الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٣

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٣

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-171-8
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٧٥

وآله» يوم الإنذار».

وقد قلنا هناك : إن ذلك النص هو المنسجم مع الآية الكريمة ، وقد جاء فيه : «إن الله لم يبعث رسولا إلا جعل له أخا ، ووزيرا ، ووصيا ، ووارثا من أهله ، وقد جعل لي وزيرا كما جعل للأنبياء من قبلي ..».

إلى أن قال :

«وقد والله أنبأني به ، وسماه لي ، ولكن أمرني أن أدعوكم وأنصح لكم ، وأعرض عليكم لئلا تكون لكم الحجة فيما بعد» (١).

واحتمل صديقنا المحقق الروحاني : أن يكون الخطاب لواحد منهم على سبيل البدل ، ولذا قال لهم : أيكم يؤازرني إلخ ..

فالمجيب أولا هو الذي يستحق ما وعد به «صلى الله عليه وآله» ، وإجابة أكثر من واحد بعيدة الوقوع جدا ، ولا يعتنى باحتمالها عرفا ، لا سيما وأن الذي يضر هو التقارن في الإجابة ، وذلك أبعد وأبعد.

هذا مع علمه «صلى الله عليه وآله» بأنه لا يجيب سوى واحد منهم.

ولكن قد ذكر بعض الأعلام : أن كون المراد هو المؤازرة في الجملة بعيد ؛ لكون المسلمين على اختلاف مراتبهم قد آزروه في الجملة ، فالمراد هو المؤازرة في جميع الأمور والأحوال ، والموازرة الكاملة في الدين تحتاج إلى أعلى درجات الوعي ، والعلم ، والسمو الروحي إلى درجة العصمة.

الأمر الذي يعني : أن شخصا كهذا هو الذي يستحق الإمامة ، ولا يستحقها سواه ؛ ممن تلبس بالظلم ، كما قال تعالى : (لا يَنالُ عَهْدِي

__________________

(١) البحار ج ١٨ ص ٢١٥ و ٢١٦ ، عن سعد السعود ص ١٠٦.

١٦١

الظَّالِمِينَ)(١).

وليس ذلك سوى عليّ «عليه السلام».

أضف إلى ذلك : أن إمامة وخلافة علي «عليه السلام» ، إنما هي بجعل من الله سبحانه وتعالى ، لا بجعل من النبي «صلى الله عليه وآله» لتترتب على المؤازرة المنشودة ، والمرغّب بها ، مع علم النبي «صلى الله عليه وآله» بعدم إجابة غير علي «عليه السلام» ، فيكون ما جرى في يوم الإنذار لأجل إقامة الحجة ، وقطع كل عذر ، فكلام المظفر هو الأولى والأقرب انتهى.

وأما ما ذكره ابن تيمية خامسا وأخيرا فهو لا يصح أيضا بأي وجه :

أولا : لأن وجود حمزة إنما يضر لو كان قد أسلم قبل نزول آية الإنذار ، ونحن لم نستطع أن نحتمل ذلك ، فضلا عن أن نجزم به ؛ إذ من القريب جدا ، بل هو ظاهر ، إن لم يكن صريح ما ورد في كيفية إسلام حمزة : أن يكون إسلامه بعد الإعلان بالدعوة ، وبعد وقوع المواجهة بين النبي «صلى الله عليه وآله» وقريش ، وبعد مفاوضاتها لأبي طالب.

ثانيا : لو سلّم فإن إنذار عشيرته يمكن أن يكون أثناء الدعوة السرية ، وقبل إسلام حمزة ، حتى لو كان قد أسلم في الثانية من البعثة ، ويكون ما جرى بين حمزة وأبي جهل بمثابة إعلان جزئي للدعوة.

وتكون قريش قد بدأت تتعرض لشخص النبي «صلى الله عليه وآله» حتى في الدعوة السرية ، وأما بالنسبة لسائر من أسلم فقد كان ثمة محدودية في التعامل معهم ، وسرية بالنسبة لمن يدخل في الإسلام منهم.

__________________

(١) الآية ١٢٤ من سورة البقرة.

١٦٢

ويدل على ما ذكرناه : أنهم يذكرون : أن قوله تعالى : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ)(١) كان هو السبب في إخراج الدعوة من السر إلى العلن.

ولا ريب أن إنذار العشيرة كان قبل ذلك.

ثالثا : إن وجود حمزة ، إن كان قد أسلم آنئذ ، كوجود أبي طالب بينهم ، فلعلهما كانا يريان أنهما غير مقصودين بهذه الدعوة.

ولا سيما إذا كانا يدركان : أن بقاءهما إلى ما بعد وفاة النبي «صلى الله عليه وآله» أبعد احتمالا ؛ فإن سن حمزة كان يقارب سن النبي «صلى الله عليه وآله» ، كما يدعون.

