الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٦

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٦

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-177-7
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٦٦

من فلان ، فأضاف كلمة : «قريب لعمر» ، كما يظهر من مراجعة الروايات التي تذكر كلام عمر هذا.

لا يصح ، إذ لم يكن أحد من أقارب عمر في بدر ، إلا إذا كانت قرابة من ناحية النساء ، وهي ليست بذات أهمية لديهم آنئذ لو كانت.

وعلى كل حال ، فقد سبقنا العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه إلى إساءة الظن بعمر من هذه الناحية ، وذلك حين فتح مكة ، حتى إنه ليقول له ـ حين أكثر في شأن أبي سفيان ، وأصر على قتله ـ : «لا ، مهلا يا عمر ، أما والله ، أن لو كان من رجال بني عدي بن كعب ما قلت هذا ، ولكنك عرفت : أنه من رجال بني عبد مناف» (١).

٣ ـ إن من الواضح : أن قتل الأقارب أمر مستبشع ، تنفر منه النفوس ، ولربما يوجب ذلك ابتعاد الناس عن الإسلام ، ومنعهم حتى من التفكير في الدخول في دين يكلفهم بمباشرة قتل إخوانهم. بل وقد يدفع ضعفاء النفوس من المسلمين إلى الارتداد ، إذا رأوا أنفسهم مكلفين بقتل أحبائهم وآبائهم بأيديهم ، مع إمكان أن يقوم غيرهم بهذا الأمر.

النبي صلّى الله عليه وآله لا يقتل أسيرا هرب :

قال الواقدي : إن رسول الله «صلى الله عليه وآله» لما أقبل من بدر ومعه أسارى المشركين ، كان من بينهم سهيل بن عمرو مقرونا إلى ناقة النبي «صلى الله عليه وآله» ، فلما صار من المدينة على أميال اجتذب نفسه فأفلت ، وهرب ، فقال

__________________

(١) مجمع الزوائد ج ٦ ص ٦٧ ، عن الطبراني ، ورجاله رجال الصحيح ، وحياة الصحابة ج ١ ص ١٥٤.

٤١

«صلى الله عليه وآله» : من وجد سهيل بن عمرو فليقتله ، وافترق القوم في طلبه ، فوجده النبي «صلى الله عليه وآله» فأعاده إلى الوثاق ولم يقتله.

وقد علل الشريف الرضي رحمه الله ذلك ، بأن الآمر لا يدخل تحت أمر نفسه ، لأن الآمر فوق المأمور في الرتبة أو يستحيل أن يكون فوق نفسه (١).

ونقول : إن كلام الرضي صحيح بالنسبة إلى شمول الإنشاء لنفس الآمر ، ولكن يبقى : أن ملاك الأمر بقتل سهيل إذا كان موجودا ، فلماذا لم يبادر النبي «صلى الله عليه وآله» إلى قتله ، ولو بأن يأمر بعض أصحابه بذلك؟ إذ إن الرسول «صلى الله عليه وآله» لم يكن ليقتل أحدا بيده الشريفة ، حسبما ستأتي الإشارة إليه.

فلا بد من القول بأن وجدان الرسول «صلى الله عليه وآله» له دونهم ، قد جعل من غير المصلحة أن يقتل ذلك الرجل.

أنين العباس في الوثاق :

وعلى كل حال ، فقد كان من جملة الأسرى عباس وعقيل. وقد سهر النبي «صلى الله عليه وآله» ليلة ، فقال له بعض أصحابه : ما يسهرك يا نبي الله؟

قال : أنين العباس.

فقام رجل من القوم ؛ فأرخى من وثاقه ، فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله» : ما بالي ما أسمع أنين العباس؟

فقال رجل من القوم : إني أرخيت من وثاقه شيئا.

__________________

(١) راجع : حقائق التأويل ج ٥ ص ١١١.

٤٢

فقال : «فافعل ذلك بالأسارى كلهم» (١).

وهذه هي الرواية القريبة والمعقولة ، التي تمثل عدل النبي «صلى الله عليه وآله» ودقته في مراعاة الأحكام الإلهية ، وصلابته في الدين. وهي المناسبة لمقامه الأسمى ، وما عرف عنه من كونه لا تأخذه في الله لومة لائم. لا تلك الروايات التي تمثل النبي «صلى الله عليه وآله» متحيزا إلى أقاربه ، وأنه هو الذي طلب منهم أن يرخوا من وثاق العباس فقط ؛ فإن النبي «صلى الله عليه وآله» لم يكن ليرفق بأقاربه ، ويعنف بغيرهم. والرواية التي تقول هذا لم ترد على الوجه الصحيح والكامل.

