الزبدة الفقهيّة - ج ٣

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٣

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: دار الفقه للطباعة والنشر
المطبعة: سليمان‌زاده
الطبعة: ٥
ISBN: 964-8220-34-4
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٦٨٨

فصاعدا (١) ، إلا أن ينقص سن المقتول عن سنها فيكفي مماثله فيه (٢) ، (ثم الفض) (٣) للقيمة على البر لو تعذر ، (ونصف ما مضى) في الإطعام والصيام مع باقي الأحكام فيطعم ثلاثين ، ثم يصوم ثلاثين (٤) ، ومع العجز تسعة.

(وفي الظبي والثعلب والأرنب شاة (٥) ، ثم الفض) المذكور لو تعذرت

______________________________________________________

ـ وأوجب الصدوق في حمار الوحش بدنة لأخبار منها : خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن محرم أصاب نعامة أو حمار وحش فقال : عليه بدنة) (١).

وعن ابن الجنيد التخيير في حمار الوحش بين البقرة والبدنة جمعا بين الأخبار.

(١) المسنة ما كمل لها سنتان ودخلت في الثالثة ، وقال في المسالك (والظاهر أن المراد بالبقرة المسنة) وإلا فلا نص عليه بالخصوص ، ولذا قال في المدارك : (والمرجع في البقرة إلى ما يصدق عليه الاسم عرفا).

(٢) لإطلاق قوله تعالى : (فَجَزٰاءٌ مِثْلُ مٰا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) (٢).

(٣) بلا خلاف فيه ، للأخبار منها : صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ومن كان عليه شي‌ء من الصيد فداؤه بقرة ، فإن لم يجد فليطعم ثلاثين مسكينا ، فإن لم يجد فليصم تسعة أيام) (٣).

(٤) على الأكثر ، لصحيح أبي عبيدة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا أصاب المحرم الصيد ولم يجد ما يكفّر من موضعه الذي أصاب فيه الصيد ، قوّم جزاؤه من النعم دراهم ، ثم قوّمت الدراهم طعاما ، ثم جعل لكل مسكين نصف صاع ، فإن لم يقدر على الطعام صام لكل نصف صاع يوما) (٤)، وهو يشمل بقر الوحش وحماره ، ولما قامت الأدلة على إطعام ثلاثين مسكينا فعند العجز عنه فلا بد من الصوم ثلاثين يوما عن كل مسكين يوما كما هو الظاهر من هذا الخبر وعن المفيد والمرتضى وابن بابويه الاكتفاء بصيام التسعة مطلقا لصحيح معاوية بن عمار المتقدم.

(٥) أما في الظبي فلا خلاف فيه ، لخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قلت فإن أصاب ظبيا قال : عليه شاة ، قلت : فإن لم يقدر ، قال : فإطعام عشرة مساكين فإن لم يجد ما يتصدق به فعليه صيام ثلاثة أيام) (٥) ، وإطلاقه دال على الصوم ثلاثة أيام عند العجز عن ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ٣.

(٢) سورة المائدة الآية : ٩٥.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ١٣ و ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ٣.

٥٤١

الشاة ، (وسدس ما مضى) فيطعم عشرة ، ثم يصوم عشرة ، ثم ثلاثة ومقتضى تساويها في الفض والصوم أن قيمتها لو نقصت عن عشرة لم يجب الإكمال ، ويتبعها الصوم. وهذا يتم في الظبي خاصة ، للنص. أما الآخران فألحقهما به جماعة تبعا للشيخ ، ولا سند له ظاهرا. نعم ورد فيهما شاة ، فمع العجز عنها يرجع إلى الرواية العامة (١) بإطعام عشرة مساكين لمن عجز عنها ، ثم صيام ثلاثة.

______________________________________________________

الإطعام وهو الذي ذهب إليه سيد المدارك ، وغيره جعل الصوم ثلاثة أيام بعد العجز عن صوم عشرة أيام ، والصوم عشرة بعد العجز عن إطعام العشرة لما تقدم من صحيح أبي عبيدة الدال على الصوم يوما لكل مسكين إذا عجز عن إطعامه.

وأما الثعلب والأرنب ففيهما شاة ، بلا خلاف في ذلك ، لصحيح الحلبي (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الأرنب يصيبه المحرم فقال : شاة هديا بالغ الكعبة) (١) ، وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل قتل ثعلبا فقال : عليه دم ، قلت فأرنبا ، قال : مثل ما في الثعلب) (٢)، هذا وقال سيد المدارك : (واختلف الأصحاب في مساواتهما للظبي في الأبدال من الطعام والصيام ، فذهب الشيخان والمرتضى وابن إدريس إلى تساوي الثلاثة في ذلك ، واقتصر ابن الجنيد وابن بابويه وابن أبي عقيل على الشاة ولم يتعرضوا لإبدالهما ، والأصح ثبوت الأبدال فيهما كما في الظبي لقوله عليه‌السلام في صحيحة أبي عبيدة : إذا أصاب المحرم الصيد ولم يجد ما يكفر من موضعه الذي أصاب فيه الصيد قوّم جزاؤه من النعم دارهم ، فإن الجزاء فتناول للجميع ، وفي صحيحة معاوية بن عمار : ومن كان عليه شاة فلم يجد فليطعم عشرة مساكين ، فمن لم يجد صام ثلاثة أيام ، وهي متناولة للجميع أيضا.

وقوّى الشارح عدم إلحاقهما بالظبي في الأبدال ، ثم حكم بالانتقال مع العجز عن الشاة هنا إلى إطعام عشرة مساكين ثم صيام الثلاثة أيام لهذه الرواية ، وقال : إن الفرق بين مدلول الرواية وبين إلحاقهما بالظبي يظهر فيما لو نقصت قيمة الشاة عن إطعام عشرة مساكين ، فعلى الإلحاق يقتصر على القيمة ، وعلى الرواية يجب إطعام العشرة.

ويتوجه عليه أن رواية أبي عبيدة المتضمنة للاقتصار على التصدق بقيمة الجزاء متناولة للجميع فلا وجه لتسليم الحكم في الظبي ومنعه هنا ، مع أن اللازم مما ذكره زيادة فداء الثعلب عن فداء الظبي وهو بعيد جدا).

(١) وهي صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ومن كان عليه شاة فلم يجد ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ٢ و ٤.

٥٤٢

وهذا هو الأقوى ، وفي الدروس نسب مشاركتهما له إلى الثلاثة (١). وهو مشعر بالضعف. وتظهر فائدة القولين (٢) في وجوب إكمال إطعام العشرة وإن لم تبلغها القيمة على الثاني ، والاقتصار (٣) في الإطعام على مد.

(وفي كسر بيض النعام لكل بيضة بكرة من الإبل) (٤) وهي الفتية ، منها بنت المخاض فصاعدا (٥) مع صدق اسم الفتى. والأقوى إجزاء البكر ، لأن مورد النص البكارة وهي جمع لبكر وبكرة (إن تحرك الفرخ) في البيضة ، (وإلا) يتحرك (أرسل فحولة الإبل في إناث) منها (بعدد البيض ، فالناتج هدي) بالغ الكعبة (٦) ،

______________________________________________________

ـ فليطعم عشرة مساكين فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام) (١).

