المقام الأسنى في تفسير الأسماء الحسنى

الشيخ تقي الدين ابراهيم بن علي الكفعمي

المقام الأسنى في تفسير الأسماء الحسنى

المؤلف:

الشيخ تقي الدين ابراهيم بن علي الكفعمي


المحقق: الشيخ فارس تبريزيان « الحسّون »
الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: مؤسسة قائم آل محمد (عج)
الطبعة: ١
الصفحات: ١٤٠
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

[ المقام الأسنى في تفسير الأسماء الحسنى ]

الأسماء الحسنى

وسنوردها هنا بثلاث عبارات :

الاُولى : ما ذكرها الشيخ جمال الدين أحمد بن فهد (١) رحمه الله في عدّته ، أنّ الرضا ـ عليه السلام ـ روى عن أبيه عن آبائه عن علي (٢) عليه السلام : أنّ لله تسعة وتسعين اسماً من دعا بها استجيب له ومن أحصاها (٣) دخل الجنّة ، وهي هذه :

الله ، الواحد ، الأحد ، الصمد ، الأول ، الآخر ، السميع ، البصير ، القدير ، القاهر ، العليّ ، الأعلى ، الباقي ، البديع ، الباري ، الأكرم ، الظاهر ، الباطن ، الحيّ ، الحكيم ، العليم ، الحليم ، الحفيظ ، الحقّ ، الحسيب ، الحميد ، الحفيّ ، الربّ ، الرحمن ، الرحيم ، الذاري ، الرازق ، الرقيب ، الرؤوف ، الرائي ، السلام ، المؤمن ، المهيمن ، العزيز ، الجبّار ، المتكبّر ، السيّد ، السبّوح ، الشهيد ، الصادق ، الصانع ، الطاهر ،

___________________________

(١) أبو العباس أحمد بن فهد الحلي ، يروي عن الشيخ أبي الحسن علي بن الخازن تلميذ الشهيد وغيره ، له عدة مصنفات ، منها : عدّة الداعي ونجاح الساعي ، في آداب الدعاء ، مشهور نافع مفيد في تهذيب النفس ، مرتّب على مقدّمة في تعريف الدعاء وستّة أبواب ، توفي سنة ( ٨٤١ هـ ) .

الكنى والألقاب ١: ٣٦٨ ، أعيان الشيعة ٣: ١٤٧ ، الذريعة ١٥ : ٢٢٨ ، معجم رجال الحديث ٢ : ١٨٩ .

(٢) في العدة : « . . . عن علي بن موسى الرضا عليه السلام عن آبائه عن علي عليهم السلام ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : إنّ لله عز وجل تسعة وتسعين اسماً من دعا الله بها استجاب له ومن أحصاها دخل الجنة . . . » .

(٣) في هامش ( ر ) : « قال الصدوق رحمه الله : معنى إحصائها هو الإحاطة بها والوقوف على معانيها ، وليس معنى الإحصاء عدّها ، قاله الشيخ جمال الدين في عدته .

ووجدتُ بخط الشيخ الزاهد رحمه الله : أن هذه الأسماء حجاب من كل سوء ، وهي للطاعة والمحبة وعقد الألسن ولإبطال السحر ولجلب الرزق نافع إن شاء الله تعالى . منه رحمه الله » .

اُنظر : التوحيد : ١٩٥ ، عدّة الداعي : ٢٩٨ .

٢١
 &

العدل ، العفوّ ، الغفور ، الغنيّ ، الغياث ، الفاطر ، الفرد ، الفتّاح ، الفالق ، القديم ، الملك ، القدّوس ، القويّ ، القريب ، القيّوم ، القابض ، الباسط ، القاضي (٤) ، المجيد ، الولي ، المنّان ، المحيط ، المبين ، المقيت ، المصوّر ، الكريم ، الكبير ، الكافي ، كاشف الضرّ ، الوتر ، النور ، والوهّاب ، الناصر ، الواسع ، الودود ، الهادي ، الوفيّ ، الوكيل ، الوارث ، البرّ ، الباعث ، التوّاب ، الجليل ، الجواد ، الخبير ، الخالق ، خير الناصرين ، الديّان ، الشكور ، العظيم ، اللطيف ، الشافي (٥) .

الثانية : ما ذكرها الشهيد (٦) رحمه الله في قواعده ، وهي : الله ، الرحمن ، الرحيم ، الملك ، القدّوس ، السلام ، المؤمن ، المهيمن ، العزيز ، الجبّار ، المتكبّر ، الباري ، الخالق ، المصوّر ، الغفّار ، الوهّاب ، الرزّاق ، الخافض ، الرافع ، المعزّ ، المذلّ ، السميع ، البصير ، الحليم ، العظيم ، العليّ ، الكبير ، الحفيظ ، الجليل ، الرقيب ، المجيب ، الحكيم ، المجيد ، الباعث ، الحميد ، المبدي ، المعيد ، المحيي ، المميت ، الحيّ ، القيّوم ، الماجد ، التوّاب ، المنتقم ، الشديد العقاب ، العفوّ ، الرؤوف ، الوالي ، الغني ، المغني ، الفتّاح ، القابض ، الباسط ، الحكم ، العدل ، اللطيف ، الخبير ، الغفور ، الشكور ، المقيت ، الحسيب ، الواسع ، الودود ، الشهيد ، الحقّ ، الوكيل ، القويّ ، المتين ، الوليّ ، المحصي ، الواجد ، الواحد ، الأحد ، الصمد ، القادر ، المقتدر ، المقدّم ، المؤخّر ، الأول ، الآخر ، الظاهر ، الباطن ، البرّ ، ذو الجلال والإكرام ، المُقسِط ، الجامع ، المانع ، الضارّ ، النافع ، النور ، البديع ، الوارث ، الرشيد ، الصبور ، الهادي ، الباقي (٧) .

___________________________

(٤) في هامش ( ر ) : « قاضي الحاجات / خ ل » .

(٥) عدّة الداعي : ٢٩٨ ـ ٢٩٩ .

(٦) أبو عبد الله محمد بن مكي العاملي الجزيني ، الشهيد الأول ، روى عن الشيخ فخر الدين محمد بن العلّامة وغيره ، يروي عنه جماعة كثيرة منهم أولاده وبنته وزوجته ، له عدّة مصنّفات ، منها : القواعد والفوائد ، كتاب مختصر مشتمل على ضوابط كلية اُصولية وفرعية يستنبط منها الأحكام الشرعية ، استشهد مظلوماً سنة ( ٧٨٦ هـ ) .

