الزبدة الفقهيّة - ج ٥

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٥

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: دار الفقه للطباعة والنشر
المطبعة: سليمان‌زاده
الطبعة: ٥
ISBN: 964-8220-36-0
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٦٠٠

الأرش (١) ، وثبوت أجرته (٢) لو كان الغرس لمالك الأرض ، وليس ببعيد الفرق ، لتبرع العالم بالعمل (٣) ، ووضعه الغرس بغير حق ، وبه (٤) فارق (٥) المستعير (٦) للغرس : لأنه موضوع بحق وإذن صحيحة شرعا ، بخلاف هذا الغرس (٧).

(ولو اختلفا في الحصة حلف المالك) (٨) لأن النماء تابع للأصل فيرجع إلى مالكه في مقدار ما أخرجه منه عن ملكه ، مع أصالة بقاء غيره (٩) وعدم (١٠) انتقاله ، وملك (١١) الغير له (وفي المدة (١٢) يحلف المنكر) لأصالة عدم ما يدعيه الآخر من الزيادة.

تمّ الجزء الأول من الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية ويتلوه في الجزء الثاني كتاب الإجارة عن يد مصنفها العبد الفقير إلى الله تعالى زين الدين علي بن أحمد الشامي العاملي عامله الله بلطفه ، وعفى عنه وعنهم وعن جميع المؤمنين بمنه وكرمه أنّه أكرم الأكرمين.

______________________________________________________

(١) أي استحقاق المالك أرش نقصان الأرض لو قلع العامل ، واستحقاق العامل أرش نقصان الغرس لو قلع المالك.

(٢) أي ثبوت أجرة العامل لو كان الغرس من مالك الأرض.

(٣) لعلمه بالبطلان ، ولا أرش لنقصان غرسه لأنه وضعه بغير حق.

(٤) أي بهذا الفارق بين الجاهل والعالم ، فالثاني متبرع ولا أرش له ، بخلاف الأول فله أجرة العمل وأرش نقصان الغرس.

(٥) أي فارق المغارس ، وهو العامل في عقد المغارسة.

(٦) وهو مفعول به من استعار الأرض للغرس ، فلو غرسها وقلع المالك الغرس فعلى المالك الأرش لأن الغرس قد وضع بحق وبإذن من قبل المالك.

(٧) وهو غرس العامل العالم ببطلان المغارسة.

(٨) رجوع إلى أحكام المساقاة ، ولو اختلف المالك والعامل في مقدار الحصة ، فقال المالك : حصتك ربع فقال العامل : نصف ، فالقول قول المالك مع يمينه لأن الثمرة نماء الأصول فهي تابعة لها في الملكية أيضا فقول المالك موافق لهذا الأصل والعامل مدع للزيادة.

(٩) غير ما أخرجه عن ملكه باعترافه وإقراره.

(١٠) أي وأصالة عدم انتقال هذا الغير.

(١١) أي وأصالة عدم ملك الغير له.

(١٢) يقدم منكر الزيادة مع يمينه لأنه منكر بحسب ظاهر قوله.

٣٨١

واتفق الفراغ منه ظهر يوم الثلاثاء سادس شهر جمادى الأخرى سنة ست وخمسين وتسعمائة حامدا لله تعالى ، مصليا على رسوله وآله ، مسلما ، مستغفرا.

٣٨٢

كتاب الاجارة

٣٨٣
٣٨٤

(كتاب الاجارة (١)

(وهي العقد (١) على تملك المنفعة المعلومة بعوض معلوم) فالعقد بمنزلة الجنس يشمل سائر العقود ، وخرج بتعلقه بالمنفعة البيع والصلح المتعلق (٣) بالأعيان ، وبالعوض (٤) الوصية بالمنفعة ، وبالمعلوم (٥) إصداقها (٦) إذ ليس في مقابلها (٧) عوض معلوم وإنما هو البضع.

______________________________________________________

(١) قال في المسالك : (وهي في اللغة اسم للأجرة ، وهي كري الأجير ، لا مصدر آجر يؤجر ، فإن مصدره الإيجار ، بخلاف باقي العقود فإنه يعبر عنه بمصدر الفعل أو باسم المصدر) ، وزاد بعضهم مع احتمال أن تكون الإجارة مصدرا سماعيا لآجر ، نحو كتب يكتب كتبا وكتابة ، وحينئذ يتحد المقام مع باقي العقود بالتعبير عنه بالمصدر.

(٢) على المشهور أنها عقد على تمليك المنفعة خاصة بعوض معلوم ، والعقد اسم يشمل جميع العقود ، وقيد (تمليك منفعة) يخرج البيع لأنه عقد على تمليك عين ، وقيد (خاصة) يخرج الصلح ، لأنه عقد واقع على تمليك عين وعلى تمليك منفعة ، وقيد (بعوض) تخرج الوصية بالمنفعة ، وقيد (معلوم) يخرج الصداق إذا كان تمليك منفعة ، لأن تمليك المنفعة إذا كان مهرا لم يكن في قباله عوض معلوم ، وإنما في مقابله البضع.

(٣) صفة للصلح.

(٤) أي خرج بالعوض.

(٥) أي وخرج بالمعلوم الذي هو صفة للعوض.

(٦) أي مهر الزوجة.

(٧) مقابل منفعة الصداق.

٣٨٥

ولكن ينتقض في طرده (١) بالصلح على المنفعة بعوض معلوم فانه (٢) ليس إجارة بناء على جعله أصلا (٣).

(وايجابها آجرتك (٤) ، واكريتك ، أو ملكتك (٥) منفعتها سنة) قيّد التمليك بالمنفعة (٦) ، ليحترز به (٧) عما لو عبّر (٨) بلفظ الايجار والإكراء فانه (٩) لا يصح تعلقه إلا بالعين (١٠) فلو أوردهما على المنفعة فقال : آجرتك منفعة هذه الدار مثلا لم

______________________________________________________

(١) بكونه غير مانع.

(٢) أي الصلح.

(٣) كما عليه الأكثر في قبال الشيخ الذي جعله فرعا لما يفيد فائدته ، وقد تقدم البحث فيه.