(١) أي نسب مشاركة الثعلب والأرنب للظبي إلى الثلاثة ، أي الشيخين والمرتضى.

(٢) فعلى القول بالإلحاق يقتصر على القيمة فلو نقصت عن العشرة فلا يجب الإكمال ولو زادت عن العشرة فيقتصر على العشرة ، ويتبعها الصوم وعلى القول الثاني الذي قواه الشارح فعليه إطعام عشرة مساكين عند العجز عن الشاة ، سواء بلغت قيمته ذلك أو لا ، وعند العجز عن الإطعام يصوم عشرة أيام للرواية العامة.

(٣) من لوازم القول الثاني ، وإطعامه مدا لأنه هو الظاهر من الرواية العامة ، بخلاف القول الأول فيأتي فيه الخلاف المتقدم في النعامة من إطعامه مدا أو مدين.

(٤) إن تحرك الفرخ في البيضة بلا خلاف فيه ، لصحيح علي بن جعفر قال (سألت أخي عليه‌السلام عن رجل كسر بيض نعام ، وفي البيض فراخ قد تحرك ، فقال : عليه لكل فرخ تحرك بعير ينحره في المنحر) (٢) ، وصحيح سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في كتاب علي عليه‌السلام : في بيض القطاة بكارة من الغنم إذا أصابه المحرم ، مثل ما في بيض النعام بكارة من الإبل) (٣) ، والبكر هو النقي من الإبل والأنثى بكرة كما عن الجمهرة والقاموس ، بل قال في الجواهر (بل لعله المعروف في اللغة).

(٥) وعن ابن الأعرابي : البكر ابن المخاض وابن اللبون والحق والجذع.

(٦) ويشترط عدد الإناث بعدد البيض ، وأما الذكور فلا تقدير لها إلا ما احتاجت إليها الإناث عادة ، ثم لا يكفي الإرسال بل لا بد من مشاهدة كل واحدة منها قد طرقها ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ١٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ٤.

٥٤٣

لا كغيره من الكفارات. ويعتبر في الأنثى صلاحية الحمل ، ومشاهدة الطرق ، وكفاية الفحل للإناث عادة ، ولا فرق بين كسر البيضة بنفسه ودابته (١) ، ولو ظهرت فاسدة ، أو الفرخ ميتا فلا شي‌ء (٢) ، ولا يجب تربية الناتج (٣) ، بل يجوز صرفه من حينه ، ويتخير بين صرفه مصالح الكعبة ومعونة الحاج كغيره من مال الكعبة (٤).

(فإن عجز) عن الإرسال (فشاة عن البيضة) الصحيحة (٥) ، (ثم) مع العجز عن الشاة (إطعام عشرة مساكين) (٦) ...

______________________________________________________

ـ الفحل مع اشتراط صلاحية الإناث للحمل ، بلا خلاف في ذلك ، للأخبار منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من أصاب بيض نعام وهو محرم فعليه أن يرسل الفحل في مثل عدة البيض من الإبل ، فإنه ربما فسد كله وربما خلق كله ، وربما صلح بعضه وفسد بعضه ، فما ينتج الإبل فهو هدي بالغ الكعبة) (١).

(١) لصحيح أبي الصباح الكناني (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن محرم وطئ بيض نعام فشدخها ، قال : قضى فيها أمير المؤمنين عليه‌السلام أن يرسل الفحل في مثل عدد البيض من الإبل الإناث ، فما لقح وسلم كان النتاج هديا بالغ الكعبة ، وقال عليه‌السلام : وما وطئته أو وطئه بعيرك أو دابتك وأنت محرم فعليك فداؤه) (٢).

(٢) قال في المدارك : (ولو ظهرت البيضة فاسدة أو الفرخ ميتا لم يلزمه شي‌ء كما نص عليه في المنتهى لأنه بمنزلة الحجر).

(٣) لظهور الأخبار المتقدمة في ذلك.

(٤) قال في المدارك : (وليس في الأخبار ولا في كلام أكثر الأصحاب تعيين مصرف هذا الهدي ، والظاهر أن مصرفه مساكين الحرم كما في مطلق جزاء الصيد ، مع إطلاق الهدي عليه في الآية الشريفة ، وجزم الشارح في الروضة بالتخيير بين صرفه في مصالح الكعبة ومعونة الحاج كغيره من أموال الكعبة وهو غير واضح).

(٥) لأن الفاسدة لا شي‌ء فيها.

(٦) وإن عجز صام ثلاثة أيام على المشهور ، لخبر علي بن أبي حمزة عن أبي الحسن عليه‌السلام (سألته عن رجل أصاب بيض نعامة وهو محرم ، قال : يرسل الفحل في الإبل على عدد

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ٢.

٥٤٤

لكل مسكين مد (١) وإنما أطلق (٢) لأن ذلك ضابطه حيث لا نص على الزائد ، ومصرف الشاة والصدقة كغيرهما (٣) ، لا كالمبدل ، (ثم صيام ثلاثة) أيام لو عجز عن الإطعام.

(وفي كسر كل بيضة من القطا (٤) ...

______________________________________________________

ـ البيض ، قلت : فإن البيض يفسد كله ويصلح كله؟ قال : ما ينتج من الهدي فهو هدي بالغ الكعبة ، وإن لم ينتج فليس عليه شي‌ء ، فمن لم يجد إبلا فعليه لكل بيضة شاة ، فإن لم يجد فالصدقة على عشرة مساكين لكل مسكين مد ، فإن لم يقدر فصيام ثلاثة أيام) (١).

وعن الصدوق من لم يجد شاة صام ثلاثة أيام فإن لم يقدر أطعم عشرة مساكين ، لخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في بيضة النعام شاة ، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ، فمن لم يستطع فكفارته إطعام عشرة مساكين إذا أصابه وهو محرم) (٢)، وهو ضعيف لاعراض الأصحاب عنه.

(١) كما نص عليه الخبر ، وأطلق القاضي أنه يعطى مدان ولا دليل عليه.

(٢) أي المصنف فلم يقيد الإطعام بمد.

(٣) من الكفارات فتصرف على الفقراء والمساكين ، والمعنى أن مصرف البدل هنا هو المساكين كمصرف الكفارات ، لا كمثل مصرف البدل في مصالح الكعبة وذلك لعدم تقييد المصرف هنا بالكعبة.

(٤) ففيه صغير الغنم إن تحرك الفرخ في البيضة ، لصحيح سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في كتاب علي عليه‌السلام : في بيض القطا مثل ما في بيض النعام بكارة من الإبل) (٣) ، والبكارة جمع لبكر وبكرة ، وهو ما كان صغيرا وفتيا.

وعن الشيخ وابني حمزة وإدريس أنه يجب مخاض من الغنم ، لمضمر سليمان بن خالد (سألته عن رجل وطئ بيض قطاة فشدخه ، قال : يرسل الفحل في عدد البيض من الغنم كما يرسل الفحل في عدد البيض من الإبل ، ومن أصاب بيضة فعليه مخاض من الغنم) (٤) ، وحمل ذيله على ما لو تحرك الفرخ ، كما أن صدره على أنه لم يتحرك ، وهذه الرواية قد اشتمل سندها على عدة من الضعفاء كما في المدارك ، وعلى كل فسيأتي أن في قتل القطا حمل فطيم فكيف يجب في بيضها إن تحرك فيه الفرخ مخاض من الغنم وهي ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ٥ و ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ٤.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ٤.

