الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٧

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٧

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-178-5
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٧٥

نجيب ، عمره إحدى عشرة سنة ، فأسلم ، وأمره النبي «صلى الله عليه وآله» : أن يتعلم خط اليهود ؛ فجوّد الكتابة ، إلى آخره» (١).

المناقشة :

وبعد ، فإن لنا على تلكم الروايات ملاحظات عدة ، توجب لنا الشك والريب في سلامتها وصحتها ، ونذكر من هذه الملاحظات ما يلي :

ألف : إننا نجدها مختلفة فيما بينها بصورة واضحة ، الأمر الذي يشير إلى أنه لا يمكن أن تصح جميعها ، فواحدة تقول : إنه أمره بتعلم السريانية ، وأخرى : العبرانية ، بل لقد وقع الترديد بينهما حتى في الرواية الواحدة.

ورواية تذكر : أنه قد تعلمها في أقل من نصف شهر ، وأخرى : أنه تعلمها في خمسة عشر يوما ، وثالثة في سبعة عشر يوما ، ورابعة : في ثمانية عشر يوما.

ورواية تقول : إنه أمره بتعلمها لأنه لا يأمن يهود على كتابه ، وأخرى تقول : إنه أمره بذلك ، لأنه تأتيه كتب لا يحب أن يطلع عليها كل أحد.

ورواية تفيد : أنه قد أمره بذلك حين مقدمه المدينة.

بينما تذكر أخرى : أنه إنما أمره بذلك في السنة الرابعة ، وتعلمها حينئذ. هذا كله ، مع أن الراوي لذلك كله رجل واحد ، وهو المصدر الوحيد لما قاله ويقوله الكتّاب والمؤرخون على الظاهر ، في هذا المجال.

ب : إننا نلاحظ : أن الراوي لهذه القضية هو خصوص زيد بن ثابت

__________________

(١) تذكرة الحفاظ ج ١ ص ٣٠ وسير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٤٢٧ ، ٤٢٨.

٣٤١

بطل القصة نفسه ، ولم نجدهم نقلوا ذلك عن غيره ، رغم أهمية هذا الأمر وكونه ملفتا للنظر ، ورغم أننا نجدهم يسجلون لنا حتى أبسط الحركات التي تصدر عن النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله».

وواضح : أن هذه القضية ترمي إلى إثبات فضيلة لنفس ناقلها ، فليلاحظ ذلك.

ج : إننا ـ رغم تفحصنا ـ لم نعثر ولو على نص واحد لرسالة واحدة أرسلها النبي «صلى الله عليه وآله» ، أو وصلت إليه من غيره تكون مكتوبة بغير العربية.

كما أننا لم نجد حتى ولو إشارة واحدة إلى أية رسالة وصلت إليه من أحد أو أرسلها إلى أحد قيل إنها ترجمت له «صلى الله عليه وآله» من أي لغة أخرى إلى اللغة العربية ، أو بالعكس.

بل قد وجد عدد من الرسائل المنسوبة إليه «صلى الله عليه وآله» في بعض المتاحف والمكتبات الخاصة ؛ كان قد أرسلها إلى كسرى ، وإلى النجاشي ، وإلى المقوقس. ويميل العلماء والمحققون إلى الجزم بأنها هي بعينها ، التي كان «صلى الله عليه وآله» قد أرسلها إليهم.

نعم ، لقد وجدت هذه الرسائل وكانت كلها مكتوبة باللغة العربية خاصة ، وبالخط العربي ، فراجع مجموعة الوثائق السياسية للبروفيسور حميد الله لتطلع على صور هذه الرسائل ، وراجع أيضا مكاتيب الرسول للعلامة البحاثة الشيخ علي الأحمدي الميانجي «رحمه الله». وغيرهما من الكتب والمصادر.

ومما يدل على ذلك : أن الرواية تنص على أن قيصر قد طلب ترجمانا

٣٤٢

ليقرأ له كتاب رسول الله «صلى الله عليه وآله» (١).

نعم ، هناك رسالة واحدة مكتوبة باللغة العبرية ، حكم العلماء والباحثون عليها بصورة قاطعة بالوضع والاختلاق ، فراجع الكتابين آنفي الذكر. فأين ذهبت تلكم الرسائل التي كتبها زيد بن ثابت باللغة العبرية أو السريانية ، أو ترجمها منها إلى العربية؟! ولماذا لم يشر التاريخ ولو إلى واحدة منها؟ إن ذلك لعجيب حقا؟! وأي عجيب!!!

د : والأعجب من ذلك : أن بعض المصادر تذكر : أن زيد بن ثابت كان من أكثر كتّاب النبي «صلى الله عليه وآله» كتابة له (٢).

وعبارة ابن عبد البر : «كان كاتبه المواظب له في الرسائل والأجوبة» (٣).

ويذكرون أيضا : أنه كان مختصا بالكتابة إلى الملوك (٤) ، وأنه كان يكتب له «صلى الله عليه وآله» إذا كتب إلى اليهود ، ويقرأ له كتبهم.