ولكننا نعتقد : أنه كان أكبر من النبي «صلى الله عليه وآله» بأكثر من عشرين سنة ، لأنه كان أكبر من عبد الله ، والد النبي «صلى الله عليه وآله» والذي كان أصغر أولاد عبد المطلب.

وهكذا يقال بالنسبة للعباس أيضا.

وأما أبو طالب ؛ فإنه كان شيخا هرما لا يحتمل البقاء إلى ما بعد وفاته «صلى الله عليه وآله» ، فلا معنى لأن يقدم أي منهما نفسه على أنه خليفته من بعده ، أو على الأقل هكذا فكرا آنئذ.

وهكذا يتضح : أن جميع ما جاء به ابن تيمية إنما كان كسراب بقيعة ، أو كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف.

__________________

(١) الآية ٩٤ من سورة الحجر.

١٦٣

نقاط هامة في حديث الإنذار

أ ـ روايات لا يمكن أن تصح :

هذا ، وقد حاول ابن تيمية أن يقوي جانب روايات أخرى تبعد عليا وأهل البيت «عليهم السلام» عن الأنظار ، بل وتستبعد الهاشميين منه عموما أيضا كتلك الروايات التي في الصحيحين ، والتي تقول :

إنه «صلى الله عليه وآله» جمع قريشا حين نزل قوله تعالى : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) فاجتمعوا ، فخص وعمّ ، فقال :

يا بني كعب بن لؤي ، أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني مرة بن كعب ، أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار ، يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من النار إلخ (١).

وفي رواية أخرى : إنه «صلى الله عليه وآله» جمع بني هاشم وأجلسهم على الباب ، وجمع نساءه فأجلسهم في البيت.

ثم كلّم بني هاشم ، وبعد ذلك أقبل على أهل بيته ؛ فقال : يا عائشة بنت أبي بكر ، ويا حفصة بنت عمر ، ويا أم سلمة ، ويا فاطمة بنت محمد ، ويا أم الزبير عمة رسول الله ، اشتروا أنفسكم في الله ، واسعوا في فكاك رقابكم ؛

__________________

(١) راجع : منهاج السنة ج ٤ ص ٨٣ ، والدر المنثور ج ٥ ص ٩٥ و ٩٦ عن : أحمد ، وعبد بن حميد ، والبخاري ، ومسلم ، والترمذي ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه والبيهقي عن عائشة ، وأنس ، وعروة بن الزبير ، والبراء ، وقتادة ، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٢٨٧.

١٦٤

فإني لا أملك لكم من الله شيئا ، ولا أغني ؛ فبكت عائشة وقالت .. إلخ ..

ثم تذكر الرواية محاورة لها معه «صلى الله عليه وآله» (١).

وثمة نصوص أخرى كلها تؤكد على دعوته قريشا وإنذاره لها ، وهذه الروايات لا يمكن أن تصح.

أولا : لقد تقدم : أن فاطمة صلوات الله وسلامه عليها لم تكن حينئذ قد ولدت.

ثانيا : إن عائشة (٢) وحفصة ، وأم سلمة لم يكنّ من أزواجه حينئذ ، ولا كنّ من أهله ، وإنما صرن من أهله في المدينة بعد ذلك بسنين كثيرة ..

ثالثا : إن هذه الروايات تناقض ما ورد من أنه «صلى الله عليه وآله» إنما دعا قريشا وبادأها حين نزل قوله تعالى : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ)(٣) ، وليس حين نزل قوله تعالى : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ).

رابعا : إن هذه الروايات تناقض نص الآية نفسها ، فإنها تأمره بإنذار العشيرة الأقربين ، لا مطلق عشيرته ، ولا مطلق الناس ، وعشيرته الأقربون

__________________

(١) الدر المنثور ج ٥ ص ٩٦ عن : الطبراني ، وابن مردويه ، عن أبي أمامة ، وهذه الروايات موجودة في مصادر كثيرة أخرى ولا سيما تلك التي ذكرناها في أوائل هذا البحث كمصادر للنص الأول.

(٢) والغريب في الأمر : أنهم يعتقدون : أن عائشة إنما ولدت في الخامسة من البعثة ، والإنذار للعشيرة كان في الخامسة ، فهم يناقضون أنفسهم مناقضة صريحة ، وإن كنا نحن نعتقد : أن عائشة قد ولدت قبل البعثة بسنوات ، كما سنشير إليه إن شاء الله تعالى.

(٣) الآية ٩٤ من سورة الحجر.

١٦٥

إما هم بنو هاشم ، أو بنو عبد المطلب ، والمطلب.

