وصف إفريقيا

ابن الوزّان الزيّاتي

وصف إفريقيا

المؤلف:

ابن الوزّان الزيّاتي


المترجم: د. عبدالرحمن حميدة
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة الأسرة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٧٥

اليد على أملاك الأفراد ، حتى إن هؤلاء الذين كان من المتوقع أن يكونوا أغنى الناس أصبحوا بالطبع افقرهم بسبب جور الملك. وهؤلاء الناس بطبيعتهم شجعان وأشداء. ويؤلفون حوالي اثنى عشر ألف مقاتل ولديهم أقل من ستين قرية ضخمة (٤٦٢).

بني احمد

يمتد هذا الجبل على طول مقداره ثمانية عشر ميلا في عرض يبلغ سبعة أميال (٤٦٣) وهو وعر جدا. وتظهر فيه بعض الغابات والكثير من الكروم والزيتون والتين ولكن ليس فيه سوى القليل من الأراضي الجيدة لزراعة الحبوب. وسكانه مرهقون بضرائب ملك فاس. ويجري حول الجبل وعلى سفوحه بعض الجداول الصغيرة وبعض الينابيع ، ولكن ماءها مر وعكر ورواسبه كلسية خالصة. ويصاب كل الناس هنا بتورم الغدة النكفية ، كما ذكرنا ذلك عند غيرهم. ويشرب كل الناس الخمر الصرف. ويحفظ هذا الخمر لمدة خمسة عشر عاما ، ولكنه يصنع بعد تخمير قليل. ويصنع كذلك نبيذ غير مخمر إطلاقا ، كما تصنع كمية كبيرة من الدبس المطبوخ الذي حفظ في جرار ضيقة القعر وعريضة الفوهة. ويعقد السوق مرة في الأسبوع ويباع فيه الخمر والزيت والزبيب الأحمر بكميات كبيرة. وهؤلاء الجبليون يعانون من فقر مدقع ويظهر هذا الفقر في كسائهم. وبينهم عداوات قديمة وهم شاكو السلاح على الدوام (٤٦٤)

جبل بني جنفن

يتاخم هذا الجبل الجبل السابق ويمتد على مسافة عشرة أميال (٤٦٥) ويجري بين

__________________

(٤٦٢) يقيم بنو ورياغل على الضفة اليمنى لنهر الورغة ولا يشكلون الآن اكثر من قبيلة صغيرة ، كانت دائما شجاعة حقا. وإلى هذه القبيلة ينتسب بطل الريف عبد الكريم الحظابي ، الذي حارب القوات الفرنسية والأسبانية بعد نهاية الحرب العالمية الأولى إلى أن انكسر سنة ١٩٢٦ فأخذ أسيرا إلى جزر الريئونيون في المحيط الهندي مع أسرته وشقيقه ، إلى أن استطاع الإفلات من الفرنسيين عند توقف باخرته في بور سعيد عام ١٩٤٧ والتجأ إلى الحكومة المصرية أيام الملك فاروق ، وتوفي في القاهرة في اوائل الستينات ولم ير وطنه مرة أخرى (المترجم).

(٤٦٣) ٢٩ كم في ١١ كم.

(٤٦٤) لا يزال بنو احمد ، الذين يسكنون شمال غرب بني زروال ، يحملون لقب السرّاق أي اللصوص.

(٤٦٥) ١٦ كم.

٣٤١

الجبلين نهر صغير. ولكن سكانه سكيرون والنبيذ هو معبودهم. ولا يجنى من هذا الجبل أي نوع من الحب ولكن تجنى كمية كبيرة جدا من العنب. وفيه الكثير من الماعز الذي يحتفظ به دوما في الأحراش. ولا يؤكل هنا أي لحم غير لحم التيس أو العنز. واستطيع أن أتكلم عن هذا الجبل لأنني كنت على علاقات مع هؤلاء الجبليين في أثناء فترة طويل من حياتي. وكان لوالدي بعض الأملاك في هذا الجبل ، ولكنه كان يعاني الكثير من المصاعب في استيفاء عوائد أراضية الزراعية وكرومه لأن هؤلاء الناس مماطلون جدا عند الأداء (٤٦٦).

جبل بني مسغلدة

يتاخم هذا الجبل الجبل السابق وكذلك نهر الورغة ، ويصنع كل سكانه الصابون لأنهم يستمدون من جبلهم الكثير من الزيت. ولكنهم لا يعرفون صناعة الصابون الصلب. وتمتد سهول فسيحة عند سفح الجبل هي في أيدي بعض العرب الذين يكونون في أغلب الأحيان بحالة حرب مع أهل الجبل. ويقسر الملك أولئك الجبليين على دفع ضرائب ضخمة ويجد دائما ذرائع جديدة لزيادتها.

ويوجد بينهم عدة علماء في الشريعة الاسلامية ولديهم طلاب كثر. وينجم عن وجود هؤلاء ضرر كبير لأهل هذه الجبال ولا سيما في الأماكن التي يستقبلون فيها بترحاب. فهم يعاقرون الخمر سرا ، ولكنهم يعظون الشعب بأن الخمر حرام ، ومن أجل ذلك لا يصدقهم أحد. ولا يفرض على أهل هذه البلاد ضرائب ثقيلة نظرا لأنهم هم الذين يقومون بأود معيشة العلماء والطلاب.

بني وامود

يتاخم هذا الجبل أراضي كورة فاس ، ولكن النهر يفصله عنها. ويمارس كل سكان هذا الجبل صناعة الصابون أيضا. ويقبض الملك من هذه الصناعة عوائد تبلغ ستة آلاف دينار. وليس في هذا الجبل أكثر من خمس وعشرين قرية. والأراضي الواقعة

__________________

(٤٦٦) لا يزال بنو جنفن ، واسمهم القديم بنو جنفل ، يؤلفون اليوم قبيلة صغيرة من الخماس المندمجين مع قبيلة بني جبارة الذين سبق أن ورد ذكرهم.

٣٤٢

على سفوحه أراض طيبة تكثر فيها الماشية ، ولكن لا يوجد فيها سوى القليل من الماء. وجميع السكان ميسورون. ويذهبون إلى فاس في اليوم الذي ينعقد فيه السوق ويبيعون فيها منتجاتهم بربح كبير. ولا ينبت في هذا الجبل شيء غير ضروري لحياة الانسان. ويبعد مسافة عشرة أميال (٤٦٧) عن فاس (٤٦٨).

غارت

المنطقة السادسة من مملكة فاس

لقد وصفنا منطقة الريف ، ومدنها ، وأكثر جبالها شهرة. وسنتابع بحثنا في غارت ، وهي سادس منطقة ، أو بشكل أصح ، سادس إقليم من مملكة فاس.

وتبدأ من نهر ميلولو (٤٦٩) غربا وتنتهي عند نهر الملوية شرقا. وتنتهي جنوبا عند جبال واقعة على تخوم بعض صحارى نوميديا. وتحاذي البحر المتوسط من الشمال ابتداء من نهر النكور حتى الملوية. وتمتد جنوبا من نهر مللولو (٤٧٠) حتى جوار جبال الحوز (٤٧١) في اتجاه الغرب حيث يهبط تخمها باتجاه البحر سالكا وادي النكور.