٥٤٥

(والقبج) (١) بسكون الباء وهو الحجل (والدراج (٢) من صغار الغنم إن تحرك الفرخ) في البيضة. كذا أطلق المصنف هنا وجماعة ، وفي الدروس جعل في الأولين مخاضا من الغنم ، أي من شأنها الحمل ، ولم يذكر الثالث ، والنصوص خالية عن ذكر الصغير ، والموجود في الصحيح منها أن في بيض القطاة بكارة من الغنم ، وأما المخاض فمذكور في مقطوعة ، والعمل على الصحيح.

وقد تقدم أن المراد بالبكر الفتي ، وسيأتي أن في قتل القطا والقبج والدراج حمل مفطوم ، والفتى أعظم منه ، فيلزم وجوب الفداء للبيض أزيد مما يجب في الأصل ، إلا أن يحمل الفتى على الحمل فصاعدا ، وغايته حينئذ تساويهما في الفداء. وهو سهل.

وأما بيض القبج والدراج فخال عن النص ، ومن ثم اختلفت العبارات فيها ، ففي بعضها اختصاص موضع النص وهو بيض القطا ، وفي بعض ومنه الدروس الحاق القبج ، وفي ثالث إلحاق الدراج بهما ، ويمكن إلحاق القبج بالحمام في البيض ، لأنه صنف منه.

(وإلا) يتحرك الفرخ (أرسل في الغنم بالعدد) (٣) كما تقدم في النعام (فإن)

______________________________________________________

ـ التي بلغت سنا يمكن فيه الحمل كما فسره البعض على ما في المسالك ، وهذا يلزم أن يكون في البيضة أكثر مما يلزم في أصلها ، وكذلك يأتي الإشكال إذا قلنا أن في البيضة بكرا من الغنم وهو الفتي إذ الفتي أعظم من المعظوم وأكبر سنا.

(١) وليس في بيض القبج نص بالخصوص كما نص على ذلك في المدارك والمسالك وغيرهما ، ولكن أكثر الأصحاب ألحق بيض القبج ببيض القطا للمشابهة ، وابن البراج والشارح وسيد المدارك ألحقه ببيض الحمام ، لأن القبج صنف منه ، وفي بيضة درهم كما سيأتي إنشاء الله تعالى.

(٢) كما في القواعد والجامع والحاقة بالقطا للمشابهة أيضا.

(٣) بلا خلاف فيه ، لصحيح منصور بن حازم وسليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألناه عن محرم وطئ بيض القطا فشدخه ، قال : يرسل الفحل في مثل عدة البيض من الغنم ، كما يرسل الفحل في عدة البيض من الإبل) (١) ، وهو محمول على ما لو لم يتحرك الفرخ جمعا بينه وبين ما تقدم المقتضي لتغاير الموضوع بسبب تغاير الحكم.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ١.

٥٤٦

عجز) عن الإرسال (فكبيض النعام) (١). كذا أطلق الشيخ تبعا لظاهر الرواية (٢) ، وتبعه الجماعة ، وظاهره (٣) أن في كل بيضة شاة ، فإن عجز اطعم عشرة مساكين ، فإن عجز صام ثلاثة أيام ، ويشكل بأن الشاة لا تجب في البيضة ابتداء (٤) ، بل إنما

______________________________________________________

ـ ويشترط فيه ما اشترط في إرسال الفحل على إناث الإبل في النعامة ، من كون الهدي لبيت الله ، ومن صلاحية الإناث للحمل وغير ذلك.

(١) بمعنى لو عجز عن الإرسال فشاة ، وإن عجز عنها أطعم عشرة مساكين ، وإن عجز عنه صام ثلاثة أيام ، وهذا حكم قد ذكره الشيخ في النهاية والمبسوط وتبعه عليه جماعة ، وهاهنا بحثان : الأول : في مستند الحكم ، قيل ربما أن يكون مستنده صحيح سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في كتاب علي : في بيض القطا كفارة مثل ما في بيض النعام) (١) ، وفيه : إنه لا يصلح لذلك لأن المماثلة بين أصل الكفارتين ، وليس في الكيفية ، بالإضافة إلى أن في البيض إذا تحرك فيه الفرخ الإرسال الذي قد ينتج حملا فكيف يجب بعد العجز عن الإرسال شاة ، وهي أكبر من الحمل المحتمل تولده من الإرسال ، فلذا صرح جماعة منهم سيد المدارك بل ونقش الشارح في المسالك بعدم المستند لهذا الحكم.

وذهب ابن حمزة إلى أنه إذا تعذر الإرسال يتصدق عن كل بيضة قطاة بدرهم وهو لا مستند له أيضا فالتوقف أمر لا بد منه.

البحث الثاني : ما ذكره الشيخ في النهاية والمبسوط هو بعد ذكر الإرسال ، قال : (فإن عجز كان كمن كسر بيض النعام) ، وتابعه المحقق على ذلك في الشرائع ، واختلفوا في تفسير هذه العبارة المجملة ، فذهب ابن إدريس إلى أن مقتضى المماثلة أنه يجب مع العجز عن الإرسال شاة ، فإن عجز عنها أطعم عشرة مساكين ، فإن عجز صام ثلاثة أيام.

وأشكل عليه العلامة في المنتهى بقوله (وعندي في ذلك تردد ، فإن الشاة تجب مع تحرك الفرخ لا غير ، بل ولا يجب شاة كاملة بل صغيرة على ما بيناه ، فكيف تجب الشاة الكاملة مع عدم التحرك ، وإمكان فساده ، وعدم خروج الفرخ فيه ، والأقرب أن مقصود الشيخ بمساواته لبيض النعام وجوب الصدقة على عشرة مساكين ، أو الصيام ثلاثة أيام إذا لم يتمكن من الإطعام) انتهى ، والبحث في تفسير العبارة ساقط بعد عدم مستند حكمها.

(٢) وهي صحيح سليمان بن خالد المتقدم وقد عرفت عدم دلالته.

(٣) أي ظاهر الإطلاق.

(٤) أي قبل العجز عن الإرسال بل يجب الحمل المحتمل من الإرسال.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ٢.

٥٤٧

يجب نتاجها حين تولد على تقدير حصوله ، وهو (١) أقل من الشاة بكثير ، فكيف يجب مع العجز ، وفسره (٢) جماعة من المتأخرين منهم المصنف بأن المراد وجوب الأمرين الأخيرين دون الشاة (٣) ، وهذا الحكم هو الأجود ، لا لما ذكروه ، لمنع كون الشاة أشق من الإرسال ، بل هي أسهل على أكثر الناس (٤) ، لتوقفه على تحصيل الإناث والذكور ، وتحري زمن الحمل ومراجعتها إلى حين النتاج ، وصرفه هديا للكعبة وهذه أمور تعسر على الحاج غالبا أضعاف الشاة ، بل لأن الشاة (٥) يجب أن تكون مجزئة هنا (٦) بطريق أولى ، لأنها أعلى قيمة وأكثر منفعة من النتاج ، فتكون كبعض أفراد الواجب ، والإرسال أقله. ومتى تعذر الواجب انتقل إلى بدله ، وهو هنا الأمران الآخران من حيث البدل (٧) العام ، لا الخاص (٨) ، لقصوره عن

______________________________________________________

(١) أي النتاج.