والقول بتعدد الإنذار : لا يدفع الإشكال ، بعد تصريح الروايات : بأن مفادها قد وقع حين نزول الآية عليه «صلى الله عليه وآله».

وهذا كله مع غض النظر عما في أسانيد هذه الروايات ، فإن جميع رواتها ـ كما يقولون ـ : لم يدركوا زمان إنذار عشيرته «صلى الله عليه وآله».

ب ـ ما المراد بكونه خليفته في أهله :

وقد ذكر الشيخ المظفر «رحمه الله» : أن من الواضح : أن قوله : خليفتي فيكم ، أو في أهلي لا يضر ، ما دام أن ثمة إجماعا على عدم جواز وجود خليفتين : خاص ، وعام ، فخلافته الخاصة تقتضي خلافته المطلقة.

ولعل الأصح هو : أنه قال ـ كما في الروايات الأخرى ـ : «من بعدي» ، أو أنه قال : «فيكم» ، باعتبار أنهم من المسلمين.

وأما القول بأن المقصود : هو أنه القائم بشؤونهم الدنيوية ؛ فيكذبه الواقع ؛ فإن عليا «عليه السلام» لم يكن كذلك بالنسبة لأي من الهاشميين ، ولو كان المقصود هو خصوص الحسنين «عليهما السلام» ، وفاطمة صلوات الله وسلامه عليها ، فإن من الواضح أنهما وكذلك أمهما ما كانوا قد ولدوا بعد.

كما أن نفقة هؤلاء واجبة عليه بالأصالة لا بالخلافة ، وأما غيرهم فلم يكن «عليه السلام» مكلفا بالإنفاق عليه ، ولا كان يفعل ذلك (١).

__________________

(١) راجع : دلائل الصدق ج ٢ ص ٢٣٩.

١٦٦

أضف إلى ذلك كله : أنه بعد أن يصبح الإنسان رجلا عاقلا وكاملا ، فإنه لا يبقى بحاجة إلى ولي يدبر شؤونه ، بل يستقل هو نفسه في ذلك ، وعلى هذا ، فلا يبقى للولي وللخليفة معنى ، إذا كان هذا هو المراد.

ونشير هنا : إلى أن الدواعي كانت متوفرة لتحريف هذه الواقعة ، وجعلها خاصة بالخلافة على الأهل ، ولا تشمل الخلافة العامة التي هي موضع الأخذ والرد كما هو معلوم.

ج ـ لماذا تخصيص العشيرة بالدعوة؟! :

هذا ولا يخفى : أن الاهتمام بدعوة عشيرته الأقربين كان خير وسيلة لتثبيت دعائم دعوته ، ونشر رسالته ؛ لأن الإصلاح يجب أن يبدأ من الداخل ، حتى إذا ما استجاب له أهله وقومه ، اتجه إلى غيرهم بقدم ثابتة ، وعزم راسخ ومطمئن.

كما أن دعوته لهم سوف تمنحه الفرصة لاكتشاف عوامل الضعف والقوة في البنية الداخلية ، من حيث ارتباطاته وعلاقاته الطبيعية ، وليعرف مقدار الدعم الذي سوف يلاقيه ؛ فيقدر مواقفه ، وإقدامه ، وإحجامه على أساسه.

أضف إلى ذلك : أنه حين يبدأ بالأقربين من عشيرته ، ولا يبدو أنه على استعداد لتقديم أي تنازل أو مساومة حتى بالنسبة إلى هؤلاء ، فإن معنى ذلك هو أن على الآخرين أن يقتنعوا بأنه منسجم مع نفسه ، ومقتنع بصحة ما جاء به ، ويريد لأحب الناس إليه ، الذين لا يريد لهم إلا الخير ، أن يكونوا في طليعة المؤمنين الذين يضحون بكل غال ونفيس في سبيل هذا الدين.

وقد رأينا : أن النصارى قد تنبهوا إلى ذلك في قضية المباهلة ، فراجع.

ومن الجهة الأخرى : فإنه يعيش في مجتمع يقيم علاقاته على أساس قبلي

١٦٧

ـ فحين يريد أن يقدم على مواقف أساسية ومصيرية ـ وحين لا يكون هو نفسه يرضى بالاعتماد على القبلية كعنصر فعال في حماية مواقفه ، وتحقيق أهدافه ؛ فإن من اللازم : أن يتخذ من ذوي قرباه موقفا صريحا ، ويضعهم في الصورة الواضحة ؛ وأن يهيئ لهم الفرصة ليحددوا مسؤولياتهم ، بحرية ، وصراحة ، وصفاء ، بعيدا عن أي ضغط وابتزاز ولو كان هذا الضغط من قبيل العرف القبلي فيما بينهم ؛ لأنه عرف مرفوض إسلاميا.