فإذا كان كذلك فما بالنا نجد اسم كثير من الكتّاب في أسفل الكتب التي كتبوها ، فيقول في آخر الكتاب : وكتب فلان ، أو : وكتب فلان وشهد ، أو نحو ذلك ـ وهي طائفة كثيرة ـ ولا نجد اسما لزيد بن ثابت في أي من الكتب التي وصلتنا ، إلا على صفة الشاهد على بعض الكتب النادرة جدا.

__________________

(١) راجع : مكاتيب الرسول ج ١ ص ١٠٩.

(٢) تهذيب الأسماء ج ١ ص ٢٩ ، والرصف ج ١ ص ١٤٨.

(٣) بهجة المجالس ج ١ ص ٣٥٦.

(٤) راجع : التنبييه والإشراف ص ٢٤٦ ، والوزراء والكتاب ص ١٢ ، والعقد الفريد ج ٤ ص ١٦١ ، والمفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج ٨ ص ١٣٤ ، والتراتيب الإدارية ج ١ ص ٢٠٢.

٣٤٣

نعم ، إننا لم نجد له اسما لا على الكتب إلى الملوك ، ولا على الكتب إلى اليهود ، مع وجود أسماء كثيرين من الكتاب الآخرين على طائفة كبيرة منها. بل لقد وجدنا أسماء آخرين كانوا قد كتبوا إلى الملوك ، وإلى اليهود أيضا فليلاحظ : كتاب مفاداة سلمان من عثمان بن الأشهل اليهودي القرظي ، فقد كتبه أمير المؤمنين علي «عليه السلام».

وكتابه «صلى الله عليه وآله» إلى جيفر ، وعبد ، ابني الجلندي ، وهما من الملوك ، وهو بخط أبي بن كعب.

وكتابه إلى المنذر بن ساوى وهو من ملوك البحرين ، بخط أبي. ومعاهدة يهود مقنا ، هي أيضا بخط أمير المؤمنين علي عليه الصلاة والسلام. وكتابه «صلى الله عليه وآله» ليهود بني عاديا من تيماء ، كتبه خالد بن سعيد.

وكذا كتابه ليهود بني عريض ، كتبه خالد بن سعيد أيضا.

ويقال : إن معاوية أيضا قد كتب إلى المهاجر بن أبي أمية ، وربيعة بن ذي الرحب من حضر موت (١).

كما أن كتابه «صلى الله عليه وآله» الذي أجاب به النجاشي الأول ، قد كتبه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «عليه الصلاة والسلام» (٢).

ولعل المتتبع يجد أمثلة كثيرة سوى ما تقدم ، فأين كان زيد بن ثابت عن ذلك ، وعن سواه يا ترى؟!

__________________

(١) راجع فيما تقدم : مجموعة الوثائق السياسية ، ومكاتيب الرسول.

(٢) راجع مكاتيب الرسول ج ١ ص ٣١.

٣٤٤

ه : إننا نجد أن بعض الروايات المتقدمة تقول : إن النبي «صلى الله عليه وآله» قد علل طلبه من زيد تعلم اللغة العبرانية ، أو السريانية ، بأنه تأتيه كتب ، ولا يحب أن يطّلع عليها كل أحد ، فاحتاج إلى أن يأمر زيدا بذلك ، مع أنه قد كان آخرون غير زيد بن ثابت يعرفون العبرانية أو السريانية ، وفيهم من هو من فضلاء الصحابة وثقاتهم ، ومن مثل سلمان الفارسي! الذي هو من أهل البيت ، فإنه كان قد قرأ الكتابين (١) ، فلماذا لا يعطيه النبي «صلى الله عليه وآله» كتبه التي لا يحب أن يطّلع عليها كل أحد ، ليقرأها له ، فإنه لا ريب في أمانته ودينه ، وكونه عبدا لذلك القرظي لا يمنعه من ذلك ، كما لم يمنعه من حضور حرب بدر وأحد. (كما سيأتي).

مع أن مراسلاته «صلى الله عليه وآله» للملوك قد بدأت بعد ذلك كما هو معلوم من التاريخ.

أضف إلى ذلك : أنه قد تحرر قبل غزوة الخندق ، وهي في الرابعة كما هو الظاهر أو في الخامسة على أبعد تقدير كما تحدثنا عن ذلك في كتابنا (حديث الإفك).

وستأتي الإشارة إلى ذلك في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.

وقد تقدم أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد أمر زيدا بتعلم تلك اللغة في السنة الرابعة.

__________________

(١) راجع ذكر أخبار إصبهان ج ١ ص ٤٨ ، وتاريخ بغداد ج ١ ص ١٦٤ ، والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٤ قسم ١ ص ٦١ ، وحلية الأولياء ج ١ ص ١٨٧ ، وقاموس الرجال ج ٤ ص ٤٢٤ و ٢٣٣ عن الجزري.

٣٤٥

أضف إلى ذلك : أنهم يقولون : إن الحبر اليهودي عبد الله بن سلام قد أسلم في أول قدوم النبي «صلى الله عليه وآله» إلى المدينة ، وقد ادعوا نزول الآيات في تقريضه ومدحه ، فلماذا لا يقرأ للنبي «صلى الله عليه وآله» ما سوف يأتيه من رسائل؟!