(٢) أي التماثل في عبارة الشيخ.

(٣) لأن الشاة اشقّ من الإرسال وأكثر قيمة فلا يعقل أن تكون بدلا عن الإرسال الموجب للحمل على تقدير حصوله كما سمعت من عبارة المنتهى.

(٤) قال في المسالك : (وقد يمنع من كون الإرسال أسهل مطلقا وإن كان أقل غرامة ، فإنه في الحقيقة تكليف شاق ، وربما كان على بعض الناس أشقّ من إخراج الشاة بكثير ، لأنه يتوقف على تحصيل الفحل المذكور وانتظار الشاة حتى تلد ، وصرف نتاجها في مصالح الكعبة إلى غير ذلك من الأحكام التي تعسر على كثير من الناس بخلاف ذبح الشاة وتفريقها على فقراء الحرم فإنه في الأغلب تكليف سهل).

(٥) تعليل لما استجوده من الحكم بسقوط الشاة والاكتفاء بالإطعام ثم الصيام فقط.

(٦) أي في صورة العجز عن الإرسال ، لأنه مع القدرة على الإرسال يجب الحمل من الإرسال على تقدير حصول الناتج ، فيقطع بفراغ الذمة لو دفع الشاة الكاملة عند العجز عن الإرسال.

(٧) وهو المستفاد من صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ومن كانت عليه شاة فلم يجد فليطعم عشرة مساكين ، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام) (١).

(٨) أي البدل الخاص لما تقدم من عدم الدليل عليه ، وما ادعى من صحيح سليمان بن خالد كمستند للحكم فهو قاصر الدلالة كما تقدم.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ١٣.

٥٤٨

الدلالة ، لأن بدليتهما (١) عن الشاة (٢) يقتضي بدليتهما عما هو دونها قيمة (٣) بطريق أولى.

(وفي الحمامة (٤) وهي المطوقة أو ما تعبّ الماء) بالمهملة أي تشربه من غير مصّ كما تعبّ الدواب ، ولا يأخذه بمنقاره قطرة قطرة كالدجاج والعصافير.

وأو هنا يمكن كونه للتقسيم بمعنى كون كل واحد من النوعين حماما وكونه للترديد ، لاختلاف الفقهاء ، وأهل اللغة في اختيار كل منهما ، والمصنف في الدروس اختار الأول خاصة ، واختار المحقق والعلامة الثاني خاصة والظاهر أن التفاوت بينهما قليل ، أو منتف (٥) ، وهو يصلح لجعل المصنف كلا منهما معرفا ، وعلى كل تقدير فلا بد من إخراج القطا والحجل من التعريف ، لأن لهما كفارة معينة غير كفارة الحمام مع مشاركتهما له في التعريف كما صرح به جماعة.

______________________________________________________

(١) أي الإطعام ثم الصيام.

(٢) من حيث البدل العام.

(٣) وهو النتاج الحاصل من الإرسال على تقدير حصوله ، ولذا صح القول بأنه مع العجز عن الإرسال فالاطعام ثم الصيام ، وفيه : إن إثبات الشاة عند العجز عن الإرسال بالاولوية حكم اعتباري محض لا يمكن الآخذ به.

(٤) الحمام هو كل طائر يهدر ويعبّ الماء وقيل هو كل مطوق ، والتعريف الأول قد ذكره الشيخ في المبسوط وجمع من الأصحاب ، وقال في المدارك (لم أقف عليه فيما وصل إلينا من كلام أهل اللغة) وفي الجواهر (ما عن الأزهري من أنه أخبرني عبد الملك عن الربيع عن الشافعي أنه قال : كلما عبّ وهدر فهو حمام يدخل فيه القماري والدباسي والفواخت ، سواء كانت مطوّقة أو غير مطوقة) ومعنى أنه يهدر تواتر صوته ، ومعنى يعبّ الماء أنه يشربه من غير مصّ ولا يأخذه بمنقاره قطرة قطرة كالدجاج والعصافير.

والتعريف الثاني قد ذكره الشهيدان وغيرهما وهو المحكي عن الصحاح والقاموس وفقه اللغة وشمس العلوم ومصباح المنير قال الأخير : (والحمام عند العرب كل ذي طوق من الفواخت والقماري والقطا والدواجن والوراشين واشباه ذلك ، ويقال للواحدة حمامة ، وتقع على الذكر والأنثى).

(٥) وأشكل عليه في الجواهر (ضرورة أن جملة مما يهدر ويعبّ لا طوق له وبالعكس) ، والمدار على الصدق العرفي للفظ الحمام وليس على المعنى اللغوي.

٥٤٩

وكفارة الحمام بأي معنى اعتبر (شاة على الحرم في الحل (١) ، ودرهم على المحل في الحرم) على المشهور (٢) ، وروي أن عليه فيه القيمة ، وربما قيل بوجوب أكثر الأمرين من الدرهم ، والقيمة ، أما الدرهم فللنص وأما القيمة فله (٣) ، أو لأنها تجب للمملوك في غير الحرم ففيه أولى ، والأقوى وجوب الدرهم مطلقا في غير الحمام المملوك ، وفيه الأمران معا الدرهم لله ، والقيمة للمالك ، وكذا القول في كل مملوك بالنسبة إلى فدائه وقيمته.

(ويجتمعان) الشاة والدرهم (على المحرم في الحرم) (٤) ، الأول لكونه محرما ،

______________________________________________________

(١) بلا خلاف فيه ، للأخبار منها : صحيح حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام (المحرم إذا أصاب حمامة ففيها شاة ، وإن قتل فراخه ففيها حمل ، وإن وطئ البيض فعليه درهم) (١).

(٢) لصحيح حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الحمامة درهم وفي الفرخ نصف درهم ، وفي البيضة ربع درهم) (٢) ، وصحيح صفوان عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام (من أصاب طيرا في الحرم وهو محلّ فعليه القيمة ، والقيمة درهم يشتري به علفا لحمام الحرم) (٣).

وفي بعض الأخبار أن عليه قيمته ، كصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إن قتل المحرم حمامة في الحرم فعليه شاة ـ إلى أن قال ـ فإن قتلها في الحرم وليس بمحرم فعليه ثمنها) (٤) ، ولذا ذهب العلامة في المنتهى أن الأحوط وجوب أكثر الأمرين من الدرهم والقيمة ، وقرّب في التذكرة وجوب القيمة لو زادت عن الدرهم ، بل استشكل المحقق الثاني في جامعه بأجزاء الدرهم مطلقا لأن من قتل صيدا مملوكا في غير الحرم فيلزمه القيمة السوقية لمالكه بلغت ما بلغت ، فكيف يجزي الأنقص في الحرم ورده الشارح في المسالك (وهذا الإشكال يتوجه على القول بأن فداء المملوك لمالكه مطلقا ، وسيأتي أن الحق كون فدائه لله تعالى ، وللمالك القيمة السوقية ، ولا يبعد حينئذ أن يجب لله تعالى أقل من القيمة مع وجوبها للمالك).