وهنا تبرز واقعية الإسلام في تعامله مع الأمور ، وفي معالجته للقضايا ، الإسلام الذي لا يرضى أن يستغل جهل الناس وبساطتهم ، وحتى أعرافهم ـ الخاطئة ـ التي ارتضوها لأنفسهم في سبيل منافعه ، وتحقيق أهدافه.

نعم ، إن الإسلام يعتبر الوسيلة جزءا من الهدف ، فلا بد أن تنسجم وتتلاءم معه ، كما لا بد أن تنال من الطهر والقداسة بالمقدار الذي يناله الهدف نفسه.

وفقنا الله للسير على هدى الإسلام ، والالتزام بتعاليمه ؛ إنه خير مأمول ، وأكرم مسؤول.

وعلى كل حال ، فقد خرج «صلى الله عليه وآله» من ذلك الاجتماع بوعد أكيد من شيخ الأبطح ، أبي طالب «عليه السلام» بالنصر والعون ؛ فإنه لما رأى موقف أبي لهب اللاإنساني ، واللامعقول ، قال له : «يا عورة ، والله لننصرنه ، ثم لنعيننه!! يا ابن أخي ، إذا أردت أن تدعو إلى ربك فأعلمنا ، حتى نخرج معك بالسلاح» (١).

__________________

(١) تاريخ اليعقوبي (ط صادر) ج ٢ ص ٢٨ و ٢٧.

١٦٨

د ـ علي عليه السّلام في يوم الإنذار :

ونجد في يوم الإنذار : أن اختيار النبي «صلى الله عليه وآله» يقع على أمير المؤمنين «عليه السلام» ، ليكون المضيف لجماعة يناهز عددها الأربعين رجلا ، فيأمره بأن يصنع طعاما ، ويدعوهم إليه.

والظاهر : أن ذلك قد كان في بيت النبي «صلى الله عليه وآله» نفسه ، لأن عليا «عليه السلام» كان عند رسول الله «صلوات الله عليه وآله» في بيته على ما يظهر ، وقد كان بإمكانه «صلى الله عليه وآله» أن يطلب من خديجة أن تصنع لهم الطعام ، هذا ، مع وجود آخرين ، أكثر وجاهة ومعروفية من علي «عليه السلام» ، كأبي طالب ، وكجعفر ، الذي كان يكبر عليا في العمر ، وغيرهما ممن يمكن أن يستفيد من نفوذه وشخصيته في التأثير على الحاضرين ، ولكنه قد اختار عليا بالذات ليتفادى أي إحراج يبعد القضية عن مجالها الطبيعي ، الذي يرتكز على القناعة الفكرية والوجدانية بالدرجة الأولى ـ ولأن عليا وإن كان حينئذ صغير السن ، إلا أنه كان في الواقع كبيرا في عقله ، وفي فضائله وملكاته ، كبيرا في روحه ونفسه ، كبيرا في آماله وأهدافه ، ولا أدل على ذلك من كونه هو المجيب للرسول ، دون كل من حضر ، ليؤازره ويعاونه على هذا الأمر.

وقد رآه النبي «صلى الله عليه وآله» منذئذ أهلا لأن يكون أخاه ، ووصيه ، وخليفته من بعده ، وهي الدرجة التي قصرت همم الرجال عن أن تنالها ، بل وحتى عن أن يدخل في وهمها : أن تصل ولو في يوم ما إليها ، وتحصل عليها.

ولكن عليا كان منذ نعومة أظفاره هو السباق إليها دون كل أحد ؛ لأنه

١٦٩

عاش في كنف الرسول ، وكان «صلى الله عليه وآله» كفيله ومربيه ، وكان يبرد له الطعام ، ويشمه عرفه ، وكان يتبع الرسول اتباع الفصيل أثر أمه ، وكان كأنه ولده (١).

(.. ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)(٢).

ه ـ موقف أبي طالب رحمه الله :

وأما أبو طالب «عليه السلام» فكان موقفه الراعي لهذا الأمر ، والمحامي عنه ، والحريص عليه ..

وكان يعلم : أنه لم يكن هو المقصود بهذا الخطاب ، لأنه لم يكن يرى أنه يعيش إلى ما بعد وفاة النبي «صلى الله عليه وآله» ليكون وصيه ووزيره وخليفته من بعده.

و ـ موقف أبي لهب :

ولقد أدرك أبو لهب مغزى تلك الدعوة ، ورأى أن الأمر قد بلغ مرحلة الجد ، وها هو يرى بأم عينيه معجزة أخرى ، تضاف إلى الكثير مما رآه من

__________________

(١) وليس في كفالة النبي «صلى الله عليه وآله» لعلي غضاضة على أبي طالب شيخ الأبطح ـ كما يقول البعض ـ لأن عبد الله وأبا طالب كانا من أم واحدة بخلاف سائر أبناء عبد المطلب ، وقد ربي النبي «صلى الله عليه وآله» في حجر أبي طالب وكان «صلى الله عليه وآله» يخاطب فاطمة بنت أسد بيا أماه ، وكانت عناية أبي طالب وزوجته به «صلى الله عليه وآله» فائقة جدا ، وكان علي «عليه السلام» كأنه ابن لرسول الله «صلى الله عليه وآله» ، مع ملاحظة التفاوت في السن فيما بينهما.

