الزبدة الفقهيّة - ج ٢

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٢

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-55-8
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٥٥٢

سلامة الإمام عنه ، فلا يجب عليه سجود السهو لو فعل ما يوجبه لو كان منفردا. نعم لو ترك ما يتلافى مع السجود (١) سقط السجود خاصة (٢) ولو كان الساهي الإمام فلا ريب في الوجوب عليه (٣) إنما الخلاف في وجوب متابعة المأموم له وإن كان أحوط.

(السابعة. أوجب ابنا بابويه) عليّ وابنه محمد الصدوقان (رحمهما‌الله سجدتي السهو على من شك بين الثلاث والأربع وظن الأكثر) (٤) ولا نصّ عليهما في هذا

______________________________________________________

عن الرضا عليه‌السلام : (الإمام يحمل أوهام من خلفه إلا تكبيرة الافتتاح) (١).

وفيه : إنها معارضة بنصوص أقوى ، منها : صحيح معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (أيضمن الإمام صلاة الفريضة فإن هؤلاء يزعمون أنه يضمن؟ فقال : لا يضمن أي شي‌ء يضمن إلا أن يصلي بهم جنبا أو على غير طهر) (٢) وقد فسر الضمان بالقراءة فقط كما في موثق سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سأله رجل عن القراءة خلف الإمام ، فقال عليه‌السلام : لا ، إن الإمام ضامن القراءة ، وليس يضمن الإمام صلاة الذين خلفه ، إنما يضمن القراءة) (٣) وعليه يحمل إطلاق خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (أيضمن الإمام الصلاة؟ فقال : لا ليس بضامن) (٤).

نعم على قول الشيخ ومن تابعه يصدق لا سهو لمأموم مع حفظ الإمام ، وهذا هو معنى صحة العكس في كلام الشارح.

(١) سجود السهو.

(٢) لأنه يجب عليه التدارك لعموم أو إطلاق أدلته.

(٣) أي في وجوب سجود السهو عليه.

(٤) أوجب الصدوقان ذلك لخبر الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا كنت لا تدري ثلاثا صليت أم أربعا ولم يذهب وهمك إلى شي‌ء فسلّم ثم صل ركعتين وأنت جالس تقرأ فيهما بأم الكتاب ، وإن ذهب وهمك إلى الثلاث فقم وصل الركعة الرابعة ولا تسجد سجدتي السهو) (٥).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٦.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٣ و ٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٥.

٤٢١

الشك بخصوصه ، وأخبار الاحتياط خالية منهما ، والأصل يقتضي العدم ، (وفي رواية إسحاق بن عمار عن الصادق عليه‌السلام : «إذا ذهب وهمك إلى التمام أبدا في كلّ صلاة فاسجد سجدتي السهو») ، فتصلح دليلا لهما ، لتضمنها مطلوبهما (وحملت هذه) الرواية (على الندب).

وفيه نظر. لأن الأمر حقيقة في الوجوب ، وغيرها من الأخبار لم يتعرض لنفي السجود ، فلا منافاة بينهما (١) إذا اشتملت على زيادة ، مع أنها غير منافية لجبر الصلاة ، لاحتمال النقص ، فإن الظن بالتمام (٢) لا يمنع النقص بخلاف ظن النقصان فإن الحكم بالإكمال (٣) جائز. نعم يمكن ردها من حيث السند (٤)

______________________________________________________

ـ وخبر إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا ذهب وهمك إلى التمام أبدا في كل صلاة فاسجد سجدتين بعد الفراغ ، أفهمت؟ قلت : نعم) (١).

والأول معارض بالنصوص الكثيرة التي تقدم بعضها والدالة على العمل بالظن ولا شي‌ء عليه ، والثاني محمول على الندب إن لم يكن مثل الأول لأنه معارض بتلك النصوص فلا يمكن الاعتماد عليه.

(١) بل المنافاة حاصلة لأن الأخبار الدالة على العمل بالظن واردة في مقام البيان فلو كان عليه سجود لوجب ذكره فمع عدم الذكر يستكشف عدم الوجوب فلذا كان الخبر المذكور معارضا لها والترجيح لها.

(٢) تعليل لاحتمال النقص ومعناه : إن الظن بالأربع لا يمنع احتمال النقص وإلا لكان قطعا.

وفيه : إن النقص المحتمل هو نقصان ركعة وهذا لا يوجب سجدتي السهو بل يوجب على فرض معالجته ركعة منفصلة.

(٣) على فرض ظن النقصان ، من دون حاجة لسجدتي السهو لأنه يكون قد أتى بتمام الركعات جزما بخلاف الإكمال على ظن التمام فلا جزم بالإتيان بتمام الركعات بل احتمال النقص باق ولذا وجب سجدتا السهو.

(٤) لأن اسحاق بن عمار فطحي لكنه ثقة ، وفي السند الطيالسي وهو لم يمدح ولم يذم ، وفي السند أيضا المعاذيّ وهو ضعيف.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٢.

٤٢٢

(الفصل الثامن. في القضاء)

(يجب قضاء الفرائض اليومية مع الفوات (١) ، حال البلوغ (٢) ، والعقل والخلوّ عن الحيض ، والنفاس (٣) ، والكفر الأصلي) (٤) احترز به عن العارضي بالارتداد فإنه لا يسقطه (٥) كما سيأتي ، وخرج بالعقل المجنون فلا قضاء عليه ، إلّا أن يكون سببه بفعله (٦) ...

______________________________________________________

(١) سواء كان عمدا أو سهوا أو جهلا بلا خلاف فيه ويقتضيه إطلاق أدلة وجوب القضاء كصحيح زرارة والفضيل عن أبي جعفر عليه‌السلام : (متى استيقنت أو شككت في وقت فريضة أنك لم تصلها أو في وقت فوتها أنك لم تصلها صليتها ، وإن شككت بعد ما خرج وقت الفوت وقد دخل حائل فلا إعادة عليك من شك حتى تستيقن ، وإن استيقنت فعليك أن تصليها في أي حالة كنت) (١). وصحيحه الآخر عن أبي جعفر عليه‌السلام : (سئل عن رجل صلى بغير طهور ، أو نسي صلوات لم يصلها أو نام عنها فقال عليه‌السلام : يقضيها إذا ذكرها في أي ساعة ذكرها من ليل أو نهار) (٢).

وكذا لو فاتته بسبب النوم لصريح صحيح زرارة الأخير وإطلاق غيره.

(٢) فما فاته حال الصغر لا يجب قضاؤه بعد البلوغ بالاتفاق وكذا ما فاته حال الجنون لا يجب قضاؤه بعد الإفاقة واستدل له بحديث رفع القلم : (إن القلم يرفع عن ثلاثة : عن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقظ) (٣) بدعوى عدم وجوب الأداء عليه فيتبعه عدم وجوب القضاء لعدم تحقق الفوت ، نعم وجب القضاء على النائم بعد الاستيقاظ لدليل خارجي وقد تقدم.

(٣) تقدم الكلام فيه وفي الحيض في بابهما.