ويبلغ طول المنطقة حوالي خمسين ميلا مع عرض يقارب أربعين ميلا (٤٧٢). وهذه المنطقة قاسية جدا وشديدة الجفاف وتشبه صحارى نوميديا ، وهي كذلك قليلة السكان جدا ، لا سيما منذ أن اجتاح الأسبان المدن الرئيسية ، كما سأذكره لكم.

__________________

(٤٦٧) ١٦ كم.

(٤٦٨) لم تعد صنهاجة بني وامود موجودة بهذا الاسم. وبما أن المؤلف يذكرهم في أعقاب بني مسغيلده ويذكر انهم يعملون الصابون مثلهم ، فيمكن الظن بأنهم كانوا موجودين بجوارهم على الضفة اليمنى لنهر الورغة حيث توجد قبيلة ستّا الحالية. ولكن النهر كان سيفصلهم هنا عن الهبط وليس عن إقليم فاس. ومن ناحية أخرى ، ربما كانوا أبعد من ذلك بكثير عن هذه المدينة ، أي فاس ويؤيد هذا الاحتمال ما ذكره من أنهم يذهبون إلى فاس كل خميس (كل سوق) بأعداد كبيرة. ويقول مارمول (الذي يبدوانه عرفهم لأنه يحدد عددهم إذ يقول أنهم يقدمون أربعة آلاف محارب) ان المسافة التي تفصل النهاية الغربية من جبلهم عن فاس لا تزيد عن ثلاثة مراحل اسبانية أي اقل من ١٧ كم. إذن هو يحدد مكانهم بشمال شرق فاس حيث لا تزال توجد بضع قبائل صنهاجية. وربما كان النهر المقصود هو نهر ايناون رغم ان المسافة المذكورة تبدو صغيرة جدا ويمكن الافتراض أن بني وامود قد اندثروا لتحل محلهم قبيلة الهياينة.

(٤٦٩) سبق قلم وصوابه نهر النكور.

(٤٧٠) مقرن نهر ملّولو مع نهر الملوية.

(٤٧١) جبال الحوز وهي الكتلة الجبلية الواقعة الى الشرق من تازة.

(٤٧٢) ٨٠ كم على ٤٦ كم.

٣٤٣

مليّلة

مليلة مدينة كبيرة قديمة بناها الأفارقة في صدر خليج على البحر الأبيض المتوسط. ويسكنها حوالي ألفى أسرة. وقد كانت مدينة مزدهرة جدا ، لأنها كانت عاصمة منطقة ، وكانت تملك كورة كبيرة تنتج كمية كبيرة من الحديد ومن العسل ، ومن هذا جاء اسمها ملالة وهو اسم العسل باللغة الافريقية (٤٧٣).

وفي الماضي كان يصاد من الميناء نفسه محار اللؤلؤ ، وكانت «مليلة» حينا من الدهر خاضعة للقوط ، ولكن المسلمين افتتحوها بعدئذ وهرب القوط إلى غرناطة التي تقع على مسافة مائة ميل من هذه المدينة وهو عرض البحر في هذا المكان.

وقد أرسل ملك أسبانيا ، في الأزمنة الحديثة ، أسطولا لمحاصرتها. ولكن السكان كانوا على علم مسبق قبل أن يصل ، وطلبوا عون ملك فاس. وكان هذا في ذلك الوقت مشغولا بحرب ضد قبائل تامسنة. فأرسل كتيبة خفيفة. وهكذا خاف أهل مليلة الذين كانوا على معرفة صحيحة بأهمية الأسطول الأسباني ، خافوا من أن يعجزوا عن التصدي للهجوم ، فأخلوا المدينة وهربوا مع أرزاقهم إلى جبال بوتويّة. ولما رأى قائد ملك فاس ذلك ، أضرم النار في كل البيوت وأحرق المدينة ، لمعاقبة سكانها وللكيد ضد النصارى. وقد حدث هذا في عام ٨٩٦ هجرية (٤٧٤) ، ووصل الأسطول بعد هذا الحريق ، ولما رأى النصارى المدينة خاوية وقد التهمتها النيران ، أسقط في يدهم ، ولكنهم لم يحبّوا أن يتخلوا عنها بسبب ذلك ، فبنوا فيها حصنا ورمموا تدريجيا كل أسوارها. وهم اليوم أصحاب مليلة (٤٧٥).

__________________

(٤٧٣) يسمى العسل تامنت باللغة البربرية ، والصحيح ان مليلة تحريف عربي لكلمة تاميليلت ، ومعناها موقع على شكل درجات. وقد كانت المدينة مبنية بالفعل فوق نشز. صخري.

(٤٧٤) بين ١٤ / ١١ / ١٤٩٠ و ٣ / ١١ / ١٤٩١ م.

(٤٧٥) لم تسقط المدينة بيد الأسبان فعلا الا في عام ١٤٩٧ على يد قوات الدوق مدينا سيدونيا الذي سلمها للملك فرديناند سنة ١٥٠٦ «ولا زالت في يد هم منذ ذلك الحين حتى كتابة هذه السطور (المترجم)».

٣٤٤

غساسة

تبعد هذه المدينة مسافة عشرين ميلا عن السابقة (٤٧٦). وقد كانت حصينة جدا ومحاطة بأسوار متينة. ولهذه المدينة ميناء طيب. وكان من عادة سفن البنادقة أن تقصد هذه المدينة وتبرم صفقات تجارية هامة مع أهل فاس. وكانت هذه التجارة تدر كثيرا من الأرباح. وشاء سوء طالع هذه المدينة ان ملك فاس كان يواجه حينئذ في بداية حكمه مشكلات خطيرة مع أحد أبناء عمومته ، ومواجهته لهذه المشكلات قد قيدت حركته. وقد انتهز فرناندو ملك أسبانيا هذه الفرصة. فوضع مشروعا لاحتلال غساسة. وتم له الاستيلاء عليها بأيسر سبيل ، لأن ملك فاس ، وهو مشغول بمشكلاته السابق ذكرها ، لم يستطع أن ينجد المدينة ولأن سكانها هربوا قبل أن تسقط (٤٧٧).

تازوتة

تازوتة (٤٧٨) موقع في غارت يقع على مسافة خمسة عشر ميلا (٤٧٩) من غساسة في داخل الأراضي. وقد بنيت فوق بروز شديد الارتفاع ، ولها درب صغير يؤدي إليها يلتف حول التل. ولا يتوافر في داخل المدينة أي ماء إلا ماء الصهاريج ، وكان مؤسسو تازوته من أسرة بني مرين قبل أن يصبحوا ملوك البلاد وكانوا يحفظون فيها حبوبهم وأملاكهم وبذلك كانوا يستطيعون النجعة خلال الصحارى بكل طمأنينة ، إذ لم يكن في ذلك العصر قبائل من العرب في إقليم غارت. ولكن ما ان استلم بنو مرين مقاليد الحكم حتى تركوا منطقة غارت لبعض جيرانهم واهتموا بالأقاليم الأكثر أهمية ، إلى أن حمل يوسف بن يعقوب بجيوشه على ملك تلمسان. ولما أصبح عديم الحركة في

__________________

(٤٧٦) تعطي النصوص العربية هذه البلدة اسم غساسه ، وهي اسم قبيلة قديمة ، واسم الكدية البيضاء ، اي التل الابيض ، ومنها جاء اسماها الأسبانيان كساسة وألوديا. ولا يزال الساحل يحمل اسم إيغاساسة ، وترى حتى اليوم بقايا المدينة على الساحل الغربي من شبه جزيرة الشوكات الثلاث ، اوتريس فوركاس ، بالاسبانية ، على مسافة عشرة اميال غرب مليلة.