إلا أن يقال : إن علم النبي «صلى الله عليه وآله» بأنه قد خرج مكرها ، فكان ذنبه أخف من ذنب غيره ، يبرر أن يتصرف تجاهه بهذا النحو.

ونقول : إن الأمر وإن كان كذلك إلا أن النبي «صلى الله عليه وآله» وعدله إنما يقتضيان أن يعامل العباس كغيره من الأسرى ولا يفسح أي مجال للإيراد والإشكال. ولذلك نرى أنه لما قال له العباس إنه خرج مستكرها ، قال له النبي «صلى الله عليه وآله» : «أما ظاهر أمرك فقد كنت علينا» كما سيأتي عن قريب.

والظاهر : أن مكان العباس كان قريبا من النبي «صلى الله عليه وآله» ، فمنعه أنينه من الراحة ، لا أنه كان يعطف عليه خاصة دون غيره من الأسرى.

__________________

(١) تاريخ الخميس ج ١ ص ٣٩٠ ، وصفة الصفوة ج ١ ص ٥١٠. وعند عبد الرزاق في المصنف ج ٥ ص ٣٥٣ : أن أنصاريا قال له «صلى الله عليه وآله» : أفلا أذهب فأرخي عنه شيئا؟ قال : إن شئت فعلت ذلك من قبل نفسك ، فانطلق الأنصاري ، فأرخى عن وثاقه ، فسكن «صلى الله عليه وآله» ونام ودلائل النبوة للبيهقي ج ٢ ص ٤١٠.

٤٣

فداء العباس وإسلامه :

وغنم المسلمون من العباس عشرين أو أربعين أوقية ذهبا ـ والأوقية أربعون مثقالا ـ فطلب أن تحسب من فدائه. فقال «صلى الله عليه وآله» : فأما بشيء خرجت تستعين به علينا ؛ فلا نتركه لك.

قالوا : وذلك لأنه خرج بها ليطعم بها المشركين (١).

وأمره «صلى الله عليه وآله» بمفاداة نفسه ، وعقيلا ، ونوفل ابني أخيه ؛ فأنكر أن يكون له مال.

فقال له «صلى الله عليه وآله» : أعط ما خلفته عند أم الفضل ، فقلت لها : إن أصابني شيء ، فأنفقيه على نفسك وولدك. فسأله من أخبره بهذا ، فلما عرف أنه جبرائيل قال : محلوفة (٢) ، ما علم بهذا أحد إلا أنا وهي ، أشهد أنك رسول الله.

فرجع الأسارى كلهم مشركين ، إلا العباس وعقيلا ونوفل كرم الله وجوههم ، وفيهم نزلت هذه الآية. (قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(٣).

وفي نص آخر : أنه «صلى الله عليه وآله» قال للعباس : يا عباس ، إنكم خاصمتم الله فخصمكم (٤).

__________________

(١) أسباب النزول للواحدي ص ١٣٨ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ١٩٨.

(٢) المحلوفة : القسم.

(٣) الآية ٧٠ في سورة الأنفال ، والرواية معتبرة السند في تفسير البرهان ج ٢ ص ٩٤ ، وراجع : تفسير الكشاف ج ٢ ص ٢٣٨ ، وغير ذلك.

(٤) البحار ج ١٩ ص ٢٥٨ ، وتفسير القمي ج ١ ص ٢٦٨.

٤٤

وفي رواية أخرى : أنه لما طلب منه الفداء ادعى : أنه كان قد أسلم ، لكن القوم استكرهوه.

فقال له «صلى الله عليه وآله» : الله أعلم بإسلامك ، إن يكن ما تقول حقا ؛ فإن الله يجزيك عليه ، فأما ظاهر أمرك فقد كنت علينا (١).

وهذا يدل على أنه لا مجال لدعوى : أن العباس كان قد أسلم قبل بدر سرا ، كما عن البعض (٢). إلا إذا أراد أن يستند في ذلك إلى دعوى العباس نفسه ، وهي دعوى لم يقبلها منه رسول الله «صلى الله عليه وآله».

ومما يدل على أنه لم يكن في بدر مسلما عدا ما تقدم : أنه لما أسر يوم بدر أقبل المسلمون عليه ، يعيرونه بكفره بالله ، وقطيعة الرحم ، وأغلظ له علي القول : فقال العباس : ما لكم تذكرون مساوينا ، ولا تذكرون محاسننا؟

فقال له علي : ألكم محاسن؟

قال : نعم ، إنا لنعمر المسجد الحرام ، ونحيي الكعبة ، ونسقي الحاج ، ونفك العاني.