(٤) فما فاته حال الكفر الأصلي لا يجب قضاؤه بعد إسلامه بالاتفاق بل هو من الضروريات للنبوي المشهور : (الإسلام يجب ما قبله) (٤) ، وهو مختص بالكفر الأصلي ، فما فاته حال ردته مندرج تحت عموم ما دل على وجوب القضاء.

(٥) أي فإن الارتداد لا يسقط القضاء.

(٦) أي سبب ذهاب العقل بفعله.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦٠ ـ من أبواب المواقيت حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب قضاء الصلوات حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب مقدمة العبادات حديث ١٠.

(٤) كنز العمال ج ١ ص ١٧ حديث ٢٤٣.

٤٢٣

كالسكران (١) مع القصد والاختيار ، وعدم الحاجة (٢). وربما دخل فيه (٣) المغمى عليه فإن الأشهر عدم القضاء عليه (٤) ، وإن كان بتناول الغذاء المؤدّي إليه ، مع

______________________________________________________

(١) لعموم ما دل على وجوب القضاء.

(٢) بل حتى مع الضرورة والإكراه.

(٣) في المجنون.

(٤) لجملة من الأخبار ، منها : صحيح أيوب بن نوح : (كتبت إلى أبي الحسن الثالث عليه‌السلام أسأله عن المغمى عليه يوما أو أكثر هل يقضي ما فاته من الصلاة أم لا؟ فكتب عليه‌السلام : لا يقضي الصوم ولا يقضي الصلاة) (١).

وخبر موسى بن بكر : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الرجل يغمى عليه يوما أو يومين أو الثلاثة أو الأربعة أو أكثر من ذلك ، كم يقضي من صلاته؟ قال : ألا أخبرك بما يجمع لك هذه الأشياء؟ كلما غلب الله عليه من أمر فالله أعذر لعبده) (٢).

وزاد فيه غيره : (إن أبا عبد الله عليه‌السلام قال : هذا من الأبواب التي يفتح كل باب منها ألف باب) (٣).

وخبر حفص البختريّ عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سمعته يقول في المغمى عليه : ما غلب الله عليه فالله أولى بالعذر) ٤.

وفي قبال هذه الطائفة أخبار تدل على وجوب القضاء كصحيح رفاعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن المغمى عليه شهرا ما يقضي من الصلاة؟ قال : يقضيها كلها ، إن أمر الصلاة شديد) (٥) وعن الصدوق في المقنع العمل بها ، ولكن الجمع العرفي حملها على الاستحباب ويدل عليه خبر أبي كهمس : (سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام وقد سئل عن المغمى عليه أيقضي ما تركه من الصلاة؟ فقال : أما أنا وولدي وأهلي فنفعل ذلك) (٦) وخبر منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سأله عن المغمى عليه شهرا أو أربعين ليلة فقال : إن شئت أخبرتك بما آمر به نفسي وولدي أن تقضي كلما فاتك) (٧).

وأدلة عدم وجوب القضاء على المغمى ظاهرة في كونه معذورا بالإغماء ، فلو كان إغماؤه باختياره فيجب عليه القضاء حينئذ لعدم العذر فيندرج تحت إطلاق ما دل على وجوب ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب قضاء الصلوات حديث ٢ و ٨.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب قضاء الصلوات حديث ٩ و ١٣.

(٥) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب قضاء الصلوات حديث ٤.

(٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب قضاء الصلوات حديث ١٢ و ١٣.

٤٢٤

الجهل بحاله (١) ، أو الإكراه عليه ، أو الحاجة إليه كما قيّده به (٢) المصنف في الذكرى ، بخلاف الحائض ، والنفساء ، فإنهما لا تقضيان مطلقا ، وإن كان السبب من قبلهما (٣). والفرق أنه فيهما (٤) عزيمة (٥) ، وفي غيرهما رخصة (٦) ، وهي لا تناط بالمعصية (٧). والمراد بالكفر الأصلي هنا (٨) ما خرج عن فرق المسلمين منه (٩) ، فالمسلم (١٠) يقضي ما تركه وإن حكم بكفره كالناصبي وإن استبصر ، وكذا ما صلّاه فاسدا عنده (١١).

______________________________________________________

القضاء ، وهذا ما ذهب إليه الشهيد في الذكرى ونسبه إلى الأصحاب.

(١) بحال الغذاء.

(٢) أي كما قيّد المغمى بما ذكر ليكون معذورا.

(٣) أي سبب الحيض والنفاس لإطلاق أدلة نفي القضاء عنهما.

(٤) أن السقوط في الحائض والنفساء.

(٥) وإذا تحرم عليهما العبادة كما تقدم الكلام في باب الحيض.

(٦) ولذا استحب القضاء للمغمى عليه.

(٧) أي والرخصة لا تناط بالمعصية على تقدير مخالفتها.

(٨) أي الموجب لعدم القضاء هو الكفر الأصلي لصريح حديث الجبّ المتقدم ، فيبقى غيره وهو المرتد ومن حكم بكفره من المسلمين كالناصبي وإن تشهد مندرج تحت عموم أدلة وجوب القضاء.

(٩) أي من الكفر.

(١٠) وإن كان مخالفا.

(١١) المخالف إذا صلى صلاة فاسدة على مذهبه بحيث يجب قضاؤها لو بقي على اعتقاده ، فيجب عليه القضاء لو استبصر وإن كانت صلاته التي صلاها موافقة لمذهبنا لتحقق عنوان الفوت في حقه ، فيندرج تحت عموم من فاتته فريضة فليقضها.

نعم لو أتى بالواجب بما يوافق مذهبه لا يجب القضاء لو استبصر لصحيح العجلي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (كل عمل عمله وهو في حال نصبه وضلالته ثم منّ الله تعالى عليه وعرّفه الولاية فإنه يؤجر عليه إلا الزكاة فإنه يعيدها ، لأنه وضعها في غير مواضعها لأنها لأهل الولاية ، وأما الصلاة والحج والصيام فليس عليه قضاء) (١).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب مقدمة العبادات حديث ١.

٤٢٥

(ويراعي فيه) أي في القضاء (الترتيب (١) بحسب الفوات) فيقدّم الأول منه ،

______________________________________________________

(١) يجب الترتيب في الفوائت اليومية على المشهور شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا ويدل عليه من النصوص ، منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا نسيت صلاة أو صليتها بغير وضوء وكان عليك قضاء صلوات فابدأ بأولاهن فأذّن لها وأقم ثم صلها ، ثم صل ما بعدها بإقامة إقامة لكل صلاة. إلى أن قال : وإن كانت المغرب والعشاء قد فاتتك جميعا ، فابدأ بهما قبل أن تصلي الغداة أبدأ بالمغرب ثم العشاء) (١) وما في المعتبر عن جميل عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قلت : تفوت الرجل الأولى والعصر والمغرب ويذكر بعد العشاء ، قال عليه‌السلام : يبدأ بالوقت الذي هو فيه فإنه لا يأمن من الموت ، فيكون قد ترك الفريضة في وقت قد دخل ، ثم يقضي ما فاته الأول فالأول) (٢) وخبر ابن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن رجل صلى الصلوات وهو جنب اليوم واليومين والثلاثة ثم ذكر بعد ذلك ، قال : يتطهر ويؤذن ويقيم في أولاهن ، ثم يصلي ويقيم بعد ذلك في كل صلاة فيصلي بغير أذان حتى يقضي صلاته) (٣).