(٤٧٧) حدث سقوط غساسة في عام ١٤٩٧ م في نفس الوقت الذي سقطت فيه مليلة. وليس من المستحيل ان يعود سقوطها لتاريخ ١٥٠٤ اي في الوقت الذي كان فيه ابو عبد الله محمد يحاصر عمه مولاي زيان في مكناس.

(٤٧٨) اسم بربري معناه هضبة.

(٤٧٩) ٢٣ كم.

٣٤٥

في هذه الحرب بسبب حصار تلمسان ، ثار عليه أمير تازوته وجمع قواته كي يستولي على بعض مملتكات الملك. فقام هذا بتعبئة جيش أرسله بقيادة أحد أخوته لمحاربة المتمرد. فاتجه الجيش إلى تازوته وحاصرها خلال شهرين ، وسقطت المدينة ثم خربت بأمر ملك فاس ، وظلت أطلالا إلى أن سقطت غساسة بأيدي الاسبان (٤٨٠). وعند ما سقطت غساسة تحت سلطة النصارى (٤٨١) طلب أحد قواد ملك فاس ، وهو غرناطي الأصل ، وعلى قدر كبير من البسالة ، طلب السماح له بإعادة بناء غساسة. وفي الوقت الحاضر يشّن نصارى غساسة ومسلمو تازوتة حربا مستمرة بعضهم على بعض في صورة غارات ، خسائرها دوارة بينهم فتارة تصيب هؤلاء وتارة اخرى تصيب أولئك.

مدينة آمجّاو

آمجّاو مدينة صغيرة (٤٨٢) قابعة فوق جبل عال على مسافة عشرة أميال تقريبا (٤٨٣) إلى الغرب من تازوته. وقد بناها الأفارقة على مسافة ستة أميال (٤٨٤) من الساحل. وسكانها نبلاء كرام. ويقع في أسفل الجبل ، الذي قامت فوقه المدينة ، سهل ينتج القمح. وفي جميع الجبال المجاورة مناجم حديد ، ويسكن المشتغلون بشئون هذه المناجم كثيرا من الدساكر والقرى في هذه المنطقة.

وقد آلت إمارة هذه المدينة ليد فارس شاب مقدام يمت بصلة النسب إلى أسرة الموحدين الملوكية. وكان والد هذا الشاب رجلا فقيرا جدا يعمل في حياكة الكتان ، وهي مهنة تعلّمها ابنه. ولكن هذا الشاب ، الذي كان يحسّ بسموّ نفسه ، وكان يعرف نبل أجداده ، ترك أقمشته ، وقصد بادس وانخرط لدى أميرها موسيقيا في بلاطه. وفي هذه الأثناء أراد أمير تازوته أن يشن غارة ضد النصارى وطلب من أمير بادس نجدة قوامها بضعة فرسان ، ولكن هذا منحه ثلاثمائة ، كان منهم الشاب النبيل. وقد برهن

__________________

(٤٨٠) لقد انتزع بنو وطاس مدينة تازوتة في شهراب (اغسطس) ١٢٩٢ م في عهد ابي يعقوب يوسف الناصر وقاموا بنهبها. ثم استرّدها السلطان نفسه بعد محاصرتها ، فتخربت قصبتها. أما حصار تلمسان فلم يحدث الا في وقت متأخر ، اي بين ٥ أيار (مايو) ١٢٩٩ و ١٠ أيار (مايو) ١٣٠٧ م.

(٤٨١) في سنة ١٥٠٤ م.

(٤٨٢) آمجّاو مدينة اندثرت من منطقة قبيلة آمجّاو الذين يشغلون ساحل البحر المتوسط غرب مصب وادي كرت.

(٤٨٣) ١٦ كم.

(٤٨٤) ١٠ كم.

٣٤٦

صاحبنا في هذه الموقعة وفي غيرها على شجاعة بالغة وارادة لا تلين ، غير أن الأمير لم يقدره حق قدره. ولم يعرف له إلا قيمته في فن الموسيقى. وقد تألم الشاب من هذا الوضع ، فترك الأمير ، واستدعى بعض أصدقائه ، وهم فرسان من غارت ، ودبر معهم خطة للاستيلاء على حصن آمجاو. وتم له ما أراد. وظل معه خمسون فارسا ، كان ينفق عليهم عدد من الجبليين من أصدقائهم معتمدين على مواردهم الشخصية. وحينئذ أرسل أمير بادس ثلاثمائة فارس وألفا من المشاة كي يطردوه من الحصن ، ولكن هذا اليافع النبيل هزمهم مع بضعة من رجاله. فازدادت شهرته ، إلى أن أقرّه ملك فاس في قيادته ومنحه دخلا من الخزينة الملكية ، وهو الدخل الذي كان من عادته دفعه لأمراء بادس لحماية المملكة ضد الأسبان. وتعلّم المسلمون من هذا الرجل كيف يدافعون عن أنفسهم ، مما جعل ملك فاس يضاعف مخصصاته. ويقود هذا الزعيم مائتي فارس يعادلون أكثر من الفين من قوات الأمراء المجاورين لهذه المنطقة.

جبل كبدانة (٤٨٥)

يمتد هذا الجبل من غساسه حتى نهر الملوية باتجاه الشرق ومن البحر المتوسط حتى صحراء غارت نحو الجنوب. وكان معمورا بكثير من الرجال الأغنياء البواسل. وينتج الكثير من العسل والشعير وكمية كبيرة من الماشية ، لأن أرضه طيبة ولأن كل المناطق المجاورة في داخل الاراضي هي عبارة عن مراع فسيحة. ولكن عند ما سقطت غساسه بأيدي الأسبان ، لم يستطع هؤلاء الجبليون أن يثبتوا في بلادهم لأن قراهم كانت مفرطة في تباعدها بعضها عن بعض وشديدة الانقسام بعضها على بعض. فهجروها وأحرقوا بيوتهم بأيديهم كي يسكنوا جبالا أخرى ، مع أمتعتهم.

جبل بني سعيد

يمتد هذا الجبل من غساسه حتى نهر النكور غربا ، أي على مسافة أربعة وعشرين ميلا تقريبا (٤٨٦). وتتقاسمه بضع قبائل ، وكلها في رخاء ، وتتألف من رجال

__________________

(٤٨٥) أو ايكبدانن

(٤٨٦) ٥ ، ٣٨ كم ، وهي المسافة بين وادي كرت في الشرق ووادي نهر آمكران في الغرب.

