الزبدة الفقهيّة - ج ٥

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٥

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: دار الفقه للطباعة والنشر
المطبعة: سليمان‌زاده
الطبعة: ٥
ISBN: 964-8220-36-0
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٦٠٠

نصا (١) ، أو حكما (٢) ، كما لو اطلق فيهما (٣) ، أو عين في إحداهما بالسنة الأولى ، واطلق في الأخرى ، وما ذكره أحوط ، لكن لا دليل عليه إن لم نقل (باقتضاء) مطلق الأمر الفور.

(وإذا تسلم) المستأجر (العين (٤) ومضت مدة يمكن فيها الانتفاع) بها (٥) فيما استأجرها له (٦) (استقرت الأجرة) وإن لم يستعملها ، وفي حكم التسليم ما لو بذل المؤجر العين فلم يأخذها (٧)

______________________________________________________

(١) كما لو صرح بالاتحاد وذلك فيما لو استأجره على الحج عن أبيه في هذه السنة فلا يجوز له أن يؤجر نفسه عن شخص آخر في نفس هذه السنة ، ولكن الإجارتين قد نصتا على إيقاع الحج في هذه السنة ، ولا تصح الثانية للتنافي.

(٢) أي كان اتحاد إيقاع الحج حكم الإجارتين ، وذلك عند الإطلاق ، والإطلاق إما أن يكون فيهما كما لو أوقع عقد الإجارة للحج عن شخص أوقع عقدا آخر للحج عن شخص آخر ، ولم يقيد أيا منهما بكونه في هذه السنة ، وهو محمول عليها للانصراف.

وإما أن يكون الإطلاق في أحد العقدين مع حمله على هذه السنة انصرافا مع التصريح بها في العقد الآخر ، وفي الجميع لا تصح الثانية للتنافي بينها وبين الأولى.

(٣) في الإجارتين.

(٤) استقرت الأجرة ، بلا خلاف فيه ، لأن الأجرة تثبت بالعقد ، وإن لم يجب تسليمها إلا بعد تسليم العين ، وإذا ثبتت بمجرد العقد فلا تستقر على المستأجر استقرارا ثابتا إلا بتسليمه العين ومضي مدة يمكن استيفاء المنافع منها ، وعليه فلو تسلم المستأجر العين وقد مضت المدة المذكورة فتستقر الأجرة وإن لم يستوف المنافع إذ لا تقصير من جهة المؤجر ، بل هو الذي أقدم على إضرار نفسه بتركه الانتفاع.

يبقى أن اشتراط تسليم العين هنا لأنه لا يجب دفع الأجرة إلا بعد تسليم العين ، واشتراط مضي المدة لعدم العلم بأن المنافع ستسلم له إلا إذا بقيت العين تحت يده صالحة للانتفاع مدة العقد أو مضي مدة يمكن الاستيفاء فيما لو قدّرت المنفعة بالعمل فقط.

(٥) بالعين.

(٦) لهذا الانتفاع.

(٧) فلم يقبضها المستأجر حتى مضت مدة الانتفاع فلا تقصير من المؤجر ، بل المستأجر أقدم على إضرار نفسه بتركه القبض.

٤٢١

المستأجر حتى انقضت المدة (١) أو مضت مدة (٢) يمكنه الاستيفاء فتستقر الأجرة ، (ولا بدّ من كونها) أي المنفعة (مباحة فلو استأجره لتعليم كفر ، أو غناء) ، ونحوه (٣) من المعلومات الباطلة ، (أو حمل مسكر بطل) العقد ، ويستثنى من حمل المسكر الخمر بقصد الاراقة (٤) أو التخليل ، فإن الإجارة لهما جائزة ، (وأن يكون (٥) مقدورا على تسليمها (٦)

______________________________________________________

(١) أي المدة المعينة في متن العقد.

(٢) كما لو قدرت المنفعة بالعمل لا بالزمان ، كأن يستأجره على خياطة هذا الثوب ، وقد بذل الأجير نفسه مدة يمكن أن يستوفى فيها منه الخياطة المذكورة.

(٣) فلو آجره مسكنا ليحرز به الخمر ، أو دكانا لبيع آلة محرمة فيه ، أو أجيرا ليحمل له مسكرا ، أو جارية للغناء ، أو كاتبا ليكتب له الكفر ، أو معلما ليعمله الكفر أو السحر لم تنعقد الإجارة ، لأنه إعانة على الاثم والعدوان ، وقال تعالى : (وَلٰا تَعٰاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوٰانِ) (١) ، ولخبر جابر عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الرجل يؤاجر بيته فيباع فيه الخمر ، قال عليه‌السلام : حرام أجره) (٢) ، وخبر تحف العقول عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أما وجوه الحرام من وجوه الإجارة فنظير أن يؤجر الإنسان على حمل ما يحرم عليه أكله أو شربه أو يؤاجر نفسه في صنعة ذلك الشي‌ء أو حفظه أو لبسه أو يؤاجر نفسه في هدم المساجد ضرارا ، وقتل النفس بغير حل أو عمل التصاوير والأصنام والمزامير والبرابط والخمر والخنزير والميتة والدم أو شي‌ء من وجوه الفساد الذي كان محرما عليه من غير جهة الإجارة فيه ، وكل أمر ينهى عنه في جهة من الجهات فيحرم على الإنسان إجارة نفسه فيه أوله ، أو شي‌ء منه أو له إلا لمنفعة من استأجرته كالذي يستأجر له الأجير يحمل له الميتة ينحّيها عن آذاه أو أذى غيره وما أشبه ذلك) (٣).

(٤) نحو الكفر والغناء.

(٥) فإراقته واجبة فتجوز الإجارة فيه ، وتخليله جائز فتجوز الإجارة فيه أيضا.

(٦) أي تسليم المنفعة بتسليم العين ، فلو لم يمكن تسليم المنافع كمن آجر عبدا آبقا بطلت الإجارة بلا خلاف فيه ، لأن بذل المال في قبال غير المقدور تسليمه سفه ، لأن غير المقدور لا مال له بنظر العقلاء ، وغرر من ناحية إمكان تسليمه وعدمه.

__________________

(١) سورة المائدة آية : ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب ما يكتسب به حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الإجارة حديث ١.

٤٢٢

(فلا تصح إجارة الآبق) ، لاشتمالها (١) فيه (٢) على الغرر (وإن ضم إليه) شيئا متمولا (٣) (أمكن الجواز) ، كما يجوز في البيع ، لا بالقياس ، بل لدخولها (٤) في الحكم (٥) بطريق أولى (٦) ، لاحتمالها (٧) من الغرر ما لا يحتمله (٨). وبهذا الإمكان (٩) أفتى المصنف في بعض فوائده.

ووجه المنع فقد النص المجوّز هنا (١٠) ، فيقتصر فيه على مورده وهو البيع ، ومنع (١١) الأولوية. وعلى الجواز هل يعتبر في الضميمة إمكان إفرادها (١٢) بالإجارة (١٣) ، أم بالبيع (١٤) ، أم يكفي كل واحد منهما (١٥) في كل واحد

______________________________________________________

نعم لو ضمّ إلى غير المقدور شيئا يمكن تسليمه وهو مما يعدّ عند العقلاء مالا ، لأن ما لا يمكن تسليمه ليس مالا بنظر العقلاء ففيه تردد ، فظاهر القواعد جوازه ، وتردد في التذكرة والمحقق في الشرائع ، ووجه التردد من عدم القدرة على التسليم في المنفعة فيبطل العقد ، ومن جواز بيع غير المقدور تسليمه مع الضميمة المقدور تسليمها ، وإذا جاز في البيع فيجوز في الإجارة.