رياض العلماء ٥ : ١٨٥ ، الكنى والألقاب ٢ : ٣٤٢ ، تنقيح المقال ٣ : ١٩١ ، الذريعة ١٧ : ١٩٣ .

(٧) القواعد والفوائد ٢: ١٦٦ ـ ١٧٤ .

٢٢
 &

قال رحمه الله : ورد في الكتاب العزيز من (٨) الأسماء الحسنى : الربّ ، والمولى ، والنصير ، والمحيط ، والفاطر ، والعلّام ، والكافي ، وذو الطّول ، وذو المعارج (٩) .

الثالثة : ما ذكرها فخر الدين محمد بن محاسن (١٠) رحمه الله في جواهره ، وهي :

الله ، الرحمن ، الرحيم ، الملك ، القدّوس ، السلام ، المؤمن ، المهيمن ، العزيز ، الجبّار ، المتكبّر ، الخالق ، الباري ، المصوّر ، الغفّار ، القهّار ، الوهّاب ، الرزّاق ، الفتّاح ، العليم ، القابض ، الباسط ، الخافض ، الرافع ، المعزّ ، المذلّ ، السميع ، البصير ، الحكم ، العدل ، اللطيف ، الخبير ، الحليم ، العظيم ، الغفور ، الشكور ، العليّ ، الكبير ، الحفيظ ، المقيت ، الحسيب ، الجليل ، الكريم ، الرقيب ، المجيب ، الواسع ، الحكيم ، الودود ، المجيد ، الماجد ، الباعث ، الشهيد ، الحقّ ، الوكيل ، القويّ ، المتين ، الوليّ ، الحميد ، المحصي ، المبدي ، المعيد ، المحيي ، المميت ، الحيّ ، القيوم ، الواحد ، الأحد ، الصمد ، القادر ، المقتدر ، المقدّم ، المؤخّر ، الأوّل ، الآخر ، الظاهر ، الباطن ، الوالي ، المتعالي ، البرّ ، التوّاب ، المنتقم ، العفوّ ، الرؤوف ، مالك الملك ، ذو الجلال والإكرام ، المُقسِط ، الجامع ، الغنيّ ، المُغني ، المانع ، الضارّ ، النافع ، النور ، الهادي ، البديع ، الباقي ، الوارث ، الرشيد ، الصبور . فهذه تسعة وتسعون اسماً رواها محمد بن إسحاق (١١) في المأثور .

___________________________

(٨) في ( القواعد ) و ( ر ) و ( م ) : « في » وما أثبتناه من ( ب ) وهو الأنسب .

(٩) القواعد والفوائد ٢ : ١٧٤ ـ ١٧٥ .

(١٠) لم أجد من تعرّض لترجمته ، حتّى أن الشيخ العلّامة الطهراني في الذريعة ٥ : ٢٥٧ حينما ذكر الجواهر ، قال : للشيخ فخر الدين محمد بن محاسن ينقل عنه الكفعمي في آخر البلد الأمين ، فالظاهر أنّه لم يجد له ترجمة أيضاً ، بل إنّما عرف كتابه واسمه من نقل الكفعمي عنه ، ومحمد بن محاسن نفسه الذي يأتي بعنوان البادرائي .

(١١) يحتمل أن يكون هو : محمد بن إسحاق بن محمد بن يوسف بن علي القونوي الرومي ، من كبار تلاميذ الشيخ محيي الدين ابن العربي ، بينه وبين نصير الدين الطوسي مكاتبات في بعض المسائل الحكمية ، له عدّة مصنّفات ، منها : شرح الأسماء الحسنى ، مات سنة ( ٦٧٣ هـ ) .

كشف الظنون ٢: ١٩٥٦ ، أعلام الزركلي ٦ : ٣٠ .

٢٣
 &

ولمّا كانت كلّ واحدة من هذه العبارات الثلاث تزيد على صاحبتيها بأسماء وتنقص عنهما بأسماء ، أحببت أن أضع عبارة رابعة مشتملة على أسماء العبارات الثلاث ، مع الإشارة إلى شرح كلّ اسم منها ، من غير إيجاز مخلّ ولا إسهاب مملّ .

وسمّيت ذلك بالمقام الأسنى في تفسير الأسماء الحسنى .

فنقول وبالله التوفيق :

الله :

اسم ، علم ، مفرد ، موضوع على ذات واجب الوجود .

وقال الغزّالي (١٢) : الله اسم للموجود الحقّ ، الجامع لصفات الإلٰهية ، المنعوت بنعوت الربوبية ، المتفرّد بالوجود الحقيقي ، فإن كلّ موجود سواه غير مستحقّ للوجود بذاته ، وإنّما استفاد الوجود منه (١٣) .

وقيل : الله اسم لمن هو الخالق لهذا العالم والمدبر له .

وقال الشهيد في قواعده : الله اسم للذات لجريان النعوت عليه ، وقيل : هو اسم للذات مع جملة الصفات الإلٰهية ، فإذا قلنا : الله ، فمعناه الذات الموصوفة بالصفات الخاصة ، وهي صفات الكمال ونعوت الجلال .

قال رحمه الله : وهذا المفهوم هو الذي يعبد ويوحد وينزه عن الشريك والنظير والمثل والند والضد (١٤) .

وقد اختلف في اشتقاق هذا الاسم المقدّس على وجوه عشرة ، ذكرناها

___________________________

(١٢) أبو حامد محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الغزّالي ، الملقّب بحجّة الإسلام الطوسي ، تفقّه على أبي المعالي الجويني ، له عدّة مصنّفات ، منها : إحياء علوم الدين ، والمقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى وغيرهما ، مات سنة ( ٥٠٢ هـ ) .

المنتظم ٩ : ١٦٨ ، وفيات الأعيان ٤ : ٢١٦ ، الكنى والألقاب ٢ : ٤٥٠ .

(١٣) المقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى : ١٤ .

(١٤) القواعد والفوائد ٢: ١٦٦ .

٢٤
 &

على حاشية الصحيفة في دعاء زين العابدين ـ عليه السلام ـ إذا أحزنه أمر (١٥) .

واعلم أنّ هذا الاسم الشريف قد امتاز عن غيره من أسمائه ـ تعالى ـ الحسنى بوجوه عشرة :

أ : أنّه أشهر أسماء الله تعالى .

ب : أنّه أعلاها محلّاً في القرآن .

ج : أنّه أعلاها محلّاً في الدعاء .

د : أنّه جعل أمام سائر الأسماء .

هـ : أنّه خصّت به كلمة الإخلاص .

و : أنّه وقعت به الشهادة .