٣٤٧

بواسل وفي قمة الكرم ، حتى أن التجار والمسافرين الذين يقصدون هذا الجبل. يستضيفهم أهله فلا ينفقون شيئا من أموالهم. وتستخرج من الأرض كمية كبيرة من الحديد ، وينبت هنا الكثير من الشعير. وماشيتها وفيرة بسبب وجود السهل الكبير الذي يستغله أهل المنطقة ، وهو سهل لا يشكو أبدا من شح الماء. ولا يدفع السكان أية ضريبة. ولكل من رؤساء المشتغلين في شئون المنجم بيته بجوار المنجم مع ماشيته ومصنعه الذي يصفّي فيه الحديد. وينقل التجار هذا الحديد إلى فاس على شكل سبائك لأن عمال المناجم لا يعرفون كيفية تحويلها إلى قضبان. وما لا يمكن بيعه يستخدم لصناعة أدوات من نوع الفؤوس والبلطات والمناجل ، وكذلك لصناعة الأسلحة التي يحتاج إليها هؤلاء الفلاحون ، إذ لا يمكن استخلاص الفولاذ من هذا النوع من الحديد.

جبل أزجنجان

يتاخم هذا الجبل أراضي غساسة من الجنوب. وهو مأهول جدا برجال بواسل ميسورين ، لأنه لا يقل إنتاجية عن الجبال السابقة ، وله مزية إضافية وهي أن صحراء غارت تقع فى سفحه ، حتى إن سكان هذه الصحراء يقومون بتجارة كبيرة مع هؤلاء الجبليين. وقد ظل جبل أزجنجان مهجورا أيضا من سكانه في أعقاب سقوط غساسه (٤٨٧).

جبل بني توزين

يتاخم هذا الجبل الجبل السابق من الجنوب الغربي. ويمتد على مسافة عشرة أميال بين صحراء غارت (٤٨٨) ونهر النكور (٤٨٩). ويبلغ طول هذه الكتلة الجبلية ستة عشر ميلا (٤٩٠) ويحاط بسهول من جانب واحد (٤٩١). وسكانه أحرار ويزرعون أرضهم

__________________

(٤٨٧) يقع جبل أزجنجان مباشرة جنوب تازوته ، وعلى مسافة ٢٧ كم من مليلة.

(٤٨٨) من الشرق.

(٤٨٩) من الغرب.

(٤٩٠) ٢٥ كم.

(٤٩١) من الشرق.

٣٤٨

بدون أن يدفعوا أية ضريبة ، لا لقائد تازوته ولا لأمير آمجّاو ، ولا لأمير بادس ، لأن لديهم من الفرسان ضغف ما لدى الأمراء الثلاثة مجتمعين. ومن جهة أخرى لهم دالّة على أمير آمجّاو لأنهم ساعدوه في تقلد إمارته. كما يراعيهم ملك فاس أيضا ، لأن هؤلاء كانوا أصدقاء قدامى لأسرته قبل أن تصبح أسرة مالكة. ولهذا السبب استطاع أحد هؤلاء الجبليين ، وهو رجل مثقف ، وذو مكانة كبيرة ، وكان يشغل وظيفة محام في فاس ، استطاع أن يصون حرية مواطنيه ، وكثيرا ما كان يذكّر الملك بفضائل أجداده. وقد كانت هذه الصداقة مع بني مرين أكبر من ذلك أيضا بالنسبة لما كانت عليه من غابر الزمن ، لأن أم أبي سعيد ، وهو ثالث ملك من هذه الأسرة ، كانت ابنة وجيه كبير في هذا الجبل (٤٩٢).

جبل وردان

يتاخم هذا الجبل الجبل السابق من الشمال. ويمتد على طول يبلغ اثنى عشر ميلا باتجاه البحر المتوسط ، وعلى عرض ثمانية أميال (٤٩٣) حتى نهر النكور. وسكانه رجال أولو بأس وأغنياء كالسابقين. ويعقدون يوم السبت سوقا كبيرة على ضفة نهر صغير ، يتلاقى فيه القسم الأعظم من فلاحي غارت. ويأتي الكثيرون من باعة الحديد ايضا (٤٩٤) وتتم المبادلات التجارية حول أجهزة الخيل والزيت الذي يقايضونه مقابل الحديد ، لأن بلاد غارت لا تنتج الكثير من الزيتون. ولا يخطر ببال أحد هنا أن يصنع الخمر لأن السكان لا يتعاطونه بالرغم من جوارهم للريف حيث يعاقر السكان الخمر. وقد ظل سكان الجبل حينا من الدهر أتباعا لأمير بادس. ولكنهم حصلوا من ملك فاس ، أن يتنازل عن الضريبة إكراما لعالم داعية من أهل هذا الجبل. ولكن يقدم هذا الجبل للملك في كل عام مبلغا من المال ومن الخيول ومن العبيد (٤٩٥) ولكنهم لم يقبلوا أبدا أن يكونوا أتباعا لأمير بادس.

__________________

(٤٩٢) ولد أبو سعيد في ٩ تشرين الأول (اكتوبر) ١٢٧٩ م ونودي به ملكا في ٢٥ تشرين الثاني (نوفمبر) ١٣١٠ م وكانت امه عائشة ابنة أمير من عرب الخلوط.

(٤٩٣) ٢٠ كم في ١٢ كم.

(٤٩٤) وربما كان المقصود بذلك سوق السبت الحالي في بلاد تمسمان وهم الذين حلوا مكان الوردان على ضفة واد آمكران.

(٤٩٥) أو الهدية.

٣٤٩

صحراء غارت

تنقسم منطقة غارت إلى ثلاثة أجزاء : الأول يضم المدن وكورها ، والثاني الجبال التي أتينا على ذكرها ، والتي يحمل سكانها إجمالا اسم البطيّة ؛ والجزء الثالث هو الصحراء. وتبدأ هذه في الشمال عند البحر المتوسط وتمتد جنوبا حتى صحراء منطقة الحوز. وتتاخم من الغرب الجبال التي تكلمنا عنها قبل قليل ، وتنتهي من الشرق على نهر الملوية. ويبلغ طولها ستين ميلا وثلاثين ميلا عرضا (٤٩٦). وهي جافة وكالحة برمتها ، ولا يعثر فيها على الماء إلا في نهر الملوية. ويعيش في هذه الصحراء عدد كبير من الحيوانات التي لا يوجد مثلها إلا في صحراء ليبيا التي تتاخم نوميديا. ومن عادة الكثير من العرب الاقامة فيها صيفا قرب الملوية. وفيها أيضا قبيلة تدعى البطالسة (٤٩٧) ، وهي قبيلة شرسة ، تملك عددا عظيما من الخيل والأغنام والإبل. وكثيرا ما يكون هؤلاء الرعاة في حالة احتراب مع عرب الجوار.

__________________

(٤٩٦) حوالي ١٠٠ كم في ٥٠ كم.

(٤٩٧) أو المطالسة الحاليين.