فأنزل الله تعالى : (ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللهِ شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ)(٣).

__________________

(١) المصدران السابقان ، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٣٩٠ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ١٩٨.

(٢) راجع : البداية والنهاية ج ٣ ص ٣٠٨ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ١٨٨ و١٩٨ ، وطبقات ابن سعد ج ٤ ص ٢٠ قسم ١.

(٣) الآية ١٧ من سورة التوبة. والحديث في : أسباب النزول للواحدي ص ١٣٩ ، وليراجع الدر المنثور ج ٣ ص ٢١٩ عن ابن جرير ، وأبي الشيخ عن الضحاك ، لكن الآية هي آية سقاية الحاج الآتية.

٤٥

وفي رواية أخرى : أنه قال : لئن سبقتمونا بالإسلام والجهاد والهجرة ، لقد كنا نعمر المسجد الحرام ، ونسقي الحاج ؛ فأنزل الله تعالى : (أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ) الآية (١).

ولكن هذه الآية ، والآية السابقة ، في الرواية المتقدمة هما في سورة التوبة ، التي نزلت في أواخر سني حياته «صلى الله عليه وآله» أي بعد بدر بعدة سنوات.

فلعل ما ذكرته الروايتان لم يكن في بدر ، بل كان يوم فتح مكة ، ويكون تصريح الرواية السابقة ببدر من اشتباه الرواة.

لكن يرد على ذلك : أن العباس لم يؤسر يوم الفتح ، فلماذا يغلظ له علي «عليه السلام»؟

إلا أن يقال : لعل ذلك قد كان قبل إعلان النبي «صلى الله عليه وآله» بالكف ، وإعطاء الأمان لهم.

وفي نص آخر : أن الأنصار كانوا يريدون قتل العباس ؛ فأخذه الرسول منهم ، «فلما صار في يده : قال له عمر : لأن تسلم أحب إلي من أن يسلم الخطاب ، وما ذاك إلا لما رأيت رسول الله يعجبه إسلامك» (٢).

__________________

(١) الآية ١٩ من سورة التوبة. والحديث في : أسباب النزول للواحدي ص ١٣٩ ، والدر المنثور ج ٣ ص ٢١٨ عن ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، وعبد الرزاق ، وابن أبي شيبة ، وأبي الشيخ.

(٢) البداية والنهاية ج ٣ ص ٢٩٨ عن الحاكم ، وابن مردويه ، وحياة الصحابة ج ٢ ص ٢٤٤ و٢٤٥ عن كنز العمال ج ٧ ص ٦٩ عن ابن عساكر.

٤٦

بل لقد جاء أنه لم يظهر للعباس إسلام إلا عام الفتح (١).

وهذا التعبير هو الأقرب إلى الصواب ؛ فإنه إن كان قد أسلم في بدر : كما يدل عليه ما تقدم ، ولا سيما رواية تفسير البرهان المعتبرة سندا. فإنما أسلم سرا ، وكان يتظاهر للمشركين بما يرضيهم ، حفاظا على مصالحه ، وأمواله ، وعلاقاته ، فإن قريشا لم تكن تتحمل وجود مسلم بينها هذه السنوات الطويلة ، وحروبها مع محمد قائمة على قدم وساق ، يقتل أبناءها وإخوانها ، ويعور عليها طريق متجرها ، ويذلها بين العرب ، ولا سيما إذا كان ذلك المسلم هو عم ذلك الرجل وقريبه.

وصداقته مع أبي سفيان لم تكن لتسمح له بالبقاء في مكة ، فإن القرشيين قد نكلوا بأحبائهم فكيف يسكتون عن أصدقائهم؟ وشروط قريش على النبي «صلى الله عليه وآله» في الحديبية أدل دليل على شدتها في هذا الأمر ، وعدم تسامحها فيه على الإطلاق.

نعم ، ربما يقال : إن النبي «صلى الله عليه وآله» قد أمره بالمقام بين أظهرهم ليكون عينا له.

ويقال : إنه كان يكتب للنبي «صلى الله عليه وآله» بأخبارهم ، وقد أخبره بحرب أحد على ما يظن. ولكن ذلك لا يدل على إسلام العباس ، نعم ، هو يدل على نصحه لرسول الله «صلى الله عليه وآله» ، ولو بدافع الرحم والحمية ، فلا بد أن يعرف الرسول «صلى الله عليه وآله» ذلك له ، ويكافئه عليه.