(٤) لما كانت الإجارة من العقود اللازمة كما سيأتي ، فيجب في إنشاء إيجابها وقبولها كل لفظ صريح ماضوي على مبنى المشهور ، وقد عرفت ما فيه ، وعلى كل فالصريح في الإيجاب : آجرتك وأكريتك ، فيقال : آجرت الدار وأكريتها أي ملّكت منفعتها للغير.

(٥) التمليك يفيد نقل ما تعلق به ، فإذا ورد على الأعيان أفاد نقل ملكها فيقال : ملّكتك الدار ، إذا نقلت ملكيتها للغير ، وهذا ليس مورد الإجارة ، لأن العين تبقى على ملك المؤجر.

وعليه فيتعين إذا أردنا إنشاء لإيجاب بالتمليك في الإجارة أن نضيف التمليك إلى المنفعة ، لأن الذي يتم نقله بالعوض في مورد الإجارة هو منافع الأعيان ، وحتى يكون التمليك من الألفاظ الصريحة حينئذ فلا بد من الابتداء به فيقال : ملكتك منفعة الدار مدة كذا بكذا من العوض. هذا وفيه ما قاله البعض من أن إنشاء الإيجاب في الإجارة بلفظ التمليك مبني على صحة التجوز في صيغ العقود ، وهو ممنوع عندهم ، والعجب منهم كيف جمعوا بين مبناهم وهذا البناء.

نعم على المبنى المنصور من صحة التجوز في صيغ العقود الإنشائية كصحة التجوز في الإخبارات فيصح الإنشاء بلفظ التمليك المذكور.

(٦) دون (آجرتك أو أكريتك).

(٧) بالتقييد.

(٨) عن الإيجاب.

(٩) فإن لفظ الإيجار والإكراء.

(١٠) فيقال : أجرتك الدار أو أكريتها ، ويفيد عرفا ولغة تمليك منفعتها ، بحيث لو أورد اللفظ المذكور على المنفعة فقال : آجرتك منفعة هذه الدار لم يصح ، لأنه يفيد تمليك منفعة متعلقه ، ومتعلقه منفعة ، فيفيد تمليك منفعة المنفعة ، وهو باطل إذ لا منفعة للمنفعة.

٣٨٦

يصح ، بخلاف التمليك ، لأنه (١) يفيد نقل ما تعلق به ، فإن ورد على الأعيان أفاد ملكها وليس ذلك (٢) مورد الإجارة ، لأن العين تبقى على ملك المؤجر فيتعين فيها (٣) إضافته (٤) إلى المنفعة ، ليفيد نقلها (٥) إلى المستأجر حيث يعبّر بالتمليك.

(ولو) عبّر بالبيع و (نوى بالبيع الإجارة (٦) فإن أورده على العين) فقال : بعتك هذه الدار شهرا مثلا بكذا (بطل) (٧) ، لإفادته (٨) نقل العين وهو مناف للاجارة (٩) (وإن قال : بعتك سكناها سنة مثلا (١٠) ففي الصحة وجهان) مأخذهما أن البيع (١١) موضوع لنقل الأعيان ، والمنافع تابعة لها فلا يثمر (١٢) الملك لو تجوز به في نقل المنافع منفردة وإن نوى به (١٣)

______________________________________________________

(١) أي التمليك.

(٢) أي ملك الأعيان.

(٣) في الإجارة.

(٤) أي إضافة التمليك.

(٥) أي ليفيد التمليك نقل المنفعة.

(٦) على نحو المجاز.

(٧) نسبة في التذكرة إلى علمائنا ، لعدم صحة التجوز في صيغ العقود ، بل هو مجاز مستهجن كلفظ النكاح وإرادة البيع منه أو بالعكس.

(٨) أي البيع.

(٩) بحسب المعنى الحقيقي فيكون مجازا.

(١٠) بحيث أورد البيع على المنفعة فالمنع على المشهور ، لأنه مجاز ويشترط في العقد اللازم عدم المجاز ، وتردد المحقق في الشرائع ، وعن العلامة في التحرير احتمال الانعقاد به ، لأن البيع بحسب معناه الحقيقي مما يفيد نقل المنفعة تبعا لنقل العين ، وإذا أفاد نقل المنفعة فيصح إنشاء الإجارة به بشرط التصريح بالمنفعة ، لأنه من دون التصريح فهو لا يستعمل إلا في نقل الأعيان.

وفيه : إنه مجاز صريح بعد عدم كون البيع موضوعا لنقل المنفعة ، وعلى مبناهم لا بدّ من الحكم بالبطلان من دون تردد.

(١١) دليل البطلان.

(١٢) أي البيع.

(١٣) بالبيع.

٣٨٧

الإجارة ، وأنه يفيد (١) نقل المنفعة أيضا (٢) في الجملة ولو بالتبع فيقوم (٣) مقام الإجارة مع قصدها (٤) ، والأصح المنع.

(وهي لازمة من الطرفين) (٥) لا تبطل إلا بالتقايل (٦) ، أو بأحد الأسباب المقتضية للفسخ وسيأتي بعضها ، (ولو تعقبها البيع لم تبطل) (٧) لعدم المنافاة (٨) ، فإن الإجارة تتعلق بالمنافع ، والبيع بالعين ، وان تبعتها (٩) المنافع حيث يمكن (١٠) (سواء)

______________________________________________________

(١) أي البيع وهو دليل الصحة.

(٢) كنقل المنافع بحسب الأصل.

(٣) أي البيع.

(٤) أي قصد الإجارة.

(٥) بلا خلاف فيه ، لأنها عقد فتندرج تحت عموم قوله تعالى : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (١) ، ولا مخصص بالاتفاق.

(٦) لعموم أدلة التقايل الشاملة لكل عقد.