كما أنهم يقولون : إن عبد الله بن عمرو بن العاص ، كان يقرأ بالسريانية (١).

ويقول الدكتور جواد علي : «ومنهم مثل زيد بن ثابت من كتب له بالعربية ، وبالعبرانية ، أو بالسريانية ، وذكر أن بعضهم كان مثل زيد بن ثابت يكتب بغير العربية أيضا» (٢).

فلماذا ذكر اسم زيد بن ثابت ولم تذكر أسماء أولئك؟.

و : قد ذكروا : أن حنظلة بن الربيع كان يقوم مقام جميع كتابه «صلى الله عليه وآله» بما فيهم زيد بن ثابت ، إذا غاب أحد منهم حتى سمي حنظلة الكاتب (٣) ، الأمر الذي يشعر بأنه كان أيضا يحسن الكتابة بغير العربية ، كزيد.

كما أنه يدل : على أنه كان ينوب عن زيد في الكتابة إلى اليهود ، وإلى الملوك. (راجع الهامش) (٤).

__________________

(١) طبقات ابن سعد ج ٤ قسم ٢ ص ١١.

(٢) المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج ٨ ص ١٢٠.

(٣) التنبيه والإشراف ص ٢٤٥ ، والوزراء والكتاب ص ١٢ ـ ١٣ ، والعقد الفريد ج ٤ ص ١٦١ ، والمفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج ٨ ص ١٢٦ و ٣٠٩ و ١٣١.

(٤) ولكننا لم نعثر حتى على رسالة واحدة ، أو على أي شيء ذكر فيه اسم حنظلة هذا على أنه قد كتبه ، وهذا أمر يثير العجب حقا!! فلعل خصوم أهل البيت «عليهم السلام» قد منحوه هذا الوسام لأنه اعتزل عليا «عليه السلام» ولم يشترك في حروبه.

٣٤٦

فإذا كان كذلك ، فلماذا لم يعتمد النبي «صلى الله عليه وآله» على حنظلة ، أو على غيره ممن أشار إليهم الدكتور جواد علي ، فإن الحاجة ترتفع بهم ، ولا يبقى «صلى الله عليه وآله» بحاجة إلى اليهود «الذين كانوا غير مأمونين» لا في الترجمة ، ولا في الكتابة.

ويلاحظ هنا : أنهم لم يبخلوا على زيد في هذا المجال ، فقد أتخموه بالأوسمة ، وأغرقوه بآيات الثناء ، ويكفي أن نذكر : أنهم جعلوه عالما ، ليس فقط بالعربية قراءة وكتابة ، وكذلك بالعبرانية ، أو السريانية ، وإنما أضافوا إلى ذلك : أنه كان يترجم للنبي «صلى الله عليه وآله» بالفارسية والرومية والقبطية والحبشية (١).

وأنه قد تعلم الفارسية من رسول كسرى ، والرومية من حاجب النبي ، والحبشية من خادم النبي «صلى الله عليه وآله» والقبطية من خادم النبي أو خادمته «صلى الله عليه وآله» (٢).

ولا ندري لماذا لم يتعلم الفارسية من سلمان ، والرومية من صهيب والحبشية من بلال ، فإن كلا منهم كان يجيد هذه اللغات بما لا مزيد عليه؟!

كما لا ندري لماذا لم نجد أية إشارة لكتاب مترجم من هذه اللغات إلى العربية أو من العربية إليها ، أو غير ذلك ، مما يحتاج إلى الترجمة؟!

__________________

(١) راجع : التنبييه والإشراف ص ٢٤٦ ، والتراتيب الإدارية ج ١ ص ٢٠٢ عن :

(العمدة) للتلمساني ، وعن ابن هشام في (البهجة) وعن كتاب : (التعريف برجال مختصر ابن الحاجب) لابن عبد السلام ، وعن الإعلام بسيرة النبي «صلى الله عليه وآله» ، والمفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج ٨ ص ١٣٣.

(٢) العقد الفريد ج ٤ ص ١٦١ ، والتراتيب الإدارية ج ١ ص ٢٠٢.

٣٤٧

ز : لقد روي عن أبي جعفر «عليه السلام» : قال : كان غلام من اليهود يأتي النبي «صلى الله عليه وآله» كثيرا حتى استخفه (استحقه) وربما أرسله في حاجة ، وربما كتب له الكتاب إلى قوم ؛ فافتقده أياما فسأل عنه ، فقال له قائل : تركته في آخر يوم من أيام الدنيا ، فأتاه النبي «صلى الله عليه وآله» الخ .. (١).

ح : وأخيرا ، فلا ندري ما حاجة النبي «صلى الله عليه وآله» إلى الترجمة ، مع أن جمعا من المحققين قد أثبتوا : أن النبي «صلى الله عليه وآله» كان يعرف جميع اللغات ، فلا يحتاج إلى مترجم ولا إلى غيره ، وقد كلم سلمان بالفارسية ، وتكلم بغيرها من اللغات أيضا الخ .. (٢).