وقد استشكل بالاستدلال بأن المراد من أولاهن هي الأولى في الشروع لا الأولى في الفوات بمعنى لو أراد أن يقضي فيكفيه أذان عند الإتيان بأول صلاة ثم يكتفي بإقامة لكل صلاة بعدها من دون التعرض إلى كيفية القضاء على نحو ما فات أو لا.

وفيه : إنه مخالف لصريح خبر جميل المتقدم : (ثم يقضي ما فاته الأول) فالأول والإشكال فيه بضعف السند مردود لانجباره بعمل الأصحاب.

نعم اتفق الجميع على وجوب الترتيب بين الظهرين والعشاءين لأن الترتيب بينها شرط في صحة الثانية بالنسبة إلى الأداء فكذا بالنسبة للقضاء فضلا عن جملة من الأخبار ، منها : صحيح ابن مسكان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن نام رجل أو نسي أن يصلي المغرب والعشاء الآخرة ، فإن استيقظ قبل الفجر قدر ما يصليهما كلتيهما فليصلّهما ، وإن خاف أن تفوته إحداهما فليبدأ بالعشاء الآخرة ، وإن استيقظ بعد الفجر فليصل الصبح ثم المغرب ثم العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس) (٤).

نعم قد استدل على الترتيب مطلقا بالنبوي المشهور : (من فاتته فريضة فليقضها كما فاتته) ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦٣ ـ من أبواب المواقيت حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٦٢ ـ من أبواب المواقيت حديث ٦.

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب قضاء الصلوات حديث ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ٦٢ ـ من أبواب المواقيت حديث ٤.

٤٢٦

فالأول مع العلم (١). هذا في اليومية ، أما غيرها ففي ترتبه (٢) ، في نفسه (٣) وعلى اليومية (٤) ، وهي عليه قولان (٥) ، ومال في الذكرى إلى الترتيب واستقرب في البيان عدمه وهو أقرب (ولا يجب الترتيب بينه (٦) ، وبين الحاضرة) (٧) فيجوز

______________________________________________________

ـ وهو غير موجود في كتب الأحاديث كما عن غير واحد من الأصحاب وإن أورده الأحسائي في كتابه الغوالي في موردين (١) ، نعم في صحيح زرارة : (قلت له : رجل فاتته صلاة من صلاة المسافر فذكرها في الحضر ، قال : يقضي ما فاته كما فاته ، إن كانت صلاة السفر أدّاها في الحضر مثلها ، وإن كانت صلاة الحضر فليقض في السفر صلاة الحضر كما فاتته) (٢) فقوله عليه‌السلام : (يقضي ما فاته كما فاته) ناظر إلى الكمية من ثنائية أو رباعية لا إلى الكيفية فلعل النبوي مثله.

(١) أما مع الجهل فسيأتي الكلام فيه.

(٢) أي ترتب غير اليومية. كالكسوف والخسوف.

(٣) فيقضي السابق منه أولا ثم اللاحق.

(٤) فلو كان غير اليومية قد فاته أولا ثم اليومية فيقضيه كما فاته ، وكذا العكس.

(٥) القول بعدم الترتيب هو المشهور شهرة عظيمة إذ لا دليل على الترتيب إلا ما سمعت من الأخبار وهي مختصة باليومية ، فالترتيب في غيرها مندرج تحت أصل البراءة ، وحكي الترتيب بين اليومية وغيرها وبين غير اليومية في نفسه عن بعض مشايخ الوزير العلقمي كما في الجواهر وغيره ، وعن التذكرة احتماله وعن الذكرى نفي البأس عنه للنبوي المشهور المتقدم ، وقد عرفت حاله مع أن في دلالته منعا ظاهرا إذ هو ظاهر في اليومية ولا أقل من الاحتمال المانع عن التمسك بإطلاقه.

(٦) بين ما فات من اليومية

(٧) قبل الدخول في هذا البحث اعلم أنه قد وقع البحث والخلاف في أنه هل تجب الفورية في القضاء وهو المسمى بالمضايقة كما ذهب إليه المرتضى في رسائله وابن إدريس في سرائره والشيخ في الخلاف حتى حكي عن بعضهم المنع من الأكل والشرب إلا بمقدار الضرورة وعليه التشاغل بالقضاء وعن المفيد والحلي دعوى الإجماع عليه واستدل للمضايقة بأمور :

الأول : أصالة الاحتياط وفيه : عدم وجوب الاحتياط في الشبهات الوجوبية كما حرر في الأصول. ـ

__________________

(١) غوالي اللآلي ج ٢ ص ٥٤ حديث ١٤٣ ، وج ٣ ص ١٠٧ حديث ١٥٠.

(٢) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب قضاء الصلوات حديث ١.

٤٢٧

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ الثاني : إطلاق أوامر القضاء فإنها موضوعة للفورية كما عن جماعة إما لغة كما عن الشيخ وإما شرعا كما عن السيد وإما عرفا كما عن بعض وفيه : إن الأمر موضوع لطلب الماهية من غير إشعار بفور أو تراخ.

الثالث : قوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلٰاةَ لِذِكْرِي) (١) بناء على أن المراد من قوله (لِذِكْرِي) أي لذكر الصلاة بعد نسيانها ، وقد ورد في ذلك أخبار ، منها : صحيح زرارة الوارد في الذكرى عن أبي جعفر عليه‌السلام : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا دخل وقت صلاة مكتوبة فلا صلاة نافلة حتى يبدأ بالمكتوبة ، قال : فقدمت الكوفة فأخبرت الحكم بن عتيبة وأصحابه فقبلوا ذلك مني ، فلما كان في القابل لقيت أبا جعفر عليه‌السلام فحدثني أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عرّس في بعض أسفاره وقال : من يكلؤنا؟ فقال بلال : أنا ، فنام بلال وناموا حتى طلعت الشمس ، فقال : يا بلال ما أرقدك؟ فقال : يا رسول الله أخذ بنفسي الذي أخذ بأنفاسكم.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قوموا فتحوّلوا عن مكانكم الذي أصابكم فيه الغفلة ، وقال : يا بلال أذّن ، فأذّن فصلّى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ركعتي الفجر ، وأمر أصحابه فصلوا ركعتي الفجر ثم قام فصلى بهم الصبح وقال : من نسي شيئا من الصلاة فليصلها إذا ذكرها ، فإن الله (عزوجل) يقول : (وَأَقِمِ الصَّلٰاةَ لِذِكْرِي).