(١) أي الإجارة.

(٢) في غير المقدور تسليمه.

(٣) أي مما له مالية بنظر العقلاء.

(٤) أي الإجارة.

(٥) وهو الجواز.

(٦) لأنه إذا جاز في البيع الذي شرط فيه التعيين من جميع الوجوه فيجوز في الإجارة التي ليس التعيين فيها شرطا من جميع الوجوه بطريق أولى.

(٧) أي الإجارة.

(٨) أي البيع.

(٩) أي أمكن الجواز.

(١٠) أي في الإجارة بخلاف البيع فقد ورد فيه النص ، ويقتصر فيه على مورده.

(١١) إذ يجوز الانتفاع بالعبد الآبق في البيع كعتقه وإن كان آبقا ، بخلاف الإجارة فلا بد من التسليم حتى ينتفع به ، فالمناط في بيعه غير محرز حتى نعرف ثبوته في الإجارة.

(١٢) أي أفراد ضميمة الإجارة.

(١٣) بأن تصلح لأن تقع موردا للإجارة بنفسها.

(١٤) بأن تصلح ضميمة الإجارة لأن تقع موردا للبيع.

(١٥) أي من البيع والإجارة.

٤٢٣

منهما (١) أوجه (٢) : من حصول (٣) المعنى في كل منهما ، ومن أن (٤) الظاهر ضميمة كل شي‌ء إلى جنسه ، وقوى المصنف الثاني (٥). ولو آجره (٦) ممن يقدر على تحصيله (٧) صح من غير ضميمة. ومثله (٨) المغصوب (٩) لو أجره الغاصب ، أو من يتمكن من قبضه.

(ولو طرأ المنع) (١٠) من الانتفاع بالعين المؤجرة فيما أوجرت له ، (فإن كان

______________________________________________________

(١) من ضميمة البيع وضميمة الإجارة فيكفي في ضميمة البيع إيجارها ، وفي ضميمة الإيجار بيعها.

(٢) هما وجهان في المسالك حيث قال (وفي اعتبار إفرادها بجنس ما يضم إليه ففي البيع يفرد بالبيع ، وفي الإجارة بالإجارة ، أو يكفي كل واحد منهما في كل واحد منهما وجهان) هذا من جهة ومن جهة أخرى تظهر الثمرة في العين الموقوفة وفي مسلوبة المنفعة ، ففي الموقوفة يصح إيجارها ولا يصح بيعها ، وفي مسلوبة المنفعة يصح بيعها ولا يصح إيجارها ، وعليه فالنزاع هل يكفي في ضميمة الإجارة العين التي يمكن إيجارها أو مطلق الضميمة كمسلوبة المنفعة لأنها ضميمة في البيع ، وهل يكفي في ضميمة البيع العين التي يمكن بيعها أو مطلق الضميمة كالموقوفة لأنها ضميمة في الإجارة.

(٣) دليل الوجه الثاني ، والمعنى هو تحقق إفرادها بالمعاوضة بيعا أو إجارة.

(٤) دليل الوجه الأول.

(٥) أي ضميمة كل شي‌ء إلى جنسه الذي هو دليل الوجه الأول.

(٦) أي آجر غير المقدور على تسليمه.

(٧) بحيث آجر العبد الآبق لشخص يمكن له أن يقبض عليه ، صح بلا إشكال لارتفاع المانع وهو الغرر من عدم التسليم لتحقق التسلم.

(٨) أي ومثل غير المقدور على تسليمه.

(٩) فلو آجر المالك العين المغصوبة لنفس الغاصب صح أيضا بلا إشكال لوجود المقتضي من كونه عقدا ، وعدم المانع لأن الغاصب قابض.

(١٠) لو طرأ المانع الذي يمنع من الاستيفاء كما لو منعه ظالم ، وكان الطروّ بعد العقد فتارة يكون قبل القبض وأخرى بعده.

وعلى الأول كان المستأجر بالخيار بين الفسخ أو الرجوع على الظالم بأجرة المثل للمنافع التي فاتته ، ووجه التخيير أن العين قبل القبض مضمونة على المؤجر فللمستأجر الفسخ عند تعذر الاستيفاء ، لأن إلزامه بالعقد مع تفويت منافع العين عليه ضرر منفي ، وإذا فسخ يطالب المؤجر بأجرة المسمى إن كان قد دفعها إليه.

٤٢٤

المنع قبل القبض فله الفسخ) ، لأن العين قبل القبض مضمونة على المؤجر فللمستأجر الفسخ عند تعذرها (١) ، ومطالبة المؤجر (٢) بالمسمى لفوات المنفعة ، وله الرضا بها (٣) وانتظار زوال المانع ، أو مطالبة (٤) المانع بأجرة المثل لو كان غاصبا ، بل يحتمل مطالبة المؤجر بها أيضا (٥) ، لكون العين مضمونة عليه (٦) حتى يقبض ، ولا يسقط (٧) التخيير بزوال المانع في أثناء المدة ، لأصالة بقائه (٨) ، (وإن كان) المنع (بعده) أي بعد القبض (٩) ، (فإن كان (١٠) تلفا بطلت (١١) الإجارة ، لتعذر تحصيل

______________________________________________________

وله الالتزام بالعقد لتمامية أركانه ومطالبة الظالم بأجرة المثل لأنه باشر الإتلاف عدوانا.

وعلى الثاني سيأتي بحثه.

(١) أي تعذر العين لطرو المانع من استيفاء المنفعة منها.

(٢) أي ومطالبة المستأجر المؤجر بالمسمى.

(٣) أي وللمستأجر الرضا بالعين.

(٤) أي مطالبة المستأجر المانع الذي هو الظالم.

(٥) أي ويحتمل مطالبة المستأجر المؤجر بأجرة المثل لو لم يفسخ كما يطالب الظالم ، لأن العين مضمونة على المؤجر حتى يتحقق القبض ، وفوات المنفعة قبل القبض مما يتحمله المؤجر ، نعم لو رجع المستأجر على المؤجر ، رجع الثاني على الظالم لأنه المباشر للإتلاف.

وفيه : إن الثابت في ذمة المؤجر هو المسمى على تقدير قبضه لو فسخ المستأجر ، لا أجرة المثل عند عدم الفسخ لأنه لم يباشر العدوان.

(٦) على المؤجر.

(٧) أي لا يسقط تخيير المستأجر بين الفسخ والرجوع بالمسمى وبين الالتزام بالعقد والرجوع بأجرة المثل حتى لو ارتفع المانع ، للاستصحاب ، ولفوات مجموع المنفعة بما هو مجموع.

(٨) أي بقاء التخيير المذكور.