(٧) لا تنفسخ الإجارة ببيع العين المستأجرة قبل تمام مدة الإجارة بلا خلاف فيه لاختلاف متعلقهما ، فالإجارة قد تعلقت بالمنفعة ، والبيع قد تعلق بالعين ، نعم ليستحق المشتري العين من حين البيع مسلوبة المنفعة إلى انتهاء مدة الإجارة ، وبما أنها مسلوبة المنفعة فلو كان المشتري جاهلا بحقيقة المبيع وأنه مؤجر فيتخير بين الإمضاء الصبر إلى انتهاء المدة ، وبين الفسخ ، لأن إطلاق عقد البيع يقتضي تعجيل التسليم للانتفاع كما هو الغالب ، وهو غير متحقق هنا لكونها مسلوبة المنفعة ، بخلاف العالم فلا خيار له لإقدامه على ذلك ثم لو فسخ المستأجر عقد الإجارة بأحد أسباب الفسخ في أثناء المدة رجعت المنافع في مدة الإجارة إلى البائع وهو المؤجر ، دون المشتري ، لأن المشتري قد استحق بالعقد العين مسلوبة المنفعة إلى انتهاء المدة ، وهذه المنافع هي لغيره قطعا فإذا خرجت عن ملك المستأجر بالفسخ فيتعين أنها للبائع المؤجر.

(٨) بين البيع والإجارة.

(٩) أي تبعت العين المنافع.

(١٠) دفع وهم ، أمّا الوهم فقد تقدم أن البيع يفيد نقل المنافع بالتبع وإن أفاد نقل العين بالأصل وعليه فيتحد متعلق البيع والإجارة وإن اختلفا استقلالا وتبعا.

__________________

(١) سورة المائدة ، الآية : ١.

٣٨٨

(كان المشتري هو المستأجر ، أو غيره) (١) فإن كان هو المستأجر لم تبطل الإجارة على الأقوى ، بل يجتمع عليه الأجرة والثمن ، وإن كان غيره (٢) وهو عالم بها (٣) صبر إلى انقضاء المدة ، ولم يمنع ذلك (٤) من تعجيل الثمن (٥) وإن كان جاهلا بها (٦) تخير (٧) بين فسخ البيع ، وامضائه مجانا مسلوب المنفعة إلى انقضاء المدة ، ثم لو تجدد فسخ الإجارة (٨) عادت المنفعة إلى البائع ، لا إلى المشتري.

(وعذر المستأجر لا يبطلها) (٩) وإن بلغ حدا يتعذر عليه الانتفاع بها (كما لو)

______________________________________________________

وأما الدفع : فالبيع يفيد نقل المنفعة بالتبع حيث يمكن ذلك ، وهو كون العين غير مسلوبة المنفعة ، أما هنا فالعين مسلوبة المنفعة والبيع لم يفد إلا نقل العين فقط ولا يفيد بالتبع نقل منافعها ، إذ لا منفعة لها مملوكة للبائع بل هي للمستأجر. فلم يتحد متعلق البيع والإجارة.

(١) ما تقدم كان في المشتري غير المستأجر ، أما لو كان المشتري نفس المستأجر ، فالمشهور على أن الإجارة لا تبطل بالبيع أيضا ، لنفس ما تقدم من الدليل ، ويجتمع على المشتري الأجرة والثمن ، أما الأجرة في قبال المنافع وأما الثمن في قبال العين التي كانت مسلوبة المنفعة.

وعن العلامة في الإرشاد ونسب إلى الشيخ فسخ الإجارة بالبيع ، لأن ملك العين يستدعي ملك المنافع ، فالمشتري يملك المنافع بتملكه للعين ، ومعه يبطل سبب تملك المنافع بالإجارة لعدم اجتماع سببين على مسبّب واحد.

وردّ بأن العين تستتبع المنافع في النقل والانتقال إذا لم يسبق تملكها بسبب آخر ، وعليه فلم يجتمع سببان على مسبّب واحد.

(٢) أي وإن كان المشتري غير المستأجر.

(٣) بالإجارة.

(٤) من كون الدار مسلوبة المنفعة فلا يمكن للمشتري الانتفاع بالمبيع.

(٥) لأن العقد يقتضي تعجيل الثمن والمثمن ، وعدم انتفاع المشتري بالعين لأنها مسلوبة المنفعة لا يمنع من تعجيل الثمن حتى ينتفع به البائع كما هو مقتضى العقد.

(٦) بالإجارة.

(٧) أي المشتري الجاهل.

(٨) من المستأجر أو المؤجر.

(٩) لو وقعت الإجارة على عين وحدث مانع للمستأجر من الانتفاع بمنافعها ، فلا تبطل الإجارة ، لأن المنفعة التي وقعت موردا للعقد ما زالت باقية ، وإنما المانع من جهته فيستصحب لزوم الإجارة بعد وقوع العقد.

٣٨٩

(استأجر حانوتا فسرق متاعه) ولا يقدر على إبداله ، لأن العين (١) تامة صالحة للانتفاع بها فيستصحب اللزوم ، (واما لو عم العذر (٢) كالثلج المانع من قطع الطريق) الذي استأجر الدابة لسلوكه مثلا (فالأقرب جواز الفسخ لكل منهما) (٣) ، لتعذر استيفاء المنفعة المقصودة (٤) حسا فلو لم يجبر بالخيار لزم الضرر المنفي ، ومثله (٥) ما لو عرض مانع شرعي كخوف الطريق ، لتحريم السفر حينئذ (٦) ، أو استئجار امرأة لكنس المسجد فحاضت (٧) والزمان (٨) معين ينقضي (٩) مدة العذر ، ويحتمل (١٠) انفساخ العقد في ذلك كله (١١) ، تنزيلا للتعذر منزلة تلف العين (١٢).

(ولا تبطل) الإجارة (بالموت) (١٣) كما يقتضيه لزوم العقد ، سواء في ذلك

______________________________________________________

(١) تعليل لعدم بطلان الإجارة.

(٢) بمعنى لم يكن المانع من قبله وإنما كان بأسباب طبيعية ، فتعذر حينئذ استيفاء المنفعة المقصودة من الإجارة ، كالثلج المانع من سلوك الطريق مع أن إجارة الدابة إنما كان لسلوك هذا الطريق ، وكذا لو استأجر الدابة لسلوك طريق معيّن فعرض مانع شرعي كالخوف من سلوكه لظالم أو متعد ، وعليه فلزوم الإجارة على المستأجر ضرر وهو منفي ، ورفعه بثبوت الخيار له بين الفسخ والإمضاء.