قال زرارة : فحملت الحديث إلى الحكم وأصحابه فقالوا : نقضت حديثك الأول ، فقدمت على أبي جعفر عليه‌السلام فأخبرته بما قال القوم ، فقال عليه‌السلام : يا زرارة ألا أخبرتهم أنه قد فات الوقتان جميعا وأن ذلك كان قضاء من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) (٢).

وخبره الآخر عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا فاتتك صلاة فذكرتها في وقت أخرى فإن كنت تعلم أنك إذا صليت التي فاتتك كنت من الأخرى في وقت ، فابدأ بالتي فاتتك ، فإن الله (عزوجل) يقول : (أَقِمِ الصَّلٰاةَ لِذِكْرِي) ، وإن كنت تعلم أنك إذا صليت التي فاتتك التي بعدها فابدأ بالتي أنت في وقتها واقض الأخرى) (٣).

وعن الطبرسي في مجمع البيان في قوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلٰاةَ لِذِكْرِي) : (وقيل : معناه أقم الصلاة متى ذكرت أن عليك صلاة كنت في وقتها أو لم تكن عن أكثر المفسرين وهو المروي عن أبي جعفر عليه‌السلام) (٤).

__________________

(١) طه الآية : ١٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ٦١ ـ من أبواب المواقيت حديث ٦.

(٣) الوسائل الباب ـ ٦٢ ـ من أبواب المواقيت حديث ٢.

(٤) مستدرك الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب قضاء الصلوات حديث ٤.

٤٢٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ وفيه : أما الاستدلال بالآية فيرده عدم ظهورها في وجوب قضاء الصلاة عند تذكرها لأن المراد ب «ذكري» هو ذكر الله لا ذكر الصلاة بعد نسيانها هذا بحسب الظاهر ، وإن كان المراد أنه من جملة بطون الآية فالمدار على النصوص الواردة في ذلك ، وهي غير ظاهرة في وجوب الفورية عند التذكر ولذا تنفل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بنافلة الفجر وأمر أصحابه بذلك قبل الشروع بقضاء صلاة الصبح ، نعم تدل على رجحان الفور بالإضافة إلى أن الخبر الأول المتضمن لسهو النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن صلاة الصبح مناف لمرتبة النبوة.

الرابع : الأخبار الآمرة بالقضاء عند تذكر الفائت ، منها : ما عن السرائر في الخبر المجمع عليه بين جميع الأمة : (من نام عن صلاة أو نسيها فوقتها حين يذكرها) (١) ورواية نعمان الرازي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن رجل فاته شي‌ء من الصلاة فذكرها عند طلوع الشمس وعند غروبها ، قال عليه‌السلام : فليصلها حين ذكره) (٢) ومثله غيره.

وفي الأول ضعف إذ لا وقت للقضاء حتى يوقّت بحدوث الذكر ولذا يجب القضاء مع الغفلة فيكون الخبر ظاهرا أن القضاء منجز عليه وفعلي حين التذكر وهذا لا يدل على وجوب الفور له لأن معناه حينئذ : يقضي الغافل إذا التفت وأين هذا من معنى الفورية وهو وجوب القضاء عليه أول ما يذكر فإن ترك فليقض أولا أولا.

وفي الثاني منع لأنه وارد مورد الرخصة لتوهم المنع عن الصلاة عند الطلوع والغروب.

الخامس : ما دل على عدم جواز الاشتغال بغير القضاء كصحيح أبي ولّاد. الوارد فيمن رجع عن قصد السفر بعد ما صلى قصرا. عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (وإن كنت لم تسر في يومك الذي خرجت فيه بريدا فإن عليك أن تقضي كل صلاة صليتها في يومك ذلك بالتقصير بتمام من قبل أن تؤمّ من مكانك ذلك) (٣).

وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (عن رجل صلى بغير طهور أو نسي صلاة لم يصلها أو نام عنها فقال : يقضيها في أي ساعة ذكرها من ليل أو نهار ، فإذا دخل وقت صلاة ولم يتم ما فاته فليقض ما لم يتخوف أن يذهب وقت هذه الصلاة التي قد حضرت ، وهذه احق بوقتها فليصلها ، فإذا قضاها فليصل مما قد فاته مما قد مضى ، ولا يتطوع بركعة حتى يقضي الفريضة كلها) (٤). ـ

__________________

(١) السرائر أول باب صلاة الكسوف.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب المواقيت حديث ١٦.

(٣) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب قضاء الصلوات حديث ٣.

٤٢٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ وهو محمول على الاستحباب جمعا بينه وبين جملة من النصوص ، منها : خبر إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (تقام الصلاة وقد صليت فقال عليه‌السلام : صل واجعلها لما فات) (١).

ورواية جابر بن عبد الله : (قال رجل : يا رسول الله وكيف أقضي؟ قال : صل مع كل صلاة مثلها ، قيل : يا رسول الله : قبل أم بعد؟ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قبل) (٢).

وخبر إسماعيل بن جابر قال : (سقطت عن بعيري فانقلبت على أمّ رأسي فمكثت سبع عشرة ليلة مغمى عليّ فسألته عن ذلك فقال : اقض مع كل صلاة صلاة) (٣).

وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن رجل فاتته صلاة النهار متى يقضيها؟ قال عليه‌السلام : متى شاء إن شاء بعد المغرب وإن شاء بعد العشاء) (٤) وصحيح الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبد الله عليه‌السلام (اقض صلاة النهار أي ساعة شئت من ليل أو نهار وكل ذلك سواء) (٥) وصحيح ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (صلاة النهار يجوز قضاؤها أي ساعة شئت من ليل أو نهار) (٦) وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن نام رجل ولم يصل صلاة المغرب والعشاء أو نسي. إلى أن قال : وإن استيقظ بعد الفجر فليبدأ فليصل الفجر ثم المغرب ثم العشاء قبل طلوع الشمس) (٧) وهي ظاهرة في عدم الفورية بل يجوز التشاغل بغيرها. وهو المسمى بالمواسعة بمعنى عدم وجوب الفورية في القضاء كما عليه المشهور.

إذا تقرر ذلك فاعلم أنه قد وقع الخلاف في وجوب تقديم الفائتة على الحاضرة ، فمن ذهب إلى المضايقة قال بوجوب الترتيب ، ومن ذهب إلى المواسعة قال بعدم وجوب الترتيب ما لم يتضيق وقت الحاضرة.

وعن المحقق في المعتبر التفصيل بين فائتة واحدة وفوائت متعددة فاعتبر الترتيب في الأول دون الثاني ، وعن العلامة في المختلف التفصيل بين كون الفائتة لهذا اليوم فيجب تقديمها على الحاضرة وبين غيرها فلا. ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥٥ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ١.

(٢) مستدرك الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب قضاء الصلوات حديث ٩.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب قضاء الصلوات حديث ١٥.

(٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب المواقيت ٧ و ١٣ و ١٢.

(٧) الوسائل الباب ـ ٦٢ ـ من أبواب المواقيت حديث ٣.

٤٣٠

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ وقيل : يجب الترتيب في الفائتة نسيانا.