(٩) لو كان المانع من الاستيفاء بعد القبض لم تبطل الإجارة قطعا ، وليس للمستأجر الفسخ لأصالة اللزوم في العقود ، ولعدم كون العين مضمونة على المؤجر لتحقق القبض ، نعم يستحق المستأجر على الظالم أجرة مثل المنفعة الفائتة ، بلا فرق في الحكم بين كون الغاصب هو المؤجر أو لا ، ولا بين كون المانع قد وقع في أول مدة الإجارة أو في أثنائها ، كل ذلك لاستصحاب اللزوم بعد استقرار العقد بالقبض.

(١٠) أي المنع.

(١١) لو تلفت العين بطلت الإجارة لتعذر تحصيل المنفعة ، ولهذا الدليل تبطل الإجارة لو تلفت العين قبل القبض أيضا ، ولا معنى لتقييد التلف بما بعد القبض هذا من جهة ومن جهة أخرى فالتلف ليس مانعا بل معدما للعين فتسميته بالمانع ليس في محله.

٤٢٥

المنفعة المستأجر عليها ، (وإن كان غصبا لم تبطل) ، لاستقرار العقد بالقبض. وبراءة المؤجر والحال أن العين موجودة يمكن تحصيل المنفعة منها ، وإنما المانع عارض ، (ويرجع المستأجر على الغاصب) بأجرة مثل المنفعة الفائتة في يده ، ولا فرق حينئذ بين وقوع الغصب في ابتداء المدة وخلالها. والظاهر عدم الفرق بين كون الغاصب المؤجر ، وغيره.

(ولو ظهر في المنفعة عيب (١) فله الفسخ) ، لفوات بعض المالية (٢) بسببه (٣) فيجبر (٤) بالخيار ، ولأن الصبر على العيب ضرر منفي.

(وفي الارش) لو اختار البقاء على الإجارة (نظر) من وقوع (٥) العقد على هذا المجموع (٦) وهو باق فاما أن يفسخ ، أو يرضى بالجميع ، ومن كون (٧) الجزء الفائت ، أو الوصف (٨) مقصودا للمستأجر ولم يحصل ، وهو (٩) يستلزم نقص المنفعة

______________________________________________________

(١) إذا وجد المستأجر بالعين عيبا سابقا على العقد كان بالخيار بين فسخ الإجارة أو الرضا بالعين من دون أرش ، أما أن له الفسخ فلا خلاف فيه ، لأن حقه هو المنفعة وأيّ عيب في العين موجب لنقصان المنفعة ، فله الفسخ حينئذ للضرر المنفي.

وأما أن له الرضا بالعين من دون أرش فهذا ما صرح به جماعة ، لأن العقد قد وقع على مجموع المنفعة في قبال مجموع الأجرة ، فإما أن يرضى بالعقد وإما أن يفسخ ، والضر المتوجه عليه مرفوع عنه بثبوت الخيار ، وقد ثبت الأرش عند الإمضاء في البيع للنص فيقتصر عليه في مورده.

وأشكل عليهم بأن الإطلاق في عقد الإجارة لما كان منزلا على العين الصحيحة كان الجزء الفائت أو الوصف مقصودا للمستأجر ، ولم يحصل وهو ما يستلزم نقص المنفعة التي هي أحد العوضين فلا بد من الأرش تحقيقا للتقابل بين العوضين.

(٢) في المنفعة.

(٣) أي بسبب العيب.

(٤) أي الفوات.

(٥) دليل عدم ثبوت الأرش.

(٦) من المنفعة.

(٧) دليل ثبوت الأرش.

(٨) أي الوصف الفائت ، وهما فائتان من العين المستأجرة.

(٩) أي فوات الجزء أو الوصف المقصودين للمستأجر.

٤٢٦

التي هي أحد العوضين فيجبر بالارش وهو حسن.

وطريقة معرفته (١) أن ينظر إلى أجرة مثل العين سليمة ، ومعيبة ويرجع من المسمى بمثل نسبة المعيبة إلى الصحيحة ، وان اختار (٢) الفسخ وكان (٣) قبل مضي شي‌ء من المدة فلا شي‌ء عليه (٤) وإلا (٥) فعليه من المسمى بنسبة ما مضى إلى المجموع.

(ولو طرأ) العيب (بعد العقد فكذلك (٦) كانهدام المسكن) وإن كان بعد استيفاء شي‌ء من المنفعة ، ولا يمنع من ذلك كون التصرف مسقطا للخيار ، لأن المعتبر منه (٧) ما وقع في العوض المعيب الذي تعلقت به المعاوضة ، وهو (٨) هنا المنفعة ، وهي تتجدد شيئا فشيئا ، وما لم يستوفه منها لا يتحقق فيه التصرف ، وإنما يتخير مع انهدام المسكن (٩)

______________________________________________________

(١) أي معرفة الأرش.

(٢) أي المستأجر.

(٣) أي الفسخ.

(٤) على المستأجر لعدم استيفائه شيئا من المنفعة.

(٥) أي وإن لم يكن قبل مضي شي‌ء من المدة ، بل قد مضى من المدة شي‌ء فعلى المستأجر من المسمى بمقدار ما مضى من المدة.

(٦) أي للمستأجر خيار الفسخ لنقصان المنفعة ، وللزوم الضرر على المستاجر.

طرو العيب بعد القصد إنما يكون بعد تصرف المستأجر في العين ، والتصرف مسقط للخيار.

المنافع التي لم يستوفها لم يتصرف بها ، والفسخ وإنما هو بالنسبة لهذه المنافع ، لا للمنافع التي استوفاها.

(٧) من التصرف المسقط للخيار.

(٨) أي العوض المعيب.

(٩) أي إذا كان العيب هو الانهدام فيشترط أن لا يكون الهدم لجميع الدار ، وإلا فلا يعتبر أنه عيب بل هو تلف ، وإنما يكون الهدم عيبا لو طرأ على جملة من الدار وبقيت منه جملة أخرى ، ثم يثبت للمستأجر حينئذ الفسخ ولم يبادر المؤجر لإصلاح ما انهدم ، فلو أصلحه بحيث لم يفت الانتفاع أصلا فلا خيار للمستأجر ، لعدم فوات شي‌ء من المنافع عليه ، وذهبت جماعة إلى بقاء الفسخ له لثبوت الخيار بالانهدام ويستصحب عند الإصلاح.

٤٢٧

إذا أمكن الانتفاع به (١) وإن قل (٢) ، أو أمكن إزالة المانع (٣) ، وإلا بطلت ، ولو أعاده (٤) المؤجر بسرعة بحيث لا يفوت عليه (٥) شي‌ء معتد به (٦) ففي زوال الخيار نظر ، من زوال (٧) المانع ، وثبوت الخيار (٨) بالانهدام فيستصحب ، وهو أقوى.

(ويستحب أن يقاطع من يستعمله على الأجرة أولا) (٩) للأمر به في الأخبار.

______________________________________________________

(١) بالمسكن.

(٢) أي الانتفاع.

(٣) عند هدم الجميع ، وإلا فلو لم يمكن إزالة المانع مع هدم جميعه تبطل الإجارة لعدم تحقق متعلقها.

(٤) أي أعاد المسكن.

(٥) على المستأجر.

(٦) من منافع المسكن.

(٧) دليل زوال الخيار.

(٨) دليل عدم الزوال.

(٩) أي قبل العقد بلا خلاف فيه للأخبار.