ط : وأما قوله في الرواية : إنه «صلى الله عليه وآله» أمره بذلك حين قدومه المدينة ، ثم روايتهم : أنه كان يكتب في الجاهلية (٣) ، فينافيه قولهم : إنه تعلم الكتابة من أسرى بدر (٤).

ملاحظتان :

الأولى : قال العلامة المحقق الشيخ علي الأحمدي الميانجي ، بعد أن

__________________

(١) الأمالي للصدوق ص ٣٥٦ والبحار ج ٧٨ ص ٢٣٤ وج ٦ ص ٢٦.

(٢) راجع التراتيب الإدارية ج ١ ص ٢٠٨ و ٢٠٩ ، ولعل أحسن من تكلم في هذا الموضوع : العلامة المحقق الشيخ علي الأحمدي «رحمه الله» في كتابه : مكاتيب الرسول ج ١ ص ١٥ و ١٦ فليراجع.

(٣) المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج ٨ ص ١٢٠.

(٤) المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج ٨ ص ١٣٣ و ٢٩٢.

٣٤٨

تكلم حول معرفته «صلى الله عليه وآله» باللغات ، عربيها ، وعجميها ، وأيد ذلك بنقل المؤرخين والمحدثين أنه «صلى الله عليه وآله» كان يتكلم مع كل قوم بلسانهم ، قال «رحمه الله» : «ولكنه «صلى الله عليه وآله» كتب إلى ملوك العجم كقيصر ، وكسرى ، والنجاشي بلغة العرب ، مع أن الجدير أن يكتب إلى كل قوم بلسانهم ؛ إظهارا للمعجزة ، واستحداثا للألفة ؛ فما الوجه في ذلك؟! وأي فائدة في الكتابة بالعربية؟ وأي وازع في الترقيم بالعجمية؟!

والذي يقضي به التدبر ، وينتهي إليه الفكر : أن الفائدة في ذلك هو حفظ شؤون الملة الإسلامية ، وصونا لجانب الاستقلال والعظمة ، ألا ترى أن الأمم الراقية المتمدنة يسعون في انتشار لسانهم في العالم ، حتى تصير لغتهم لغة عالمية ، إعمالا للسيادة ، وتثبيتا للعظمة؟

فكأنه «صلى الله عليه وآله» يلاحظ جانب الإسلام ، وأنه يعلو ولا يعلى عليه ، وأن لغة القرآن لا بد أن تنتشر ، وتعم العالم ، لأن القرآن كتاب للعالم ؛ فعظمة القرآن ، وعموم دعوته ، وعظمة النبي الأقدس «صلى الله عليه وآله» ، ورسالته العالمية ، تقضي أن يكتب إليهم بلغة القرآن.

فعلى ملوك العالم ، والعالم البشري أن يتعلموا لسانه المقدس ، ولغته السامية ، لغة القرآن المجيد ، تثبيتا لهذا المرمى العظيم ، والغرض العالي» (١).

الثانية : وبعد ، فإننا لا ننكر أن يكون زيد بن ثابت قد تعلم شيئا من العبرانية أو السريانية ، قليلا كان ذلك أو كثيرا ، ولكننا نشك في أن يكون النبي «صلى الله عليه وآله» هو الذي طلب منه ذلك ، ونشك كذلك في أن

__________________

(١) مكاتيب الرسول ج ١ ص ١٦ و ١٧.

٣٤٩

يكون قد كتب له «صلى الله عليه وآله» بهذه اللغات ، أو ترجم له شيئا من الكتب التي أتته ، فإن الروايات المتقدمة لا تكفي لإثبات ذلك على الإطلاق بل قدمنا ما يوجب ضعفها ووهنها ولا بد لإثبات ذلك من اعتماد أدلة وشواهد أخرى ، لا نراها متوفرة بين أيدينا ، من نصوص ومصادر ، بل إن ما بأيدينا يؤيد إن لم يكن يدل على خلاف ذلك ، كما ألمحنا إليه.

والظاهر : أن الهدف هو إثبات فضيلة لزيد بن ثابت ، وإن كانت كل الدلائل والشواهد تشير إلى خلافها ، ما دام لا يخطر ببال أحد : أن يبحث حول ثبوت ذلك وصحته بنظرهم.

وسنتكلم عن سر تكرمهم بالفضائل لهذا الرجل في آخر هذا الفصل إن شاء الله تعالى.

ونذكر من الفضائل التي أضيفت إلى زيد بن ثابت أيضا ما يلي :

علم زيد بالفرائض :

سيأتي : أن عمر وعثمان ما كانا يقدمان على زيد في الفرائض أحدا. وقد خطب عمر الناس ، فكان مما قال : «ومن أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت» (١).

وادّعوا : أنه كان أعلم أصحاب رسول الله «صلى الله عليه وآله»

__________________

(١) راجع : مستدرك الحاكم ج ٣ ص ٢٧٢ و ٢٧٣ وسنن البيهقي ج ٦ ص ٢١٠ ، وطبقات ابن سعد ج ٢ ص ١١٥ ، ومجمع الزوائد ج ١ ص ١٣٥ ، والغدير ج ٦ ص ١٩١ و ١٩٢ ، وراجع ج ٥ ص ٣٦١ وج ٨ ص ٦٤ ففيهما مصادر أخرى.