هذا وقد استدل على وجوب تقديم الفائتة المتحدة بصحيح صفوان عن أبي الحسن عليه‌السلام : (سألته عن رجل نسي الظهر حتى غربت الشمس وقد كان صلى العصر فقال عليه‌السلام : إذا أمكنه أن يصليها قبل أن تفوته المغرب بدأ بها وإلا صلى المغرب ثم صلاها) (١) بل استدل العلامة في المختلف على وجوب تقديم الفائتة على الحاضرة سواء اتحدت أم تعددت إذا كان الفائت لهذا اليوم بهذا الصحيح وبصحيح زرارة المتقدم.

واستدل على وجوب مطلق التقديم بأخبار المضايقة المتقدمة وبصحيح صفوان المتقدم وبصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا نسيت صلاة أو صليتها بغير وضوء وكان عليك قضاء صلوات فابدأ بأولاهن فأذّن لها وأقم ثم صلها ، ثم صل ما بعدها بإقامة إقامة لكل صلاة.

وقال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : وإن كنت قد صليت الظهر وقد فاتتك الغداة فذكرتها فصل الغداة أي ساعة ذكرتها ولو بعد العصر ، ومتى ما ذكرت صلاة فاتتك صلّيتها ، وقال : إذا نسيت الظهر حتى صليت العصر فذكرتها وأنت في الصلاة أو بعد فراغك فانوها الأولى ثم صل العصر فإنما هي أربع مكان أربع ، وإن ذكرت أنك لم تصل الأولى وأنت في صلاة العصر وقد صليت منها ركعتين فانوها الأولى ثم صل الركعتين الباقيتين ، وقم فصل العصر ، وإن كنت قد ذكرت أنك لم تصل العصر حتى دخل وقت المغرب ولم تخف فوتها فصل العصر ثم صل المغرب ، فإن كنت قد صليت المغرب فقم فصل العصر ، وإن كنت قد صليت من المغرب ركعتين ثم ذكرت العصر فانوها العصر ثم قم فأتمها ركعتين ثم تسلم ثم تصلي المغرب.

وإن كنت قد صليت العشاء الآخرة ونسيت المغرب فقم فصل المغرب وإن كنت ذكرتها وقد صليت من العشاء الآخرة ركعتين أو قمت في الثالثة فانوها المغرب ثم سلم ثم قم فصل العشاء الآخرة ، فإن كنت قد نسيت العشاء الآخرة حتى صليت الفجر فصل العشاء الآخرة وإن كنت ذكرتها وأنت في الركعة الأولى وفي الثانية من الغداة فانوها العشاء ، ثم قم فصل الغداة وأذّن وأقم ، وإن كانت المغرب والعشاء قد فاتتاك جميعا فابدأ بهما قبل أن تصلي الغداة ، ابدأ بالمغرب ثم العشاء فإن خشيت أن تفوتك الغداة إن بدأت بهما فابدأ بالمغرب ثم صل الغداة ثم صل العشاء ، وإن خشيت أن تفوتك الغداة إن ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦٢ ـ من أبواب المواقيت حديث ٧.

٤٣١

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ بدأت بالمغرب فصل الغداة ثم صل المغرب والعشاء وابدأ بأوّلهما ، لأنهما جميعا قضاء ، أيّهما ذكرت فلا تصلهما إلا بعد شعاع الشمس.

قلت : ولم ذاك؟ قال : لأنك لست تخاف فوتها) (١).

والعلامة قد استدل به على تقديم الفائتة إذا كان تذكرها في يوم الفوات مع أن الإمام عليه‌السلام حكم ببدء العشاء والمغرب قبل الفجر وهو من باب تقديم ما فات في اليوم السابق على الحاضرة في اليوم اللاحق.

ثم واستدل على مطلق التقديم بخبره والآخر عنه عليه‌السلام : (إذا فاتتك صلاة فذكرتها في وقت أخرى فإن كنت تعلم أنك إذا صليت التي فاتتك كنت من الأخرى في وقت فابدأ بالتي فاتتك ، فإن الله (عزوجل) يقول : (أَقِمِ الصَّلٰاةَ لِذِكْرِي). ، وإن كنت تعلم أنك إذا صليت التي فاتتك فاتتك التي بعدها فابدأ بالتي أنت في وقتها واقض الأخرى) (٢).

وخبره الثالث عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا دخل وقت الصلاة ولم يتمّ ما قد فاته فليقض ما لم يتخوف أن يذهب وقت هذه الصلاة التي قد حضرت ، وهذه أحق بوقتها فليصلها ، وإذا قضاها فليصل ما قد فاته مما قد مضى) (٣).

وخبر عبد الرحمن عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن رجل نسي صلاة حتى دخل وقت صلاة أخرى فقال : إذا نسي الصلاة أو نام عنها صلى حين يذكرها فإذا ذكرها وهو في صلاة بدأ بالتي نسي ، وإن ذكرها مع إمام في صلاة المغرب أتمها بركعة ثم صلى المغرب ثم صلى العتمة بعدها) (٤).

وخبر معمر بن يحيى عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن رجل صلى على غير القبلة ثم تبين له القبلة وقد دخل وقت صلاة أخرى قال عليه‌السلام : يعيدها قبل أن يصلي هذه التي دخل وقتها ، إلا أن يخاف التي دخل وقتها) (٥).

وخبر أبي بصير : (سألته عن رجل نسي الظهر حتى دخل وقت العصر قال : يبدأ بالظهر ، وكذلك الصلوات تبدأ بالتي نسيت ، إلا أن تخاف أن يخرج وقت الصلاة فتبدأ بالتي أنت في وقتها ثم تصلي التي نسيت) (٦). ولأن أكثر النصوص الآمرة بتقديم الفائت ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦٣ ـ من أبواب المواقيت حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٦٢ ـ من أبواب المواقيت حديث ٢ و ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٦٣ ـ من أبواب المواقيت حديث ٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب القبلة حديث ٥.

(٦) الوسائل الباب ـ ٦٢ ـ من أبواب المواقيت حديث ٨.

٤٣٢

تقديمها عليه (١) مع سعة وقتها وإن كان الفائت متحدا ، أو ليومه (٢) على الأقوى.

______________________________________________________

ـ على الحاضر قد صرحت بكون الفائت بسبب النسيان لذا فصّل بعضهم بوجوب التقديم بالفائت نسيانا دون غيره لأن الأصل عدم وجوب الترتيب.

وفيه : إنها لا بد من حملها على الاستحباب جمعا بينها وبين جملة من الأخبار. منها : صحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام الوارد فيمن نسي المغرب والعشاء : (وإن استيقظ بعد الفجر فليصل الصبح ثم المغرب ثم العشاء قبل طلوع الفجر) (١).

ومثلها خبر أبي بصير (٢) وقد تقدم عند بحث المضايقة ، وقد تقدم صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن رجل فاتته صلاة النهار متى يقضيها؟ قال عليه‌السلام : متى شاء ، إن شاء بعد المغرب وإن شاء بعد العشاء) (٣) ومثله صحيح ابن أبي يعفور (٤) وقد تقدم أيضا ومثلها غيرها.