(٣) أي المؤجر والمستأجر.

(٤) من عقد الإجارة وإن أمكن استيفاء غيرها من العين المؤجرة.

(٥) أي مثل العذر العام.

(٦) حين الخوف.

(٧) فالحيض وتحريم السفر مانعان شرعيان.

(٨) زمن الاستئجار.

(٩) أي زمن الاستئجار ينقضي في زمن عذرها.

(١٠) ومن هنا قال سابقا (الأقرب).

(١١) ما عدا العذر الذي يكون من قبل المستأجر.

(١٢) وتلف العين موجب للانفساخ كما سيأتي.

(١٣) اختلف فيه على أقوال ، أنها لا تبطل بالموت مطلقا سواء كان بموت المؤجر أو المستأجر كما عن المحقق والعلامة وعليه المتأخرون أجمع كما في المسالك ونسب إلى جملة من القدماء كالمرتضى والقديمين ، لأن الإجارة من العقود اللازمة ، ومن شأن اللزوم عدم البطلان بالموت لعموم الأمر بالوفاء بالعقود ، وللاستصحاب.

وقيل : إنها تبطل مطلقا وهو المحكي عن المفيد في المقنعة والشيخ في الخلاف والنهاية

٣٩٠

.................................................................................................

______________________________________________________

والديلمي وبني حمزة وزهرة والبراج ، وفي الشرائع نسبته إلى المشهور ، لموثق إبراهيم بن محمد الهمداني (كتبت إلى أبي الحسن عليه‌السلام : وسألته عن امرأة آجرت ضيعتها عشر سنين على أن تعطي الأجرة في كل سنة عند انقضائها ، لا يقدّم لها شي‌ء من الأجرة ما لم يمض الوقت ، فماتت قبل ثلاث سنين أو يعدها ، هل يجب على ورثتها إنفاذ الإجارة إلى الوقت ، أم تكون الإجارة منقضية بموت المرأة؟

فكتب عليه‌السلام : إن كان لها وقت مسمى لم يبلغ فماتت فلورثتها تلك الإجارة ، فإن لم تبلغ ذلك الوقت وبلغت ثلثه أو نصفه أو شيئا منه فتعطى ورثتها بقدر ما بلغت من ذلك الوقت إن شاء الله تعالى) (١).

بدعوى أن الجواب مشتمل على شرطيتين ، فالأول (إن كان لها وقت مسمى) الخ ...

وهي ظاهرة في أن المرأة إذا ماتت بعد إدراك الأنجم المضروبة لأخذ الأجرة قبل أخذ الأجرة فلورثتها تلك الأجرة ، والثانية (فإن لم تبلغ ذلك الوقت وبلغت ثلثه) الخ ..

وهي ظاهرة في أن المرأة إذا ماتت في أثناء الأجل المضروب قبل أخذ الأجرة فتستحق الورثة الأجرة عن الماضي دون المستقبل ، ولازم ذلك هو الفساد ، وأيدهم على هذا التفسير كل من المجلسي وسيد الرياض وصاحب مفتاح الكرامة والشيخ الأعظم.

وذهب الأردبيلي وبحر العلوم إلى أن الخبر من أدلة عدم بطلان الإجارة بالموت ، لأن المراد من الوقت في الجواب هو مدة الإجارة سيّما بعد ملاحظة السؤال حيث ورد فيه (هل يجب على ورثتها إنفاذ الإجارة إلى الوقت ، أم تكون الإجارة منقضية بموت المرأة) وهو ظاهر في السؤال عن بطلان الإجارة لموت المؤجر في مدة الإجارة.

وبناء عليه فالجواب ظاهر في أنها لو ماتت فلورثتها تلك الإجارة بحسب الشرطية الأولى وهذا ظاهر في عدم البطلان ، وتدفع الأجرة إلى الورثة بالنسبة إلى المنفعة الماضية بحسب الشرطية الثانية ، وهذا لا ينافي الصحة.

والحق ما قال الأردبيلي من أنها صريحة في الصحة.

هذا وعن الشيخ في المبسوط أنها تبطل بموت المستأجر دون المؤجر ، وتبعه ابن طاوس ، وعن ابن البراج نسبته إلى أكثر أصحابنا ، ومما تقدم تعرف ضعفه. ثم على القول بعدم بطلانها بالموت يستثنى منه مواضع منها : ما لو شرط على المستأجر استيفاء المنفعة بنفسه فإنها تبطل بموته عملا بالشرط.

__________________

(١). الوسائل الباب ٢٥ من أبواب الإجارة حديث ١.

٣٩١

موت المؤجر والمستأجر ، (إلا أن تكون العين موقوفة) على المؤجر وعلى من بعده من البطون فيؤجرها مدة ويتفق موته قبل انقضائها فتبطل ، لانتقال الحق إلى غيره ، وليس له التصرف فيها إلا زمن استحقاقه ولهذا لا يملك نقلها ، ولا اتلافها.

نعم لو كان ناظرا وآجرها لمصلحة البطون لم تبطل بموته (١) ، لكن الصحة حينئذ ليست من حيث أنه موقوف عليه ، بل من حيث انه ناظر ، ومثله (٢) الموصى له بمنفعتها مدة حياته فيؤجرها كذلك (٣) ، ولو شرط على المستأجر استيفاء المنفعة بنفسه بطلت بموته أيضا (٤).

(وكلما يصح الانتفاع به مع بقاء عينه (٥) تصح إعارته وإجارته) وينعكس في الإجارة كليا (٦) ، دون الإعارة (٧) ، لجواز إعارة المنحة ، مع أن المقصود منها

______________________________________________________

منها : أن يكون المؤجر موقوفا عليه وعلى من بعده من البطون عند موته ، ثم يموت قبل انتهاء أمد الإجارة ، فإنها تبطل بموته ، لأن الحق المؤجر قد انتقل إلى غيره بموته ، فيلزم رضا المالك الجديد.

ومنها : الموصى له بالمنفعة مدة حياته ، فلو آجرها مدة ومات في أثنائها فإنها تبطل أيضا ، لانتهاء استحقاقه ورجوع المنفعة إلى ورثة الميت كما هو واضح.