منها : خبر مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يستعملن أجيرا حتى يعلم ما أجره ، ومن استأجر أجيرا ثم حبسه عن الجمعة يبؤ باثمه ، وإن هو لم يحبسه اشتركا في الأجر) (١) ، وخبر سليمان بن جعفر (كنت مع الرضا عليه‌السلام في بعض الحاجة فأردت أن أنصرف إلى منزلي فقال لي : انصرف معي فبت عندي الليلة ، فانطلقت معه فدخل إلى داره مع المغيب فنظر إلى غلمانه يعلمون في الطين أواري الدواب (٢) وغير ذلك ، وإذا معهم أسود ليس منهم ، فقال عليه‌السلام : ما هذا الرجل معكم؟ فقالوا : يعاوننا ونعطيه شيئا ، قال : قاطعتموه على أجرته؟ قالوا : لا ، هو يرضى منا بما نعطيه ، فأقبل عليهم يضربهم بالسوط وغضب لذلك غضبا شديدا.

فقلت : جعلت فداك لم تدخل على نفسك؟ فقال : إني قد نهيتهم عن مثل هذا غير مرة أن يعمل معهم أحد حتى يقاطعوه على أجرته ، واعلم أنه ما من أحد يعمل لك شيئا بغير مقاطعة ثم زدته لذلك الشي‌ء ثلاثة أضعاف على أجرته إلا ظنّ أنك قد نقصته أجرته ، وإذا قاطعته ثم أعطيته أجرته حمدك على الوفاء ، فإن زدته حبّة عرف ذلك لك ،

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب الإجارة حديث ٢.

(٢) الأربة : الأخية وهي عروة تربط إلى وتد مدقوق وتشد فيها الدابة ، وربما قيل للمعلف كما عن المصباح المنير.

٤٢٨

فعن الصادق عليه‌السلام «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يستعملن أجيرا حتى يعلمه ما أجره» وعن الرضا عليه‌السلام أنه ضرب غلمانه حيث استعملوا رجلا بغير مقاطعة وقال : إنه ما من أحد يعمل لك شيئا بغير مقاطعة ثم زدته لذلك الشي‌ء ثلاثة أضعاف على أجرته إلا ظن أنك قد نقصت أجرته ، وإذا قاطعته ثم أعطيته أجرته حمدك على الوفاء ، فإن زدته حبة عرف ذلك لك ، ورأى أنك قد زدته» (وأن توفيه) أجرته (عقيب فراغه) من العمل (١) قال الصادق عليه‌السلام في الجمّال والأجير : «لا يجف عرقه حتى تعطيه أجرته» وعن حنان بن شعيب قال : تكارينا لأبي عبد الله عليه‌السلام قوما يعلمون في بستان له وكان أجلهم إلى العصر فلما فرغوا قال لمعتب : اعطهم أجورهم قبل أن يجف عرقهم.

(ويكره أن يضمّن) (٢) أي يغرّم عوض ما تلف بيده بناء على ضمان

______________________________________________________

ورأى أنك قد زدته) (١) ومثلها غيرها من الأخبار.

(١) لصحيح هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه‌السلام في الجمّال والأجير قال : (لا يجفّ عرقه حتى تعطيه أجرته) (٢) ، وخبر شعيب قال (تكارينا لأبي عبد الله عليه‌السلام قوما يعملون في بستان له وكان أجلهم إلى العصر ، فلما فرغوا قال لمعتّب : أعطهم أجورهم قبل أن يجف عرقهم) (٣).

(٢) إذا أفسد الأجير بفعله المتاع الذي بيده كالصانع والبيطار بحيف على الحافر والحجام يجني في حجامته والختّان يتجاوز حد الختان والقصار يخرق الثوب ، فإنه يضمن سواء كان حاذقا أم لا ، وسواء كان بحضور رب المال أم غيبته وسواء كان الأجير خاصا أم لا ، وسواء كان فعله في ملكه أم في ملك المستأجر بلا خلاف في ذلك بل وسواء كان منه بتحد أم لا كما عليه المشهور للأخبار.

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الرجل يعطي الثوب ليصبغه فيفسده فقال : كل عامل أعطيته أجرا على أن يصلح فأفسد فهو ضامن) (٤) ، وصحيحه الآخر عنه عليه‌السلام : (كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يضمن القصّار والصائغ احتياطا للناس ، وكان أبي يتطول عليه إذا كان مأمونا) (٥) ، وخبر إسماعيل عن أبي الصباح عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن الثوب أدفعه إلى القصار فيخرقه؟ قال : أغرمه ، فإنك إنما دفعته

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب الإجارة حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب الإجارة حديث ١ و ٢.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب الإجارة حديث ١٩ و ٤.

٤٢٩

الصانع (١) ما يتلف بيده (٢) ، أو مع قيام البينة على تفريطه أو مع نكوله عن اليمين حيث يتوجه (٣) عليه لو قضينا بالنكول (إلا مع التهمة له) بتقصيره على وجه

______________________________________________________

إليه ليصلحه ولم تدفع إليه ليفسده) (١) ، وخبر يونس (سألت الرضا عليه‌السلام عن القصّار والصائغ أيضمنون؟ قال : لا يصلح إلا أن يضمنوا) (٢) ، وخبر السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أن أمير المؤمنين عليه‌السلام رفع إليه رجل استأجر رجلا يصلح بابه فضرب المسمار فانصدع الباب فضمّنه أمير المؤمنين عليه‌السلام) (٣) وعن جماعة عدم الضمان عند عدم التفريط لأصالة البراءة ، ولأن الأخبار المتقدمة الدالة على ضمانهم ناظرة إلى التفريط بقرينة قوله عليه‌السلام (فأفسد) ، وخبر السكوني حجة عليهم لأنه ظاهر في عدم التفريط ويؤيده ما رواه السكوني أيضا عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : من تطبب أو تبيطر فليأخذ البراءة من وليه وإلا فهو له ضامن) (٤) ، وصحيح داود بن سرحان عنه عليه‌السلام (في رجل حمل متاعا على رأسه فأصاب إنسانا فمات وانكسر منه ، فقال عليه‌السلام : هو ضامن) (٥).

هذا ولو تلف المتاع تحت يد الأجير من غير تفريط من الأجير وبغير فعله فلا ضمان لعدم مباشرته للإتلاف. وإذا تقرر ذلك من ضمان الأجير مطلقا إذا تلف بفعله. فقد ورد في كلمات القوم أنه يكره تضمين الأجير إلا مع التهمة ، بحيث لو كان الأجير ضامنا فيكره تضمينه إذا كان مأمونا ويشهد له أخبار.

منها : صحيح الحلبي المتقدم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يضمن القصار والصائغ احتياطا للناس ، وكان أبي يتطول عليه إذا كان مأمونا) (٦) ومرسل الفقيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كان أبي عليه‌السلام يضمّن الصائغ والقصار ما أفسدا ، وكان علي بن الحسين عليه‌السلام يتفضل عليهم) (٧) ، وظاهر التفضل والتطاول ثبوت الضمان ولكن كان بناؤه عليه‌السلام على عدم التضمين إذا كان مأمونا ، فلذا يكره التضمين حينئذ.

(١) وهو العامل الأجير.

(٢) أي بفعله.

