الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٦

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٦

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-177-7
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٦٦

منهم يعيشون في دناءة من العيش وفيهم شح كبير ، ولؤم وبخل ظاهر ، وخسة لا يحسدون عليها. هذا إلى جانب إهمال الكثير منهم جانب النظافة المطلوبة ، كما يظهر لمن سبر أحوالهم ، وعاش في بيئتهم.

ويعتقد اليهود : أن الله سيغفر لهم كل ما يرتكبونه من جرائم وعظائم. وهذا ما يشجعهم على الفساد والانحراف ، والإمعان في المنكرات والجرائم.

وقد رد الله تعالى على عقيدتهم هذه (١) ، حينما قال : (وَقَطَّعْناهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَماً مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذلِكَ وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ، فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا ما فِيهِ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ)(٢).

٤ ـ جبن اليهود :

وبعد ما تقدم ، وبعد أن كان اليهودي ضعيف الاعتقاد أو قليل الاهتمام بالآخرة ، فإن من الطبيعي أن يكون اليهود شعبا جبانا ، لأنه يخشى الموت ، ويرهب الأخطار ، لأنه يرى بالموت نهايته الحقيقية (٣).

__________________

(١) اليهود في القرآن ص ٤٤ و٤٥.

(٢) الآيتين ١٦٨ و١٦٩ من سورة الأعراف.

(٣) ويلاحظ : أن العرب في هذه الأيام يجبنون عن مواجهة اليهود في حرب الكرامة والشرف ، لماذا؟ أليس لأجل ابتعادهم عن دينهم واستسلامهم لانحرافاتهم ، وحبهم للحياة ، وقلة يقينهم بالموت والمعاد.

٣٤١

ومن طبع الجبان أن يتعامل مع خصومه بأساليب المكر والخداع ، والغدر والخيانة بالدرجة الأولى.

من أسباب عداء اليهود للإسلام :

ونشير هنا إلى أننا نلاحظ : أن اليهود بدأوا يحاربون الإسلام من أول يوم ظهوره ، وكانوا وما زالوا يحقدون عليه ، رغم أنهم كانوا أول من بشر بظهور النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله» ، مستندين في بشاراتهم تلك إلى الدلائل القاطعة التي يجدونها في كتبهم.

ونستطيع أن نذكر من أسباب عدائهم للمسلمين وللإسلام :

ألف : تشريعات تخيفهم :

إنهم قد وجدوا أن هذا النبي يدعو الناس إلى دين هو نظام كامل وشامل للحياة ؛ وأن هذا الدين قد جاء بنظام اقتصادي متكامل ومتوازن ؛ واهتم بمحاربة الربا ، والاحتكار ، وجميع أنواع وأشكال استغلال إنسان لإنسان آخر ؛ وجعل في أموال الناس حقا معلوما للسائل والمحروم ، فلم ينسجم ذلك مع أطماعهم ، ومع ما ألفوه وأحبوه ، بل رأوه يتنافى مع تلك الأطماع ومع أهدافهم ومصالحهم ، ومع نظرتهم للكون ، وللحياة ، والإنسان.

ب : الإسلام يزداد قوة :

والذي زاد من حنقهم وحقدهم : أنهم كانوا يأملون أن يتم القضاء على هذا الدين من قبل قومه القرشيين ، ومن معهم من ذؤبان العرب ، دون أن يكلفهم ذلك أية خسائر ؛ خصوصا في الأرواح ، فرضوا بالمعاهدة التي

٣٤٢

سلف ذكرها. ولكن فألهم قد خاب ، فها هو الإسلام يزداد قوة ، واتساعا ونفوذا ، يوما عن يوم. وها هو يسجل في بدر العظمى أروع البطولات ، وأعظم الانتصارات ، فلم يعد يقر لهم قرار ، أو يطيب لهم عيش ، إذ كان لا بد ـ بنظرهم ـ من القضاء على هذا الدين قبل أن يعظم خطره ويكتسح المنطقة ، ويضري بهم إعصاره الهادر.