__________________

(١) السيرة الحلبية ج ٢ ص ١٩٩.

٤٧

إشارة :

وما دمنا في الحديث عن العباس ، فلا بأس بالإشارة إلى أن من الملاحظ : أنه كان يهتم في المال ، ويحب الحصول عليه.

ولقد رأيناه يطالب النبي «صلى الله عليه وآله» بالمال ، لأنه أعطى فداءه وفداء عقيل في بدر. فقد جاء : أنه جاء النبي «صلى الله عليه وآله» مال من البحرين ، وصار يقسمه ، فجاء العباس ، فقال : «يا رسول الله ، إني أعطيت فدائي ، وفداء عقيل (رض) يوم بدر ، ولم يكن لعقيل مال ، أعطني هذا المال». فأعطاه «صلى الله عليه وآله» (١).

وتضيف بعض الروايات : أنه «صلى الله عليه وآله» ما زال يتبعه بصره «حتى خفي علينا عجبا من حرصه» (٢).

وليلاحظ أسلوبه للحصول على بقية من المال ، بقيت بعد القسم بين الناس في الرواية التالية :

أخرج ابن سعد : أنه بقي في بيت مال عمر شيء ، بعد ما قسم بين الناس ، فقال العباس لعمر وللناس : أرأيتم ، لو كان فيكم عم موسى «عليه السلام» أكنتم تكرمونه؟

__________________

(١) صحيح البخاري ج ١ ص ٥٥ و٥٦ ، وج ٢ ص ١٣٠ ، ومستدرك الحاكم ج ٣ ص ٣٢٩ و٣٣٠ ، وتلخيصه للذهبي بهامشه ، وصححاه ، وطبقات ابن سعد ج ٤ قسم ١ ص ٩ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٠٠ ، وحياة الصحابة ج ٢ ص ٢٢٥ ، والتراتيب الإدارية ج ٢ ص ٨٨ و٨٩.

(٢) صحيح البخاري ج ١ ص ٥٥ و٥٦ ، وج ٢ ص ١٣٠ ، والتراتيب الإدارية ج ٢ ص ٨٩.

٤٨

قالوا : نعم.

قال : فأنا أحق به ، أنا عم نبيكم «صلى الله عليه وآله».

فكلم عمر الناس ؛ فأعطوه تلك البقية التي بقيت (١).

وعلى كل حال ، فقد حصل على ما كان يتمناه ، حتى لينقلون عنه قوله حينما أعطاه «صلى الله عليه وآله» : أما أحد ما وعد الله فقد أنجز لي ، ولا أدري الأخرى : (قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ)(٢) هذا خير مما أخذ مني ، ولا أدري ما يصنع بالمغفرة (٣).

مؤامرة على حياة النبي صلّى الله عليه وآله :

وكان قد أسر لعمير بن وهب ولد ، فاتفق عمير مع صفوان بن أمية سرا على أن يقدم عمير المدينة ، ويغتال النبي «صلى الله عليه وآله» في مقابل أن يقضي صفوان دين عمير.

وتكاتما على هذا الأمر ، وشحذ عمير سيفه وسمه ، وقدم المدينة ؛ فأذن له الرسول بالدخول ، فخاف منه عمر ؛ فأخذ بحمالة سيفه في عنقه ، ثم دخل به على الرسول.

__________________

(١) طبقات ابن سعد ج ٤ قسم ١ ص ٢٠ ، وحياة الصحابة ج ٢ ص ٢٣٤ ، وتهذيب تاريخ دمشق ج ٧ ص ٢٥١.

(٢) الآية ٧٠ من سورة الأنفال.

(٣) مستدرك الحاكم ج ٣ ص ٣٢٩ ، وتلخيصه للذهبي وصححاه ، وطبقات ابن سعد ج ٤ قسم ١ ص ٩ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٢٠ ، وحياة الصحابة ج ٢ ص ٢٢٥.

٤٩

فلما رآه «صلى الله عليه وآله» قال لعمر : أرسله يا عمر. فأرسله ، فاستدناه ، ثم سأله عما جاء به ؛ فقال : جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم ـ يعني وهبا ـ فأحسنوا فيه.

فقال «صلى الله عليه وآله» : فما بال السيف؟

قال : قبحها الله من سيوف ، وهل أغنت شيئا؟!

فأخبره «صلى الله عليه وآله» بما جرى بينه وبين صفوان في الحجر ؛ فأسلم عمير.