ز : أنّه علم على الذات المقدّسة ، وهو مختصّ بالمعبود الحقّ تعالى ، فلا

___________________________

(١٥) وهي كما في حاشية المصباح : ٣١٥ نقلاً عن الفوائد الشريفة في شرح الصحيفة :

« الأول : أنّه مشتقّ من لاه الشيء إذا خفي ، قال الشاعر :

لاهت فما عرفت يوماً بخارجةٍ

يا ليتها خرجت حتى عرفناها

الثاني : أنّه مشتقّ من التحيّر ، لتحيّر العقول في كنه عظمته ، قال :

ببيداء تيه تأله العير وسطها

مخفقـة بالآل جرد وأملق

الثالث : أنّه مشتقّ من الغيبوبة ، لأنّه سبحانه لا تدركه الأبصار ، قال الشاعر :

لاه ربّي عن الخلائق طراً

خالق الخلق لا يُرى ويرانا

الرابع : أنّه مشتقّ من التعبّد ، قال الشاعر :

لله درّ الغانيــات المُـدَّهِ

آلَهن واسترجعن من تألّهي

الخامس : أنّه مشتق من أله بالمكان إذا أقام به ، قال شعر :

ألهنا بدارٍ لا يدوم رسومها

كأن بقاها وشامٌ على اليدِ

السادس : أنّه مشتقّ من لاه يلوه بمعنى ارتفع .

السابع : أنّه مشتقّ من وَلَهَ الفصيلُ باُمّه إذا ولع بها ، كما أنّ العباد مولهون ، أي : مولعون بالتضرّع إليه تعالى .

الثامن : أنّه مشتقّ من الرجوع ، يقال : ألهت إلى فلان ، أي : فزعت إليه ورجعت ، والخلق يفزعون إليه تعالى في حوائجهم ويرجعون إليه ، وقيل للمألوه [ إليه ] إلٰه ، كما قيل للمؤتمّ به إمام .

التاسع : أنّه مشتقّ من السكون ، وألهت إلى فلان أي : سكنت ، والمعنى أنّ الخلق يسكنون إلى ذكره .

العاشر : أنّه مشتقّ من الإلٰهيّة . وهي القدرة على الاختراع » .

٢٥
 &

يطلق على غيره حقيقةً ولا مجازاً ، قال تعالى : « هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا » (١٦) أي : هل تعلم أحداً يسمّى الله ؟ وقيل : سميّاً أي : مثلاً وشبيهاً .

ح : أنّ هذا الاسم الشريف دالّ على الذات المقدّسة الموصوفة بجميع الكمالات ، حتى لا يشذّ به شيء ، وباقي أسمائه تعالى لا تدلّ آحادها إلّا على آحاد المعاني ، كالقادر على القدرة والعالم على العلم . أو فعل منسوب إلى الذات ، مثل قولنا : الرحمن ، فإنّه اسم للذات مع اعتبار الرحمة ، وكذا الرحيم والعليم . والخالق : اسم للذات مع اعتبار وصف وجودي خارجي . والقدّوس : اسم للذات مع وصف سلبي ، أعني التقديس الذي هو التطهير عن النقائص . والباقي : اسم اللذات مع نسبة وإضافة ، أعني البقاء ، وهو نسبة بين الوجود والأزمنة ، إذ هو استمرار الوجود في الأزمنة . والأبديّ : هو المستمرّ في جميع الأزمنة ، فالباقي أعمّ منه . والأزلي : هو الذي قارن وجوده جميع الأزمنة الماضية المحقّقة والمقدّرة . فهذه الاعتبارات تكاد تأتي على الأسماء الحسنى بحسب الضبط (١٧) .

ط : أنّه اسم غير صفة ، بخلاف سائر أسمائه تعالى ، فإنها تقع صفات ، أمّا أنّه اسم غير صفة ، فلأنّك تصف ولا تصف به ، فتقول : إلٰه واحد ، ولا تقول : شيء إلٰه ، وأمّا وقوع ما عداه من أسمائه الحسنى صفات ، فلأنّه يقال : شيء قادر وعالم وحيّ إلى غير ذلك .

ي : أن جميع أسمائه الحسنى يتسمّى بهذا الاسم ولا يتسمّى هو بشيء منها ، فلا يقال : الله اسم من أسماء الصبور أو الرحيم أو الشكور ، ولكن يقال : الصبور اسم من أسماء الله تعالى .

إذا عرفت ذلك ، فاعلم أنّه قد قيل : إنّ هذا الاسم المقدّس هو الاسم الأعظم . قال ابن فهد في عدّته : وهذا القول قريب جدّاً ، لأنّ الوارد في هذا المعنى

___________________________

(١٦) مريم ١٩ : ٦٥ .

(١٧) القواعد والفوائد ٢: ١٦٦ .

٢٦
 &

كثير (١٨) .

ورأيت في كتاب الدرّ المنتظم في السرّ الأعظم ، للشيخ محمد بن طلحة ابن محمد بن الحسين (١٩) : أنّ هذا الاسم المقدّس يدلّ على الأسماء الحسنى كلّها التي هي تسعة وتسعون اسماً ، لأنّك إذا قسمت الاسم المقدّس في علم الحروف على قسمين كان كلّ قسم ثلاثة وثلاثين ، فتضرب الثلاثة والثلاثين في حروف الاسم المقدّس بعد إسقاط المكرر وهي ثلاثة تكون عدد الأسماء الحسنى ، وذكر أمثلة اُخر في هذا المعنى تركناها اختصاراً (٢٠) .

ورأيت في كتاب مشارق الأنوار وحقائق الأسرار ، للشيخ رجب بن محمد ابن رجب الحافظ (٢١) : أن هذا الاسم المقدس أربعة أحرف ـ الله ـ فإذا وقفت على الأشياء عرفت أنها منه وبه وإليه وعنه ، فإذ اُخذ منه الألف بقي لله ، ولله كلّ شيء ، فإن اُخذ اللام وترك الألف بقي إلٰه ، وهو إلٰه كلّ شيء ، وإن اُخذ

___________________________

(١٨) عدّة الداعي : ٥٠ .

(١٩) أبو سالم محمد بن طلحة بن محمد بن الحسن القرشي الشافعي ، له عدّة مصنفات ، منها : الدرّ المنظم في السرّ الأعظم ، أو الدرّ المنظم في اسم الله الأعظم ، مات سنة ( ٦٥٢ هـ ) .

شذرات الذهب ٥ : ٢٥٩ ، أعلام الزركلي ٦ : ١٧٥ .