ج : يقظة المسلمين :

وزاد في حنقهم وقلقهم : أنهم رأوا النبي «صلى الله عليه وآله» والمسلمين معه ، كما أنهم لا يخدعون ، ولا يؤخذون بالمكر والحيلة ، كذلك هم لا يستسلمون للضغوط ، ولا تثنيهم المصاعب والمشقات مهما عظمت. وكلما زاد الإسلام اتساعا كلما زاد الطموح لدى المسلمين ، والضعف لدى خصومهم ، إذا ، فلا بد من اهتبال الفرصة ، ومناهضة هذا الدين ، والقضاء عليه بالسرعة الممكنة.

د : الجيران .. الأعداء :

ويقول الجاحظ : «إن اليهود كانوا جيران المسلمين بيثرب وغيرها ؛ وعداوة الجيران شبيهة بعداوة الأقارب ، في شدة التمكن وثبات الحقد ، وإنما يعادي الإنسان من يعرف ، ويميل على من يرى ، ويناقض من يشاكل ، ويبدو له عيوب من يخالط ، وعلى قدر الحب والقرب يكون البغض والبعد ، ولذلك كانت حروب الجيران وبني الأعمام من سائر الناس وسائر العرب أطول ، وعداوتهم أشد.

فلما صار المهاجرون لليهود جيرانا ، وقد كانت الأنصار متقدمة

٣٤٣

الجوار ، مشاركة في الدار ، حسدتهم اليهود على نعمة الدين ، والاجتماع بعد الافتراق ، والتواصل بعد التقاطع الخ ..» (١).

ه : حسدهم للعرب :

ثم هناك حسدهم للعرب أن يكون النبي الذي تعد به توراتهم منهم ، وليس إسرائيليا ، وقد أشار إلى ذلك تعالى فقال : (وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ ، بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ)(٢).

ولعل هذا هو السر في أنهم ـ حسبما يقوله البعض ـ حينما طلب النبي «صلى الله عليه وآله» منهم أن يدخلوا في الإسلام امتعضوا ، وأخذوا يخاصمون رسول الله «صلى الله عليه وآله» (٣).

و : الإسلام يوحد ويجمع :

لقد عز عليهم وأرهبهم : ما رأوه من قدرة الإسلام على توحيد أهل المدينة : الأوس والخزرج ، الذين كانوا إلى هذا الوقت أعداء يسفك بعضهم

__________________

(١) ثلاث رسائل للجاحظ (رسالة الرد على النصارى) ص ١٣ و١٤ نشر يوشع فنكل سنة ١٣٨٢ ه‍.

(٢) الآيتين ٨٩ و٩٠ من سورة البقرة.

(٣) راجع : اليهود في القرآن ص ٢٣.

٣٤٤

دماء بعض ، قال تعالى : (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)(١).

ز : الإسلام يبطل مزاعمهم :

ثم إنهم قد رأوا : أن هذا الدين يبطل مزاعمهم ، ويقضي على اليهودية ، وعلى أحلام بني إسرائيل وقد أبطل أسطورتهم في دعواهم التفوق العلمي ، وأظهر كذبهم في موارد كثيرة ، وتبين لهم : أن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه.

أضف إلى ذلك : أنه قد ظهر أن نبي الإسلام أفضل من موسى ، ومن سائر الأنبياء «عليهم السلام». وأصبحوا يرون الناس يؤمنون بدين جديد ، هو غير اليهودية ، وهم يقولون : (لا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ)(٢).

وفوق ذلك كله ، فإن الإسلام يرفض إعطاء الامتيازات على أساس عرقي ، وهو يساوي بينهم وبين غيرهم ، وهذا ذنب آخر لا يمكن لهم الإغماض عنه بسهولة.

اليهود في مواجهة الإسلام :

لقد حاول اليهود مواجهة المد الإسلامي الكاسح بكل ما لديهم من قوة وحول. ونذكر هنا بعض ما يرتبط بالأساليب والطرق التي حاولوا الاستفادة منها في هذا السبيل ، من دون ملاحظة الترتيب بينها ، لا سيما وأن بعضها متداخل في الأكثر مع بعض ، فنقول :

__________________

(١) الآية ٦٣ من سورة الأنفال.

(٢) الآية ٧٣ من سورة آل عمران.

٣٤٥

١ ـ قد أشار الجاحظ إلى أنهم : «شبهوا على العوام ، واستمالوا الضعفة ، ومالأوا الأعداء والحسدة ، ثم جاوزوا الطعن ، وإدخال الشبهة الخ ..» (١).