(٢) الآية ٤ من سورة الجمعة.

١٧٠

معاجز وكرامات للنبي «صلى الله عليه وآله» ، طيلة السنوات الكثيرة التي عرف فيها النبي «صلى الله عليه وآله» وأحواله ـ فيرى أن فخذ شاة ، وعسا من لبن ، يكفي أربعين رجلا ، وأبو لهب هو ذلك الرجل الذي يعرف طبيعة وأهداف هذا الدين الذي يبشر فيه محمد «صلى الله عليه وآله».

وأنه لا يقيم وزنا لأي امتياز أو مكسب شخصي حصل عليه الإنسان من طريق الابتزاز والظلم ، وسائر أنواع التعدي والانحراف.

إذن ، فلا بد لأبي لهب ، بحسب منطقه اللامنطقي : أن يقف في وجه هذا الدين ، ويمنعه من تحقيق أهدافه بكل وسيلة ممكنة.

ولا بد من تضييع الفرصة على النبي «صلى الله عليه وآله» ، وذلك حفاظا على ما يراه أنه مصلحته أولا ، وليرضي حقده وحسده الذي يعتمل في صدره ثانيا ؛ ذلك الحقد الذي لا مبرر له إلا أنه : يرى في شخصية النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» الصفات الحميدة ، والأخلاق الرضية الكريمة ، والسجايا الفاضلة ، فإن ذلك يعتبر عنده ذنبا ، وأي ذنب.

فبادر إلى المواجهة الصريحة ، والوقحة والقبيحة ، حيث استغل معجزة الطعام التي يراها الجميع بأم أعينهم ، فرمى النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» بالسحر وقال : لقدما سحركم صاحبكم ، فتفرق الجمع في اليوم الأول ، ولم يستطع الرسول «صلى الله عليه وآله» أن يقول كلمته حتى اليوم التالي ؛ حيث استطاع النبي «صلى الله عليه وآله» أن يصدع بما أمره الله تعالى ، ويقيم عليهم الحجة ، كما تقدم بيانه.

ز ـ الإنذار أولا :

وما دمنا في الحديث عن إنذار عشيرته الأقربين ؛ فإننا نسجل هنا : أنه

١٧١

«صلى الله عليه وآله» قد أمر من قبل الله تعالى بالإنذار أولا لعشيرته ، فقال تعالى : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ).

وكذلك الحال بالنسبة لغيرهم من سائر الناس ، فإنه تعالى قد قال لنبيه ، كما في سورة المدثر ، التي هي من العتائق النازلة في أوائل البعثة : (قُمْ فَأَنْذِرْ).

فقد جاء الإنذار أولا ، مع أنه «صلى الله عليه وآله» قد أرسل مبشرا ونذيرا ، ومع أن القرآن هدى وبشرى أيضا ، لأن الناس لم يكونوا على واقع الفطرة ، والغفلة ، وعدم الالتفات ، بل كانوا في أول البعثة كفارا ، معاندين ومنغمسين في الظلم والانحراف إلى أبعد مدى ، فلا بد من إنذارهم أولا ؛ ليلتفتوا إلى عواقب ما هم عليه من واقع سيء يعيشونه ، وإلى العواقب المدمرة والمرعبة ، التي تنتظرهم نتيجة لذلك.

والتفاتهم هذا ، لسوف يؤثر فيهم للتطلع ، ثم الحركة نحو الخروج من ذلك الواقع ، والتخلص منه.

ثم يأتي بعد ذلك دور تخليص المجتمع من رواسبه ، ومن حركاته ، وأعماله ، ومواقفه السيئة ، على مستوى الفرد ، وعلى مستوى الجماعة ، وتطهيره من كل غريب ومريض.

ومعه جنبا إلى جنب تكون عملية وضع الأسس المتينة والسليمة لبناء الهيكل العام للمجتمع المسلم في عواطفه ، وفي علاقاته ، وفي روابطه.

والأهم من ذلك ؛ في فكره وثقافته ، وإعطائه المفهوم الحقيقي والواقعي عن الكون ، وعن الحياة ، وبالذات عن هذا الإنسان القوي الضعيف ، وليطّرد قدما في عملية بناء الإنسان من الداخل ، وتربيته وتزكيته ، كما هي

١٧٢

وظيفة النبي والإمام ، وكل داعية إسلامي على الإطلاق ، وقد أشرنا في أول هذا الفصل إلى هذا ، مستفيدين من قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ ..)(١).