فقال «صلى الله عليه وآله» : فقهوا أخاكم في دينه ، وأقرئوه القرآن ، وأطلقوا أسيره ، ففعلوا ذلك.

ثم لحق عمير بمكة يدعو إلى الله ، ويؤذي المشركين بإذن منه «صلى الله عليه وآله» ، وحلف صفوان ألا يكلمه ، ولا ينفعه بنافعة (١).

موقف النبي صلّى الله عليه وآله من قلائد زينب :

وبعثت زينب بنت الرسول «صلى الله عليه وآله» ـ بل ربيبته ـ بفداء زوجها أبي العاص بن الربيع ، وكان من جملة ما بعثت به قلائد كانت خديجة جهزتها بها.

فترحم الرسول «صلى الله عليه وآله» على خديجة ، ورق لزينب رقة شديدة ، وطلب من المسلمين أن يطلقوا لها أسيرها ؛ ففعلوا. وأطلقه «صلى الله عليه وآله» مقابل أن يرسل إليه زينب بسرعة. فوفى بما وعد وأرسلها (٢) ،

__________________

(١) السيرة النبوية لابن هشام ج ٢ ص ٣١٧ و٣١٨.

(٢) السيرة النبوية لابن هشام ج ٢ ص ٣٠٨ ، وتاريخ الأمم والملوك ط الإستقامة

٥٠

وجرى لها حين هجرتها ما سوف نشير إليه فيما يأتي إن شاء الله تعالى.

سؤال يحتاج إلى جواب :

ويرد هنا سؤال : هل كان النبي «صلى الله عليه وآله» عاطفيا حقا إلى حد تدفعه رقته إلى إطلاق أسير كان يمكن للمسلمين أن يساوموا عليه ، ويحصلوا على ما يقويهم ضد عدوهم؟!

وهل مجرد تربيته لزينب تكفي لهذا الموقف المتميز له منها؟

وهل كان يرغب في مراعاة جانب من يمت إليه بصلة أكثر من الآخرين؟

وهل هذا ينسجم مع رسالته وسجاياه وأخلاقه؟!

الجواب : لا ، فإن ثمة مصلحة في هذا الموقف ، تعود على الإسلام والمسلمين بالنفع وبالخير العميم. وإلا لكان موقفه «صلى الله عليه وآله» من هؤلاء لا يختلف عن موقفه من غيرهم ، ممن على شاكلتهم. وموقفه من عمه أبي لهب لعنه الله ليس بعيدا عن أذهاننا. وكذا موقفه من عمه العباس.

ونرى : أن في موقف النبي «صلى الله عليه وآله» هنا تأكيدا على أن الإسلام يحترم ويقدر مواقف الآخرين وخدماتهم. وخديجة من هؤلاء الذين استحقوا منه هذا التقدير ، فكان منه «صلى الله عليه وآله» هذا الموقف ممن تحبهم خديجة.

وكان «صلى الله عليه وآله» يهتم بإكرام صديقات خديجة ، فكان «صلى

__________________

ج ٢ ص ١٦٤ ، والكامل في التاريخ ج ٢ ص ١٣٤ ، والبحار ج ١٩ ص ٢٤١ ، ودلائل النبوة ط دار المكتبة العلمية ج ٣ ص ١٥٤ ، وتاريخ الإسلام للذهبي (قسم المغازي) ص ٤٦.

٥١

الله عليه وآله» يرسل لهن ما يهدى إليه باستمرار ، حتى إن عائشة أم المؤمنين أسمعته ما يكره في حقها رحمها الله (١) لأجل ذلك.

ولو أن هذه الخدمات كانت من غير خديجة ، لكان للنبي «صلى الله عليه وآله» نفس هذا الموقف ، أي إنه سوف يشجع كل ما يكون في هذا الاتجاه ، من أي كان ، وعلى أي مستوى كان.

أضف إلى ذلك : أن هذه مناسبة يستطيع فيها «صلى الله عليه وآله» إنقاذ نفس من مقاساة العناء والآلام وتخليصها من بين المشركين ، ألا وهي زينب رحمها الله ، فلم لا يفعل؟!

هذا كله عدا عن أنه لم يطلق أبا العاص من غير فداء ، فقد أرسلت زينب بالفداء ، فما هو المبرر لإمساكه؟

أستاذ المعتزلي وقضية زينب :

ويقول ابن أبي الحديد المعتزلي عن رقته «صلى الله عليه وآله» في هذا الموقف : «قرأت على النقيب أبي جعفر يحيى بن أبي زيد البصري ـ (وقد قرظه المعتزلي في موضع آخر) ـ (٢) رحمه الله هذا الخبر ؛ فقال : أترى أبا بكر

__________________

(١) تقدمت المصادر لذلك في فصل : بيعة العقبة حين الكلام حول غيرة عائشة.