٣٥٠

الحوز

المنطقة السابعة في مملكة فاس

الحوز منطقة تشغل نحو ثلثي مملكة فاس. فهي تمتد فعلا من نهر زاع شرقا حتى نهاية نهر تيجريفه (٤٩٨) غربا ، وهذا يمثل مسافة قدرها مائة وتسعون ميلا ، تمتد عرضا على مائة وأربعين ميلا وأكثر (٤٩٩) ، لأن سائر عرض جبال الأطلس المقابل لموريتانيا يقع في هذه المنطقة. ويشتمل الحوز كذلك على قسم هام من السهول والجبال المتاخمة لليبيا (٥٠٠). وفي الزمن الذي احتل فيه موريتانيا الامير عبد الحق ، وهو أول أمير من أسرة بني مرين ، في هذا الزمن نفسه استولى كذلك على المناطق المجاورة ، ووزع أراضيها بين أفخاذ قبيلته وبين أولاده الأربعة. وكان الأول يدعى ابا بكر ، والثاني أبا اسحق ، والثالث أبا سعيد ، والرابع يعقوب. وقد نودي بالأخير ملكا لأنه هو الذي طرد أسرة الموحدين وقضى عليها. وكانت حينئذ الأسرة المالكة في مدينة مراكش. وقد مات أسلافه قبل أن يحتلوا مراكش ولهذا لم يمنحوا لقب ملك (٥٠١).

وهكذا أقطعت هذه المناطق الأربعة إلى أولاد عبد الحق. أما المناطق التي بقيت

__________________

(٤٩٨) عند مقرن واد تيجريفة بوادي بهت.

(٤٩٩) أي حوالي ٣٠٠ كم في ٢٢٥ كم.

(٥٠٠) تعني كلمة الحوز في لغة أهل المغرب ، الضواحي ، أو كورة مدينة ، وهكذا يقال حوزسلا ، وحوز تطوان ، الخ. واذا استعملت وحدها فإن هذه الكلمة تعني ، كما كانت تعني سابقا ، في عصر المؤلف ، حوز مراكش. ولا نزال نجهل المصدر الذي استطاع منه المؤلف ان يستمد اسم وحدود هذه المنطقة. وقد عرف مارمول ، الذي تكلم عن حوز مراكش ، عرف هذه المنطقة بعد الحسن الوزان بخمسين عاما ، وكان يعرف العربية الدارجة ، ولكنه لم يفهم معنى كلمة حوز ، فنقلها كوزت ، ظنا منه انها كلمة بربرية.

(٥٠١) كان هذا على ما نظن في آذار (مارس) ١٢١٧ م حيث قدم أبو محمد عبد الحق بن محيو ؛ امير بني مرين ، من الجنوب كما كان يفعل في كل سنة ، قدم مع قبيلته الى منطقة جرسيف ومنطقة غارت لقضاء الصيف ، واتجه نحو الغرب ، ونفذ الى أراضي الموحدين مندفعا للاستيلاء على المناطق الغربية الخصيبة. وبعد ان حقق بعض الانتصارات قتل في ٢٤ أيلول (سبتمبر) من نفس العام دون أن ينجز اي تقسيم للأراضي المستولى عليها. وقد خلفه أبناؤه بوصفهم أمراء اسرة بني مرين حسب الترتيب التالي : ابو سعيد عثمان الذي مات في نهاية تموز (يونيه) ١٢٤٠ م ؛ ابو معرف محمد وتوفي في ١٣ تشرين الأول (اكتوبر) ١٢٤١ م ؛ ابو يحيى ابو بكر وتوفي في ٤ تموز (يونيه) ١٢٤٠ م. وقد توسعوا كثيرا في فتوحاتهم مع تقلبات بين نجاح وفشل. وأخيرا وصل اصغر أبنائه وهو ابو يوسف يعقوب الى السلطة بتاريخ ٣٠ تموز (يونيه) ١٢٥٨ ونادى بنفسه ملكا. اما تقسيم قيادة الاقاليم فقد تم على يد الامير ابي يحيى ابي بكر بعد تسلمه مقاليد الملك عام ١٢٤٤ م.

٣٥١

للتوزيع ، فقد قسمت إلى سبع حصص منحت الى الفروع الأربعة من بني مرين وإلى عشيرتين من أقاربهم ومجاورين لهم. وقد نتج عن ذلك أن اعتبرت منطقة الحوز مكافئة للمناطق الثلاث ، لان المشتركين في هذا التوزيع كانوا عشرة والمناطق الخاضعة للتقسيم كانت سبعا. وكان الأمير عبد الحق أول من قام بتقسيم هذه المناطق إلى نفس العدد من الأجزاء (٥٠٢) وهو الذي اعتبر ان الحوز هو الجزء الرئيسي ، كما سنرى عند الوصف مدينة فمدينة ، وجبلا فجبلا ، وموقعا فموقعا.

تاوريريت

وهي مدينة قديمة بناها الأفارقة فوق نهر مرتفع على نهر زاع. وتوجد حولها أراض طيبة للزراعة ولكنها لا تمتد لبعيد ، لأنها تحاذي صحراء كالحة جافة. وتتاخم هذه الصحراء من الشمال صحراء غارت ومن الجنوب صحراء الضهره ، ومن الشرق صحراء أنجاد ، وحيث تبدأ مملكة تلمسان في الغرب ومملكة تفراطه التي تتاخم مدينة تازه. وقد كانت تاوريرت مدينة مطمئنة عديدة السكان تضم ثلاثة آلاف أسرة. وتحوي عدة قصور جميلة وجوامع مشيدة بالحجر الكلسي ، ولكن بعد ان احتل بنو مرين مملكة المغرب ، صارت هذه المدينة موضع نزاع وأصبحت هدفا لحروب عديدة.

وقد رغب الملوك المرينيون أن تكون تابعة لمملكة فاس بينما كان ملوك بني زيان (٥٠٣) ، ملوك تلمسان ، يودون ان تكون جزءا من دولتهم. ونتج عن ذلك أن خضعت تاوريرت للمرينيين الذين احتلوها وخرّبوا جزءا كبيرا منها ، وهو الذي كان يسكنه خصومهم. وبعد أن انهمك المرينيون في مشاكل الحرب ضد مراكش ، وهي مشاكل كانت تحتل الصدارة من حيث أهميتها ، لم يتمكنوا من الاهتمام بتاوريرت مما أغرى ملك تلمسان على العمل على استردادها ، وقد تمت له السيطرة فخربها ونهب الشطر الذي كان يشغله اعداؤه في المدينة. وما أن فرغ الملك المريني يعقوب من احتلال مراكش (٥٠٤) حتى عاد مسرعا واسترد هذه المدينة ثم استردها بعد ذلك ملك

__________________

(٥٠٢) ليس من المؤكد ان الأمير أبا محمد عبد الله محمد عبد الحق قد فكر ، منذ انطلاقه لفتح البلاد ، في مثل هذا التقسيم لأن لتقسيم الأراضي اهمية قصوى بالنسبة للقبائل البدوية.

(٥٠٣) أو الزيانيين او بني عبد الواد.

(٥٠٤) دخل ابو يوسف يعقوب بن عبد الحق مراكش بتاريخ ٩ ايلول (سبتمبر) ١٢٦٩ م.