نعم ، لقد حاولوا تشكيك العوام ، وضعاف النفوس بالإسلام ، وكانوا يرجحون لهم البقاء على الشرك ، كما فعله كعب بن الأشرف ، حينما سأله مشركو مكة عن الدين الأفضل ، وقد ألمحنا إليه فيما سبق.

بالإضافة إلى ممالأتهم للذين وترهم الإسلام ، أو وقف في وجه مطامعهم وطموحاتهم اللامشروعة واللاإنسانية.

ونذكر مثلا على ذلك : ما جاء في الروايات من أن الناس يعتبرون أن من علامات الحق : أن لا يرجع عنه من يقتنع به ، فإذا رجع عنه فلا بد أن يكون ذلك لأجل أنه وجد فيه ضعفا ، أو نقصا ، ولذلك نجد ملك الروم يسأل أبا سفيان أحد ألد أعداء محمد «صلى الله عليه وآله» : «هل يرجع عن الإسلام من دخل فيه؟ فقال أبو سفيان : لا».

وقد حاول اليهود أن يتبعوا نفس هذا الأسلوب.

«وقد حكى الله تعالى عنهم هذا الأمر ، فقال : (وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)(٢)» (٣).

٢ ـ طرح الأسئلة الإمتحانية على النبي «صلى الله عليه وآله» بهدف تعجيزه.

__________________

(١) ثلاث رسائل للجاحظ (رسالة الرد على النصارى) ص ١٤.

(٢) الآية ٧٢ من سورة آل عمران.

(٣) راجع كتاب : اليهود في القرآن ص ٣١ ، فإنه أشار أيضا إلى هذا الأمر.

٣٤٦

ويلاحظ : أن هذه المحاولات كانت تبذل من قبل مختلف قبائل اليهود : قريظة ، النضير ، قينقاع ، ثعلبة الخ .. ولكن محاولاتهم هذه قد باءت بالفشل الذريع. بل لقد ساهم ذلك بشكل فعال في تجلي ووضوح تعاليم الإسلام ، وترسيخها ، وقد دفعهم فشلهم هذا إلى أن يطلبوا من النبي «صلى الله عليه وآله» أن يأتيهم بكتاب من السماء : (يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً)(١).

ثم تمادوا في العناد واللجاج ، إلى ما هو أبعد من ذلك ، قال تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللهُ أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ)(٢) الآية.

فإن سياق الآيات ظاهر في أن اليهود هم الذين قالوا ذلك.

٣ ـ ولما فشلوا في محاولاتهم محاربة الإسلام على صعيد الفكر ، اتجهوا نحو أسلوب الضغط الاقتصادي على المسلمين ؛ فيذكرون : «أن رجالا من أهل الجاهلية باعوا يهودا بضاعة ، ثم أسلموا وطلبوا من اليهود دفع الثمن فقالوا : ليس علينا أمانة ، ولا قضاء عندنا ؛ لأنكم تركتم دينكم الذي كنت عليه ، وادعوا : أنهم وجدوا ذلك في كتابهم.

فجاء في الآية المباركة الرد عليهم : (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ

__________________

(١) الآية ١٥٣ من سورة النساء.

(٢) الآية ١١٨ من سورة البقرة.

٣٤٧

وَهُمْ يَعْلَمُونَ)(١).

وأيضا فقد رفض رؤساء اليهود أن يقرضوا المسلمين مالا في أول عهدهم في المدينة ، وقد كانوا في ضنك شديد ، فالمهاجرون فقراء لا مال لهم ، والذين دخلوا في الإسلام من أهل المدينة لم يكونوا على سعة من الرزق.

وقد أجابوا رسول الله حينما طلب منهم القرض بقولهم : أحتاج ربكم أن نمده؟

فنزل قوله تعالى : (لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ سَنَكْتُبُ ما قالُوا)(٢)» (٣).

٤ ـ ممالأة أعداء الإسلام ومساعدتهم بكل ما أمكنهم ، ولو بالتجسس ، وبغير ذلك من وسائل.

٥ ـ محاربة الإسلام أيضا : عن طريق إثارة الفتن بين المسلمين ، ولا سيما بين الأوس والخزرج ، وبين المسلمين والمشركين.