٣٥٠

بالفرائض (أي فرائض الإرث) (١).

ولكننا نقول : إننا نجد في مقابل ذلك :

١ ـ أن مسروقا ـ وإن كنا نعتقد أن ذلك لدوافع سياسية ـ يقول عن عائشة : إنه رأى : «أكابر أصحاب رسول الله «صلى الله عليه وآله» يسألونها عن الفرائض» (٢).

٢ ـ إن أئمة أهل البيت «عليهم السلام» قد رفضوا دعوى أعلمية زيد بالفرائض ، فقد روي عن الإمام الباقر «عليه السلام» ، قال : الحكم حكمان : حكم الله ، وحكم الجاهلية ، وأشهد على زيد بن ثابت لقد حكم في الفرائض بحكم الجاهلية (٣).

٣ ـ وقد ألف سعد بن عبد الله القمي كتاب : إحتجاج الشيعة على زيد بن ثابت في الفرائض (٤).

وقد ذكر ابن شاذان في الإيضاح طائفة من مسائل الإرث لم يوفق زيد للصواب فيها ، فليراجعه من أراده (٥).

__________________

(١) تهذيب الأسماء ج ١ ص ٢٠١ وراجع المصادر المتقدمة ، وترجمة زيد بن ثابت في مختلف المصادر.

(٢) الزهد والرقائق ص ٣٨٢.

(٣) التهذيب للشيخ الطوسي ج ٦ ص ٢١٨ ، والكافي ج ٧ ص ٤٠٧ ، والوسائل ج ١٨ ص ١١ ، وقاموس الرجال ج ٤ ص ٢٣٩ ، وتنقيح المقال ج ١ ص ٤٦١ وبحوث في تاريخ القرآن وعلومه ص ١١٨.

(٤) رجال النجاشي ص ١٧٨ وقاموس الرجال ج ٤ ص ٢٤٠.

(٥) الإيضاح ص ٣١٥ فما بعدها.

٣٥١

وقال : «.. وأما فرائض زيد ، فلم يبق أحد من الصحابة إلا وقد اعترض عليه فيما فرض».

٤ ـ عن سعيد بن وهب ، قال : قال عبد الله : أعلم أهل المدينة بالفرائض علي بن أبي طالب «عليه السلام» (١).

وهذا هو الحق الذي لا محيص عنه ، فإنه «عليه السلام» باب مدينة العلم ، ولكن قاتل الله السياسة وألاعيبها.

ملاحظة :

بالنسبة لشهادة الإمام الباقر «عليه السلام» بأن زيد بن ثابت قد حكم في الفرائض بحكم الجاهلية ، لعله لأن زيد بن ثابت كان يفتي برأيه ، حسب اعترافه فيما سيأتي ، ولعل عامة ما كان يفتي به كان خطأ ، على حد قوله نفسه ، وكذلك وجود بعض الرواسب في نفسه وفي فكره وكون دين الله لا يصاب بالعقول ـ لعل كل ذلك ـ هو السبب في أن زيدا قد حكم في الفرائض بحكم الجاهلية.

وقد جرت بين زيد وبين أمير المؤمنين «عليه السلام» بعض المساجلات في مجال الفرائض لم يستطع زيد أن يقدم الجواب الكافي في مقابل ما بينه له أمير المؤمنين «عليه السلام» في تلك المسألة ، فإن مكاتبة (٢)

__________________

(١) أنساب الأشراف ج ٢ ص ١٠٥ ، وفي هامشه عن : الفضائل لأحمد بن حنبل حديث رقم ١١ من فضائل علي ، وعن أخبار القضاة ج ١ ص ٨٩ بثلاثة طرق.

(٢) المكاتبة : الأمة التي يشارطها مولاها ويكاتبها على أن تؤدي له مقدارا معينا من المال ، وتنال الحرية عن هذا الطريق.

٣٥٢

زنت ، وقد عتق منها ثلاثة أرباعها.

فقال «عليه السلام» : يجلد منه بحساب الحرية ويجلد منها بحساب الرق.

وقال زيد بن ثابت : تجلد بحساب الرق.

فاعترض عليه أمير المؤمنين «عليه السلام» بأنه هلا جلدها بحساب الحرية ، فإنها فيها أكثر.

فقال زيد : لو كان كذلك لوجب توريثها بحساب الحرية.

فقال «عليه السلام» : أجل ذلك واجب ، فأفحم زيد (١).

ولكن عثمان خالف عليا ، وصار إلى قول زيد رغم ظهور الحجة عليه.

ولعل هذه الإرهاصات في علم زيد بالفرائض قد أريد منها أن يعوض عن فشله ذاك بمنحه أوسمة الجدارة مضادة لعلي «عليه السلام» وتنكرا له.

أبو عمر والراية لزيد في تبوك :

قال أبو عمر : «.. وكانت راية بني مالك بن النجار في تبوك مع عمارة بن حزم ، فأخذها رسول الله «صلى الله عليه وآله» ودفعها إلى زيد بن ثابت.

فقال عمارة : يا رسول الله ، أبلغك عني شيء؟!

