الزبدة الفقهيّة - ج ٣

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٣

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: دار الفقه للطباعة والنشر
المطبعة: سليمان‌زاده
الطبعة: ٥
ISBN: 964-8220-34-4
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٦٨٨

اكتساب وفائدة ، فيدخل تحت العموم ، (وأنكره ابن إدريس والعلامة) ، للأصل (١) والشك في السبب (٢) ، (والأول حسن) ، لظهور كونها غنيمة بالمعنى الأعم فتلحق

______________________________________________________

ـ عبد الله عليه‌السلام قال : (كتبت إليه في الرجل يهدي إليه مولاه والمنقطع إليه هدية تبلغ ألفي درهم أو أقل أو أكثر ، هل عليه فيها الخمس؟ فكتب عليه‌السلام : الخمس في ذلك) (١) الخبر.

نعم ورد في صحيح علي بن مهزيار عن أبي جعفر عليه‌السلام (ـ إلى أن قال ـ فأما الغنائم والفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام ، قال الله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‌ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبىٰ وَالْيَتٰامىٰ وَالْمَسٰاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ، إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللّٰهِ وَمٰا أَنْزَلْنٰا عَلىٰ عَبْدِنٰا يَوْمَ الْفُرْقٰانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعٰانِ ، وَاللّٰهُ عَلىٰ كُلِّ شَيْ‌ءٍ قَدِيرٌ) (٢).

فالغنائم والفوائد ـ يرحمك الله ـ فهي الغنيمة يغنمها المرء والفائدة يفيدها ، والجائزة من الإنسان التي لها خطر ، والميراث الذي لا يحتسب من غير أب ولا ابن ، ومثل عدو يصطلم فيؤخذ ماله ، ومثل مال يؤخذ ولا يعرف له صاحب) (٣) الخبر ، وتقييد الجائزة الخطيرة باعتبار أن التي لا خطر لها لا تبقى إلى آخر السنة غالبا ، ولو لا هذا الصحيح لحكم بوجوب الخمس في كل ميراث ، ولأجله جمعا بين الأدلة يستثنى الميراث ما عدا غير المحتسب ، كما إذا كان له رحم بعيد في بلد آخر لم يكن عالما به فمات ، وكان هو الوارث فإنه يخمس. ومما تقدم تعرف أن المهر من جملة الفوائد والغنائم للصدق العرفي فيجب خمسه ، ودعوى عدم الصدق ولذا لم يوجب فيه الخمس أحد ليس في محلها ، ولم يتضح لي محلها ، لأن الكثير من القدماء لم يتعرضوا له ، لا أنهم تعرضوا له وصرّحوا باستثنائه ولذا من تعرض له كصاحب نجاة العباد جعله من أفراد الفائدة كالهبة والهدية ، نعم استدل صاحب الحدائق على عدم الخمس فيه وأنه ليس بفائدة بأنه في قبال البضع فلا يصدق عنوان الغنم والفائدة عليه وفيه : إنه نظير الأجرة التي هي عوض العمل ، ومنه تعرف الحكم في عوض الخلع فإنه من جملة الفوائد فيجب فيه الخمس ودعوى أنه في قبال رفع سلطان الزوج عن الزوجة بالطلاق غير مفيدة لأنه نظير رفع اليد عن حق السبق وغيره فلو بذل له مال في قبال هذا الرفع لصدق عليه عنوان الغنيمة والفائدة.

(١) أي أصالة براءة الذمة عند الشغل.

(٢) في كونها اكتسابا.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب من يجب فيه الخمس حديث ١٠.

(٢) سورة الأنفال الآية ٤١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب من يجب فيه الخمس حديث ٥.

١٠١

بالمكاسب ، إذ لا يشترط فيها (١) حصوله (٢) اختيارا ، فيكون الميراث منه.

وأما العقود المتوقفة على القبول فأظهر ، لأن قبولها نوع من الاكتساب ومن ثم يجب القبول حيث يجب (٣) ، كالاكتساب للنفقة ، وينتفي حيث ينتفي ، كالاكتساب (٤) للحج ، وكثيرا ما يذكر الأصحاب أن قبول الهبة ونحوها اكتساب ، وفي صحيحة علي بن مهزيار عن أبي جعفر الثاني ، ما يرشد إلى الوجوب فيها (٥) ، والمصنف لم يرجح هذا القول إلا هنا ، بل اقتصر في الكتابين (٦) على مجرد نقل الاخلاف ، وهو يشعر بالتوقف.

(واعتبر المفيد في الغنيمة (٧) والغوص والعنبر) (٨) ذكره (٩) بعد الغوص تخصيص بعد التعميم ، أو لكونه أعم منه من وجه لإمكان تحصيله من الساحل ، أو عن وجه الماء ، فلا يكون غوصا كما سلف (عشرين دينارا عينا ، أو قيمة. والمشهور أنه لا نصاب للغنيمة) ، لعموم الأدلة ، ولم نقف على ما أوجب إخراجه لها منه (١٠) ، فإنه ذكرها مجردة عن حجة ، وأما الغوص فقد عرفت أن نصابه

______________________________________________________

(١) أي في الغنيمة بالمعنى الأعم أي الفائدة.

(٢) أي حصول الغنم.

(٣) أي يجب الاكتساب.

(٤) حيث لا يجب لأنه شرط الوجوب لا الواجب.

(٥) أي في الثلاثة ، نعم الصحيح لم يدل على مطلق الميراث كما تقدم هذا من جهة ومن جهة أخرى أشكل عليه بأن الصدقة والهدية لا تندرجان تحت الجائزة الواردة في الرواية لغة ، وفيه : إن الهدية داخلة وبدخولها يستكشف مناط الخمس في الصدقة إذا المدار على مطلق الفوائد والغنائم وهذا يشمل الصدقة وكذا نماء الوقف والمنذور والموصى إليه وكل ما يدخل في ملكه حتى حيازة المباحات وأجرة العبادات وغيرها.

(٦) الدروس والبيان.

(٧) أي غنيمة الحرب ، فاعتبر المفيد في الغرية النصاب وهو عشرون دينارا ، وهو ضعيف لعدم الدليل عليه كما صرح بذلك في الجواهر ، والمشهور عدم النصاب فيه لإطلاق الآية.

(٨) قد تقدم أن المفيد اعتبر النصاب فيه عشرين دينارا ومستنده غير ظاهر ، والمشهور على أن النصاب هو دينار وقد تقدم دليلهم.

(٩) أي العنبر.

(١٠) أي إخراج المفيد لغنيمة الحرب عن عموم الأدلة.

١٠٢

دينار ، للرواية عن الكاظم (١) (ع) وأما العنبر فإن دخل فيه فبحكمه وإلا فبحكم المكاسب (٢). وكذا كل ما انتفى فيه الخمس من هذه المذكورات لفقد شرط ولو بالنقصان عن النصاب (٣).

(ويعتبر) في وجوب الخمس في (الأرباح) إخراج (مئونته ومئونة عياله) (٤)

______________________________________________________

(١) وهي خبر محمد بن علي بن عبد الله (١) ، وقد تقدمت في الغوص.

(٢) فلا نصاب له لعموم أدلة خمس المكاسب.

(٣) فيدخل في المكاسب.

(٤) بلا خلاف فيه ويدل عليه الأخبار منها : صحيح ابن مهزيار عن أبي جعفر الثاني عليه‌السلام (الخمس بعد المئونة) (٢) ، والمراد من المئونة ما يعم مئونة نفسه وعياله ومئونة تحصيل الربح ، إذ لا يصدق الربح والفائدة إلا بعد إخراج مئونة الربح ، ولخبر ابن شجاع عن أبي الحسن الثالث عليه‌السلام (عن رجل أصاب من ضيعته من الحنطة مائة كر ما يزكى ، فأخذ منه العشر عشرة أكرار ، وذهب منه بسبب عمارة الضيعة ثلاثون كرا ، وبقي في يده ستون كرا ، ما الذي يجب لك من ذلك؟ وهل يجب لأصحابه من ذلك عليه شي‌ء؟ فوقع لي منه : الخمس مما يفضل من مئونته) (٣).