٣٥٢

تلمسان ، وظلت هذه المدينة دولة بينهما عدة مرات ، حتى لقد تعاقبا عليها عشر مرات في مدة خمسين سنة. وانتهى بها الأمر بأن أصبحت خرابا وهجرت في آخر حرب وهي التي وقعت في عام ٧٨٠ هجرية (٥٠٥) والتي شنها أحمد ، الملك الحادي عشر من ملوك فاس (٥٠٦). وبعد ذلك أعطيت تاوريرت إقطاعية لزعيم عربي. ولما رأى سكانها ، الذين أتلفت أرزاقهم بسبب تلك الحروب أنهم أصبحوا في أيدي العرب وتحت قيادتهم ، هربوا في إحدى الليالي إلى ندرومه ، وكانت مدينة تابعة لملك تلسمان ، وظلت تاوريرت خاوية على عروشها وخربة كما ترى حاليا. ولا زالت أسوارها وأبراجها وبيوتها في حالة طيبة وسليمة حتى الآن ، إذ لم يتهدم منها غير سقوفها (٥٠٧).

حداجيّة

حداجية مدينة صغيرة بناها الأفارقة فوق موقع يشبه الجزيرة ، إذ يصب بجوارها نهر ملّلولو في نهر الملوية (٥٠٨). وكانت في الماضي مدينة مأهولة ومطمئنة. ولكن بعد أن احتل العرب المغرب (٥٠٩) أخذت في الانحطاط وخاصة لمجاورتها صحراء الضهره حيث تعيش قبائل عربية شريرة. وقد تخربت تماما على أثر دمار تاوريرت (٥١٠) ولم يبق منها شيء سوى الأسوار التي لا تزال ماثلة إلى اليوم.

جرسيف

هو قصر قديم جدا شيد فوق جرف قرب نهر الملوية على مسافة خمسة وعشرين

__________________

(٥٠٥) سنة ١٢٧٨ م.

(٥٠٦) ابو عباس احمد السلطان المريني الخامس عشر.

(٥٠٧) في عام ١٣٧٨ ثار عرب المنطقة من معقل بتحريض من ابن غازي ، وهو وزير سابق كان سجينا في غساسة ، واعترفوا بأمير مريني مزيف ونصبوه سلطانا. فجاء ابو العباس بنفسه لإعادة النظام مع قواته ، ففر العرب وعوقب المذنبون منهم.

(٥٠٨) لا يزال اسم هذا الموقع ومكانه الصحيح مجهولين. ولكن يلاحظ ارضا صغيرة على الضفة اليسرى لهذا النهر لا تزال تحمل اسم الجزيرة ، وهي الواقعة ضمن الزاوية التي يؤلفها هذا الرافد اي نهر مللولو مع النهر الرئيسي اي الملوية.

(٥٠٩) او المغرب الحالي حيث يبدو ان العرب تكاثروا في هذه المنطقة بعد ان كان المرينيون سادتها ، ومن ثم غادروها كي يفتحوا المناطق الخصيبة في الغرب ، وذلك في بداية القرن الثالث عشر الميلادي.

(٥١٠) في عام ١٣٧٨ م.

٣٥٣

ميلا تقريبا من تاوريرت (٥١١). وقد كان هذا القصر قلعة بني مرين. وهنا كانت هذه القبيلة تحفظ غلالها في العصر الذي كانت تسكن في أثنائه الصحراء (٥١٢). وقد تحولت إلى إمارة على يد أبي عنان ، خامس ملك من أسرة المرينيين (٥١٣) في هذا السهل المحيط بهذا القصر. ولا يوجد سوى القليل من الأراضي الصالحة للزراعة. فلا يرى فيه سوى بضع حدائق صغيرة مزروعة بالكروم والدراق والتين. ونظرا لوقوع هذا القصر في قلب الصحراء ، فإن هذه الحدائق تظهر في هذا المكان وكأنها جنة آدم.

وسكان جرسيف أجلاف يفتقرون لأبسط مبادىء التربية. عملهم الوحيد هو حراسة الحب المخزون في القصر لحساب سادتهم العرب. ومنظر المدينة ، كما يتراىء من خارج القصر ، منظر شنيع. حتى ليخيل للناظر انها عشش محروقة ، ذات جدران متهدمة سوداء ؛ ومساكن مسقوفة بحجارة سوداء.

مدينة دبدو

دبدو مدينة قديمة بناها الأفارقة فوق سفح جبل عال منيع جدا بتحصيناته الطبيعية. ويسكن المدينة فرع من قوم زناته. وتنحدر من سفوح الجبل بضعة جداول تخترق دبدو. وتقع المدينة على مسافة خمسة اميال (٥١٤) من السهل ، ولكن لا يعتقد انها تبعد اكثر من ميل ونصف الميل عندما ينظر اليها من حضيض الجبل. ويمتد الدرب المؤدي إليها بمنعطفات عديدة يجب أجتيازها على خاصرة الجبل حتى يمكن الوصول اليها. وتقع كل الأراضي المزروعة فوق المرتفعات ، لأن السهل المحيط بالبلدة قاحل تماما. وهناك بعض مزارع الأشجار الصغيرة على ضفاف جدول يجري في سفح الجبل ، غير ان المزروعات القائمة فوق المرتفعات لا تكفي لسد نصف معيشة سكان المدينة ، ولهذا يجلب اليها القمح من كورة تازة.

وقد بنيت دبدو لتكون قلعة لفخذ من قبيلة بني مرين على أثر تقسيم مناطق الغرب على يد عبد الحق وكانت المنطقة التي تقع فيها دبدو من نصيب قبيلة تدعى بني

__________________

(٥١١) ٤٠ كم.

(٥١٢) قبل ١٢١٧ م.

(٥١٣) ابو عنان فارس. سابع سلطان مريني بين ١٣٤٨ و ١٣٥٨ م.

(٥١٤) ٨ كم.

٣٥٤

ورتاجّن التي لا تزال تملك المدينة في الوقت الحاضر.

وعندما فقدت أسرة بني مرين مملكة فاس حاول العرب المجاورون انتزاع إمارة دبدو من بني ورتاجّن. ولكن هؤلاء دافعوا عنها ببسالة بفضل معونة شخص يدعى موسى بن حمّو ، وهو من أعضاء هذه القبيلة. واضطر العرب لعقد هدنة معه. وظل موسى أميرا على المدينة بقية حياته ، وخلفه من بعده ابن له يدعى أحمد كان يشابه أباه من جميع الوجوه. وخلف احمد هذا ابنه محمد الذي كان من افذاذ رجال الحرب المبرزين.

فقد احتل قبل تسلمه السلطة بضع مدن وقصور عند سفح جبال الأطلس ، نحو الجنوب ، على تخوم نوميديا. ولما تسنّم قيادة دبدو ، جمّل هذه المدينة ببضعة أبنية ووصل بها إلى مستوى عال من الازدهار. وقد برهن على كثير من الأريحية وفرط البشاشة تجاه الغرباء وتجاه الذين كانوا يمرون بهذه المدينة ، وعاملهم بحفاوة بالغة ، وغمرهم بإحسانه ، واحتمل عنهم نفقات إقامتهم ، حتى شاع صيته بين العديد من القبائل.