وبعد هذا تعرف استحباب العدول من اللاحقة إلى السابقة إذا تذكرها مع بقاء محل العدول كما فصّلت ذلك صحيحة زرارة الطويلة. فالقول باستحباب تقديم الحاضرة على الفائتة كما عن الصدوقين ليس في محله ، ومنه تعرف أيضا ضعف وجوب تقديم الحاضرة كما عن ظاهر جماعة من القدماء كما قيل.

وبعد هذا كله تعرف أن الأقوال في هذه المسألة خمسة :

الأول : المضايقة مطلقا ولازمه وجوب تقديم الفائتة على الحاضرة مع بطلان الحاضرة لو قدمها مع سعة الوقت ووجوب العدول إلى الفائتة لو دخل في الحاضرة سهوا.

الثاني : المواسعة مطلقا ولازمه جواز تقديم الحاضرة على الفائتة ، ولازمه عدم وجوب العدول إلى الفائتة ، والقائلون بالتوسعة قد اختلفوا في استحباب تقديم الفائتة كما عن بعض أو تقديم الحاضرة كما عن آخر أو وجوب تقديم الحاضرة كما عن ثالث.

الثالث : وجوب تقديم الفائت إذا كان متحدا.

الرابع : وجوب تقديم فائت اليوم اتحد أو تعدد.

الخامس : وجوب تقديم الفائت نسيانا ، وقد صنفوا رسائل في هذه المسألة وأطالوا فيها النقض والإبرام.

(١) أي تقديم الحاضرة على الفائت.

(٢) أي ولو كان الفائت ليومه بمعنى أنه يقضى في يوم فوته.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٦٢ ـ من أبواب المواقيت ٤ و ٣.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب المواقيت ١٣ و ١٤.

٤٣٣

(نعم يستحبّ) ترتيبها عليه (١) ما دام وقتها واسعا جمعا بين الأخبار التي دلّ بعضها على المضايقة ، وبعضها على غيرها ، بحمل الأولى على الاستحباب. ومتى تضيق وقت الحاضرة قدّمت إجماعا ، ولأن الوقت لها بالأصالة (٢) (ولو جهل الترتيب سقط (٣)) في الأجود لأن الناس في سعة ...

______________________________________________________

(١) أي ترتيب الحاضرة على الفائت بتقديم الفائت عليها.

(٢) كما في صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (١) المتقدم.

(٣) أي سقط الترتيب ، اعلم أنه على القول بوجوب ترتيب الفوائت. كما هو الأقوى على ما تقدم الكلام فيه. فلو جهل الترتيب فهل يجب التكرار بين الفوائت حتى يقطع بحصول الترتيب بينها واقعا كما نسب إلى جماعة كما هو ظاهر الخلاف والسرائر والإرشاد والتذكرة بل عن المفاتيح نسبته إلى ما عد العلامة والشهيدين ، بل عن البيان والذكرى وجوبه مع الظن ، وعن الدروس والموجز وكشف الالتباس والهلالية وجوبه مع الوهم بحيث لو ظن أو توهم أن الفوائت على صورة ما فيجب التكرار بدعوى إطلاق صحيح زرارة المتقدم وغيره الدال على الترتيب. وعن الأكثر سقوط الترتيب عند الجهل به لأن ظاهر صحيح زرارة الاختصاص بصورة العلم حيث قال عليه‌السلام فيه : (وكان عليك قضاء صلوات فابدأ بأولاهن فأذّن لها وأقم ثم صلها ، ثم صل ما بعدها باقامة إقامة لكل صلاة) (٢) وكذا خبر جميل المتقدم (٣).

واستدل لعدم الترتيب بصورة الجهل باستلزام التكرار الموجب للترتيب واقعا للحرج والعسر المنفيين في الشريعة بل وللتكليف بالمحال وهو منفي عقلا كما عن الذكرى.

إن قلت : إذا كان تحصيل الترتيب المجهول موجبا للعسر والحرج فيختص رفعه بمواردهما ، وأما تحصيله في بقية الموارد فيبقى على الوجوب.

قلت : التفصيل بينهما موجب لإحداث قول ثالث كما عن الشارح هنا وإحداث قول ثالث خرق للإجماع المركب لأنهم منقسمون على قولين فقط ، قول بوجوب التكرار لتحصيل الترتيب المجهول وقول بعدم الوجوب فالقول بوجوب التكرار عند عدم الحرج والعسر دون غيره طرح للقولين السابقين.

وفيه : إن إحداث قول ثالث خرق للإجماع المركب إذ اتفقوا على منع الثالث بعد خلافهم ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب قضاء الصلوات حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ٦٣ ـ من أبواب المواقيت حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٦٢ ـ من أبواب المواقيت حديث ٦.

٤٣٤

مما لم يعلموا (١) ، ولاستلزام فعله (٢) بتكرير الفرائض على وجه يحصله الحرج والعسر المنفيين في كثير من موارده (٣) ، وسهولته في بعض يستلزم إيجابه فيه (٤) إحداث قول ثالث.

وللمصنف قول ثان ، وهو تقديم ما ظنّ سبقه ، ثم السقوط ، اختاره في الذكرى ، وثالث وهو العمل بالظن ، أو الوهم ، فإن انتفيا سقط ، اختاره في الدروس. ولبعض الأصحاب رابع (٥) ، وهو وجوب تكرير الفرائض حتى يحصله (٦). فيصلّي من فاته الظهران (٧) من يومين ظهرا بين العصرين ، أو بالعكس ، لحصول الترتيب بينهما (٨) على تقدير سبق كل واحدة (٩).

ولو جامعهما مغرب من ثالث (١٠) صلّى الثلاث (١١) قبل المغرب

______________________________________________________

ـ على قولين فيكون من باب القول بعدم الفصل ، مع أن موردنا السكوت عن منع الثالث وإن اختلفوا على قولين فيكون من باب عدم القول بالفصل.

(١) هذا حديث فقد رواه في غوالي اللآلي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (إن الناس في سعة ما لم يعلموا) (١) ، وروي في حديث السفرة المروي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (هم في سعة حتى يعلموا) (٢) وقد روي حديث السفرة في الجعفريات : (هم في سعة من أكلها ما لم يعلموا حتى يعلموا) (٣) وفي نوادر الراوندي : (هم في سعة ما لم يعلموا) (٤)

(٢) أي فعل الترتيب.

(٣) من موارد تحصيل الترتيب.

(٤) أي إيجاب بالترتيب في البعض الذي لا عسر فيه.

(٥) وإن لم يظنه ولم يتوهمه.

(٦) أي يحصل الترتيب.

(٧) وجهل السابق.

(٨) بين الظهرين.

(٩) من الظهرين فكما يحتمل فوات الظهر أولا فيحتمل فوات العصر.

(١٠) أي من يوم ثالث.

(١١) أي العصرين بينهما ظهر ، أو العكس.