(٣) أي اليمين.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب الإجارة حديث ٨ و ٩ و ١٠.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الضمان من كتاب الديات حديث ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الضمان من كتاب الديات حديث ١.

(٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب الإجارة حديث ٤ و ٢٠.

٤٣٠

(يوجب الضمان (١).

مسائل :

(الأولى ـ من تقبل عملا فله تقبيله غيره بأقل) مما تقبله به (على الأقرب) (٢) ، لأصالة الجواز ، وما ورد من الأخبار دالا على النهي عنه يحمل على الكراهية جمعا بينها وبين ما يدل على الجواز هذا إذا لم يشترط عليه العمل بنفسه ، وإلا فلا

______________________________________________________

(١) فلا كراهة حينئذ بعد كون كراهة التضمين إذا كان مأمونا.

(٢) من تقبل عملا في ذمته من غير اشتراط المباشرة لم يجز أن يقبّله غيره بنقيصة على المشهور للأخبار.

منها : صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليه‌السلام (سئل عن الرجل يتقبل بالعمل فلا يعمل فيه ويدفعه إلى آخر فيربح فيه ، قال عليه‌السلام : لا إلا أن يكون قد عمل فيه شيئا) (١) ، وصحيح أبي حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام (عن الرجل يتقبّل العمل فلا يعمل فيه ويدفعه إلى آخر فيربح فيه ، قال عليه‌السلام : لا) (٢).

وعن العلامة والشهيدين والمحقق الثاني الكراهة لنفس صحيح أبي حمزة المتقدم بعد روايته بأنه عليه‌السلام قال : لا بأس ، كما في التذكرة والسرائر ، ويرده أن المروي منه في كتب الحديث هو قوله عليه‌السلام : لا.

نعم إذا عمل فيه عملا فيجوز تقبيله بالأقل بالاتفاق للأخبار.

منها : قوله عليه‌السلام في صحيح ابن مسلم المتقدم (إلا أن يكون قد عمل فيه شيئا) ، وخبر أبي محمد الخياط (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أتقبل الثياب وأخيطها ثم أعطيها الغلمان بالثلثين؟ قال عليه‌السلام : أليس تعمل فيها؟ فقلت : أقطعها وأشتري الخيوط ، قال عليه‌السلام : لا بأس) (٣) ، وخبر محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (عن الرجل الخيّاط يتقبل العمل فيقطعه ويعطيه من يخيطه ويستفضل ، قال عليه‌السلام : لا بأس قد عمل فيه) (٤) ، ويكفي فيه صدق العمل والحدث ، هذا إذا لم تشترط عليه المباشرة ، وإلا فمع الاشتراط فلا يجوز للأجير أن يقبّله غيره بنقيصة أو زيادة لوجوب الوفاء بالشرط على الأجير لعموم (المؤمنون عند شروطهم) (٥).

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الإجارة حديث ١ و ٤ و ٦.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الإجارة حديث ٥.

(٥) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب المهور حديث ٤.

٤٣١

إشكال في المنع ، وإذا لم يحدث فيه حدثا وإن قلّ (١) ، (ولو أحدث فيه حدثا فلا بحث) في الجواز ، للاتفاق عليه حينئذ (٢). وعلى تقدير الجواز (٣) فالمشهور اشتراط إذن المالك في تسليم العين للمتقبل (٤) ، لأنها حال الغير فلا يصح تسليمه (٥) لغيره (٦) بغير إذنه ، وجواز إجارته (٧)

______________________________________________________

(١) فكذلك لا إشكال في المنع في صورة المباشرة.

(٢) حين الإحداث عند عدم اشتراط المباشرة.

(٣) أي جواز التقبيل للغير مطلقا على غير المشهور ، وعند إحداث الحدث لو كان بنقيصة على مبنى المشهور ، ومطلقا عند عدم النقيصة.

(٤) أي لا يجوز للأجير أن يدفع العين إلى المتقبل الثاني وهو الأجير الثاني بدون إذن المالك على المشهور ، لأن العين مال للغير فلا يصح تسليمه إلى غير من استأمنه المالك ، وإجارة المالك للأول لا تدل على التسليم العين من الأول للثاني وكذا إجارة الأول للثاني لا تدل على إذن المالك في التسليم وعليه فلو جاز للأول التقبيل فلا بد من استئذان المالك ، وإن امتنع رفع أمره إلى الحاكم لأنه ولي الممتنع ، ولو تعذر الحاكم أو أذنه فيحتمل جواز التسليم بدون إذن المالك لتعارض حق المعامل الثاني وحق المالك ، ويقدم العامل وفاء للعقد ، ويحتمل تسلط الأول على الفسخ ، لأن المالك مسلّط على ماله ولم يرضى بتسلم الثاني وفي هذا ضرر على الأول.

وعن العلامة في المختلف جواز التسليم إلى الثاني أذن المالك أولا ، حيث يجوز التقبيل لصحيح علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه‌السلام (سألته عن رجل استأجر دابة فأعطاها غيره فنفقت ما عليه؟ قال عليه‌السلام : إن كان شرط أن لا يركبها غيره فهو ضامن لها ، وإن لم يسمّ فليس عليه شي‌ء) (١).

ووجه الاستدلال أنه إذا كان الضمان ساقطا عند تسليمها بغير إذن المالك لاستيفاء المنفعة المملوكة لغير المالك ، فالضمان ساقط سواء كان هذا الغير متقبلا ثانيا أو لا.

وعن ابن الجنيد جواز التسليم من غير ضمان إذا كان المتقبل الثاني مأمونا ، وهو الذي قواه الشارح هنا وفي المسالك.

(٥) أي تسليم مال الغير.

(٦) أي لغير مالكه.

(٧) أي إجارة المتقبل الثاني من الأول.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الإجارة حديث ١.

٤٣٢

لا ينافيه (١) فيستأذن المالك فيه (٢) ، فإن امتنع رفع أمره إلى الحاكم ، فإن تعذر ففي جوازه (٣) بغير إذنه ، أو تسلطه (٤) على الفسخ وجهان ، وجواز التسليم بغير إذنه مطلقا (٥) خصوصا إذا كان المتقبل ثقة قوي.

(الثانية ـ لو استأجر عينا فله إجارتها بأكثر مما استأجرها به) (٦) ،

______________________________________________________

(١) أي لا ينافي اشتراط إذن المالك.

(٢) في التسليم.

(٣) أي جواز التسليم بغير إذن المالك.

(٤) أي تسلط الأول.

(٥) أذن المالك أو لا ، وتعذر الحاكم أو لا.

(٦) الأكثر على العدم استنادا إلى أخبار.

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الرجل يستأجر الدار ثم يؤاجرها بأكثر مما استأجرها ، قال عليه‌السلام : لا يصلح ذلك إلا أن يحدث فيها شيئا) (١) ومثله غيره.

وعن جماعة الكراهة لظهور قوله عليه‌السلام (لا يصلح ذلك) في الصحيح المتقدم في الكراهة ، وللجمع بينها وبين أخبار قد دلت على الجواز كما في المسالك ، ورده في الجواهر بقوله : (إنك قد عرفت عدم المعارض لنصوص الحرمة في المذكورات أصلا فضلا عن الصريح في الكراهة) انتهى.