ومكاتبة يزيد في تفسير الفائدة (الفائدة من يفيد إليك في تجارة من ربحها ، وحرث بعد الغرام ، أو جائزة) (٤).

فرع : لو اتخذ رأس مال للتجارة فهل يجب تخميسه قبل اتخاذه ، أو لا يجب تخميسه مطلقا لأنه من المؤن لتحصيل الربح ، قيل بالأول ، لأنه ليس من المئونة ، والعرف على خلافه إذ الصدق العرفي على أنه من المئونة لا يحتاج إلى كلام.

وقيل : بأنه إذا كان بمقدار مئونة سنته فلا خمس فيه وإلا فالخمس في الزائد ، وهو تفصيل لا يساعد عليه الدليل ، وقيل : بأن رأسمال المتخذ للتجارة لا خمس فيه مطلقا ، لأنه من مئونة تحصيل الربح ، والدليل يقتضي أن كل رأسمال ، وكذا آلات العمل كالآلات عند الزارع والصانع إذا كان ربحها لا قيمتها بمقدار مئونة السنة اللائقة بحاله فلا خمس فيها ، وإذا كان ربحها والاستفادة منها أزيد من مئونة السنة ، فيجب تخميس ما ينتج أزيد من المئونة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب من يجب فيه الخمس حديث ٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب من يجب فيه الخمس حديث ١.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب من يجب فيه الخمس حديث ٢ و ٧.

١٠٣

الواجبي النفقة وغيرهم حتى الضيف (مقتصدا) فيها أي : متوسطا بحسب اللائق بحاله عادة ، فإن أسرف حسب عليه ما زاد (١) ، وإن قتر حسب له ما نقص (٢) ، ومن المئونة هنا الهدية والصلة اللائقان بحاله ، وما يؤخذ منه في السنة قهرا ، أو يصانع به الظالم اختيارا ، والحقوق اللازمة له بنذر ، وكفارة ، ومئونة تزويج ، ودابة ، وأمة ، وحج واجب إن استطاع عام الاكتساب ، وإلا وجب (٣) في الفضلات السابقة على عام الاستطاعة (٤) ، والظاهر أن الحج المندوب ، والزيارة ، وسفر الطاعة كذلك ، والدين المتقدم والمقارن لحول الاكتساب من المئونة (٥) ، ولا يجبر التالف من المال بالربح وإن كان في عامه (٦).

______________________________________________________

ـ فلو كان عنده رأسمال يعطي ربحا زائدا عن مئونته ضعفين ، فيخمس نصفه ، لأن النصف الأول من مئونة تحصيل الربح اللائق بحاله بدليل أنه محتاج إلى صرفه في مئونته ومئونة عياله ، وهكذا ، وأما النصف الآخر فهو من مئونة تحصيل الربح الزائد عن حاله فيجب تخميسه حينئذ.

وأما مئونة نفسه ومئونة عياله فهي كل ما يصرفه في جلب المحبوب ودفع المكروه وما يحتاج إلى صرفه كسد دين أو القيام بالمستحبات بل والمباحات ، بحسب شأنه اللائق بحاله ، لأن المئونة يرجع فيها إلى المعنى العرفي بعد عدم تحديد معناها لا في الكتاب ولا في السنة.

فالاستشكال في كون الهدية والصلة ومئونة الحج المندوب وسائر سفر الطاعة المندوبة أنها من المئونة أو لا ليس في محله ، وكذا الإشكال في ما يصرفه على الضيف بحسب شأنه وإن لم يكن معتادا لا باستقبال الضيوف ولا مضطرا إلى ذلك ، فما عن ابن فهد من تقييد الضيافة المعدودة من المئونة بالاعتياد والضرورة ليس في محله.

(١) لأن لفظ المئونة الوارد في الأخبار محمول على المتعارف.

(٢) وفيه : إن لفظ المئونة الوارد في الأخبار ظاهر في المئونة الفعلية لا المئونة بالقوة حتى يحسب له ما نقص ، بل مع التقتير لا خمس في ما صرفه وفي الباقي يجب الخمس.

(٣) أي الخمس.

(٤) لمرور الحول عليها.

(٥) أي وفاء الدين.

(٦) أي لو تلف بعض المال كما لو سرق فلا يجبر من ربح التجارة وإن كان ربح التجارة في نفس العام وذلك لعدم صدق المئونة على التالف حتى يستثنى من المال قبل الخمس ، ولصدق الربح على الجميع حتى على التالف فيجب حينئذ خمس ربحه.

١٠٤

وفي جبر خسران التجارة بربحها في الحول وجه (١) قطع به المصنف في الدروس ، ولو كان له مال آخر لا خمس فيه ففي أخذ المئونة منه أو من الكسب ، أو منهما بالنسبة أوجه ، وفي الأول احتياط (٢) ، وفي الأخير عدل (٣) ، وفي الأوسط (٤) قوة ، ولو زاد بعد تخميسه زيادة متصلة أو منفصلة وجب خمس الزائد (٥) ، كما يجب خمسه (٦) مما لا خمس في أصله ، سواء أخرج الخمس أولا من العين ، أم من القيمة ، والمراد بالمئونة هنا مئونة السنة (٧) ، ومبدؤها ظهور الربح (٨) ،

______________________________________________________

ـ وفيه : إنه إذا تلف بسبب تحصيل الربح فالعرف هو الحاكم على أن الربح لا يصدق على الجميع ، هذا فضلا على أن الدليل قد دل أن الخمس في مطلق الفائدة بعد المئونة ، ومع التلف لا تصدق الفائدة إلا على الباقي فالأقوى الجبران.

(١) وبيانه أنه لا يصدق عنوان الربح عرفا في تلك السنة إلا بعد وضع الخسران من الربح ، وكذا لو كان عنده عدة أنواع من التجارة فخسر في بعضها وربح في البعض الآخر فلا يصدق أنه ربح في هذه السنة إلا بعد الجبران ، بل وكذا لو كان عنده تجارة وزراعة أو تجارة وصناعة أو صناعة وزراعة فخسر في بعضها وربح في الآخر كل ذلك لأن عموم أدلة الخمس على الفائدة وهي لا تصدق إلا بعد الجبران.

(٢) وإليه ذهب الأردبيلي للاحتياط ولإطلاق أدلة الخمس ، إذ المتبادر من أن الخمس بعد المئونة إنما هو في صورة الاحتياج إلى الربح وفرضنا ليس منه.

(٣) كما عن الشهيدين في الدروس والمسالك للعدل.

(٤) وإليه ذهب المتأخرون لإطلاق ما تضمن أن الخمس بعد المئونة الشامل لصورتي وجود مال آخر وعدمه ومنه تصرف ضعف القولين السابقين.

(٥) لأنه فائدة فتشمله أدلة وجوب الخمس.

(٦) أي خمس الزائد المتصل أو المنفصل.

(٧) جمعا بين ما دل على أن الخمس بعد المئونة وبين صحيح علي بن مهزيار (فأما الغنائم والفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام) (١).

(٨) وقع الخلاف في مبدأ السنة التي يكون الخمس بعد خروج مئونتها ، فذهبت جماعة منهم الشهيد في ظاهر الدروس وصاحب الحدائق والشيخ الأعظم إلى أن الربح الحاصل إذا كان من تجارة أو صناعة أو زراعة فمبدأ السنة من حين الشروع في التكسب وإن لم يظهر الربح ، وإذا كان الربح من غير ذلك كالهبة والميراث الذي لا يحتسب ونحوهما فمن حين ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب من يجب فيه الخمس حديث ٥.