(١) بموت الناظر ، لأنه نائب منابهم جميعا ، فلو عاش مع جميع البطون أو وجد مع البطن الثاني لكان النظر إليه.

(٢) أي مثل الموقوف عليه.

(٣) أي يؤجرها مدة ثم يموت قبل انقضاء مدة الإجارة.

(٤) عملا بالشرط.

(٥) كل ما يصح الانتفاع به مع بقاء عينه هو مورد الإجارة ، بلا خلاف فيه ، لأن الإجارة ذلك لغة وعرفا ، ثم إن هذا المورد هو مورد العارية على ما تقدم في بابها وعليه فكل ما يصح الانتفاع به مع بقاء عينه تصح إجارته وعاريته ، وكل ما تصح إجارته تصح إعارته ، وكل ما تصح إعارته تصح إجارته.

(٦) والعكس في الإجارة : كل ما لا يصح الانتفاع به إلا بذهاب عينه لا تصح إجارته ، وفي مثله لا مورد للإجارة.

(٧) والعكس في الإعارة : كل ما لا يصح الانتفاع به إلا بذهاب عينه لا تصح إعارته ، وهو ليس بكلي لجواز إعارة المنحة ، وهي إعارة الشاة أو الناقة اللبون ، فيصح إعارتها مع أنه لا يمكن الانتفاع بها إلا بذهاب عينها الذي هو العين.

٣٩٢

وهو اللبن لا تبقى عينه ، ولا تصح إجارتها (١) لذلك (٢) (منفردا (٣) كان) ما يؤجر ، (أو مشاعا) (٤) إذ لا مانع من المشاع باعتبار عدم القسمة ، لإمكان استيفاء المنفعة (٥) بموافقة الشريك ، ولا فرق بين أن يؤجره (٦) من شريكه ، وغيره عندنا.

(ولا يضمن (٧) المستأجر العين إلا بالتعدي) فيها ، (أو التفريط) (٨) ،

______________________________________________________

(١) أي إجارة المنحة.

(٢) لأن استيفاء المنفعة يتم بذهاب العين فلا مورد للإجارة.

(٣) إجازة المنفرد كإجارة الدار ، بلا خلاف فيه ، لإمكان تسليمه من قبل المؤجر وإمكان استيفاء المنفعة من قبل المستأجر ، فلا بد من الصحة لوجود المقتضي بعد كونه عقدا مع عدم المانع.

(٤) كإجارة الحصة المشاعة من الدار كالنصف ، ولا خلاف في صحة إجارتها عندنا لوجود المقتضي لعموم (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (١) ، ولا مانع منه إلا عدم إمكان التسليم من قبل المؤجر وعدم إمكان الاستيفاء من قبل المستأجر ، وهو غير مانع إذ يمكن التسليم بموافقة الشريك ، ومعه يمكن للمستأجر استيفاء المنفعة ، وعليه لا بدّ من إذن الشريك في تسليم الحصة المشاعة المؤجرة ، ولو أبى رفع أمره إلى الحاكم لأنه ولي الممتنع.

ثم الإشاعة لا تنافي معلومية المتاع ، ولذا جاز وقوع البيع عليه فيصح وقوع الإجارة عليه أيضا.

وثم لا فرق في الحكم بين أن يؤجرها الشريك من شريكه أو غيره لعموم أدلة صحة الإجارة ، وعموم الأمر بالوفاء بالعقد ، وهو عندنا موضع وفاق ، وخالف بعض العامة فمنع من الإجارة لغير الشريك وهو تحكم إذ لا دليل له.

(٥) من قبل المستأجر ، وإمكان التسليم من قبل المؤجر.

(٦) ضمير المفعول راجع إلى المتاع.

(٧) عدم ضمان المستأجر للعين المؤجرة لأنه أمين ، بعد كون وضع اليد عليها بإذن المؤجر ، والأصل في الأمين عدم الضمان إلا مع التعدي والتفريط ، فلا يشمله عموم (على اليد ما أخذت حتى تؤدي) (٢) ، وللأخبار الآتية.

(٨) فمع التعدي أو التفريط يضمن بلا خلاف فيه لعموم (على اليد) بعد ارتفاع أمانته ، وللأخبار.

__________________

(١) سورة المائدة ، الآية : ١.

(٢) سنن البيهقي ج ٦ ص ٩٠ كنز العمال ج ٥ ص ٢٥٧ حديث ٥١٩٧.

٣٩٣

لأنها (١) مقبوضة بإذن المالك لحق القابض. ولا فرق في ذلك (٢) بين مدة الإجارة (٣) وبعدها (٤) ، قبل طلب المالك وبعده ، إذا لم يؤخر (٥) مع طلبها اختيارا ، (ولو شرط) في عقد الإجارة (ضمانها بدونهما (٦) فسد العقد) ، لفساد الشرط من حيث مخالفته للمشروع ، ومقتضى الإجارة ، (ويجوز اشتراط الخيار

______________________________________________________

منها : صحيح علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام (سألته عن رجل استأجر دابة فأعطاها غيره فنفقت ، ما عليه؟ قال عليه‌السلام : إن شرط أن لا يركبها غيره فهو ضامن لها ، وإن لم يسم فليس عليه شي‌ء) (١) ، ومثله غيره.

(١) أي العين المستأجرة ، وهذا تعليل بالأمانة لعدم الضمان عند عدم التعدي أو التفريط.

(٢) في عدم الضمان.

(٣) ما تقدم إنما كان بلحاظ مدة الإجارة.

(٤) أي بعد مدة الإجارة ، فلو تلفت في هذه المدة لا يضمن على المشهور لبقاء الأمانة القاضية بعدم الضمان ، وعن الشيخ وابن الجنيد الحكم بالضمان لأن العين المؤجرة بعد انقضاء المدة أمانة شرعية لا مالكية ، فيجب عليه ردها ولو لم يطلب المالك ولو تلفت كان ضامنا لها ، وهذه هي أحكام الأمانة الشرعية.

والمشهور لم يوجبوا الرد عليه فورا ، بل لا يجب الرد حتى لو طلبها المالك وإنما عند الطلب يجب عليه التخلية فقط ، والسبب في ذلك لأنها مقبوضة بإذن المالك بخلاف الأمانة الشرعية فلا إذن للمالك فيها.