قال : لا ولكن القرآن مقدم ، وزيد أكثر منك أخذا للقرآن. وهذا عندي خبر لا يصح ، والله أعلم» (٢).

__________________

(١) راجع قاموس الرجال ج ٤ ص ٢٤٠ عن إرشاد المفيد.

(٢) الإستيعاب بهامش الإصابة ج ١ ص ٥٥٢ ، والخبر في مستدرك الحاكم ج ٣ ص ٤٢١ ، ومغازي الواقدي ج ٣ ص ١٠٠٣ ، والإصابة ج ١ ص ٥٦١ ، وتهذيب تاريخ دمشق ج ٥ ص ٤٤٩ ، وتهذيب الأسماء ج ١ ص ٢٠١ ، وأسد الغابة ج ٢ ص ٢٢٢.

٣٥٣

ونزيد نحن هنا : أنه لو كان الأمر كذلك للزم أن يعطي الراية إلى أبي بن كعب ، سيد القراء ؛ فلماذا خص بها زيدا دونه؟! فإن كلا منهما من أبناء مالك بن النجار ، فهل كان زيد أقرأ من أبي؟! الذي وصفه رسول الله «صلى الله عليه وآله» كما في بعض الروايات بأنه أقرأ الأمة (١) ، أم أن أبيا تخلف عن غزوة تبوك ، فلماذا لم يعامل معاملة المتخلفين ، مع أنهم يقولون : إنه شهد بدرا ، والمشاهد كلها؟! (٢).

ولماذا لا يجري النبي «صلى الله عليه وآله» هذه القاعدة في سائر الموارد ، وذلك بالنسبة لابن مسعود في المهاجرين ، وكذا غيره ممن نص التاريخ على أنهم قد حفظوا القرآن ، وجمعوه في عهد رسول الله «صلى الله عليه وآله»؟!.

زيد وجمع القرآن :

وقد أشارت رواية أخذه الراية في تبوك ، إلى كثرة أخذ زيد للقرآن ، كما أنهم يذكرون لزيد مقاما فريدا بالنسبة لجمع القرآن في عهد رسول الله «صلى الله عليه وآله» ؛ إذ يقال : «إن زيد بن ثابت شهد العرضة الأخيرة ، التي بين فيها ما نسخ ، وما بقي ، وكتبها الرسول ، وقرأها عليه ، وكان يقرئ الناس بها حتى مات ، ولذلك اعتمده أبو بكر وعمر ، وجمعه ، وولاه عثمان كتب المصاحف» (٣).

__________________

(١) راجع : كتابنا حقائق هامة حول القرآن فصل : ماذا عن جمع القرآن في عهد الخلفاء؟

(٢) الإصابة ج ١ ص ١٩.

(٣) الإتقان ج ١ ص ٥٠ عن البغوي في شرح السنة وراجع تاريخ القرآن للزنجاني ص ٣٩ و ٤٠.

٣٥٤

وقال ابن قتيبة : «وكان آخر عرض رسول الله «صلى الله عليه وآله» القرآن على مصحفه» (١).

وصحح أبو عمر حديث أنس : أن زيد بن ثابت أحد الذين جمعوا القرآن على عهد رسول الله «صلى الله عليه وآله» (٢).

ونقول :

لقد تحدثنا عن دور زيد في جمع القرآن على عهد الخلفاء بعد رسول الله «صلى الله عليه وآله» في كتابنا «حقائق هامة حول القرآن» وقلنا هناك : إن جمع القرآن قد حصل في زمن النبي «صلى الله عليه وآله» نفسه ، وأثبتنا ذلك بالأدلة الكثيرة.

وقلنا أيضا : إن محمد بن كعب القرظي لم يذكر زيد بن ثابت في عداد من جمع القرآن في عهد النبي «صلى الله عليه وآله».

وقلنا كذلك : إن رواية جمع زيد للقرآن في عهد أبي بكر تعاني من إشكالات أساسية لا مجال لتجاهلها ، وأن الصحيح : هو أنه قد جمع مصحفا شخصيا للخليفة ، الذي لم يكن يملك مصحفا تاما.

وقال أبو عمر : عن حديث جمع زيد للقرآن في عهد الرسول «صلى الله عليه وآله» : «.. وقد عارضه قوم ، بحديث ابن شهاب ، عن عبيد بن السباق ، عن زيد بن ثابت : أن أبا بكر أمره في حين مقتل القراء باليمامة ،

__________________

(١) المعارف ص ٢٦٠ وعنه في المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج ٨ ص ١٣٤ ، وراجع : البرهان للزركشي ج ١ ص ٢٣٧.

(٢) الإستيعاب بهامش الاصابة ج ١ ص ٥٥٢.

٣٥٥

بجمع القرآن ، قال : فجعلت أجمع القرآن من العسب ، والرقاع ، وصدور الرجال ، حتى وجدت آخر آية من التوبة مع رجل يقال له : خزيمة ، أو أبو خزيمة.

قالوا : فلو كان قد جمع القرآن على عهد رسول الله لأملاه من صدره ، وما احتاج إلى ما ذكر».