١٠٥

ويتخير بين تعجيل إخراج (١) ما يعلم زيادته عليها (٢) ، والصبر به إلى تمام الحول ، لا لأن الحول معتبر فيه (٣) ، بل لاحتمال زيادة المئونة ، ونقصانها ، فإنها مع تعجيله (٤) تخمينية ، ولو حصل الربح في الحول تدريجا اعتبر لكل خارج حول بانفراده (٥). نعم توزع المئونة في المدة المشتركة بينه ، وبين ما سبق عليهما ، ويختص

______________________________________________________

ـ ظهور الربح ، لا من أجل الاختلاف في مفهوم عام الربح بل المفهوم واحد وإنما الاختلاف من ناحية الانطباق حيث ينطبق عام الربح على الأول من حين التكسب ولا ينطبق على الثاني إلا بعد ظهور الربح.

وذهب الشارح في المسالك والروضة وسيد المدارك من كون مبدأ السنة هو ظهور الربح مطلقا ومال إليه صاحب الجواهر بدعوى أنه المنساق من النصوص.

والإنصاف عدم ورود لفظ عام الربح في الأخبار ، وإنما الوارد هو لفظ العام كما في صحيح علي بن مهزيار وقد ورد أن الخمس بعد المئونة ، مع العلم بأن الخمس إنما هو على مطلق الفائدة أو على ما يتكسب على الخلاف المتقدم ، وعام الفوائد ظاهر في وقت ظهور الربح ، وعام التكسب ظاهر من حين التكسب ، إلا أن الأقوى أن المدار على الفوائد لا على التكسب فيكون العام من حين ظهور الربح.

هذا كله بالنسبة لمئونته ومئونة عياله هل تحسب من الأرباح المستجدة فيما بعد لو صرفها من حين التكسب إلى حين ظهور الربح ، وأما ما يصرفه من مئونة على تحصيل الربح في تجارته أو صناعته أو زراعته فلا بد أن يستثنى من الربح الحاصل منها لعدم صدق الغنيمة والفائدة إلا بعد وضع ما صرفه ، هذا من جهة ومن جهة أخرى يجوز للمكلف أن يجعل يوما ما أوّل سنته ما دامت السنة للإرفاق بالمالك ، بعد تخميس ما تقدم على هذا اليوم ولا إشكال فيه ولا محذور.

(١) أي إخراج الخمس.

(٢) أي ما يعلم زيادة الربح على المئونة.

(٣) أي في خمس أرباح المكاسب.

(٤) أي فإن المئونة مع تعجيل الخمس تخمينية.

(٥) ذهب الشهيد في الدروس إلى عدم اعتبار الحول لكل تكسب ، بل إذا تحدد مبدأ السنة بظهور الربح فكل الأرباح في هذه السنة تحسب بحساب واحد بحيث يخرج منها المئونة ويخمس الفاضل ، وتبعه عليه صاحب الحدائق ومال إليه سيد المدارك وغيرهم لأنه المنساق والمتبادر من صحيح ابن مهزيار المتقدم (فأما الغنائم والفوائد فهي واجبة عليهم ـ

١٠٦

بالباقي (١) ، وهكذا. وكما لا يعتبر الحول هنا لا يعتبر النصاب ، بل يخمس الفاضل وإن قل (٢) ، وكذا غير ما ذكر له نصاب أما الحول فمنفي عن الجميع (٣) والوجوب في غير الأرباح مضيق (٤).

(ويقسم) الخمس (ستة أقسام) على المشهور (٥) عملا بظاهر الآية وصريح الرواية،

______________________________________________________

ـ في كل عام) (١) لأنه ظاهر في جعل عام واحد لكل المكاسب ، ومنه تعرف ضعف ما ذهب إليه الشارح في المسالك والروضة من جعل عام لكل ربح ، وبناء على الأول فتكون مئونة جميع السنة مستثناة من جميع الأرباح بخلاف الثاني فإن المئونة بعد ربح تكون منه ، وبعد ربحين تكون منهما وهكذا.

(١) أي ويختص الربح الأول بالباقي من المؤن.

(٢) لإطلاق الأخبار المتقدمة.

(٣) أي جميع الأقسام التي يجب فيها الخمس.

(٤) لا على نحو الفورية لأن الأمر لا يدل عليها ، بل لا يجوز التأخير الموجب للإهمال ، هذا في غير أرباح المكاسب ، وأما في أرباح المكاسب فقد عرفت أن السنة للإرفاق بالمالك حتى يكون الخمس على ربحه بعد مئونته كما هو صريح الأخبار وقد تقدم بعضها ، وإن كان أصل تشريع الخمس يدل على الخمس منذ ظهور الربح من دون إرفاق للمالك لسنة كما هو مفاد الآية الشريفة المتقدمة.

(٥) لقوله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‌ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبىٰ وَالْيَتٰامىٰ وَالْمَسٰاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) (٢) ، ولمرسل ابن بكير عن أحدهما عليهما‌السلام في تفسير الآية (خمس الله عزوجل للإمام ، وخمس الرسول للإمام ، وخمس ذوي القربى لقرابة الرسول الإمام ، واليتامى يتامى آل الرسول ، والمساكين منهم وأبناء السبيل منهم فلا يخرج منهم إلى غيرهم) (٣) ومرسل أحمد بن محمد قال (الخمس من خمسة أشياء. إلى أن قال. فأما الخمس فيقسم على ستة أسهم : سهم لله ، وسهم للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسهم لذوي القربى ، وسهم لليتامى وسهم للمساكين ، وسهم لأبناء السبيل ، فالذي لله فلرسول الله فرسول الله أحق به فهو له خاصة ، والذي للرسول هو لذي القربى والحجة في زمانه ، فالنصف له ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب من يجب فيه الخمس حديث ٥.

(٢) سورة الأنفال الآية : ٤١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب قسمة الخمس حديث ٢.

١٠٧

(ثلاثة) منها (للإمام عليه‌السلام) وهو سهم الله ورسوله وذي القربى ، وهذا السهم وهو نصف الخمس (يصرف إليه إن كان حاضرا ، أو إلى نوابه) (١) وهم الفقهاء

______________________________________________________

ـ خاصة ، والنصف لليتامى والمساكين وأبناء السبيل من آل محمد عليهم‌السلام الذين لا تحل لهم الصدقة ولا الزكاة عوضهم الله مكان ذلك بالخمس) (١).

وعن بعض أصحابنا ، ولم يعرف القائل كما في المسالك وغيرها ، وربما نسب إلى ابن الجنيد أنه يقسّم خمسة أسهم بحذف سهم الله لصحيح ربعي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا أتاه المغنم ـ إلى أن قال ـ ثم قسّم الخمس الذي أخذه خمسة أخماس ، يأخذ خمس الله عزوجل لنفسه ، ثم يقسم الأربعة أخماس بين ذوي القربى واليتامى والمساكين وأبناء السبيل ، يعطي كل واحد منهم حقا ، وكذلك الإمام يأخذ كما يأخذ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) (٢) وهو ظاهر في سقوط سهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا سهم الله كما هو المدعى ، وهو محمول على التقية لموافقته أكثر العامة ، أو على أن ذلك منه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم توفير على المستحقين كما عن الشيخ في الاستبصار.

(١) اختلف الأصحاب في نصف الخمس الراجع إلى الإمام عليه‌السلام ، فقيل : بإباحته للشيعة مطلقا كما عن سلّار الديلمي في المراسم والمدارك والذخيرة والمفاتيح والوافي والحدائق ، وعن كشف الرموز نسبته إلى قوم من المتقدمين ، وفي الحدائق نسبته إلى جملة من معاصريه اعتمادا على نصوص تحليل الخمس ، وهي محمولة على ما سيأتي أو معرض عنها بين الأصحاب.