وهذا الذي ذكرناه عن أسلوب الإسلام في دعوته ، هو التحرك الطبيعي لأية دعوة تستهدف الإصلاح الجذري ، والتغلب على مشاكل الحياة ، والتخطيط لمستقبل مشرق سعيد.

ح ـ ماذا قال النبي صلّى الله عليه وآله في يوم الإنذار؟! :

وقد جاء في بعض النصوص أنه «صلى الله عليه وآله» قال لهم : «يا بني عبد المطلب ، إني لكم نذير من الله جل وعز ، إني أتيتكم بما لم يأت به أحد من العرب ، فإن تطيعوني ترشدوا ، وتفلحوا ، وتنجحوا ، إن هذه مائدة أمرني الله بها ؛ فصنعتها لكم ، كما صنع عيسى بن مريم «عليه السلام» لقومه ؛ فمن كفر بعد ذلك منكم ، فإن الله يعذبه عذابا شديدا ، لا يعذبه أحدا من العالمين ، واتقوا الله ، واسمعوا ما أقول لكم ، واعلموا يا بني عبد المطلب : أن الله لم يبعث رسولا إلا جعل له أخا ، ووزيرا ، ووصيا ، ووارثا من أهله.

وقد جعل لي وزيرا كما جعل للأنبياء من قبلي ، وإن الله قد أرسلني إلى الناس كافة ، وأنزل علي : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) ورهطك المخلصين (٢) ، وقد والله أنبأني به ، وسماه لي.

__________________

(١) الآية ٤ من سورة الجمعة.

(٢) هذا توضيح منه «صلى الله عليه وآله» وتفسير للمراد من الآية.

١٧٣

ولكن أدعوكم ، وأنصح لكم ، وأعرض عليكم ؛ لئلا يكون لكم الحجة فيما بعد ، وأنتم عشيرتي وخالص رهطي ، فأيكم يسبق إليها على أن يؤاخيني في الله ، ويؤازرني» ، إلى آخر كلامه «صلى الله عليه وآله» ، الذي ينسجم مع النص الذي ذكرناه في أوائل هذا الفصل فراجعه (١).

وهذا النص هو الأوفق والأنسب لموقف كهذا ، وهو ينسجم تماما مع أمر الآية بالإنذار ، فإن الإنذار أولا هو الخطوة الطبيعية لأية دعوة ، كما ذكرنا آنفا.

ولا بد من لفت النظر هنا إلى أن قوله : «ورهطك» الخ .. ، ليس من الآية المباركة ، بل هي زيادة نبوية توضيحية.

ط ـ التبشير والإنذار :

ويقول المحقق البحاثة المرحوم الشيخ مرتضى المطهري : إن من يريد إقناع إنسان ما بعمل ما ، فله طريقان :

أحدهما : التبشير ، بمعنى تشويقه ، وبيان فوائد ذلك العمل.

الثاني : إنذاره ببيان ما يترتب على تركه من مضار ، وعواقب سيئة.

ولذلك قيل : الإنذار سائق ، والتبشير قائد.

والقرآن والإسلام يريان : أن الإنسان يحتاج إلى هذين العنصرين معا ، وليس ـ كغيره ـ يكفيه أحدهما.

بل ويرى الإسلام : أنه لا بد أن ترجح كفة التبشير على كفة الإنذار.

__________________

(١) البحار : ج ١٨ ص ٢١٥ و ٢١٦ عن سعد السعود لابن طاووس ص ١٠٦.

١٧٤

ولذلك قدم الأول على الثاني في أكثر الآيات القرآنية.

ومن هنا ، فقد قال «صلى الله عليه وآله» لمعاذ بن جبل ، حين أرسله إلى اليمن : «يسّر ولا تعسّر ، وبشّر ولا تنفّر» ، فهو هنا لم يستبعد الإنذار ، بل هو جزء من خطته ، وإنما اهتم بجانب التبشير إذ يمكن بواسطته إدراك مزايا الإسلام وخصائصه الرائعة ، وليكون إسلامهم من ثم عن قناعة حقيقية ، وقبول تام.

وأما قوله «صلى الله عليه وآله» : ولا تنفّر ، فهو واضح المأخذ ، فإن روح هذا الإنسان شفافة جدا ، وتبادر إلى ردة الفعل بسرعة ، ومن هنا فإننا نجد النبي «صلى الله عليه وآله» يأمر بالعبادة ما دامت النفس مقبلة ، ولا يقبل بالضغط عليها ، وتحميلها ما لا تطيق ، ولهذا شواهد كثيرة في الشريعة السهلة السمحاء (١).