ونذكر هنا على سبيل المثال قضية شاس بن قيس ، الذي حاول تذكير الأوس والخزرج بأيام الجاهلية ، وإثارة الإحن القديمة في نفوسهم ؛ فتثاور الفريقان ، حتى تواعدوا أن يجتمعوا في الظاهرة لتصفية الحسابات ، وتنادوا بالسلاح ، وخرجوا ، وكادت الحرب أن تقع بينهما ؛ فبلغ الخبر رسول الله

__________________

(١) الآية ٧٥ من سورة آل عمران.

(٢) الآية ١٨١ من سورة آل عمران.

(٣) راجع في ذلك : اليهود في القرآن ص ٢٨.

٣٤٨

«صلى الله عليه وآله» ؛ فخرج إليهم بمن كان معه من أصحابه المهاجرين ؛ فوعظهم ؛ فأدركوا أنها نزعة من الشيطان ، وكيد من عدوهم ، فندموا على ما كان منهم ، وتعانق الفريقان وتصافيا ، وانصرفوا مع رسول الله «صلى الله عليه وآله».

ويقول البعض : إن الآيات الشريفة التالية قد نزلت في هذه المناسبة : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَها عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَداءُ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ، يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ ، وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)(١).

٦ ـ تآمرهم على حياة النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله» وتحريضهم الناس عليه كما سنرى ، إن شاء الله تعالى.

٧ ـ محاولات إثارة البلبلة ، وتشويش الأوضاع ، بإشاعة الأكاذيب ، وتخويف ضعاف النفوس من المسلمين.

٨ ـ تآمرهم مع المنافقين على الإسلام ، ومكرهم معهم بالمسلمين ، ثم علاقاتهم المشبوهة مع قريش ، وممالأتهم إياها على حرب الرسول الأكرم «صلى الله عليه وآله».

٩ ـ تآمرهم ومكرهم وتدبيرهم لمنع المسلمين من الخروج للحرب ، وكانوا يجتمعون في بيت سويلم اليهودي ، لأجل تثبيط الناس عن الرسول

__________________

(١) الآيات ٩٩ ـ ١٠١ من سورة آل عمران.

٣٤٩

«صلى الله عليه وآله» في غزوة تبوك ، فعرف رسول الله «صلى الله عليه وآله» بهم فأحرق البيت عليهم (١).

وقد رجع عبد الله بن أبي ، حليف يهود بني قينقاع في ثلاثمائة رجل من أصحابه ، وذلك في حرب أحد ، كما سنرى إن شاء الله تعالى.

موقف النبي صلّى الله عليه وآله من اليهود :

ولكن جميع محاولات اليهود للكيد للإسلام والمسلمين ، باءت بالفشل الذريع ، بسبب وعي القيادة الإسلامية العليا.

ولقد صبر الرسول الأعظم «صلى الله عليه وآله» على مخالفاتهم الكبيرة تلك ، تفاديا لحرب أهلية قاسية في مقره الجديد .. حتى طفح الكيل ، وبلغ السيل الزبى ، وعرف المسلمون : أن اليهود كانوا ـ بزعمهم ـ يستغلون ظروف المسلمين ومشاكلهم ، ويصعدون من تحدياتهم لهم. وأصبحوا في الحقيقة هم الخطر الداهم والحقيقي الذي يتهدد وجود الإسلام من الأساس.

لا سيما وأن هذا العدو الماكر والحاقد يعيش في قلب المجتمع الإسلامي ، ويعرف كل مواقع الضعف والقوة فيه ، ويتربص به الدوائر ، ويترصد الفرصة المؤاتية.

فكان لا بد من صياغة التعامل مع هذا العدو على أساس الحزم والعدل ، بدلا من العفو والتسامح والرفق ، فليس من الصالح أن يترك اليهود يعيثون في الأرض فسادا ، وينقضون كل العهود والمواثيق ، ويسددون ضرباتهم للمسلمين

__________________

(١) السيرة النبوية لابن هشام ج ٤ ص ١٦٠ ، والتراتيب الإدارية ج ١ ص ٣٠٩.