وقيل : بوجوب عزله وإيداعه والوصية به عند الموت كما عنه المقنعة للمفيد والحلبي والقاضي والحلي ، وفي المنتهى نسبته إلى جمهور أصحابنا ، عملا بالقواعد المعوّل عليها في المال المعلوم مالكه مع عدم إمكان إيصاله إليه ، وفيه إن ذلك مظنة الخطر والضرر في أكثر الأوقات فيكون تفريطا في مال الغير.

وقيل : بوجوب دفنه كما عن بعض الأصحاب وحكاه عنه في المقنعة والنهاية والمنتهى ، اعتمادا على أنه أحفظ ، ولما روي من أن الأرض تخرج كنوزها للحجة عليه‌السلام عند ظهوره (٣).

وفيه : إنه تفريط بمال الغير لأن مظنة الضرر والتلف هنا آكد ، مضافا إلى أن الاستفادة من الرواية بوجوب الدفن مشكل جدا لأنه غير ظاهر منها.

وقيل : بوجوب صرفه على المحتاجين من الذرية الطاهرة ، كما عن المفيد في الغرية ،

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب قسمة الخمس حديث ٩.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب قسمة الخمس حديث ٣.

(٣) الاحتجاج ج ٢ ص ١٠.

١٠٨

...

______________________________________________________

ـ والشرائع والمهذب لابن فهد ، وقيل : إنه المشهور بين المتأخرين لمرسل حماد عن العبد الصالح عليه‌السلام (ونصف الخمس الباقي بين أهل بيته ، فهم ليتاماهم وسهم لمساكينهم وسهم لأبناء سبيلهم ، يقسّم بينهم على الكتاب والسنة يستغنون به في سنتهم ، فإن فضل عنهم شي‌ء فهو للوالي ، فإن عجز أو نقص عن استغنائهم كان على الوالي أن ينفق من عنده بقدر ما يستغنون به ، وإنما صار عليه أن يمونهم لأن له ما نقل عنهم) (١) ومرسل أحمد بن محمد المرفوع (عوضهم الله مكان ذلك بالخمس فهو يعطيهم على قدر كفايتهم ، فإن فضل شي‌ء فهو له ، وإن نقص عنهم ولم يكفهم أتمهم لهم من عنده ، كما صار له الفضل كذلك يلزمه النقصان) (٢) ، وهما ظاهران بصورة بسط اليد ووصول الخمس إليه عليه‌السلام بأجمعه ، والإنصاف أنهما يدلان على جواز صرف السهم المبارك في حاجة الذرية الطاهرة وأنهم أحد مصارفه.

وقيل : بالتمييز بين إيداعه والوصية به عند الموت وبين دفنه ، كما عن الشيخ في النهاية ، وقيل بالتمييز بين دفنه وبين إيداعه على النحو المتقدم وبين صلة الأصناف مع إعوازهم كما عن الشهيد في الدروس ، وقيل : بين إيداعه على النحو المتقدم وبين قسمته على الأصناف مع إعوازهم كما عن المختلف وغيره ، وعن ابن حمزة وجوب صرفه في فقراء الشيعة مطلقا وإن لم يكونوا من السادة لما ورد في مرسلة حماد بالنسبة للزكاة (فإن فضل من ذلك شي‌ء ردّ إلى الوالي ، وإن نقص من ذلك شي‌ء ولم يكتفوا به كان على الوالي أن يمونهم من عنده بقدر سعتهم حتى يستغنوا) (٣) ولخبر محمد بن يزيد عن أبي الحسن الأول عليه‌السلام (من لم يستطع أن يصلنا فليصل فقراء شيعتنا) (٤) ومرسل الصدوق عن الصادق عليه‌السلام (من لم يقدر على صلتنا فليصل صالحي موالينا يكتب له ثواب صلتنا) (٥) ، والأخير ظاهر في الصلة المستحبة ، وقيل : بإجراء حكم مجهول المالك عليه كما عن الجواهر ، إذ العلم بالنسب لا يخرجه عن كونه مجهولا ، بل المناط في مجهول المالك هو تعذر إيصال المال إليه فلا بدّ من التصدق به عنه. وفيه : إنه متعين لو لم يقطع برضاه بصرفه في جهة معينة وسيأتي الكلام فيه.

وقيل : بوجوب دفعه إلى الفقيه الجامع للشرائط كما عن الفاضلين والشهيدين وغيرهم بل ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب قسمة الخمس حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب قسمة الخمس حديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب مستحقي الزكاة حديث ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ٥٠ ـ من أبواب الصدقة حديث ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ٥٠ ـ من أبواب الصدقة حديث ٣.

١٠٩

العدول الإماميون الجامعون لشرائط الفتوى ، لأنهم وكلاؤه ، ثم يجب عليهم فيه ما يقتضيه مذهبهم ، فمن يذهب منهم إلى جواز صرفه إلى الأصناف على سبيل التتمة كما هو المشهور بين المتأخرين منهم يصرفه على حسب ما يراه ، من بسط (١) ، وغيره ، ومن لا يرى ذلك يجب عليه أن يستودعه له إلى ظهوره ، فإذا حضرته الوفاة أودعه من ثقة ، وهكذا ما دام غائبا ، (أو يحفظ) أي يحفظه من يجب عليه بطريق الاستيداع كما ذكرناه في النائب وليس له أن يتولى إخراجه بنفسه إلى الأصناف مطلقا (٢) ، ولا لغير الحاكم الشرعي ، فإن تولاه غيره ضمن (٣) ويظهر

______________________________________________________

ـ نسب إلى أكثر العلماء وإلى أكثر المتأخرين ، إما لعموم ولايته وإما لأنه أبصر بمواقعه وأعرف بمواضعه ، وفيه : أما الولاية فهي مقتصرة على فصل الخصومة بين المتنازعين بحسب ما يستفاد من الأدلة ، ولا تدل هذه الأدلة على أكثر من ذلك ، وأما الثاني فلا نسلم به على إطلاقه.

وقيل : بأن المدار على تحصيل الرضا قطعا أو اطمئنانا ، بحيث لو حصل الرضا بالتصرف بماله فهو أولى من جميع الوجوه السابقة التي في بعضها اتلاف للمال وتضييع ، وهذا القول إن لم يكن أقوى فهو أحوط بحيث أن المكلف قاطع أو مطمئن بأن الإمام لو كان حاضرا فهو راض بهذا التصرف في ماله.

وتحصيل الرضا يتحقق فيما لو صرف السهم المبارك في إقامة دعائم الدين ومئونة طلبة العلوم الدينية ، وسدّ عوز الفقراء من شيعته ، وإن كان غير هاشمي مع ترجيح الهاشمي لاحتمال مزية نسبه ، وهذا التصرف غير متوقف على إذن الفقيه الجامع للشرائط فضلا عن إذن الأعلم أو إذن المقلّد كما قد شاع في عصورنا المتأخرة فإن كل ذلك من دون دليل ظاهر على هذا الاشتراط بعد عدم عموم ولايته.

(١) فلا يجب البسط على الأصناف بل يجوز إعطاء تمام سهم السادة لواحد من الأصناف الثلاثة على المشهور لصحيح البزنطي عن الإمام الرضا عليه‌السلام (أفرأيت إن كان صنف من الأصناف أكثر ، وصنف أقل ، ما يصنع به؟ قال عليه‌السلام : ذلك إلى الإمام ، أرأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كيف يصنع؟ أليس إنما كان يعطى على ما يرى ، كذلك الإمام) (١).

وما الشيخ في المبسوط والحلبي من وجوب البسط فهو ضعيف لما تقدم من الخبر.

(٢) سواء وجد نائب الإمام أو لا.