ومما تقدم نستطيع أن ندرك : لماذا اشتملت دعوته «صلى الله عليه وآله» لعشيرته على التبشير أيضا ؛ بأن من يؤازره سوف يكون خليفة بعده ، وأنه قد جاءهم بخير الدنيا والآخرة ، تماما كما بدأت بالإنذار ، فإن ذلك ينسجم مع ما تشتاق إليه نفوسهم ، ويتلاءم مع رغباتهم ، ويأتي من قبل من لا يمكن اتهامه لديهم بأي وجه.

ي ـ أخي ووصيي :

ويلفت نظرنا هنا قوله «صلى الله عليه وآله» : على أن يكون أخي إلخ ..

__________________

(١) راجع : جريدة جمهوري إسلامي الفارسية رقم ٢٥٤ سنة ١٣٥٩ ه‍. ش في مقالات للمطهري رحمه الله تعالى.

١٧٥

فإن ذلك يؤكد لهم على مدى التلاحم والمحبة بينه وبين ذلك الذي يؤازره ويعاونه ، إلى حد أنه يعتبره أخا له ، فليست العلاقة بينهما علاقة رئيس ومرؤوس ، وآمر ومأمور ، ولا عال بدان ، وإنما هي علاقة بين متكافئين في الإنسانية ، كما أنها علاقة تعاون وتعاضد على العمل البناء والمثمر ، وعلاقة أخ مع أخيه ، تغمرها المحبة ، والثقة والصفاء ، بكل ما لهذه الكلمات من معنى.

أضف إلى ذلك ، ما في ذلك من دلالة على المستوى السامي الذي كان قد بلغه أمير المؤمنين «عليه السلام» حتى يستحق وسام الأخوة فيما بينه وبين سيد البشر ، من مضى منهم ، ومن غبر.

آخر حملات التشكيك في حديث الإنذار :

طرح أحد المخالفين تشكيكات في متن حديث الإنذار فقال بعد أن أورد الحديث المشار إليه ، ما يلي :

أقول نقد المتن سيكون على أمرين :

أولا : العدد.

بالنسبة لوصول رجال بني عبد المطلب إلى أربعين رجلا في ذلك الوقت ، فهذا يحتاج أولا إلى إثبات وإلى بحث ، وخلال بحث سريع لدي اتضح لي الآتي :

نبدأ بذكر أعمام النبي «صلى الله عليه وآله» ثم القول فيهم بعد ذلك :

في البداية والنهاية لابن كثير (٣ / ٣٥٤) نقل لنا قول الزهري ، حيث قال عن عبد الله والد الرسول «صلى الله عليه وآله» :

١٧٦

«وكان أجمل رجال قريش وهو أخو الحارث والزبير وحمزة وضرار وأبي طالب واسمه عبد مناف وأبي لهب واسمه عبد العزى والمقوم واسمه عبد الكعبة وقيل ، هما اثنان ، وحجل واسمه المغيرة والغيداق وهو كثير الجود واسمه نوفل ويقال : انه حجل والعباس فهؤلاء اعمامه».

وبعض المؤرخين أضافوا رجلا آخر واسمه قثم بن عبد المطلب كما جاء في الروض الأنف (١ / ٤٣٩).

الآن نرى أمامنا أعمام الرسول «صلى الله عليه وآله» ..

نأتي الآن إلى أقوال النسابة والمؤرخين فيهم :

جاء في كتاب الرحمة المهداة صفحة (٤٧) لعبد العزيز المدني ونور الإسلام شفيع السلفي : «كان الحارث أكبر أولاد عبد المطلب مات في حياة أبيه وكان له أربعة أبناء : نوفل وعبد الله وربيعة وأبو سفيان كلهم خدموا الإسلام».

وقال البلاذري في كتابه أنساب الأشراف (١ / ٨٧) : «وقال في السنة التي نحر فيها عبد المطلب الإبل مات الحارث بن عبد المطلب ولابنه ربيعة سنتان».

وجاء في كتاب التبيين في أنساب القرشين صفحة (٧٩) لابن قدامة : «كان أكبر عمومة رسول الله «صلى الله عليه وآله» الحارث بن عبد المطلب ولم يدرك الإسلام».

وفي كتاب الطبقات لابن سعد (١ / ٩٣) : «ولد عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف اثني عشر رجلا وست نسوة : الحارث وهو أكبر ولده وبه كان يكنى ومات في حياة أبيه».

١٧٧

وجاء في كتاب نشوة الطرب في تاريخ الجاهلية والعرب (١ / ٣٣٥) لابن سعيد الأندلسي المتوفى سنة ٦٨٥ ه‍ :

قال عن الزبير بن عبد المطلب : «وكان محبا للنبي «صلى الله عليه وآله» ولم يلحق نبوته».