وعن جماعة عدم الجواز إذا كانت العين دارا أو حانوتا أو رحى أو أجيرا ، اقتصارا على موارد النصوص ، وأما غيرها فتبقى على الأصل من الجواز ، وقد ورد في الدار صحيح الحلبي المتقدم ، وقد ورد في الحانوت والأجير خبر أبي المغراء عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الرجل يستأجر الأرض ثم يؤاجرها أكثر مما استأجرها ، فقال عليه‌السلام : لا بأس إن هذا ليس كالحانوت ولا الأجير ، إن فضل الأجير والحانوت حرام) (٢) ومثله غيره. وقد ورد في الرحى خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إني لأكره أن أستأجر رحا وحدها ثم أؤاجرها بأكثر مما استأجرتها به ، إلا أن أحدث فيها حدثا وأغرم فيها غرامة) (٣) ومثله غيره.

وكذا في السفينة فقد ورد في خبر إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه عليه‌السلام (لا بأس

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب الإجارة حديث ٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب الإجارة حديث ٤.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب الإجارة حديث ٥.

٤٣٣

للأصل (١) ، وعموم الأمر بالوفاء بالعقود.

(وقيل : بالمنع إلا أن تكون) اجارتها (بغير جنس (٢) الأجرة ، أو يحدث فيها صفة كمال) استنادا إلى روايتين (٣) ظاهرتين في الكراهة ، وإلى استلزامه الربا.

وهو (٤) ضعيف. إذ لا معاوضة على الجنس الواحد (٥).

______________________________________________________

أن يستأجر الرجل الدار أو الأرض أو السفينة ثم يؤاجرها بأكثر مما استأجرها به إذا أصلح فيها شيئا) (١) ، ومفهومه دال على ثبوت البأس في هذه الثلاثة عند عدم الحدث والإصلاح وهو ظاهر في الحرمة ، نعم ورد في الأرض أخبار تدل على الجواز.

منها : حسنة أبي الربيع الشامي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الرجل يتقبل الأرض من الدّهاقين ثم يؤاجرها بأكثر مما تقبلها به ، ويقوم فيها بخط السلطان ، فقال عليه‌السلام : لا بأس به ، إن الأرض ليست مثل الأجير ولا مثل البيت دلائل البيت ، إن فضل الأجير والبيت حرام) (٢) ، ومثله خبر إبراهيم بن ميمون (٣).

بعد اتفاق الجميع على أنه إذا أحدث في العين المستأجرة حدثا فيجوز له أن يؤاجرها بأكثر مما استأجرها لخبر أبي بصير وصحيح الحلبي المتقدمين.

ثم إن ابن الجنيد وتبعه عليه غيره قد استدل على عدم الجواز بأن المستأجر الأول لو استأجر العين بفضة أو ذهب ثم آجرها بالأكثر من ذهب أو فضة عند عدم حدوث حدث أو إصلاح للزم الربا في البين ، لأن الأجرة في الثاني لو كانت فضة مثلا مع كونها فضة في الأول للزم التفاضل بينهما في المعاوضة وهو عين الربا وردّ بأن الربا في العوضين إذا كانا من جنس واحد مع كونهما متعلقين لعقد واحد لا لعقدين كما في مقامنا.

(١) أصالة الحصة في العقود.

(٢) كما ذهب إليه ابن الجنيد.

(٣) وهما خبر أبي بصير وصحيح الحلبي ، ففي الأول (إني لأكره) ، وفي الثاني (لا يصلح) وهما ظاهران في الكراهة.

(٤) أي استلزامه للربا.

(٥) بل معاوضتان.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب الإجارة حديث ٢.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب الإجارة حديث ٣ و ٥.

٤٣٤

(الثالثة ـ إذا فرّط في العين) المستأجرة (ضمن قيمتها يوم التفريط) (١) ، لأنه يوم تعلقها بذمته كما أن الغاصب يضمن القيمة يوم الغصب. هذا قول الأكثر. (والأقرب) ضمان قيمتها (يوم التلف) لأنه يوم الانتقال إلى القيمة ، لا قبله وإن حكم بالضمان (٢) ، لأن المفروض بقاء العين فلا ينتقل إلى القيمة ، وموضع الخلاف ما إذا كان الاختلاف بتفاوت القيمة (٣) ، أما لو كان (٤) بسبب نقص في العين فلا شبهة في ضمانه (٥) ، (ولو اختلفا في القيمة (٦) حلف الغارم) ، لأصالة عدم الزيادة

______________________________________________________

(١) قد تقدم أن المستأجر أمين غير ضامن عند عدم تفريطه وعدم تعدية ، وأنه يضمن مع التعدي أو التفريط بلا خلاف في ذلك كله وإنما الكلام في أنّه يضمن العين وقت التعدي أو وقت التلف أو أعلى القيم من يوم العدوان إلى يوم التلف ، ذهب الأكثر إلى أنه يضمن قيمتها يوم العدوان لذيل صحيح أبي ولّاد (سألته عن الرجل المتعدي في البغل ، قال عليه‌السلام : نعم قيمة البغل يوم خالفته) (١) ، ولأنه وقت التعدي قد خوطب بالضمان.

وقيل : يضمن أعلى القيم من حين العدوان إلى يوم التلف ، لأن الاشتغال اليقيني يستدعي البراءة اليقينية وهو أحوط.

وعن المسالك وجماعة أنه يضمن قيمة يوم التلف ، لأن ما قبل التلف كان ضامنا للعين ، ولا ينتقل الأمر بالضمان إلى القيمة إلا حين تلفها ، وقد تقدم ماله الدخل في كتاب البيع وسيأتي مفصلا في كتاب الغصب.

(٢) إلا أنه ضمان للعين وهي موجودة فلا ينتقل إلى ضمان القيمة.

(٣) أي القيمة السوقية.

(٤) أي اختلاف قيمتها.

(٥) أي ضمان هذا النقص بعد كون يده يد عدوان وضمان ، لأنه متعد.

(٦) أي قيمة العين المستأجرة التالفة ، فقال المالك : مائة ، وقال المستأجر : خمسون ، قدم قول المستأجر الغارم لأنه منكر بحسب ظاهر كلامه ولأصالة عدم الزيادة.

وعن الشيخ أنه يقدم قول المستأجر الغارم إذا كان التالف غير دابة ، وأما لو كان دابة فالقول قول المالك وإن ادعى الزيادة لصحيح أبي ولّاد الحناط (فإن أصاب البغل كسر أو دبر أو غمز ، قال عليه‌السلام : عليك ما بين الصحة والعيب يوم ترده ، فقلت : من يعرف ذلك؟ قال عليه‌السلام : أنت وهو ، إما أن يحلف هو على القيمة فيلزمك ، فإن ردّ اليمين

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب الإجارة حديث ١.

٤٣٥

ولانه منكر ، وقيل : القول قول المالك إن كانت دابة ، وهو ضعيف.

(الرابعة ـ مئونة العبد والدابّة على المالك) (١) لا المستأجر ، لأنها تابعة للملك ، وأصالة عدم وجوبها على غير المالك. وقيل : على المستأجر مطلقا (٢). وهو ضعيف ، ثم إن كان المالك حاضرا عندها انفق ، وإلا استأذنه المستأجر في الانفاق ورجع عليه ، (ولو انفق عليه المستأجر بنية الرجوع) على المالك (صح مع تعذر إذن المالك ، أو الحاكم) وإن لم يشهد (٣) على الانفاق على الأقوى ، ولو أهمل (٤) مع

______________________________________________________

عليك فحلفت على القيمة لزمه ذلك) (١) وهو ظاهر في أن المالك يحلف ، ولا يحلف إلا المنكر.