علماً بأنّ في ( ر ) و ( ب ) و ( م ) ذكر : الدرّ المنتظم وفي مصادر الترجمة : الدر المنظم ، وكذا ذكر في ( ر ) و ( ب ) : محمد بن طلحة بن محمد بن الحسين ، وفي المصادر : ابن الحسن ، فتأمل .

(٢٠) في حاشية ( ر ) : « منها : أنك إذا جمعت من الاسم المقدّس طرفيه ، وقسّمت عددهما على حروفه الأربعة ، وضربت ما يخرج القسمة فيما له من العدد في علم الحروف ، يكون عدد الأسماء الحسنى . وبيانه : أن تأخذ الألف والهاء وهما بستة ، وتقسِّمها على حروف الأربعة ، يقوم لكل حرف واحد ونصف ، فتضربه به فيما للإسم المقدّس من العدد وهو ستة وستين ، تبلغ تسعة وتسعين عدد الأسماء الحسنى . منه رحمه الله » .

(٢١) رضي الدين رجب بن محمد بن رجب البرسي الحلي المعروف بالحافظ ، من متأخّري علماء الإمامية ، كان ماهراً في أكثر العلوم ، له يد طولى في علم أسرار الحروف والأعداد ونحوها ، وقد أبدع في كتبه حيث استخرج أسامي النبي والأئمة عليهم السلام من الآيات ونحو ذلك من غرائب الفوائد وأسرار الحروف ، له أشعار لم يرعين الزمان مثلها في مدح أهل البيت عليهم السلام ، من مصنفاته : مشارق أنوار اليقين في كشف حقائق أسرار أمير المؤمنين ، توفي في حدود سنة ( ٨١٣ هـ ) .

رياض العلماء ٢ : ٣٠٤ ، الكُنى والألقاب ٢ : ١٤٨ ، أعيان الشيعة ٦ : ٤٦ .

٢٧
 &

الألف من إلٰه بقي له ، وله كلّ شيء ، فإن اُخذ من له اللام بقي هو ، وهو هو وحده لا شريك له ، وهو لفظ يوصل إلى ينبوع العزة ، ولفظ هو مركب من حرفين ، والهاء أصل الواو ، فهو حرف واحد يدل على الواحد الحق ، والهاء أول المخارج والواو آخرها ، فهو الأول والآخر والظاهر والباطن (٢٢) .

ولمّا كان الاسم المقدّس الأقدس أرفع أسماء الله تعالى شأناً وأعلاها مكاناً ، وكان لكمالها جمالاً ولجمالها كمالاً ، خرجنا فيه بالإسهاب عن مناسبة الكتاب ، والله الموفّق للصواب .

الرحمن الرحيم :

قال الشهيد رحمه الله : هما اسمان للمبالغة من رحم ، كغضبان من غضب وعليم من علم ، والرحمة لغة : رقّة القلب وانعطاف يقتضي التفضل والإحسان ، ومنه : الرحم ، لانعطافها على ما فيها ، وأسماء الله تعالى إنّما تؤخذ باعتبار الغايات التي هي أفعال دون المبادئ التي هي انفعال (٢٣) (٢٤) .

وقال صاحب العدّة : الرحمن الرحيم مشتقّان من الرحمة وهي النعمة ،

___________________________

(٢٢) مشارق الأنوار : ٣٢ ـ ٣٣ ، وفيه : « . . . والقرآن له ظاهر وباطن ، ومعانيه منحصرة في أربع أقسام ، وهي أربع أحرف وعنها ظهر باقي الكلام ، وهي ( ألـ لـ ه ) ، والألف واللام منه آلة التعريف ، فإذا وضعت على الأشياء عرفتها أنّها منه وله ، وإذا اُخذ منه الألف بقي لله ، ولله كل شيء ، وإذا اُخذ منه ( لـ ) بقي إلٰه ، وهو إلٰه كلّ شيء ، وإذا اُخذ منه الألف واللام بقي له ، وله كلّ شيء ، وإذا اُخذ الألف واللامان بقي هو ، وهو هو وحده لا شريك له . والعارفون يشهدون من الألف ويهيمنون من اللام ويصلون من الهاء . والألف من هذا الاسم إشارة إلى الهويّة التي لا شيء قبلها ولا بعدها وله الروح ، واللام وسطاً وهو إشارة إلى أنّ الخلق منه وبه وإليه وعنه ، وله العقل وهو الأول والآخر ، وذلك لأنّ الألف صورة واحدة في الخطّ وفي الهجاء . . . » .

(٢٣) القواعد والفوائد ٢ : ١٦٦ ـ ١٦٧ .

(٢٤) في هامش ( ر ) : « وقال السيد المرتضى : ليست الرحمة عبارة عن رقّة القلب والشفقة ، وإنّما هي عبارة عن الفضل والإنعام وضروب الإحسان ، فعلى هذا يكون إطلاق لفظ الرحمة عليه تعالى حقيقة وعلى الأول مجاز . منه رحمه الله تعالى » .

٢٨
 &

ومنه : « وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ » (٢٥) أي : نعمة ، ويقال للقرآن رحمة وللغيث رحمة ، أي : نعمة ، وقد يتسمّى بالرحيم غيره تعالى ولا يتسمّى بالرحمن سواه ، لأن الرحمن هو الذي يقدر على كشف الضر والبلوى ، ويقال لرقيق القلب من الخلق : رحيم ، لكثرة وجود الرحمة منه بسبب الرقة ، وأقلها الدعاء للمرحوم والتوجع له ، وليست في حقّه تعالى كذلك ، بل معناها إيجاد النعمة للمرحوم وكشف البلوى عنه ، فالحدّ الشامل أن تقول : هي التخلص من أقسام الآفات ، وإيصال الخيرات إلى أرباب الحاجات (٢٦) .

وفي كتاب الرسالة الواضحة (٢٧) : أنّ الرحمن الرحيم من أبنية المبالغة ، إلّا أنّ فعلان أبلغ من فعيل ، ثم هذه المبالغة قد توجد تارة باعتبار الكمّية ، واُخرى باعتبار الكيفية :

فعلى الأول قيل : يا رحمن الدنيا ـ لأنّه يعمّ المؤمن والكافر ـ ورحيم الآخرة لأنه يخص الرحمة بالمؤمنين ، لقوله تعالى : « وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا » (٢٨) .

وعلى الثاني قيل : يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيم الدنيا ، لأنّ النعم الاُخروية كلّها جسام ، وأمّا النعم الدنيوية فجليلة وحقيرة .