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب مقدمات الحدود حديث ٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥٠ ـ من أبواب النجاسات حديث ١١.

(٣ و ٤) مستدرك الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب النجاسات حديث ٣ و ٤.

٤٣٥

وبعدها (١) ، أو عشاء معها (٢) فعل السبع قبلها وبعدها ، أو صبح معها (٣) فعل الخمس عشرة قبلها وبعدها ، وهكذا.

والضابط تكريرها على وجه يحصل الترتيب على جميع الاحتمالات ، وهي (٤) : اثنان في الأول (٥) ، وستة في الثاني (٦) ، وأربعة وعشرون (٧) في الثالث (٨) ، ومائة وعشرون (٩). في الرابع (١٠) حاصلة من ضرب ما اجتمع سابقا (١١) في عدد الفرائض المطلوبة ، ولو أضيف إليها سادسة صارت الاحتمالات سبعمائة وعشرين. وصحته (١٢) على الأول (١٣) من ثلاث وستين فريضة ، وهكذا ،

______________________________________________________

(١) فالجميع سبع فرائض.

(٢) أي ولو فاته أيضا عشاء من يوم رابع صلى السبع قبل العشاء وبعدها فالجميع خمس عشرة صورة.

(٣) أي ولو فاته صبح أيضا من يوم خامس صلى الخمس عشرة قبل الصبح وبعدها فالجميع واحدة وثلاثين صلاة.

(٤) أي الاحتمالات.

(٥) احتمال التقدم واحتمال التأخر فيما لو فاته الظهران.

(٦) فالاحتمالات ستة ناشئة من ضرب عدد الاحتمالات في الفرض السابق بعدد الصلوات هنا ، والمراد بالثاني هو من فاته المغرب في يوم ثالث.

(٧) فالاحتمالات أربعة وعشرون ناشئة من ضرب عدد الاحتمالات في الفرض السابق وهي ستة بعدد الصلوات هنا وهي أربعة.

(٨) وهو من فاته العشاء في يوم رابع.

(٩) ناشئة من ضرب عدد الاحتمالات في الفرض السابق وهي : أربعة وعشرون بعدد الصلوات هنا وهي خمسة.

(١٠) وهو من فاته الصبح في يوم خامس.

(١١) من الاحتمالات.

(١٢) أي صحة الفرض الأخير.

(١٣) أي على الطريق الأول المذكور في بيان الصلوات التي يجب عليه الإتيان بها هو : ثلاث وستون فريضة ناشئة من فعل الواحد والثلاثين فريضة قبل السادسة وبعدها ، هذا واعلم أن الشارح أبان أولا الصلوات التي يجب عليه الإتيان بها ليحصل الترتيب الواقعي لأن الاحتمالات مرددة عقلا في أكثر من ذلك ، فلذا ذكر ضابط الاحتمالات ، وليس مراده ـ

٤٣٦

ويمكن صحتها (١) من دون ذلك (٢) : بأن يصلّي الفرائض جمع كيف شاء مكررة عددا ينقص عنها بواحد (٣) ، ثم يختمه بما بدأ به منها (٤) فيصح فيما عدا الأولين (٥) من ثلاث عشرة في الثالث ، وإحدى وعشرين في الرابع ، وإحدى وثلاثين في الخامس (٦) ، ويمكن فيه (٧) بخمسة أيام ولاء (٨) ، والختم بالفريضة الزائدة (٩).

______________________________________________________

ـ منه هو طريقة ثانية في عدد الصلوات التي يجب عليه الإتيان بها لتحصيل الترتيب الواقعي.

(١) أي صحة هذه الفروض الستة.

(٢) وهو طريق أخصر وأسهل ذكره غير واحد من الأصحاب بأن يصلي الفرائض الفائتة أجمع كيف شاء ، ثم يكررها كذلك ناقصة عن عدد آحاد تلك الصلوات بواحدة ثم يختم بما بدأ به ، فيصلي في الفرض الأول الظهر والعصر ثم الظهر أو العكس.

ويصلي في الفرض الثاني الظهر والعصر ثم المغرب ، ثم يكرره مرة أخرى ، ثم يصلي الظهر ، وفي الفرض الثالث يصلي الظهر ثم العصر ثم المغرب ثم العشاء ، ويكرره ثلاث مرات ثم يصلي الظهر فيحصل الترتيب بثلاث عشرة فريضة ، وفي الرابع يصلي أربعة أيام متوالية مبتدئا بالصبح منتهيا بالعشاء ثم يختم بالصبح فيحصل الترتيب بإحدى وعشرين فريضة.

(٣) فإن كانت أربعا كررها ثلاثا ، وإن كانت خمسة كررها أربعا.

(٤) من الفرائض.

(٥) فيما لو فاته الظهران ، وفيما لو جامعها مغرب ، لأن النتيجة على الطريقتين واحدة أما لو فاته الظهران حيث لا تكرار مع نقص الواحد ، لأنه لو نقص الواحد فسيأتي بظهر ثم عصر أو العكس فقط وهذا لا يحصل فيه الترتيب قطعا وأما لو فاته الظهران مع المغرب فعلى الطريقة الأولى يجب عليه الإتيان بسبع فرائض وعلى الطريقة الثانية كذلك لأنه سيكررها مرتين ثم يختم بما بدأ به وعليه لا فرق بين الطريقتين فلذا استثنى الشارح هاتين الصورتين.

(٦) ناشئة من تكرار الصلوات الست خمس مرات مع ختم ما بدأ به.

(٧) أي في الفرض الأخير.

(٨) يبتدأ بالصبح وينتهي بالعشاء.

(٩) التي هي السادسة ، وذلك لأنه لو صلى خمسة أيام مكررة ففي كل يوم يبرأ من بعض الفوائت ولو واحدة ، ففي الخمس يبرأ من الفرائض الخمسة ولا يبقى إلا السادسة الزائدة فيأتي ـ

٤٣٧

(ولو جهل عين الفائتة) من الخمس (١) (صلّى صبحا ، ومغربا) معيّنين ، (وأربعا مطلقة) بين الرباعيات الثلاث ، ويتخيّر فيها (٢) بين الجهر والإخفات. وفي تقديم ما شاء من الثلاث (٣) ، ولو كان في وقت العشاء ردّد (٤) بين الأداء والقضاء.

(والمسافر (٥) يصلّي مغربا وثنائية مطلقة) بين الثنائيات الأربع مخيرا (٦) كما سبق ، ولو اشتبه فيها (٧) القصر والتمام فرباعية مطلقة

______________________________________________________

ـ بها فإن كانت آخر ما فاته فهو وإلا فقد حصل ترتب بينها وبين غيرها في الأيام السابقة.

وعليه فيصلي ست وعشرين فريضة مع أنه على الطريق السابق يصلي إحدى وثلاثين ، وعلى الطريق الأسبق يصلي ثلاث وستين فريضة.