وفيه : أنه لا مندوحة كما ذهب إليه الأصحاب من تقديم الغارم لا المالك لقوة الأصل خصوصا مع عملهم كما في الرياض فيرجح على الرواية.

(١) كما عن العلامة والمحقق والشهيد الثانيين وجماعة ، لأن المنفق عليه مال للمالك فالغرم عليه كما أن الغنم له ، ولأصالة عدم وجوبها على غيره ، إلا أن يشترط أنها على المستأجر فتلزم للشرط.

وعن جماعة منهم الشيخ وابن إدريس والمحقق والعلامة في الإرشاد أنها على المستأجر ، لأنه يجب عليه حفظ العين لكونها أمانة عنده ، ومن مقدمات حفظها النفقة عليها ، وردّ بأن حفظها على المالك لا على المستأجر ، ولو انحصر الحفظ على المستأجر لغيبة المالك فينفق ويرجع على المالك إذ لا دليل على وجوب الإنفاق من ماله ، وغاية ما يثبت عليه الحفظ أنه يحفظها بمال المالك لا بماله.

ثم على تقدير كون النفقة على المالك فيجب عليه تقديم النفقة إن كان حاضرا ، ولو كان غائبا استأذنه المستأجر بالإنفاق ورجع عليه ، وإن تعذر استأذن الحاكم ، فإن تعذر أنفق بنية العود وأشهد على الإنفاق من باب تيسر إقامة البينة له لو ادعى الإنفاق ، وإن لم يتمكن من الإشهاد انفق بنية الرجوع ورجع كمثل نفقة العين المرهونة فإنها على الراهن لا المرتهن وقد تقدم دليل هذه الأحكام هناك.

(٢) سواء شرط المالك بكون النفقة على المستأجر أم لا.

(٣) لأن وجوب الإشهاد إرشادي حتى يتمكن المستأجر من إثبات دعواه بالنفقة ، وهذا لا دخل له في أصل الرجوع على المالك.

(٤) أي المستأجر ولم ينفق أصلا ضمن ، لأنه يجب عليه الحفظ وإن لم يكن من ماله.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب الإجارة حديث ١.

٤٣٦

غيبة المالك ضمن لتفريطه إلا أن ينهاه المالك (١) ، (ولو استأجر أجيرا لينفذه في حوائجه فنفقته على المستأجر في المشهور) (٢) استنادا إلى رواية سليمان بن سالم عن الرضا عليه‌السلام. ولاستحقاق منافعه المانع من ثبوت النفقة عليه.

والأقوى أنه (٣) كغيره (٤) لا تجب نفقته (٥) إلا مع الشرط ، وتحمل الرواية مع سلامة سندها عليه (٤) ، واستحقاق منافعه لا يمنع لا يمنع من وجوب النفقة في ماله الذي من جملته الأجرة. وحيث يشترط فيه (٧) ، وفي غيره من الحيوان على المستأجر

______________________________________________________

(١) فمع نهي المالك لا ضمان عليه على الخلاف السابق في كتاب الرهن من جواز ترك النفقة عند النهي كما لو أمره بإلقاء ماله في البحر ، أو أنه لا يجوز له الترك حتى مع النهي تقديما لحق الله فيما لو كانت العين ذات روح كالعبد والدابة وعليه فيضمن لو ترك النفقة وأهملها.

(٢) لخبر سليمان بن سالم (سألت أبا الحسن عليه‌السلام ـ إلى أن قال ـ وعن رجل استأجر رجلا بنفقة مسماة ولم يفسر شيئا على أن يبعثه إلى أرض أخرى ، فما كان من مئونة الأجير من غسل الثياب والحمام فعلى من؟ قال عليه‌السلام : على المستأجر) (١) ، ولأن غنم الأجير في هذه المدة للمستأجر فعليه الغرم وردّ بأن سليمان بن سالم لم يمدح ولم يذم فهو مجهول الحال ، ولا جابر له إذ العلّامة في التذكرة نقل عن ابن المنذر عدم الخلاف في كون النفقة على الأجير ، وعليه ابن إدريس والمحقق الثاني وجماعة ، ومع أعراض هؤلاء لا يكون الخبر مجبورا ، ومنه تعرف أن نفقة الأجير كبقية نفقات العين المستأجرة ، فكما أن نفقة العين المستأجرة على المالك فكذلك نفقة الأجير على نفسه ، إلا مع الشرط بكونها على المستأجر فتلزم للزوم العمل بالشرط.

وأما استحقاق المنافع للغير فلا يمنع من ثبوت النفقة على الأجير ، لأن منفعة للغير في قبال الأجرة فتكون النفقة عليه من الأجرة حينئذ.

(٣) أي الأجير.

(٤) مما يستأجر.

(٥) على المستأجر.

(٦) على الشرط.

(٧) في هذا الأجير بأن تكون الأجرة على المستأجر.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الإجارة حديث ١.

٤٣٧

يعتبر بيان قدرها (١) ووصفها ، بخلاف ما لو قيل بوجوبها عليه (٢) ابتداء فإنه يكفي القيام بعادة أمثاله.

(الخامسة ـ لا يجوز اسقاط المنفعة المعينة) (٣) أي الإبراء منها ، سواء كان بلفظ الاسقاط أم الابراء أم غيرهما من الألفاظ الدالة عليه (٤) ، لأنه (٥) عبارة عن إسقاط ما في الذمة فلا يتعلق بالأعيان ، ولا بالمنافع المتعلقة بها (٦) ، (ويجوز إسقاط) المنفعة (المطلقة) (٧) المتعلقة بالذمة وإن لم يستحق (٨) المطالبة بها ، (وكذا الأجرة) (٩) يصح إسقاطها إن تعلقت بالذمة ، لا إن كانت عينا ، (وإذا تسلم) أجيرا

______________________________________________________

(١) قدر النفقة ووضعها لئلا يلزم الغرر في الشرط.

(٢) على المستأجر بحكم الشارع كما عن البعض وقد تقدم فلا يعتبر قدرها ووضعها ، بل تحال إلى العادة ، فيلزم عليه نفقة أمثال العين المستأجرة ، والغرر الموجود في المقام مغتفر لحكم الشارع بكونها على المستأجر.

(٣) المنفعة التي وقع عليها عقد الإجارة تارة في ذمة الأجير وأخرى في العين الخارجية ، فالأول كمن يستأجره على عمل خياطة ثوب ما ، والثاني كمن يستأجر هذه الدار الخارجية لمدة سنة.

وبما أن الإبراء هو إسقاط ما في الذمة كما هو معناه لغة وعرفا فيجوز للمستأجر أن يبرأ الأجير من المنفعة الثابتة في ذمته ، ولا يجوز للمستأجر أن يبرأ المؤجر من المنفعة المتحققة في العين الخارجية ، لأن الإبراء لا يصح تعلقه بالأعيان ولا بمنافعها بعد اختصاصه بإسقاط ما في الذمم ، بلا فرق في الحكم المذكور بين لفظ الإبراء أو الإسقاط أو ما شاكله من الألفاظ الدالة على معنى الإبراء.