(٣) أي للنص أيضا.

(٤) فالشاة لكونه محرما والدرهم لقتله إياها في الحرم وهذا هو مقتضى تعدد المسبب بتعدد ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ٥ و ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ٣.

٥٥٠

والثاني لكونه في الحرم ، والأصل عدم التداخل ، خصوصا مع اختلاف حقيقة الواجب.

(وفي فرخها حمل) (١) بالتحريك من أولاد الضأن ما سنه أربعة أشهر فصاعدا (٢) ، (ونصف درهم عليه) (٣) أي على المحرم في الحرم (٤) ، (ويتوزعان على)

______________________________________________________

ـ السبب ، وعن العماني شاة فقط وهو واضح الضعف كما في الجواهر.

للمحرم في الحل على المشهور ، للأخبار منها : خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن محرم قتل حمامة من حمام الحرم خارجا من الحرم ، قال : عليه شاة ـ إلى أن قال ـ قلت : فمن قتل فرخا من حمام الحرم وهو محرم ، قال عليه‌السلام : عليه حمل) (١).

(١) وعن الكافي والغنية إن الحمل في فرخ حمام الحرم كما هو مورد الرواية ، وفي فرخ حمام غيره نصف درهم ، وهما محجوجان بأخبار منها : صحيح حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام (المحرم إذا أصاب حمامة ففيها شاة ، وإن قتل فراخة ففيه حمل ، وإن وطئ البيض فعليه درهم) (٢)وهو مطلق يشمل حمام الحرم وغيره.

(٢) كما عن التذكرة والمنتهى والتحرير ، ويؤيده كلام أهل اللغة كما عن ابن قتيبة عن أدب الكاتب : (فإذا بلغ أربعة أشهر وفصل عن أمه فهو حمل وخروف) نعم يعارضه ما عن الدميري أنه إذا بلغ ستة أشهر.

(٣) ونصف درهم في فرخ الحمام على المحل في الحرم ، للأخبار منها : صحيح ابن الحجاج (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن فرخين مسرولين ذبحتهما وأنا بمكة محلّ ، فقال لي : لم ذبحتهما؟ فقلت : جاءتني بهما جارية قوم من أهل مكة فسألتني أن أذبحهما ، فظننت أني بالكوفة ولم أذكر الحرم فذبحتهما ، فقال : عليك قيمتها ، قلت : كم قيمتها؟ قال : درهم وهو خير منهما) (٣) ، وعليه يحمل صحيح حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الحمامة درهم وفي الفرخ نصف درهم وفي البيض ربع درهم) (٤) ، ومثله صحيح عبد الرحمن الآخر (٥).

(٤) فالشاة لإحرامه ونصف درهم لكونه في الحرم لتعدد السبب ، بالإضافة إلى أخبار منها : خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل قتل طيرا من طيور الحرم وهو محرم في الحرم ، قال : عليه شاة وقيمة الحمامة درهم يعلف به حمام الحرم ، وإن كان فرخا فعليه حمل وقيمة الفرخ نصف درهم يعلف به حمام الحرم) (٦).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ٩ و ١.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ٧ و ٥ و ١.

(٦) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ٥.

٥٥١

(أحدهما) فيجب الأول على المحرم في الحل ، والثاني على المحل في الحرم بقرينة ما تقدم ، ترتيبا وواجبا ، (وفي بيضها (١) درهم وربع) على المحرم في الحرم.

(ويتوزعان على أحدهما) ، وفي بعض النسخ إحداهما فيهما (٢) أي الفاعلين ، أو الحالتين فيجب درهم على المحرم في الحل ، وربع على المحل في الحرم. ولم يفرّق في البيض بين كونه قبل تحرك الفرخ وبعده.

والظاهر أن مراده الأول (٣) ، أما الثاني (٤) فحكمه حكم الفرخ كما صرح به

______________________________________________________

(١) مع عدم تحرك الفرخ فعلى المحل في الحرم ربع درهم ، لصحيح حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الحمام درهم وفي الفرخ نصف درهم وفي البيضة ربع درهم) (١) ، وهو محمول على المحل في الحرم بقرينة صحيح ابن الحجاج المتقدم ، وقد تقدم الكلام في ذلك.

وعلى المحرم في الحل درهم ، لصحيح حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام (المحرم إذا أصاب حمامة ففيها شاة ، وإن قتل فراخة ففيه حمل ، وإن وطئ البيض فعليه درهم) (٢) ، وهو محمول على المحرم في الحل بشهادة خبر أبي بصير المتقدم في قتل فرخ الحمام ويجتمع الأمران من الدرهم والربع على المحرم في الحرم ، فالدرهم لإحرامه والربع للحرم ، لقاعدة تعدد المسببات بتعدد الأسباب.

(٢) في الموضعين من كلام الماتن.

(٣) أي قبل تحرك الفرخ.

(٤) أي بعد تحرك الفرخ ففيه حمل كما عن الشيخ وأكثر الأصحاب ، لصحيح علي بن جعفر (سألت أخي موسى عليه‌السلام عن رجل كسر بيض الحمام ، وفي البيض فراخ قد تحرك ، فقال : عليه أن يتصدق عن كل فرخ قد تحرك بشاة ، ويتصدق بلحومها إن كان محرما ، وإن كان الفرخ لم يتحرك تصدق بقيمته ورقا يشتري به علفا يطرحه لحمام الحرم) (٣) ، بإرادة الحمل من الشاة ، ويشهد له صحيح الحلبي (قال : حرّك الغلام مكتلا فكسر بيضتين في الحرم ، فسألت أبا عبد الله عليه‌السلام فقال : جديين أو حملين) (٤).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ٨.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ٢.

٥٥٢

في الدروس ، وإن كان الحاقة به (١) مع الإطلاق ، لا يخلو من بعد ، وكذلك لم يفرّق بين الحمام المملوك وغيره ، ولا بين الحرمي وغيره.

والحق ثبوت الفرق كما صرّح به في الدروس وغيره (٢) ، فغير المملوك حكمه ذلك (٣) ، والحرمي (٤) ...

______________________________________________________

ـ وذهب المحقق والعلامة وسيد المدارك أنه سواء كان محلا أو محرما وسواء كان في الحل أو الحرم.

وصرح الشهيدان وصاحب الجواهر أن الحمل في البيض إذا تحرك الفرخ مخصوص للمحرم في الحل ، وأما المحلّ في الحرم فيجب عليه نصف درهم ، ويجتمع الأمران على المحرم في الحرم ، وفي المدارك (أن مستنده غير واضح) ، وردّ عليه صاحب الجواهر بأن المحل في الحرم لو قتل نفس الفرخ فعليه نصف درهم كما تقدم ، فلو قتله في داخل البيضة فكذلك ولذا حملت هذه الأخبار ـ وإن كان عامة ـ على المحرم في الحلّ فقط ، وأما اجتماع الأمرين على المحرم في الحرم لتعدد السبب.