(٣) وقد عرفت ضعفه.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب قسمة الخمس حديث ١.

١١٠

من إطلاقه صرف حقه عليه‌السلام إلى نوابه أنه لا يحل منه حال الغيبة شي‌ء لغير فريقه (١) والمشهور بين الأصحاب ومنهم المصنف في باقي كتبه وفتاواه استثناء المناكح والمساكن والمتاجر من ذلك (٢) ، فتباح هذه الثلاثة مطلقا (٣) والمراد من الأول

______________________________________________________

(١) أي غير بني هاشم من الفقراء والمساكين وأبناء السبيل.

(٢) أي من الخمس.

(٣) في حال حضور الإمام وغيبته ، فقد اشتهر في كلمات الأصحاب تحليل المناكح والمساكن والمتاجر ، وظاهر البعض اختصاص ذلك بالمناكح دون المساكن والمتاجر ، واختلفت كلماتهم في أن الاستثناء المذكور هل هو من الأنفال أو من حقهم من الخمس عليهم‌السلام أو من الخمس مطلقا ، والإنصاف أن غالبهم ناظر إلى الاستثناء من الأنفال دون الخمس.

ثم اختلفت كلماتهم في المراد من المناكح والمساكن والمتاجر.

ففي المناكح قيل : إنها السراري المسبية من أهل الحرب إذا كانت الغنيمة بغير إذن الإمام ، وقيل : إنها ثمن السراري ومهر الزوجة من أرباح المكاسب وفي المساكن قيل : إنها المساكن التي تغنم من الكفار إذا كانت الغنيمة بغير إذنه ، وقيل : إنها المبنية في أرض الأنفال ، وقيل : إنها المساكن التي بنيت أو اشتريت من أباح المكاسب.

وفي المتاجر : ما يشترى من الغنائم المأخوذة من أهل الحرب إذا كانت الغنيمة بغير إذنه ، وعن ابن إدريس أنه ما يشترى من الأموال التي قد تعلق بها الخمس إذا اشتراها ممن لا يخمس أو لا يعتقد الخمس فلا يجب على المشتري إخراج الخمس إلا أن يتجر فيه ويربح ، وسبب الاختلاف في ذلك ورود أخبار التحليل ، فبعضهم حملها على تحليل الأنفال ، ولازمه حل الأنفال مطلقا سواء كان في هذه الأمور الثلاثة أو غيرها ، ولا داعي لتخصيص الثلاثة إلا إذا كان التخصيص لأنها عامة البلوى.

وبعضهم حملها على تحليل الأنفال وتحليل حق الإمام من الخمس الذي هو سهم الإمام ، ولذا فسرت الثلاثة أو بعضها بما اشترى من أرباح المكاسب وعليه فلا بد من استعراض أدلة ونصوص التحليل. قال في الجواهر (بل يخشى على من أمعن النظر فيها ـ أي في تفاسير المساكن والمناكح والمتاجر في كلمات الأصحاب ـ مريدا إرجاعها إلى مقصد صحيح من بعض الأمراض العظيمة قبل أن يأتي بشي‌ء ، وظني أنها كذلك مجملة عند كثير من أصحابها ، وإن تبعوا في هذه الألفاظ بعض من تقدمهم ممن لا يعلمون مراده ، وليتهم تركونا والأخبار) وهي كثيرة.

منها : صحيح الحارث بن المغيرة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قلت له : إن لنا أموالا من غلات وتجارات ونحو ذلك ، وقد علمت أن لك فيها حقا ، قال عليه‌السلام : فلم أحللنا إذا ـ

١١١

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ لشيعتنا إلا لتطيب ولادتهم ، وكل من والى آبائي فهم في حل مما في أيديهم من حقنا ، فليبلغ الشاهد الغائب) (١).

وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (إن أمير المؤمنين عليه‌السلام حللهم من الخمس ـ يعني الشيعة ـ ليطيب مولدهم) (٢) وصحيح الفضلاء ـ أبي بصير وزرارة ومحمد بن مسلم ـ عن أبي جعفر عليه‌السلام (قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام : هلك الناس في بطونهم وفروجهم ، لأنهم لم يؤدوا إلينا حقنا ، ألا وإن شيعتنا من ذلك وآباءهم في حل) (٣) وموثقة يونس بن يعقوب (كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام فدخل عليه رجل من القماطين فقال : جعلت فداك ، تقع في أيدينا الأرباح والأموال وتجارات نعرف أن حقك فيها ثابت ، وإنا عن ذلك مقصرون ، فقال : ما أنصفناكم إن كلفناكم ذلك اليوم) (٤) وصحيح علي بن مهزيار (قرأت في كتاب لأبي جعفر عليه‌السلام من رجل يسأله أن يجعله في حل من مأكله ومشربه من الخمس ، فكتب بخطه : من أعوزه شي‌ء من حقي فهو في حل) (٥) وخبر ضريس الكناسي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أتدري من أين دخل على الناس الزنا؟ فقلت : لا أدري؟ فقال : من قبل خمسنا أهل البيت ، إلا لشيعتنا الأطيبين ، فإنه محلل لهم ولميلادهم) (٦) ، وخبر أبي خديجة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال رجل وأنا حاضر : حلل لي الفروج ، ففزع أبو عبد الله عليه‌السلام ، فقال له رجل : ليس يسألك أن يعترض الطريق ، إنما يسألك خادما يشتريها أو امرأة يتزوجها ، أو ميراثا يصيبه ، أو تجارة أو شيئا أعطيه ، فقال عليه‌السلام : هذا لشيعتنا حلال ، الشاهد منهم والغائب ، والميت منهم والحي ، وما يولد منهم إلى يوم القيامة فهو لهم حلال) (٧).

وخبر حكيم مؤذن ابن عيسى عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قلت له : (وَاعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‌ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ ...) ، قال : هي والله الإفادة يوما بيوم ، إلا أن أبي جعل شيعتنا من ذلك في حل ليزكوا) (٨) وصحيح عمر بن يزيد (رأيت أبا سيار مسمع بن عبد الملك بالمدينة وكان قد حمل إلى أبي عبد الله عليه‌السلام مالا في تلك السنة فرده عليه ، فقلت له : لم ردّ عليك أبو عبد الله عليه‌السلام المال الذي حملته إليه؟ فقال إني قلت له حين حملت إليه المال : إني كنت وليت الغوص فأصبت أربعمائة ألف درهم ، وقد جئت بخمسها إليك ثمانين الف درهم ، وكرهت أن أحبسها عنك ، وأعرض لها وهي حقك الذي جعل الله تعالى لك في أموالنا ، فقال : وما لنا من الأرض وما أخرج الله منها إلا

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب الأنفال حديث ٩ و ١٥.

(٣ و ٤ و ٥ و ٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب الأنفال حديث ١ و ٦ و ٢ و ٣ و ٤.

(٨) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب الأنفال حديث ٨.