وقد أشار عليه أناس كثيرون بانتزاع تازه من يدي ملك فاس ، ووعدوه أن يقدموا له كل ما هو بحاجة اليه من معونة لتحقيق ذلك. وتم حبك المؤامرة التالية : «تخفى الأمير محمد هذا في زي رجل جبلي وشخص يوما ما إلى سوق تازه ، كأنه شخص عادي يرغب في شراء ما يحتاج اليه من هذه السوق ، وكان المؤتمرون على موعد معه بالالتقاء به لتنفيذ مؤامرتهم ، وانقضوا بغتة على حاكم تازه. وكان النجاح ميسرا ، لأن السكان كانوا مهيئين لقبول هذا الوضع الجديد ، ولكن المؤامرة افتضحت قبل أن تتم فصولها ، وبادر ملك فاس ، وكان حينئذ محمد الشيخ ، والد الملك الحالي ، إلى السير لاحتلال دبدو مع أكبر قدر من الجيوش التي استطاع تعبئتها. وحينما وصل الى سفح الجبل أمر قواته باتخاذ أهبة الهجوم. ولكن الجبليين الذين كان عددهم ستة آلاف تجمعوا بمهارة ، وتركوا قسما من القوات الملكية تمر في دروب الجبل المتعرجة الضيقة التي يتعسر الخروج منها. وحينما وصلت هذه القوات الى حيث أراد الجبليون أن تصل ، انقضوا عليها ، وكانوا هم في أحسن حال من الراحة والنشاط ، بينما كانت القوات الملكية مرهقة مكدودة ، وكانت الطريق ضيقة عسيرة. فعجز جنود الملك عن تحمل المباغتة ، واضطروا إلى التخلي عن المعركة ، وفروا لا يلوون على شيء ، فكانوا يتدافعون بالمناكب حتى إن الواحد منهم كان يحول في فراره دون تراجع الآخر ، وحتى

٣٥٥

إن أكثر من ألف رجل منهم دقت أعناقهم ، بينما سقط أكثر من ثلاثة آلاف قتيل.

ولكن الملك لم يقبل التخلي عن مشروعه في أعقاب هذا الفشل. ولما كانت تحت إمرته خمسمائة من قاذفي السهام ، وثمانمائة من رجال المدفعية الخفيفة فقد قرر الهجوم العام على المدينة. وأدرك محمد عندئذ أنه لن يستطيع الدفاع عن نفسه ، وفكر في تسليم نفسه بين يدي الملك. فلبس كساء رسول وتقدم لخيمة الملك كي يسلمه رسالة كتبها بيده ، باسم أمير دبدو ، وكان هو أمير دبدو نفسه. ولم يكن كلاهما يعرف الآخر. وأخذ الملك يقرأ الخطاب ويسأل الرسول عن رأيه في أميره فأجابه هذا :

ـ اعتقد أن أميري مجنون ، ولكن لدى الشيطان القدرة على إغواء الكبار وصغار المجانين على السواء.

فصرخ الملك قائلا :

ـ والله! إذا سقط بيدي كما أرجو فسأسلخ جلد ظهره وأقطعه إربا إربا وهو حي.

فأجاب الرسول :

ـ ولكن إذا سجد عند قدمي سموك وطلب الصفح عن خطيئته طالبا عفوك فكيف تعامله؟

عندها رد عليه الملك :

ـ في مثل هذه الحالة أحلف برأسي ، إذا برهن بهذه الطريقة عن خطئه في تجرئه وندمه على ما فرط منه فلن أسامحه فحسب بل سأربطه معي بوشائج القربى ، فأعطي اثنتين من كريماتي لاثنين من أبنائه ، وأقره على قيادته ، وأمنحه كذلك ما أراه كفاء لمقامه من عطاء. ولكن لا أخاله فاعلا ذلك ما دام مجنونا.

ورد الرسول :

ـ سيفعل ذلك بالتأكيد إذا أكد سموكم وعده بحضور الشخصيات الرئيسية في حاشيته.

فقال الملك :

ـ أظن انه يكفي أربعة أشخاص حاضرين هنا : فهذا كاتبي الأول ، والثاني

٣٥٦

قائدي العام ؛ والثالث والد زوجتي. وهذا الكهل الطيب هو قاضي القضاة وإمام فاس الأكبر.

وعند سماعه هذه الكلمات ارتمى الرجل على قدمي الملك قائلا :

ـ هذا هو المذنب الذي لا ملجأ له إلا إليك جاء عائذا بحنانك.

عندئذ أصيب الملك والحاضرون بالذهول ، وقال الملك : عجبا! إذن لست مجنونا كما كنت أظن؟

فقام وعانقه وقبله كي يشهد على قبوله قريبا له واستدعى حالا اثنتين من بناته وزوجهما لولديه. وتناولا العشاء في المساء سوية ، وفي اليوم التالي رفع الملك معسكره وعاد الى فاس مع صهريه ، ولدي أمير دبدو.

وعانت قوات فاس مصاعب لا حد لها في هذه الحملة لأنها حدثت في شهري حزيران وتموز (يونيه ويوليو) لأن هذه البلاد حارة وجافة وخاصة في هذين الشهرين. وعلى مسافة ثمانين ميلا (٥١٥) بين دبدو وتازة لا يتوافر الماء الا في ثلاثة مخيمات.

وهكذا حاول جاهدا ان يذهب بسرعة كي يجتاز هذه المناطق الحارة وسقط الكثيرون صرعى بضربة الشمس سواء في الذهاب او العودة. وحدث هذا عام ٩٠٤ للهجرة (٥١٦). وكان هذا الشيخ الأمير على قيد الحياة سنة ٩٢١ ه‍ حينما خرجت من فاس. وقد نزلت عنده في دبدو ولقيت منه كل رعاية بفضل رسائل التوصية التي كنت أحملها من الملك ، ومن أحد إخوته الذي كان متزوجا من إحدى بنات هذا الشيخ الأمير. وبقيت فيها يومين وسألني بشكل خاص عن بلاط ملك فاس وعن إخوته.

مدينة تازه

تازه مدينة كبيرة لا يقل شرفها عن قوتها ، وتعيش في رخاء ، فوق أرض خصيبة. وقد بناها قدامى الأفارقة على مسافة خمسة أميال من جبال الأطلس (٥١٧).

__________________

(٥١٥) ١٢٨ كم.

(٥١٦) ١٤٩٩ م.

(٥١٧) ٨ كم.

٣٥٧

وتقع على مسافة ثمانين ميلا من فاس ، ومائتين وخمسين ميلا من المحيط وخمسة وسبعين ميلا من البحر المتوسط مرورا بصحراء غارت عند الذهاب في اتجاه كساسه (٥١٨). وتضم هذه المدينة حوالي خمسة آلاف أسرة. ولكن ليس فيها بيوت جميلة ، باستثناء قصور الأشراف ، والمدارس والجوامع المبنية بجدران غاية في الاتقان. وينحدر من الاطلس نهر صغير يمر من المدينة مخترقا الجامع الكبير. وكثيرا ما يتعرض هذا النهر للتحويل على أيدي الجبليين عندما يكونون على خلاف مع أهل المدينة. فيجعلونه يمر من مكان آخر ، مما يجعل المدينة تتعرض لأذى كبير ، إذ لا يمكن حينئذ طحن الحب ، ولا الحصول على ماء طيب للشرب ، ويضطر أهلها إلى الاكتفاء بماء الصهاريج العكر. وعندما يستتب السلام يعيد الجبليون الماء الى مجراه الأصلي.