(١) أي إلحاق البيض مع تحرك الفرخ بالفرخ ، مع إطلاق عبارة الماتن هنا حيث قال : (وفي بيضها درهم وربع) وهو شامل لما قبل التحرك وبعده ، فهذا الإلحاق هنا نظرا إلى إطلاق عبارة المصنف لا يخلو من بعد.

(٢) أي غير المصنف.

(٣) أي المذكور في المتن.

(٤) أي من غير المملوك ، اعلم أنه لا فرق بين الحمام الأهلي وحمام الحرم في القيمة ، لكن يشتري بقيمة الحرمي علف لحمام الحرم ، ويتصدق بقيمة غير الحرمي على المساكين بلا خلاف في ذلك ، للأخبار منها : خبر حماد بن عثمان (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل أصاب طيرين ، واحدا من حمام الحرم والآخر من حمام غير الحرم ، قال : يشتري بقيمة الذي من حمام الحرم قمحا فيطعمه حمام الحرم ، ويتصدق بجزاء الآخر) (١) ، وصحيح محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل أهدي له حمام أهلي وجي‌ء به وهو في الحرم محلّ ، قال : إن أصاب منه شيئا فليتصدق مكانه بنحو من ثمنه) (٢) ، وهو دال على التصدق بثمن حمام غير الحرم على المساكين ، ومثله غيره ، وصحيح صفوان بن يحيى عن

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ٦.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ١٠.

٥٥٣

منه ، يشترى بقيمته الشاملة للفداء (١) علفا لحمامه ، وليكن قمحا للرواية ، والمملوك كذلك (٢) ، مع إذن المالك ، أو كونه المتلف ، وإلا وجب ما ذكر لله وقيمته السوقية للمالك.

(وفي كل واحد من القطا والحجل والدراج حمل مفطوم رعى) (٣) قد كمل سنه أربعة أشهر ، وهو قريب من صغير الغنم في فرخها ولا بعد في تساوي فداء الصغير والكبير كما ذكرناه.

______________________________________________________

ـ أبي الحسن الرضا عليه‌السلام (من أصاب طيرا في الحرم وهو محلّ فعليه القيمة ، والقيمة درهم يشتري به علفا لحمام الحرم) (١) ، وهو محمول على حمام الحرم بشهادة خبر حماد المتقدم المتضمن لحكم حمام الحرم وحكم حمام غيره.

ثم المراد من القيمة الواردة في هذه الأخبار هي ما قابل الفداء المقدّرة بالدرهم ونصفه وربعه كما عن الجواهر والمدارك وغيرهما ، وعن الشارح في المسالك والروضة هنا أن القيمة ما يعم الفداء والدرهم ، أي يشمل الشاة فيما لو كان الجزاء شاة ويشمل الدرهم فيما لو كان الجزاء دفع قيمة الحمام أو بيضه أو فرخه ، وفيه منع واضح كما في الجواهر لأنه لم تنص الأخبار على كون الفداء لحمام الحرم وإنما نصت على الدرهم أنه يشتري به علف لحمام الحرم ، فتبقى الشاة ولا بدّ من صرفها على المساكين هذا من جهة ومن جهة أخرى فالحمام الأهلي في قبال حمام الحرم وكلاهما غير مملوك ، وإما لو كان الحمام الأهلي مملوكا وقد أتلفه بغير إذن مالكه فقد صرح العلامة في المنتهى وتابعه الشارح في المسالك والروضة هنا أنه اجتمع على متلفه القيمة على المساكين والقيمة لمالكه ، قال في المسالك : (وأما الأهلي فقد اطلقوا وجوب الصدقة بقيمته على المساكين ، وينبغي أن يكون في موضع لا يضمنه للمالك وإلا كان فداؤه للمساكين وقيمته للمالك ، فينبغي تأمل ذلك ، فإن النص والفتوى مطلقان) ، وهو قوى جمعا بين أدلة ضمان مال الغير وبين ما دل على قيمة الحمام لو أتلفه في الحرم أو وهو محرم.

(١) وقد عرفت ضعفه.

(٢) أي حكمه ما ذكر من غير المملوك بصرف قيمته على المساكين.

(٣) بلا خلاف فيه ، للأخبار منها : صحيح سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (وجدنا في كتاب علي عليه‌السلام في القطاة ـ إذا أصابها المحرم ـ حمل قد فطم من اللبن وأكل من ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ٣.

٥٥٤

وهو أولى من حمل المصنف الخاص الذي اختاره ثمّ (١) على بنت المخاض ، أو على أن فيها (٢) هنا مخاضا بطريق أولى ، للإجماع على انتفاء الأمرين.

وكذا مما قيل : من أن مبنى شرعنا على اختلاف المتفقات ، واتفاق المختلفات ، فجاز أن يثبت في الصغير زيادة على الكبير.

والوجه ما ذكرناه (٣) ، لعدم التنافي بوجه. هذا على تقدير اختيار صغير الغنم في الصغير (٤) كما اختاره المصنف ، أو على وجوب الفتى كما اخترناه ، وحمله على الحمل ، وإلا بقي الأشكال (٥).

______________________________________________________

ـ الشجر) (١) ، وخبره الآخر عن أبي جعفر عليه‌السلام (في كتاب أمير المؤمنين علي عليه‌السلام : من أصاب قطاة أو حجلة أو درّاجة أو نظيرهنّ فعليه دم) (٢)، وقد تقدم أن الحمل ما كان له أربعة أشهر ، وقد تقدم أنه في بيض القطا ـ إن تحرك الفرخ ـ بكر من الغنم وهو الفتي أو مخاض من الغنم وكلاهما أكبر من الحمل فكيف يجب في فرخ البيضة أكبر مما يجب في نفس الطائر قال في المسالك : (وأجاب في الدروس بإمكان حمل المخاض هناك ـ أي في بيض القطا إن تحرك الفرخ ـ على بنت مخاض ، أو أن فيه دليلا على أن فيه القطاة أيضا مخاض بطريق أولى ، ويؤيده ما رواه سليمان بن خالد أن في كتاب علي عليه‌السلام من أصاب قطاة أو حجلة أو درّاجة أو نظيرهنّ فعليه دم ، أو يجمع بين الأخبار بالتخيير ، وهذه أجوبة كلها مندفعة بالإجماع على نفي مدلولها ، إذ لم يقل احد بوجوب بنت مخاض في قتل هذه ـ أي في القطاة ـ ولا ما يزيد على الحمل ، وقد أجيب أيضا بأن مبنى شرعنا على اختلاف المماثلات واتفاق المختلفات فجاز أن يثبت في الصغير أزيد مما يثبت في الكبير في بعض الموارد ، وفي بعض آخر بالعكس ، وإن كان ذلك خلاف الغالب ، وأجود ما هنا ما أسلفناه من أن الواجب في الفرخ إنما هو بكارة من صغار الغنم وهي غير منافية للحمل ، وغايتها المساواة له في جانب القلة ، وهو أمر سائغ عقلا ، فإن مساواة الصغير للكبير في الحكم امر واقع).

(١) أي هناك في فرخ البيضة.

(٢) أي في القطاة هنا.