وفي كتاب الرحمة المهداة صفحة (٥٣) : «مات الزبير قبل بعثة النبي «صلى الله عليه وآله» ..».

إذن عرفنا هنا : هلاك الحارث والزبير ابنا عبد المطلب قبل دعوة النبي «صلى الله عليه وآله» وهذا ما يفيد عدم حضورهم لحادثة الإنذار ..

(قلت أنا عبد الله السقاف : غير أننا سنذكر لاحقا أن للحارث أبناء عاصروا الحادثة وكذلك للزبير له ابن عاصر الحادثة ..).

ثم نأتي إلى ضرار بن عبد المطلب :

قال ابن سعد في الطبقات (١ / ٩٣) : «وضرارا وكان من فتيان قريش جمالا وسخاء ومات أيام أوحى الله إلى النبي «صلى الله عليه وآله» ولا عقب له».

وجاء في كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (١ / ٩٧) قال : «وضرار بن عبد المطلب وأمه نتيلة أيضا مات حدثا قبل الإسلام».

وجاء في كتاب الجوهرة في نسب النبي «صلى الله عليه وآله» وأصحابه العشرة للأديب الأندلسي محمد بن أبي بكر الأنصاري الشهير بالبري الذي ألفه عام ٦٤٤ ه‍ يقول في (١ / ٤٤) :

«ضرار بن عبد المطلب : ومات ضرار قبل الإسلام ولا عقب له».

١٧٨

وهنا وضح كذلك أن ضرار بن عبد المطلب لم يكن موجودا وقت حادثة الإنذار ..

أما المقوم بن عبد المطلب فهو نفسه عبد الكعبة كما قال بذلك الزهري في البداية والنهاية (٣ / ٣٥٤) : «والمقوم واسمه عبد الكعبة وقيل هما اثنان».

وجاء في تاريخ ابن الوردي (١ / ١٥٠) : «وقيل عبد الكعبة هو المقوم».

وفي كتاب الرحمة المهداة صفحة (٤٤) : «وعبد الكعبة هو المقوم».

وعلى ذلك نقول :

جاء في كتاب الجوهرة في نسب النبي «صلى الله عليه وآله» وأصحابه العشرة للأديب الأندلسي محمد بن أبي بكر الأنصاري الشهير بالبري (١ / ٤٤) : «المقوم بن عبد المطلب : ولم يدرك أيضا المقوم الإسلام ، ولا عقب له».

وجاء في أنساب الأشراف للبلاذري (١ / ٩٦) : «عبد الكعبة درج صغيرا».

وهنا نستفيد كذلك من هلاك المقوم (عبد الكعبة) وعدم حضورة حادثة الإنذار ..

ثم نأتي الآن إلى قثم بن عبد المطلب على اختلاف في تسميته وإلحاقه بعبد المطلب من عدمها :

جاء في الروض الأنف (١ / ٤٣٩) : «قثم وقد مات صغيرا».

١٧٩

وجاء في تاريخ ابن الوردي (١ / ١٥٠) : «وقثم مات صغيرا».

وفي كتاب جمهرة النسب للكلبي صفحة (٢٨) قال : «وقثم درج صغيرا».

وفي كتاب نسب قريش صفحة (١٨) لأبي عبد الله المصعب الزبيري المتوفى سنة ٢٣٦ ه‍ قال : «وقثم هلك صغيرا».

وجاء في أنساب الأشراف للبلاذري (١ / ٩٩) : «وقثم بن عبد المطلب هلك صغيرا».

وهنا نستفيد كذلك من هلاك قثم وهو صغير وهذا دليل على عدم حضورة حادثة الإنذار ..

أما الغيداق وحجل فقد جزم العلامة النسابة السيد جعفر الحسيني في كتابه مناهل الضرب صفحة (٣٤) قال : «والصحيح ما ذكرناه في كتابي رياض الأقحوان في أنساب قحطان وعدنان : أن حجل بن عبد المطلب اسمه المغيرة ولقبه الغيداق وعن غير واحد أنه لقب بذلك لجوده».

وقال ابن الوردي في تاريخه : «والغيداق وقيل هو حجل».

وفي كتاب عيون المعارف للقاضي محمد سلامة الشافعي القضاعي المتوفى سنة ٤٥٤ ه‍ قال في صفحة (١٧٤) تحت عنوان : ذكر أعمامه وهم تسعة : «وحجل ولقبه الغيداق لكثرة خيره».

في كتاب الرحمة المهداة في صفحة (٤٤) لعبد العزيز المدني ونور الإسلام شفيع السلفي : «غيداق المذكور في شجرة أولاد عبد المطلب الآتية هو حجل».

والزهري في البداية والنهاية لابن كثير (٣ / ٣٥٤) قال : «والغيداق

١٨٠