قالوا : «وأما خبر جمع عثمان للمصحف ؛ فإنما جمعه من الصحف التي كانت عند حفصة من جمع أبي بكر ..» (١) إنتهى كلام أبي عمر.

وأما بالنسبة لشهود زيد للعرضة الأخيرة ؛ فإننا نجد في المقابل مصادر كثيرة تذكر : أن ابن مسعود هو الذي شهد العرضة الأخيرة (٢).

وعلى كل حال ، فإن تفصيل الكلام في هذا الأمر موجود في كتابنا : «حقائق هامة حول القرآن الكريم» ، فمن أراد المزيد فليرجع إليه.

الفضائل والسياسة :

وبعد ، فإننا قد تعودنا من المخالفين لأهل البيت «عليهم السلام» ، ابتداءا من الأمويين ثم العباسيين ، محاولاتهم الدائبة للحط من علي «عليه

__________________

(١) الإستيعاب بهامش الاصابة ج ١ ص ٥٥٢.

(٢) راجع : طبقات ابن سعد ج ٢ قسم ٢ ص ١٠٤ وص ٤ ، وكنز العمال ج ٢ ص ٢٢٤ و ٢٢٥ عن ابن عساكر ، وكشف الأستار عن مسند البزار ج ٣ ص ٢٥١ ومجمع الزوائد ج ٩ ص ٢٨٨ عن أحمد ، والبزار ، ورجال أحمد رجال الصحيح ، وفتح الباري ج ٩ ص ٤٠ و ٤١ والإستيعاب بهامش الإصابة ج ٢ ص ٣٢٢ ، ومشكل الآثار ج ١ ص ١١٥ وج ٤ ص ١٩٦.

٣٥٦

السلام» ، وأهل بيته صلوات الله وسلامه عليهم والتستر على فضائله ومزاياه ، وإظهار العيب له.

وقد قال المغيرة بن شعبة لصعصعة : «وإياك أن يبلغني عنك : أنك تظهر شيئا من فضل علي ، فأنا أعلم بذلك منك ، ولكن هذا السلطان قد ظهر وقد أخذنا بإظهار عيبه للناس» (١).

والنصوص الدالة على هذه السياسة كثيرة جدا ، بل هي فوق حد الإحصاء.

ومن جهة أخرى فإنهم يعملون على إظهار التعظيم الشديد لكل من كان على رأيهم ، ويذهب مذهبهم ، ويصنعون لهم الفضائل ، ويختلقون لهم الكرامات ، وذلك أمر مشهود وواضح ، وقد أشرنا إليه غير مرة.

والمراجع لحياة زيد بن ثابت ، ولمواقفه السياسية يجد : أنه كان منحرفا عن أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام. كما ويجد أنه ممن تهتم السلطة برفع شأنهم ، وتأكيد فضلهم ونسبة الكرامات إليهم.

الخط السياسي لزيد بن ثابت :

وبعد ، فإن الذي يراجع حياة زيد بن ثابت ومواقفه ، يجد : أنه كان عثمانيا ، ومنحرفا عن أمير المؤمنين علي «عليه السلام». فعدا عن أنه كان له موقف في السقيفة ، يؤيد فيه صرف الأمر عن الأنصار إلى المهاجرين ، وقد

__________________

(١) راجع الكامل لابن الأثير ج ٣ ص ٤٣٠ وتاريخ الأمم والملوك طبع الإستقامة ج ٤ ص ١٤٤.

٣٥٧

أثنى عليه أبو بكر ، ومدحه لأجله (١) فإنه : كان أحد الذين لم يبايعوا عليا أمير المؤمنين عليه آلاف التحية والسلام (٢).

بل لقد كان زيد بن ثابت مع عمر حينما ذهب للإتيان بعلي «عليه السلام» من بيته لأجل البيعة (٣).

و «كان زيد عثمانيا ، ولم يشهد مع علي شيئا من حروبه» (٤).

وقد قطع أمير المؤمنين «عليه السلام» العطاء عمن لم يشهد معه ، وأقامهم مقام أعراب المسلمين (٥).

وكان زيد عثمانيا ، يحرض الناس على سب أمير المؤمنين «عليه السلام» (٦).

و «كان عثمان يحب زيد بن ثابت» (٧).

«والذين نصروا عثمان ، كانوا أربعة ، كان زيد بن ثابت أحدهم ، ولم

__________________

(١) راجع : سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٤٣٣ ومسند أحمد ج ٥ ص ١٨٦ وتهذيب تاريخ دمشق ج ٥ ص ٤٤٩ والتمهيد في علوم القرآن ج ١ ص ٢٤٤ عنه.

(٢) راجع : تاريخ الأمم والملوك (طبع دار المعارف) ج ٤ ص ٤٣٠ و ٤٣١ والكامل في التاريخ ج ٣ ص ١٩١.

(٣) أنساب الاشراف ج ١ ص ٥٨٥. (قسم حياة النبي «صلى الله عليه وآله»).

(٤) أسد الغابة ج ٢ ص ٢٢٢ والإستيعاب بهامش الاصابة ج ١ ص ٥٥٤ وقاموس الرجال ج ٤ ص ٢٣٩ وتنقيح المقال ج ١ ص ٤٦٢ وراجع الكامل لابن الأثير ج ٣ ص ١٩١.