(٣) من ثبوت بكر من الغنم في الفرخ وهو غير مناف للحمل في نفس القطا.

(٤) أي في الفرخ الموجود في البيضة.

(٥) من كون فداء الفرخ أكثر من فداء نفس الطائر.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ١ و ٢.

٥٥٥

(وفي كل من القنفذ والضب واليربوع جدي) (١) ، على المشهور. وقيل : حمل فطيم ، والمروي ، الأول ، وإن كان الثاني مجزئا بطريق أولى. ولعل القائل فسّر به الجدي.

(وفي كل من القبّرة) بالقاف المضمومة ثم الباء المشددة بغير نون بينهما ، (والصعوة) وهي عصفور صغير له ذنب طويل يرمح به (والعصفور) بضم العين وهو ما دون الحمامة ، فيشمل الأخيرين ، وإنما جمعهما تبعا للنص ، ويمكن أن يريد به العصفور الأهلي كما سيأتي تفسيره به في الأطعمة ، فيغايرهما (مد) من (طعام) (٢) وهو هنا ما يؤكل من الحبوب وفروعها ، والتمر والزبيب وشبهها.

(وفي الجرادة تمرة) (٣) ، وتمرة خير من جرادة.

(وقيل : كف من طعام) وهو مروي أيضا ، فيتخير بينهما جمعا واختاره في

______________________________________________________

(١) هو المشهور بين الأصحاب ، لصحيح مسمع عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في اليربوع والقنفذ والضبّ إذا أصابه المحرم فعليه جدي ، والجدي خير منه ، وإنما جعل هذا لكي ينكل عن فعل غيره من الصيد) (١).

وألحق المفيد والشيخ بهذه الثلاثة ما أشبهها ، وأوجب أبو الصلاح فيها حملا فطيما ، وليس لهما مستند كما في المدارك.

والجدي من حين ما تضعه أمه إلى أن يرعى ويقوى ، كما عن أدب الكاتب ، وعن البعض أنه من أربعة أشهر إلى أن يرعى ، والحق أن الجدي أعم من الحمل الفطيم بحسب الصدق.

(٢) على المشهور ، لمرسل صفوان بن يحيى عن عبد الله عليه‌السلام (القبّرة والصعوة والعصفور إذا قتله المحرم فعليه مدّ من طعام ، لكل واحد منهم) (٢).

وأوجب الصدوقان على كل طائر ما عدا النعامة شاة ، لصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في محرم ذبح طيرا قال : إن عليه دم شاة يهريقه ، فإن كان فرخا فجدي أو حمل صغير من الضأن) (٣) ، وهو مخصص عند المشهور بالخبر الأول.

(٣) كما عن الخلاف والمهذب والجامع والسرائر ، لصحيح معاوية بن عمار عن أبي ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ٦.

٥٥٦

الدروس ، (وفي كثير الجراد شاة) (١) ، والمرجع في الكثرة إلى العرف ، ويحتمل اللغة فيكون الثلاثة كثيرا ، ويجب لما دونه في كل واحدة تمرة ، أو كف.

(ولو لم يمكن التحرز) من قتله ، بأن كان على طريقة بحيث لا يمكن التحرز منه إلا بمشقة كثيرة لا تتحمل عادة ، لا الإمكان الحقيقي (فلا شي‌ء (٢). وفي القملة) يلقيها عن ثوبه ، أو بدنه وما أشبههما ، أو يقتلها (كف) من (طعام) (٣) ، ولا

______________________________________________________

ـ عبد الله عليه‌السلام (قلت ما تقول. في رجل قتل جرادة وهو محرم ، قال : ثمرة خير من جرادة) (١) ، وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (في محرم قتل جرادة ، قال : يطعم ثمرة ، وثمرة خير من جرادة) (٢).

وعن النافع والشرائع والقواعد والغنية والمراسم والمقنعة كف من طعام لصحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (سألته عن محرم قتل جرادة ، قال : كف من طعام وإن كان كثيرا فعليه دم شاة (٣).

وعن المبسوط والتهذيب والتحرير والمدارك التخيير بينها جمعا بين الأخبار.

(١) بلا خلاف فيه ، لصحيح ابن مسلم المتقدم ، ويرجع في تحديد الكثرة إلى العرف.

(٢) أي لا إثم ولا كفارة ، لصحيح حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام (على المحرم أن يتنكب الجراد إذا كان على طريقه ، فإن لم يجد بدّا فقتل فلا بأس) (٤) ، وصحيح معاوية (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الجراد يكون على ظهر الطريق والقوم محرمون فكيف يصنعون؟ قال : يتنكبونه ما استطاعوا ، قلت : فإن قتلوا منه شيئا ما عليهم؟ قال : لا شي‌ء عليهم) (٥).

(٣) ففي قتلها أو إلقائها كف من طعام ، لخبر حماد بن عيسى عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن المحرم يبين القملة عن جسده فيلقيها ، قال : فليطعم مكانها طعاما) (٦) ، وصحيح الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبد الله عليه‌السلام (المحرم لا ينزع القملة من جسده ولا من ثوبه متعمدا ، وإن فعل شيئا من ذلك خطاء فليطعم مكانها طعاما قبضة يده) (٧).

وبعضهم كسيد المدارك حمل الكفارة على الاستحباب ، لصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ما تقول في محرم قتل قملة ، قال : لا شي‌ء في القملة ، ولا ينبغي أن يتعمد قتلها) (٨)، وحمل عند المشهور على الضرورة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ٢ و ٦.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٣٨ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ١ و ٢.

(٦) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث ١.

(٧ و ٨) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث ٣ و ٦.

٥٥٧

شي‌ء في البرغوث (١) وإن منعنا قتله ، وجميع ما ذكر حكم المحرم في الحل (٢) ، أما المحل في الحرم فعليه القيمة فيما لم ينص على غيرها ، ويجتمعان على المحرم في الحرم ، ولو لم يكن له قيمة فكفارته الاستغفار (٣).

(ولو نفّر حمام الحرم وعاد) إلى محله (فشاة) عن الجميع ، (وإلا) يعد (فعن كل واحدة شاة) على المشهور (٤) ، ومستنده غير معلوم ، وإطلاق الحكم يشمل

______________________________________________________

(١) لصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (المحرم يلقي عنه الدواب كلها إلا القملة فإنها من جسده) (١) ، وإلقائه لا يجوز لنا قتله ، ولكن قتله لا يوجب شيئا للأصل.

(٢) لظهور الأخبار المتقدمة في أنه فداء من جهة إحرامه ، وأما لو قتله المحل في الحرم فعليه ما ذكر في الموارد المنصوصة المتقدمة ، وما لا تقدير لفديته فعليه قيمته ، لصحيح سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الضبي شاة وفي البقرة بقرة وفي الحمار بدنة وفي النعامة بدنة ، وفيما سوى ذلك قيمته) (٢) وتثبت القيمة بتقويم عدلين عارفين ، وأما لو قتله المحرم في الحرم فيجتمع عليه الأمران لقاعدة تعدد السبب ويدل على الجميع صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (فإن أصبته وأنت حلال في الحرم فعليك قيمة واحدة ، وإن اصبته وأنت حرام في الحل فعليك القيمة ، وإن اصبته وأنت حرام في الحرم فعليك الفداء مضاعفا) (٣) ، وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إن قتل المحرم حمامة في الحرم فعليه شاة وثمن الحمامة درهم أو شبهه يتصدق به أو يطعمه حمامة مكة ، فإن قتلها في الحرم وليس بمحرم فعليه ثمنها) (٤).