٣٥٠

كيف وأنى شاؤوا ، بل لا بد من الرد الحاسم والحازم والعادل على كل اعتداء ، ومواجهة كل مكيدة ، قبل أن يكون الندم حيث لا ينفع الندم.

العمليات العسكرية في مرحلتين :

وبعد أن اتضح نقض اليهود لكل العهود والمواثيق ، حاول الإسلام أن يتعامل معهم على مرحلتين :

الأولى : أن يتبع معهم أسلوب الإنذار الحازم والعادل ، فكانت عمليات القتل المنظمة لبعض الأفراد ، بمثابة جزاء عادل لناقضي العهود ، الذين يشكلون خطرا جديا على صعيد استقرار المنطقة. كما وكانت بمثابة إطلاق صفارة الإنذار لكل من ينقض عهدا ، ويتآمر على مصلحة الإسلام العليا ، مع إعطائهم الفرصة للتفكير ، وإفهامهم أن الإسلام يمكن أن يتحمل ، ولكنه ليس على استعداد لأن يقبل بوضع كهذا إلى النهاية ، لا سيما إذا كان ذلك على حساب وجوده وبقائه.

الثانية : الحرب الشاملة والمصيرية ، حيث لا يمكن حسم مادة الفساد بغير الحرب.

ونحن نتكلم عن هاتين المرحلتين ، كلا على حدة في الصفحات التالية.

٣٥١
٣٥٢

الفهارس

١ ـ الفهرس الإجمالي

٢ ـ الفهرس التفصيلي

٣٥٣
٣٥٤

١ ـ الفهرس الإجمالي

الفصل الثالث : الغنائم والأسرى........................................... ٥ ـ ٥٦

الفصل الرابع : نهاية المطاف.............................................. ٥٧ ـ ٧٢

الباب الثاني : بحوث ليست غريبة عن السيرة

الفصل الأول : بعض خصائص الشيعة.................................... ٧٥ ـ ٩٠

الفصل الثاني : أبو بكر في العريش وشجاعة أبي بكر...................... ٩١ ـ ١٠٦

الفصل الثالث : ذو الشمالين وسهو النبي صلّى الله عليه وآله............. ١٠٧ ـ ١٣٦

الفصل الرابع : الخمس بين السياسة والتشريع........................... ١٣٧ ـ ١٦٤

الباب الثالث : ما بين أحد وبدر

الفصل الأول : شخصيات وأحداث................................... ١٦٧ ـ ٢١٤

الفصل الثاني : فاطمة وعلي عليهما السلام ومناوؤوهما.................... ٢١٥ ـ ٢٨٢

الفصل الثالث : قضايا وأحداث في المجال العام.......................... ٢٨٣ ـ ٣١٦

الفصل الرابع : غزوات وسرايا......................................... ٣١٧ ـ ٣٣٤

الفصل الخامس : غدر اليهود والإغتيالات الهادفة........................ ٣٣٥ ـ ٣٥٢

الفهارس............................................................ ٣٥٣ ـ ٣٦٦

٣٥٥
٣٥٦

٢ ـ الفهرس التفصيلي

الفصل الثالث : الغنائم والأسرى

قسمة الغنائم :................................................................ ٧

النبي صلّى الله عليه وآله لم يأخذ الخمس في بدر :................................. ٨

النبي صلّى الله عليه وآله يرد الخمس على أصحابه أيضا :......................... ١٠

إكتفاء الناس في عهد علي عليه السّلام :....................................... ١١

ملاحظة هامة : الخمس ، والطبقية :......................................... ١١

بعض المتخلفين ، وغنائم بدر :................................................ ١٥

ألف : طلحة ، وسعيد بن زيد :............................................ ١٥

ب : عثمان بن عفان :.................................................... ١٧

الغارات على الفضائل :...................................................... ٢١

قتل أسيرين :................................................................ ٢٢

ألف : نسب عقبة :...................................................... ٢٤

ب : النار للصبية :....................................................... ٢٥

ج : الطعن في نسب عقبة! :............................................... ٢٦

د : إنكار قتل النضر بن الحارث في بدر :.................................... ٢٧

مصير الباقين من الأسرى :................................................... ٢٨

٣٥٧

لو نزل العذاب ما نجا إلا ابن الخطاب :......................................... ٣٠