١١٢

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ الخمس؟ يا أبا سيار ، الأرض كلها لنا فما أخرج الله منها في شي‌ء فهو لنا ، قلت له : أنا أحمل إليك المال كله ، فقال لي : يا أبا سيار قد طيبناه لك وحللناك منه فضم إليك مالك ، وكل ما كان في أيدي شيعتنا من الأرض فهم فيه محللون ويحلّ لهم ذلك إلى أن يقوم قائمنا ، فيجيبهم طسق ما كان في أيدي سواهم ، فإن كسبهم من الأرض حرام عليهم حتى يقوم قائمنا فيأخذ الأرض من أيديهم ويخرجهم منها صغرة) (١) ، نعم هذه الأخبار قد حملت على تحليل حق الإمام فقط كما عن صاحب الحدائق وجماعة ، جمعا بينها وبين ما دل على وجوب الخمس ، وللتصريح بكون التحليل لخصوص حقه عليه‌السلام كما وقع في صحيح ابن مهزيار المتقدم (من أعوزه شي‌ء من حقي فهو في حل) ولخبر أبي حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام (إن الله جعل لنا أهل البيت سهاما ثلاثة في جميع الفي‌ء فقال تبارك وتعالى : واعلموا أنما غنمتم من شي‌ء ... الآية ، فنحن أصحاب الخمس والفي‌ء ، وقد حرمناه على جميع الناس ما خلا شيعتنا ، والله يا أبا حمزة ما من أرض تفتح ولا خمس يخمّس فيضرب على شي‌ء منه إلا كان حراما على من يصيبه ، فرجا كان أو مالا) (٢) ، وفيه : إن الأخبار الكثيرة التي تقدم بعضها ظاهرة بل صريحة في تمام الخمس لا خصوص حقه فيه ، على أنه يمكن حمل هذين الخبرين على خصوص حقه من الفي‌ء والغنائم لأن الغنيمة بغير إذنه ملك له ومع هذا الحل يسقط الاستدلال بها على تحليل حقهم من سهم الإمام من خمس جميع الأصناف بما فيها أرباح المكاسب.

وعن ابن الجنيد حمل أخبار التحليل من إمام ذلك العصر عليه‌السلام خاصة في حقه فيكون مختصا بزمانه فلا يتناول زماننا ، ويدفعه التصريح بكون التحليل إلى ظهور القائم عليه‌السلام أو إلى يوم القيامة كما في بعض الأخبار المتقدمة على أنه قد أباح صاحب الزمان (صلوات الله عليه وعجل الله تعالى فرجه) الخمس لشيعته في التوقيع الوارد في كتاب إكمال الدين عن إسحاق بن يعقوب (فيما ورد عليه من التوقيعات بخط صاحب الزمان عليه‌السلام ، وأما الخمس فقد أبيح لشيعتنا ، وجعلوا منه في حل إلى أن يظهر أمرنا لتطيب ولادتهم ولا تخبث) (٣).

ثم إن أخبار التحليل لا يمكن حملها على تحليل الخمس منهم عليهم‌السلام لشيعتهم زمن قصور بسط اليد ، وذلك لمعارضتها للكثير من الأخبار الدالة على إخراج الخمس كخبر حفص عن أبي عبد الله عليه‌السلام (خذ مال الناصب حيثما وجدته وادفع إلينا الخمس) (٤) ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب الأنفال حديث ١٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب الأنفال حديث ١٩.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب الأنفال حديث ١٦.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب ما يجب من الخمس حديث ٦.

١١٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ وخبر عمار بن مروان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (فيما يخرج من المعادن والبحر والغنيمة والحلال المختلط بالحرام إذا لم يعرف صاحبه والكنوز والخمس) (١). وخبر الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الكنز ، كم فيه؟ فقال : الخمس) (٢) وصحيح ابن مهزيار عن محمد بن الحسن الأشعري (كتب بعض أصحابنا إلى أبي جعفر الثاني عليه‌السلام : أخبرني عن الخمس ، أعلى جميع ما يستفيد الرجل من قليل أو كثير من جميع الضروب وعلى الصنّاع؟ وكيف ذلك؟ فكتب بخطه : الخمس بعد المئونة) (٣) ، وتقدم الكثير منها.

بالإضافة إلى الأخبار الكثيرة التي صرحت بعدم إباحة شي‌ء من خمس مع وجود أخبار التحليل بين أيدي الأصحاب ، منها : خبر محمد بن زيد الطبري (كتب رجل من تجار فارس من بعض موالي أبي الحسن الرضا عليه‌السلام يسأله الإذن في الخمس ، فكتب إليه : بسم الله الرحمن الرحيم : إن الله واسع كريم ، ضمن على العمل الثواب وعلى الخلاف العذاب ، لا يحل مال إلا من وجه أحله الله ، إن الخمس عوننا على ديننا وعلى عيالنا وعلى موالينا ، وما نبذله ونشتري من أعراضنا ممن تخاف سطوته ، فلا تزووه عنا ، ولا تحرموا أنفسكم دعاءنا ما قدرتم عليه ، فإن إخراجه مفتاح رزقكم وتمحيص ذنوبكم ، وما تمهدون لأنفسكم ليوم فاتتكم ، والمسلم من يفي لله بما عهد إليه ، وليس المسلم من أجاب باللسان وخالف بالقلب والسّلام) (٤).

وخبره الآخر قال (قدم قوم من خراسان على أبي الحسن الرضا عليه‌السلام فسألوه أن يجعلهم في حل من الخمس ، فقال : ما أجل هذا ، تمحضونا المودة بألسنتكم وتزوون عنا حقا جعله الله لنا وجعلنا له ، وهو الخمس ، لا نجعل أحدا منكم في حل) (٥) بالإضافة إلى أن الأئمة عليهم‌السلام كان لهم وكلاء في الأطراف في قبض الأخماس (٦) خصوصا في زمن الغيبة الصغرى (٧).

ولكن لا يمكن رد أخبار التحليل كما فعل البعض بدعوى قصور سند بعضها ، فإنها كثيرة مع صحة السند في البعض الآخر فيتعين حملها على تحليل الفي‌ء والغنائم ، بمعنى أن الحروب التي صدرت في زمن المعصومين غالبها بل كلها إنما وقعت بغير ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب ما يجب من الخمس حديث ٦.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب ما يجب من الخمس حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب من يجب فيه الخمس حديث ١.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب الأنفال حديث ٢ و ٣.

(٦) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب من يجب فيه الخمس حديث ٣.

(٧) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب الأنفال حديث ٨.

١١٤

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ إذنهم عليهم‌السلام ، وهذا يوجب أن تكون الغنائم لهم خاصة ولكن الأئمة عليهم‌السلام قد أباحوا ذلك لشيعتهم ، فلو كن من جملة السبي امرأة قد اشتراها الشيعي من المحارب الذي وقعت المرأة في حصته فهو حلال للشيعة حتى تحل ولادتهم وتطيب وتزكو ، ولو كان من جملة الغنائم مال قد وصل إلى الشيعي ببيع أو غيره ، فهو حلال وهكذا ، ولذا لم يخالف أحد في تحليل الأنفال مع أنها كلها ملك للإمام عليه‌السلام اعتمادا على هذه النصوص المتقدمة.

وهذه النصوص بعد حملها على تحليل الغنائم والأنفال فهي مطلقة أو عامة لا تختص بالمساكن والمتاجر والمناكح بل تشمل غيرها ، سواء كانت ملكا للكفار أو اشتريت بمال الغنائم ، هذا من جهة ومن جهة أخرى قيل : بأن نصوص التحليل تشمل تحليل ما لو انتقل متعلق الخمس ممن لا يعتقد الخمس إلى الشيعي فإن هذا الخمس المتعلق بالعين مشمول لنصوص التحليل كما لو كان مال عند غير الشيعي ولم يخمسه بعد تعلق الخمس فلو انتقل إلى الشيعي فلا يجب إخراج الخمس منه اعتمادا على خبرين : الأول : خبر يونس بن يعقوب المتقدم (كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام فدخل عليه رجل من القماطين ، فقال : جعلت فداك ، تقع في أيدينا الأموال والأرباح وتجارات نعلم أن حقك فيها ثابت وإنا عن ذلك مقصرون ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : ما أنصفناكم إنا كلفناكم ذلك اليوم) (١) وصحيح الحارث بن المغيرة المتقدم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قلت له : إن لنا أموالا من غلات وتجارات ونحو ذلك ، وقد علمت أن لك فيها حقا ، قال : فلم أحللنا إذا لشيعتنا إلا لتطيب ولادتهم ، وكل من والى آبائي فهم في حل مما في أيديهم من حقنا فليبلغ الشاهد الغائب) (٢) وهما مطلقان يشملان ما لو انتقل متعلق الخمس إلى الشيعي من غير المعتقد بالخمس كالكافر والمخالف أو المعتقد غير المبالي أو الفاسق.