وعن الصادق عليه السلام : الرحمن اسم خاصّ بصفة عامة ، والرحيم اسم عامّ بصفة خاصة (٢٩) .

وعن أبي عبيدة (٣٠) : الرحمن ذو الرحمة ، والرحيم الراحم ، وكرر لضرب

___________________________

(٢٥) الأنبياء ٢١ : ١٠٧ .

(٢٦) عدّة الداعي : ٣٠٣ ـ ٣٠٤ ، باختلاف .

(٢٧) الرسالة الواضحة في تفسير سورة الفاتحة ، للمصنف الشيخ علي بن إبراهيم الكفعمي : مخطوطة .

(٢٨) الأحزاب ٣٣ : ٤٣ .

(٢٩) مجمع البيان ١ : ٢١ .

(٣٠) أبو عبيدة معمّر بن المثنى البصري النحوي اللغوي ، أول من صنّف غريب الحديث ، وكان أبو نؤاس الشاعر يتعلّم منه ويصفه ويذمّ الأصمعي ، له عدّة مصنفات ، منها : مجاز القرآن الكريم وغريب القرآن ومعاني القرآن ، مات سنة ( ٢٠٩ هـ ) وقيل غير ذلك .

وفيات الأعيان ٥ : ٢٣٥ ، الكنى والألقاب ١ : ١١٦ .

٢٩
 &

من التأكيد (٣١) .

وعن السيد المرتضى (٣٢) رحمه الله : أن الرحمن مشترك فيه اللغة العربية والعبرانية والسريانية ، والرحيم مختصّ بالعربية .

قال الطبرسي (٣٣) : وإنّما قدّم الرحمن على الرحيم ، لأن الرحمن بمنزلة الاسم العلم ، من حيث أنه لا يوصف به إلّا الله تعالى ، ولهذا جمع بينهما تعالى في قوله : « قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَٰنَ » (٣٤) فوجب لذلك تقديمه على الرحيم ، لأنه يطلق عليه وعلى غيره (٣٥) .

الملك :

التامّ الملك ، الجامع لأصناف المملوكات ، قاله البادرائي في جواهره .

___________________________

(٣١) اُنظر : مجمع البيان ١ : ٢٠ .

(٣٢) أبو القاسم علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن الإمام موسى الكاظم عليه السلام ، المشهور بالسيد المرتضى ، جمع من العلوم ما لم يجمعه أحد وحاز من الفضائل ما تفرّد به وتوحّد وأجمع على فضله المخالف والمؤالف ، كيف لا وقد أخذ من المجد طرفيه واكتسى بثوبيه وتردّى ببرديه ، روى عن جماعة عديدة من العامة والخاصة منهم الشيخ المفيد والحسين بن علي بن بابويه أخي الصدوق والتلعكبري ، روى عنه جماعة كثيرة من العامة والخاصة منهم : أبو يعلى سلار وأبو الصلاح الحلبي وأبو يعلى الكراجكي ومن العامة : الخطيب البغدادي والقاضي بن قدامة ، له عدّة مصنفات مشهورة ، منها الشافي في الإمامة لم يصنّف مثله والذخيرة ، توفي سنة ( ٤٣٣ هـ ) وقيل ( ٤٣٦ هـ ) .

وفيات الأعيان ٣ : ٣١٣ ، رياض العلماء ٤ : ١٤ ، الكنى والألقاب ٢ : ٤٣٩ .

(٣٣) أبو علي الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي المشهدي ، من أكابر مجتهدي علمائنا ، يروي عن الشيخ أبي علي بن الشيخ الطوسي وغيره ، يروي عنه ولده الحسن وابن شهرآشوب والشيخ منتجب الدين وغيرهم ، له عدة مصنفات ، منها : مجمع البيان لعلوم القرآن ، وهو تفسير لم يعمل مثله عيّن كل سورة أنّها مكّية أو مدنية ثم يذكر مواضع الاختلاف في القراءة ثم يذكر اللغة والعربية ثم يذكر الإعراب ثم الأسباب والنزول ثم المعنى والتأويل والأحكام والقصص ثم يذكر انتظام الآيات ، توفي سنة ( ٥٤٨ هـ ) في سبزوار وحمل نعشه إلى المشهد الرضوي ودفن في مغتسل الرضا عليه السلام وقبره مزار .

رياض العلماء ٤ : ٣٤٠ ، الكنى والألقاب ٢ : ٤٠٣ ، الذريعة ٢٠ : ٢٤ .

(٣٤) الإسراء ١٧ : ١١٠ .

(٣٥) مجمع البيان ١ : ٢١ ، باختلاف .

٣٠
 &

وقال الشهيد : الملك المتصرف بالأمر والنهي في المأمورين ، أو الذي يستغني في ذاته وصفاته عن كل موجود ، ويحتاج إليه كلّ موجود في ذاته وصفاته (٣٦) .

والملكوت : ملك الله ، زيدت فيه التاء كما زيدت في رهبوت ورحموت ، من الرهبة والرحمة .

القدوس :

فعول من القدس وهو الطهارة ، فالقدّوس : الطاهر من العيوب المنزّه عن الأضداد والأنداد ، والتقديس : التطهير ، وقوله تعالى حكاية عن الملائكة : « وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ » (٣٧) أي : ننسبك إلى الطهارة .

وسمّي بيت المقدس بذلك ، لأنه المكان الذي يتطهر فيه من الذنوب . وقيل للجنة : حظيرة القدس ، لأنها موضع الطهارة من الأدناس والآفات التي تكون في الدنيا .

السلام :

معناه ذو السلامة ، أي : سلم في ذاته عن كل عيب ، وفي صفاته عن كل نقص وآفة تلحق المخلوقين ، والسلام مصدر وصف به تعالى للمبالغة . وقيل : معناه المسلم ، لأن السّلامة تنال من قبله .

وقوله : « لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ » (٣٨) يجوز أن تكون مضافة إليه تعالى ، ويجوز أن يكون تعالى قد سمّى الجنة سلاماً ، لأن الصائر إليها يسلم من كلّ آفة .

* * *

___________________________

(٣٦) القواعد والفوائد ٢ : ١٦٧ .

(٣٧) البقرة ٢ : ٣٠ .

(٣٨) الأنعام ٦ : ١٢٧ .

٣١
 &

المؤمن :

المصدّق ، لأن الإيمان في اللغة التصديق ، ويحتمل ذلك وجهان :

أ : أنّه يصدق عبادَه وعده ، ويفي لهم بما ضمنه لهم .

ب : أنّه يصدّق ظنون عباده المؤمنين ولا يخيّب آمالهم ، قاله البادرائي .