(٢) فقد وصفه في شرحه للنهج ج ١٢ ص ٩٠ بأنه : «لم يكن إمامي المذهب ، ولا كان يبرأ من السلف ، ولا يرتضي قول المسرفين من الشيعة» ووصفه في ج ٩ ص ٢٤٨ بأنه كان : «منصفا ، وافر العقل». ونقل في هامش البحار ج ١٩ عنه أنه وصفه بالوثاقة والأمانة ، والبعد عن الهوى والتعصب ، والإنصاف في الجدال ، مع غزارة العلم ، وسعة الفهم ، وكمال العقل.

٥٢

وعمر لم يشهدا هذا المشهد؟

أما كان يقتضي الكرم والإحسان أن يطيب قلب فاطمة بفدك ، ويستوهب لها من المسلمين؟!

أتقصر منزلتها عند رسول الله «صلى الله عليه وآله» عن منزلة زينب أختها ، وهي سيدة نساء العالمين؟!!

هذا إن لم يثبت لها حق ، لا بالنحلة ، ولا بالإرث» (١).

فداء الأسير تعليم الكتابة :

قال المقريزي : «وكان في الأسرى من يكتب ، ولم يكن في الأنصار من يحسن الكتابة ، وكان منهم من لا مال له ، فيقبل منهم أن يعلم عشرة من الغلمان ، ويخلي سبيله ؛ فيومئذ تعلم زيد بن ثابت الكتابة في جماعة من غلمان الأنصار.

أخرج الإمام أحمد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : كان ناس من الأسرى يوم بدر ، لم يكن لهم فداء ؛ فجعل رسول الله «صلى الله عليه وآله» فداءهم أن يعلموا أولاد الأنصار الكتابة.

ثم ذكر المقريزي قصة من ضربه معلمه ، ثم قال : وقال عامر الشعبي : كان فداء الأسرى من أهل بدر أربعين أوقية ؛ فمن لم يكن عنده علم عشرة من المسلمين ؛ فكان زيد بن ثابت ممن علم» (٢).

__________________

(١) شرح النهج للمعتزلي ج ١٤ ص ١٩١.

(٢) راجع : التراتيب الإدارية ج ١ ص ٤٨ و٤٩ عن المطالع النصرية في الأصول الخطية لأبي الوفاء نصر الدين الهوريني ، وعن السهيلي ومسند أحمد ج ١ ـ

٥٣

ونقول :

إن جعل فداء الأسرى هو تعليم عشرة من أطفال المسلمين ، ليعتبر أول دعوة في التاريخ لمحو الأمية ، سبق الإسلام بها جميع الأمم. وقد أتى الحكم بن سعيد بن العاص النبي ؛ فسأله عن اسمه ؛ فأخبره فغير «صلى الله عليه وآله» اسمه إلى عبد الله ، وأمره أن يعلم الكتاب بالمدينة (١).

وذلك يعبر عن مدى اهتمام الإسلام بالعلم في وقت كانت فيه أعظم الدول كدولة الأكاسرة تمنع بصورة قاطعة من تعليم القراءة والكتابة لأحد من غير الهيئة الحاكمة ، حتى إن أحد التجار قد عرض أن يقدم جميع الأموال اللازمة لحرب أنوشيروان مع قيصر الروم على أن يسمح له بتعليم ولده (٢).

بل لقد كانت بعض الفئات العربية تعد المعرفة بالكتابة عيبا كما أشرنا إليه فيما سبق (٣) في المدخل لدراسة السيرة فراجع.

وهذا الإسلام قد جاء ليطلق أعدى أعدائه ، في أدق الظروف ،

__________________

ص ٢٤٧ ، والإمتاع ص ١٠١ ، والروض الأنف ج ٣ ص ٨٤ ، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٣٩٥ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ١٩٣ ، وطبقات ابن سعد ج ٢ قسم ١ ص ١٤ ، ونظام الحكم في الشريعة والتاريخ الإسلامي (الحياة الدستورية) ص ٤٨.

(١) نسب قريش لمصعب الزبيري ص ١٧٤ ، والإصابة ج ١ ص ٣٤٤ عنه.

(٢) خدمات متقابل إسلام وإيران ص ٢٨٣ و٢٨٤ و٣١٤ ، وراجع ص ٣١٠ عن شاهنامه فردوسي ج ٦ ص ٢٥٨ ـ ٢٦٠.