(٣) لرفع الاثم ولا يجب غيره للأصل بعد عدم القيمة له.

(٤) قال الشارح في المسالك : (وإنما نسب ذلك إلى القيل ـ أي نسبه المحقق في الشرائع ـ لعدم وقوفه على مستنده ، فإن الشيخ رضوان الله عليه قال : هذا الحكم ذكره علي بن بابويه في رسالته ولم أجد به حديثا مسندا ، ثم اشتهر بين الأصحاب حتى كاد أن يكون اجماعا ، ولقد كان المتقدمون يرجعون إلى فتوى هذا الصدوق عند عدم النص إقامة لها

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث ٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ٥.

(٤) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ٣.

٥٥٨

مطلق التنفير وإن لم يخرج من الحرم ، وقيده المصنف في بعض تحقيقاته بما لو تجاوز الحرم ، وظاهرهم أن هذا حكم المحرم في الحرم (١) ، فلو كان محلا فمقتضى القواعد وجوب القيمة إن لم يعد ، تنزيلا له منزلة الاتلاف.

ويشكل حكمه مع العود (٢) ، وكذا حكم (٣) المحرم لو فعل ذلك في الحل ولو كان المنفّر واحدة ففي وجوب الشاة مع عودها وعدمه (٤) تساوي الحالتين وهو بعيد.

ويمكن عدم وجوب شي‌ء مع العود (٥) وقوفا فيما خالف الأصل على

______________________________________________________

ـ مقامه ، بناء على أنه لا يحكم إلا بما دل عليه النص الصحيح عنده ، وحينئذ فلا مجال للمخالفة هنا).

ثم إن هذا الحكم يشمل مطلق التنفير وإن لم يخرج من الحرم بل وإن لم يغب عن العين ، ولكن عن العلامة في التذكرة والشهيد في بعض تحقيقاته بما لو تجاوز الحرم والمراد بعودها رجوعها إلى محلها من الحرم.

(١) قد صرح سيد المدارك بخلافه حيث قال : (وإطلاق كلام المصنف وغيره يقتضي عدم الفرق في المنفّر بين أن يكون محلا أو محرما ، واحتمل بعض الأصحاب وجوب الفداء والقيمة إذا كان محرما في الحرم ، وهو بعيد جدا ، أما مع العود فواضح وأما مع عدمه فلأن مثل ذلك لا يعدّ إتلافا).

بل ظاهر كلام الشارح في المسالك خلاف ما قاله هنا في الروضة حيث قال هناك : (هذا الحكم على إطلاقه لا يناسب القواعد الماضية من وجوب الفداء على المحرم في الحل والقيمة على المحل في الحرم ، والأمرين معا على المحرم في الحرم ، والذي يطابقها منه أن يحمل الحكم المذكور على ما لو نفّرها المحرم في الحل ، فلو كان محلا في الحرم وجبت القيمة ، أو محرما في الحرم وجبت الشاة والقيمة ، خصوصا إذا لم يعد ، فإن ذلك منزل منزلة الإتلاف فيكون في حكم القاتل).

(٢) إذ مع العود فلا اتلاف فكيف حكم بالقيمة.

(٣) أي يشكل حكمه مع العود إلى مكانه لأنه لا يعتبر إتلافا فلم وجب عليه الفداء.

(٤) وجهان مبنيان على أن الحمام اسم جنس أو جمع فعلى الأول يتعلق الحكم المذكور بالواحدة دون الثاني ، وعن العلامة في القواعد وجماعة عدم وجوب الشاة في تنفير الواحدة مع العود حذرا من لزوم تساوي حالتي العود وعدمه مع أن مقتضى أصل الحكم الفرق بينهما.

(٥) أي عود الواحدة المنفّرة للأصل بعد كون الحكم المذكور في كلمات الأصحاب ناظرا إلى ـ

٥٥٩

موضع اليقين وهو الحمام ، وإن لم نجعله اسم جنس (١) يقع على الواحدة.

وكذا الإشكال لو عاد البعض خاصة وكان كل من الذاهب والعائد واحدة (٢). بل الإشكال في العائد وإن كثر (٣) ، لعدم صدق عود الجميع الموجب للشاة ، ولو كان المنفّر ، جماعة ففي تعدد الفداء عليهم ، أو اشتراكهم فيه ، خصوصا مع كون فعل كل واحد لا يوجب النفور وجهان وكذا (٤) في إلحاق غير الحمام به (٥) ، وحيث لا نص ظاهرا ينبغي القطع بعدم اللحوق ، فلو عاد فلا شي‌ء ، ولو لم يعد ففي إلحاقه بالاتلاف نظر ، لاختلاف الحقيقتين (٦) ، ولو شك في العدد بني على الأقل ، وفي العود (٧) على عدمه عملا بالأصل فيهما (٨).

(ولو أغلق على حمام وفراخ وبيض (٩) فكالإتلاف ، مع جهل الحال ، أو علم)

______________________________________________________

ـ الحمام بملاحظة قولهم ، ففي كل حمامة شاة من دون فرق بين كون الحمام جمع أو لا ، بل وإن قلنا إنه اسم جنس.

(١) بل وإن جعلناه فالمقصود من الحمام في الحكم المذكور عندهم هو الجمع لقرينة قولهم ففي كل حمامة شاة.

(٢) بحيث نفّر اثنتين فذهبت واحدة وعادت الأخرى ، فمع ذهاب الواحدة شاة مع أنه لو عادتا معا شاة أيضا فينشأ الإشكال من أن عدم عود الذاهبة وعودها على حد سواء ، وهو بعيد.

(٣) فالحكم المذكور متضمن لوجوب الشاة مع عود الجميع ، ففي عود البعض شاة أو شي‌ء لعدم النص فيه مع أصالة البراءة ، أو احتمال وجوب جزء من الشاة بنسبة الجميع فلو كان الجميع أربعا وعاد النصف فنصف شاة وهكذا ، وهذه الاحتمالات الثلاثة قد ذكرها الشارح في المسالك.

(٤) أي الوجهان.

(٥) كالظبي وغير الحمام من الطيور.

(٦) من الاتلاف وعدم العود.

(٧) أي ولو شك في العود.

(٨) قال سيد المدارك وقد أجاد : (والكلام في فروع هذه المسألة قليل الفائدة لعدم ثبوت مستند الحكم من أصله كما اعترف به الشيخ وغيره ، والمطابق للقواعد عدم وجوب شي‌ء مع العود ، ولزوم فدية التلف على الوجه المقرّر في حكم الإحرام مع عدمه إن نزّلنا التنفير مع عدم العود منزلة الإتلاف ، وإلا اتجه السقوط مطلقا).

(٩) والمستند فيه خبر يونس بن يعقوب (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل أغلق بابه على

٥٦٠