(٥) دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٩١ ـ ٣٩٢.

(٦) سفينة البحار ج ١ ص ٥٧٥.

(٧) الإستيعاب بهامش الاصابة ج ١ ص ٥٥٤.

٣٥٨

ينصره أحد من الصحابة غيرهم» (١).

وكان على قضاء عثمان (٢) ، وعلى بيت المال والديوان له (٣).

وكان عثمان يستخلفه على المدينة (٤).

وكان يذبّ عن عثمان حتى رجع لقوله جماعة من الأنصار (٥).

وقد قال للأنصار : إنكم نصرتم رسول الله «صلى الله عليه وآله» فكنتم أنصار الله ، فانصروا خليفته تكونوا أنصارا لله مرتين ؛ فقال الحجاج بن غزية : والله إن تدري هذه البقرة الصيحاء ما تقول ، إلى آخره.

وفي نص آخر : أن سهل بن حنيف أجابه ؛ فقال : يا زيد ، أشبعك عثمان من عضدان المدينة؟! والعضيدة : نخلة قصيرة ، ينال حملها (٦).

__________________

(١) الكامل لابن الأثير ج ٣ ص ١٥١ وراجع : ص ١٦١ ، وأنساب الأشراف ج ٥ : ص ٦٠ ، والغدير ج ٩ ص ١٥٩ و ١٦٠ عن المصادر التالية : تاريخ الطبري ج ٥ ص ٩٧ والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج ٢ ص ٣٩١ وتاريخ أبي الفداء ج ١ ص ١٦٨.

(٢) الكامل لابن الأثير ج ٣ ص ١٨٧.

(٣) راجع : الكامل لابن الأثير ج ٣ ص ١٩١ ، وأسد الغابة ج ٢ ص ٢٢٢ ، وأنساب الاشراف ج ٥ ص ٥٨ و ٨٨ والإستيعاب بهامش الإصابة ج ١ ص ٥٥٣ و ٥٥٤ والتراتيب الإدارية ج ١ ص ١٢٠ ، وتهذيب الأسماء ج ١ ص ٢٠١ وتاريخ الأمم والملوك (طبع دار المعارف) ج ٤ ص ٤٣٠.

(٤) راجع : المصادر المتقدمة باستثناء الأول منها. والبداية والنهاية ج ٧ ص ٣٤٧ وشذرات الذهب ج ١ ص ٥٤ ، وأسد الغابة ج ٢ ص ٢٢٢.

(٥) تهذيب تاريخ دمشق ج ٥ ص ٤٥١.

(٦) أنساب الأشراف ج ٥ ص ٩٠ و ٧٨ ، وراجع : الكامل لابن الأثير ج ٣ ص ١٩١ ، وتاريخ الأمم والملوك (طبع دار المعارف) ج ٤ ص ٤٣٠.

٣٥٩

وكان بنو عمرو بن عوف قد أجلبوا على عثمان ، وكان زيد يذب عنه ، فقال له قائل منهم :

وما يمنعك؟! ما أقل والله من الخزرج من له من عضدان العجوة ما لك!

فقال زيد : اشتريت بمالي ، وقطع لي إمامي عمر ، وقطع لي إمامي عثمان.

فقال له ذلك الرجل : أعطاك عمر عشرين ألف دينار؟

قال : لا ، ولكن كان عمر يستخلفني على المدينة ، فو الله ، ما رجع من مغيب قط إلا قطع لي حديقة من نخل (١).

واستخلاف عمر له في أسفاره معروف ومشهور (٢).

هذا ، وقد أعطاه عثمان يوما مائة ألف مرة واحدة (٣).

وقد بلغ من ثراء زيد أن خلف من الذهب والفضة ما كان يكسر بالفؤوس غير ما خلف من الأموال والضياع بقيمة مائة ألف دينار (٤).

__________________

(١) تهذيب تاريخ دمشق ج ٥ ص ٤٥١ وراجع ص ٥٥٠ وراجع : الإصابة ج ١ ص ٥٦٢ ، وسير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٤٣٤ ، وأخبار القضاة ج ١ ص ١٠٨.

(٢) راجع في ذلك عدا عما تقدم وسيأتي : تذكرة الحفاظ ج ١ ص ٣١ والإصابة ج ١ ص ٥٦٢ ، والإستيعاب بهامشها ج ١ ص ٥٥٣ و ٥٥٢ والبداية والنهاية ج ٧ ص ٣٤٧ ، وشذرات الذهب ج ١ ص ٥٤ ، وسير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٤٢٧ و ٤٣ وتهذيب تاريخ دمشق ج ٥ ص ٤٥٠ ، وتهذيب الأسماء ج ١ ص ٢٠١ ، وأسد الغابة ج ٢ ص ٢٢٢.

(٣) أنساب الاشراف ج ٥ ص ٣٨ و ٥٢ ، والغدير ج ٨ ص ٢٩٢ و ٢٨٦.

(٤) الغدير ج ٨ ص ٢٨٤ عن مروج الذهب ج ١ ص ٤٣٤.

٣٦٠