(٣) الشعر والشعراء ص ٣٣٤ ، والتراتيب الإدارية ج ٢ ص ٢٤٨.

٥٤

وأخطرها في مقابل تعليمهم لعشرة من غلمان المسلمين ، مع أنه ربما تكون الاستفادة من فداء هؤلاء الأسرى ، أو استخدامهم في مهمات المسلمين ، أو جعلهم وسيلة للضغط السياسي على قريش ، له أهمية كبيرة بالنسبة لهذا المجتمع الناشئ ، الذي يولد في مجتمع يرفضه ، ويحاول القضاء عليه ، وأمامه طريق طويل وشاق من النضال والكفاح من أجل الحياة والبقاء ، وإقامة الدولة الإسلامية ، ونشر تعاليم رسالة السماء.

معاملة الأسرى :

ويلاحظ : أن المسلمين الذين ذاقوا الأمرين على أيدي المشركين ، يظفرون الآن بعدوهم ، ويصير أولئك الذين عذبوهم بالأمس ، وأخرجوهم من ديارهم ، وسلبوهم أموالهم ، وقطعوا أرحامهم ـ يصيرون ـ أذلاء في أيديهم ، وتحت رحمتهم.

فماذا تراهم صانعين بهم؟

أو بأي نحو وكيفية سوف يأخذون بثاراتهم منهم؟

التوقعات كثيرة ، ولكن ما جرى كان مخالفا لكل التوقعات ؛ فهم لم يحاولوا أن يأخذوا بثاراتهم ، ولا اغتنموا الفرصة التي أتيحت لهم ؛ بل صدر الأمر لهم من القائد الأعظم بكلمة واحدة : استوصوا بالأسرى خيرا.

فأطاعوا الأمر ، وشاركوهم في أموالهم حتى كان أحدهم يؤثر أسيره بطعامه (١).

__________________

(١) راجع : الطبري ج ٢ ص ١٥٩ ، والكامل لابن الأثير ج ٢ ص ١٣١ ، وسيرة ابن هشام ج ٢ ص ٢٩٩ و٣٠٠ ، ومغازي الواقدي ج ١ ص ١١٩ ، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٣٨٨.

٥٥

هذه من علاه إحدى المعالي

وعلى هذه فقس ما سواها

سودة بنت زمعة تحرض على رسول الله صلّى الله عليه وآله :

ومما يثير فينا الدهشة والعجب هنا : أن نجد سودة بنت زمعة تحرض المشركين على رسول الله «صلى الله عليه وآله» وعلى المسلمين. فإنها حين جيء بأسارى بدر ورأت «سهيل بن عمرو في ناحية الحجرة ، مجموعة يداه إلى عنقه بحبل قالت : فلا والله ما ملكت نفسي حين رأيت أبا يزيد كذلك أن قلت :

أي أبا يزيد ، أعطيتم بأيديكم؟ ألا متم كراما؟!

فو الله ما أنبهني إلا قول رسول الله «صلى الله عليه وآله» من البيت : «يا سودة ، أعلى الله وعلى رسوله تحرضين؟!

قالت : قلت : يا رسول الله ، والذي بعثك بالحق ، ما ملكت نفسي حين رأيت أبا يزيد مجموعة يداه إلى عنقه : أن قلت ما قلت» (١).

وتشير بعض النصوص إلى سلبيات في حياتها مع النبي «صلى الله عليه وآله» ، حتى إن النبي «صلى الله عليه وآله» قد بعث إليها بطلاقها ، فناشدته أن يراجعها ، فجعلت يومها وليلتها لعائشة ، التي كانت تثني عليها ، حتى قالت : ما من الناس أحد أحب إلي أن أكون في مسلاخه من سودة الخ .. (٢).

__________________

(١) البداية والنهاية ج ٣ ص ٣٠٧.

(٢) الإصابة ج ٤ ص ٣٣٨ وغير ذلك كثير.

٥٦

الفصل الرابع :

نهاية المطاف

٥٧
٥٨

أهل بدر مغفور لهم :

ويذكرون : أنه حينما كان رسول الله «صلى الله عليه وآله» يتجهز لفتح مكة ، كتب حاطب ابن أبي بلتعة كتابا إلى أهل مكة يحذرهم ، وأعطاه امرأة لتوصله إليهم.

فأخبر جبرائيل النبي «صلى الله عليه وآله» بالأمر ، فأرسل عليا ونفرا معه إلى روضة خاخ (موضع بين مكة والمدينة) ليأخذوا الكتاب منها ، فأدركوها في ذلك المكان ، وفتشوا متاعها فلم يجدوا شيئا ، فهموا بالرجوع.