والحاصل أن ما ورد من أخبار التحليل متضمنا للفظ الخمس محمول على هذا الفرد ، وما ورد متضمنا للفظ الحق محمول على الأنفال والفي‌ء والغنيمة إذا كانت بغير إذن الإمام ، وهو القدر المتيقن منها ، وبهذا يتم الجمع بين أخبار التحليل وأدلة وجوب الخمس ، وأيضا قد تحصل أن الأنفال مطلقا والغنيمة بغير إذنه مشمولة للتحليل فتخصيصها بالمساكن والمتاجر والمناكح ليس في حمله ، نعم ورد الاقتصار على هذه الثلاثة في مرسلة عوالي اللئالي (سئل الصادق عليه‌السلام فقيل له : يا ابن رسول الله ، ما حال شيعتكم فيما ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب الأنفال حديث ٦ و ٩.

١١٥

الأمة المسبية حال الغيبة وثمنها ، ومهر الزوجة من الأرباح (١) ومن الثاني ثمن المسكن منها أيضا (٢) ، ومن الثالث الشراء ممن لا يعتقد الخمس ، أو ممن لا يخمّس ، ونحو ذلك (٣) ، وتركه هنا إما اختصارا ، أو اختيارا ، لأنه قول لجماعة من الأصحاب ، والظاهر الأول لأنه ادعى في البيان أطباق الإمامية عليه ، نظرا إلى شذوذ المخالف (٤).

(وثلاثة أقسام) (٥) وهي بقية الستة (لليتامى) وهم الأطفال الذين لا أب لهم ، (والمساكين) ، والمراد بهم هنا ما يشمل الفقراء كما في كل موضع يذكرون منفردين ، (وابنا السبيل) على الوجه المذكور في الزكاة (من الهاشميين المنتسبين) إلى هاشم (بالأب) ، دون الأم (٦) ، ودون المنتسبين إلى المطّلب أخي هاشم على أشهر القولين (٧).

______________________________________________________

ـ خصكم الله به إذا غاب غائبكم واستتر قائمكم؟ فقال عليه‌السلام : ما أنصفناهم إن واخذناهم ، ولا أحببناهم إن عاقبناهم ، بل نبيح لهم المساكن لتصح عبادتهم ، ونبيح لهم المناكح لتطيب ولادتهم ، ونبيح لهم المتاجر ليزكوا أموالهم) (١) فهي غير صريحة بالحصر فلا تصلح لمعارضة ما دل على إطلاق تحليل مطلق الحق في الفي‌ء والغنيمة.

(١) بل يجب أن يلحقه حكم أرباح المكاسب.

(٢) أي من الأرباح ويجب أن يلحقه حكم أرباح المكاسب أيضا.

(٣) كما لو اشترى شيئا من مال الغنائم للتجارة.

(٤) وهو الإسكافي والحلبي حيث أنكرا هذا التحليل من أصله.

(٥) وهي للسادة وقد تقدم الدليل على ذلك.

(٦) وعليه اتفاق الجميع ما عدا السيد المرتضى ، ودليلهم مرسل حماد عن الإمام الكاظم عليه‌السلام (ومن كانت أمه من بني هاشم وأبوه من سائر قريش ، فإن الصدقات تحل له ، وليس له من الخمس شي‌ء ، لأن الله تعالى يقول : (ادْعُوهُمْ لِآبٰائِهِمْ) (٢).

ودعوى السيد أن ولد البنت ولد حقيقة فيكون منسوبا إلى بني هاشم ، وفيه : إنه لا يقال له هاشمي عرفا إلا إذا كان أبوه هاشميا والخبر المتقدم حجة عليه.

(٧) ذهب المفيد في العزية والإسكافي إلى أن الخمس للهاشمي والمطلبين اعتمادا على خبر

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب الأنفال حديث ٣.

(٢) سورة الأحزاب الآية ٥.

١١٦

ويدل على الأول (١) استعمال أهل اللغة ، وما خالفه يحمل على المجاز لأنه خير من الاشتراك ، وفي الرواية عن الكاظم (ع) ما يدل عليه ، وعلى الثاني (٢) أصالة عدم الاستحقاق ، مضافا إلى ما دل على عدمه من الأخبار واستضعافا لما (٣) استدل به القائل منها ، وقصوره عن الدلالة (٤).

(وقال المرتضى) رضي‌الله‌عنه : يستحق المنتسب إلى هاشم (و) لو (بالأم) ، استنادا إلى قوله (ص) عن الحسنين (ع) هذان ابناي إمامان (٥) ، والأصل في الإطلاق الحقيقة ، وهو ممنوع ، بل هو أعم منها ومن المجاز ، خصوصا مع وجود المعارض. وقال المفيد وابن الجنيد : يستحق المطّلبي أيضا وقد بيناه.

(ويشترط فقر شركاء الإمام عليه‌السلام) أما المساكين فظاهر (٦) ، وأما اليتامى

______________________________________________________

ـ زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لو كان العدل ما احتاج هاشمي ولا مطلبي إلى صدقة ، إن الله جعل لهم في كتابه ما كان فيه سعتهم) (١).

وذهب المشهور إلى اختصاص الخمس ببني هاشم فقط للأخبار الكثيرة منها : مرسل حماد عن العبد الصالح عليه‌السلام (وهؤلاء الذين جعل الله لهم الخمس ، هم قرابة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، الذين ذكرهم الله في كتابه فقال : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (٢) ، وهم بنو عبد المطلب أنفسهم ، الذكر منهم والأنثى ، ليس فيهم من أهل بيوتات قريش ولا من العرب أحد) (٣) مع إمكان حمل الخبر الأول على غير أولاد عبد المطلب فقط لأن الصدر قد حذف عند الإضافة.

(١) أي على كون الهاشمي هو المنتسب بالأب دون الأم.

(٢) أي على كون الخمس لخصوص بني هاشم دون المطلبي.

(٣) قد رد خبر زرارة باشتماله على إبراهيم بن هاشم وهو لم يمدح ولم يذم ، وفيه : إنه من مشايخ الرواية وهذا ما يجعله في أعلى مراتب الصحة فالإنصاف أن الخبر صحيح السند.

(٤) وقد تقدم بيان القصور.

(٥) ينابيع المودة ج ١ ص ٣٧٣.

(٦) لأنه محقق لموضوعهم.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب مستحقي الزكاة حديث ١.

(٢) سورة الشعراء الآية ٢١٤.

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب قسمة الخمس حديث ٨.

١١٧

فالمشهور اعتبار فقرهم لأن الخمس عوض الزكاة ومصرفها الفقراء في غير من نصّ على عدم اعتبار فقرة (١) فكذا العوض ، لأن الإمام عليه‌السلام (٢) يقسّمه بينهم على قدر حاجتهم ، والفاضل له والمعوز عليه ، فإذا انتفت الحاجة انتفى النصيب.

وفيه نظر بيّن ، ومن ثم ذهب جماعة إلى عدم اعتباره فيهم ، لأن اليتيم قسيم للمسكين في الآية ، وهو يقتضي المغايرة ولو سلم عدمه نظرا إلى أنها لا تقتضي المباينة فعند عدم المخصص يبقى العموم (٣) وتوقف المصنف في الدروس.

(ويكفي في ابن السبيل الفقر (٤) في بلد التسليم) وإن كان غنيا في بلده بشرط أن يتعذر وصوله إلى المال على الوجه الذي قررناه في الزكاة وظاهرهم هنا عدم الخلاف فيه ، وإلا كان دليل اليتيم آتيا فيه.