(٥) أي لم يؤخر المستأجر بالتخلية لو طلبها المؤجر ، فلو أخّر بالتخلية بعد الطلب وتلفت كان ضامنا لأنه مفرط حينئذ.

(٦) بدون التعدي أو التفريط ، فقد ذهب المشهور إلى فساد الشرط ، لمنافاته لمقتضى عقد الإجارة من عدم الضمان عند عدم التعدي أو التفريط ، ولما دل في السنة على عدم ضمان المستأجر ، وقد تقدم فلا يكون سائغا فلا يندرج تحت عموم (المؤمنون عند شروطهم) (٢).

وإذا فسد الشرط فسد العقد ، لأن الشرط فاسد مفسد ، إذ لا تراضي في العقد بناء على صحة الشرط ولم يسلم ، فلا رضا حينئذ بالعقد ، ومعه يفسد. وعن جماعة منهم سيد الرياض عدم بطلان الشرط لعموم (المؤمنون عند شروطهم) (٣).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الإجارة حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب المهور حديث ٤.

٣٩٤

لهما أو لاحدهما) (١) مدة مضبوطة ، لعموم «المؤمنون عند شروطهم» ، ولا فرق بين المعينة ، والمطلقة عندنا.

(نعم ليس للوكيل والوصي فعل ذلك) (٢) وهو اشتراط الخيار للمستأجر أو للأعم (٣) بحيث يفسخ (٤) إذا أراد (إلا مع الإذن (٥) ، أو ظهور الغبطة (٦) في الفسخ فيفسخ (٧) حيث يشترطها (٨) لنفسه ، لا بدون الإذن في الوكيل ، ولا الغبطة في الوصي ، لعدم اقتضاء إطلاق التوكيل فيها (٩) إضافة الخيار (١٠)

______________________________________________________

(١) بل إشكال ولا خلاف كما في الجواهر لعموم (المؤمنون عند شروطهم) (١) ، بل لا فرق بين كون الخيار لهما أو لأحدهما أو للأجنبي ، بشرط كون مدة الخيار معلومة لئلا يلزم الضرر في الشرط.

ثم لا فرق في ثبوت الخيار في الإجارة المعينة كأن يستأجر هذه العين ، وفي المطلقة كإجارة دار موصوفة ، أو كأن يستأجره لعمل مطلق غير مقيد ، كل ذلك للعموم المتقدم ، وخالف بعض العامة فجوّز خيار الشرط في المطلقة دون المعينة ، وهو تحكم إذ لا دليل له على التفريق.

(٢) الوصي هو ولي الصبي فليس لهما اشتراط الفسخ للمستأجر ، أو اشتراط الفسخ للموكل أو الصبي أو لأنفسهما ، أما بالنسبة للوكيل فلأن مقتضى الوكالة إجراء عقد الإجارة اللازم ، وهذا يقتضي عدم الخيار لأحد الطرفين إلا إذا أذن الموكل فيجوز للوكيل ذلك تبعا للاذن.

وأما بالنسبة للوصي فلا يجوز له ذلك إلا مع ظهور الغبطة والمصلحة في ثبوت الخيار ، ومعها يجوز.

(٣) من المستأجر والمؤجر.

(٤) ضمير الفاعل راجع لمن أعطي له حق الخيار ، وهو المستأجر أو الأعم منه ومن المؤجر.

(٥) بالنسبة للوكيل.

(٦) بالنسبة للوصي.

(٧) كل من الوكيل والوصي.

(٨) أي يشترط الخيرة بمعنى الخيار.

(٩) في الإجارة.

(١٠) أي إضافته للإجارة ، لأن الدليل في الإجارة والأصل فيها اللزوم.

__________________

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب المهور حديث ٤.

٣٩٥

المقتضي (١) للتسلط على أبطالها (٢) ، وكذا الوصاية (٣) ، فإن فعل الوصي منوط بالمصلحة.

(ولا بدّ من كمال المتعاقدين (٤) ، وجواز تصرفهما) فلا تصح إجارة الصبي وإن كان مميزا ، أو أذن له الولي (٥) ، ولا المجنون مطلقا (٦) ، ولا المحجور بدون إذن الولي (٧) ، أو من في حكمه (٨) (ومن كون المنفعة) المقصودة من العين ، (والأجرة معلومتين) (٩).

______________________________________________________

(١) صفة للخيار.

(٢) إبطال الإجارة.

(٣) فتقتضي أن تقع الإجارة لمال الصبي لازمة على حسب أصلها إلا مع ظهور الغبطة بالنسخ.

(٤) كمالهما بالبلوغ والعقل والاختيار وأن يكونا جائزي التصرف لعدم الفلس والسفه ونحوهما من أسباب الحجر ، فعقد الصبي والمجنون باطل لأنهما مسلوبا العبارة شرعا لحديث (رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يفيق) (١) ، وعقد المكره باطل لأنه مسلوب العبارة لحديث (رفع عن أمتي تسعة أشياء : ـ إلى أن قال ـ وما أكرهوا عليه وما اضطروا إليه) (٢).

وعقد المحجور عليه باطل للحجر المانع عن التصرف المالي والإجارة تصرف مالي ، بلا خلاف في ذلك كله.

(٥) فعبارته مسلوبة شرعا وأذن الولي وتمييزه لا تجعل العبارة ممضاة شرعا.

(٦) أدواريا أو مطبقا.

(٧) فالمحجور الذي له ولي هو المكلف الذي بلغ سفيها ، وولاية أبيه عليه مستمرة كما مضى في باب الحجر ، وعليه فلو أذن الولي صح ، لعدم سلب عبارته شرعا وإنما منع من التصرف لعارض وأذن الولي يرفعه.

(٨) أي في حكم الولي وهو الغرماء بالنسبة للمفلس ، لأن المفلس ممنوع من التصرف المالي حفظا لحق الغرماء ، وإذا أذنوا له بالتصرف فقد سقط المانع وارتفع.