(٤) على الإبراء.

(٥) أي الإبراء.

(٦) بالأعيان.

(٧) أي غير المعينة.

(٨) أي المستأجر لا يستحق مطالبة الأجير بها لعدم حلول وقتها ، إلا أنها قد استقرت في ذمة الأجير بالعقد فيصح الإبراء منها ، لأن الإبراء إسقاط ما في الذمم.

(٩) أي يصح الإبراء من الأجرة المطلقة دون المعينة ، أما الأولى كمن استأجر أجيرا بمائة درهم ولم يعيّن فذمة المستأجر مشغولة بها من حين العقد فيجوز للأجير إبراؤه منها ، وأما الثانية كمن يستأجر أجيرا على هذا العوض الخارجي ولا يجوز للأجير إبراء المستأجر منها ، لعدم تعلق الإبراء بالأعيان الخارجية ولا بمنافعها ، وهذا الفرع بشقيه من إبراء الأجرة والمنفعة المطلقة دون المعينة مما لا خلاف فيه ولا إشكال كما في الجواهر.

٤٣٨

ليعمل له عملا (فتلف لم يضمن) (١) صغيرا كان ، أم كبيرا ، حرا كان ، أم عبدا ، لأنه قبضه (٢) لاستيفاء منفعة مستحقة لا يمكن تحصيلها إلا بإثبات اليد عليه فكان أمانة في يده (٣) ، ولا فرق بين تلفه مدة الإجارة وبعدها (٤) ، إلا أن يحبسه (٥) مع الطلب بعد انقضاء المدة فيصير بمنزلة المغصوب ، وسيأتي إن شاء الله أن الحر البالغ لا يضمن مطلقا (٦). وما عليه من الثياب تابع له (٧) ، ولو كان (٨) صغيرا أو عبدا ضمنه.

(السادسة ـ كلما يتوقف عليه توفية المنفعة (٩)

______________________________________________________

(١) إذا تسلم المستأجر أجيرا بعقد صحيح ليعمل له عملا أو صنعة فهلك الأجير لم يضمن المستأجر ، كان الأجير كبيرا أو صغيرا ، وحرا كان أو عبدا مع فرض عدم التفريط من المستأجر بلا خلاف ولا إشكال ، وفي المسالك أنه موضع وفاق منا ومن العامة ، لأن المستأجر لا يمكن له استيفاء المنفعة التي يستحقها من الأجير إلا بإثبات يده عليه فكانت يده يد أمانة فلا يضمن إلا مع التفريط.

(٢) أي لأن المستأجر قبض الأجير.

(٣) أي فكان الأجير أمانة في يد المستأجر.

(٤) أي بعد مدة الإجارة ، أما تلفه في مدة الإجارة لما سمعت أن يده على الأجير يد أمانة ، وأما تلفه بعد مدة الإجارة فلأن المستأجر لا يجب عليه رد العين على مالك على تقدير كونها مملوكة ، وإنما الواجب عليه التخلية بين العين ومالكها ، وهذا كله إذا كان الأجير مملوكا ، وأما لو كان حرا فبعد انقضاء الإجارة لا يجب على المستأجر رده إلى مالكه لأنه حر فيخلّى سبيله فقط فلو تلف لا يضمن المستأجر.

نعم لو كان الأجير مملوكا وحبسه المستأجر بعد طلب المالك ولم يخل بينه وبين مالكه صار الأجير بمنزلة المغصوب فيضمن المستأجر الأجير لو تلف لعدوانه ، ولو كان الأجير حرا وقد حبسه المستأجر فلا يضمن إذا كان الحر بالغا وأما لو كان الحر صغيرا فيضمن كما سيأتي تفصيله في كتاب الغصب.

(٥) إذا كان الأجير مملوكا.

(٦) مغصوبا أو لا.

(٧) أي وما على الحر من الثياب تابع للحر في عدم الصمان ، لأن الثياب تحت يد صاحبها الحر ، والحر لا يدخل تحت اليد.

(٨) أي الأجير.

(٩) أي استيفاء المنفعة.

٤٣٩

فعلى المؤجر (١) كالقتب (٢) والزمام (٣) ، والحزام (٤) ، والسرج ، والبرذعة (٥) ، ورفع المحمل (٦) ، والأحمال (٧) ، وشدها ، وحطها ، والقائد (٨) ، والسائق أن شرط مصاحبته (٩) ، (والمداد في النسخ) (١٠) لتوقف إيفاء المنفعة الواجبة عليه (١١) بالعقد اللازم ، فيجب (١٢) من باب المقدمة.

______________________________________________________

(١) ما يتوقف عليه الانتفاع من العين المستأجرة على أقسام ، قسم يجب على المالك بغير خلاف كعمارة الحيطان والسقوف وعمل الأبواب ومجرى الماء ، وقسم يجب على المستأجر بغير إشكال كمن يستأجر بئرا لينتفع بها بتجميع مياه الأمطار فيها والاستفادة من هذه المياه فالاستقاء والدلو والبكرة على المستأجر بغير خلاف أيضا.

وقسم ثالث قد اختلف فيه كالخيوط في الخياطة كمن يستأجر أجيرا ليخيط له هذا الثوب ، فخيطان هذه الخياطة هل هي على الأجير أو على المستأجر ، وكذا المدار للكتابة والصبغ للصباغة ونحو ذلك فعن جماعة أنها على الأجير ، لأن العمل واجب عليه فتجب عليه مقدماته ، وهذه من المقدمات إلا أن تكون هناك عادة قاضية بالوجوب على المستأجر. وعن العلامة والشارح أنه مع عدم العادة أو اضطرابها فهذه الأمور على المستأجر ، لأن المقصود من عقد الإجارة هو العمل ، وأما الأعيان المتوقف عليها العمل غير داخلة في مفهوم الإجارة حتى تجب على الأجير.

وردّ بأن وجوب هذه الأعيان على الأجير ليس من أجل دخولها في مفهوم الإجارة ، بل من باب المقدمة للفعل الواجب ، فهي واجبة على من وجب عليه الفعل وهو الأجير.

(٢) مثل سبب ، ما يوضع على ظهر البعير ليصير صالحا للركوب.

(٣) وهو الحبل الذي يقاد به البعير.

(٤) ما يشدّ به القتب والرحل من تحت ظهر البعير لئلا ينقلب.

(٥) قال في مصباح المنير : (البرذعة : حلس يجعل تحت الرحل ، بالدال والذال ، والجمع البراذع ، هذا هو الأصل ، وفي عرف زماننا هي للحمار ما يركب عليه بمنزلة السرج للفرس) انتهى.

(٦) ووضعه على ظهر البعير.

(٧) أي رفعها عن الأرض وجعلها على ظهر الدابة.

(٨) هو الذي يأخذ بقيادها من أمام ، والسائق هو الذي يسوقها من خلف.

(٩) أي إن شرط المستأجر على المؤجر مصاحبة السائق أو القائد للدابة.

(١٠) أي نسخ الكتب.

(١١) على ما ذكر من الأمثلة.

(١٢) أي يجب ما يتوقف إيفاء المنفعة عليه.

٤٤٠