(ولا تعتبر العدالة) لإطلاق الأدلة (٥) ، (ويعتبر الإيمان) لاعتباره في المعوض

______________________________________________________

(١) كالعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي سبيل الله.

(٢) كما في مرسل حماد عن العبد الصالح عليه‌السلام ـ وهو دليل المشهور ـ (يقسم بينهم على الكتاب والسنة ما يستغنون به في سنتهم ، فإن فضل عنهم شي‌ء فهو للوالي ، فإن عجز أو نقص عن استغنائهم كان على الوالي أن ينفق من عنده بقدر ما يستغنون به ، وإنما صار عليه أن يمونهم لأن له ما فضل عنهم) (١) ومثله غيره.

وعن السرائر والمبسوط عدم اعتبار الفقر ، لضعف سند الخبر ، ولأن اليتيم وقع قسيما للمسكين في الآية فلا يشترط فقره وإلا لاندرج تحت عنوان الفقير والمسكين ولا داعي لذكره قسما مستقلا ، ولأن الخمس وإن كان عوض الزكاة لكن لا يجب المساواة بين البدل والمبدل منه من جميع الجهات. وفيه : أما الخبر فهو منجبر بعمل الأصحاب فهو موثوق الصدور وعليه مدار حجية العمل بالخبر ، وأما كونه قسيما للمسكين في الآية فليس لعدم اعتبار الفقر في اليتيم بل للاختلاف في البلوغ وعدمه مع فقد الأب وبهذين ثبت وجوب التساوي بين العوض والمعوض عنه أعني بين الخمس والزكاة من هذه الجهة.

(٣) وهو عموم اليتيم الوارد في الآية ، فيكون شاملا للفقير وغيره وقد عرفت أنه مقيد.

(٤) يعني ما تقدم في اليتيم ، وخالف ابن إدريس في السرائر فلم يشترط ذلك وهو ضعيف.

(٥) بلا خلاف من أحد.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب قسمة الخمس حديث ١.

١١٨

بغير خلاف ، مع وجوده (١) ولأنه صلة وموادّة ، والمخالف بعيد عنهما ، وفيهما نظر (٢) ولا ريب أن اعتباره أولى.

وأما الأنفال (٣) فهي المال الزائد للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والإمام عليه‌السلام بعده على قبيلهما وقد كانت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حياته بالآية الشريفة ، وهي بعده للإمام القائم مقامه ، وقد أشار إليها بقوله : (ونفل الإمام عليه‌السلام) الذي يزيد به عن قبيله ، ومنه سمّي نفلا (أرض (٤) انجلى عنها أهلها) وتركوها ، (أو سلمت) للمسلمين

______________________________________________________

(١) أي وجود المؤمن فقد استدل على اعتبار الإيمان ، بأن الخمس عوض الزكاة المعتبر فيها الإيمان ، وأن الخمس كرامة ومودة لا يستحقها غير المؤمن ، وخبر إبراهيم الأوسي الوارد في الزكاة عن الرضا عليه‌السلام (فإن الله عزوجل حرّم أموالنا وأموال شيعتنا على عدونا) (١).

(٢) أما الأول فلا يجب التساوي بين العوض والمعوض من جميع الجهات ، وأما الثاني فإن الدفع إليه إكرام لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيته عليهم‌السلام.

(٣) جمع نفل بالتحريك ، وهو الزائد ، قال الأزهري (النفل ما كان زيادة عن الأصل) وقال تعالى : (وَوَهَبْنٰا لَهُ إِسْحٰاقَ وَيَعْقُوبَ نٰافِلَةً) (٢) أي زيادة على ما سأل ، والمراد بها هي ما يختص بها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفٰالِ ، قُلِ الْأَنْفٰالُ لِلّٰهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللّٰهَ وَأَصْلِحُوا ذٰاتَ بَيْنِكُمْ) (٣) ومن بعده للإمام عليه‌السلام جعلها الله لهم زيادة على مالهم من سهم الخمس.

(٤) فهي خمسة بحسب الحصر الاستقرائي المستفاد من تتبع الأدلة الشرعية كما في المدارك ، وزاد المفيد والشيخ المعادن ، وعلى كل فلا بد من تتبع الأدلة في ذلك ، وأما الأرض التي تملك من غير قتال سواء انجلى عنها أهلها أو سلموها طوعا فهي من الأنفال للأخبار منها : صحيح حفص عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الأنفال ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب ، أو قوم صالحوا ، أو قوم أعطوا ما بأيديهم ، وكل أرض خربة ، وبطون الأودية ، فهو لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو للإمام من بعده يضعه حيث يشاء) (٤).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب مستحقي الزكاة حديث ٨.

(٢) سورة الأنبياء الآية : ٧٢.

(٣) سورة الأنفال الآية : ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الأنفال حديث ١.

١١٩

(طوعا) من غير قتال كبلاد البحرين ، (أو باد أهلها) (١) أي هلكوا مسلمين كانوا أم كفارا ، وكذا مطلق الأرض الموات التي لا يعرف لها مالك.

(والآجام) (٢) بكسر الهمزة وفتحها مع المد جمع أجمة بالتحريك المفتوح وهي الأرض المملوءة من القصب ونحوه ، في غير الأرض المملوكة ، (ورءوس الجبل ، وبطون الأودية) ، والمرجع فيهما إلى العرف ، (وما يكون بهما) من شجر ، ومعدن ، وغيرهما ، وذلك في غير أرضه المختصة به ، (وصوافي (٣) ملوك) أهل (الحرب) ، وقطائعهم (٤) وضابطه كل ما اصطفاه ملك الكفار لنفسه واختص به من الأموال

______________________________________________________

(١) وهي الأرض الموات التي لا مالك لها سواء باد أهلها أولم يجر عليها ملك فهي من الأنفال بلا خلاف للأخبار منها : صحيح محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إن الأنفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة دم ، أو قوم صولحوا وأعطوا بأيديهم ، وما كان من أرض خربة ، أو بطون أودية فهذا كله من الفي‌ء والأنفال لله وللرسول ، وما كان لله فهو للرسول يضعه حيث يحب) (١).

(٢) فالآجام وبطون الأودية ورءوس الجبال من الأنفال بلا خلاف في ذلك للأخبار منها صحيح حفص وصحيح ابن مسلم المتقدمين ، ومنها : مرسل حماد عن العبد الصالح عليه‌السلام في حديث (وله رءوس الجبال وبطون الأودية والآجام) (٢) وخبر داود ابن فرقد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (وما الأنفال؟ قال : بطون الأودية ورءوس الجبال والآجام والمعادن وكل أرض لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب ، وكل أرض ميتة قد جلا أهلها ، وقطائع الملوك) (٣) ، ويرجع في تحديد بطن الوادي ورأس الجبال إلى العرف ، والآجام هي الأرض المملوءة قصبا ، أو الشجر الكثير الملتف بعضه ببعض.

(٣) ما يصطفيه الملوك لأنفسهم من الغنائم المنقولة.

(٤) ما يصطفيه الملوك لأنفسهم من الغنائم غير المنقولة ، ويدل عليه خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن صفو المال؟ قال : الإمام يأخذ الجارية الروقة والمركب الفاره والسيف القاطع ، والدرع قبل أن تقسّم الغنيمة ، فهذا صفو المال) (٤) ، وخبر ربعي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا أتاه المغنم أخذ صفوه وكان ذلك له ـ إلى أن قال ـ وكذلك الإمام أخذ كما أخذ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) (٥) وخبر داود وبن فرقد عن أبي

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الأنفال حديث ١٠ و ٤ و ٣٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الأنفال حديث ١٥.

(٥) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب قسمة الخمس حديث ٣.

١٢٠