الرسول صلّى الله عليه وآله يخطئ في الاجتهاد................................... ٣٦

بين رأي عمر ، ورأي ابن معاذ :............................................... ٣٦

قتل الأسرى هو الأصوب :................................................... ٣٨

مع موقف عمر من الأسرى :................................................. ٤٠

النبي صلّى الله عليه وآله لا يقتل أسيرا هرب :................................... ٤١

أنين العباس في الوثاق :...................................................... ٤٢

فداء العباس وإسلامه :....................................................... ٤٤

إشارة :..................................................................... ٤٨

مؤامرة على حياة النبي صلّى الله عليه وآله :...................................... ٤٩

موقف النبي صلّى الله عليه وآله من قلائد زينب :................................ ٥٠

سؤال يحتاج إلى جواب :...................................................... ٥١

أستاذ المعتزلي وقضية زينب :.................................................. ٥٢

فداء الأسير تعليم الكتابة :................................................... ٥٣

معاملة الأسرى :............................................................. ٥٥

سودة بنت زمعة تحرض على رسول الله صلّى الله عليه وآله :....................... ٥٦

الفصل الرابع : نهاية المطاف

أهل بدر مغفور لهم :......................................................... ٥٩

من هم أفضل من أهل بدر؟!................................................. ٦٤

ابن الجوزي وحديث المغفرة للبدريين :........................................... ٦٥

عودة خيبة :................................................................ ٦٦

٣٥٨

عودة ظفر :................................................................ ٦٧

بعض نتائج حرب بدر :...................................................... ٦٨

النجاشي يفرح لنتائج بدر :................................................... ٧٠

كلمة أخيرة :............................................................... ٧٠

موقف معاوية من أهل بدر :.................................................. ٧١

الباب الثاني : بحوث ليست غريبة عن السيرة

الفصل الأول : بعض خصائص الشيعة

بعض خصائص الشيعة :..................................................... ٧٧

الفصل الثاني : أبو بكر في العريش ، وشجاعة أبي بكر

أبو بكر في العريش ، وشجاعة أبي بكر :....................................... ٩٣

عدم صحة ما تقدم :......................................................... ٩٥

ألف : فرار أبي بكر في المواقف :........................................... ٩٥

ب : حراسة أبي بكر للنبي صلّى الله عليه وآله :............................. ١٠٠

ج : أبو بكر في ساحة الحرب :........................................... ١٠٢

د : حرب الناكثين والقاسطين :........................................... ١٠٣

ه : حرب مانعي الزكاة :................................................. ١٠٤

و : ثباته حين وفاة الرسول صلّى الله عليه وآله :............................. ١٠٥

الفصل الثالث : ذو الشمالين ، وسهو النبي صلّى الله عليه وآله

ذو الشمالين :............................................................. ١٠٩

روايات السهو عند الشيعة :................................................. ١١٤

٣٥٩

لماذا كان ما كان؟!......................................................... ١١٥

قصور هذه التوجيهات :.................................................... ١١٦

إيراد وجوابه :.............................................................. ١١٦

العصمة عن السهو والخطأ والنسيان اختيارية :................................. ١١٨

ولم نجد له عزما :........................................................... ١٢٢

العصمة في التبليغ وفي غيره :................................................ ١٢٢

العصمة عن الذنب اختيارية أيضا :.......................................... ١٢٣

سؤال يحتاج إلى جواب :.................................................... ١٢٣

الإسلام والفطرة :.......................................................... ١٢٤

عناصر لا بد منها في العصمة :.............................................. ١٢٨

التوضيح والتطبيق :......................................................... ١٣١

أفضل الخلق محمد صلّى الله عليه وآله :....................................... ١٣٣

علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل :............................................. ١٣٤

الفصل الرابع : الخمس بين السياسة والتشريع

الخمس :.................................................................. ١٣٩

معنى الغنيمة :............................................................. ١٣٩

الخمس في كتب النبي صلّى الله عليه وآله ورسائله :............................. ١٤٢

نظرة في تلك الرسائل :................................................... ١٤٦

في السيوب الخمس :....................................................... ١٤٧

وثمة دليل آخر أيضا :...................................................... ١٤٩

الخمس في المعدن والركاز :................................................... ١٥٠

٣٦٠