فقال علي «عليه السلام» : والله ما كذبنا ولا كذّبنا ، وسل سيفه ، وقال لها : أخرجي الكتاب وإلا لأضربن عنقك ، فلما رأت الجد أخرجته من ذؤابتها.

فرجعوا بالكتاب إلى النبي «صلى الله عليه وآله» ، فأرسل إلى حاطب فسأله عنه ، فاعترف به ، وادّعى : أنه إنما فعل ذلك لأنه خشيهم على أهله ، فأراد أن يتخذ عندهم يدا فصدقه رسول الله «صلى الله عليه وآله» وعذره.

لكن عمر بن الخطاب قد رأى : أن حاطبا قد خان الله ورسوله ، فطلب من النبي «صلى الله عليه وآله» أن يضرب عنق حاطب ، فقال له النبي «صلى الله عليه وآله» :

٥٩

أليس من أهل بدر؟ لعل ـ أو إن ـ الله اطلع على أهل بدر ، فقال : اعملوا ما شئتم ، فقد وجبت لكم الجنة. أو فقد غفرت لكم (١).

__________________

(١) راجع : البخاري ط سنة ١٣٠٩ ج ٢ ص ١١٠ ، وج ٣ ص ٣٩ و١٢٩ وط مشكول كتاب المغازي ، غزوة بدر وج ٩ ص ٢٣ ، وفتح الباري ج ٦ ص ١٠٠ ، وج ٨ ص ٤٨٦ وج ٧ ص ٢٣٧ ، عن أحمد ، وأبي داود ، وابن أبي شيبة ، والبداية والنهاية ج ٤ ص ٢٨٤ ، وج ٣ ص ٣٢٨ عن الخمسة ، ما عدا ابن ماجة ، ومجمع الزوائد ج ٨ ص ٣٠٣ ، وج ٩ ص ٣٠٣ و٣٠٤ وج ٦ ص ١٦٢ و١٦٣ عن أحمد ، وأبي يعلى ، والبزار ، وحياة الصحابة ج ٢ ص ٤٦٣ و٣٦٤ عن بعض من تقدم ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٠٣ و١٩٢ ، ومجمع البيان ج ٩ ص ٢٦٩ و٢٧٠ ، وتفسير القمي ج ٢ ص ٣٦١ ، والإرشاد للمفيد ص ٣٣ و٣٤ و٦٩ ، وصحيح مسلم ج ٤ ص ١٩٤١ ط دار إحياء التراث العربي ، والمغازي ج ٢ ص ٧٩٧ و٧٩٨ ، وأسباب النزول ص ٢٣٩ ، وتاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٤٧ ، وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج ٦ ص ٥٨ ، وج ١٧ ص ٢٦٦ ، وسنن أبي داود ج ٣ ص ٤٤ و٤٥ و٤٨ ، والتبيان للطوسي ج ٩ ص ٢٩٦ ، وأسد الغابة ج ١ ص ٣٦١ والدر المنثور للسيوطي ج ٦ ص ٢٠٣ ، وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص ٩٣ و٤٣٩ و٤٤٠ ، والسنن الكبرى ج ٩ ص ١٤٦ ، والسيرة النبوية لابن هشام ج ٤ ص ٣٩ و٤١ ، ودلائل النبوة للبيهقي ج ٢ ص ٤٢١ و٤٢٢ ، الجامع الصحيح ج ٥ ص ٤٠٩ و٤١٠ ، ومسند الشافعي ص ٣١٦ ، والطبقات الكبرى ج ٢ ص ٩٧ ، وتفسير فرات ص ١٨٣ و١٨٤ ، ولسان العرب ج ٤ ص ٥٥٧ ، والمبسوط للشيخ الطوسي ج ٢ ص ١٥ ، وتاريخ الأمم والملوك ج ٣ ص ٤٨ و٤٩ ، والمناقب لابن شهرآشوب ج ٢ ص ١٤٣ و١٤٤ ، وكنز العمال ج ١٧ ص ٥٩ ، وتهذيب تاريخ دمشق ج ٦ ص ٣٧١ ، والبحار ط بيروت ج ٧٢ ص ٣٨٨ ، وج ٢١ ص ١٢٥ و١١٩ و١٢٠ و١٣٦ و١٣٧ و (ط حجرية) ج ٨ ص ٦٤٣ عن إرشاد المفيد ، وإعلام الورى ، ـ

٦٠