وعن الصادق عليه السلام : سمّي تعالى مؤمناً ، لأنه يؤمن عذابه من أطاعه (٣٩) .

وفي الصحاح (٤٠) : الله تعالى مؤمن ، وهو : الذي آمن عباده ظلمه (٤١) .

المهيمن :

قال العزيزي (٤٢) في غريبه والشهيد في قواعده : هو القائم على خلقه بأعمالهم وآجالهم وأرزاقهم (٤٣) .

وقال صاحب العدّة : المهيمن : الشاهد ، ومنه قوله تعالى : « وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ » (٤٤) أي : شاهداً ، فهو تعالى الشاهد على خلقه بما يكون منهم من قول أو فعل ، وقيل : هو الرقيب على الشيء والحافظ له ، وقيل : هو الأمين (٤٥) .

___________________________

(٣٩) التوحيد : ٢٠٥ .

(٤٠) كتاب الصحاح لأبي نصر إسماعيل بن حمّاد الجوهري الفارابي ، ابن اُخت أبي إسحاق الفارابي صاحب ديوان الأدب ، له عدّة مصنّفات ، منها : هذا الكتاب ـ الصحاح ـ وهو أحسن من الجمهرة وأوقع من التهذيب وأقرب متناولاً من مجمل اللغة ، مات سنة ( ٣٩٣ هـ ) .

يتيمة الدهر ٤ : ٤٦٨ ، معجم الاُدباء ٥ : ١٥١ ، النجوم الزاهرة ٤ : ٢٠٧ .

(٤١) الصحاح ٥ : ٢٠٧١ ، أمن .

(٤٢) أبو بكر محمد بن عزيز السجستاني العزيزي . اشتهر بكتابه غريب القرآن ، وهو على حروف المعجم صنّفه في (١٥) سنة ، مات سنة ( ٣٣٠ هـ ) .

أعلام الزركلي ٦ : ٢٦٨ .

(٤٣) غريب القرآن ـ نزهة القلوب ـ : ٢٠٩ ، القواعد والفوائد ٢ : ١٦٧ .

(٤٤) المائدة ٥ : ٤٨ .

(٤٥) عدّة الداعي : ٣٠٤ ـ ٣٠٥ ، باختلاف .

٣٢
 &

وإلى القول الأوسط ذهب الجوهري ، فقال : المهيمن الشاهد ، وهو من آمن غيره من الخوف (٤٦) .

قلت : إنّما كان المهيمن من آمن ، لأن أصل مهيمن مؤيمن ، فقلبت الهمزة هاء لقرب مخرجهما ، كما في هرقت الماء وأرقته ، وإيهاب وهيهات ، وإبرية وهبرية للخزاز الذي في الرأس ، وقرأ أبو السرائر الغنوي (٤٧) : هياك نعبد وهياك نستعين (٤٨) .

قال الشاعر :

وهياك والأمر الذي إن توسعت

موارده ضاقت عليك مصادره

العزيز :

الغالب القاهر ، أو ما يمتنع الوصول إليه ، قاله الشهيد في قواعده (٤٩) .

وقال الشيخ علي بن يوسف بن عبد الجليل (٥٠) في كتابه منتهى السّؤول في شرح الفصول : العزيز هو الحظير الذي يقلّ وجود مثله ، وتشتدّ الحاجة إليه ، ويصعب الوصول إليه ، فليس العزيز المطلق إلّا هو تعالى .

وقال صاحب العدّة : العزيز المنيع الذي لا يُغلب ، ويقال : من عزّ بزّ ،

___________________________

(٤٦) الصحاح ٦ : ٢٢١٧ ، همن .

(٤٧) كذا ، ولم أجد هذا الاسم في كتب التراجم .

(٤٨) قال الزمخشري في الكشّاف ١ : ٦٢ : « وقرئ إياك بتخفيف الياء واياك بفتح الهمزة والتشديد وهياك بقلب الهمزة هاء » .

قال طفيل الغنوي :

فهياك والأمر الذي ان تراحبت . . . موارده ضاقت عليك مصادره .

(٤٩) القواعد والفوائد ٢ : ١٦٧ .

(٥٠) ظهير الدين علي بن يوسف بن عبد الجليل النيلي ، عالم فاضل كامل ، من أجلة متكلمي الإمامية وفقهائهم ، يروي عن الشيخ فخر الدين ولد العلّامة ، يروى عنه ابن فهد الحلي ، له عدة مصنفات ، منها : منتهى السّؤول في شرح الفصول ، وهو شرح على فصول خواجه نصير الدين الطوسي في اُصول الدين ، وهو شرح بالقول يعني قوله قوله .

رياض العلماء ٤ : ٢٩٣ ، الذريعة ٢٣ : ١٠ .

٣٣
 &

أي : من غلب سلب ، ومنه قوله تعالى : « وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ » (٥١) أي : غلبني في محاورة الكلام ، وقد يقال العزيز للملك ، ومنه قوله تعالى : « يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ » (٥٢) أي : يا أيها الملك (٥٣) .

والعزيز أيضاً : الذي لا يعادله شيء ، والذي لا مثل له ولا نظير .

الجبار :

القهّار ، أو المتكبّر ، أو المتسلّط ، أو الذي جبر مفاقر الخلق وكفاهم أسباب المعاش والرزق ، أو الذي تنفذ مشيته على سبيل الإجبار في كل أحد ولا تنفذ فيه مشية أحد . ويقال : الجبّار العالي فوق خلقه ، ويقال للنخل الذي طال وفات اليد : جبّار .

المتكبّر :

ذو الكبرياء ، وهو : الملك ، أو ما يرى الملك حقيراً بالنسبة إلى عظمته ، قاله الشهيد (٥٤) .

وقال صاحب العدّة : المتكبّر المتعالي عن صفات الخلق ، ويقال : المتكبّر على عتاة خلقه ، وهو مأخوذ من الكبرياء ، وهم اسم التكبّر والتعظّم (٥٥) .

الخالق :

هو المبدئ للخلق والمخترع لهم على غير مثال سبق ، قاله البادرائي في جواهره .

___________________________

(٥١) ص ٣٨ : ٢٣ .

(٥٢) يوسف ١٢ : ٧٨ ، ٨٨ .

(٥٣) عدّة الداعي : ٣٠٥ .

(٥٤) القواعد والفوائد ٢ : ١٦٧ .

(٥٥) عدّة الداعي : ٣٠٥ ، باختلاف .

٣٤
 &

وقال الشهيد : الخالق ، المقدّر (٥٦) .

