذر ، ليكون مع تلك اللقاح؟!

وإذا كان يرغب في الخلوة بنفسه ، وباكتساب الثواب في عبادة ربه ، فلما ذا يحمل معه ولده وزوجته إلى ذلك المكان النائي وغير المأمون؟!

وهل كان الرجال الآخرون ـ وهم ثلاثة ـ يحملون معهم نساءهم وأبناءهم أيضا؟!

وما الذي جرى على تلك النسوة والأبناء؟!

أم أنهم تركوهم وراءهم في المدينة حيث الأمن والأمان؟!

أم تراهم كانوا عزبا وليس لهم نساء ولا أطفال؟!

من هو المغير؟ :

وبينما نجد في الروايات : أن عيينة بن حصن كان هو المغير ، فإن روايات أخرى تقول : إن المغير هو عبد الرحمن بن حصن (١) الفزاري.

وقد جمعوا بين القولين : بأنه قد يكون البادئ هو عبد الرحمن ، وجاء

__________________

(١) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٥ عن المشكاة وغيرها ، ومسند أحمد ج ٤ ص ٤٩ و ٥٢ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٩ ص ٨٨ وفتح الباري ج ٧ ص ٣٢٤ و ٣٥٣ وعون المعبود ج ٧ ص ٣٠٣ والمصنف لابن أبي شيبة ج ٨ ص ٥٥٦ وصحيح ابن حبان ج ١٦ ص ١٣٣ والفائق ج ١ ص ٧٧ وج ٢ ص ١٣٥ والطبقات الكبرى ج ٢ ص ٨٢ والثقات ج ١ ص ٣٠٧ وتاريخ مدينة دمشق ج ٢٢ ص ٩٥ و ٩٧ وأسد الغابة ج ١ ص ٥٦ وسير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٣٢٧ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٢٥٦ والبداية والنهاية ج ٤ هامش ص ١٧٠ و ١٧١ و ١٧٣ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٠٧.

٢٣٩

عيينة إلى إمداده ، فنسبت الإغارة تارة إلى هذا ، وأخرى إلى ذاك (١).

ونقول :

لماذا لا يكون العكس ، بأن يكون عيينة هو البادئ ، ثم أمده عبد الرحمن ، ولماذا لا يكونان شريكين في هذا الأمر ، فنسب تارة إلى هذا ، وأخرى إلى ذاك؟!

مع أن النصوص الأخرى : قد ذكرت أن المغير هو عبد الرحمن بن عيينة بن حصن (٢). لا عبد الرحمن بن حصن.

وقيل : إنه عيينة بن بدر.

ويقال : إن مسعدة كان رئيسا في هذه الغزوة (٣) أيضا!!

الغدر مرتعه وخيم :

وقد قالوا : إن أرض عيينة كانت قد أجدبت ، فسمح له النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بأن يرعى بتغلمين ، وما والاه إلى المراض. ولكن عيينة لم يحفظ هذا الجميل ، واتجه بعد أن سمن خفه وحاقره إلى الغدر والخيانة ، وقابل

__________________

(١) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٥.

(٢) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٣ وعيون الأثر ج ٢ ص ٧٣ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٠٧.

(٣) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٩٦ و ١٠٧ وراجع : مسند أحمد ج ٤ ص ٥٣ والمصنف لابن أبي شيبة ج ٨ ص ٥٥٧ وصحيح ابن حبان ج ١٦ ص ١٣٤ والفايق ج ٢ ص ١٣٦ والطبقات الكبرى ج ٢ ص ٨٢ وتاريخ مدينة دمشق ج ٢٢ ص ٩٦ و ٩٧ وسير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٣٢٧ والسيرة النبوية ج ٣ ص ٢٩٠.

٢٤٠