(٩) أما العلم بالمنفعة التي كانت موردا للإجارة كعمل العامل إذا استؤجر ، ومنفعة الدار ، فلا

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب مقدمة العبادات حديث ١١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥٦ ـ من أبواب جهاد النفس حديث ١.

٣٩٦

ويتحقق العلم بالمنفعة بمشاهدة العين (١) المستأجرة التي هي متعلقة المنفعة أو وصفها بما يرفع الجهالة ، وتعيين المنفعة إن كانت متعددة في العين ولم يرد الجميع (٢) ، وفي الأجرة (٣) بكيلها ، أو وزنها ، أو عدها إن كانت (٤) مما يعتبر بها (٥) في البيع ، أو مشاهدتها إن لم تكن كذلك (٦).

(والأقرب أنه لا تكفي المشاهدة في الأجرة عن اعتبارها) (٧) بأحد الأمور الثلاثة إن كانت مما يعتبر بها ، لأن الإجارة معاوضة لازمة مبنية على المغابنة (٨) فلا بد فيها من انتفاء الغرر عن العوضين ، أما لو كانت الأجرة مما يكفي في بيعها

______________________________________________________

خلاف فيه ، للغرر إذا كانت مجهولة.

والعلم بالمنفعة متحقق إما بتقدير العمل كخياطة الثوب المعلوم طوله وعرضه وغلظته ورقته في إجارة عمل العامل ، وإما بتقدير المدة كسكنى الدار مثلا سنة ، أو العمل على الدابة كذلك ، وبهذا ترتفع الجهالة عرفا التي هي المدار في تحقق الغرر ،.

ثم لا يكفي في رفع الجهالة تقدير المنفعة بالعمل أو بالزمن بل لا بدّ مع ذلك من مشاهدة نفس الدابة والدار أو وضعها ، ولا بدّ من تعيين المنفعة من العين عند عدم إرادة جميع منافعها من عقد الإجارة.

وأما العلم بالأجرة التي هي العوض فلا خلاف فيه للغرر أيضا ، والعلم بالأجرة متحقق بالوزن أو الكيل أو العدّ إذا كانت الأجرة من هذه الأمور الثلاثة ، وقيل : تكفي المشاهدة حتى في هذه الثلاثة كما عن الشيخ والمرتضى لانتفاء معظم الغرر بالمشاهدة.

وردّ بأنه قد ثبت من الشارع اعتبار الكيل والوزن والعدّ في المكيل وأخويه في البيع مع عدم كفاية المشاهدة ، وهذا كاشف عن عدم ارتفاع الغرر بالمشاهدة.

نعم ما تكفي المشاهدة فيه في البيع لرفع الغرر تكفي في الإجارة ، وهذا لا يكون إلا في غير هذه الأمور الثلاثة.

(١) أي مع العلم بتقدير العمل وتقدير المدة على ما سمعته سابقا.

(٢) جميع المنافع من العين.

(٣) أي يتحقق العلم بالأجرة.

(٤) هذه الأمور الثلاثة.

(٥) أي مما يعتبر العلم بها.

(٦) من المكيل أو الموزون أو المعدود.

(٧) أي اعتبار الأجرة خلافا للشيخ والسيد.

(٨) بحسب واقعها.

٣٩٧

المشاهدة كالعقار كفت فيها هنا (١) قطعا ، وهو (٢) خارج (٣) بقرينة الاعتبار (٤).

(وتملك) الأجرة (بالعقد) (٥) ، لاقتضاء صحة المعاوضة انتقال كل من العوضين إلى الآخر ، لكن لا يجب تسليمها قبل العمل (٦) ، وإنما تظهر الفائدة في ثبوت أصل الملك (٧) فيتبعها (٨) النماء متصلا ومنفصلا ، (ويجب تسليمها (٩) بتسليم العين) المؤجرة (وإن كانت على عمل فبعده) ، لا قبل ذلك (١٠) ، حتى لو كان المستأجر وصيا ، أو وكيلا لم يجز له التسليم (١١) قبله (١٢) ، إلا مع الإذن (١٣)

______________________________________________________

(١) أي كفت المشاهدة في الإجارة.

(٢) أي ما يكتفي بمشاهدته في الإجارة.

(٣) أي خارج عن اشتراط الكيل أو الوزن أو العد في تحقق العلم بالأجرة.

(٤) أي بقرينة اعتبار المشاهدة في البيع.

(٥) لا خلاف في أن المعاوضة ـ كل معاوضة سواء كانت بيعا أو إجارة ـ إذا صحت اقتضت نقل الملك في كل من العوضين إلى الآخر ، لأن المعاوضة هي تبديل مال بمال ، ولازمه انتقال في العوضين بمجرد العقد.

(٦) لا يجب تسليم الأجرة إلا بتسليم العين المؤجرة أو بالعمل ، إذا كانت الإجارة على عمل العامل لما تقدم في كتاب البيع من وجوب تقديم المثمن فيه ، لأن الثمن عوض عنه ، تابع له فيؤخر ، ويشهد له ما في الخبر (في الحمال والأجير لا يجفّ عرقه حتى تعطيه أجرته) (١).

(٧) بحيث يملك المؤجرة الأجرة بالعقد ، فلو كانت الأجرة معينة وظهر لها نماء متصل أو منفصل فالنماء للمؤجر تبعا للأجرة وإن لم يدفعها المستأجر بعد.

(٨) أي يتبع الأجرة.

(٩) أي تسليم الأجرة.

(١٠) قد تقدم بحثه.

(١١) أي تسليم الأجرة.

(١٢) أي قبل العمل وقبل تسلم العين المؤجرة ، لأن الوصاية والوكالة اقتضت وقوع عقد الإجارة ، ومن لوازمه دفع الأجرة بعد العمل وبعد تسلم العين المؤجرة ، وعليهما أن يلتزما بذلك ، فلو دفعا الأجرة قبل ذلك لضمنا حينئذ.

(١٣) أي الاذن من الموكل والموصي بدفع الأجرة قبل التسلم والعمل.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب أحكام الإجارة حديث ١.

٣٩٨

صريحا ، أو بشاهد الحال ، ولو فرض توقف الفعل على الأجرة كالحج وامتنع المستأجر من التسليم (١) تسلط الأجير على الفسخ (٢).