قلت : وهو حسن ، إذ قد يراد بالخلق التقدير ، ومنه قوله تعالى : « أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ » (٥٧) أي : اُقدّر .

البارئ :

الخالق ، والبرية : الخلق ، وبارئ البرايا أي : خالق الخلائق .

المصوّر :

الذي أنشأ خلقه على صور مختلفه ليتعارفوا بها ، قال تعالى : « وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ » (٥٨) .

وقال الغزّالي في تفسير أسماء الله تعالى الحسنى : قد يظنّ أنّ الخالق والبارئ والمصور ألفاظ مترادفة ، وأن الكلّ يرجع إلى الخلق والاختراع ، وليست كذلك ، بل كل ما يخرج من العدم إلى الوجود مفتقر إلى تقديره أولاً ، وإلى إيجاده على وفق التقدير ثانياً ، وإلى التصوير بعد الإيجاد ثالثاً ، والله تعالى خالق من حيث أنّه مقدر ، وبارئ من حيث أنه مخترع موجد ، ومصوّر من حيث أنه مرتب صور المخترعات أحسن ترتيب . وهذا كالبناء مثلاً ، فإنه يحتاج إلى مقدّر يقدّر ما لا بدّ منه : من الخشب ، واللبن ، ومساحة الأرض ، وعدد الأبنية وطولها وعرضها ، وهذا يتولّاه المهندس فيرسمه ويصوّره ، ثم يحتاج إلى بنّاء يتولّى الأعمال التي عندها تحدث اُصول الأبنية ، ثم يحتاج إلى مزيّن ينقش ظاهره ويزيّن صورته ، فيتولاه غير البناء . هذه هي العادة في التقدير في البناء والتصوير ، وليس كذلك في أفعاله تعالى ، بل هو المقدّر والموجد والصانع ، فهو الخالق والبارئ والمصور (٥٩) .

___________________________

(٥٦) القواعد والفوائد ٢ : ١٦٧ .

(٥٧) آل عمران ٣ : ٤٩ .

(٥٨) غافر ٤٠ : ٦٤ ، التغابن ٦٤ : ٣ .

(٥٩) المقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى : ١٨ .

٣٥
 &

الغفّار :

هو الذي أظهر الجميل وستر القبيح ، قاله الشهيد (٦٠) .

وقال البادرائي : هو الذي يغفر ذنوب عباده ، وكلّما تكررت التوبة من المذنب تكررت منه تعالى المغفرة ، لقوله : « وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ » (٦١) الآية . والغفر في اللغة : الستر والتغطية ، فالغفّار : الستّار لذنوب عباده .

القهّار القاهر :

بمعنى ، وهو : الذي قهر الجبابرة وقهر العباد بالموت ، غير أنّ قهّار وغفّار وجبّار ووهّاب ورزّاق وفتّاح ونحو ذلك من أبنية المبالغة ، لأنّ العرب قد بنت مثال من كرر الفعل على فعّال ، ولهذا يقولون لكثير السؤال : سأّال وسأّالة .

قال :

سَأّالَةٌ للفتى ما ليس في يده

ذهّابة بعقول القوم والمالِ

وكذا ما بني على فعلان وفعيل كرحمن ورحيم ، إلّا أن فعلان أبلغ من فعيل . وبنت مثال من بالغ في الأمر وكان قوياً عليه على فعول ، كصبور وشكور . وبنت مثال من فعل الشيء مرّة على فاعل ، نحو سائل وقاتل . وبنت مثال من اعتاد الفعل على مِفعال ، مثل امرأة مذكار إذا كان من عادتها أن تلد الذكور ، ومئناث إذا كان من عادتها أن تلد الإناث ، ومعقاب إذا كان من عادتها أن تلد نوبة ذكراً ونوبة اُنثى ، ورجل منعام ومفضال إذا كان ذلك من عادته .

الوهّاب :

هو من أبنية المبالغة كما مرّ آنفاً ، وهو الذي يجود بالعطايا التي لا تفنى ، وكلّ من وهب شيئاً من أعراض الدنيا فهو واهب ولا يسمّى وهّاباً ، بل الوهّاب

___________________________

(٦٠) القواعد والفوائد ٢ : ١٦٨ .

(٦١) طه ٢٠ : ٨٢ .

٣٦
 &

من تصرّفت مواهبه في أنواع العطايا ودامت ، والمخلوقون إنّما يملكون أن يهبوا مالاً أو نوالاً في حال دون حال ، ولا يملكون أن يهبوا شفاء لسقيم ولا ولداً لعقيم ، قاله البادرائي .

وقال صاحب العدّة : الوهّاب الكثير الهبة ، والمفضال في العطية (٦٢) .

وقال الشهيد : الوهّاب المعطي كل ما يحتاج إليه لكلّ من يحتاج إليه (٦٣) .

الرزّاق الرازق :

بمعنى ، وهو : خالق الأرزقة والمرتزقة والمتكفّل بإيصالها لكلّ نفس ، من مؤمن وكافر ، غير أنّ في الرزّاق المبالغة .

الفتاح :

الحاكم بين عباده ، وفتح الحاكم بين الخصمين : إذا قضى بينهما ، ومنه : « رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ » (٦٤) أي : احكم .

وهو أيضاً الذي يفتح أبواب الرزق والرحمة لعباده ، وهو الذي بعنايته ينفتح كل مغلق .

العليم :

العالم بالسرائر والخفيات وتفاصيل المعلومات قبل حدوثها وبعد وجودها (٦٥) .

___________________________

(٦٢) عدّة الداعي : ٣١١ .

(٦٣) القواعد والفوائد ٢ : ٦٨ .

(٦٤) الأعراف ٧ : ٨٩ .

(٦٥) في هامش ( ر ) : « والعليم مبالغة في العالم ، لأنّ قولنا : عالم ، يفيد أنّ له معلوماً ، كما أنّ قولنا : سامع ، يفيد أنّ له مسموعاً ، وإذا وصفناه بأنّه عليم أفاد أنّه متى صحّ معلوم فهو عالم به ، كما أنّ سميعاً بفيد

٣٧
 &

القابض الباسط :

هو الذي يوسع الرزق ويقدره بحسب الحكمة .