(١) أي من الصلوات الخمس ، فعلى المشهور يكفيه صبح ومغرب وأربع ركعات بقصد ما في الذمة مرددة بين الظهر والعصر والعشاء لمرسل علي بن أسباط عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (من نسي من صلاة يومه واحدة ولم يدر أي صلاة هي ، صلى ركعتين وثلاث وأربعا) (١) ومرفوع الحسين بن سعيد : (سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن رجل نسي صلاة من الصلوات لا يدري أيتها هي ، قال عليه‌السلام : يصلي ثلاثة وأربعة وركعتين ، فإن كانت الظهر أو العصر أو العشاء فقد صلى أربعا ، وإن كانت المغرب أو الغداة فقد صلى) (٢).

وعن أبي الصلاح وابن زهرة وجوب فعل الخمس لضعف سند الخبرين ، مع أنهما منجبران بعمل الأصحاب.

(٢) في الرباعية وإن كان مقتضى الاحتياط الإتيان برباعية إخفاتا وبرباعية جهرا لكن يخرج عنه بالخبرين السابقين.

(٣) أي الصبح والمغرب والرباعية لإطلاق الخبرين بعد كون الفائت واحدة منها.

(٤) في نية الرباعية بأن يأتي بها بقصد ما في الذمة لاحتمال أن الفائت هي العشاء مع بقاء وقتها.

(٥) لو فاتته واحدة وجهل عينها فيأتي بالمغرب وبثنائية مرددة بين الصبح والظهرين والعشاء للقطع بفراغ ذمته ، وللخبرين السابقين مع الفاء الخصوصية.

(٦) بين الجهر والإخفات.

(٧) أي في الفائتة في حال الحضر أو السفر فيأتي برباعية مرددة بين الظهر والعصر والعشاء ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب قضاء الصلوات حديث ١ و ٢.

٤٣٨

ثلاثيا (١) وثنائية مطلقة ، رباعيا (٢) ، ومغرب يحصل الترتيب عليهما (٣).

(ويقضي المرتد) فطريا كان أو مليا إذا أسلم (زمان ردّته) (٤) للأمر بقضاء الفائت خرج عنه الكافر الأصلي ، وما في حكمه (٥) ، فيبقى الباقي. ثم إن قبلت توبته كالمرأة والملّي قضى ، وإن لم تقبل ظاهرا كالفطري على المشهور فإن أمهل بما يمكنه القضاء قبل قتله قضى ، وإلّا بقي في ذمته. والأقوى قبول توبته مطلقا (٦).

(وكذا) يقضي (فاقد) جنس (الطهور) من ماء وتراب عند التمكن (على)

______________________________________________________

ـ لاحتمال أنه مقيم ، وبثنائية مرددة بين الصبح والظهر والعصر والعشاء بناء على أنه مسافر ، وكذا تسقط لو كانت الصبح بناء على أنه حاضر ، ويأتي بثلاثية بعنوان أنها مغرب ، وبهذا يقطع بفراغ الذمة.

(١) أي مرددة بين ثلاث احتمالات.

(٢) أي مرددة بين أربع احتمالات.

(٣) أي على احتمال السفر والحضر.

(٤) قد تقدم الكلام فيه.

(٥) أي حكم الكافر الأصلي كأطفاله.

(٦) ظاهرا وباطنا ، اعلم أن المشهور ذهب إلى أن المرتد الفطري لا تقبل توبته ظاهرا وأنه بحكم الكافر لصحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (عن المرتد فقال عليه‌السلام : من رغب عن الإسلام وكفر بما أنزل على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد إسلامه فلا توبة له ، وقد وجب قتله وبانت منه امرأته ويقسّم ما ترك على ولده) (١) فإيجاب قتله على كل حال هو معنى عدم قبول توبته ظاهرا ومع ذلك يجب عليه القضاء لأن نفيه مختص بالكافر الأصلي.

وذهب الشارح هنا إلى قبولها ظاهرا وباطنا لأن عدم القبول إما لعدم تكليفه بالإسلام وإما تكليفا بما لا يطاق وكلاهما محذور ، والأقوى عدم قبول توبته ظاهرا لوجوب قتله وعليه يحمل قوله عليه‌السلام : (فلا توبة له) وقبولها باطنا لئلا يلزم التكليف بالمحال بعد كونه مأمورا بالإسلام وهذا هو الذي قواه في كتاب الحدود من هذا الكتاب على ما سيأتي تفصيله.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب حد المرتد حديث ٢.

٤٣٩

(الأقوى) (١) ...

______________________________________________________

(١) ذهب المشهور إلى سقوط الأداء عن فاقد الطهورين ، بل عن جامع المقاصد أنه ظاهر مذهب الأصحاب وعن الروض لا نعلم فيه مخالفا ، لأن المشروط عدم عند عدم شرطه ، والطهارة شرط لقوله عليه‌السلام : (لا صلاة إلا بطهور) (١). ودعوى أن الصلاة لا تترك بحال فيجب الإتيان بها ولو بغير طهور مردودة لعدم الدليل على عدم سقوط الصلاة في كل الأحوال إلا ما توهم من صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام الوارد في النفساء : (ولا تدع الصلاة على حال ، فإن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : الصلاة عماد دينكم) (٢) وهو غير ظاهر في شموله على موردنا ، بل هو خاص بالمستحاضة.

ولذا ما نسب إلى المبسوط والنهاية وإلى جد السيد المرتضى من وجوب الأداء ليس في محله فضلا عن أن النسبة إليهم غير ثابتة ، بل قد يقال بعدم استحباب الاحتياط في الإتيان بالصلاة بغير طهارة لشبهة حرمتها كذلك كما يستفاد من خبر مسعدة بن صدقة : (إن قائلا قال للصادق عليه‌السلام : إني أمرّ بقوم ناصبية وقد أقيمت لهم الصلاة وأنا على غير وضوء فإن لم أدخل معهم في الصلاة قالوا ما شاءوا أن يقولوا ، فأصلي معهم ثم أتوضأ إذا انصرفت وأصلي ، فقال عليه‌السلام : سبحان الله فما يخاف من يصلي من غير وضوء أن تأخذه الأرض خسفا) (٣). إلا أن يقال إنه مختص بصورة التمكن من الطهارة ، ومع ذلك تركها.

وأما القضاء فقد ذهب المشهور إلى وجوبه لعموم ما دل على قضاء ما فات مثل صحيح زرارة : (قلت له : رجل فاتته صلاة من صلاة السفر فذكرها في الحضر قال : يقضي ما فاته كما فاته) (٤).

وذهب المحقق والعلامة في جملة من كتبه والمحقق الثاني ونسب إلى المفيد من عدم وجوب القضاء لأن القضاء إما تابع للأداء وإما بأمر جديد.

أما الأول فلا أداء حتى يجب القضاء.

وأما الثاني فهو متوقف على صدق عنوان الفوت ومع عدم وجوب الأداء فالترك ليس فوتا ، وإلا لكان الترك من الصبي والمجنون والحائض فوتا ويجب عليهم القضاء حينئذ. ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الوضوء حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الاستحاضة حديث ٥.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب الوضوء حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب قضاء الصلوات حديث ١.

٤٤٠