وهذه المدينة هي الثالثة في المملكة من حيث المكانة وكذلك من حيث الحضارة. وفيها جامع أكبر من جامع فاس (٥١٩) ، وفيها ثلاثة مدارس ، وبضع حمامات وفنادق وأسواقها منتظمة مثل أسواق فاس. وسكانها ناس بواسل وكرماء بالقياس إلى اهل فاس. ويوجد بينهم كثير من المثقفين ورجال البر وكثير من الأغنياء لأن أراضيها تعطي أحيانا ثلاثين ضعفا لما ألقي فيها من بذور. ويمتد حول المدينة واد ترويه جداول بديعة رائعة ويشتمل على كثير من بساتين الاشجار التي تنتج كميات كبيرة من ألذ الثمار. وتعطي مزارع الكروم العديدة عنبا أبيض ، وعنبا احمر ، وعنبا اسود ، ويصنع منه اليهود الذين يبلغ عددهم خمسمائة بيت في المدينة ، خمورا غاية في جودتها. ويقال انها أجود خمور في جميع المناطق. ولا نزال نرى في تازه قصبة بديعة وكبيرة يقيم فيها حاكم المدينة.

ومن عادة ملوك فاس الحديثين ان يمنحوا هذه المدينة لثاني ابنائهم. ويجب ان تكون ، والحق يقال ، مقر بيت الملك بسبب نقاوة هوائها ، في الشتاء وفي الصيف. وكان يقيم الملوك المرينيون فيها كل فصل الصيف ، سواء لهذا السبب المذكور او لحراسة المنطقة وحمايتها من أعراب الصحراء الذين يقصدونها كل سنة كي يمتاروا بالأقوات وليجلبوا تمور سجلماسة التي يقايضونها بالحب. ويربح أبناء المدينة ربحا كبيرا من هذا الحب الذي يبيعونه للعرب بسعر مرتفع.

__________________

(٥١٨) أي ١٢٨ كم ، و ٣٠٠ كم ، و ١٢٠ كم.

(٥١٩) لا يزال قسم من هذا الجامع البديع مهدما في ايامنا.

٣٥٨

وقصارى القول تعتبر تازه في وضع ممتاز جدا سواء في ذلك ما يتعلق بالمدينة نفسها وما يتعلق بسكانها. وليس في تازه شيء ينغصها سوى الوحل الذي تمتلىء به شتاء.

ولقد قصدت تازه حيث ارتبطت بشيخ له عند الشعب شهرة ولي. وكان هذا الرجل واسع الثراء بسبب نتاج أملاكه وبسبب الصدقات التي ينالها من أهل تازه وأهل فاس. ويقصده اناس من اهالي فاس الواقعة على مسافة تسعين ميلا لرؤيته. وكنت من الذين يرتابون بما كان يقوم به هذا الشخص قبل أن أراه. وبعد هذه الزيارة رأيت فيه إنسانا شبيها بكل الناس ، ولم يكن يفعل سوى أشياء تخدع الساذج.

ولتازه أراض شديدة الاتساع تضم بضعة جبال تسكنها قبائل مختلفة ، كما سنفصله فيما يلي :

جبل متغاره

هذا جبل مرتفع جدا وعسير المرتقى لأنه مغطى بغابة شديدة الكثافة وذات دروب غاية في الضيق. ويبعد حوالي خمسة أميال (٥٢٠) عن تازه. وفوق قمته تقع اراض زراعية طيبة ، وتقع فيه العيون. ولا يدفع سكانه ضرائب. ويجنون منه القمح والكتان ويصنعون الزيت. ولديهم الكثير من الماشية وخاصة الماعز. ولا يحترم هؤلاء الناس ملوكهم كثيرا. وفي احدى المرات ، وبعد أن أوقعوا الهزيمة بجيوش ملك فاس ، أسروا القائد واستاقوه الى جبلهم وقطعوه إربا إربا تحت أنظار الملك. ولهذا السبب لا يمنحهم الملك مطلقا صداقته التي لم يبرهنوا قط على أنهم أهل لها. وفيهم حوالي سبعة لآف محارب لأنهم يملكون قرابة خمسين قرية (٥٢١).

جبل جيّاته أو غيّاته (*)

يشبه هذا الجبل الجبل السابق في أنه عسير المرتقى. ويقع على مسافة

__________________

(٥٢٠) ٨ كم.

(٥٢١) لقد تلاشى اسم قبيلة متغارة من جنوب تازه كما اختفى من جنوب غرب فاس.

(*) رسم هنا الجبل في النص الاصلي : «جوآته» وصوابه جيّاته أو غيّاتة (انظر تعليق ٥٢٤)

٣٥٩

خمسة أميال (٥٢٢) من تازه ، ويحتوي على أراض زراعية طيبة على سفوحه وقمته. وتنبت فيه كمية كبيرة من الشعير ومن الكتان. ويمتد من الشرق الى الغرب على مسافة ثمانية أميال تقريبا (٥٢٣) ، وعلى عرض مقداره خمسة أميال تقريبا. وتقع فيه عدة أودية بها غابات كثيرة تعيش فيها أعداد كبيرة من القردة والفهود. ويشتغل سكانه بحياكة الأقمشة. وهم رجال بواسل وكرماء. ولا يستطيعون مزاولة التجارة في السهل لأنهم لا يدينون بالطاعة لملك فاس ولا يدفعون له أية ضريبة ، وذلك لكبريائهم وترفعهم من جهة ، ولأن طبيعة جبلهم من جهة اخرى تجعلهم في وضع دفاعي قوي. فبفضل طبيعة جيلهم يستطيعون الصمود لحصار يستغرق عشر سنوات لأنهم يجدون محليا كل ما هو ضروري لهم ، فضلا عن ينبوعين ضخمين يتولد منهما نهران (٥٢٤).

جبل مغسّه

جبل مغسة عسير وموحش ، وهو مستور بغابات. ولا ينبت فيه سوى القليل من القمح ، ولكن يكثر فيه الزيت. ويحيك السكان الأقمشة الكتانية لأنهم يجنون كمية لا بأس بها من الكتان. ومشاتهم لا يقلون شجاعة عن فرسانهم. ولون بشرتهم شديد البياض لأن جبلهم عال وبارد. ولا يدفعون أية ضريبة ، ويستطيعون ايواء الناس المنفيين من فاس. ولديهم الكثير من مزارع الاشجار المثمرة والكروم ، ولكن ليس بينهم واحد يعاقر الخمر. ويقدم هذا الجبل حوالي ستة آلاف محارب لأنه يضم أربعين قرية كلها كبيرة ومزدهرة (٥٢٥).

جبل البرانس (٥٢٦)

يقع هذا الجبل على مسافة خمسة عشر ميلا (٥٢٧) شمالي تازه. وتسكنه قبيلة غنية

__________________

(٥٢٢) ٨ / كم.

(٥٢٣) ١٣ / كم.

(٥٢٤) من المعتقد ان المؤلف كتب في النص الأصلي غيّاتة ، ولم يحسن قراءته. وغيّاته هم دوما في مكانهم وربما دمجوا معهم قبيلة متغاره.

(٥٢٥) لا تشكل مغسة الحالية اكثر من قبيلة صغيرة على الضفة اليمنى لوادي يوهلّو الرافد الجنوبي لنهر إيناون.

(٥٢٦) لا يزال البرانس دوما في مكانهم.

(٥٢٧) ٢٣ كم.

٣٦٠