ويحسن القران بين هذين الاسمين ونظائرهما ـ كالخافض والرافع ، والمعزّ والمذلّ ، والضارّ والنافع ، والمبدئ والمعيد ، والمحيي والمميت ، والمقدّم والمؤخّر ، والأول ، والآخر ، والظاهر والباطن ـ لأنّه أنبأ عن القدرة ، وأدلّ على الحكمة ، قال الله تعالى : « وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ » (٦٦) فإذا ذكرت القابض مفرداً عن الباسط كنت كأنّك قد قصرت الصفة على المنع والحرمان ، وإذا وصلت أحدهما بالآخر فقد جمعت بين الصفتين . فالأوْلى لمن وقف بحسن الأدب بين يدي الله تعالى أن لا يفرد كلّ اسم عن مقابله ، لما فيه من الإعراب عن وجه الحكمة .

الخافض الرافع :

هو الذي يخفض الكفار بالإشقاء ويرفع المؤمنين بالاسعاد . وقوله : « خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ » (٦٧) أي : تخفض أقواماً إلى النار وترفع أقواماً إلى الجنة ، يعني : القيامة .

المعزّ المذلّ :

الذي يؤتي الملك من يشاء وينزعه ممّن يشاء ، أو الذي أعزّ بالطاعة أولياءه ، فأظهرهم على أعدائه في الدنيا وأحلّهم دار الكرامة في العقبى ، وأذل أهل

___________________________

=

أنّه متى وجد مسموع فلا بدّ أن يكون سامعاً له ، والعلوم كلّها من جهته تعالى ، لأنّها لا تخلو من أن تكون ضرورية فهو الذي فعلها ، أو استدلالية فهو الذي أقام الأدلة عليها ، فلا علم لأحد إلّا الله تعالى . منه رحمه الله » .

(٦٦) البقرة ٢ : ٢٤٥ .

(٦٧) الواقعة ٥٦ : ٣ .

٣٨
 &

الكفر في الدنيا ، بأن ضربهم بالرق والجزية والصغار ، وفي الآخرة بالخلود في النار (٦٨) .

السميع :

بمعنى السامع ، يسمع السّر والنجوى ، سواء عنده الجهر والخفوت والنطق والسكوت . وقد يكون السميع بمعنى القبول والإجابة ، ومنه قول المصلّي : سمع الله لمن حمده ، معناه : قبل الله حمد من حمده واستجاب له . وقيل : السميع العليم بالمسموعات ، وهي : الأصوات والحروف .

البصير :

العالم بالخفيّات ، وقيل : العالم بالمبصرات .

وفي عبارة الشهيد ، السميع : الذي لا يعزب عن إداركه مسموع خفيّ أو ظاهر ، والبصير : الذي لا يعزب عنه ما تحت الثرى ، ومرجعهما إلى العلم ، لتعاليه سبحانه عن الحاسّة والمعاني القديمة (٦٩) .

الحَكَم :

هو الحاكم الذي سلّم له الحكم ، وسمّي الحاكم حاكماً لمنعه الناس من التظالم (٧٠) .

___________________________

(٦٨) في هامش ( ر ) : « وقيل يعزّ المؤمن بتعظيمه والثناء عليه ، ويذلّ الكافر بالجزية والسبي ، وهو سبحانه وإنْ أفقر أولياءه وابتلاهم في الدنيا ، فإنّ ذلك ليس على سبيل الإذلال ، بل ليكرمهم بذلك في الآخرة ، ويحلّهم غاية الإعزاز والإجلال ، ذكر ذلك الكفعمي في كتابه جُنّة الأمان الواقية . منه رحمه الله » .

انظر : جُنّة الأمان الواقية ـ المصباح ـ : ٣٢٢ .

(٦٩) القواعد والفوائد ٢ : ١٦٨ .

(٧٠) في هامش ( ر ) : « قلت : ومن ذلك اُخذ معنى الحكمة ، لأنّها تمنع من الجهل . وحكمة الدابّة ما أحاط بالحنك ، سمّيت بذلك لمنعها من الجماح ، وحكمت السفيه وأحكمته إذا أخذت على يده

=

٣٩
 &

العدل :

أي : ذو العدل ، وهو مصدر اُقيم مقام الأصل ، وحفّ به تعالى للمبالغة لكثرة عدله . والعدل : هو الذي لا يجور في الحكم ، ورجل عدل وقوم عدل وامرأة عدل ، يستوي فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث .

اللطيف :

العالم بغوامض الأشياء ، ثم يوصلها إلى المستصلح برفق دون العنف ، أو البرّ بعباده الذي يوصل إليهم ما ينتفعون به في الدارين ويهيّئ لهم أسباب مصالحهم من حيث لا يحتسبون ، قاله الشهيد في قواعده (٧١) .

وقيل : اللطيف فاعل اللطف ، وهو ما يقرب معه العبد من الطاعة ويبعد من المعصية ، واللطف من الله التوفيق .

وفي كتاب التوحيد (٧٢) عن الصادق عليه السلام : أنّ معنى اللطيف هو :

___________________________

=

ومنعته مما أراد ، وحكمته أيضاً إذا فوّضت إليه الحكم ، وفي حديث النخعي : حكّم اليتيم كما تحكّم ولدك ، أي : امنعه من الفساد ، وقيل : أي حكّمه في ماله إذا صلح لذلك ، وفي الحديث : إنّ في الشعر لحكمة ، أي : من الشعر كلاماً نافعاً يمنع عن الجهل والسفه وينهى عنهما ، والحكم : الحكمة ، ومنه : ( وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا [ ١٩ : ١٢ ] ) أي : الحكمة ، وقوله : ( فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا [ ٢٦ : ٢١ ] ) أي : حكمة ، والصمت : حكم . . . وقوله تعالى عن داود عليه السلام : ( وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ [ ٣٨ : ٢٠ ] ) قيل : هي الزبور ، وقيل : هي كلّ كلام وافق الحق ، والمحاكمة : المخاصمة إلى الحاكم ، من مغرب المطرزي ، وغريبي الهروي وصحاح الجوهري . منه رحمه الله » .

اُنظر : المغرب ١ : ١٣٣ حكم ، الصحاح ٥ : ١٩٠١ حكم .

(٧١) القواعد والفوائد ٢ : ١٧٠ .

(٧٢) كتاب التوحيد لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي ، شيخ الحفظة ووجه الطائفة المستحفظة ، ولد بدعاء مولانا صاحب الأمر روحي له الفداء ، وصفه الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف في التوقيع الخارج من الناحية المقدّسة بأنّه : فقيه خيِّر مبارك ينفع الله به ، فعمّت بركته ببركة الإمام وانتفع به الخاصّ والعامّ ، له عدة مصنفات ، منها : هذا الكتاب ـ التوحيد ـ توفي سنة ( ٣٨١ هـ ) بالري ، وقبره قرب قبر عبد العظيم الحسني معروف .

=

٤٠