(ولو ظهر فيها) أي في الأجرة (عيب (٣) فللأجير (٤) الفسخ ، أو الأرش مع التعيين) للأجرة في متن العقد ، لاقتضاء الإطلاق (٥) السليم (٦) ، وتعيينه (٧) مانع من البدل كالبيع فيجبر العيب بالخيار (ومع عدمه) أي عدم التعيين (يطالب بالبدل) (٨) ، لعدم تعيين المعيب أجرة فإن أجيب إليه (٩) ، وإلا جاز له الفسخ (١٠) والرضا بالمعيب فيطالب بالأرش (١١) ، لتعيين المدفوع عوضا بتعذر غيره.

______________________________________________________

(١) أي تسليم الأجرة ، وكان الأجير غير قادر على العمل إلا بقبض الأجرة كالذي آجر نفسه للحج.

(٢) لأن إلزامه بالعمل ضرر وهو منفي ، وأشكل عليه في الجواهر بقوله : (ولا يخلو من إشكال بعد فرض إقدامه على الإجارة التي مقتضاها ذلك) انتهى.

(٣) فإن كانت الأجرة مطلقة في الذمة بمعنى أن الإجارة قد وقعت على منفعة دار بعوض ، معلوم وصفه ولم يعينه في الخارج تخير المؤجر بين الفسخ للضرر المنفي وبين المطالبة ببدل المعيب ، وعن الشهيدين وجماعة الإشكال في الفسخ ، لأن الأجرة أمر كلي هنا ، وهو غير منحصر في المدفوع فيطالب المؤجر بالبدل ، نعم لو تعذر العوض توجه الفسخ ، وله حين تعذر العوض الرضا بالمعيب مع الأرش عن العوض الفائت في المدفوع.

وإن كانت الأجرة معينة بمعنى أن الإجارة قد وقعت على منفعة دار بهذا العوض المقدّر والمعيّن في الخارج ، فلو ظهر فيه عيب كان للمؤجر الفسخ أو الإمضاء مع الأرش بلا خلاف فيه كما في الجواهر ، لعين الدليل في المبيع المعين المعيوب ، لأن الأدلة مطلقة ، وسيذكرها الشارح في الروضة هنا.

(٤) ما مثلناه إنما هو في الإجارة الواقعة على منفعة عين ، وما مثله الماتن إنما هو في الإجارة الواقعة على عمل العامل ، ولا تفاوت ، فكل ما قيل في المؤجر هناك يقال في الأجير هنا.

(٥) أي إطلاق الأجرة في عقد الإجارة.

(٦) أي السليم من العيب في الأجرة.

(٧) أي تعيين ما ذكر من الأجرة.

(٨) ببدل المدفوع المعيب.

(٩) أي إلى البدل فقد وصل إليه حقه وهو المطلوب.

(١٠) جاز له الفسخ عند تعذر البدل ، وإلزامه بالمعيب ضرر منفي.

(١١) عوضا عن الجزء الفائت في المدفوع.

٣٩٩

(وقيل : له الفسخ) في المطلقة مطلقا (١) (وهو قريب ان تعذر الإبدال) كما ذكرناه ، لا مع بدله ، لعدم انحصار حقه في المعيب.

(ولو جعل أجرتين على تقديرين (٢) كنقل المتاع في يوم بعينه بأجرة وفي) يوم (آخر) بأجرة (أخرى ، أو) جعل أجرتين (إحداهما في الخياطة الرومية) وهي التي بدرزين ، (والأخرى على) الخياطة (الفارسية وهي التي بواحد فالأقرب)

______________________________________________________

(١) سواء تعذر البدل أم لا.

(٢) بأن قال المستأجر للأجير : إن خطته على الطريقة الفلانية فلك درهم ، وإن خطته على الطريقة الأخرى فلك درهمان ، أو أن يقول : إن أتيت بهذا العمل في هذا اليوم فلك درهمان ، وإن أتيت به غدا فلك درهم.

وعن جماعة منهم الشيخ في المبسوط والعلامة في التذكرة الصحة لعموم (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (١) ، ولإطلاق أدلة الإجارة بعد صدق المعلومية على عوض الإجارة ومنفعتها ، فإنهما على كل تقدير معلومان والواقع لا يخلو منهما ، ولقوله تعالى : (قٰالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هٰاتَيْنِ ، عَلىٰ أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمٰانِيَ حِجَجٍ ، فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ ، وَمٰا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ إلى قوله تعالى ـ قٰالَ ذٰلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلٰا عُدْوٰانَ عَلَيَّ ، وَاللّٰهُ عَلىٰ مٰا نَقُولُ وَكِيلٌ)(٢) ، ولصحيح أبي حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام (سألته عن الرجل يكتري الدابة فيقول : اكتريتها منك إلى مكان كذا وكذا ، فإن جاوزته فلك كذا وكذا زيادة ، وسمّى ذلك ، قال عليه‌السلام : لا بأس به كله) (٣) ومثله غيره.

وعن جماعة منهم ابن إدريس والعلامة في المختلف وولده فخر المحققين والمحقق الثاني البطلان ، لأن المعلومية غير صادقة على وجه يرفع الإبهام ، لأن المستأجر عليه ليس المجموع ، ولا كل واحد ، وإلا لوجبا ، فيكون واحدا غير معين ، وذلك غرر مبطل للإجارة ، كالبيع بثمنين نقدا ونسيئة ، أو إلى أجلين ، وهو في البيع لا يرفع الغرر بالاتفاق فيجب مثله في الإجارة ، ومعه يبطل التمسك بعموم الوفاء بالعقد.

وأما الآية فهي ظاهرة في كون الثاني إحسانا لا تقديرا ثانيا للإجارة ، وأما الرواية فهي محمولة على الشرط فليست الأجرة فيها على تقديرين ، بل الأجرة على تقدير والزيادة إن حصلت فلها أجرة ثانية على نحو الشرط في متن العقد.

__________________

(١) سورة المائدة ، الآية : ١.

(٢) سورة القصص ، الآيتين : ٢٧ و ٢٨.

(٣) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أحكام الإجارة حديث ١.

٤٠٠